أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - الآن - العدد (36) نيسان 2006















المزيد.....



الآن - العدد (36) نيسان 2006


حزب العمل الشيوعي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1540 - 2006 / 5 / 4 - 11:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الآن •إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديموقراطي معاصر لكل المجتمع.
• قيام أوسع جبهة عمل ديموقراطي علني وسلمي.
• مقاومة وإسقاط المخططات الأمريكية والصهيونية.
• حزب يساري من طراز جديد.
نشرة غير دورية تصدر عن حزب العمل الشيوعي في سورية Syria now @ Personal. Ro
العدد (36) نيسان 2006 سعر النسخة 25 ل.س
1ـ الافتتاحية
2 ـ الجلاء.. الوطنية.. الاستقلال
3 ـ حكومات اللون الواحد من «فتح» حتى «حماس»
4 ـ خدام وجبهة الخلاص
5 ـ العراق من الدولة المدنية إلى الدولة الدينية
6 ـ أسباب فشل القوى الديموقراطية العربية في التقدم إلى الأمام
7 ـ التيار الوطني الاجتماعي حاجة موضوعية أم رغبات ذاتية؟
8 ـ العصبية السورية والانتماء إلى سورية
9 ـ من الذاكر ة



الافتتاحية:
استمرار القمع السياسي عنوان مرحلة التحديث والتطوير
قد يتساءل الكثيرون عن الخط الرئيسي لبرنامج الإصلاح الذي طرحه النظام منذ أعوام عدة. ولن تكون الإجابة بهذه السهولة أو السرعة، لأن أي مراقب للشأن العام السوري سيبحث عن ومضات الإصلاح الجارية على قدم وساق " كما يصورها إعلام النظام وممثلوه" ولكن دون جدوى . وسيجد لوحة كوميدية سوداء بامتياز لبرنامج الإصلاح والتطوير والتحديث .
المشهد الأول :
استشراء الفساد الاقتصادي والاجتماعي والإداري المعمم الصنو اللازم والضروري لاستمرار النهب البيروقراطي ، والذي لا يزال يحتل أحد أهم السمات العامة للنظام القائم ، ولا نعتقد بأن سحراً ما سيحصل لتغيير هذه السمة " فالسارق هو الذي يراقب ويحاسب السارقين، وهو المصلح وحامي النظام،أما القاضي فأحد أهم شروط عدالته أن يكون مرتشياً ، والبلد يدور في حلقة مفرغة ليس لها " بداية ولا نهاية " أحد عناوين روايات نجيب محفوظ وأحد أهم سمات ومعالم البورجوازية البيروقراطية وخطها البياني المنحدر نحو التحول إلى اقتصادات السوق أو التفسخ " حالة عبد الحليم خدام وغازي كنعان " أو الحالتين معاً ، أما إذا أردنا المرور إلى العقلية والترهل البيروقراطي فحدث ولا حرج !.
أما ذروة التراجيديا في المشهد السياسي السوري فهو" الحريات السياسة التي تشهد بؤساً في التمثيل والإخراج وغياب الإبداع عنها. فالنظام لازال يعتمد المدرسة الكلاسيكية في إدارة المسرحية " أي الوطن ككل " وفق مؤثرات صوتية لما سمي بالثورات البرتقالية والزرقاء والأرز _ بعد تراجع الثورات الحمراء _الهاجس الذي تعيشه السلطة و الغير مفهوم، والذي ينعكس في أدائها السياسي وردات فعلها تجاه أي حدث مهما كان صغيراً . وكأن التجربة في تلك الساحات ستقع عاجلا ً أم آجلاً. وهنا سنفصل أكثر : إذا كان النظام السوري نظام بوليسي " تعبير أكثر ملائمة من ديكتاتورية مخففة " يحاول البطش بالهيئات المدنية الوليدة ويئدها دون مبرر سياسي حتى من وجهة نظر النظام إذا عقلّن رؤيته وسلوكه. السؤال الذي يقفز مباشرة إلى الذهن: لأي سبب يعتقل الأستاذ رياض درار الإسلامي المتنور ويصدر حكماً بحقه خمس سنوات من قبل محكمة أمن الدولة السيئة الصيت وذلك قبل بضع أسابيع منصرمة والتي أصدرت بنفس اليوم حكما ً مؤبداً بحق السيد عبد الستار القطان خفض إلى أثني عشر عاما بتهمة انتمائه إلى الأخوان المسلمين . وفي السياق ذاته أعيد اعتقال علي العبد الله وولديه عمر ومحمد الذي سبق وأفرج عنه قبل أشهر قليلة " مابتلبقلو الحرية " ومحمد غانم الذي تعرض هو الآخر إلى الاعتقال إثر أحداث القامشلي قبل عامين، واعتقال عادل محفوض لحمايته " من ماذا ؟ الله وأعلم " وتوقيف آخرين لأيام " عمار قربي، سمير النشار ومطيع منصور " أفرج عنه بعد ثلاثة أيام من توقيفه ومحمد صالح الذي لا يزال قيد الاعتقال حتى تاريخه " وأسماء أخرى تعرضت للتوقيف لمدة ساعات، وفي السياق ذاته استمرار النظام في محاكمة الأستاذ حسن عبد العظيم الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي أمام محكمة عسكرية وهيثم المالح واستدعاءات الأمن لعدد كبير من النشطاء السياسيين ومن بينهم رموز المعارضة والذين تم تبليغهم بالخطوط الحمراء " اعتصامات، علاقات الخارج، مؤتمرات ، قوى خارجية " عليهم عدم تجاوزها وإلا ؟؟؟ الفهم ليس كافِ بل دخل عليه حقنة تهديدات : بأنهم لن يكتفوا بإنزال مليشياتهم الطلابية " المحقونة وضرب المعتصمين في حال دعت المعارضة إلى الاعتصام كما حدث في الاعتصامين السابقين 9 آذار هذا العام والعام المنصرم وإنما سيتم تجاوز ذلك إلى أساليب أكثر عنفاً . وقبل أن ننهي العرض الأفقي لممارسات النظام القمعية في الشهر المنصرم علينا ألا ننسى الاعتقالات العشوائية التي تمت في حلب للأكراد على خلفية احتفالهم بعيد النيروز ومنع الاجتماعات في حال علموا بموعدها ( كما فعلوا مع اجتماع الأطراف التي تتحاور من أجل وحدة اليسار الماركسي في حمص ) وكأنهم يريدون دفع المعارضة نحو العودة إلى العمل السري ليبرروا قمعهم و التراجع عن بعض المكتسبات التي تحققت في السنوات الماضية من رفع للسقف السياسي في حركة المعارضة العلنية .
هذا عن الأساليب القمعية المباشرة عداك عن الأساليب غير المباشرة في قمع الحراك المدني وذلك من خلال تسليط بعض رجال الدين على النشطاء كما فعل البوطي في الهجمة التي وجهها ضد موقع نساء سوريا ومحاولة سحب كتاب " لننزع الحجاب " من الأسواق وهذه سابقة جديدة في سوريا، حيث درجت على اتباع سياسة حيادية تجاه الدين والحد من سلطة رجاله على الشأن العام السوري ( ولعلها المزية الوحيدة المهمة للنظام ) وقد بدأ النظام بالارتداد عليها في محاولة لأسلمة نظامه حتى تمر العاصفة الإسلامية عليه بسلام .
بعد هذا العرض الأفقي للقمع الذي يطرح تساؤلات عديدة وأهمها لماذا ؟ هل هو بسبب الضغوطات الغربية على النظام ؟ كما يحتج دائماً !! فنحن منذ عقود وحتى الآن لا نسمع منه سوى أسطوانة أنه خاضع للضغوطات الغربية وأنه مستهدف، والجواب المباشر عليه: أن مواجهة الضغوط هي بالانفتاح نحو الداخل وليس بانسداد وسد أفق التغيير الوطني والديمقراطي !!.
وقد تكون موجة القمع الجديدة بسبب أوهام وتضخيمات لدى النظام من ثورة الله وأعلم أي لون ستتخذ ، وبالتالي ليس أمامه "ومن وجهة نظره " إلا بطش المجتمع المدني وأي حراك مجتمعي ربما يخلق موازين قوى على الأرض كما حصل في بلدان عديدة كما ذكرنا سابقاً . وجاء إعلان جبهة الخلاص الوطني " تحالف عبد الحليم خدام مع على البيانوني المرشد العام للأخوان المسلمين ليصب على تخوف النظام فتيلا ً جديداً لا يعرف كيف يوقفه إلا بالقمع .
