أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - بلقيس الربيعي - كتاب لك تنحني الجبال من يوميات ابي ظفر















المزيد.....



كتاب لك تنحني الجبال من يوميات ابي ظفر


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 17:48
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


7





يناير ـ 1973

التحقتُ بوظيفتي في الشركة العامة للسمنت في السماوة ، وكان موقع عملي في مركز المدينة من حيث المبدأ ممتازاً لكوني قرب أهلي وأصدقائي ومقارنة الى أماكن اخرى يعتبر أُمنية .
لكن كيف سارت الأمور ..... ؟

أولأ صُدمتُ اثناء ممارستي لعملي بوضع غير طبيعي ، عناصره النفاق والإنتهازية وعدم الإخلاص من قبل العمال والموظفين الذين كنتُ مسؤولأ عن فحصهم ومعالجتهم ، إضافة الى تركة ثقيلة من التحايل مجاراة لهذا الواقع ولهذه الأخلاقية من قبل زملائي الأطباء السابقين في هذا الموقع ، وتهاونهم في إعطاء الإجازات المرضية وإرباك العمل في الشركة ، ناهيك عن نفاق منتسبي جهاز الصحة في المحافظة .
ثانيا وضعي العائلي حيث لا راحة ولا هدوء ، جعلني في وضع نفسي متأزم وخلق عندي إنكماشا وإنطوائية مريرة ، ساعد في ذلك إستعداداً نفسياً تشاؤمياً ونظرة عبثية كونتها عندي ظروف حياتي أثناء الخدمة العسكرية بشقيها المادي والمعنوي ، لذا وبعد فترة وجيزة قاربت الشهر من تعييني في الشركة ، طلبتُ النقل وبالتبادل مع طبيب آخر الى قضاء السلمان ( نقرة السلمان سابقا ) هرباً من هذا الجو المشحون بالرياء وعدم الصدق ، وأملاً في نقاء صحراوي أصيل وإنعزالية عن هذا العالم الكئيب . ولكن تأخر رد الوزارة على طلبي ولظروف اخرى سأشرحها بعد قليل ، طلبتُ إلغاء نقلي وإبقائي في مكان عملي الحالي .أصبتُ بإرباك تام في إتخاذي لقراراتي مع إنعدام الثقة بالنفس ونظرة باهتة عدمية للحياة ، وقد سبب لي ذلك إنعزالية عن الأهل والمجتمع أ شعرتني بان لا إستقرار ولا طمأنينة من وراءه ، فأنكرتُ كل شيء حتى نفسي ولم يعد ينفعني كل ما اجهدتُ نفسي في سبيل تربيته في كياني من ثقافة وعمق ونظرة تحليلية صائبة.
إنها أزمة حقيقية أحاول الآن تحليل الظروف والعوامل التي أوجدتها وغذتها لغرض الإفادة وإكتساب الخبرة بالعبرة وفي نفس الوقت بذلتُ جهدي لتخليص اللاشعور من مخلفاتها السلبية.

مارس 1973

وفي صحرائي المقفرة تلك لم يكن لي احد سوى صديق حميم قريب مني هو الأخ يحيى ... وكنتُ معه نتفق في نظرتنا الى العالم من حيث عدميته وعدم جدوى الحياة فيه ، إلا أنه كان وقتذاك مؤازرا لي في محنتي حيث كانت خلفية تلك النظرة لديه تحمل ايجابي عكست ما كنت اعانيه من احساس بالفشل و اللجوء
نحو السلبية .كنتُ احسُ في تلك الفترة دون ادنى مبرر ، إن الكل خذلوني في محنتي فأنكرتُ اصدقائي واهلي .

ولاح الأمل كنور يأتي من بعيد ... كفرحة تنبعث من أعمق أعماق الروح ... كالنسيم في يوم قائظ ، يوم تكلمت مع حبيبتي بلقيس تلفونيا بعد قطيعة وحددنا موعدا لنلتقي ونخطط لمستقبلنا . إن ذلك اليوم قد غير نظرتي للحياة وصرت أنظر لها بمنظار وردي .

السبت 22 مايو 1976

باشرتُ وظيفتي كطبيب في باطنية الأطفال في المركز الصحي في قضاء الخضر في محافظة المثنى .
حصلتُ على سكن في إحدى دور التأمين الصحي الحديثة البناء في قضاء الخضر وكان يسكن في البيت الثاني طبيب الأسنان جورج إيشو وزوجته الصيدلانية سلوى سعيد وهما متزوجان حديثاً ويعملان في نفس المركز الصحي وهما لطيفا المعشر .

الأحد 30 مايو 1976

صدر امر نقلي الى ناحية الدغارة في محافظة القادسية ونُقل الدكتور باسم كاظم الى قضاء الخضر .

الثلاثاء 8 حزيران 1976 ( عيد ميلاد ظفر )

اليوم تكمل ظفر عامها الثاني . ومنذ يومين كنا نعد لها انا وامها مستلزمات حفلة عيد الميلاد . تأجلت الحفلة لسفري المفاجئ بعد ظهر هذا اليوم الى بغداد لمقابلة وزير الصحة حول أمر نقلي الى ناحية الدغارة وضرورة إلغائه . قضيتُ ليلة هذا اليوم في مستشفى الطفل العربي على سرير الدكتور جميل حسون لم أنم حتى الصباح . تنازعتني أفكار شتى ولكن لهفتي وإشتياقي لزوجتي كان شعوراً طاغيا جارفاً

الأربعاء 9 حزيران 1976

قابلتُ وزير الصحة الدكتوررياض إبراهيم في ديوان الوزارة وشرحتُ له بإختصار أمر نقلي الى الدغارة والإجحاف الذي سيصيبني بعد مباشرتي وإستقراري في الخضر في حالة تنفيذ الأمر .
قبل مقابلتي للوزير قابلتُ الدكتور ابراهيم النوري ( نقيب الأطباء ) حول أمر نقلي الى الدغارة ، وأقرّ معي طبيعة الظلم الصادر بحقي ووعدني بمتابعة الموضوع .
تركتُ الوزارة وأنا في أشد حالات القهر من هذا النظام البيروقراطي الظالم . سرتُ مشيا على الأقدام من وزارة الصحة حتى ساحة التحرير تحت وهج الشمس ، أملاً في حرق هذا اليأس وحالة القنوط . أحسستُ برغبة شديدة للبكاء وبلهفة لا توصف أن أرى بلقيس زوجتي .
وصلتُ بيت ابو فراس حوالي الثالثة والنصف بعد الظهر .بقيتُ عندهم ليلة .

الخميس 10 حزيران 1976

قابلتُ صباح هذا اليوم عدنان عبد الكريم ود. خلدون حول الأمر الوزاري بنقلي من الخضر الى ناحية الدغارة في أقل من شهر ومع إصراري حول معرفة سبب النقل ، دفع بالدكتور خلدون الى التصريح بأن السبب خارج نطاق الوزارة وبأنه من جهة خارج جهاز الصحة بشكل عام وبأنه مرتبط بالعامين اللذين قضيتهما في معمل سمنت السماوة .
خمنتُ وفي شبه تأكيد بأن السبب سياسي . في الوقت الذي فرحتُ لمعرفتي السبب ،حزنتُ لهذه الممارسات في هذه المرحلة

أخبرتُ الدكتور ابراهيم النوري بالأمر ، بإعتباره نقيب الأطباء وطلب مني تقديم طلب ثاني للوزير عن طريق رئيس صحة المثنى وجلبه باليد وسيذهب هو معي للوزير لهذا الغرض .
سافرتُ الى قضاء الخضر عصر هذا اليوم لأحتفل بعيد ميلاد ظفر الثاني ، ولتهيئة امور النقل الى الدغارة

الجمعة 7 ابريل ( نيسان ) 1978 الدغارة

إفتتح اليسد محافظ القادسية عصر يوم الجمعة المصادف 7 ـ4 ـ 1978 المهرجان الثقافي للمؤسسة العامة للثقافة الفلاحية . وقد إنطوى الإفتتاح الذي أقيم في قرية الفاضلية في ناحية سومر على تقديم مسرحية مع بعض الفعاليات الفنية .
ولتقييم هذا المهرجان سأذكر النقاط التالية :
1 ـ مدة المهرجان
إستمر المهرجان من 7ـ 4 ولغاية 12 ــ 4 ـ 1978
2 ـ الهدف من المهرجان
هو التثقيف بقضايا التعاونيات الفلاحية ودعوة ا لفلاحين الى دعمها والإنضمام لها مع التثقيف بمحو الأمية ، إلزامية التعليم ، وقانون الأحوال الشخصية المعدل بالإضافة الى التوعية بالأمور الصحية .
3 ـ المشاركون في المهرجان ـ الحملة
مندوب عن المؤسسة العامة للثقافة الفلاحية ، مدير الثقافة الفلاحية في محافظة القادسية ، قسم الإشراف التربوي والنشاط المدرسي في مديرية تربية القادسية ، مندوب عن وزارة الصحة مع معاونية الصحة الريفية في رئاسة صحة القادسية مع فرقتي الصحة الريفية المتجولتين في الدغارة والسنية ، قسم الإرشاد الزراعي في رئاسة المنطقة الزراعية في القادسية ، المستوصف البيطري في الدغارة ، الإتحاد العام لنساء العراق فرع القادسية . كما إشترك في الحملة طبيبين وطبيبة وطبيب بيطري بالإضافة الى الفرق الفنية في المؤسسة العامة للثقافة الفلاحية والجمعيات الفلاحية .
4 ـ المناطق التي شملها المهرجان ــ الحملة
التجمعات الفلاحية في الكوثر ، الفاضلية ، الهارونية وصدر الدغارة
5 ــ البرنامج :

