أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - مراجيح الناثر بدر شاكر السيّاب. . دمامة اللغة بعيدًا عن وهج القصائد















المزيد.....

مراجيح الناثر بدر شاكر السيّاب. . دمامة اللغة بعيدًا عن وهج القصائد


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6321 - 2019 / 8 / 15 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


صدر عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" كتاب "مراجيح الناثر بدر شاكر السيّاب" للكاتب والروائي جاسم المطير الذي حاول كشف "البيئة السياسية" التي أحاطت بالسيّاب وجعلته يتأرجح باتجاهات شتّى ألحقت الضرر بسمعته الشخصية، وأساءت كثيرًا إلى وضعه السياسي، وقناعاته الفكرية الرخوة التي أفضت إلى انتهازيته الفجّة، ونفاقه الإيديولوجي الواضح للعيان.
يتألف الكتاب من مقدمة مستفيضه و14 مقالة يردُّ فيها جاسم المطير على كتاب "كنتُ شيوعيا" للسياب و "رسائل السياب" للكتاب ماجد السامرائي، كما تتشظى مادة الكتاب لتغطّي جانبًا من السيرة الذاتية للسيّاب، وسيرة المؤلف الذي تعرّف إلى السيّاب في الخمسينات، كما تعرّف في السبعينات إلى الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي كان ينافس السيّاب على ريادة التجديد في الشعر العربي إلى جانب نازك الملائكة.
يعترف المطير بأن مقالات هذا الكتاب لا علاقة لها بشعر السيّاب وشاعريته لأنه ترك هذه المهمة للنقاد والباحثين وأعلنَ صراحة أنه لا يمتلك خبرة في هذا المضمار البعيد عن تخصصه السردي في كتابة القصة، والرواية، وأدب المذكرات، ولو بذل المطير جهدًا مُضاعفًا لكتب سيرة ذاتية متفردة للسيّاب بما لها من مزايا ومحاسن، وما عليها من مساوئ وأخطاء.
لا يعتمد المطير في كتابه على ذكرياته الشخصية فقط، وإنما يستعين بآراء كُتّاب وصحفيين آخرين وأناس عاديين من كوادر الحزب الشيوعي العراقي أمثال عبدالوهاب طاهر، والصحفي عبّاس سكران وغيرهم الكثير. فقد حدّثه عبّاس أنّ السيّاب كتب قصيدة "أنشودة المطر" في "البيت الشيوعي" في الكويت في أثناء إقامته هناك عام 1953، كما تطرّق إلى انعزاليته، وولعه بالقراءة، وتزايد إهتمامه بالأساطير التي كانت تغذّي مخيلته الشعرية المتوقدة. وقال الشاعر ألفريد سمعان:"إن أفضل قصائد السيّاب من حيث الموضوع، واللغة، والثقافة هي تلك التي كتبها عندما كان داخل قلعة الحزب الشيوعي العراقي، السياسية والثقافية" وهو يعني "الأسلحة والأطفال"و "المومس العمياء" و "حفّار القبور". ومَنْ يقرأ هذه المجموعات الثلاث يشعر بقدرة السيّاب على ملامسة المعاناة الإنسانية لشرائح واسعة من المجتمع العراقي.
