أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رولا حسينات - المارقون














المزيد.....

المارقون


رولا حسينات
(Rula Hessinat)


الحوار المتمدن-العدد: 6470 - 2020 / 1 / 21 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


قصص المخبولين وقصص الذين اختفوا كثرت وبقي الصمت يدور حول ما يخفيه التل، البيوت الملاصقة له أقرَّ أصحابها: أنَّ هناك بوابة تصل إلى ما تحته لكنهم رصفوها، ووضعوا كمًا هائلاً من الإسمنت عليها.
أما بيت الشيخ أحمد الملاصق للتل فقد كانت تسمع منه الفؤوس في هزيع الليل حتى عندما أُذن للفجر لم يصلِّ مع بقية المصلين كما اعتادوا، وعندما فرغوا من الصّلاة ذهبوا إلى بيته، كان الشيخ أحمد آخر ما يمكنهم أن يصدقوا عنه: "أنّه يبحث عن زينة الحياة الدنيا، لقد أوصاهم في خطبه العصماء يتعلقوا بها لأنها فانية...فانية تمامًا، وأنّها كالخرقة البالية التي تعافها النفس، وأنّ من المال والبنيين والأزواج ما هو عدو لكم فاحذروهم." لكنهم عندما عبروا حوش الدار تنادوا بالسلام، فلم يرد عليهم أحد، لا الشيخ أحمد ولا أحد من أولاده، بدا بيته خاليًا من البشر، ظلّ سيرهم باتجاه صوت الفأس الذي بدا واضحًا كلما كان اقترابهم، عندما نزلوا الحفرة الواحد تلو الآخر كانوا مشدوهين كما الشيخ أحمد الذي كانت دهشته أشد، ليست منهم بقدر ما كانت آخر طرقات لرأس الفأس طرقته الأخيرة كشفت عن بوابة حديدية ضخمة صلبة، ليس بها أيً أثر لمفتاح أو لموضع يد أو لأيّ شيء يمكن لهم أن يفتحوه بها، لقد كانت صماء تمامًا؛ الذي رأوه أمامهم أعجزهم جميعًا، فكروا كما فكر الشيخ أحمد بخلعه؛ تكاتفوا جميعهم وبدأوا يضربون الباب بأجسادهم، لقد كان أصمًا وكبيرًا، لم يحرك ساكنًا، بقوا على هذه الحال حتى بزغ الفجر، خشيتهم من أن يصيبهم ما أصاب المخبول خرجوا سراعًا دون أن ينبسوا بكلمة، غطوا الحفرة بقطعة كبيرة من الخشب ووضعوا أربعة من الحجارة الكبيرة عليها، نفضوا ثيابهم، وتفرقوا دون سلام وكأنهم يخبرون بعضهم: أنّ حفظهم لهذا السر يعني حياتهم.

