أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بهروز الجاف - المؤتمر العام الرابع للأتحاد الوطني الكردستاني، صورة القيادة المقبلة















المزيد.....


المؤتمر العام الرابع للأتحاد الوطني الكردستاني، صورة القيادة المقبلة


بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)


الحوار المتمدن-العدد: 6443 - 2019 / 12 / 21 - 02:51
المحور: القضية الكردية
    


يعقد حزب الأتحاد الوطني الكردستاني يوم غد السبت، الحادي والعشرين من كانون الأول 2019، مؤتمره العام الرابع في مدينة السليمانية في أقليم كردستان العراق، اذ يتوقع بلوغ الحزب مرحلة جديدة تمثل انعطافة تأريخية في مسيرته الحركية، والحزبية، والفكرية، والتنظيمية، ربما يكون لها تأثيرا مباشرا على طبيعة الحياة الحزبية، وقيادتها الفاعلة، وعلاقات الحزب الداخلية والخارجية، والقدرة على أداء دوره الداخلي والأقليمي والدولي، فيما يتعلق برسالته الحزبية عند مستويات الأقليم، وكردستان الكبرى، والعراق. ولهذا يتوجب أولا الأحاطة بالواقع الذي يمر به الحزب عشية انعقاد مؤتمره لغرض تشخيص العناصر الوظيفية لبنية الحزب ومعرفة مكامن القوة والضعف وبالتالي ماهية الفواعل التي سوف تستشرفها القاعدة الحزبية طبقا لموقف الحزب الحالي، وموقعه في الخريطه‌ السياسية لأقليم كردستان، والعراق، وقدرته على تطوير موقعه وبلوغ آمال جماهيره، والتي تتلخص في الوقت الحالي بعودته الى ريادة القيادة الكردية في الأقليم وموقعه المؤثر في الساحة الكردستانية والعراقية.
لا يمكن تحديد بداية لتأسيس الحزب عند المستوى الفكري حتى مع الأعلان عن الحزب حزبا سياسيا جديدا في الأول من حزيران من عام 1975 ذلك ان الحزب يمثل خطا فكريا تمتد جذوره الى أربعينيات القرن الماضي مع انتعاش الفكر القومي الممزوج بالروح اليسارية والذي رأى له مرتعاخصبا في بعض المناطق الكردستانية وعلى وجه الخصوص في محافظه‌ السليمانية. كان الخط السياسي ممثلا بشكل فاعل في محور المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني من خلال فواعله الرئيسية وخصوصا ابراهيم أحمد المحامي وجلال الطالباني منذ تأسيسه في عام 1946 وحتى محاولة طرد رئيسه الملا مصطفى البارزاني في المؤتمر العام للحزب الذي عقد في الجبل في عام 1964 والذي أدى الى انشقاق الحزب ومن ثم رسوخ الخط الفكري القومي المشوب باليسارية، بعيدا عن الشيوعية، في اقليم السليمانية وامتداداته الى الشرق في عمق الجزء الأيراني من كردستان، وعلى وجه الدقة في اقليم أردلان ومدينة سنة (سنندج) على وجه التحديد، ومن ثم ليتجسد في الفكر اليساري الأكثر صرامة في حزب العمال الكردستاني في الجزء التركي من كردستان ونزوله بعد ذلك الى الجزء السوري أيضا.
بدأ الحزب نشاطه السياسي على خلفية الفكر القومي اليساري لخط ابراهيم أحمد- جلال الطالباني وكذلك الخط النضالي العسكري على خلفية الكفاح المسلح من أجل نيل الحقوق القومية الكردية عند مستوى حق تقرير المصير وهو الشعار الذي رفعه الحزب منذ اليوم الأول لتأسيسه بقوة وكأنه كان موجودا منذ فترة أقدم من ذلك التأريخ، وخصوصا وان من تزعمه هو جلال الطالباني المعروف بحنكته السياسية وقدرته الفائقه‌ على المناورة واستلام زمام المبادرة على الساحة السياسية وعلاقاته الداخلية والخارجية والمامه الواسع ببواطن الأمور في السياسة الكردستانية والأقليمية علاوة‌ على علاقاته الدولية سواء مع دول المسكر الشرقي أو الغربي أو حتى العالم العربي.
