أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - بلقيس الربيعي - لك تنحني الجبال من خواطر ابي ظفر 6















المزيد.....


لك تنحني الجبال من خواطر ابي ظفر 6


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 6556 - 2020 / 5 / 6 - 11:07
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


6



من خواطر ابي ظفر



خاطرة ( 1 )

هل هناك ضرورة من أن اموت وغداً عيد ، أم هو عقاب ، ولكن لمَ ؟
عامل الفرن بلباسه المكون من فانيلة ممزقة ملطخة ببقع سوداء من السخام وبنطلونه المغبر ، يلتمع تحت الضوء الضعيف ببريق صديء
عدد كبير من الأطفال والنساء إفترشن ارض الرصيف المحاذي للفرن .. صخب وأصوات ترتفع ، وكل واحدة تضع أمامها صينيتها المملؤة بحلوى العيد وقد عملت منها اشكالأ مختلفة ساذجة ..
عامل الفرن وهو يمسك بخشبة طويلة يُدخل بها صواني الحلوى الى كوة الفرن ويُخرج اخرى ، دائم الحركة يوميء برأسه بين لحظة واخرى جوابا لإمرأة تسأل عن حلواها واخرى تصيح به متى يأتي دورها .
الواحدة تجادل الأخرى مفاخرة بأنها أضافت كمية كبيرة من الدهن أو السكر أو انها طعمتها باللوز والجوز ...

خاطرة ( 2 )

الإنسان الصادق ليس إلا إنسانأ ينسجم فيه افعاله واقواله مع ما يؤمن به ويعتقد فيه من مباديء وأفكار وقيم وتقاليد . ويمكن لنا أن نسمي هذا النوع من الصدق بالصدق الذاتي وهو لا يُتخذ كمقياس للصدق لأن قد تكون المباديء والأفكار والقيم والتقاليد التي يؤمن ويعتقد بها ذلك الفرد والأقوال والأفعال التي يؤتى بها إستنادا الى إيمانه ذاك تكون مخالفة للواقع الإجتماعي والمحيط ، ولكن هذا الصدق يتطلب الإتيان به بشجاعة نادرة وهو ينطوي على خطر جسيم أي انه بشكل عام قد يتعارض مع المصلحة الخاصة للفرد . أما ما نسميه بالصدق الموضوعي فهو في واقعنا الإجتماعي الحاضر يشطر شخصية الإنسان ويتطلب إزدواجيته بقول وفعل قد يخالف إيمان ومعتقدات الفرد ، لكنه ينسجم مع ذلك الواقع والمصلحة الخاصة للفرد في هذا النوع من الصدق مضمونة وهو لا يتطلب شجاعة ولا يتضمن خطرا .

خاطرة ( 3 )

إن إمتلاك القوة لا يعني بالضرورة إستخدامها في كل حين ومناسبة ، بسبب أو بدون سبب ، فهي في هذه الحالة تفقد مبررات إمتلاك ومنطق إستخدامها وتتحول الى قوة غاشمة ومن واجب الذي يقع عليه ضررها مقاومتها وردعها بكل السبل والوسائل .
اسوق من هذه المقدمة الموجزة كمفهوم بسيط لتقييم طبيعة العلاقات الوظيفية في مرافق ومؤسسات الدولة ، فإذا كنا ندرك أن القوانين التي تسنها الدولة لتنظيم العلاقات بين الأفراد المنتمين اليها وحمايتهم ليست إنعكاسا وتنفيذا لإرادة الطبقة الإجتماعية المسيطرة وإن تغيير هذه القوانين يمتاز بالبطء نسبة الى تغيير موازين القوى في المجتمع من علاقات إنتاج وقوى منتجة وان هذه القوانين تصبح عوامل محبطة وكابحة لنشاط القوى الإجتماعية الجديدة والممثلة لوضع مادي موضوعي جديد وإن هذه القوانين تصبح الورقة التي تلعب عليها القوى الرجعية والمعادية للتقدم في المجتمع أملاً منها في إرجاع عجلة التقدم الى الوراء لتعود اليها إمتيازاتها ، أقول إذا كنا ندرك ذلك ، وجب على كل القوى الخيرة والتقدمية أن تتعامل مع هذه القوانين بحذر شديد. وإذا كانت الظروف الموضوعية في المجتمع لا تسمح بتغيير بعضها كاملة والتصدي للبعض منها في المرحلة الراهنة بما يتلائم وطبيعة درجة النضوج الحاصلة في موازين القوى الإجتماعية . لكن علينا كتقدميين تقع مهمة إغناء هذه القوانين بمضامين تقدمية من خلال الممارسة والتسلكات اليومية .

