أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - الإخوان يستهدفون حرية العقيدة في مصر















المزيد.....

الإخوان يستهدفون حرية العقيدة في مصر


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 1560 - 2006 / 5 / 24 - 06:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دور تحريضي للإخوان في تحريم البهائية وأزمة القضاء في مصر

في الوقت الذي كان فيه المصريون والعالم العربي والمجتمع الدولي يترقبون النتيجة التي ستفضي إليها الأزمة المستحكمة بين نظام الرئيس حسني مبارك وإحدى مؤسساته المهمة وهي المؤسسة القضائية، فاجأتنا المحكمة الإدارية العليا التابعة لمجلس الدولة في الخامس عشر من مايو الجاري بحكم صدر بإجماع أراء قضاتها وقضى بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري الصادر في الرابع من أبريل الماضي والذي أقر بحق مواطنين بهائيين مصريين في اعتراف الدولة الرسمي بديانتهما وإثباتها في أوراقهما الرسمية. أشارت المحكمة الإدارية في حكمها إلى ضرورة الامتناع عن إثبات البهائية في خانة الديانة بالأوراق الرسمية بما فيها بطاقات التعريف الشخصية وجوازات السفر وغيرها. ونقلت صحيفة الأهرام القاهرية في السادس عشر من مايو عن المحكمة قولها "إن تنفيذ الحكم المطعون فيه يعمل علي الإخلال بالنظام العام للدولة لأن البيانات المراد تدوينها بإثبات البهائية في خانة الديانة بالأوراق الرسمية محاولة لإثبات أن البهائية ديانة‏، علما بأن الأديان المعترف بها فقط هي الديانات الثلاث‏؛‏ الإسلام‏ والمسيحية‏‏ واليهودية‏،‏ أما البهائية فليست من الأديان المعترف بها‏.‏"

المثير أن المحكمة لم تمنح دفاع المواطنين البهائيين فرصة عرض دفاعه بشكل كامل حسبما أكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وأعربت المبادرة عن أسفها حيال عدم استجابة المحكمة لطلب فريق المحامين الممثل للمواطنين البهائيين صاحبي الدعوى الأصلية بتأجيل نظر وقف تنفيذ الحكم حتى تتاح له فرصة الاطلاع على تقرير الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزارة الداخلية وتقديم مذكرة بالرد عليه. وذكرت المبادرة في تعليق على الحكم نشرته على موقعها بشبكة الإنترنت أن المحكمة رفضت منح الدفاع مهلة للاطلاع على المستندات التي قدمها عدد من المحامين الذين طلبوا التدخل في الدعوى لصالح وزير الدخلية أثناء انعقاد الجلسة والرد عليها. وأشارت إلى صدور الحكم من دون أن يقوم فريق الدفاع بتقديم أي مذكرات أو تقديم مرافعة كاملة للرد على الدفوع التي أبداها كل من ممثل الحكومة وطالبي الانضمام.

يفجر قرارا محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا مجدداً الصراع الدائر بين مواد الدستور المدنية ومواده ذات المرجعية الدينية. ففيما يبدو أن قرار القضاء الإداري قد قام على المادة السادسة والأربعين من الدستور التي تنص على أن تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، من المؤكد أن قرار المحكمة الإدارية العليا قد جاء متسقاً مع المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الاسلام دين الدولة، وأن مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع. من الملاحظ أن المادة السادسة والأربعين من الدستور المصري الذي تم إعلانه في 11 سبتمبر 1971 وتم تعديله بتاريخ 30 ابريل 1980 تتحدث عن حرية العقيدة على إطلاقها من دون أن تحدد الأديان السماوية، ولكن المادة الثانية من الدستور التي استحدثت في تعديل عام 1980 يبدو أنها قد جاءت لتنسخ ما عاداها من مواد مدنية قد تحمل تعارضاً ضمنياً مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ومن ثم فقد نسخ قرار المحكمة الإدارية العليا المبني على المادة الثانية حكم محكمة القضاء الإداري الذي قام على المادة السادسة والأربعين.