تزعم الأتحاد الوطني الكردستاني فترة النضال السياسي والعسكري في اقليم كردستان بين عامي 1975 و 1991 وما رافقتها من أحداث حسبت كأبشع مامر به الشعب الكردي من مآسي في العصر الحديث، والتي بلغت أوجها في عمليات الأنفال وضرب مدينة حلبجة بالغازات السامة من قبل نظام صدام حسين. في تلك الحقبة، والتي مثلت معظمها فترة الحرب العراقية الأيرانية وما تضمنتها من تعقيدات عند المستويات الفكرية والسياسية والعسكرية، تمكن الأتحاد الوطني من ترسيخ نفوذه السياسي والعسكري والذي لم يكن يخلو من ظهير ايراني كان سندا، ومأوى، لجميع الأحزاب والحركات الكردستانية العراقية المسلحة بدون استثناء، ابتداء بشيوعييها ومرورا بقومييها وانتهاء باسلامييها، وكذلك القدرة على الوقوف عند خط التوازنات الأقليمية التي مثلت التلاقيات والتجاذبات بين تركيا وسوريا وايران والعراق سمتها الرئيسية. لقد حصل كل ذلك من خلال براعة جلال الطالباني في فن السياسة وقدرته على الأمساك بخيوط التنافرات الداخلية التي تأسست معظمها في تلك الحقبة على اسس فكرية وليس على طموحات شخصية أو هزات تنظيمية يمكن أن تصيب أي حزب كان. ولعل ماكانت تتصف به فترة النضال تلك بعدم وجود الدافع المادي لأحداث الفرقة هي التي حافظت على قوة وتماسك ومكانة الحزب على الساحة الكردستانية.
بعد نجاح الأنتفاضة الشعبية‌- المسلحة في عام 1991 ، وقد كانت بلا أدنى شك بمبادرة وقيادة الأتحاد الوطني الكردستاني، تغير حال الحزب اثر الحاجة المفاجئة الى انتهاج خط سياسي يوازي بين الأهداف الأستراتيجية والقدرة على التعاطي مع واقع تفرضه الارادات الأقليمية والدولية ذات المصالح اڵاستراتيجية في عراق خارج للتو ضعيفا من حربين مدمرتين وآيلا الى الأنحدار، وهو الواقع الذي وفر الفرصة للأحزاب والحركات الكردستانية لوضع نفسها صاغرة تحت امرة الدول الأقليمية بصورة مباشرة لغرض تنفيذ مصالحها مع محاولة التمسك بالمبادئ الأساسية لخدمة القضية الكردية وأهدافها المشروعة من أجل بلوغ حق تقرير المصير، وذلك بلا شك أمرا عسيرا ويحتاج الى الحكمة والترو وسياسة فوق العادة.