والبعض يرى أن القمع مرتبط بخوف النظام من محتوى التقرير الثاني لبرامرتز والذي قد يتهم النظام أو بعض رموزه في اغتيال الحريري وبالتالي فهو يعد عدته من الآن للمواجهة مع معطيات كهذه. والبعض الآخر من المعارضة لا يرى في هذا سبباً للتطورات الأمنية ( على العكس يعتبر تغيير المحقق الدولي بحد ذاته كان إيذانا بمرحلة سياسية جدبدة ) ولتحريك آلية القمع الجديدة للنظام بقدر ما هي مرتبطة ببنيته وتخوفاته من تراجع هيبته المفروضة بالحذاء العسكري مما يؤدي إلى تحرك الكتلة الشعبية الكامنة الآن وخروجها عن صمتها الطويل وهو الخطر الأكبر الذي يخشاه النظام !!.


الجلاء.. الوطنية.. الاستقلال..
بقلم: عهد
بعد ستون عاماً على الجلاء، نعود في محاولة لاستخلاص المفيد في الوطنية الحقيقية من حدث الاستقلال، ولكي لا تكون المحاولة تكرارية للاسطوانة الوطنية في اعتياد طرحها، فإننا سنحاول رؤيتها من زاوية المهمة الأساسية لشعوبنا وحركتنا السياسية.
لا نبالغ إذا قلنا أن الاستقلال السوري لم ينجز بعد، ذلك لأن مرحلة من الديموقراطية التي تبني شروط حياة الإنسان/ المواطن، كذلك لم يبزغ فجرها بعد كتاريخ للبشر ومفاهيم تؤسس لحياتهم وشؤونهم العامة، وكمهام سياسية وقيمة عليا وعامة تحكم غايات النشاط والتطور الاجتماعي.
الحقيقة أن تغيرات جوهرية وعميقة وتاريخية تعاقبت عبر أكثر من ستة عقود من الزمن (انتهاء الحرب الباردة، سقوط الاشتراكية، الهيمنة القطبية الأمريكية، أحداث 11 أيلول والعولمة الشاملة). عبرها تغيرت مجتمعات ودول وسلطات وحركات سياسية ومفاهيم عامة، الأمر الذي طبع بثقله وانعكاساته في جملة تغيرات على الواقع ومفاهيمه حيث أن مقاربة الصواب في الحديث عن أي مفهوم وبخاصة مفهوم (الوطنية) من منظور الزمن المجرد من المفاعيل السياسية لنقول أن هناك مفهوم قديم للوطنية وآخر حديث(!!!) فيه الكثير من المفارقة والكثير من التضليل والكثير من الوقوع في شرك الفهم السلطوي (القومي)، وحيث الأمر لا يستقيم إلا بمقدار رؤية الشروط التاريخية والسياسية العيانية، بمعنى آخر، يمكن لنا رؤية الوطنية من زاوية العناصر الثابتة والمتغيرة فيه بعلاقتها بالشروط العيانية المشخصة سياسياً واجتماعياً.
هدفنا من ذلك ليس استعراض تاريخي أو نظري لواقع حركة التحرر في المجتمع، أزمتها وطبيعتها (طبقية أم سياسية أم معرفية) وآفاق الحلول الممكنة موضوعياً وذاتياً، لكن لا بد من الإشارة في أن ذلك يعود في بدايته للفترة الأولى من القرن الماضي والتي سبقت حدث الجلاء وكيف أن ملامح ذلك الزمن طبع التطورات اللاحقة بطابعه المحدد تكوينياً وبنيوياً، رأينا آثاره في لحظات ومفارق التطور السياسي الحديث للصراع المحلي والدولي.. وهنا ستقتصر الغاية من رؤيتنا على تسليط الضوء على مفهوم الوطنية بتأثيراته تلك وتطوره الراهن. في مجال الحقل السياسي.