اشتمل البرنامج على :
أ ـ نشاط صحي من خلال معاينة المرضى وتقديم العلاج لهم (إشتمل العلاج على كميات كبيرة من الأدوية المنوعة التي جُلبت من مذاخر العيادات الشعبية بالإضافة الى تقديم علب حليب الأطفال المجفف للعوائل الفقيرة . وإشتمل النشاط الصحي المساهمة في الندوات التثقيفية العامة لغرض التوعية بالوقاية الصحية ( الفردية والعامة ) بالإضافة الى تلقيح عدد كبير من الأطفال ضد مرض التدرن .
ب ـ عقد ندوات مع الفلاحين والفلاحات للتثقيف في مجال التعاونيات الزراعية ومحو الأمية ، إلزامية التعليم ، قانون الأحوال الشخصية المعدل ، التوعية الصحية .
ج ــ نشاط زراعي : من خلال تلقيح الأبقار ضد بعض الأمراض الشائعة بالإضافة الى الإرشادات والتوجيهات الزراعية التي قدمها المرشدون الزراعيون .
وكانت هذه الأنشطة تتم في الصباح ، أما في المساء تقام حفلة ترفيهية تثقيفية تُعرض فيها مسرحية مع بعض الفعاليات الفنية ، الغناء والموسيقى .
التقييم :
من خلال ما ذكرته اعلاه فانه قد أعتمد للحملة إمكانات كبيرة من المشتركين ، الإمكانيات المادية من سيارات وأدوية ومواد اخرى ، وإمتازت الحملة بإشتراك قطاعات مختلفة من اجهزة الدولة والمنظمات الجماهيرية وقد بُذل جهد لابأس به لإعدادها وتنفيذها وكان تجاوب الفلاحين جيد ، ولكن يتمثل نقصها فيما يلي :
رغم ان زمن الإعداد لهذه الحملة كان أكثر من شهر من تأريخ البدء بالتنفيذ ، إلا أنه لم يكن بالمستوى المطلوب . لم يكن هناك علم لدى بعض الجهات المشتركة بالحملة إلا قبل يوم أو يومين ، كما هو الحال بالنسبة للفرق الصحية . كان المفروض أن يتم التخطيط للمهرجان ــ الحملة منذ البدء بإشراك جميع المعنيين بها وليس جهة واحدة فقط لتدارسها وإبداء الإقتراحات حول تنفيذها ويفترض ان يوضع جدول محدد يوزع قبل فترة مناسبة على مسؤولي وأعضاء الهيئات الإدارية التعاونية الفلاحية في المناطق التي تشملها الحملة لغرض تهيئة فلاحيهم ، كلً ضمن تعاونيته قبل البدء بالتنفيذ مع إلزامهم بذلك ووضع الجوائز النقدية لتشجيع المباراة بين الجمعيات وتقديم أحسن جائزة لأفضل تعاونية إستطاعت أن تهيء أكبر عدد من الفلاحين للحضور والتي إستطاعت أن تقدم فعاليات في ذلك اليوم . وإقامة مباراة بين الفرق والعناصر المشاركة في الحملة وتقديم الجوائز التقديرية للذين أبدعوا في تنفيذها .
إختيار العناصر التي اشتركت بالحملة على اساس التطوع وليس على اساس الأوامر الأدارية في إختيارهم كل في مجاله .
الأقتراحات :
1 ــ ضرورة وضع برنامج شامل لمثل هذه المهرجانات على أساس التجربة التي مرت بعد دراستها بشكل دقيق سلباً وإيجاباً لغرض تلافي النقص مستقبلأ .
2 ـ لتحقيق الهدف من هذه المهرجانات وترسيخها ، فلابد من تكرارها بشكل منتظم وعلى فترات متقاربة .
3 ـ وضع خطة مركزية يُناط بتنفيذها لإجهزة الدولة والمنظمات الجماهيرية في المحافظات والتي تضع بدورها خطط تفصيلية للتنفيذ ضمن غطاء زمني محدد تحت شعار كل شيء للريف .
4 ـ ضرورة إشراك قطاعات ومنظمات جماهيرية اخرى ، مثل الجبهة الوطنية والقومية الديمقراطية ، إتحاد نقابات العمال ، دور الثقافة الجماهيرية ... الخ
5 ـ خلق المباراة الإشتراكية على اساس التطوع لهذه الحملات .
6 ـ ضرورة مبيت المشتركين في الحملة في المناطق التي يتوجهوا اليها وذلك للتعرف على احوال الفلاحين عن كثب ولتعزيز الثقة بينهم .
7 ـ جلب الأفلام السينمائية .
الدكتور محمد بشيشي حسين

3 ـ 5 ـ 1978

السبت كانون الثاني 13 يناير 1979 بلغاريا

إحتفلتُ في غرفة ابو ذكرى في فندق سريدنا كورا في صوفيا وبحضور عدد من الرفاق بمرور خمسة عشر عاما على اليوم الذي تصارحنا انا وام ظفر بالحب ( يوم قلتُ لها وجها لوجه أحبكِ " وقالت لي احبك َ ) . كانت حفلة لطيفة تنقصها الشموع . عملت لنا ام ذكرى عشاءً عراقياً وتذكرنا الأهل والأحباب . غنينا للحزب وللحب والسلام . إنتهت حفلتنا حوالي الثانية عشرة ليلأ .

السبت كانون الثاني 27 يناير 1979

اليوم الساعة الثامنة صباحا غادرنا مطار صوفيا متوجهين الى عدن . كان في توديعنا عدد من الرفاق العراقيين .كانت رحلتنا ثلاث مراحل ، من صوفيا الى أثينا ومن ثم الى الكويت وبعدها الى عدن . توقفنا في مطار أثينا لمدة سبع ساعات وفي مطار الكويت ساعتين . أثينا مدينة جميلة من الطائرة . تناولنا الغداء في المطار . كانت رحلتنا متعبة . وصلنا مطار عدن في الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل .

الجمعة شباط 16 فبراير 1979 اليمن الديمقراطية ـ عدن

في التاسعة والنصف صباحا غادرتُ ومجموعة من الرفاق الى المسبح على ساحل البحر ( يبعد عن التواهي حوالي 20 دقيقة بالسيارة ) . كان جميع الرفاق من القاطنين في فندق الأمبسادور كان يوما ممتعا حقا . لأول مرة ازور البحر . سبحنا ولعبنا ثم تغدينا بالساندويشات التي عملها لنا الفندق صباحا . قمنا بتعليم رفيقاتنا السباحة وكانت إقبال تتقدمهنّ بالتعلم ( ربما لجرأتها ولصغر حجمها ) . في الساعة الثالثة مساءً غادرنا المسبح .
قررنا أنا والرفيق رزاق والرفيق ناظم وحاتم أن نرجع الى الفندق مشيا على الأقدام, وكانت عودة ممتعة حيث البحر الى يسارنا والشمس الرائعة و إستغرقت عودتنا ساعة كاملة . أحسسنا بالتعب ليلاً وكانت جلودنا تؤلمنا بشدة ( لأنها احترقت من الشمس وماء البحر المالح وبقائنا في البحر اكثر من أربع ساعات كما اننا غير معتادين على ذلك ) .آويتُ الى فراشي حوالي التاسعة مساءً ونمتُ نوماً عميقاً . أيقظني ابو ذكرى وجوشن حوالي الحادية والنصف ليلأ وأخبروني بأن إحدى الرفيقات ( ام وريق ) في فندق البحارة مريضة . خرجتُ رغم التعب الشديد ورغم اني فحصتها ووضعتُ لها العلاج بعد عودتي من المسبح مباشرة .

الأثنين شباط 19 فبراير 1979

غادرتُ والرفيق ابو نادية مدينة عدن حوالي السابعة إلا ربعاً صباحاً أقلتنا سيارة ( لاند روفر ) تابعة لوزارة الصحة وبصحبتنا ثلاثة من الرفاق اليمانين ، أحدهم مدير مستشفى عتق المركزي ( شاب عمره لا يتجاوز الثالثة والعشرين ، متخرج من معهد الصحة العالي في عدن ، لطيف يحاول كل الوقت أن يروح عنا ويشعرنا أنه في خدمتنا ) .المسافة من عدن الى عتق حوالي 375 كم 334 كم منها مبلط بشكل ممتاز ( تمّ تبليطه من قبل الصينيين ) والباقي منه وعر ومتعرج . الطريق يمر في منطقة جبلية. وصلنا عتق حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر . كانت رحلة متعبة لكن تخللتها ثلاث فترات إستراحة في الطريق . جلب لنا الرفاق اليمانيين الأكل وقد كان مكوناً من اللحم ومرق البطاطا وفي إحدى المرات كان الرز حاضراً. كان الأكل مطبوخا بشكل سيء جدا مما دفع بالرفيق ابو نادية الى التجشئ ولكنا تناولنا شيئا منه إرضاءً لرفاقنا الطيبين.
زرتُ المستشفى وتفقدتُ اقسامه ثم اخذتُ جولة قصيرة بالمدينة فؤجئتُ تماما ... اهذا مركز محافظة ؟ غير معقول ـ الشوارع جميعها ترابية ، البنايات مبنية من الطين ( اللِبن ) حتى دار الضيافة . الأوساخ منتشرة هنا وهناك . لا يوجد اي فندق في المدينة . أما المستشفى فهو جديد وقد تمّ بناءه تبرعا من دولة الكويت وقد أفتتح قبل حوالي ثلاثة أشهر ، وقد ألحقت به أربع بيوت إحداها للطبيب وآخر للكادر الصحي العامل في المستشفى والثالث دائرة صحة المحافظة ، اما الرابع فقد خُصص للمسؤول الحزبي في المحافظة .
البيت جميل ومؤثث بشكل لابأس به ( ثلاجة ، طباخ غاز ، كراسي وغرفتي نوم مؤثثتان بشكل جيد ) المستشفى والبيت يعلوهما التراب . قابلتُ بعض منتسبي المستشفى .
جلبوا لنا العشاء ، لكنا لم نأكل بما يكفي لسوء الطبخ . كنتُ متعباً جداً لأني لم أنم جيداً ليلة امس ( هكذا انا عندما اكون في مهمة تستوجب نهوضي مبكراً في الصباح ، يطير النوم من عيني ). كتبتُ رسالة الى ابو ذكرى ( ناظم عبد الملك ) في عدن أوجزتُ له حالتنا ، سلمتها الى الرفيق عبد الرحمن الموظف في وزارة الصحة ، فهو سيغادر غدا الى عدن . كان التراب يغطينا انا ورفيقي . نمنا حوالي التاسعة مساءا نوماً عميقاً.

الثلاثاء شباط 20 فبراير 1979

غسلنا البيت .أكملنا إحتياجاتنا من المواد الغذائية وأدوات الطبخ كان عشائنا مخلمة بدون لحم ، شربنا الشاي العراقي . تفقدتُ أقسام المستشفى .