لايخفى على المتتبع للشأن الكردستاني بأن قدرة الأحزاب على البقاء والمواصلة على الساحة الكردستانية تتطلب ظهيرا خارجيا، وخصوصا اقليميا، يمدها بأسباب القوة، وهو عامل راسخ لايمكن لأحد أو لحزب اغفاله. ولقد أدت محاولات الأحزاب الى بلوغ التوازن بين المتطلبات القومية والسياسية الهادفة الى الأمساك بزمام السلطة، في الأقليم، ومنها محاولات الأنفراد بكسب ود الحكومات الأقليمية المحيطة باقليم كردستان، ومنها حكومه‌ صدام حسين في بغداد، ولو على حساب مايجلب ذلك من مآسي على شعب الأقليم الذي ذاق الأمرين من نظام بغداد وكذلك ماكانت، ومازالت، تفعله دول تركيا وايران وسوريا بحق شعوبها من الكرد. في تلك الحقبة تمكن الأتحاد الوطني الكردستاني من البقاء راسخا في ساحة الأقليم على الرغم من تحالف خصمه الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني مع كل من نظام صدام حسين وتركيا ومساعدتهما له عسكريا ودعمهما سياسيا والذي أفضى الى خسارة الأتحاد الوطني لنفوذه في عاصمة الأقليم أربيل بعد انتزاعها عسكريا بوساطة نظام صدام حسين لصالح الحزب الديمقراطي في عام 1996 أثر حرب أهلية ضروس دامت عامين ولتبقى لسنتين أخريتين بعد ذلك التاريخ، وهي الأحداث التي خلصت الى أن يتحالف الأتحاد الوطني مع ايران، الداعمة الرئيس للحركات الكردية العراقية على مدى تأريخها، فيما أضافت ميزه للحزب الديمقراطي للأستفاده‌ مستقبلا من وضع مخالبه على مدينة أربيل، والظفر بها، وخصوصا في المرحلة‌ التي تلت سقوط نظام صدام حسين، وهي الميزة التي جعلت الأتحاد الوطني ينحسر، صاغرا، الى حدود نفوذه الأقصى في محافظة السليمانية، ومن ثم استفراد الحزب الديمقراطي بالقرار السياسي للأقليم في أدق فترة يمر بها الأقليم وخصوصا وقد تمتع بدعم دولي غير مسبوق من قبل الدول العظمى والأوربية وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية لما استجد من مصالح سياسية واقتصادية‌ لها، في العراق واقليم كردستان، وخصوصا وان أربيل هي مركز عقد الأتفاقيات والعقود التجارية، وخصوصا النفطية منها، مع تمتعها بميزانية سيادية لتميزها عن المدن الأخرى.
بعد الأحتلال الأمريكي للعراق واستبدال النظام الديكتاتوري، شبه الأشتراكي، بنظام يستند الى دستور ديمقراطي، وكذلك توفر الأمكانات المادية للدولة العراقية، والتي تحكمت بها الأحزاب الحاكمة سواء في بغداد أو في الأقليم، وهي التي أدت الى تأسيس الفساد، ومن ثم ازدياد حدة التدخلات الأقليمية في الشأن العراقي على خلفية‌ مصالح أقتصادية وفكرية، والتي ألقت بضلالها على الواقع السياسي في الأقليم حتى وصل الى حد محاولة تغيير الخريطة الحزبية فيه من أجل الأستحواذ على ما فيه من ثروات، وهي الحالة التي تستوجب وجود وكلاء محليين، أقوياء، يلتزمون الحالة، بما يهيئ لهم اسباب القوة والرسوخ. وقد تم فرض هذه الحالة على الأحزاب التي لجأت بدورها الى النضال من أجل حفظ توازن للنفوذ يتيح لها البقاء من خلال عوامل فرضها الواقع الجديد والتي تمثلت في قوة رأس المال، والنفوذ العسكري، والحزبي المناطقي، واحكام السيطره‌ على الخطوط التجارية الداخلية والخارجية، وهي العوامل التي استوجبت قيادة حزبية يمكنها التعامل بشكل متقن مع المتغيرات التي تتأثر بتلك العوامل بما يسمح لها احكام القبضة على المبادرة ودرء أية محاولة من قبل التنظيمات المناوئة، أو حتى عموم الشعب، لفهم الحالة على انها حالة فساد أو خيانة للأهداف الوطنية الكردستانية.
