أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - بورتريه الفيلسوف من خلال أدواره في حياته العادية














المزيد.....

بورتريه الفيلسوف من خلال أدواره في حياته العادية


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6371 - 2019 / 10 / 6 - 15:59
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


"نجح الفيلسوف في جذب رجل من الحشد إلى الأعالي... وأن يرتفع إلى اعتبار العدالة والظلم" –أفلاطون- محاورة ثياتات-
مهما كانت الفلسفة التي يتحرك ضمنها المرء فهي تنتمي إلى هذا العالم وترتبط بالضرورة بذوات إنسية ومهما كان الفيلسوف الذي يفكر وينظر ويقارن ويلتزم ويفعل فهو مسؤول عن أقواله وأفكاره وأفعاله عند اختراقه أطر هذا العالم وتجاوزه حدود المعرفة وضربه على الحائط قوانين المدينة ودنوه نحو آفاق بعيدة. على الرغم من الاستهجان الكبير الذي تتعرض له الفلاسفة من الجمهور وبعض المناوئين المعاندين مثل رجال الدين والعلم والمال والخبراء الجدد في البرمجيات ومنظومات الاتصال إلا أن الفلسفة موجودة بقوة في برامج التعليم وتدرس في مراحل متقدمة وتمتلك أقساما مستقلة في كليات الآداب وتقدم كدروس عامة في كليات العلوم ومعاهد التربية والصحافة والطب ولكنها غائبة بشكل ملحوظ عن كليات الهندسة والتقنية. الفلسفة هي مادة صعبة وتتكلم لغة غامضة وتعتمد مناهج معقدة وتوظف مجموعة من المفاهيم المجردة ولذلك ظهر تعارض بينها والمجتمع وناصبها العامة العداء وحاولت السلطة السياسية توظيفها لصالحها وخارج إرادة الفلاسفة ورغبتهم في التغيير نحو الأفضل وإيمانهم بالتقدم وطرحهم السؤال الأساسي للحياة. كما تريد الفلسفة قول الحقيقة في عالم مليء بالأكاذيب والظلم ويسعى الفيلسوف لإنارة الرأي العام وسط دعاية مضادة تسعى لتنويم الناس والتلاعب بالعقول وتصنيع الغباء المبرمج وغسل الأدمغة بالإشهار والدمغجة ولذلك يتسلح بالنظرية الثورية لكي يدافع عن الحق في وجه القوة وينتصر للعدالة ضد التفاوت والتمييز ويحاول إنقاذ كرامة الإنسان من كل سلعنة وتشيىء ويرفض السلطة ويرفع اللا ضد للبلاهة والحماقة. من جهة ثانية يعي الفيلسوف وضعه البسيط في العالم ويدرك منزلته العادية ويعرف صعوبة مهمة تغيير النظام وفقدانه للسلطة التي تخول له نمذجة العالم حسب مشروعه العقلاني ولكنه يتدخل في الشأن العام تاركا اليأس جانبا ويغامر بإلقاء نفسه ضمن التجربة التاريخية حاملا فانوسه معه مخاطرا بحريته ومعرضا حياته للتهديد الجدي ولكنه يتمسك بالحبال الديمقراطية التي تشده إلى المدينة المتحضرة وتساعده على مواجهة مصيره. زد على ذلك اللافلسفة هي جزء من الفلسفة بما أن المعقول هو محاربة لللامعقول وطالما أن التفكير مضاد للاعتقاد والنقد سلاح منهجي لتفكيك التعصب للآراء الجاهزة والقناعات الموروثة ودعوة لاستعمال العقل بحرية. بطبيعة الحال الرواق الفلسفي هو ميدان حوار وأرضية نقاش وميدان للمبارزة الفكرية بالحجة المنطقية والحقيقة الدامغة وفضاء تجريبي للذكاء البشري ومراكمة التجربة ومحاولة مستمرة للوعي بالعالم والتفاني في الارتقاء به للأفضل ومخاطبة متواصلة للإنساني في الإنسان وبحث عن الفردي في المجموعة وتشجيع على الابداع. كما تخوض الفلسفة معركتها الرسالية ضد العنف المسلط عليها من كل جانب وتستنجد بنقاء الحقيقة وطهارة الحق ونبل التسامح وتلوذ بقلعة الحكمة ومنطق المعنى وسمو الواجب لكي تريد الحياة من أجل المدنية فقط ولكي تظل وفية للتجربة البشرية والواقع الموضوعي ولكي تعيد ترتيب الأشياء في العالم بطريقة منصفة. علاوة على ذلك لا تحقق الفلسفة المعجزات بالنسبة للبشرية ولا تتضمن المنفعة المطلقة ولا توفر للجمهور القناعة التامة ولكنها تصون الكرامة زمن التدهور وتنقذ الحرية في أوقات الاغتراب وتعارض الاستغلال والاستبداد وتأمر بالثورة في وجه الظالمين وتقدس الإخلاص للشعب والوفاء للقيم والصدق في الأقوال والأعمال. صحيح أن الفيلسوف يخوض مطالب بالتغلب على الكثير من التحديات وتعترضه جملة من العراقيل ويجد نفسه أمام عدة خيارات متناقضة ولكنه يمارس الاحتراس والحذر والحكمة ويلزم الحيطة والفطنة والذكاء ويرفض الاختفاء والتواري في اللحظات الحاسمة والمعارك المصيرية ويتحلى بالشجاعة والفعل الثوري. كما تبقى الفلسفة متاحة للجميع ويظل هدفها الأبرز تحقيق إنسانية الإنسان وترك حرية القرار للفرد في نحت كيانه وللمجموعة من أجل تقرير مصيرها وتبقى تقوم أي غياب تراجيدي يمكن أن تتعرض له من التاريخ وتراهن على ظهور الفيلسوف في كل عصر لكي يجدد شبابها ويعيد الاعتبار للعمل الهادئ الذي تقوم به. من هذا المنطلق تكمن المنفعة التاريخية من وجود الفلسفة في مجتمع معين في مساهتمها في التخلص من الخرافة والشعوذة واعتماد المنهجية العلمية في الرؤية المعرفية وتشغيل الحكم العقلي في اختيارات الحياة والأبعاد العملية وفي القضاء على الهمجية والغرابة التي تسم الوضع البشري وتأسيس التحضر والمدنية والتلاقي بالعالم. على هذا الأساس يشتغل الفيلسوف على تحويل البديهيات التي يؤمن بها القطيع الى مشاكل محيرة وأسئلة مستفزة ويذهب في اتجاه القطع مع الرضوخ والاستسلام للتقاليد والعادات لكي يشق طريقه نحو الحقيقة بنفسه ويرنو إلى الخلاص الجماعي من العبودية الطوعية للفساد والتسلط ويلوح بالإطار العقلاني للحق.
لا يجب على الفيلسوف أن يأتي متأخرا ولا يقبل من أي تبرير عند تأخره عن قول الحقيقة والشهادة على ما يحصل في عصره ولا يجوز البقاء في حالة الحياد والجلوس على الربوة في المنعطفات التاريخية وانما يمكن التبكير ويجوز المبادرة وتقبل الاستفاقة قبل الجميع شرط أن يتبع القول الفعل ويصير الفكر التزما. غني عن البيان أن يتراوح وجود الفيلسوف بين الجد والهزل وينتقل من الاعتراف بالجهل إلى البحث عن المعرفة ويتعفف عن حقارات الحياة التي ينهمك فيها العامي ويرتفع بنفسه إلى عالم الأفكار والمثل والمبادئ ولكنه ما يلبث أن يعود إلى الحياة الاجتماعية لكي يمارس دوره الطليعي في التثقيف والتوعية والإرشاد إلى الأحسن. فَيَا تُرَى من يشكل صورة الفيلسوف في مجتمع استهلاكي وتعصف به تجاذبات السلطة والتراث والميديا؟