الأربعاء شباط 21 فبراير 1979

مارستُ عملي بشكل كامل . الدوام هنا يبدأ من السابعة صباحا الى الثانية بعد الظهر ، ولكنه غير مظبوط تماما ، فهو يتبع عدد المرضى ، فحين ينتهي عدد المراجعين يُعتبر الدوام منتهياً. المستشفى يتألف من عدة أسام وردهات ومجهز بأثاث وأجهزة حديثة . يمتاز العمل هنا بفوضى كبيرة ، لايوجد أي شيء منظم الكل هنا مصابون بالخمول رغم كونهم شباب ما عدا اثنان من المنتسبين وينتميان للحزب الإشتراكي اليمني أحدهما مدير المستشفى . غداؤنا اليوم عراقي مئة في المئة ، فقد كان مكونا من التمن ومرق البطاطا ، وقد قام بالطبخ الرفيق ابو نادية ... انا منسجم معه ، فهو شاب لطيف ، مثقف ، خبرته وتجربته واسعة في العمل الحزبي . تصدر منا بين فترة واخرى آهات التذمر ولكنا نقاومها بعزم وصبر كبيرين . تذكرنا العراق وإستعدنا تجاربنا الماضية . كتبتُ رسائل الى ام ظفر ، والأخ طالب اموري ، والأخ جميل محمد علي مع كارتين للأخ خليل وزوجته والأخ ابو عبير في بلغاريا .. وكانت كتابة الرسائل فرصة ننفس بها عن ضيقنا .

الجمعة شباط 23 فبراير 1979

قتال على الحدود بين اليمن الديمقراطية واليمن الشمالي . بيحان
وهي مدينة حدودية تابعة لمحافظة شبوة تقع في الجزء الشمالي من المحافظة .

الأحد شباط 25 فبراير 1979

قام بزيارتنا الرفيق هادي احمد ناصر السكرتير الثاني للجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني برفقة سكرتير مجلس الشعب وقائد اللواء وعدد من الرفاق اليمانيين ، وقد جرى حديث شيق حول الأحداث في الحدود وحول المشكلات في العالم العربي والعراق بعدها غادرنا الى قصر الشعب ، حيث أقام لنا الرفيق هادي مع عدد من الرفاق اليمانيين حفلة عشاء تكريمية ، . كان حديثنا إستمراراً للحديث الذي بدأناه في البيت .وقد قدم لنا الرفيق هادي إستعراضاً مختصراً وشيقاً حول تأسيس الجبهة الوطنية الديمقراطية في القسم الشمالي من اليمن وعن إنتصاراتها وكذلك عرضاً مختصراً عن مراحل تكوين الحزب الطليعي في أثيوبيا . كان العشاء عراقياً ( تمن وتشريب ، وخبز .. الخ ) لم نعلم بأن رفاقنا ابو علي وابو زمان قد وصلا الى عتق في نفس الوقت الذي كنا نتناول العشاء وقد تمً إسكانهما في قصر الشعب وزرناهم هناك . شكرتُ الرفاق اليمانيين على حسن ضيافتهم ورعايتهم . غادرنا القصر ( المبني من اللِبن ) حوالي العاشرة إلا ربعاً مساءً.

الأثنين شباط 26 فبراير 1979

فوجئتُ والرفيق ابو نادية بوصول الرفاق ابو علي وابو زمان الينا الساعة الثامنة والربع صباحا . كان ذلك مفرحا لنا لأنه سيخفف عنا بعض الشعور بالضيق . عملنا لهم الفطور ، بعدها غادرتُ معهم الى مديرية التربية في المحافظة . تمّ تعينهم مدرسين في ثانوية نصاب ( وهي مركز مديرية تابعة الى عتق)

الجمعة آذار 2 مارس 1979

قضينا هذا اليوم واليوم الذي سبقه في البيت ، انا والرفاق ابو علي ، ابو نادية وابو زمان ، نلعب الشطرنج ، نقرأ وبعضنا يكتب رسائل ، نطبخ ،او نناقش الأوضاع الدولية وأوضاع الوطن ونستمع الى الراديو .
في الليل سمعنا بالإتفاق حول وقف إطلاق النار بين جمهورية اليمن الديمقراطية واليمن الشمالي نتيجة الوساطة الأردنية السورية ، بعدها خرجنا نتجول في المدينة لمدة ساعة .

الأحد آذار 4 مارس 1979

لم نخرج الى المدينة مساء هذا اليوم . بقينا كالعادة نلعب الشطرنج ، نقرأ أو نناقش في مختلف المواضيع .
قام ابو زمان بتعليمنا اللغة الروسية ، وقد استوعبتُ الدرس الأول بسرعة قياسية إعترَف بها " مدرسي "وهذا ما سرني ودفعني الى التفكير بجدية الى تعلم الروسية بأسرع وقت . النقاشات اصبحت تغني افكارنا الى حد بعيد . لازلتُ مستمرا في قراءة كتاب “ الإشتراكية اللاماركسية وقضايا التقدم في اسيا وافريقيا “ وهو من إصدار دار التقدم ، وقد بدأتُ به قبل ايام ولكن قراءته جاءت مع قراءة كتب اخرى . الحقيقة انه كتاب ممتاز وموضوعه شيقاً وكذلك العرض وتحليلاته عميقةجداً وكذلك الإستنتاجات . لقد أفادني الى حد كبير في التعرف على طبيعة الديمقراطين الثوريين بشكل خاص وأضاف اموراً جديدة لما عندي من أفكار عن هذا الموضوع .

الأثنين آذار 5 مارس 1979

اليوم غادرنا الرفاق ابو علي وابو زمان الى نصاب حوالي الثانية عشرة ظهرا ، وقد أحزننا فراقهم . لقد قضينا معهم لحظات جميلة ( تعودنا عليهم ) ، على أية حال سيكونان عندنا يوم الخميس القادم . قمنا أنا وابو نادية بحملة شاملة لتنظيف وترتيب البيت . شاهدنا فلماً سينمائيا في سينما عتق تحت عنوان " إبتسامة واحدة لا تكفي " تمثيل يسرى ونور الشريف . وكعادة الأفلام المصرية ، كان فلماً تافهاً مباشراً في فكرته . تركنا الفلم قبل إنتهائه . تناولنا العشاء في البيت وجلسنا نقرأ ونستمع الى الراديو . بيتنا اليوم جميلأ جداً .

الثلاثاء آذار 6 مارس 1979

سمعنا بقرار مجلس الجامعة العربية المجتمع في الكويت حول وقف القتال بين اليمنيين . لم يكن القرار في صالح نضال الجبهة الوطنية الديمقراطية . نشاط عادي في المستشفى ، أستدعيتُ الى حالات مرضية عصراً وليلأ . كان هذا اليوم غير مريح نفسياً بالنسبة لي . كانت ذكريات الوطن تحوم أمامي وكذلك وضع الرفيق ابو نادية .
قضيتُ بعض الوقت بكتابة ثلاث رسائل الى الدكتورة مها محمد والأخت الصيدلانية باسمة والأخ الدكتور يسار فاضل . وقد بطنتُ الرسائل اسئلة عن أوضاعهم بشكل عام وكانت إشاراتي هو هل أصيبوا بمرض الإنفلونزا أو التهاب القصبات الرئوي المتفشي في العراق ( مشيرا الى حملة البعث ضد الرفاق) .
كوابيس غير مريحة طوال هذه الليلة ومعظمها حول الأوضاع في العراق .

الأربعاء آذار 7 مارس 1979

نشاط ملحوظ في المستشفى . جلبوا لنا المواد الغذائية للإسبوع القادم ويتكون معظمها من المعلبات .تعليقي انهم إذا إستمروا بتجهيزنا لهذه المواد لشهرين مقبلين ، فإننا سنفتح محلاً للبيع لكثرة ما يجهزونا به ، ولكني خططتُ وكما في الأسبوع السابق بأن نقتسم هذه المواد مع رفاقنا ابو علي وابو زمان ليتدبروا امورهم في نصاب .
اخبار القتال في اليمن الشمالي تبشر بإنتصارات للجبهة الوطنية الديمقراطية . الجميع هنا ( بما فيهم نحن ) فرحون بذلك ومتحمسون لهذه الإنتصارات . أكملت قراءة كتاب " الإشتراكية اللاماركسية وقضايا التقدم في اسيا وافريقيا" ( تروتسكي ) وقد قمتُ بتثبيت النقاط التي تمثل لب الموضوع . سأشرًع بقراءة كتاب" التطور اللارأسمالي " وكذلك إعادة الدرس الأول في اللغة الروسية . خرجنا الى المدينة عصراً انا والرفيق ابو نادية ، وخلال تجوالنا الذي إستمر ساعة وربع ، غطانا التراب الذي كانت تثيره الزوابع الترابية مما دفعنا الى العودة الى البيت بسرعة . كان الفلم نفسه لليلة اول امس . كتبتُ رسالة الى الأخ د. قاسم مكطوف .

الخمبس آذار 8 مارس 1979

اليوم هو يوم المرأة العالمي . حاولتُ الإحتفال في المستشفى بهذا اليوم .واجهتُ ببرود من قِبل الرفاق اليمانيين . وحسب إتفاقنا مع الرفاق ابو علي وابو زمان بأنهم سيكونون عندنا ، لكنهم لم يصلوا حتى الساعة السادسة مساءً ، وحتى ذلك الوقت وبسبب توقعنا مجيئهم ظهراً ،أصابني والرفيق ابو نادية ضجر كبير .وكنا ندور في البيت لا نعرف ماذا نعمل . كنا نقرأ ، نلعب الشطرنج ...نتذمر ولم ينفع اي شيء في تخليصنا من هذا التذمر سوى مجيء الرفاق . فرحنا حقا بوصولهم وأحس كل منا بأن كابوساً قد إنزاح عن صدره .
كان سبب تأخرهم هو عدم توفر سيارة تقلهم الى عتق وقد قام قام الرفيق علي عوض المسؤول الحزبي للمنطقة الوسطى بتوصيلهم بسيارته . سهرنا حتى الساعة الثانية صباحا نتناقش ونستمع الى الراديو بعد أن تناولنا العشاء . اليوم إبتدأتُ بقراءة كتاب” التطوراللاراسمالي “ ( اندرييف )

الجمعة آذار 9 مارس 1979

قضينا هذا اليوم معظمه في البيت و خرجنا لمدة ساعة نتجول في المدينة وضواحيها . التراب الذي تثيره الزوابع الترابية غطى البيت بكامله، لقد كان يتسرب من الشبابيك رغم إحكامنا لها . نشعر بأن شيئا يقبض على صدورنا من شدته . أطلقنا على تجمعنا ووحدتنا الرباعية هذه اسم "كومونة عتق ". كتبتُ رسالة الى ابو ذكرى بإسم الكومونة ، أوجزتُ له حالنا . صباحا تبادلنا " الحزورات وبعض النكات . وكان ابو زمان هذا الإنسان الطيب الكادح كثيرا ما يفجرنا بالضحك لحركة أو تعليق غير متوقع يطلقه . قرأت قليلأ في اللغة الروسية . إستمعنا ليلأ لبعض الأغاني العاطفية ( ليلي ونهاري فكري بيك مشغول لأم كلثوم وأغاني لفريد الأطرش وعبد الوهاب ) كانت سهرة لطيفة . شبهنا عتق بنقرة السلمان . قمتُ بإقتسام موادنا الغذائية و اللوازم الأخرى التي يخصصها المستشفى لي مع الرفاق ابو علي وابو زمان .
الأربعاء آذار 21 مارس 1979 ( عيد نوروز )