إن القوانين الإدارية القديمة التي تنظم العلاقة بين رئيس الدائرة ومرؤسيه وبقية المواطنين أصحاب العلاقة بدائرته أعطته صلاحيات واسعة في إنزال العقوبات بالآخرين وبشكل تعسفي طبقأ للمفاهيم الرجعية السائدة من قبل ، وحرمت في الوقت نفسه الآخرين حتى من حق الدفاع إتجاهه وأصبحت حقوق موظفي الدائرة وكرامتهم تعلو وتهبط وفقأ للمزاج الشخصي لرئيسهم وهذا هو جوهر البيروقراطية التي لايزال يحن اليها البعض ممن فقدوا إمتيازاتهم الوظيفية في الوقت الحاضر والتي لايزال يمارسها البعض تحت ستار من الحجج الواهية .
إن السلطة الوطنية والتقدمية سنّت وتسن العديد من القوانين لحماية المواطنين من ظلم وتعسف البيروقراطين، لكن رغم ذلك لايزال في طريقها الكثير والكثير لتطهير الجهاز الإداري من رجعيته .
إن العقوبة الإنضباطية في جوهرها وُجدت لتصحيح مسار البعض من العاملين في الدوائر والمؤسسات الحكومية حينما تصدر عنهم مخالفات بحق المصلحة العامة ولم توجد كسلاح بيد مسؤول دائرة ما يشهره في كل حين بوجه مرؤسيه تحقيقأ لنزوات إنتقامية أو تعويضأ لضعف يعاني منه ذلك المسؤول في تركيب شخصيته ، أو أن هناك إختلافاً في طبيعة الإنتماءات السياسية لكل من رئيس الدائرة ومرؤوسيه أو لإسباب اخرى غير عادلة ولا هي منسجمة مع الوضع الديمقراطي الذي تنادي به السلطة الوطنية وتحاول إشاعته في البلد والذي يجب ان يجد طريقه وإنعكاساته في دوائر ومؤسسات الدولة . ومن المفترض وإنسجامأ مع طبيعة المرحلة أن يشيع الجو الديمقراطي الأخوي بين رئيس الدائرة وموظفيه وأن يسمح بحرية إبداء الرأي حول طبيعة الدائرة وأن تشجع المبادرات التي يبديها البعض بغض النظر عن اي إنتماء سياسي ، إذا كان فيها مصلحة الجميع .إن سوء إستخدام السلطة الممنوحة لرئيس دائرة ما يخلق أوضاعأ متوترة بين العاملين فيها وينعكس بلا ادنى شك على طبيعة الخدمة الإجتماعية التي تؤديها .

إن الدائرة أو المؤسسة التي تضم عددأ من المواطنين كموظفين أو كعاملين فيها هم ايضاً لهم حقوقهم وكرامتهم والتي يجب حفظها وصيانتها ولا يجب أن يُنظر لهم كآلآت مُطالبة في تقديم الخدمة للآخرين بغض النظر عن كل إعتبار آخر . إن ذلك لم يشجع على العمل ولن يحببه الى قلوب القائمين عليه ، بل يصبح واجبأ ثقيلأ..ويصبح مكان عملهم سجنأ ثقيلأ يودون التخلص منه في كل لحظة .
إن القوانين التي تنظم علاقة رئيس المؤسسة أو الدائرة بمرؤسيه قد يفرض عليهم الطاعة اتجاهه ولكنها لا تستطيع أن تفرض الإحترام والإحترام المتبادل .