منذ البدء اتفق تاريخياً أن عدم إنجاز مشروع نهضوي (ثوري) في البنية الاجتماعية العربية، وإجهاض بوادر التحول أو التغيير أو ما اتفق عليه (إرهاصات التغيير في ذلك العصر) تم بشكل خاص وأساسي بفعل العوامل الخارجية القادمة وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، وهي التي تزامنت في انتقال رأس المال العالمي إلى مرحلة التوسع ما بعد قومي بالتزامن مع بوادر التحول في المجتمع العربي، وهو الأمر الذي حدد شكل وسقف وآفاق التحولات العربية وطبيعة ما سمي (سلطة التواطؤ الاجتماعي الطبقي) إقطاعي/ رأسمالي = هجين. نشأ في لحظة التكون والمخاض للصيرورة المحلية في حاضنة الخارج الإمبريالي الصاعد آنذاك تماماً.. وحيث برزت من خلال التطورات اللاحقة ميولاً فئوية مشخصة لبعض الفئات إن القبلية أو العشائرية الطائفية، أو حتى العسكرية في فترات لاحقة، هذه الميول الواضحة والمحددة كانت باتجاه النزوع إلى الثروة أو إلى الجاه والسلطة. لا أكثر ولا أقل بغض النظر عن الأشكال والتعبيرات التي تختبىء ورائها الحقائق، والحقيقة إن طبيعة تلك (السلطة العربية) ومشروعها ، وطبيعتها البنيوية المعتلية لهذه السلطة كانت قد أعدت بشروط وطريقة المطبخ الاستعماري الخارجي، والتي ابتعدت كثيراً وتماماً عن مفاهيم البناء الحديث (الأوربي آنذاك كمعيار) لدولة المؤسسة التي تعتمد في منهجها وأدواتها وطرائقها وحتى غاياتها على أسس التنوير والنهضة العلمية الاجتماعية والتنمية، وأسس الاستقلال الحقيقي الاقتصادي الاجتماعي السياسي.
إن السلطة العربية بالرغم من إبقائها وتشجيعها لكل الانتماءات ما قبل مدنية أو رأسمالية ولكي تكتمل فسيفساء لوحتها وتكوينها ساهمت عبر مواقفها المتواطئة (كأحد الأسباب) في فرض وتكريس قرارات تقسيم فلسطين وزرع الكيان الصهيوني، وكذلك عبر هزيمة جيوشها في نكبة 1948 لا بل وأكثر من ذلك فإنها هي التي ساهمت في سحق النهوض الشعبي عام 1947 الرافض لدخول الجسم الغريب المصطنع ـ إسرائيل.
وفي الوقت الذي خرج به المحتل من سورية ولبنان دخل عبر زرع كيان دولة إسرائيل، في المنطقة التي تركها ملتهبة وساخنة حتى هذه الأيام، تدفع فيها شعوب المنطقة دمها وخيراتها، وخيرة أبنائها.. وأتت تطورات الأحداث لتؤكد حقيقة أن شعارات مرحلة النهوض القومي في تلك الفترة حصدتها مشاريع السلطات القائمة والمتعاقبة التي لم ترق إلا أن تبقى مشاريع سيطرة سلطوية، وليست مشاريع تنمية وبناء مجتمعات تحرر واستقلال حقيقي، وقد حاولت أن تغطي حقيقة أهدافها عندما رفعت شعارات التحرر الوطني والوحدة العربية التي لم تصمد كثيراً ولم تكن سوى ورقة التوت التي سقطت مع نكسة حزيران 1967، وبتلك الهزيمة وهزيمة شعارات السلطة العربية، حاولت إعادة الاعتبار لذاتها وتحسين شروط جودها لكنها منيت بالخسائر تلو الخسائر عندما أضافت اغتصابات جديدة للأرض العربية وخسائر مستقبلية واستراتيجية (لشعوبها) عندما سهلت ودأبت على بناء جيوش الحماية وأجهزة القمع العربية (باسم فلسطين، وباسم الثورة، وباسم الوطن وحتى باسم الاشتراكية) حيث بنيت وجودها لا على التحرير ـ الجولان الذي لم ينجز إلى الآن بل على قوانين إلغاء الحياة السياسية في المجتمع عبر فرض قوانين الطوارىء والأحكام العرفية الهدية المستدامة للشعب السوري التي تهب العطايا والعصي على الرؤوس في كل مناسبة، وليتمهد الطريق تماماً لقوننة الحياة السياسية وتعميم الهيمنة السلطوية على مفاصل حياة المجتمع برمته فإما أنت مع السلطة أو أنت عدو مبين!! وهو ما انعكس في غياب مطلق لأي دور استقلالي للشعب وللتنظيمات السياسية والجماهيرية والنقابية