يرصد المطير المصادر الثقافية للسيّاب فيعزوها إلى كُتّاب وشعراء بريطانيين وألمان أمثال شكسبير، وإليوت، وأيديث ستويل، وغوته، ورامبو، وبودلير وأنّ تلك القراءات هي التي صوّرت له أن التحرّر من الفكر الحزبي الملتزم هو الخلاص الذي يفضي به إلى الإبداع الحقيقي بعيدًا عن الشعارات الجوفاء التي لا تسمن ولا تُغني عن جوع. أما بصدد مذكراته الحزبية- السياسية فيعتقد المطير أنها "ذات صبغة عاطفية، غاضبة، سريعة، انتقامية، ثأرية لا تحمل وضوح الفلاسفة والعلماء". كما يذهب أبعد من ذلك حين يقول:"أنها كُتبت بأسلوب نثري ضعيف كما أجمع الكثير من الذين قرأوها، بضمنهم شقيقه الأصغر مصطفى السيّاب". ويُعيب عليه لجوءه إلى مؤسسة بنيامين فرانكلين الأمريكية التي ترجم لها كتابين مقابل 700 دينار عراقي وهو مبلغ كبير جدًا آنذاك. لم يعمل السيّاب بمفرده على تشويه صورة الحزب الشيوعي العراقي فقد كان أدونيس يلحُّ عليه لإرسال مُذكرات "كنتُ شيوعيًا" كي ينشرها في كتاب ببيروت كجزء ممنهج من عملية التشويه المتعمدة علمًا بأنّ أدونيس نفسه قد ترجم كتاب "التعذيب في سيبيريا".
يعتقد المطير أن هجوم السيّاب على الحزب الشيوعي قد جاء لسببين لا ثالث لهما: الأول أنّ الحزب لم يمنحه الريادة في الشعر الحر والأسبقية على نازك والبياتي، والثاني هو اعتقاده بتقصير الحزب في نشر وترويج قصائده الحره وانحيازه إلى شعراء عراقيين آخرين مثل البياتي وبلند الحيدري، مع أنّ النقاد العراقيين، كما يذهب المطير، لم يروا أية فروق في ناحية التجديد الشعري بين الشعراء الثلاثة ولم يكن للحزب أي دور في هذا التقييم النقدي آخذين بنظر الاعتبار أن السيّاب هو الشاعر الوحيد الذي نال شهرة عراقية وعربية كبيرة بعد وفاته، وسوف يحقق الشاعر سعدي يوسف شهرة عربية-عالمية في أواخر التسعينات حين عرّت قصائده ما يحدث من فظائع داخل "الغابة الفاشية" للدكتاتور ، وحزبه القمعي الذي سلب حرية البلاد والعباد معًا.
يُركِّز المطير على ثلاثة شعراء مدّاحين وهم الجواهري والسيّاب وعبد الرزاق عبد الواحد، فالأول مدح الملك فيصل الثاني لكنه استعاد ثقة المواطنين به، والسيّاب مدح الزعيم عبدالكريم قاسم يوم 7 شباط 1963 بقصيدة "أغثني يازعيمي" قبل الانقلاب بيوم واحد لكنه تحول خلال 24 ساعة إلى مادحٍ للانقلابيين الطغاة وأعلن عن خلاصه من الليل القاسمي الحالك السواد، وأنشد للبعثيين وغنّى لهم لكنه سرعان ما تخلّى عن هذا الغناء لأنهم لم يقدموا له الأموال والعطايا كما كان يفعل "زعيمه العبقري الأوحد". أما عبد الرزاق عبدالواحد فقد ظل حزينًا على الدكتاتور، ووفيًا له حتى بعد مماته، ولم يعتذر للعراقيين أبدًا.
يمجّد المطير الشاعر التركي ناظم حكمت الذي تأثّر العراقيون والعرب به وبشعره، لأنه كان ثوريًا ومناوئًا للسلطة العسكرية القامعة في بلاده، وحينما زُجّ به إلى السجن ارتفع صوت بابلو نيرودا مُطالبًا بإطلاق سراحه لكنه ما إن أُخلي سبيله حتى هرب إلى موسكو وتحوّل إلى أسطورة حيّة تعيش في أذهان الناس. يخلص المطير إلى القول بأن واقع وخيال السيّاب لم يكونا ثوريين في التعبير الدائم عن مكامن البيئة-الثورية الشعبية العراقية.