خاطرة ( 4 )

رسالة الى ظفر 8 ـ 7 ـ 1975

إيه ظفر حبيبتي ...
صورتكِ امامي .... فرح يغمرني ينطلق على وجهي إبتسامة ودموع تترقرق في مقلتي ... وحزن كبير يمور في أعماق نفسي يوميء بين لحظة واخرى بعبرات مختنقة وإكتئاب شديد .
الفرح ...
كبرتِ .. وكبرت معكِ الإبتسامة وتعالى ضحككِ وانطلقت منكِ الكلمات الأولى ... بابا ... ماما . حبوتِ ... ثم بتعثر كبرت خطواتكِ .. بهدوء تشاكسين .
الحزن ...
ولدتِ في الألم .
إيه ظفر صغيرتي ، اي عالم أتيتِ اليه دونما إختيار منكِ ولا رغبة ... إنه عالم الضعفاء .. عالم الجبناء .. الحق فيه باطل والشجاع مدحور .
إنها المأساة يا ظفر .. تتكرر منذ الأزل . هل هناك (بد ) ترنو اليه هذه المأساة ؟....مأساتنا إننا لا نستطيع الجواب على هذا السؤال .
ويجب ان تعيشي كما عاش ابوكِ وامكِ من قبل . يمكن أن تعيشي بيسر اكثر منا ، ولكن هناك الم .. وليس من جواب على السؤال الأبدي .

خاطرة (5)

البطالة تحوًل كل مكان الى مقهى للثرثرة ، وكل شيء الى مادة للنقاش دونما عناء كبير في مجتمع يسود فيه الإستغلال وتنعدم فيه الديمقراطية ، يكون فيه معيار القيم الأخلاقية هو الأنانية وحب المصلحة الشخصية لا تتطابق فيه القيم فيما تعنيه أصالة مع واقع الممارسة ، فالشرف ، الشهامة والكرم والصدق وغيرها من القيم تصبح ألفاظا تُطلق بسهولة لا تتفق ابدا مع مواصفاتها وعليه ففي مجتمع كهذا لا يعني إمتلاك الحق إقتناع الآخرين به بل يجب أن يمتلك صاحب الحق القدرة والوسائل لإفهام ألآخرين بحقهم وألا ضاع حقه حتى وإن كان أسطع من نور الشمس .

خاطرة(6)

أضلاعي تتحطم تعتصر قلبي بقسوة القوة الغاشمة التي تضغطني ، ولكن قلبي لايزال حيأ ينبض بعنف . إذن لن يموت الحب ولن تموت الكلمة الشريفة في أعماقي مادام قلبي ينبض . الدم يسري في عروقي يبعث الدفء والفتوة والتصميم في ارجاء روحي .. لستُ وحدي ولن اكون وحدي .. إني اراهم . غيري تحترق قلوبهم من اجل ان تبقى الحقيقة ابدا واضحة تنير درب المظلومين نحو الشمس … ولن يحزنني أن أرى المنافقين يضحكون مني ومن غيري من شرفاتهم العالية ، ، لأن قلوبنا للناس ، للحب وللحياة الخيرة …

خاطرة ( 7) 29 ـ 11 ـ 1973

إن التقدمية لا تبتعد عن الفكر قدر ماتقترب من الممارسة وليس العكس صحيحا ، بل هي ولكي تحقق إقترابها من الحقيقة الموضوعية ، لابد لها من توفر الشرط الأساسي الا وهو الوحدة والتجانس بين الفكر والممارسة ، اي لتحقيق هدف ما تستلزم وطبقا لهذا المفهوم شرف الوسيلة ونبل الهدف . ولتحقيق هدف نبيل أو لجعل مبدأ من المباديء أمراً واقعا لا يجب التخلي أبداً عن الوسائل الشريفة والسير في مسالك الغش والخداع مهما تكن الأسباب والظروف المحيطة ، لأن ذلك بالتدريج ينحرف بالهدف عن أصالته وطبيعته النبيلة وتصبح تفرعات تلك الطرق الملتوية هي الهدف ، يسقط بعدها الفكر في متاهات الدجل والباطل .