المستقلة عن السلطة، حيث أصلاً لا جود لها، وبحضور متنامي ومعمم ومطلق الصلاحية لأجهزة الاستبداد والقمع الشامل (أيديولوجي، سياسي وظيفي اجتماعي في كل مكان) وهو ما أفضى إلى مساحة واسعة من اليأس والإحباط العام بحدود مساحة الوطن، وإلى اغتراب فعلي وحقيقي، داخل الوطن في ابتعاد الناس عن الهم العام الوطني وليخسر هذا الهم أمام ثقل وأعباء وكوابيس الحياة اليومية المعاشة بتجدد الهموم والأعباء الجديدة يومياً وبفقدان عنصر الأمان في شتى مناحي الحياة، حتى أصبح الخوف كابوس السلطة على الرقاب يمنع حتى من التفكير في الأزمة التي وصل إليها الشعب والوطن فأصبح ممنوع أي انتماء وطني إلا الانتماء للسلطة لا قبله انتماء ولا بعده، وأي انتماء هو ابتعاد عن السلطة وهو تماماً من وجهة نظرها خيانة للوطن!!.
إن شروط إنتاج البنية الطبقية والسياسية لسلطة البرجوازية العربية هي ذاتها إعادة إنتاج شروط استمرار بقاء ما سمي (الدولة الوطنية) أو إنتاج أزمتها، ووهم تطوير وجودها حيث أنها ابتعدت كلياً عن الشرط الأساسي الداخلي للبنيان الوطني، الديموقراطية، فكانت وطنيتها (عرجاء تماماً) وأتى نموذج واتجاه الفعل السياسي ليرسخ فقط شروط الخضوع للسلطة، واستمرار تمكين فئة اجتماعية ضيقة داخل الوطن هي ـ السلطة ـ لتحاول تأبيد وجودها عبر استخدام قطاع الدولة ساحة لإغتنائها وفسادها، وساحة لاستنفاذ طاقات وموارد الوطن لصالحها أو لصالح أشخاص محددين فيها كوكلاء لشركات رأس المال الأجنبي داخل الوطن، وربط الداخل بالخارج لمصلحتهم ومصلحة سلطتهم قبل أي شيء آخر تماماً. بناءً على ذلك لقد كان شكل وجوهر الاستقلال صورياً شكلياً، وعلى هذا فإن أي اعتبار إلى أن الاستقلال السياسي (أُنجز) بمجرد إزاحة أو طرد أو خروج الوجود العسكري الأجنبي من بلادنا هو أمر مغلوط ومنقوص، وهو تماماً مثل من يعتبر أن الأعمال والمساعي (للدولة الوطنية) الموجهة سابقاً وراهناً لمعارضة الخارج والإمبريالية، دون النظر إلى دوافع هذه الأعمال والمواقف واستهدافاتها السياسية، والطبيعة الطبقية السياسية لأصحابها، إن كلا الأمران يعتبران من الأخطاء القاتلة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه في زمن الأحادية القطبية، وفي زمن وحدة المهام المحلية والعالمية. ولا يستوي الأمر في النظر إلى الاستقلال والوطنية الحقيقية، إلا برؤية الأهداف التي رمت دوماً لإعادة انتاج وتوسيع دائرة مصالح الدولة الاستبدادية بدوائر السوق الامبريالية عبر تاريخها الطويل في استمرار تدخل الدولة في عملية الانتاج وفي عملية الضبط والقهر الاجتماعي والسياسي، على حساب الدور التنموي والتنويري المفترض لها. وفي هذا الإطار ـ إطار ما يحدث ـ يغدو الحديث عن الوطنية والاستقلال ضرباً من الوهم والتضليل، إذ لا معنى لمسار وطني في زمن تمكين وشائج التوافقات السياسية والاقتصادية مع المراكز الامبريالية، إذ يتناقض الفعل الوطني هنا مع فعل تمكين وربط الوطن مع الخارج على أسس الهيمنة وأسس مصلحة السلطة، والفئة الضيقة المتحكمة (بالدولة) والمجتمع على السواء، وهو الأمر الذي يقربنا تماماً من أن مفهوم الوطنية كمسار وصيرورة من مسار الديموقراطية ليصبح المفهومان المساران، مساراً واحداً ومفهوماً واحداً يمثله في حقيقته الساطعة طابع الحامل الحقيقي له التي ما زلنا نؤكد عليه وهو الأداة الطبقية السياسية وهويتها الشعبية، أو لنقل بأنه مجموع الشعب السوري الذي خيبت مصالحه السلطات المتعاقبة للاستبداد وأغرقته دون حدود الفقر العالمية المعترف بها، بالوقت الذي يستفيد حفنة سلطوية قليلة من موارد وثروات البلاد..