خلص استقرار القيادة في الأتحاد الوطني الكردستاني الى قياده‌ المام جلال التاريخية بعد أن تسلم منصب رئيس الجمهورية في العراق وهو المقام الذي انسحب ايجابيا على مسيرة الأتحاد الوطني الا انه ترك فراغا من جهة الاتحاد على ساحة الاقليم لصالح الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تسنم رئيسه مسعود البارزاني منصب رئيس الاقليم بصلاحيات واسعة بالاضافة الى منصب رئيس الوزراء والمناصب الحساسة الأخرى مضافا اليها سيطرة‌ الحزب عسكريا وأمنيا على مدينة أربيل وما لأربيل من موقع سياسي وتجاري مهم أتاح للحزب الديمقراطي ترجيح كفته على حساب الاتحاد الوطني الذي رأى نفسه منحسرا في منطقة نفوذه الرئيسة، محافظة السليمانية، بالاضافة الى كركوك الواقعة ضمن حدود المادة 140 من الدستور العراقي، وهو مازاد من الضغط الواقع على قيادة الاتحاد اذا ما أخذنا بالحسبان المشاكل والعراقيل التي كان يضعها الحزب الديمقراطي في طريق الاتحاد الوطني في كركوك من خلال اتفاقات جانبية سرية وعلنية مع قيادات في الحكومة العراقية والحكومة التركية أو مع مجموعات مسلحة وغير مسلحة أرادت عدم الاستقرار لكركوك في ظل نفوذ الاتحاد الوطني. ولطالما كان مام جلال قادرا على أداء مهامه، سواء في بغداد أو في الاقليم، لم تكن المشاكل أو العراقيل لتؤثر في مسيرة الاتحاد، وقوته على الساحة الكردستانية، ولكن تغول الديمقراطي الكردستاني أثار تذمرا في صفوف كوادر الحزب العليا والدنيا على حد سواء استغلتها شريحة‌ قادها النائب الأول للسكرتير العام للحزب (نوشيروان مصطفى) لكي تنشق وتؤلف لها حزبا سياسيا آخر تحت أسم (حركة التغيير) كان ثقلها الرئيس في محافظة السليمانية ولتؤثر في قوة نفوذ الاتحاد الوطني السياسية وخصوصا وان حركة التغيير عملت جاهدة على الاطاحة بالاتحاد الوطني من خلال سلوك كل الطرق الممكنة، وعلى وجه التحديد بتحالفها مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولكنها لم تستطع قلع الاتحاد الوطني من جذوره بسبب رصانة الحزب عند المستوى التنظيمي، وعدد الشهداء الذين قدمهم طيلة مسيرة حياته النضالية، والقوة المادية، والمعنوية، ومناطق النفوذ، والدولة العميقة، والقوة المجتمعية، وعلاقاته المتشعبة داخليا وخارجيا، ووقوف كركوك الى جانبه في بغداد في أحلك فترة مر بها الاتحاد الوطني أراد خلالها كل من الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير الاطاحة به حتى انهما قرئا سورة الفاتحة عليه في اجتماع ضم قيادييهما معا مع قهقهات كانت تنم عن الشماتة والتشفي أثارت حفيظة القواعد الدنيا للأتحاد الوطني أكثر من قياداته العليا!
أدى مرض المام جلال ومن ثم وفاته الى ضعف كبير في مكانة الاتحاد الوطني، في الاقليم وبغداد، بالاضافة الى ماكان يحاك للاتحاد من مۆامرات لاخراجه من الساحة الكردستانية وهو ماسبب وهنا في جسد الحزب أدى الى أن تعمل قيادات الحزب، فرادى وجماعات، أدوار بعيدة عن منهجه، وأهدافه، مع ظهور أجنحة وتكتلات تنتهج الربح المادي المبني على انشاء مصالح تتيح لها البقاء والتحكم والسيطرة، لها ولمن يخلفها من نسلها، حتى وصلت الى أن تعمل بعض قيادات الحزب انطلاقا من مصالحها الذاتية لصالح الحزب الخصم الديمقراطي الكردستاني! وفي تلك الأثناء رأى الحزب الديمقراطي لنفسه الفرصة لكي يحاول مد نفوذه الى مناطق نفوذ الاتحاد الوطني ويستحوذ على البرلمان والسلطة التنفيذية بكاملها في أربيل لكي يبقى الاتحاد واقفا على مستند العوامل السالف ذكرها والتي امدته بوسائل البقاء ولكن بهيكل حديدي يتميز بالقوة‌ والمنعة. وبلا شك فان الهيكل الحديدي للأتحاد يحتاج الى من يعيد اليه الحياة وخصوصا وان التغيرات السياسية في الاقليم، وكذلك بغداد، أضحت مؤاتية لكي يرى الاتحاد الوطني دوره اذ استوجبت الاحداث الأنتصار لمنهج وتاريخ عمل وعلاقات الاتحاد الوطني على حساب ماوقع الحزب المنافس له من مطبات جعلته أقل مقبولية ولترسم صورة ضبابية على مستقبله السياسي وخصوصا بعد الاحتجاجات التي شهدتها الساحة‌ العراقية والمنادية بشكل رئيس بمحاربة الفساد وايجاد فرص عمل، وهي المشاكل الرئيسية التي يعاني منها العراقيون اذ لايختلف عنهم في ذلك شعب الاقليم. وفي تلك المرحلة العصيبة‌ من تاريخ الاتحاد الوطني الكردستاني حلت نكبة أخرى به اذ انشقت عنه كتلة بقيادة النائب الثاني للسكرتير العام للحزب (برهم أحمد صالح) الذي أسس لنفسه حزبا شارك في الأنتخابات البرلمانية الأقليمية والعراقية ولكنه فشل في الحصول على موطئ قدم في الساحتين الكردستانية والعراقية بسبب ثبات وقوة قواعد حزبه الأم، الاتحاد الوطني، وخصوصا الثبات في كركوك، كل ذلك وظروف أخرى أدت الى عودة صالح الى صفوف الاتحاد وليتسلم من خلاله منصب رئيس الجمهورية العراقية، وذلك ما أدى الى الزيادة في رصانة وقوة هيكل الاتحاد الوطني والذي بات من الضروري ايجاد قيادة ورأس مۆثر له يعيد اليه توازنه، ووزنه على الساحة الكردستانية على وجه الخصوص، وهو ما لايمكن تحقيقه الا من خلال عقد المؤتمر الرابع للحزب والذي تأخر لمدة تسع سنوات بسبب مرض ووفاة مام جلال والظروف آنفة الذكر التي مر بها الاتحاد الى ان سنحت الفرصة الى أن يتفق فرقاء الحزب على عقد المؤتمر والذي من المؤمل أن يعقد غدا.
يبدو أن الفقرة الرئيسية التي ينتظرها الكرد بشكل عام، والكوادر الحزبية، وأنصار الحزب، سواء في داخل الأقليم أو في خارجه، هي تلك التي تتعلق بانتخاب القيادة الجديدة للحزب والتي ستخلف القيادة التأريخية لجلال الطالباني وهي مهمة ليست باليسيرة، وكذلك شكل القيادة والمهمات والصلاحيات التي تتمتع بها ومدى قدرتها على اعادة الحزب الى وزنه التأريخي وأعادة التوازن وشكل الخريطة السياسية في الأقليم الى سابق عهدها وهي الآمال التي يبنيها مناصروا الحزب على القيادة‌ الجديدة، فكيف ستكون عليه القيادة؟ ومن هي الجهة، أو الكتلة، التي تمتلك الحظوظ القصوى للأمساك بزمام المبادرة وادارة دفة الحزب لكي يبحر مرة أخرى على أمل الوصول بجماهيره الى البر الذي طالما وعدها به؟
فبالأضافة الى المواصفات المطلوبة في القيادة والتي تتضمن عوامل ذاتية وموضوعية تشمل التأريخ والكاريزما السياسيان، والقدرة على السيطرة والتوجيه، فان الظروف السياسية والاجتماعية، والاعراف والتقاليد، والتجربة‌ السياسية والادارية، سواء أثناء النضال في الجبل أو ممارسة السلطة في المدينة، في أقليم كردستان، تتطلب عدة عوامل في القيادات الكردستانية، ربما لايستوجب توفرها في مناطق أخرى من العالم، وحتى في الداخل العراقي، لكي يكتب لها البقاء والمنعة ولعب دور ريادي والذي هو دور تأريخي بطبيعة الحال، في أقليم كردستان، بسبب الوضع السياسي الشائك الذي يميز الساحة الكردستانية لاسباب كثيرة جدا لايمكن حصرها بعدة اسطر هنا.