يوم عمل عادي . وصل الينا الرفاق ابو علي وابو زمان حوالي
الساعة الخامسة مساءً , شاهدنا فلماً سوفيتيا بعنوان " نينا " يروي قصة كفاح الشعب السوفيتي ضد الإحتلال النازي أبان الحرب العالمية الثانية من خلال تجسيد بطولة الفتاة نينا في هذه المقاومة وإستشهادها اخيراً . كان الفلم رغم قصره رائعاً وقد كشف عن عظمة الشعب السوفيتي وأصالته .
جلب لنا الرفيق ابو علي تقريراً كان قد وصله في رسالة من عدن يتضمن الأوضاع في الوطن وطابع الحملة التضامنية مع حزبنا . ويتلخص التقرير في وجود تذمر واسع بين قطاعات الشعب ضد نهج السلطة وكذلك عن حدوث قتال بين جماعات مسلحة كردية والجيش وعن إمتناع الصحفيين العراقيين لحضور إنتخابات النقابة إستجابة لنداء طريق الشعب بالمقاطعة وكذلك مقاطعة حوالي 18 ألف معلم لإنتخابات نقابتهم وكذلك عن أشكال التضامن العالمي مع حزبنا وضد حملة الأرهاب التي تقودها السلطة وإتساع حملة الإرهاب ضد المستقلين .

في الليل دخلنا في نقاش سياسي حول الأوضاع في الوطن ووضع حزبنا بشكل خاص . التقريرأفرحنا حقا . توصلنا الى إستنتاجات جيدة .

الخميس 22 مارس 1979

يوم عمل عادي . شاهدنا فلماً امريكياً يصور بإسلوب جيد أزمة السياسة العليا لسلطة الولايات المتحدة في حربها القذرة ضد الشعب الفيتنامي . نقاش سياسي .

الجمعة آذار 23 مارس 1979

قضينا اليوم كله في البيت . قمنا بتنظيف البيت وكذلك قمنا بحفر الأرض أمام البيت لغرض إستغلالها كحديقة أتعبنا العمل ( لم نتعود من مدة طويلة ) . في الليل سمعنا خطاب صدام حسين في جمع من الأطباء العراقيين والسوريين من إذاعة صوت الجماهير . كان الخطاب تقريبا كله تشهير بالحزب الشيوعي العراقي وإفتراء عليه بشكل كبير وربط ذلك بإدانة السادات ونهجه الإستسلامي ، وكان القصد من هذا الربط خلق حالة نفور عند الإنسان العادي من الحزب .

السبت آذار 24 مارس 1979

غادرنا الرفاق ابو علي وابو زمان الى نصاب حوالي السابعة صباحا . يوم عمل شاق .أصابني ضجر كبير بعد عودتي من الدوام . قابلتُ بعد الظهر مدير الصحة الجديد ( وهو سكرتير الدائرة الإقتصادية للحزب في المحافظة الرابعة )، وقد اوضحتُ له بعض النقاط حول وضعنا انا وابو نادية ووضع المستشفى . شوق جارف الى الوطن لدرجة احسستُ بأن شيء يعتصر قلبي وبأني اكاد اختنق ، وقد فكرتُ لساعات بشكل جدي بالعودة الى الوطن . خفّ هذا الشعور الى حد ما ليلأ . كتبتُ رسالة الى الأخ د. خليل الجنابي في دبي
حوالي الساعة الثامنة مساءً إستدعاني ضابط النوبة في المستشفى وأخبرني بأن هناك مدمناً على البثدين . فهو يتناول حوالي 400 ــ 500 ملغم بثدين ، وانهم أي المضمدين يخافون الإقتراب منه . وهذا المدمن معروف حتى لوزير الصحة ، وهو يعتدي أحيانا على المضمد . قابلته وأفهمته بأن يكون مؤدباً في تعامله مع الآخرين واوعزتُ للصيدلي بإعطائه 250 ملغم بثدين لأن الموجود عندنا قليل . تبين من الراديو ان العالم مهتم بشكل كبير بمعاهدة الإستسلام التي سيوقعها السادات في واشنطن . (وصل السادات مساءً الى واشنطن ) . غروميكو وزير خارجية الإتحاد السوفيتي وصل الى دمشق لإجراء مباحثات مع السوريين حول الوضع العربي .

الأحد آذار 25 مارس

يوم عنل عادي . ابتدأ ظهري يؤلمني بسبب حفر الأرض لعمل حديقة يوم الجمعة الماضية . خرجنا كالمعتاد الى المدينة .

الأثنين آذار 26 مارس

يوم عمل عادي .وصلتني رسالة من ام ظفر عن طريق فندق الأمبسادور مرفقة بصورة ( خط يد ) لرسالة بروفيسور ملنر حول قبولي في كورس الأطفال في شيفيلد إعتبارا من 1ــ 10 ــ 1979 ولغاية 22ـ 12 ـ 1979 ، وكذلك رسالة من الأخ ابو نجاح في عدن وقصاصة رسالة من ابو ذكرى .
زارنا عصراً في البيت الرفيق هادي احمد ناصر سكرتير الحزب في المحافظة ومعه بعض الرفاق اليمانيين تناقشنا حول الوضع العربي والوضع في شمال اليمن . ناقشته حول بعض سلبيات عمل الحزب والمنظمات في المحافظة وإتفقـتُ وإياه حول الإعداد للإحتفال بالذكرى 45 لتأسيس حزبنا بعد عودتنا من عدن .
خرجتُ وابو نادية الى المدينة لتصليح الراديو . وفي طريق عودتنا الى البيت قمنا بزيارة الرفاق الفلسطينيين في شقتهم . كان نقاشنا معهم الوضع السياسي حول معاهدة الإستسلام التي ستوقع اليوم . زارنا ليلأ سكرتير لجنة الحزب في عتق وتناول معنا العشاء .لعبتُ معه شطرنج وقد غلبني مرتين لكني غلبته بلعبة ثأرية ممتازة . إنصات لإذاعة صوت امريكا وهي تنقل الإحتفال بمناسبة توقيع صك الإستسلام بين السادات وبيغن وكارتر من حدائق البيت الأبيض أحزننا ذلك كثيرا . وكان حزننا اكثر لتمزق الصف العربي التقدمي وللمتاجرة بالشعارات والتلاعب بمشاعر الجماهير العربية التي تمارسها بعض الأنظمة التي تدعي الوطنية والتقدمية وعلى الأخص البعث في العراق . مظاهرات وإضرابات تعم الوطن العربي . إحتجاجات من مختلف انحاء العالم على المعاهدة . مغادرة غروميكو لدمشق.
زيارة خاطفة للرفيق ابو علي لنا ظهرا وغدرنا بعد تناول الغداء.

الثلاثاء آذار 27 مارس

يوم عمل عادي .خرجنا كالمعتاد الى المدينة . كان عشائنا ( تكة عراقية ) مع تحوير بسيط . ابو نادية يشعر بالضجر وقد إنعكس ذلك من خلال أحاديثة ونقاشاته السياسية المنفعلة .إنصات الى الراديو . عُقد بعد ظهر هذا اليوم إجتماع لوزراء الخارجية والمالية العرب في بغداد لمناقشة تنفيذ مقررات مؤتمر القمة العربية التاسع الذي عُقد في بغداد صيف 1978 فيما يخص وسائل قطع العلاقات مع السادات لتوقيعه صك الإستسلام مع العدو الصهيوني . لم تحضر الإجتماع كل من عُمان والصومال وجيبوتي والسودان .إفتتح الإجتماع صدام حسين . كان نقاشنا حول الأوضاع السياسية في الوطن العربي بعد هذه المعاهدة ( السادات ـ بيغن )، وآفاق تطور حركة التحرر الوطني العربية .واول هذه المؤشرات هو حصول بداية هذا الإستقطاب من خلال عدم حضور عدد من الدول العربية . وإستنتاجاتنا هو حصول المزيد من الإستقطاب . والمهمة الملحة الآن هو تشكيل جبهة عريضة للقوى التقدمية في المنطقة العربية لمواجهة مخططات الحلف الإمبريالي والصهيوني والرجعية العربية . مظاهرات تعم العالم العربي وبعض العواصم في العالم إستنكاراً للمعاهدة .

الأربعاء آذار 28 مارس

أُستدعيتُ حوالي الرابعة والنصف صباحا الى المستشفى ، حيث كانت إحدى المريضات تعاني سكرات الموت . كانت مصابة بالحرق بنسبة 35 بالمئة وأدخلتها قبل حوالي أربعة أيام . كانت حالتها لا بأس بها لغاية عصر أمس ، واغلب الظن أنها أصيبت بالتوكسيميا . حزنتُ كثيرا . أهلها استقبلوا موتها بهدوء كبير خلافا لما تعودنا عليه في العراق .لم أتناول الفطور هذا الصباح .
وصل الرفاق ابو علي وابو زمان من نصاب بعد الظهر . ذهبنا الى السينما وشاهدنا فلماًمصريا عنوانه " الأضواء " وكان فلماً سخيفاً ، غادرنا قاعة السينما قبل إنتهاء الفلم .

الخميس آذار 29 مارس

لم أعمل في المستشفى هذا اليوم لأني كنتُ أنتظر السيارة التي ستقلني مع الرفاق الى عدن ، والتي وفرتها لنا مديرية الصحة في المحافظة . تأخر موعد سفرنا مما أصاب الرفاق بعض الإنفعال لهذا التأخير . غادرنا عتق في الواحدة والربع بعد الظهر بعد أن تناولنا الغداء . غادر معنا اثنان من الأخوة المدرسين الفلسطينيين . كانت رحلة شاقة إستمرت حوالي تسع ساعات ، وقد وصلنا عدن في الساعة العاشرة ليلأ .تخلف الأخوة الفلسطينيين في مدينة لودر ( المحافظة الثالثة ) عند أصدقاء لهم كان لقائنا مع رفاقنا في فندق الامبسادور حاراً ومؤثراً . سهرتُ مع الرفيق ابو ذكرى وزوجته في غرفتهما ( 86 ) حتى بعد منتصف الليل . كان الحديث شيقاً وأغلبه عن سياسة الحزب لأن كنا مشتاقين لذلك وكانت هناك أخبار مفرحة ، على الأخص عن سياسته الجديدة . أخبرني الرفيق عن مجيءالرفيق ثابت حبيب العاني الى عدن قبل أيام وبقاءه هنا حوالي اسبوع .
ملاحظة : صباحا وانا بإنتظار السيارة التي تقلني الى عدن ، استلمتُ رسائل من الرفاق خليل الجنابي من دبي ، عودة ناجي في عدن ، خليل في صوفيا . الرسالة الأخيرة افرحتني جداً بخبر وصول الرفيق رؤوف حسين الى صوفيا سالماً .. ليلا عند وصولي الى الرفيق ابو ذكرى سلمني رسالة من الرفيق ابو قيس من بلغاريا وكذلك بطاقة معايدة بمناسبة تأسيس الحزب من ام ظفر ، كانت قد هربتها عن طريق الكويت .

الجمعة آذار 30 مارس

الثامنة صباحا كان هناك إجتماع مع الرفيق ابو احمد في فندق 26 سبتمبر ( 108 ) . التحضيرات قائمة على قدم وساق للإحتفال بالذكرى 45 لميلاد الحزب والذي سيُقام مساء اليوم ، الفنانون يبذلون مجهودا فائقا لتحقيق هذا الغرض رغم شحة الإمكانيات .
أُقيم الحفل في قاعة المسرح الوطني في بناية وزارة الثقافة والسياحة ، وإبتدأ حوالي السابعة إلا ربعاً. لقد كان حفلأ رائعاً إستمر حوالي ثلاث ساعات ، وإشتمل على الكلمة الإفتتاحية عن تاريخ الحزب وفعاليات غنائية ودبكات كردية ولوحة الحزب . وفي بداية الحفل ردد الحاضرون الذين غصّت بهم القاعة ، النشيد الأممي . وكان من بين الحضور أعضاء من اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني ، ممثلوا حركات التحرر الوطني وسفراء الدول الإشتراكية المعتمدين في عدن . سمعنا أن السفارة العراقية احتجت على إقامة الحفل وهددت بقطع العلاقات مع اليمن، وكان رد الرفاق اليمنيين رائعاً ومبدئياً ويدل على أصالتهم : " إن اليمن الديمقراطية ليست محافظة عراقية ، وإن الحفل سيُقام وبإمكان العراق أن يتخذ الإجراء الذي يعجبه بهذا الخصوص ."
قام اليمانيون والفلسطينيون بحماية الإحتفال . إمتاز الحفل بدقة تنظيمه وتركيز في مواده وتنوعها و كان ملفتاً للنظر، وقد نال إستحسان الجميع .
اليوم خرجت صحيفة 14 اكتوبر بصفحة كاملة عن مواضيع تبحث في تاريخ حزبنا وأمجاده .

السبت آذار 31 مارس1979عيد تاسيس الحزب الشيوعي العراقي

خرجت صحيفة الثوري بثلاث صفحات عن تاريخ الحزب الشيوعي العراقي . سمعنا أن إحتجاجا قُدم من السفارة العراقية على هذه التحقيقات الصحفية . لم يهتم الرفاق اليمانيون لهذا الإحتجاج .
راجعنا وزارة الصحة حول نقل الرفيق ابو نادية الى عدن ، لكنا لم نحصل على نتيجة . قضينا الوقت نتجول في عدن ونلتقي بالرفاق الذين فارقناهم . منذ وصولي الى عدن ، انام مع الرفاق ابو ذكرى وزوجته ( قجق ) ، والأكل يتدبرونه من اكلهم ، وكذلك بقية الرفاق فقد توزعوا على باقي الغرف في الفندق (ايضا قجق )

ألأحد نيسان 1 ابريل 1979

أنا وابو نادية قابلنا صباحا في وزارة الصحة الدكتور غازي مدير التجهيزات في الوزارة ومسؤول المنظمة القاعدية فيها . طرحتُ عليه بعض الإقتراحات لتطوير العمل الصحي في عتق وكذلك مسألة نقلي الى عدن حال توفر بديل لغرض تجديد تدريبي على أمراض الأطفال للتهيء للكورس الذي سألتحق به في إنكلترا ، ونقل الرفيق ابو نادية الى عدن . فأقرّ كل النقاط ووعد بتنفيذها جميعا . كان من المفترض مقابلة الوزير ، لكنه كان مشغولا. وصلتني على عنوان الفندق ( غرفة ابو ذكرى ) رسالة اخرى من ام ظفر بنفس تاريخ البطاقة التي ارسلتها وايضا مرسلة عن طريق الكويت ، تذكر لي بعض من سوالف ظفر ويسار . فرحتُ جداً لتلك الأخبار .

الأثنين نيسان 2 ابريل

زيارة عمل الى وزارة الصحة مع تجوال في عدن . الجو حار ورطب مما يبعث الضيق في النفس .

الثلاثاء نيسان 3 ابريل 1979

زيارة عمل لمديرية رعاية الأمومة والطفولة . تجوال في عدن . الجو حار ورطب .

الأربعاء نيسان 4 ابريل

صباحا فوجئتُ بوصول الأخ د. خليل الجنابي وقد كان في رسالته لي قد صور تعاسة الحياة في دبي وبأنه لم يحصل على عمل لحد الآن .قابلته في الفندق ( حيث عنوان رسائلي السابقة.)
زيارة عمل الى مديرية الأمومة والطفولة . سهرة لطيفة على البحر مع بعض الرفاق .أكلنا السمك المشوي مع الخبز والشاي . أحاديث سياسية وفكرية مع الرفاق الساكنين في فندق الحرية في كريتر ( عدن ) .


الخميس نيسان 5 ابريل ذكرى عقد قراني على ام ظفر 1973

قابلتُ وزير الصحة في ديوان الوزارة . رّحب بي بحرارة وشكرني على ما قمتُ به من عمل في مستشفى عتق وأخبرني بأن التقارير المرفوعة له من المحافظة كلها تمتدحني . تجاوب بحرارة مع كل ما طرحته من نقاط وعلى الأخص مسألة نقلي الى عدن لغرض تجديد تدريبي على امراض الأطفال للتهيئ للكورس الذي سألتحق به في إنكلترا في 1ـ10ـ1979. فأقرّ ذلك ووعدني بذلك إعتباراً من بداية شهر تموز .
لم أحتفل بذكرى عقد القران السادسة . فضلتُ الإختلاء الى النفس وإستعادة ذكرياتي عن علاقة الحب الرائعة مع الحبيبة ام ظفر . لعبتُ الشطرنج مع ابو ذكرى. جولة قصيرة ليلأ في منطقة التواهي . تعشينا انا وابو علي وابو نادية في متنزه بلقيس القريب من الفندق .

الأثنين نيسان 16 ابريل

افتتحتُ مركز الأمومة والطفولة بإلقاء محاضرة على عدد من الأمهات المراجعات للمستشفى ، وقد اوضحتُ فيها مهمات المركز وناشدتهن التعاون مع كادر المستشفى . زارني الأطباء الهنود مع زوجاتهم واطفالهم من الصعيد مساءا وقد قضوا معي ساعة ، كذلك زارني عدد من الرفاق الفلسطينيين ( من حركة فتح ) وجلبوا لي عدد من النشرات فيها خطاب ابو عمار في مؤتمر وزراء الخارجية والإقتصاد العرب المنعقد في بغداد لمناقشة مقاطعة النظام المصري وهو الخطاب الذي أعلن فيه إنسحابه من المؤتمر إحتجاجاً على ضعف موقف المؤتمر . كان خطاباً مؤثراً . سمعتُ ان الرفيق علي احمد ناصر عنتر وزير الدفاع والعضو المرشح للمكتب السياسي مع عدد من أعضاء اللجنة المركزية والذين وصلوا جواً صباح أمس عقدوا إجتماعاً مع الكادر القيادي في المحافظة صباح هذا اليوم .

شعور بالضيق .إستمعتُ الى بعض اغنيات فؤاد سالم من شريط الكاسيت الذي أهداه لي يتكلم عن الغربة وفراق الأهل والأحباب. شوق جارف للوطن وام ظفر والأطفال .
تلذذ بحسرة ذكرياتي مع ام ظفر . قراءات طبية . أُستدعيتُ عدة مرات الى المستشفى لمعالجة حالات مرضية . لم أخرج الى المدينة هذا اليوم .إنصات الى محطات الإذاعة العالمية . عمليات فدائية في بيروت وبروكسل ضد المؤسسات الأمريكية والإسرائيلية .

الثلاثاء نيسان 17 ابريل

يوم عمل عادي . قمتُ بترجمة قصتين قصيرتين للكاتب ارنست همنغواي ، احداهما كانت بعنوان " الأيام تنتظر " وأضفتها الى مجلتنا الحائطية . واصلنا العمل في المجلة وذلك لمجيء الأخ محمد باكوبا ( سكرتير التحرير ) . جولة تفتيش على المطاعم والمقاهي ليلأ ، وقد وجدتها بحالة مزرية ولا يستحق اي منها ان يفتتح كمحل عام لعدم توفر اي شرط صحي .وأبلغتُ اصحاب المحلات بعقد ندوة صحية يوم الخميس القادم .
إنصات للإذاعات ، قراءة طبية . قراءة في مؤلفات لينين ( ما العمل ). تفكير في سياسة حزبنا المقبلة . . سمعتُ من إذاعة صوت الجماهير ليلاً كلمة عزت إبراهيم في السليمانية . لقد تكلم كثيرا وعلى الأخص في بناء الجيش ( الثوري )، ولكنه لم يتفوه بكلمة واحدة عن الأكراد، رغم أنه في أهم موقع كردي . كان كل كلامه عن العرب والأمة العربية . زيارة عزت إبراهيم ( وزير داخلية البعث ) للمنطقة الشمالية هي جزء من حملة البعث لإحتواء التذمر والنهوض الثوري الذي يعم المنطقة ، وللإلتفاف على حملات الإحتجاج العالمية حول طبيعة القمع الذي يمارسه البعث ضد الأكراد، وليبين للعالم بأن كردستان تنعم بالهدوء .

الأربعاء نيسان 18 ابريل

يوم عمل عادي . حديث مع مدير الصحة حول وضع برنامج جدي للخدمات الصحية في المحافظة . تجوال لمدة ساعة في المدينة .لم يأتي الرفاق ابو علي وابو زمان ،وعلمتُ من المدرسين الفلسطينيين بأن مفتشين تربويين ستوجهون الى نصاب غداً، ولربما يكون هو السبب في عدم مجيء الرفاق . قراءة في مختارات لينين . إنصات الى الأخبار العالمية .