قد يُقال وهذا مفهوم شائع ان الأخلاق نسبية في تحققها تختلف تبعا للمكان والزمان . فما يكون أخلاقيا لجماعة من الناس في زمن معين ، يصبح لا أخلاقيا لنفس الجماعة في زمن آخر ، وما يكون أخلاقيا لجماعة من الناس في مكان ما يكون غير أخلاقي لجماعة اخرى في مكان آخر ...
لكن هذا المفهوم يعتمد في صحته الى حد كبير في عدم تعارضه مع المفهوم العام للأخلاق .
فروح هذا المفهوم ترمي الى ضبط سلوكية الناس وتهذيبها وجعل أفكار الأفراد وممارساتهم تتجه الى خير الجماعة وسعادتها.وهذا المفهوم بما يرمي الى تحقيقه هو جزء من الحقيقة الموضوعية والتقدمية هي في معناها البعد العملي لهذا المفهوم .

خاطرة ( 8 )

مقياس النجاح والفشل في نظري ليس في حاصل الجمع والطرح للمغانم والإمتيازات وللخسائر التي يتعرض لها إنسان في مسيرة حياته مهما طالت به تلك المسيرة ، بل هو مقدار الجهد المخلص المبذول لتحويل المباديء والمُثل الشريفة خبزأ للفقراء من الناس لغرض إسعادهم ...
إن مثالية تلك المباديء ليست نابعة من قوى عجيبة مقطوعة الجذور عن الواقع ، بل هي تنبع من صميم ذلك الواقع الموضوعي وما شروط تغييره الى واقع افضل ... ومدى ما يتحقق من ذلك هو النجاح الحقيقي ، بل ان السير في طريق تحقيق تلك الأهداف نجاح بحد ذاته ...
ومن هنا فالفشل هو بالإبتعاد عن ذلك الطريق الصاعد نحو السعادة الحقيقية .

خاطرة ( 9 )

إن العقيدة هي اعلى درجة من درجات الإيمان وهي تصبح بالنسبة لمعتنقيها شرطأ من شروط وجوده الروحي ، ولتحقيقها فإنه يضحي بحياته رخيصة . والناس في ذلك نوعين ، منهم من يعتقد بفكر ما عن وعي وإدراك لأبعاد ذلك الفكر و ما يرمي الى تحقيقه وما يتطلب ذلك من تضحيات وهولاء هم الذين بهم يتأكد وجود تلك الحقيقة وبهم تتجدد وتغتني .

أما النوع الآخر فهم الذين يعتقدون بفكرة ما ولكن لأسباب غير واعية ، كأن وُلدوا لآباء أو لجماعة من الناس تدين بتلك العقيدة وبهولاء تموت العقيدة وتنتهي .
لكن في كلتا الحالتين لا يمكن إكراه إنسان على الإيمان بعقيدة ما ومن ثم الإطمئنان الى ذلك الأنسان من حيث إستعداده للبذل والتضحية في سبيل ( عقيدته )، كما لا يمكن الإطمئنان الى إنسان أُ تبع معه أُسلوب الترغيب الرخيص ومكافأته بالإمتيازات التافهة لجعله يعتقد بفكر ما .
فالعقيد لا تنتشر ولا يتأكد وجودها وأصالة جوهرها بكثرة عدد معتنقيها ، بل بصلابة وعيهم وإستعدادهم الدائم للتضحية والعطاء الزاخر وإن قلّ عددهم .

والإنسان الذي يحاول أن يفرض معتقده على غيره من الناس بقوة مركزه في الحياة أو نتيجة لحوزته أسباب معيشتهم لا بقوة عقيدته وأصالة الفكر الذي تنشأعليه ، هو إنسان غير عقائدي أساسأ أو أن عقيدته تحتوي في نواتها شيء للمجتمع و للإنسانية وشواهد التأريخ كثيرة وتدل على فشل تلك العقائد وإندثارها حيث لم يبقى منها إلا ذكرى لممارسات شريرة تبعث الألم في الضمير الإنساني .