إن مظاهر التفاوت الاجتماعي المريع واللامتكافىء، والانتشار الواسع للبطالة، واتجاه تعميق الارتهان الاقتصادي، واتجاه الخصخصة، وتفشيل وبيع القطاع العام أو تأجيره، وإنشاء سوق الأوراق المالية، والمحاولات الحثيثة لإرضاء الخارج هنا وهناك والخضوع له، لم تكن يوماً سمات المسار الوطني وليست من خصال الشعب السوري، وليس من قيم المعارضة الوطنية الديموقراطية إنما هي شروط وسمات لصيقة بالفساد والاستبداد التي اتسمت سياساته التاريخية (..) بأنها سياسة الأبواب المشرعة والمفتوحة على الخارج الإمبريالي، من خلال شعارات استخدم فيها الوطن غطاءً لمصالح السلطة، هذه السياسات أسست وبشكل علني وسافر لكل سياسة تغلق بشكل محكم على الشعب وقواه السياسية. إن وجهي سياسة السلطة هذه أثرت بشكل مباشر على تاريخ العمل الوطني، الذي حاولت مصادرته عبر عقود وهو ما أثر سلباً على العمل الوطني ونتائجه وحتى على مفهوم الوطنية ذاته. إذ أن مناخ المصادرة السرطانية أثر على بنية وآفاق مسار العمل الوطني عبر خنق وإجهاض ومنع أي عمل وطني خارج الأطر السلطوية، لا بل إن ذلك اعتبر مروقاً وخروجاً على الوطن قوبل في غالب الأحيان بقمع وملاحقة شديدين، حيث بات المواطنون أسرى قوانين يضيق بها الوطن والمواطن المكبل، إن سياسة التكبيل والإغلاق مع الشعب شكّل بلا أدنى ريب قطعاً جوهرياً مع هدف بناء الوطن الحر ومع المسار الوطني بعامة النازع لحريته وحرية البلاد، وإلا ما معنى أن يظل الجولان محتلاً لأكثر من ثلاثين عاماً، وبدون أي وأدنى محاولة تذكر، سوى التطبيل والتزمير، وما معنى أن يمحى من ذاكرة السوريين، ولا يحضر إلا في يوم المناسبة!!!.
منذ فجر الطوارىء 1963 وسياسات الاستبداد تنمو وتتواجد وبعدها تعززت في تلك المساحة بين الفتح على الخارج والإغلاق على الداخل، حيث تنمو هي تماماً ولتغدو شاملة ومعممة في الثمانينات والتسعينات، وليظل التضليل السياسي عنوان للظاهر والباطن، للمعلن والمستور، وصار صراع الوجود، صراع حدود وتحول صراع الحدود إلى استراتيجية السلام في مدريد!!! كذا... كذا..الخ.. وحتى إذا داخل التناقض بين النظام والهيمنة الأمريكية أخيراً في سياق العولمة وهيمنة أمريكا، بدا الوطن في أزمة مستعصية لا يمكن حلها والخروج منها، بمصادرة الآخر، أو سحب الوطن والمنطقة إلى حافة الفوضى والدمار، ولا بإيجاد شروط محسنة للاندماج أو التراضي،.. أو إعادة بناء شروط (الممانعة) عربياً وإيرانياً، وخاصة بعد وصول كامل الشرط البشري والسياسي السوري الوطني إلى ما يشبه العزلة والعجز عن الفعل، إذ لا بد من مواجهة الاستحقاق.. كامل الاستحقاق كيف ذلك؟..