الخميس نيسان 19 ابريل

يوم عمل عادي . وصل الرفاق ابو علي وابو زمان من نصاب حوالي الحادية عشرة صباحا . حوالي الثانية عشرة والربع بعد الظهر ، زارني الرفيق هادي احمد ناصر عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني ، السكرتير الثاني لمنظمة الحزب في المحافظة الرابعة برفقة الرفيق علي الأخشع ضابط أمن الدولة في المحافظة الرابعة . دعونا الى جلسة قات في بيت أهل الرفيق هادي في مدينة الصعيد . ذهبنا بعد ان تناولنا الغداء . وعلى طول الطريق ، كان حديثنا عن حزبنا وعن حملة الإرهاب التي يوجهها البعث اليه . كان الجميع شديد الإعجاب بمواقف الحزب طيلة مسيرته النضالية . وصلنا الصعيد حوالي الثانية والنصف بعد الظهر ، وهي مدينة تقع مع القرى التابعة لها على حافتي وادي الصعيد الأخضر الجميل .أغلب البيوت مبنية من اللِبن وبعضها يصل الى أربعة أو خمسة طوابق . في البيت إبتدأ الرفاق جلسة قات ، وقد سايرهم رفيقنا ابوزمان ومضغ قليلأ من القات إلا انه حسبما أخبرنا لم يشعر بشيء غريب أو جديد نتيجة مضغ القات .
واصلنا الحديث حول حزبنا وحول الوحدة بين شطري اليمن وحول الإتفاق بينهما حول وقف القتال ، وكذلك تناولت التحليلات الوضع العالمي . كما زودنا الرفاق اليمنيون بنسخة من حديث صدام حسين مع الرفيق مكرم الطالباني ورد الرفيق مكرم عليه وكذلك رد اللجنة المركزية لحزبنا على حديث صدام . كانت النسخة قد وصلتهم من اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني . بعد أن تناولنا العشاء ( لحم على التمن والبطاطا ) غادرنا الصعيد حوالي الثامنة مساءا وإتفقنا على السفر الى نصاب يوم غد .

الجمعة نيسان 20 ابريل

قضينا الصباح في تنظيف البيت وتهيئة أنفسنا للسفر الى مدينة نصاب مع الرفيق هادي احمد ناصرللإلتقاء بالرفيق علي شايع عضو اللجنة المركزية والسكرتير الأول لمنظمة الحزب الإشتراكي اليمني في المحافظة الرابعة ومحافظ الرابعة ، والذي لم نلتقي به منذ مجيئنا الى عتق لإنشغاله طيلة الوقت .
بعد الغداء إصطحبنا الرفيق هادي احمد ناصر بسيارته مع الرفيق عبد ربه سكرتير المحافظ الى نصاب ووصلناها حوالي الثانية بعد الظهر ( بعد مغادرتنا عتق بحوالي ساعة ) . الطريق الى نصاب أسهل منه الى الصعيد . مدينة نصاب كبيرة وفيها أبنية اكثر عصرية من عتق ، وفيها طريق رئيسي معّبد . بعد أن تركنا أغراض الرفاق ابو علي وابو زمان في بيتهم ، غادرنا الى قصر الشعب حيث إلتقينا بالرفيق علي شايع ، الذي رحب بنا بحرارة ، وإلتقينا بعدد من الرفاق اعضاء المنظمات الحزبية في المحافظة . كانوا جالسين في جلسة قات ، وقد سايرهم ابو زمان . دارت نقاشات واسعة حول الإضطهاد ضد الشيوعيين والديمقراطيين في العراق وحول الأوضاع العربية ، وكان تضامنهم وتأييدهم لحزبنا بشكل لا يوصف.
كان الرفاق اليمنيين يعدون إجتماعات حزبية لتغيير البطاقات الحزبية ( من الجبهة القومية الى الحزب الإشتراكي اليمني )،و تترافق مع هذه العملية ، عملية تطهير واسعة في صفوف الحزب من الخاملين والإنتهازيين . برقية عاجلة من عدن تتطلب حضور الرفيق علي شايع الى عدن . تناولنا العشاء ( لحم ، خبز مرق مع كبدة ) وبعدها غادرنا في سيارة الرفيق هادي الى عتق بعد ان ودعتُ الرفاق ابو علي وابو زمان ، وسبقنا الرفيق علي شايع بسيارته متوجها الى عتق .

السبت نيسان 21 ابريل

يوم عمل مزدحم . إتصالات بالرفاق اليمنيين في مديرية الصحة والمستشفى للإحتفال بذكرى ميلاد لينين العظيم والقيام بمبادرة جماهيرية في المستشفى تكريما لهذا القائد البروليتاري الفذ. حصلتُ على موافقة مبدئية سيصادف هذا اليوم غدا . عملتُ الترتيبات اللازمة لذلك من تهيئة محاضرة عن لينين واللينينية يلقيها أحد أعضاء الدائرة الأيديولوجية في الحزب مع كلمات قصيرة بالمناسبة ، إضافة الى القيام بحملة لتنظيف وتشجير المستشفى .
عصراً زارني أحد الرفاق الفلسطينيين وجلب لي العددين الأخيرين من مجلة صوت الثورة الفلسطينية . دار حديث حول الأوضاع العربية وما آلت اليه خيانة السادات الى جزر خطير في حركة التحرر العربية.لقد كنا متفقين بأن المستقبل ، رغم ثقتنا المطلقة بالنصر ، ينطوي على حصول مآسي رهيبة وعلى الأخص بالنسبة للفلسطينيين ، فيما إذا إنجرت العربية السورية الى توقيع معاهدة الإستسلام ،لأن بدأ تركيز الدوائر الإمبريالية والصهيونية والرجعية على سوريا لعزلها عن حركة التحرر العربية والإنفراد بها ومن ثم جرها لتوقيع المعاهدة من خلال محورين رئيسيين ، الضغط عليها من خلال تأزيم الوضع في لبنان وثانيا من خلال مغازلتها بإمكان تنازل إسرائيلي عن الجولان مقابل توقيع سوريا على معاهدة الصلح مع العدو الصهيوني. والذي يبعث على التشاؤم هو أن العراق وهو البلد الوحيد القادروالمؤهل ليلعب دور حاسم في مسألة عدم إنجرار سوريا الى هذا المصير يتعامل مع الأوضاع بشكل غير مبدئي وديماغوجي .
إنصات الى الأخبار العالمية إذاعة صوت الجماهير من بغداد . شوق جارف الى ام ظفر والأطفال في وطني .

الأحد نيسان 22 ابريل

يوم عمل عادي . عُلقت مجلة الصحة والحياة في واجهة المستشفى . زارني احد اعضاء سكرتارية الدائرة الأيديولوجية في الحزب للمحافظة الرابعة للإتفاق على طبيعة المحاضرة التي ستُلقى اليوم بمناسبة ذكرى ميلاد لينين. بعد ذلك حصلت إعتراضات حول الإحتفال بحجة عدم التهيئة وعدم القدرة على إعداد المحاضرة في هذا الوقت القصير . تمّ الإتفاق على تأجيل الإحتفال الى الأول من أيار ودمجه بإحتفالات عيد العمال العالمي وكذلك تأجيل المبادرة لتنظيف المستشفى وتشجيره ليوم الغد وذلك بسبب بعض المعوقات .
قمتُ بطبخ مرق باذنجان ( مبسط ) للغداء وكان لذيذاً حقاً( لم اصدق قدرتي في ذلك ) . قراءة في صحيفة النداء وصحيفة 14 اكتوبر مع قراءة في مختارات لينين ( المجلد 3 ). لم يجلبوا الراشن . زرتُ الرفاق الفلسطينيين في شقتهم ودارت بيننا أحاديث سياسية . إن قسوة الأوضاع في الوطن العربي وشدة وقع الأحداث على الفلسطينين خاصة ، جعلت البعض منهم يتشائم الى درجة كبيرة وينحون في تحليلاتهم منحأ ذاتيا الى أبعد حد كمن يريد أن يهدم الدنيا ولتسقط عليه وعلى اعدائه .
اُستدعيتُ الى المستشفى في الليل لفحص طفلة عمرها خمس سنوات معتدى عليها جنسيا من قبل مراهق . عند الفحص لم يوجد سوى آثار بسيطة في مدخل فرجها . اخذتُ مسحة لإجراء الفحص عليها فيما إذا توجد حيوانات منوية . مواصلة القراءة في مختارات لينين . إنصات الى إذاعة صوت الجماهير والأخبار العالمية .تناولتُ أكوابا عديدة من الشاي في هذه الليلة مما سيؤرقني حتما .
وصلتني رسالة من ابو نادية في عدن .

الأثنين نيسان 23 ابريل

يوم عمل مزدحم . فشلت المبادرة لتنظيف وتشجير المستشفى بسبب إنعدام التنظيم وإنعدام الحماس لدى العاملين وفوضوية المدير .
الأيام تمر ببطء قاتل . ضجر كبير ، شوق كبير لأم ظفر والأطفال وحنين عظيم الى الماضي . محاولة لقتل الوقت بالقراءة . لم أفلح بالإستمرار في قراءة موضوع واحد ، التنقل السريع من موضوع الى آخر ، ضعف في التركيز والإنتباه . لم يجلبوا الراشن لهذا اليوم . عملت ايضا مرق باذنجان للغداء والعشاء .بعثتُ بيد احد المدرسين ثلاث رسائل وصلت من العراق امس الى الأخ رشاد علي ، كما بعثتُ " قانون العمل اليمني " الى الأخ صاحب نزر . خرجتُ قليلا للتجوال في الشارع المحاذي للمستشفى ثم في المدينة . . كبقية الأيام اجدني أدخل في صراع مرير مع كثرة من الأعداء الداخليين منهم السأم الوحدة ، اليأس ، الحنين القاتل الى الأهل والوطن ... الخ وقد استنفرتُ كل اسباب المقاومة ضد هولاء الأعداء وينتهي هذا الصراع بإنتصاري على كل ذلك بالتفاف عناصر مقاومتي حول مبادئي واهدافي . انا احاول كل يوم أن أُربي إرادتي على الصبر والصمود وإحتمال المشاق نتيجة غربتي . احسُ بنفسي بأني اكبر بسرعة لا بمعنى الهرم ، ولكن بمعنى النضج لكن ذلك ينال من قواي المادية لأني احس احيانا بالوهن الجسدي الذي اتغلب عليه بين فترة واخرى . سمعتُ خطاب لصدام حسين في قيادة القوة الجوية بمناسبة مرور 48 عاما على تأسيسها . يحاول في خطابه إيجاد مبرر ديني لوجود حزب البعث وأفكار مستخلصة في النهاية بأن البعث ديني بمعنى من المعاني . إن الرجل بدأ يتصوف .