خاطرة ( 10 ) ( 20 ـ 12 ـ 1974 )

إستنادأ الى التحليل الماركسي والنظرة الماركسية الشمولية ، فإننا عند توجهنا الى نقد وتحليل الأخلاق والقيم السائدة في مجتمعنا ، فأول الأشياء الواجب وضعها أمام أعيننا هو أن تلك الأخلاق والقيم لا يمكن إعطائها صفة الأخلاق ، فهي نسبية ونسبيتها تأتي من كونها إفراز لطبيعة الإنتاج وعلاقات الإنتاج في المجتمع .
إن قصور الوعي الطبقي للأفراد هو الذي يمنحها شكلها المطلق المزعوم . فالفرد يأتي الى الحياة لا يمتلك إلا غرائز بسيطة تحفظ له إستمرارية العيش ، وكونه كائن إجتماعي ، يبدأ منذ نعومة أظفاره يتلقى مكونات وعيه وإدراكه من الإيماءات الإجتماعية المتكررة والمتمثلة في البيت ، المدرسة ، الشارع والحياة العامة ثم يبدأ بتكوين مفاهيمه وإدراكاته التي هي إنعكاس أو صورة للمفاهيم والإدراكات السائدة في المجتمع وتبقى تلك الصورة من الوعي ملازمة له حتى موته .

خاطرة ( 11 ) ( 10 ـ 9 ـ 1975 )

بالقدر الذي يزيد فيه المعلوم وينقص فيه المجهول من الضرورة الموضوعية في الوعي البشري ، يقل فيه خوف الأنسان وتتضائل خشيته مما يضمره له المستقبل وبذلك تتسع حريته وتتعمق ... فالحرية إذن في التخلص من الخوف أو السيطرة عليه وهذا لا يتم إلا بالفهم الحقيقي للضرورة الموضوعية .

خاطرة ( 12 ) ( 15 ـ 9 ـ 1975 )

بمناسبة عرض فلم ( اريد ان اعيش )على شاشة التلفزيون ضمن برنامج السينما والناس تمثيل سوزان هيورا لليلة 14ـ 9 ـ 1975
إن الإنسان في مجتمع يسود فيه الإستغلال ويصبح الربح اساسأ للعلاقات الإجتماعية وتنحط فيه القيم الأخلاقية ،إن هذاالأنسان لكي يحافظ ويحتفظ بإنسانيته وسط هذه الفوضى الإجتماعية لابد له من أن يتمتع بقدر كبير جدا من الشجاعة ، وعلى الأخص إذا كانت الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية المحيطة به ليست في صالحه ، بل على العكس من ذلك فهي قد تكون ضاغطة رادعة لرغباته في العيش بكرامة ويسر . هذا الإنسان يبقى متهمأ من مولده حتى مماته ومختارا دائما لأن يكون الضحية .
نعم ضحية ... إنها مأساة هذا المجتمع .. أن يدفع الإنسان لأن يكون ضحية ، كبش فداء لهذا الإستغلال السائد متنفسأ لهذا الغضب الذي يمور داخل هذا المجتمع ، ولكنه متنفس رخيص .
بربارا الفتاة الجميلة إبنة امها ذات الماضي العريق في الدعارة والسجل الملطخ بالممارسات اللاخلاقية.. إبنة الأوضاع المعاشية المتردية غير الإنسانية الدافعة لها لأن تتحول الى كلب ... قط .. ذئب لكي تعيش ولكي تحصل على لقمة العيش ، لكي ترفع اصبع الإتهام الموجه اليها من هذا المجتمع الظالم .. فهي على إستعداد لأن تفعل اي شيء لكي تُشعره بقوة موقفها . إنها تتطاول على المجتمع في نواة إستغلاله

خاطرة ( 13 )

