أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي الشقاقي - الموت في زمن الكورونا














المزيد.....

الموت في زمن الكورونا


لؤي الشقاقي
كاتب _ صحفي _ مهندس

(Dr Senan Luay)


الحوار المتمدن-العدد: 6578 - 2020 / 5 / 30 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


مغتسل الموتى الليلة فارغ ، حتى الموتى يخافون الموت في الجو القارس ، يخشون من الماء البارد!! ما أصعب التمدد على تلك الدكة وغسل البدن بماء مثلج تحت درجة -1 ؟! ماذا لو عقدت اتفاق مع (المغسلچي) لإزالة الأدران العظمى عن بدني بماء دافئ !! الم يكن هذا شيء رائعاً لو حصل فعلاً ؟؟!! المفاجأة أن الرجل الذي يحفر قبور الموتى غائب !! بل هارب ؟؟ نعم هارب .. فـلا تتعجب ، حتى الرجل الذي يغسل الجثث كان يخشى البرد ينزوي مختبئاً في غرفته يحتضن المدفئة.
ان الموت يهرب منا
والماء الدافئ يهرب منا
حتى دكة غسل الموتى تخشى منا
بل حتى الاحباب هربوا منا
كتب في شهادة الوفاة ان سبب الموت هو ڤايروس كورونا ،فـ كورونا اجتاح جسدي واحتل كل مكان فيه ، كان كل جسدي يصالي ويستعر حرارة ، آلم يقطع اوصالي ويمزق كل ذرة مني ، رئتاي لم تعد تتسع حتى لربع لتر من الهواء ، كنت في كل مرة اكح واسعل فيها احس بانها النهاية ..
اتقيئ دماً في كل نوبة سعال
آلم يجعلني اتمنى الموت ولكن الآلم الاكبر انني لم اجد حولي احداً من اهلي عند وفاتي وعند الدفن ، ولم أُغسل وأُكفن ولم تتسع لي مقبرة العائلة التي اشتريتها بمالي واشرفت على اعدادها بنفسي وكتبت عليها اسمي بقطعة كبيرة من الرخام "مقبرة عائلة الدكتور فلان" كنت اعد العدة وامني النفس بموتة يتكلم عنها الناس كثيراً ، كنت اتفاخر حتى في الموت ، والان .. ادفن وحيداً من غير طقوس ولا طابوران طويلان من السيارات العالية رباعية الدفع يسيرون وراء رجال الدولة ببذلاتهم الانيقة ونظاراتهم الشمسية نوع رايبان الاصلية ونساء يتشحون بالسواد القاتم يسيرون في جنازتي تتقدمهم جنود الچوقة الموسيقية وسيارة فارهه تحمل تابوتي وصورة كبيرة لي ، كانت ستكون جنازة عسكرية تليق بيّ .
الان لا يسير خلف جنازتي احد ، ولم اوضع داخل تابوت بل على نقالة ، مربوط بحبال كأنني بهيمة وبأكياس النايلون يخافون ان اهرب منهم ، يجرني اثنان لا اعرفهم ولم ارى وجوههم ، يغلفون انفسهم بالبدلات العازلة والكمامات والقفازات ويضعون اقنعة لا يظهر منهم شيء ، عندما رأيتهم تذكرت العاملون في مفاعل تشيرنوبل بعد الانفجار ،هل انا خطر لهذة الدرجة كي يعاملوني كمفاعل تشيرنوبل !! كدت انهار لكني تذكرت ان الموتى لا ينهارون .
تعاملوا مع جسدي او بتعبير اصح جثتي بقسوة ، جروني بالحبال الى حفرة سحيقة واهالوا عليّ التراب بواسطة آلات الحفر "الشفل" ولم يقرءوا عليّ الفاتحة او ترتيل قداس او اي شيء ولم يقولوا شيء بل لم يغنوا لي حتى اغنية ، اهالوا عليّ التراب بسرعة وهرولوا مبتعدين عني .
أين النائحات اللاطمات الباكيات ؟؟ وأين اللواتي يشققن الجيوب ؟؟
كم هو لعين هذا الڤايرس فرقني عن كل ما احب وجردني من كل شيء ، ولكنه للامانة مرض لذيذ !!
نعم لذيذ فقد منحني فرصة ان اراجع نفسي واصلح اخطائي واصالح نفسي واطلب السماح والمغفرة ممن اسأت اليهم ، واغفر لمن اساء لي وقصر بحقي ، طوال عمري لم اكن اؤمن بدين ، لكني حين احسست بدنو اجلي طلبت المغفرة من رب لم اقر بوجوده لكني احسست باني بحاجة لان افضفض له واحكي معه ، كان ونيسي وأنيسي في غربتي داخل غرفتي مع كورونا ..
رحل عني اهلي ، تركتني زوجتي وهجرتني عشيقتي ، هرب مني اصدقائي ومعارفي الذين كانوا بالآلاف ، حتى قوتي خارت وخذلني جبروتي ، مالي لم يعد ينفعني ، شهاداتي والقابي ماعادت لها قيمة ، هلك عني سلطاني ..
ڤايرس ساوى بين الملوك والشحاذين ، لم ينتقي الضعفاء فقط كحال الكثير من الاشياء ، حبس الجميع في بيوتهم وعطل مسيرة حياة استمرت قرون طويلة ، حسن مناخ الارض وقلص ثقب الاوزون وخلص هذة الارض من بعض مئات من البشر عديمو النفع كثيرو الضرر عليها مثلي انا الدكتور الناجح صاحب النظريات العلمية الفاشل في ابعاد الموت عن نفسه .
لكن قطع عليّ حزني على تلك الميتتة التي لا تليق بيّ ورثائي لنفسي صوت جميل لفتاة في العشرين ، كانت ترقد قربي تندب حظها وترثي نفسها بسحر الانثى قائلةً
" كان حُلمي ووصيتي
ان أُدفن في ظلال زهرة
او نبات إياس دائم الخضرة
تباً لكورونا..
دفنتنا في ارضٍ جدباء
اشبه بالمنفى..
صحوتُ وانا باكية
اتركوني لا احب الاغتراب..
آه آه..
كوابيس ..
مَن سرق نومنا الهانىء وعيشنا الرغيد
فايروس لعين ليس له هوية
ولايعد من الأحياء
نحن من نعطيه الحياة
وهو من يعطينا الموت!!
تبا اين نحن من هذا الكون الفسيح !! "
يا لجمال الانثى حتى في الموت ، صوت نحيبها كان اشبه بالاغنية كسر عليّ قباحة الموت ووحشة القبر في ليلتي الاولى



#لؤي_الشقاقي (هاشتاغ)       Dr_Senan_Luay#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جز الكباش السِمان افضل من سلخ الحملان
- القدسية أفضل أم الحظ ؟
- ترويض الفيلة
- استثمار ام بيع
- 4/9 ذكرى احتلال العراق بعد 17 عام
- ليلة معركة المطار بكى فيها القمر
- فاجعة العبارة الموصلية
- ومن يخرج من داره في زمن الكورونا مجرم
- جرد حسامك و ابدأ التقتيلا
- صفاء ابن ثنوة لم يقتل
- وطن الانبياء والغرباء
- باسل و مغوار أنت يا أبا هاشم
- النبراس في الظُلمُ
- راح ابو ضحكت الحلوة
- درة التاج يوسف عمر
- الحافظ خليل اسماعيل
- رسالة من اب مفجوع
- شكراً لكم لأنكم معنا
- كالوطن انتِ
- ربطت وماتت اللعبة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي الشقاقي - الموت في زمن الكورونا