أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهروز الجاف - ما تعلمته من سعيد عقل














المزيد.....

ما تعلمته من سعيد عقل


بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)


الحوار المتمدن-العدد: 4647 - 2014 / 11 / 29 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


كنت ابن عشرين سنة في عام 1980، وانا طالب جامعي، وكانت تلك السنة انقلابا في الفكر العام، والسياسة، في العالم الاسلامي، أثّرت في السلوك العام من خلال تحولات سياسية، واجتماعية، متعجلة، اسمتها الثورة الايرانية، ومن بعدها الاسلام السياسي المنتعش، في الدول العربية، بالصحوة الاسلامية.
كان جيلنا، في العراق، يتلهف لمعرفة المزيد، في واقع جديد يمثل مفترق طرق، فبين تشرذم الشيوعية، واتفاقيات كامب ديفيد المثيرة للجدل، والبدء بثورة قومية جديدة في كردستان العراق, والتحاق الشيوعيين بها، وابتداء حكم فردي بأيديولوجية قومية لصدام حسين على حساب رقاب أعضاء قيادة حزبه، والهياج الفكري لحزب الدعوة، وتسفير الكرد الفيليين، ومحاكم صادق خلخالي في ايران ومحاكم الثورة في العراق التي كانت تجز الرؤوس بلا هوادة, كان يكمن بركان جديد.
بدأت الادبيات العربية تتكلم في الصحوة الاسلامية، ومنها مجلة "العربي" الكويتية المفضلة لدى جيلنا، وبدأ الحجاب يغزو رؤوس الطالبات في الجامعة كهشيم النار في الحطب، كل ذلك أدى بي الى سبر أغوار المزيد، والمزيد، فقرأت معظم ما أثر في تلك الحقبة من كتب، كانت تروج لها التوجهات الاسلامية، بسنيتها وشيعيتها، ولم أكن وحدي، بل راح ابناء جيلي يتتبعون تلك الكتب في السر والعلن، وبرعنا في كيفية الحصول على الممنوع منها، حتى ولو غلا ثمن الاتيان بها عن طريق التهريب من الكويت.
قرأت في ذلك العام، والعام الذي تلاه، الأدبيات التي أثارت "الصحوة" عند المسلمين، وكلها كانت ممنوعة في العراق، بل ان العثور على احداها في منزل ما كان يكفي ليكون دليلا دامغا على جز رقاب من سكن المنزل، أو أقرباءه حتى الدرجة السادسة، وتضمنت تلك الادبيات كتب "الجمهورية الاسلامية" للخميني، و "في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق" للسيد قطب، وكتاب نسيت عنوانه للبهي الخولي، وكتاب "اقتصادنا" لمحمد باقر الصدر، وكتيبا آخر بنفس العنوان لمحسن عبد الحميد، وكتابا في الشيعة لمهدي بازركان. وبعد ان تحرك الاخوان المسلمون في مدينة حماة السورية قرأت لسعيد حوى ثلاثيته "الله" و"الرسول" و "القرآن" وعددا آخر من أدبيات ذات علاقة, لكن ماأثار اهتمامي، من بين ماقرأت، هو تحذير سعيد حوى لقارئيه من "الركون الى لويس عوض وسعيد عقل" بسبب دعوتهم الى التخلي عن اللغة العربية الفصحى واستبدالها بالعامية، لأنها أكثر بلاغة، وأكثر تأثيرا.
سرت دعوة سعيد حوى عندى بالاتجاه المعاكس، حيث أثارت فضولي في معرفة الكثير عن لويس عوض وسعيد عقل، فمن ياترى هم؟ ومايدّعون؟ لكن الأمر لم يكن بأفضل من أمر كتب "الصحوة الاسلامية", اذ كانت كتب لويس عوض وسعيد عقل ممنوعة أيضا، لكن تداولها ليس بخطورة الكتب الاسلامية، فبحثت في ماتسنى لدي من مجلات قديمة، فوجدت ضالتي في مجلة "أهل النفط" وهي لسان حال شركة نفط العراق، اذ كانت لسعيد عقل قصائد دورية فيها، فقرأت شعرا له، بالعربية الفصحى، لم أألفه من قبل، رغم صغر سني، ففي العدد 58 لسنة 1956 وجدت أن الفصحى عند سعيد عقل تقطر بلاغة، وحبا، يتقزم عنده شعر نزار قباني، ففي قصيدة عنوانها "الحلوتان" رأيت عقل يجاهر بشعره في الحب حيث يقول:

رأسان لاأعلى ولا أروعْ
ينعطفانْ...
فالجمال اثنانْ
أولا فهذا الآن ليس الآنُ
من الذي أبدعْ
شَعرا لشَعرْ
لولاهما عمري وعرْ
ياللعزيفْ
وقد لوَى العنقَ الشفيفْ
عنْقٌ طريفْ...
رأسانِ لحني، غنّني واسمَعْ

وفي العدد 60 في نفس العام كان سعيد عقل رائعا حين تغنى ب "اغنية":

خيل لي وأنا طفل بعدْ
أن على الأفُقْ
حسناء غيداء العنقْ
والهُدُب الملآن وعدْ!..
يدعونها- يارب مايدعونْ؟
يدعونها مايشبه النغمةْ
تُضمر أن تجلب لي نجمةْ...
وما يكونْ؟
يكون أن أشهقْ
لكبر عينيها
وما سنى الزنبقْ
الى ذراعيها ينقلني الفتونْ!..
ينقلني الى الغِوى
الى أراجيح الهوى
الى المروج الخضر في الجفونْ!..

تيقنت حينها بأن من ينادي باللهجة العامية، ورصانتها، وشعريتها، لابد وأن يكون بارعا في الفصحى، فيترفع عنها، ورأيت أن من ينزع الى التجريد من الرسامين هو أبرع في البورتريت، وان من يكتب الشعر الحر هو استاذ في الشعر العمودي، وتعلمت أن الارتجال في المقام العراقي يتهذب بتنويط المقام، وان الحصيلة هي في الابداع، فالوسيلة لتوصيل الفكرة التي لايمكن للشعر العمودي والفصيح، أو البورتريت، ايصالها، يمكن للمبدع أن يلجأ الى ما تسعفه منها في ايصالها، بأبداع، دون الاخلال بالشعرية، والموسيقى، والصورة، والجمال.
تعلمت بأن سعيد حوى كان أسير الجمود، أراد حبسنا في نصوص الماضي، وأعراف الماضي، ولغة الماضي، وهو جمود يبعد المرء عن الابداع، عن العلم، عن التطور، الى أن أدركت حينها مفهوم الحداثة, وان الصحوة ليست بصحوةً، بل تمردا على العقل، والابداع.
أنا لم أعلن ولائي لطروحات سعيد عقل بعد، فالعربية الفصحى تمتلك من المفردات، بحكم اشتقاقيتها، والبلاغة بحكم القدرة على تطويعها، مالاتمتلكه اية لغة اخرى، وهي لغة الأدب حقا، ولكن الفكرة في الأدب، والفن، ولكي تصل الى اذن، وعين، المتلقي ليس في مايهز الجوارح والجسد، بل العقل، فكان سعيد عقل ممن خاطب العقل.



#بهروز_الجاف (هاشتاغ)       Bahrouz_Al-jaff#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خميس داعش وكردستان واسكتلندا وأوكرانيا
- دعاء القلق
- كلمة في الثورة.. والزعيم
- تصريح رئاسة اقليم كردستان جعل من المالكي وليا لدم الأكراد
- هلاوس كاذبة
- لعنة الله على البرميل
- يا فاسداً
- أين المروءة يا أسنانَ المشطِ؟
- سألوني, من أنت؟
- من يقيني؟
- غدّارٌ غبيّ
- حَيْرة
- ماوراء حيْرة رزكار عقراوي في منح صوته في الانتخابات البرلمان ...
- الشهيد جاسم
- عندما يهين الجيش المصري علم بلاده!
- الخيارات السياسية في مصر بمعادلات رياضية
- أنفالْ! يا وِلدَ الكلبِ
- من الشعر الكردي المعاصر: اللآلئ الملونة
- الزمن الجميل: عام 1978 كان الاكثر رفاهية في العالم
- أسطورة الشهيد في عقول الانتحاريين


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهروز الجاف - ما تعلمته من سعيد عقل