في الليلة الثانية وقبل طلوع الفجر جاؤوا ثانية دون أن يتواعدوا، عندما أزالوا الصخور التي وضعوها أخذتهم الدهشة كما حدث للشيخ أحمد، لقد وجدوا الحفرة مغلقة تمامًا كالأرض الصلدة وكأنّ رأسها لم تطرق بفأس من قبل، إذًا ما الذي حفره ليلة أمس؟ لقد كان متأكدًا، وهذه الصخور، وقطعة الخشب خير دليل على ذلك، أوجس في نفسه خيفة، أخذوا يتابعون خطواته وهو يتمّ العد: أربعون، نعم هنا الحفرة. هذا الذي لن يجعله يشك في نفسه، هم فقط من يعلم بأمره حتى امرأته وأولاده لا يعلمون، لقد جعلهم يذهبون في زيارة إلى بيت جدهم في القرية البعيدة، لا يُعلم حتى موعد عودتهم، خيفته من أن تشي النساء بسره ويفتضح أمره. أما الآن وقد افتُضح أمره أمام أصحابه، فلم يعد يشعر بالخوف، إنهم ثلاثة وهو رابعهم سيتداورون على الحفر، وربما سيكون الأمر أسرع من ليلة أمس. بالفعل بدأوا يفعلون ذلك، كلّ منهم أخذ شوطًا طويلاً، حتى وصلوا الباب الذي راؤوه قبيل الفجر لا أحد يشك في ذلك، وها هو المؤذن يؤذن للفجر حاولوا استخدام ذكائهم، هذه المرة أخذوا يحفرون أسفل البوابة الضخمة حفرة عميقة لكنهم كلما حفروا وجدوا أرضية حديدية أخرى حتى وصلوا إلى عمق أكبر حينئذ توقفوا...لقد أبكموا وهم يرون شيئًا أعجبهم، لقد كان أشبه بالجرن الدائري ( وهو قطعة فخارية مستديرة الشكل) الذي يميزها عمّا ألفوه وجود قطعة معدنية ذات لون أحمر أشبه بالعين، لم يعرفوا ما الذي عليهم فعله؟ قال سليم بصوت هادئ: دعنا نحاول الضغط عليها. فعل ذلك لكن لم يحدث شيء، وهدان قال: ربما عليه أن يدورها في مكانها. عندما بدأ يدورها بكلّ قوته سمعوا صوتًا أهالهم وأوقف شعر رؤوسهم، لقد أخذت الأرض تهتز من تحتهم، والجدران الترابية تتكسر، وكأنَّ الأرض ستنزلق بهم وتبتلعهم. ما الذي عليهم فعله؟ أينتظرون حتى يروا البوابة وهي تفتح أم عليهم أن يخرجوا منها؟! لكنها اللحظة الأخيرة والقرار صعب؛ أحلامهم برؤية الذهب ستتحقق أخيرًا وكلٌّ منهم سيأخذ حصته، ويغيب، تشبثوا ببعضهم وأحكموا القبضة، لم يكن لديهم ما يمسكونه، فقط التراب، والكثير منه يتساقط عليهم...عندما أذن الفجر وأتمّ المصلون الصلاة كان الجميع قد استغرب ذلك الصوت العظيم الذي جاءهم من مقربة المسجد، أين يكون؟ تساءلوا ربما في بيت الشيخ أحمد الذي غاب عنهم لليلتين، وبعضًا من الرجال...قرروا جميعهم أن يذهبوا لرؤيته، لم تكن الأنوار فيه مضاءة، طرقوا الأبواب لم يسمعوا شيئًا، داروا حول المنزل الإسمنتي، لم يروا شيئًا غريبًا كلّ شيء في مكانه كما اعتاد الشيخ أحمد تنظيم أمور بيته، شجرة الليمون مليئة بالليمون كلٌّ منهم ملء جيوبه وقد مضى لسبيله، وهم يقولون: ربما ذهب لزيارة أقرباءه ولم يخبر أحدًا تمنوا له التوفيق في رحلته، ومضوا يلفهم النور، وساد السكون الذي لم يعرفوا له قبيلاً من قبل. ربما كان زلزالاً خفيفًا ما سمعوه ولعله لطف من الله أن لم يصب أحد بسوء. هكذا كانوا يحدثون بعضهم البعض وهم يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم...بقيت قصة اختفاء الشيخ أحمد سارية في القرية حتى بعد عودة زوجته وأولاده بعد شهر كامل، استغربوا فيه سؤالهم عنه، فقد سألوا عنه الجيران لم ينبئهم أحد بشيء، والرجال الثلاثة أيضًا اختفوا، أيكونون قد ذهبوا مع الشيخ أحمد لمكان ما؟ أم مضوا بمصالح لهم فهم تجار، ويكثرون السفر؟! مضى الأمر على هذه الحال فترة من الزمن حتى استسلمت الزوجة وأقرَت في نفسها: أنَّ امرأة قد خلبت لبَّ زوجها وسرقته منها، وهي البلهاء ذهبت لزيارة أهلها وما ضيرها لو أنَّها بقيت في بيتها مع أولادها، ولكن ما الذي عليها أن تفعله الآن؟!.



#رولا_حسينات (هاشتاغ)       Rula_Hessinat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترقيع بترقيع
- طاق طاق طاقية
- زيزف
- اضراب المعلمين ...بين هيبة الدولة والاعتذار
- الأنا والأنت والمشهد الأردني
- النظرة للمرأة الحقوق والواجبات
- ريبير هيبون...لحن الحياة
- #ليبيا/ تركيا/ -الحرب الأميركية المنسية-
- التحول الاقتصادي نظرية القشة التي أنقذت الغريق
- أتوبيس الأحلام
- شيفرة العنف
- السلطة ...الحوار الديني...الحروب....نظرة الروائي أيمن العتوم ...
- الطريق إلى زيرقون
- الريشة وقشرة القمح
- 420
- موعد مع الشيطان رؤية في رواية الروائي الأردني الدكتور وائل ا ...
- نساء تحت المجهر... فاطمة الزهراء
- شيفرة الدوار الرابع
- على الضفة الأخرى حكاية
- الخاشقجي وابن المقفع والجدل السياسي


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رولا حسينات - المارقون