الثلاثاء نيسان 24 ابريل

يوم عمل مزدحم . ندوة صحية مع أصحاب المحلات العامة . قراءات مختلفة ، طبية وسياسية . ضجر ،شوق جارف الى أم ظفر والأطفال والأهل والوطن .

الأربعاء نيسان 25 ابريل

غادرتُ عتق حوالي السابعة صباحا الى مدينة نصاب ، ووصلتها بعد حوالي ساعة . باشرتُ عملي لهذا اليوم في مستشفى نصاب ( بمبادرة مني لعدم توفر طبيب في المنطقة ). كان يوما مزدحماً جداً ( حوالي 250 مريضة ومريض )، وقد إستمر عملي من الثامنة صباحا حتى الواحدة بعد الظهر . قمتُ بتفقد اقسام المستشفى . كان المبنى جيداً ومتكاملاً ، لكن ينقصه الكادر والمعدات لكي يكون مستشفى قادراً على تقديم الخدمة للمواطنين بشكل فعال .بعد ذلك غادرتُ الى بيت الرفاق ابو علي وابو زمان حيث تناولتُ الغداء معهما ثم غادرنا الى عتق حوالي الثانية والنصف بعد الظهر . ( الطريق صحراوي بمحاذاة سلسلة جبلية الى الجنوب منه ).
بعد ان وصلنا عتق ، إغتسلنا ثم قمنا بجولة في المدينة ، بعدها ذهبنا الى السينما وشاهدنا فلم بعنوان " ملكة الحب " وهو فلم مصري لبناني سخيف . طبخ لنا الرفيق ابو زمان العشاء ( لم يكن جيد مما دفعنا الى التندر على ابو زمان بسبب ذلك ) . نقاشات سياسية ، إنصات الى الراديو ثم نمنا حوالي الواحدة ليلأ

الخميس نيسان 26 ابريل

يوم عمل عادي . إجتماع مع سكرتير المحافظة ومدير الصحة ومدير البلدية حول تشكيل هيئة صحة البيئة .
وصلتني رسالة من ام ظفر وحسين فرحان ( مضمد في الدغارة)، والأخ علي محمد علي ( ابو سنان ) وفرحتُ بالرسائل فرحا شديدا وعلى الأخص رسالة ام ظفر وقد تضمنت اخبار طيبة فيما يخصها والأطفال والأهل والأصدقاء و " الحجية " ، ولكنها أحزنتني بخبر عن ابو داليا حول إصابته بذات الجنب ودخوله المستشفى ونقله الى البصرة ( قد يكون ذلك رمزاً لإعتقاله وتعذيبه من قبل أجهزة البعث .)
لم نخرج لهذا اليوم الى المدينة . شطرنج، نقاشات سياسية . إعادة قراءة رسالة ام ظفر . طبخ لنا ابو زمان ( لم يكن جيداً) .

الجمعة نيسان 27 ابريل

عمل شعبي لتنظيف البيت بالتعاون مع الرفاق رشاد علي وصاحب نزر . زارنا صباحا الرفيق نائب قائد أمن الدولة في المحافظة . كتبتُ رسائل الى ام ظفر والأخ علي ( ابو سنان ) ردا على رسالتيهما التي وصلتا لي أمس . كتب الرفيق ابو علي كلمة الحزب التي ستُلقى في احتفالات الأول من مايو ، وقد تضمنت نبذة عن تأريخ الحزب والتضامن معه ، كما سنستغل الفرصة لعمل معرض فني وبوستر سياسي بمناسبة مرور 45 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي العراقي .في المساء تجولنا في المدينة ، ثم جلسنا في مقهى وحديث عن الماضي .أمتعنا الرفيق ابو علي بذكرياته عن الجيش ( خدم في الجيش لمدة سنة) وعلى ذكر ابو علي فهو إنسان ذكي ، حاضر البديهية ، لبق في كلامه وطيب و يمكن إعتباره شيوعيا ورفيقا ممتازا يُعتمد عليه خبرته النضالية متنوعة وجيدة . الرفيق ابو زمان رفيق قديم (مضى على عضويته في الحزب اكثر من 20 سنة ) . له ماضي ممتاز في النضال إلا أنه (خطير ) في بعض الأحيان ، لكن قلبه طيب .
السبت نيسان 28 ابريل

غادرني صباحا الرفاق أبو علي وأبو زمان الى نصاب . يوم عمل عادي . البدء بالنظام الجديد في العيادة الخارجية ( الذي إقترحته ) . إتصالات للإعداد لإحتفالات الأول من مايو . طبعتُ كلمة الحزب بعدة نسخ .
قمتُ بطبخ مرق باذنجان ممتاز حقاً. قراءة في مجلة الوقت واليسار العربي مع قراءة طبية ، وإنصات الى الراديو . نمتُ مبكرا حوالي العاشرة ليلأ .
احسُ بإجهاد نفسي قد يكون سببه الأحساس بالوحدة والشوق الجارف لأم ظفر . صورتها لا تفارق مخيلتي ( وضعتُ برنامج عمل صحة البيئة ).
الأحد نيسان 29 ابريل

يوم عمل عادي . نشاط في قسم صحة البيئة الذي إقترحتُ تشكيله . زارني رفاق يمنيون من إتحاد النقابات في المحافظة وكذلك من الدائرة الأيديولوجية في الحزب الأشتراكي اليمني للتنسيق في الإشتراك بالإحتفال بالأول من مايو وإقامة البوستر السياسي للتضامن مع حزبنا .وقد هيأتُ الصور والبوسترات واللافتات وسلمتُ نسخة من كلمة الحزب الى الرفيق صالح مجهد مدير الخدمات الطبية وعضو لجنة المحافظة للحزب الإشتراكي اليمني .

الأثنين نيسان 30 ابريل

يوم عمل عادي . إتصالات مكثفة لإقامة معرض الحزب والإشتراك في إحتفالات الأول من مايو . وصلني الرفاق ابو علي وابو زمان ظهرا وقمنا بنقل مستلزمات المعرض الى صالة العرض وهي قاعة المركز الثقافي في عتق . افتتحنا المعرض حوالي الساعة الخامسة والنصف ، بعد ان مهدنا له بالدعاية في المدينة عبر مكبرات الصوت ، وكان الإقبال جيدا .نسقنا نحن الثلاثة فيما بيننا عملية شرح سياسة وبرامج حزبنا للزائرين ، كما أوضحنا لهم طبيعة الصراع مع البعث العراقي وكذلك شراسة الهجمة التي يشنها البعث ضد حزبنا . قمنا بتوزيع بعض الكارتات والكراريس التي صدرت بالمناسبة . في الساعة السابعة مساءا حضرنا والرفاق اليمانيون الحفل الخطابي والفني الذي أقامه إتحاد نقابات العمال في المحافظة بمناسبة الأول من مايو على قاعة السينما في عتق .ألقى الرفيق ابو علي كلمة حزبنا بهذه المناسبة تطرق فيها الى المناسبة وكذلك أشاد بدور الحزب الإشتراكي اليمني و دوره الطليعي ، وتطرق الى ذكرى تأسيس حزبنا وعن حملةالإرهاب في العراق ضده ، كما تطرقت كلمته الى القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العربية والدولية . وتضمن الحفل الفني فعاليات غنائية وتمثيلية لطيفة ، وإنتهى حوالي العاشرة ليلأ .
وصلتني في الصباح رزمة بكتابين طبيين من أم ظفر ، كما وصلتني رسائل من أبو بشرى وعبد الرزاق شاكر ورسالة من جوشن و أرسل معها شريطين كاسيت لحفلة الحزب في عدن بمناسبة الذكرى 45 مع بعض النشرات التي تخص الحزب .

الثلاثاء ايار 1 مايو 1979

قضينا الوقت من العاشرة صباحا حتى الثانية عشرة ظهراً ومن الخامسة حتى السابعة مساءً في المعرض الذي أقمناه امس وبنفس النهج . كان إقبال المواطنين اليمانيين و إصغائهم لشرحنا جيد . في الليل زارنا الرفيق علي مركدة ، سكرتير اللجنة الحزبية للمديرية الوسطى مع مأمور المديرية . كان الأول شابا ذكيا قضى سنتين دورة حزبية في كوبا وحدثنا عن إنطباعاته عن كوبا كاسترو . جلب الأثنان معهما صندوق من البيرة (اليمانيون يشربون البيرة بإفراط كبير )
قضينا الليل معهم ( انا والرفاق ابو علي وابو زمان ) وجرت بيننا احاديث سياسية متنوعة حول وضع حزبنا لعبتُ الشطرنج مع علي مركدة وغلبته . تركتُ المجموعة حوالي الحادية عشرة ليلأ وآويتُ الى الفراش لشعوري بالتعب .

الأربعاء ايار2 مايو

غادرتُ حوالي السابعة صباحا الى نصاب واصطحبتُ معي ممرضة ، مساعد طبيب ومساعد مختبر . ولحقني الرفاق ابو علي وابو زمان برفقة الرفيق علي مركدة باشرتُ الدوام في مستوصف نصاب . كان عدد المراجعين يفوق ما كان عليه في المرة السابقة ، أغلبهم من النساء . تناولت الغداء مع الرفاق ابو علي وابو زمان ، بعدها غادرنا نحن الثلاثة الى عتق ، ووصلناها حوالي الرابعة مساءً . قمنا بلإستحمام وبعدها ذهبنا الى المعرض من الخامسة الى السابعة مساءً ، كان الإقبال جيدا وخاصة المنظمات الحزبية للجيش .
حوالي الساعة الثانية عشرة ليلا، وبينما كنا نائمين ، كان هناك طرقا على الباب وفوجئنا باحد الأخوة اليمانيين يخبرنا بوصول الفرقة الفنية لحزبنا من عدن برفقة الرفيق هادي احمد ناصر (كان قد وعدني بجلب الفرقة ) . كان المقرر أن يتم تسكينهم في قصر الشعب . لقد كان لقائنا معهم حارا الى ابعد الحدود ( حميد البصري وزوجته شوقية العطار وطفلهما اور ، فؤاد سالم ، سامي كمال ، كمال السيد ، ابو شمس ، ثائرة ، نزار، وفائز ) . غادروا معنا الى بيتنا وقد جلبتُ لهم افرشة من المستشفى وسهرنا حتى الثالثة صباحا . كانت ليلة رائعة .كان الرفاق يشكون من .الطريق فقد ( ضعضعهم وطلّع دهنهم تماما )
سلمني الرفيق حميد البصري رسالة من الأخ نبيل الأطلسي من انكلترا كانت قد وصلتني على عنوان فندق الأمبسادور .

