أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - الأخ العقيد يصدر التطرف إلى إفريقيا!














المزيد.....

الأخ العقيد يصدر التطرف إلى إفريقيا!


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 1545 - 2006 / 5 / 9 - 10:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أتحفنا العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر الليبية بخطبة دينية مفعمة بالتطرف ومليئة بالكراهية في الاحتفال بمناسبة المولد النبوي بالعاصمة المالية باماكو. لم يكن غريباً أن يقوم القذافي بالقاء خطبة في إحدى المناسبات الدينية، فقد عودنا الرجل طوال فترة حكمه التي بدأت عام 1969 على إظهار مواهبه كزعيم فذ وقائد من طراز فريد من خلال محاولاته القيام بأدوار السياسي المحنك والفيلسوف الحكيم والمصلح الإجتماعي الواعي والداعية الديني الملتزم. ولم يكن غريباً أن يخرج علينا "الأخ العقيد" بنظرية جديدة تتلخص في أن يسمح للمسيحيين بزيارة الأماكن المقدسة للمسلمين، فكثيراً ما أعلن الرجل عن نظريات عبقرية وأفكار ملهمة عبر عن بعضها في "الكتاب الأخضر" مثل الحكم الجماهيري أو التي عبر عنها في إطار ممارسته لسلطاته كقائد لليبيا مثل مشروع "النهر العظيم" و"إسراطين" والوحدة الأفريقية وغيرها. لكن الشيء المثير الذي جاءت به خطبة القذافي تمثل في الهجوم الحاد على المسيحيين وعقيدتهم وكتابهم المقدس، ودعوته لرسم السيد المسيح مرتدياً عمامة على هيئة قنبلة ذرية بصحبة نساء عاريات للرد على الرسومات الدنماركية التي اعتبرت مسيئة للإسلام. أعلم ان المسيحيين لم ولن يعيروا الخطبة "القذافية" أية أهمية، لأن أحداً لا يأخذ مطلقاً على "الأخ العقيد" الغريب الأطوار، فالمسيحيون ليسوا الضحايا الأوائل أو الوحيدين للقذافي، من قبلهم كان ولا يزال الشعب الليبي رازحاً تحت حكمه الاستبدادي.

سؤال ملح ظل يطوف بذهني طوال الأيام الماضية حول مغزى اختيار الأخ للعقيد العاصمة المالية باماكو للكشف عن وجهه المتطرف الذي لا يختلف عن كل الوجوه المتطرفة التي تطل علينا عبر وسائل الأعلام لتنفث سموم الكراهية والتعصب. الإجابة الوحيدة التي توصلت إليها كانت تتلخص في أن "الأخ العقيد" الذي فشل وحدوياً قومياً وناشطاً عربياً يسعى للنجاح أفريقياً. لم يجد القذافي وسيلة لنشر أفكاره الهدامة سوى عبر تبني الخطاب المتأسلم المتطرف في مخاطبة الوجدان الديني للمسلمين الأفارقة. لقد أدرك الرجل الدور الحيوي الذي يلعبه الدين في حياة الشعوب وبخاصة الفقيرة منها فقرر ليس فقط التمسح بالدين بل أيضاً ارتداء ثوب الداعية الديني المتطرف. لم يقم القذافي بدور الرئيس المؤمن - الذي سبق وأن لعبه من قبل الرئيس أنور السادات في مصر والرئيس صدام حسين في العراق - من خلال أسلمة المجتمع الليبي وفتح الطريق أمام المتأسلمين لنشر تطرفهم في ليبيا، ولكنه قرر القيام بدور الداعية المتأسلم في أفريقيا الفقيرة المتضورة جوعاً من خلال إهانة ومهاجمة عقائد الأخرين وعلى رأسهم المسيحيين.