ومن خلال الوضع المفصل آنفا برز توجهان رئيسيان على مستوى القيادة والقاعدة، على حد سواء، لشكل وطبيعة القيادة‌ المراد انتخابها في المؤتمر الرابع. فعلى مستوى القيادة بدا ان الكتلة الرئيسية الممثلة برجالات النضال المسلح والتي لعبت دورا قياديا سياسيا واداريا أيضا، بعد الأنتفاضة، وهي الكتلة المحيطة بالسيد (كوسرت رسول علي) وأولاده، والتي ترى نفوذا كبيرا لها في محافظة اربيل وبين قدامى البيشمركه‌، وكتلة من الشباب من عائلة المام جلال تتضمن اولاده وأولاد أخيه الشيخ جنكي برز من بينهم السادة لاهور الشيخ جنكي ونجلي مام جلال بافل وقباد تدعمهم السيدة هيرو ابراهيم احمد عقيلة المرحوم جلال الطالباني، وكتلة اخرى ارادت أن يكون للسيد برهم صالح دورا قياديا قد يكون الأمين العام للحزب أو رئيسا للحزب، اذا ماتم تغيير الهيكلية التنظيمية لمتطلبات موضوعية ربما فرضتها نظرية الحزب وشغور القيادة التاريخية لمام جلال. أما على مستوى القاعدة فان موقف جماهير الحزب، ومن خلال مايدور في الحلقات الثقافية لمريدي الحزب، والمنتديات، والأدبيات، والأعلام، والسلوك اليومي المبني على الفعل ورد الفعل، يشير الى ان قاعدة الحزب تشعر بالتذمر والخيبة وبنوع من الاذلال وهي ترى قياداتها تسلم بعضا من مقدساته المعنوية ونفوذها الاداري ودورها السياسي الداخلي والخارجي وبالتالي حقوق أعضائه ومناصريه الى قيادة الحزب المنافس، الديمقراطي الكردستاني، والذي مازالت قواعد الاتحاد الوطني تنظر اليه على انه لم يكن له وجود مؤثر على الساحة الكردستنانية قبل انتفاضة عام 1991 لولا رخاوة الاتحاد الوطني في التعامل معه وانضمام جيش المرتزقة السابق من الكرد الذين كانوا يقاتلون الى جانب نظام صدام حسين الى جانبه وكذلك الدعم الذي تلقاه ويتلقاه من كل من نظامي صدام حسين وتركيا.
ويمكن تلخيص تلك العوامل الواجب توفرها في القيادة لكي يمكنها الأمساك بزمام الأتحاد الوطني من أجل تحقيق أماني قواعد الحزب وأنصاره لمرحلة ما بعد المؤتمر الرابع بما يلي:
1. النفوذ: ويتضمن جزئين رئيسيين، وهما العمق الحزبي والاداري والنفوذ المالي.
2. الدبلوماسية وريادة الأتصال مع القوى المؤثره‌ في العراق والوضع الأقليمي بشكل عام وخصوصا الدول العظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، ولعل الاتصال عند مستوى المعلومات الاستخبارية واڵاستراتيجية هو العنصر الأهم والذي يتيح لصاحبه ضمان الدعم الخارجي لبقائه في المقدمة.
3. الظهير العسكري، اذ ان واقع الخريطة الحزبية في الأقليم يتسم بمظهر مهم جدا قد يكون منفصلا عن واقع الخريطة الحزبية في العراق والمنطقة، الا وهو التنظيم العسكري والمخابراتي للحزب، والذي يتيح مكامن القوة والمناورة والأستمرار والبقاء.
4. الحيوية وسرعة الحركة وهما عاملان لايمكن توفرهما الا في شريحة الشباب وخصوصا اولئك الذين يتكلمون بعدة لغات ويمكنهم التحرك بسهولة بين العواصم العالمية، ولعدم تراكم السلبيات عليهم بفعل تأريخهم السياسي والعسكري وبالتالي مقبوليتهم وشرعية التعامل معهم.