قوة عمل المومس تتكون بشكل أساسي من المتعة الجنسية التي تقدمها لمن يرغب بذلك ويقدم لها تعويضا ماديا بشكل نقدي أو عيني ، وهي في الوقت الذي تمتلك فيه وسيلة الإنتاج ( إنتاج المتعة الجنسية ) تفتقر الى الوسائل المادية لإدامة الحياة اي الى الثروة التي يمتلكها الرجل .
إذن فنحنُ امام شكل مزدوج من الإستغلال ، فهي من جهة مستغلة من قبل المجتمع الذي يدفعها الى ممارسة البغاء صمام الأمان لمشاكله الجنسية الناتجة من وضع شديد الإستغلال ، وهي من الجهة الأخرى مُستغلة من قبل الرجل بحكم حوزتها على (فائض قيمة ) زائد عن حاجاتها المعاشية ، يتراكم في حوزتها على شكل نقد أو عقارات وهي في سبيل ذلك تضحي بصحتها ويقصر عمرها نتيجة ممارستها لعملية البغاء بشكل متواصل ومُرهق .

خاطرة ( 14 ) ( 25 ـ 5 ـ 1975 )

الإنتهازية جنين ينمو في أحشاء البيروقراطية . والبيروقراطي في رأيي هو شكل اساس الفرد الذي يجعل من علاقاته مع الآخرين ـ سواءأ الوظيفية منها أو العامة ـ محورا أو محاور يكون هو فيها دائما الطرف الأقوى ، الطرف المتسلط ... مستخدما كل وسيلة ممكنة بين يديه ومتحايلأ لإمتلاك وسائل اخرى في سبيل تأكيد هذا التناسب غير المتكافئ في علاقاته دونما هدف سوى تركيز القوة لإشباع شهوة التسلط والتحكم بالآخرين .
هذا الوضع يقود الى الإنتهازية في كلا طرفي العلاقة . فعلى الطرف الذي يمثل فيه البيروقراطي القطب الأساس تقود الرغبة في إشباع اقصى ما يمكن من شهوة التسلط الى الرغبة في إمتلاك اكبر ما يمكن من وسائل القوة وإشباعها، وبما أن طاقة الفرد في لحظة معينة محدودة ومحكومة بشروط موضوعية قاهرة ، يلجأ البيروقراطي الى وسائل تحايلية متملقأ تارةً أو مهاجماً تارةً اخرى منتهزا الفرص ومستخدماأاخس الأساليب في سبيل الحصول على موقع قدم أعلى في السلم الإجتماعي . أما على الجانب الأضعف من طرفي هذه العلاقة فإن إفتقاد الآخر لإمكانية الرد أو لضعف هذه الإمكانية مضافأ لها قصور في وعيه لهذه العلاقة وللظروف الموضوعية المخالفة لها والمساعدة على تأكيدها واستمراريتها ، كل ذلك يقود الفرد على هذا الطرف ومن الموقع الأضعف الى المداهنة والتملق وإظهار الإحترام والتبجيل دونما قناعة حقيقية بذلك .


