عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 25 - 17:52
المحور:
الادارة و الاقتصاد
المجال ليس رقعة ترابية محايدة. إنه نتاج اجتماعي يتم تحديده بعدة عوامل طبيعية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وتاريخية. يختلف المجال إذن حسب طبيعة البنيات المكونة له، دون أن نغفل التأثير المتبادل بين الفرد والمجال.
المجال في دينامية مستمرة. إن الفاعلين المتواجدين في المجال يساهمون في عملية تغييره وتحويل مظاهره الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ويمكن أن يغير أيضا من مميزاته ومعالمه الطبيعية. ليكون للخيارات والتوجهات الاستراتيجية (les choix et les orientations stratégiques) المجالية تأثير كبير-من جهة- على الأفراد والفئات المتواجدة في المجال؛ ومن جهة أخرى على المجال نفسه.
المجال في علاقة تفاعلية دائمة مع محيطه الخارجي. إن المجالات تُأثر وتَتَأثر ببعضها البعض. ليس فقط الفاعلون في المجال من يحددون سماته المستقبلية، بل أيضا الفاعلون المنتمون للمجالات الأخرى يساهمون في تحديد بنيات المجال؛ بالإضافة إلى الخصائص والعوامل المحددة لكل مجال من المجالات.
انطلاقا من هذا التعريف المبسط والمختزل للمجال المتواجد ضمن نطاق حدود سياسية معينة، تكون التفاوتات المجالية والاجتماعية نتاج أساسي للخيارات والتوجهات الاستراتيجية ولتوزيع السلط بين الفاعلين في المجال. وبما أن المجال هو صيغة مصغرة للمجتمع، فمن البديهي أن يمثل الفرد الركيزة الأساسية لكل تنمية مجالية بأبعادها المادية واللامادية. فلا يمكن تحديد نفس الأولويات لكل المجالات وتنفيذها بنفس المنهجية والامكانات. الممكن هو تحديد الخيارات والتوجهات الاستراتيجية المشتركة، وتنزيلها وفق الاحتياجات والامكانات لكل مجال.
حتى وإن بدت بعض من الأبعاد متشابهة بين المجالات، إلا أنها في العمق مختلفة نظرا لخصوصية المجال. فالخصوصية تتحدد بعدة مميزات. على سبيل المثال، طبيعة المِلكية التي ليست فقط ملكية عمومية وملكية خصوصية، بل هناك أيضا ملكية مشتركة، ملكية جماعية و سلالية؛ أو خصوصية فئوية حيث أن الفئات المنتمية للمجال تَتَحدّد بالعوامل المُؤثرة فيها والمرتبطة أساسا بالطبيعة البنيوية للمجال: فالفئات المتوسطة –مثلا- لمجال معين تختلف طبيعتها عن الفئات المتوسطة المنتمية للمجالات الأخرى، لذا فالاحتياجات والمتطلبات ستختلف حتما حسب المجال حتى بالنسبة لِمن يُمكن اعتبارهم أنَّهم من نفس الفئات لأن المجال يكون بدوره عاملا يحدد مَاهية وطبيعة واحتياجات مختلف الفئات (الفقيرة، والمتوسطة، والغنية). بيد أن الاحتياجات الأساسية المرتبطة بالإنسان تبقى الأولويات المشتركة بين كل المجالات، حيث وجب توفيرها بتساو وعدل بينها ودون تفاوتات أو حَيف؛ وتبقى مؤسسات الدولة هي الضامنة لهذه الحقوق الأساسية.
#عائشة_العلوي (هاشتاغ)
Aicha_El_Alaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
إضافة إلى المفضلة
للاتصال بالكاتب-ة