5. تأريخ التعامل مع الأحزاب المنافسة، وهو نظرة القاعدة، والذي يستوجب تأريخا لاتشوبه تصرفات تثير تذمر، وامتعاض، قواعد الحزب وتؤثر كذلك في شخصية وكفاءة ورصانة القيادي المقبل.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماهو مدى تضمين هذه الشروط في انتخاب القيادة الجديدة في المؤتمر الرابع اذا ما أخذنا بعين الأعتبار أن معظم من تم ترشيحهم من قبل اللجان المحلية ومراكز الحزب، لكي يكونوا أعضاء في المؤتمر، هم أولئك الذين استمروا في العمل التنظيمي طيلة فترة أزمة القيادة في الحزب حيث كان معظمهم ضعفاء ومشاركين في اثارة التكتلات والسباق من أجل الكسب المادي والحصول على المناصب والنظر اليهم من قبل العامة على أنهم فاسدين أو متملقين؟
فمن خلال الواقع الذي عاشه الحزب في الفترة الماضية وما آلت اليه الأمور من صراع خفي على قيادة الاتحاد، وهو ليس بخفي على كوادر الحزب، بل وعلى عامة الناس، سواء في الأقليم أو خارجه، أو حتى في الدول ذات المصالح المباشرة في الأقليم، والعراق، وحتى من خلال مراهنة الأحزاب المنافسة بتخلي الاتحاد الوطني عن مبادئه الرئيسية والتي طالما أكد عليها ودافع من أجلها دما، وهي امكانية تحول الحزب الى حزب سلطة وليس حزب نضالي له نظريته الخاصة به وأهدافه الوطنية والقومية بعيدة المدى، فان الحالة تشير الى أن مريدي الحزب من بين تنظيماته من المشاركين في المؤتمر، أو خارجه، أو أنصاره، قد خلصوا الى القبول بقيادة تتمتع بالشروط الخمس آنفة الذكر، حتى ولو أدى ذلك الى تحول الحزب الى حزب عائلة، أو حزب سلطة، اذ ان الظروف التي يمر بها الحزب تتطلب قيادة قوية تتمتع ببعد يتسم بالقدرة على الظهور بمظهر الحزبي العتيد الذي يعتقد مناصروا الحزب بأنه يمثل الصورة المعهودة للقيادي في الأتحاد الوطني، وهي الصورة التي رسمت سمات الحزب في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، بل ويرون فيه صورة مطابقة لقيادة لمام جلال.



#بهروز_الجاف (هاشتاغ)       Bahrouz_Al-jaff#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأجتياح التركي للأراضي السورية وطبيعة النزاع
- أرجوزة في ذكرى الزعيم
- حريشي
- الحراك الشعبي في جنوب العراق: سياسي أم مجتمعي؟ الأسباب والحل ...
- تفعيل البرلمان الكردستاني لغرض تأجيل الاستفتاء !
- فنانو مصر.. تحية اجلال
- الحرب الكيمياوية والصاروخية في سوريا: خيارات الخديعة الأمريك ...
- العراق: من ساحة التحرير الى مابعد تحرير نينوى، ماهو الحل؟
- تحية لشهيد العراق الأول وواأسفا على العراق
- هدهد، هاون، هواء، هر
- هل يشي اسقاط الطائرة الروسية عن الجهة التي صنعت الارهاب ؟
- البارزاني يختزل طموحات الأقليم في كرسي الرئاسة
- عرس الشمس في كوباني
- هل يمكن العثور على مجندي داعش قبل التحاقهم بها؟
- ثقافة الصدام: عندما يتوجب على العلماء التعامل بروية
- قراءة في كتابين علميين: الايثار، كيف نسلكه؟
- الزمان حضارة
- عدم العدم
- ما تعلمته من سعيد عقل
- خميس داعش وكردستان واسكتلندا وأوكرانيا


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بهروز الجاف - المؤتمر العام الرابع للأتحاد الوطني الكردستاني، صورة القيادة المقبلة