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصول تفسير الأحلام عند بن سيرين
- الدعائم الرياضية والطبيعية للفلسفة العقلية عند ابن باجة
- السرد الفلسفي للحياة الطبيعية عند ابن طفيل
- أهمية تدريس الفلسفة للأطفال
- السلطة السياسية، نهاية اللاهوت السياسي حسب بول ريكور
- العملية الانتخابية والسلوك الديمقراطي
- الثورة الشعبية بين المد والجزر
- النظرة الحسية والرؤية الوجودية والإبصار المعرفي
- أدب المناظرة والتأسيس الديمقراطي للحياة السياسية
- السباق نحو الرئاسة في الانتخابات التونسية
- أسبقية الوجود على الماهية عند صدر الدين الشيرازي
- نور الدين البطروجي وميلاد علم الفلك الحديث
- الميزان الطبيعي عند أبي بكر الرازي
- مجمع الأنا وفرضية الرجل المعلق عند ابن سينا
- معنى حضور الإنسان في العالَم
- صدور كتاب تطبيقات فلسفية
- نظرية الأعداد وعلم الهندسة عند ثابت ابن قرة
- كيف يتحقق الاستقرار الاجتماعي في ظل التفاوت بين الطبقات؟
- تطور علم الميكانيكا عند ابن ملكا البغدادي
- عمر الخيام واستخدام العدد المجهول


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - بورتريه الفيلسوف من خلال أدواره في حياته العادية