أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أياد الزهيري - نظريات أختنقت في غير فضاءها















المزيد.....

نظريات أختنقت في غير فضاءها


أياد الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 6302 - 2019 / 7 / 26 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثير هي النظريات الفلسفيه والسياسيه التي أفرزتها قرائح الفلاسفه والمنظرين السياسين , حتى ملئت مكتبات العالم, ولكن قليل منها ما نزلت لأرض الواقع وتفاعلت معها الشعوب. كثيره هي الكتب التي دفنها غبار النسيان عبر الزمن , ولم تأخذ طريقها الى التطبيق, أنها تعبير عن آمال وأحلام أصحابها , وقد يكون الكثير منها واقعيه ولكنها بالنهايه تصطدم بواقع لا يتيح لها فرصة النجاح رغم مما تحمله من أفكار عظيمه وراقيه , ولكن أخيرآ لا تقر الا ما يقرره المزاج الشعبي . فأذا أمعنا النظر في عدم أستمراء وقبول هذه الشعوب لهذه الأفكار لوجدنا أن هناك ميراثآ من المنظومات القيميه , وأشكال من المنظومات السياسيه المستقره في لا شعور هذه الشعوب, فهي من تتراكم في بواطن نفوسها , وتشكل وجدانها. فهذه الشعوب تستمرء ما ينسجم معها , ويتناغم مع مزاجها, فهي تتفاعل مع منظومه , ولا تقبل أخرى , والفيصل في ذلك هو نوعية الموروث الذي أنتظمت عليه حياتهم. طبعآ يمكنك تلمس ذلك من خلال الكثير من الأنظمه السياسيه التي فرضت على شعوب بالقوه والأكراه وكان ثمن تطبيقها دماء وأرواح عظيمه , ولكنها بعد حين لم يكتب لها النجاح , وهنا يمكننا الأشاره الى النظام الأشتراكي الذي طبق في الأتحاد السوفيتي والذي راح ضحية تطبيقه ملايين البشر , ولكن بعد حين من الزمن لم يتجاوز الثمانين عام سقطت التجربه السوفيتيه وعادت شعوب الأتحاد السوفيتي الى سابق منظوماتها , ومعتقداتها, فالكنيسه رجعت بقوه وأعادة سلطانها القوي حتى كاد المطران الأكبر حاضر في كل أحتفالات ومناسبات الدوله الروسيه , وهي كانت الداعم الأكبر للأحتجاجات في بولونيا ضد النظام الشيوعي فيها في عقد الثمانينات من القرن المنصرم , كما هو الحال في الجمهوريات الجنوبيه للأتحاد السوفيتيه ذات الأغلبيه المسلمه والتي رجعت لمنظومتها الدينيه التي أقصيت عنها قسرآ من قبل السلطات السوفيتيه , وأستقلت بجمهوريات مستقله وعادت شعوبها تمارس شعائرها وطقوسها ومعتقداتها التي منعت من ممارستها بعد ما ضمت قصرآ للمنظومه الأشتراكيه المتمثل بالأتحاد السوفيتي السابق , بل وأصبح بعضها بفعل ردت الفعل نتيجه الأرغام الأيديولوجي الشيوعي عليها أن أصبحت مصدرآ للتشدد الديني والمذهبي , ومنبعآ غزيرآ للأرهاب . وعلى سبيل المثال كان الأرهاب المنحدر من الشيشان أحد نتائج القمع والحرمان الديني , والتعسف في فرض منظومه سياسيه لا تنتمي اليه , وغريبه عن موروثه الحضاري. نفس الحال ما جرى في تركيا أتاتورك فرجعت تركيا أردوغانيه أسلاميه , وبنفس الطريقه حيث حاول رضا خان بعلمنة المحتمع الأيراني وفرض النموذج الغربي في البيئه الأيرانيه ذات الطابع الأسلامي الشيعي ,فعادت هي الأخرى الى منابعها في ثوره قادها اية الله الخميني.
يتضح مما تقدم أن هناك مراحل في عملية البناء الأنساني في جانبه العقائدي والفكري والنفسي لا يمكن تجاوزها والقفز عليها, وهذا ما لم يلتفت له الكثيرون من المفكرين السياسيين ,والأكثر منهم الذين يؤمنون بطرق التغير الثوري , حيث كشفت الأحداث عن قصورهم الفكري في فهم تطور الشعوب وعن جهلهم بالأطوار الحضاريه للأنسان فكان ثمن ما أقترفت أيديهم الدماء الغزيره والأرواح الكثيره.
أنت لا تستطيع مهما أوتيت من قوه أن تسلخ الشعوب مما تراكم فيها من تجارب وما ألفته من معتقدات لمئات ,بل لألاف من السنين وأصبحت جزء لا يتجزء من شخصياتهم الحضاريه . أن هذا الكم المتراكم من العادات والتقاليد والأعراف والمعتقدات , والتي ترسبت في لا شعور هذه الشعوب , هي من تقودها وهي من ترسم خطوط ومسارات حياتها , وهناك من يعبر عنها بأرواح الأباء والأجداد عند بعض الشعوب الأفريقيه والهنود الحمر في أمريكا التي يقيمون الأحتفالات والشعائر لها , هي بالحقيقه السنن التي تسننوا عليها , وساروا على وحيها منذ زمن بعيد.