الازدواجية في مواد الدستور المصري، التي نجد له مثيلاً في معظم دساتير الدول العربية والإسلامية، أوجدها الرئيس السادات بغرض توظفها لخدمة أهداف نظامه الحاكم. جرت العادة منذ ذلك الحين أن تستخدم البنود المتعلقة بالحريات في إعلام المجتمع الدولي باعتماد حرية العقيدة كمبدأ دستوري، بينما يكون استخدام البنود المتعلقة بالشريعة الإسلامية بغرض الاستهلاك المحلي، والمزايدة على الدين، وخطب ود التيارات المتشددة. مع هذه الازدواجية بقيت أحكام القضاء تتأرجح بين الاعتدال والتسامح المبني على المواد المدنية للدستور والتشدد والتزمت القائم على أحكام المواد الدينية والشريعة الإسلامية. تزامنت إضافة النص الدستوري الخاص بالشريعة الإسلامية في مصر والعالم العربي مع صعود المد الإسلامي في الربع الأخير من القرن الماضي بتحريض وتشجيع من الأنظمة الحاكمة. مع النمو المطرد في النفوذ الإسلامي وامتداده ليشمل كافة قطاعات ومؤسسات المجتمع المصري، باتت أحكام القضاء تعتمد في معظمها على المادة الثانية من الدستور.

جاء حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن البهائيين ليس فقط متماشياً مع الشريعة الإسلامية، ولكن أيضاً ملبياً لمطالب الجماعات المتأسلمة بحظر البهائية من مصر. لقد اعترضت جماعة الإخوان المسلمين على حكم محكمة القضاء الإداري الذي أقر بحقوق البهائية المدنية في المجتمع المصري، ومارس ممثلوها بالبرلمان ضغوطاً كبيرة على الحكومة، وطالبوها بالاعتراض والطعن في حكم المحكمة. ونقل موقع الإخوان على الإنترنت عن نواب الجماعة مداخلاتهم خلال نقاش البرلمان لقضية البهائيين فقال الدكتور أكرم الشاعر "إن البهائيةَ ليست فرقةً من فرقِ الإسلام وهم كفرة، وهذا رأي عددٍ من كبارِ مشايخ الإسلام مثل الشيخ القرضاوي والشيخ الشعراوي، علاوة على الأزهر الشريف، وإذا كان هذا هو الأمر فكيف يسمح لهم ويعترف بهم، علاوة على أنَّ الشريعةَ الإسلاميةَ هي المصدر الرئيسي للتشريع وهي تُجرِّم هذا الفكر المنحرف." بينما أشار السيد عسكر إلى أنه قرر التقدم بمشروع قانون لتجريم البهائية وتكفير معتنقيها. وأوضح مصطفى عوض الله أنَّ مشكلةَ البهائية أنهم يحركون بأصابع صهيونية، طالباً من وزارةِ الداخلية أن لا تخضع للابتزاز الرخيص من الفئة الضالة المسماة بالبهائية. أما الشيخ ماهر عقل فأكد أنَّ البهائيين ينطبق عليهم الكفر ويجب قتلهم، مستندًا للحديث النبوي الذي يقول "مَن بدَل دينه فاقتلوه".

تزامن قرار المحكمة الإدارية العليا مع الدعم المباشر وغير المسبوق الذي قدمته جماعة الإخوان المسلمين للقضاة المصريين في أزمتهم مع نظام الرئيس حسني مبارك. جاء وقوف الإخوان مع القضاة ليوضح بجلاء التصاعد المتعاظم للدور الذي تلعبه الجماعة في العمل العام، ومدى اختراقها لمؤسسات الدولة. لقد عرف عن الجماعة في الماضي تجنبها المواجهة المباشرة مع السلطة، لذا كان التدخل في أزمة القضاء أمراً يدعو للتساؤل والتعجب. فهل كان موقف الاخوان محاولة جديدة لكسب أرضية أوسع في الشارع المصري؟ أم أنه كان تعبيراً عن علاقة حميمة بين الطرفين؟ من جانبهم حاول القضاة النأي بأنفسهم عن الإخوان حين أعلنت لجنة متابعة قرارات الجمعية العمومية بنادي القضاة أن القضاة لا ينتمون لأي فصيل سياسي حسبما ذكرت صحيفة الأهرام بتاريخ اليوم الثلاثاء 23 مايو‏ 2006.‏