خاطرة ( 15 ) الإستبداد

إن السلطة الأبوية في البيت هي نموذج صارخ لمجتمع التناقضات الطبقية الذي توجد فيه تلك العائلة .إن ظهور تقسيم العمل في المجتمع ظهر بظهور السلعة والملكية الخاصة ، وبالتالي لظهور التناقض الطبقي .
إن تقسيم العمل بين المرأة والرجل أوجدته الضرورة الموضوعية في بداية ظهور مجتمع الطبقات للتمايز في الإستعداد البدني للعمل بين الجنسين ومن طبيعة العمل الشاق الذي يتطلب إستعداد جسماني عالي ، دفع المرأة للأعمال المنزلية الخفيفة التي لا تتطلب سوى إستعداد بدني بسيط .
بالعمل وبالعمل تنمو قابليات الإنسان وتتطور ملكاته العقلية ، وما نعنيه هو العمل المنتج . وبما أن العمل المنزلي هو في تفصيلاته لا يعني إنتاجا بل روتيناً غبياً ، وعليه يمكننا أن نفسر تخلف المرأة بالنسبة للرجل فيما يخص المهارات والفكر بشكل عام .مع إتساع نطاق الإنتاج في العصر الحديث وبعد التقدم العلمي والتطور التكنيكي في الصناعة ، أصبح دخول المرأة مجال العمل الإنتاجي ضرورة حتمية نظرأ للحاجة الى أيدي عاملة والتيسر الذي حققه العلم في طبيعة العملية الإنتاجية ونحن نرى أمام أعيننا في الوقت الحاضر ما كنا عليه سابقا من العمل هوأساس الفكر وبشكل واضح في وضع المرأة بشكل عام .
في المجتمع الاشتراكي تنتفي الحاجة الى التقسيم الشديد للعمل بين المرأة والرجل نظرأ للتطور الحاصل في وسائل الإننتاج وبالتالي تصبح ممارسة الأعمال المنزلية مهمة الرجل والمرأة على السواء .ليس هناك حدود لقابليات المرأة ، وإذا كانت هناك مثل هذه الحدود فهي نسبية تماثل الحدود التي تحد الرجل .
إن الأخلاق المتدنية التي وُصفت بها المرأة على مدى التاريخ البشري ليست مطلقة بل هي نتاج وضعها الذي تعايشه والمتمثل بإستغلالها من قبل الرجل والمجتمع على السواء ، مما اوجد عندها شعورأ بالضعف غذاه الرجل بإستبداديته ودفعها ذلك الى إستغلال كل نقاط القوة عندها لمهاجمة نقاط الضعف عند الرجل وبشكل رئيسي إعتمادها على الدافع الجنسي .
تغيير الواقع الإقتصادي أو القاعدة التحتية لمجتمع ما ، يستبقه بالضرورة تغيير في البناء الفوقي المتمثل بالأفكار والقيم والعادات والتقاليد لذلك المجتمع ، وإن تأخر ذلك التغيير . ونفس الشيء ينطبق على وضع المرأة في المجتمع الإشتراكي ، فهي قد تحررت إقتصاديأ ، اوجب تحررها ثقافيأ وسياسيأ وفكريأ وتغيير نظرة المجتمع اليها ( تقاليد وعادات وقيم ) وهذا وإن تباطأ ، لكنه موجود وفي سبيل إكتمال غاياته .

عندما نحاول أن نجعل من تقّبل عدد كبير من الناس لفكرة أو عمل ما وتحمسهم وقناعتهم بصوابية وموضوعية تلك الفكرة أو ذلك العمل ، وعندما نحاول أن نجعل من تلك القناعة مقياس لحقيقة الأشياء المعينة ، فإننا نقع في خطأ ومخالفة للواقع الموضوعي . أي بمعنى آخر نجعل من شعبية الأشياء مقياس لحقيقتها بشكل دائم هو الخطأ بعينه . ولسنا في محاولتنا المتواضعة هنا نود أن ننبه الى ظاهرة إجتماعية متفشية بين اوساط كبيرة من الشعب وهي ظاهرة فساد الذوق الشعبي بالنسبة لكثير من الأمور . هذه الظاهرة هي طريقة الإحتفال بمناسبة ما من المناسبات .

خاطرة ( 16 )

دراسة الحاضر وإستخلاص أهم معطياته ومؤشراته والقيام بعملية تركيب دقيق لكل ما حصلنا عليه من معلومات لإكتشاف الخط الأساسي في حركة تطورنا ، بعدها يمكننا وبما نمتلكه من قوى ذاتية وظروف موضوعية نستطيع أن نوجه ذلك الخط الإتجاه الصحيح الصاعد المتسارع .

الذوق العام الذي افسدته العهود الرجعية السابقة في الوقت الذي ننشد فيه ثورة في الأخلاق وتغييرأ في العلاقات الإجتماعية في إتجاه تقدمي .
لقد إستاء كل مخلص وشريف أن يُلقى الأخ يحيى عباس السماوي في السجن نتيجة كتابته موضوعاً حول مدينة الألعاب في مدينة السماوة وفضحه أساليب الإستغلال التي تُتبع فيها ومستوى الإنحطاط الخلقي الذي لا يتماشى أبدأ مع أخلاق الثورة والثوار .
لذا فإننا نناشد المسؤولين وجميع الشرفاء النظر بإهتمام لهذا الموضوع ومنع تكرار مثل تلك المظاهر الفاسدة التي لا توجد إلا في المجتمعات الإستغلالية .