أنطلاقآ من ذلك أعلاه أن لا أمل من كل الطروحات السياسيه , ومن النظم الدستوريه , والتي نجحت في بيئات وتجارب أخرى ,من أن تأخذ طريقها في محاولة أصلاح واقعنا السياسي والأجتماعي , لأنك سوف تطبق نظريات سياسيه على شعب أنت غير فاهم لطبيعة مشاعره ولا لتاريخه , ولا لعقيدته الدينيه . هنا تأتي أهمية أن يقرأ المعني بهكذا محاولات الواقع الأجتماعي والحضاري والنفسي للمجتمعات المراد تطبيق برنامج سياسي معين عليها , وأن يكون حاذقآ بأستنباط النظم الدستوريه والسياسيه التي لا تتقاطع مع منظومة هذا الشعب القيميه والعقائديه , حتى لا يحصل التنازع بينها وبين ما هو دخيل عليها , فتحصل من الأختناقات ما يعكر صفو الجو العام في البلد , فنخسر الوقت والجهد والمال وربما الأرواح ونرجع القهقري , وتبدأ دوره جديده من الدوران الذي يرجع بنا الى نقطة الصفر فتصاب شعوبنا جراء ذلك بالغثيان , ورجال سياستنا بعدم الأكتراث لأعتقاد ينتابهم بأن هذه الشعوب عصيه على الأصلاح , وصعبة المراس . طبعآ من الأهميه بمكان أن نستذكر التجربه الفرنسيه في طريقة سياسة مستعمراتها , والتي تعتمد على تطبيق القانون الفرنسي بكل تفاصيله , وفرض الثقافه واللغه الفرنسيه بالقوه , مما دعى أبناء هذه المستعمرات وخاصه العربيه والأسلاميه الى مجابهة الأستعمار الفرنسي بكل ما أوتوا من قوه ,والثوره الجزائريه شاهد على ذلك , في حين أن بريطانيا لم تتبع هذا الأسلوب من الحكم في محاوله ألتفافيه بتعيين رجالات حكم من نفس البلد تحت مسمى الأنتداب , وهذا ما أعطى ميزه لبريطانيا تتميز به عن جارتها فرنسا فكانت أكثر نجاحآ وقدره في أدارة مستعمراتها ولم تجابه من التمرد ما جوبهت فيه فرنسا , وتشير أحصائيات الى أن ما أنفقته فرنسا يزيد كثيرآ مما أنفقته بريطانيا على مستعمراتها , وهذا يعتمد على المعرفه العميقه لنفسية الشعوب من قبل قادة بريطانيا مقارنه بقادة فرنسا .
بقي سؤال دائما ما يورق الكثيرين من العراقيين . كيف لنا أن نطور واقعنا السياسي والأجتماعي وأنا لنا أن ننتشله فيما هو فيه من تخبط وفوضى جعلنا نراوح مكاننا في حين تخطو الشعوب خطوات واسعه وسريعه في طريق التقدم ,مما سيخلق بيننا وبينهم فجوه كبيره تحرمنا من التواصل مع العالم والأستفاده من منتوجه العلمي والتقني. تخبط الكثير في تشخيص واقعنا , فقال البعض أن العقائد الدينيه تقف حجر عثره في طريق تقدمنا , وقال الآخر أن العرف العشائري هو المانع من تطبيق القوانيين التي مصدرها أمهات الدساتير المستقات من دساتير عالميه رصينه , وهناك ما يعزوه للأميه وعدم الوعي الثقافي ووو ولكن في حقيقة الأمر يجهل الكثير من مثقفينا حقيقة أن في منظومتنا الدينيه والأجتماعيه ما هو ثابت وما هو متحول , فالجزء الثابت يتمثل في العقائد وبعض الأحكام التعبديه والأخلاقيه , وهي منظومه تمثل العمود الفقري والركن الركين في منظومتنا الحضاريه , ولكن هناك جزء أخر متغير , والذي يسمى بالفقه بمنطقة الفراغ وهي المساحه القابله للتغير حسب مقتضيات الزمان, والحاجات المتناميه للأنسان , وغالبآ ما يملء هذا الفراغ الفكر الديني والذي يمثل الأجتهادات في الأحكام المتشابه , داعيك عن منطقة فراغ واسعه لا سلطان للدين عليها بل هو من المشجعين على تنميتها مثل التطور العلمي والتقني , والحديث النبوي (أطلب العلم من المهد الى اللحد ) خير دليل , كما أن ليس هناك أي تحريم في منظومتنا الدينيه في ممارسات اللهو البريء , والآيه القرآنيه تفصح عن ذلك (قل من حرم زينت الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ..) , وأني لا أرى هناك حجرآ في المنظومه الدينيه ما يتعثر به كل ساعي لبناء نظريه سياسيه تنقذ الواقع المتردي والمشبع بالنكسات والتجارب الفاشله . الساحه العراقيه تنتظر عبقريه تترجم فكرآ قرآنيآ أوضحته كلمات علي (ع) والتي تجعل المتامل فيها يسبح في فضاء واسع من الحريه والخلق والأبداع في مجال العمل الأنساني في قوله (لا تعلموا أبناءكم على عاداتكم فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم ) . فهل هناك من يقول أن طرق الدين ضيقه ولا تتسع للمرور الى رحاب العلم والتطور والحريه . أن من يسعى للخلاص عليه أن ينسج لشعبه منظومة حكم تنسجم مع خلفيتهم الحضاريه بكل عناصرها النفسيه والأخلاقيه والعقديه ,ففيها ما يسع لكل عمل خلاق يخدم الأنسان , ولكن ما يعوزنا الا الأبداع الذاتي , وأقتحام الصعاب وتحمل العناء , فالشعوب النشيطه ,هي من تأخذ مكانها بين الأمم بجداره.
أياد الزهيري