يؤكد المطير بأن السيّاب لم يكن شاعرًا مفكرًا على غرار غوته، وقد برهن خلال عمره القصير (38 عامًا) "بأنه ليس شخصية فكرية- نضالية إلاّ بحدود". أما بصددأحلام السيّاب فقد كانت كثيرة من بينها اللجوء إلى موسكو، والحصول على شهادة الدكتوراه، وأن يجد حياته محمية في دولة متقدمة، لكنه كان بالفعل ذا حظ عاثر، فما أن هُرِّب إلى طهران على أمل المشاركة في مهرجان الشبيبة في بوخارست عام 1953 حتى اضطربت الأوضاع فعاد إلى عبادان ومنها إلى الكويت ليجد نفسه في البيت الشيوعي ثانية فكتب قصيدة "غريب على الخليج" في جو من الانقطاع والعزلة وكان يردد دائمًا بأن "الغربة دمار، وأنّ السجن أهون من الغربة"، ولم يستطع أن يحقق توازنه في بلدٍ ليس فيه مطر ولا شناشيل.
يصل المطير إلى نتيجة مفادها أن السيّاب لم يتعمّق بالمبادئ الشيوعية وأفكارها وخططها، ولم يقرأ جوانب النظرية الماركسية، وأن مقالاته الأربعين هي "محاولة فاسدة في الكتابة الفردية المتعالية على الجماعة الشيوعية. . وتحريض على مساراتها النضالية". ثمة إشارة مهمة إلى تلبية السيّاب لدعوة "خميس الشعر" ببيروت التي تحدّث فيها عن الدين كثيرًا كأنه يريد القول بأنه ليس ملحدًا وقد قطع صلته بالحزب الشيوعي نهائيًا، وقد قرأ في هذه الأمسية شعرًا لمدة ساعتين متتاليتين، وبعدها قرّر قسم اللغة العربية في الجامعة الأمريكية اعترافه بالشعر الحر وإدخاله في مناهجها المستقبلية حينها شعرَ "أنه إله الشعر العربي المتميز بالذكاء الخارق" وأنّ قريته جيكور قد استردته من أيدي الشيوعيين الذين وصفهم بأوصاف شتى أقلّها الإلحاد والإباحية والتبعية لموسكو، ناسيًا أو متناسيًا، أنه كان عنصريًا في مقالاته الأربعين ومتزلفًا لزعيمه الأوحد، ورجعيًا في التعامل مع المرأة، ومُشككًا بعفتها وعِرضها بلغة هزيلة لا ترقى إلى منزلة المجدد في الشعر العربي الحديث.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم نباح يرصد تفكّك الأُسَر المهجّنة في بلدان الشَتات
- صمتُكَ كثيرٌ وظهيرتي لزجة: شطحات شعريّة تخرق المسكوت عنه
- البنتُ التي لا تحِّبُ اسمَها رواية تُراهن على قوّة الخيال
- وردة الأنموروك رواية تستعيد الإبادة الجماعية للأرمن
- إكس عدرا ترصد قصص الناجين من الموت الممنهج لنظام الأسد
- رواية الاغتيال. . دعوة لتنظيف البيت العربستاني
- أزاهير الخراب رواية تنسف التيمة وتراهن على اللعبة السردية
- أكثر من 100 عرض على مسرح دار الأوبرا السلطانية مسقط في موسمه ...
- أنبياء سومريون.. بحث رصين يدحض النظريات المُضللة
- أربعة فنانين يلجون متاهات المدن والأساطير الأذربيجانية القدي ...
- سيدات القمر رواية بريئة من الغزل المزعوم للقيم الأوروبية
- العلموي. . رواية كابوسية بين الجد والهزل
- رحيل فوزي كريم، الأيقونة الباسمة، وصيّاد الأفكار المراوغة
- انعتاق الرغبة رواية جريئة ترصد العبور إلى الجنس الآخر
- سواد . . . محاولة لتدوين الأحلام والكوابيس
- أديب كمال الدين: أخلصتُ للحرف حتى أصبح بصْمَتي الشعرية
- بغداد في أخاديد الذاكرة
- ديسْفيرال. . حياة ناقصة تستعير ذاكرة الآخرين
- معالجة جديدة لثنائية الشرق والغرب في فيلم تبّولة وباي
- الفنان علاء جمعة يوثِّق الذاكرة العراقية بعين تشكيلية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - مراجيح الناثر بدر شاكر السيّاب. . دمامة اللغة بعيدًا عن وهج القصائد