تكمن خطورة خطبة القذافي في أنها وجهت إلى الشعب المالي المسلم المتسامح، وتحرضهم على الكراهية وتبني وجهات نظر ورؤى متطرفة. لمن لا يعلم فالمجتمع مالي يعد من الحالات النادرة التي تتسم بالديمقراطية والاعتدال بين المجتمعات الأفريقية والعربية والإسلامية. مالي دولة يسكنها ما يقرب من اثني عشر مليون نسمة؛ 90% منهم يدينون بالإسلام، 5% يدينون بالمسيحية، و5% يدينون بديانات أفريقية محلية. تتميز مالي عن غيرها من الدول الأفريقية بالتسامح الذي يسود بين أتباع الديانات والأعراق المختلفة. لا يكاد تقارير لمنظمة دولية لحقوق الإنسان يخلو من الإشادة بالحريات المدنية والحقوق السياسية التي أفضت إليها التجربة الديمقراطية في مالي التي بدأت عام 1991 بعد الإطاحة بنظام الدكتاتور موسى تراوري، إذ تضع هذه التقارير مالي في مرتبة الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان، رغم الفقر والإيدز والمجاعات، مانحة إياها تصنيفاً متقدماً يفوق كافة الدول العربية والإسلامية.

ترى ماذا كان الدافع وراء خطبة القذافي؟ أهو الحقد على شعب حر متسامح رغم فقره الشيديد، أم أن القذافي كان يريد تصدير الامراض المستعصية التي تعاني منها مجتمعاتنا إلى المجتمعات الصحية السليمة في أفريقيا؟ الشيء اللافت للنظر أن بعض فقرات خطاب القذافي المعادية للمسيحية قوبلت بتهليل وترحيب من الجموع الحاشدة التي استمعت للخطبة. فهل نجح القذافي بالفعل في بث الشقاق بين أبناء الشعب المالي؟ أخشى أن يقود التوجه الأفريقي لـ "لأخ العقيد" إلى تخلى النخبة الطيبة المعتدلة من شعوب القارة السمراء إلى التطرف والتعصب والكراهية، وأخشى أن يعرف التطرف طريقه إلى المجتمع المالي فيبدأ المتطرفون في شن حرب جهادية ضد الأقليات الدينية التي طعن "الإمام" القذافي في شرعيتها وسلامة عقيدتها خلال خطبته المسمومة.

كان أحرى بالقذافي – أقدم الحكام العرب وأكثرهم إثارة للجدل - أن يخجل من نظامه الدكتاتوري التعسفي أمام الشعب المالي الذي اختار الحرية والديمقراطية والتعايش السلمي. كان من الأفضل للقذافي أن يتعلم المعنى الحقيقي للتسامح الديني والعرقي من الشعب المالي الفقير بدلاً من أن ينشر أفكاره الدينية المتعصبة الهدامة. لم يكتف "الأخ العقيد" من النيل من الشعب الليبي المغلوب على أمره منذ سبع وثلاثين سنة، ولكنه بات يسعى للنيل من الشعوب الأفريقية الأخرى. إن أفريقيا اليوم بحاجة ماسة لمن ينقذها من الأفكار القذافية والتطرف، فالإلقاء بورقة التطرف الديني في المجتمعات الأفريقية الفقيرة كالإلقاء بعود ثقاب مشتعل في بئر نفط.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في إستقطاب الفتيات وتغييب العدل والشفافية والحريات!
- معضلة الإرهاب الديني
- التحالف مع الإرهاب تحالف مع الشيطان!
- إعتداءات دهب وكشف عورة الإرهاب
- الهروب من المسئولية في أحداث الإسكندرية
- إيران من اللعبة النووية إلى المواجهة النووية
- إلى شهداء الحرية: شكراً؛ ليس حب أعظم من هذا
- أثر الوسواس الديني في الفكر التحريمي – فتوى التماثيل كنموذج
- مبارك، العراق وفضيحة الصحافة في مصر
- مملكة الحق
- العنف وحرب المناصب في مصر
- مثلث التطرف والأمن وحقوق الإنسان بعد 9/11
- ضريبة حرية العقيدة: اللوث العقلي والنفي
- عمرو موسى ودبلوماسية الديمقراطية والتنمية
- دعوة للجهاد ضد المسيحيين العرب؟!
- شرك الديمقراطية في أفغانستان
- عبد الرحمن الأفغاني شهيداً للحرية؟!
- حقوق الإنسان في العالم العربي: قيود... تمييز... وتعذيب...
- صمت الأغلبية ومواجهة التطرف
- إختلاف القيم وصدام الحضارات


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - الأخ العقيد يصدر التطرف إلى إفريقيا!