إن استقلال القضاء المصري الذي نطالب به يجب أن يكون استقلالاً كاملاً. هذا الاستقلال المنشود لا يكون عبر الفصل بين السلطات فقط، ولكن عن طريق الابتعاد عن نفوذ كافة جماعات الضغط السياسي، وبخاصة تلك التي تحاول فرض سيطرتها على المجتمع بأساليب ملتوية مثل اللعب بورقة الدين. لا أعتقد بجدية وصدق مساندة جماعة الإخوان المسلمين للقضاة في دعوتهم لاستقلال مؤسستهم، ولكني أرى أنها تعمل فقط لاستغلال الأزمة في تحريض الشعب المصري ضد النظام الحاكم مستفيدة من التئام القوى الوطنية المعارضة للرئيس مبارك. وإن كنت أرى في هذا الصدد أنه لم يكن لبعض الوطنيين أن يضعوا أيديهم في أيدي رجال الإخوان وأن يسيروا في ركب جماعة لا مصداقية لها. فالقضاة والقضاء سيكونون من أوائل من ستنال منهم ومن كرامتهم ومن استقلالهم الجماعة في حال مجيئها إلى السلطة في مصر. إن الجماعة التي لا تحترم حرية العقيدة، وتكفر أتباع الأديان الأخرى كالبهائيين وتطالب بقتلهم لا يمكن مطلقاً ائتمانها على العدالة.

لقد جاء حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن حقوق البهائيين في مصر ليعكس التدهور المستمر في اوضاع الأقليات الدينية، وليشير إلى الأثار المترتبة للمواد التي تجعل من الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع على حريات العقيدة، ولينبه إلى التهديد الذي تشكله جماعات التطرف وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين على مستقبل المجتمع المدني. عدم الاعتراف بالبهائية لكون رجال دين لا يعترفون بها يثير العديد من الأسئلة حول موقف المسيحية واليهودية اللتين يدعي المتطرفون ومنهم جماعة الإخوان المسلمين أنه جرى تحريفهما. من المؤكد أن النفوذ المتزايد للجماعات المتطرفة والإخوان المسلمين وتوغلهم في مؤسسات الدولة سيأتي على حساب الحريات العامة، كما أن الاعتماد على المادة الثانية بالدستور في تكفير غير المسلمين سيكون سيفاً مسلطاً على رقبة حرية العقيدة في مصر.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الزي الموحد يفضح عنصرية نجاد
- دافينشي كود بين مبدأي حرية التعبير والتسامح
- التديين التجاري وهداية هيفاء الواوا!
- قراءة في حديث استباحة فوضى القتل
- الأخ العقيد يصدر التطرف إلى إفريقيا!
- في إستقطاب الفتيات وتغييب العدل والشفافية والحريات!
- معضلة الإرهاب الديني
- التحالف مع الإرهاب تحالف مع الشيطان!
- إعتداءات دهب وكشف عورة الإرهاب
- الهروب من المسئولية في أحداث الإسكندرية
- إيران من اللعبة النووية إلى المواجهة النووية
- إلى شهداء الحرية: شكراً؛ ليس حب أعظم من هذا
- أثر الوسواس الديني في الفكر التحريمي – فتوى التماثيل كنموذج
- مبارك، العراق وفضيحة الصحافة في مصر
- مملكة الحق
- العنف وحرب المناصب في مصر
- مثلث التطرف والأمن وحقوق الإنسان بعد 9/11
- ضريبة حرية العقيدة: اللوث العقلي والنفي
- عمرو موسى ودبلوماسية الديمقراطية والتنمية
- دعوة للجهاد ضد المسيحيين العرب؟!


المزيد.....




- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - الإخوان يستهدفون حرية العقيدة في مصر