#أياد_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (على حافة الهاويه)
- جذور الدكتاتوريه في العالم العربي
- ليس هناك مجدآ
- أنتظار بطل
- الهروب من الحريه
- العشيره والسياسه
- العشيره وقوة القانون وسيادة الدوله
- الأنتلجنسيا وقوة التغير
- أعمده شرعنة للأحتلال العثماني
- مفهوم التقيه المفترى عليه
- حديث الفرقه الناجيه وجذور التطرف
- الولاء والبراء وجذور التطرف
- نحن في العصر الترامبي
- الفكر هو : الماكنه والوقود والسكه
- المرجعيه الدينيه والهويه الوطنيه
- العلاقه الجدليه بين الهويه الوطنيه وسيادة الوطن
- أشاعة المبالغه في وهم موت الله
- حكومة خدمات لا حكومة أيدلوجيات
- أمكانية التحول الأجتماعي
- العولمه وطمس الهويه التاريخيه


المزيد.....




- هل العودة لياسمين عبد العزيز ممكنة بعد الانفصال؟ أحمد العوضي ...
- شاهد ما يراه الطيارون أثناء مشاركة طائراتهم في العرض العسكري ...
- نتنياهو منتقدا بايدن: سنقف لوحدنا ونقاتل بأظافرنا إن اضطررنا ...
- البيت الأبيض: نساعد إسرائيل على ملاحقة يحيى السنوار
- أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات بايدن حول تعليق شحنا ...
- الخارجية الروسية تعلق على اعتراف رئيس الوزراء البولندي بوجود ...
- زيلينسكي: جيشنا يواجه -موقفا صعبا حقا- في المناطق الشرقية
- -حزب الله- يعرض مشاهد من عمليات عدة نفذها ضد الجيش الإسرائيل ...
- هل من داع للقلق في الدول العربية بعد سحب لقاح أسترازينيكا؟
- بنوك مودي في الهند تنفق 400 مليار دولار ليفوز بدورة ثالثة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أياد الزهيري - نظريات أختنقت في غير فضاءها