الخميس ايار 3 مايو

عملنا الفطور للرفاق الفنانين . بدأتُ العمل متأخر في المستشفى عملوا جولة في عتق وبعدها حوالي العاشرة صباحا غادر الرفاق الى مدينة الصعيد وعادوا في الثانية والنصف ، ثم جلب لنا الرفاق اليمانيون الغداء ( خروف وتمن وسوب ) وكان الغداء رائعاً . في المساء جائنا الرفيق علي عوض النجار واحد الرفاق اليمانيون للإتفاق على برنامج الحفلة ( 20 اغنية سياسية وعاطفية فردية وجماعية ) وقد اُقيمت الحفلة على قاعة السينما في عتق وقد إكتظت القاعة بالحضور . نالت الحفلة إستحسان الجميع رغم رداءة الميكروفونات . وحضر الحفلة أعضاء لجنة المحافظة للحزب والرفاق الفلسطينيين وانتهت حوالي التاسعة والنصف مساءً .
عدنا الى البيت وعملنا العشاء وسهرنا نواصل الحديث. اجتمعتُ والرفيق ابو علي وابو زمان بالرفيق حميد البصري الذي قام بنقل تقرير الحزب حول الأوضاع في الداخل ، وكان إستنتاج الحزب بأن العلاقة مع البعث أصبحت مستحيلة .

الجمعة ايار 4 مايو

بعد ان تناول الرفاق الفطور ، قام الرفيق سامي كمال بإلتقاط الصور لنا ( فردية وجماعية ) وقد لبستُ الفوطة ( الوزرة ) واليشماغ الأحمر . غادرنا الرفاق الفنانون الى عدن حوالي التاسعة صباحا بعد توديع حار قاموا بشراء كمية كبيرة من البصل . كان الفنان فؤاد سالم متعباً جداً بسبب الأرق المتواصل وإلتهاب حنجرته ، وإنعكس ذلك على بعض تصرفاته .

السبت ايار 5 مايو

غادر الرفاق ابو علي وابو زمان الى نصاب حوالي الحادية عشرة مساءا واخذوا معهما معرض الحزب لعرضه في نصاب . يوم عمل مزدحم . في المساء زارني الرفاق علي ( مسؤول المديرية الوسطى ) ونائب مأمور الصعيد ودار الحديث أثناء تناول الشاي أحاديث حول سياسة حزبنا السابقة والحالية . وقد أكدّ الرفيق علي انه بالرغم من قلة عددنا كشيوعيين عراقيين في المحافظة الرابعة ( ثلاثة فقط ) ، إستطعنا وفي فترة زمنية قصيرة تعريف المواطنين هنا وبشكل جيد ولأول مرة بالحزب الشيوعي العراقي ونضالاته، وقد كان نشاطنا السياسي مقرونا بنشاطنا الممتاز في مجال عملنا مما اكسبنا إصغاء الناس وإهتمامهم الجدي بما نطرحه من مبادرات سياسية .
قراءة في كتاب طبي عن الأطفال . إنصات الى الأخبار وقد سمعتُ من إذاعة لندن حوالي الحادية عشرة إلا ربعا خبراًعن العراق بصدور مرسوم جمهوري بإعفاء الرفيق مكرم الطالباني من منصبه كوزيرللري وقد أعفي قبله الرفيق عامر عبد الله من منصبه كوزير للدولة وبذلك يكون البعثيون قد أكملوا جولتهم مع حزبنا وفضحوا أنفسهم أمام العالم كإنتهازيين في سياستهم وتحالفاتهم .
وصلتني رسالة من الدكتورة مها محمد جاسم من العراق تخبرني فيها بفرحها لوصول رسالتي لها والإطمئنان على أحوالي .

الأحد ايار 6 مايو

يوم عمل عادي . قمتُ بتوليد إمرأة في المستشفى بشكل كامل وكانت بنتا بصحة جيدة وهذا افرحني حقاً. عملنا إجتماع للمجلس الإداري في المستشفى لمدة ثلاث ساعات ، ناقشنا فيه مختلف القضايا التي تهم المستشفى وخرجنا منه بحلول . إنصات الى الأخبار . قراءة في كتاب طبي عن الأطفال .

الإثنين ايار 7مايو

قمتُ ولمدة ثلاث ساعات في الصباح بتفتيش المحلات العامة (المقاهي والمطاعم ) وظهر لي بأن أصحاب المحلات قد إستجابوا للشروط الصحية التي وضعناها لهم الى حدٍ ما . إنشغلتُ بأداء بعض الأعمال في المستشفى . علمتُ برقيا بقرب وصول وزير الصحة الى المحافظة لتفقد أوضاعها الصحية . نمتُ وقت الظهيرة نوماً عميقاً ، خرجتُ بعدها أتجول في المدينة لبعض الوقت . . طبختُ للعشاء قليل من التمن مع تشريب " ، وكان عشائي مع الرقي الذي إشتريته في الصباح رائعاً.
قراءات في صحيفة النداء والثوري ومجلة الحرية .كما جلب لي الرفاق اليمانيين العدد الخامس من الفكر الجديد الذي صدر بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي وكانت فرحتي به كبيرة لأنه كان عدداً ممتازاً. وصلتني رسالة من الرفيق عودة ناجي من عدن وكذلك رسالة للرفيق ابو علي من العراق .
حوالي الساعة التاسعة ليلأ بعث لي الرفاق اليمنيون بوفد من خمسة أفراد يمثلون وزارات مختلفة وهو طليعة وفد رئيس الوزراء الرفيق علي ناصر محمد ، الذي سيقوم بزيارة المحافظة خلال اليومين القادمين لغرض إسكانهم معي في البيت . وكان الوفد مكون من مدير المواصلات في وزارة الإنشاءات ، سكرتير المستشفيات الريفية في وزارة الصحة ، مدير التخطيط في وزارة الثروة السمكية ومدير التخطيط في وزارة التربية .وقبلتُ إسكانهم معي رغم أني شعرتُ بإضطراب في روتين حياتي .

الثلاثاء ايار 8 مايو

يوم عمل عادي . إجتماع مع لجان الدفاع الشعبي في عتق مع المسؤول الحزبي للمدينة الرفيق علي الناصري لترتيب حملة طوعية لتنظيف المدينة يوم السبت القادم والتخلص من الحمير والبقر التي تتجول في شوارع المدينة . تمّ الإتفاق على الخطة وتوفير السيارات لنقل القمامة وغيرها من الأمور .
احاديث مع الرفاق اليمنيين الوافدين حول الإرهاب في العراق وحول تجربة اليمن الديمقراطية ، وكانت أحاديث جادة وعلمية . إنسجمتُ مع الرفاق وتخلصتُ من حالة الضيق التي أصابتني يوم أمس عند مجيئهم . كانوا مثقفين ولطفاء . في المساء زارني الرفيق هادي احمد ناصر .

الأربعاء ايار 9 مايو

يوم عمل عادي . وصول الرفيق علي ناصر محمد الى عتق حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا مع وفد حزبي ووزاري كبير. لم اكن ضمن المشاركين في إستقباله لإنشغالي في المستشفى .
الساعة الثانية ظهراً زارني الأخ عبد الله بكير وزير الصحة ووزير الإنشاءات وقد إستحموا في حمام البيت . ودار بيننا نقاش حول الأمور الصحية في المحافظة ، وغادرا حوالي الثالثة بعد الظهر لأنهم سيغادرون مع رئيس الوزراء والوفد المرافق له الى مدينة نصاب ليلأ .

الأثنين ايار 14 مايو

يوم عمل عادي . قمنا بتنظيف البيت إستعدادا لإستقبال الرفاق الألمان والسوفيت ( المحاضرون في الدعاة السياسيين) .
البيت اصبح زاهياً. حددنا وجهات النقاش الذي سيدور معهم ومع الرفاق اليمنيين الذين سيحضرون معهم . حوالي الثامنة مساءً إستقبلنا الرفيق المحاضر الألماني مع مترجمه والرفيق هادي احمد ناصر وعدد آخر من الرفاق اليمنيين .إبتدأت الجلسة ببعض النكات الطريفة وأغلبها سياسية ، ثم أعقب ذلك نقاش سياسي واسع حول الأوضاع في العراق وحول سياسة حزبنا وإنحراف البعث . كما دار النقاش حول تجربة اليمن وخرجنا من النقاش ببعض الإستنتاجات الهامة مع التأكيدعلى صحة سياسة حزبنا ومشاعر التضامن معه والإستنكار للحملة الأرهابية التي يقوم بها البعثيون ضد رفاقنا . إنتهت الجلسة حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً. ودعناهم بحرارة على امل إجراء لقاءات اخرى. دار بيننا ( انا وابو علي وابو زمان ) حوار حاد ، سيطرت عليه عصبية ابو زمان المعتادة وذاتيته في طرح الإستنتاجات .

الأربعاء ايار 16 مايو 1979

يوم عمل شاق في نصاب . بعد إنتهاء الدوام غادرتُ والرفاق ابو علي وابو زمان الى عتق ووصلناها الساعة الثانية بعد الظهر . عملنا وتناولنا الغداء ، بعدها نمنا نوما عميقا لمدة ثلاث ساعات. عملنا العشاء ( تشريب وتمن ) .


يتبع



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لك تنحني الجبال من خواطر ابي ظفر 6
- لك تنحني الجبال ابو ظفر الانسان 5
- لك تنحني الجبال تواضع الشجعان
- لك تنحني الجبال البحث عن المعرفة
- لك تنحني الجبال شذرات من حياته
- لك تنحني الجبال
- ابا ظفر .. في ذكرى ميلادك
- الذكرى الخامسة والثلاثون لاستشهاد الدكتور ابو ظفر
- أبا ظفر .. أنت قصيدة الحياة
- حكاية حب
- أبا ظفر .. تركت بصمتك في سجل المجد والخلود
- مدينة الثقافة الثقافة في قلب المدينة
- الهدف واحد
- عالم جين اوستن
- نموذج رائع
- سجينة الماضي
- أقوال أعجبتني
- ثلاثة وثلاثون عاما على اغتيال انديرا غاندي
- أهالي قضاء عفك.. مبادرة رائعة
- الذكرى الثالثة والثلاثون لاستشهاد الدكتور ابو ظفر


المزيد.....




- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - بلقيس الربيعي - كتاب لك تنحني الجبال من يوميات ابي ظفر