خاطرة ( 17 )

ما نعنيه بالثقافة هو مجموعة الأفكار والمفاهيم والمعلومات وكل ما يتعلق بالإنسان والطبيعة وماهية العلاقة بينهما عبر مراحل الزمن الثلاث الماضي والحاضر والمستقبل .

وبناءأ على هذا التعريف يكون المثقف هو ذلك الإنسان الذي يتكون تفكيره من تلك الأفكار والمفاهيم والمعلومات مضافأ اليها خبرته العامة التي تكّونها تجاربه السابقة والناتجة من إحتكاك مباشر بالواقع الملموس .
والمثقف أساسا يجب أن يكون ملتزمأ بقضايا الجماهير ، يتعرف على إحتياجاتها وإمكانياتها والطاقة المدخرة فيها ، ويعمل في ذات الوقت بالفكر وبالممارسة على الموازنة بين تلك الإمكانيات والإحتياجات مع ترتيب الأشياء بأولويات وثانويات حتى لا تستهلك طاقات الجماهير وتضيع هدرأ في مسالك غير مسالكها الطبيعية .
الجماهير تمتلك دائما الحس الثوري ، تختزنه في ذاتها وينطلق هذا الحس في وقت إشتداد الأزمات حركة ثورية تختلف في درجة تنظيمها تبعا للوعي السياسي والأيديولوجي الذي تمتلكه تلك الجماهير . وكثيرا ما يرافق تلك الحركات العفوية والتي إن لم تتوفر لها القيادة الحازمة الواعية ، فإن تلك الحركات تقود الى الهلاك وضياع فرص النجاح .
فمهمة المثقف هنا أن يجعل من إحتياجات الجماهير منطلقاً لفكره وعمله ومستهدياً بالنظرية العلمية في تطبيقاته ، وأن تكون تطلعات الجماهير الأساسية قائده وأن تكون الجماهير بتكتلاتها خلفه . أن يكون قائدا لتلك الجماهير بفكره لا أن تقوده الجماهير بعفويتها وفوضويتها .مهما يكون الحس الثوري عاليا لدى الجماهير إلا أن السذاجة في الممارسة تتغلب احيانا كثيرة وتنحرف بها عن اهدافها ، إن لم تتوفر لها القيادة الواعية والحازمة .
بغير ذلك لا يمكن أن نطلق صفة المثقف على اي كان مهما تكن درجة الثقافة التي يمتلكها . فهو إما أن يكون مجرد مخزن لمعلومات كثيرة أو أن يكون في ممارسته ضد حركة التاريخ وعاملا معرقلاً في طريق الجماهير .



يتبع



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لك تنحني الجبال ابو ظفر الانسان 5
- لك تنحني الجبال تواضع الشجعان
- لك تنحني الجبال البحث عن المعرفة
- لك تنحني الجبال شذرات من حياته
- لك تنحني الجبال
- ابا ظفر .. في ذكرى ميلادك
- الذكرى الخامسة والثلاثون لاستشهاد الدكتور ابو ظفر
- أبا ظفر .. أنت قصيدة الحياة
- حكاية حب
- أبا ظفر .. تركت بصمتك في سجل المجد والخلود
- مدينة الثقافة الثقافة في قلب المدينة
- الهدف واحد
- عالم جين اوستن
- نموذج رائع
- سجينة الماضي
- أقوال أعجبتني
- ثلاثة وثلاثون عاما على اغتيال انديرا غاندي
- أهالي قضاء عفك.. مبادرة رائعة
- الذكرى الثالثة والثلاثون لاستشهاد الدكتور ابو ظفر
- من روائع الامام علي بن أبي طالب


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - بلقيس الربيعي - لك تنحني الجبال من خواطر ابي ظفر 6