الاستحقاق على السكة الصحيحة:
لقد نجح النظام الأمني الاستبدادي لسنوات وعقود في وضع جدار الصين، جدار الفصل بين العمل الوطني من جهة والديموقراطية من جهة أخرى، وهذا التفريق ـ المطب القاتل ـ وقعت فيه غالبية القوى السياسية السورية، عندما عمدت أو تهربت عن القيام بواجباتها تجاه مسألة العمل الديموقراطي المستقل وانتزاع الحريات بحجة (ظروف المواجهة الوطنية مع الصهيونية والإمبريالية وبحجة الظرف الغير مناسب)..الخ.
إن استمرار هذا التفريق وهذا الظرف هو ما قاد إلى استمرار مصادرة الحياة السياسية وتفتيت وحدة المجتمع وإرادته في الحصول والتعبير على مصالحه عبر تقييد واعتقال الحريات بكل أشكالها حتى بات الوطن في خطر هدد مجمل الشرط الاجتماعي السوري بفعل عوامل الاستبداد وقوة قوانين الاستثناء والطوارىء والأحكام العرفية التي سوّر بها الوطن وكبل قوى التحرر والانعتاق داخل المجتمع مما أخضع وسلب كل شروط حرية المجتمع واستقلاله، وعلى هذا بات لا يمكن رؤية الاستقلال الوطني إلا بنيل شروط انعتاق الحريات للشعب دون قيد أو شرط أو تجيير سياسي لسلطة الاستبداد أو رقابة أجهزتها الأمنية، لا يمكن الاستقلال أن يتحقق دون سيادة المناخ الديموقراطي، ليس بوصفه مطلب أو عطية أو هبة ومنحة إنما بوصفه معياراً أخلاقياً وسياسياً عالمياً، حقوقياً لمواطن القرن الواحد والعشرين. إن شروط الحرية والديموقراطية هو عينه شرط السيادة الوطنية، وإن ذلك يمثل بلا أدنى مخادعة وغش جوهر الاستحقاق السياسي السوري، للأزمة المجتمعية، إن المجتمع والنظام قادم على دفع هذا الاستحقاق شئنا أم أبينا، لكن الأهم من كل ذلك الحفاظ على الوطن دون خسائر.. فالحقيقة تقول أن لا شرعية لسيادة وطنية دون حرية للشعب وقواه السياسية الذي يشكل الحامل البشري، والعمق الحيوي والغاية للاستقلال وللسيادة الوطنية، وهذا لا يتم إلا من خلال العمل على إلغاء كل أشكال احتكار واستحواز للسلطة وهيمنتها على القرار السياسي ورفض مبدأ التداولية والإقرار به سبيلاً، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن الموقف الوطني السوري، لا يبدأ من جنوب لبنان ومن عند حزب حسن نصر الله، أو من دعم الفصائل العشرة.. أو من نسج علاقة مع حماس بحجة (الموقف الوطني)، وإن كان ينتهي بشيء من هذا القبيل، إنما الموقف الوطني السوري يبدأ من الحرية داخل سوريا من التغيير الديموقراطي وإلغاء حالة الطوارىء والمادة الثامنة من الدستور.. و..و..الخ. يبدأ من إطلاق الحرية والمقاومة من سوريا، من حرية التعبير عن الإرادة السياسية للشعب وللأحزاب داخل الساحة السورية وحتى اللبنانية.. عند ذاك يصبح الحديث عن الموقف الوطني السوري صائباً دون أدنى شك.. ويصبح المسار الوطني وطنياً حيث صار هو ذاته المسار التغييري الديموقراطي بنيةً وواقعاً وآفاقاً.
إن الوطنية الحقيقية هي القوة السيادية التي تنبت من عمق الروابط المدنية والمؤسساتية داخل الشعب الواحد وعبرها يدافع هذا الشعب عن مصالحه وكرامته وحريته، وهي بذلك تشكل تعبيراً ذاتياً وشرعياً وطوعياً عنه، وليست قوة مفروضة عليه وخارجة عنه، إنها المعطى التوافقي للمواطنين (للشعب) المنسجم مع الحقوق العالمية للإنسان والشعوب، المعطى الذي يقر للآخر، ما يقره لذاته، والوطنية بهذا المعنى تمثل الحد الديموقراطي الطبيعي والعالمي الذي يكفل النمو المتوازن داخل المجتمع لكل الفعاليات المدنية والسياسية بحرية عندها تصبح قادرة كقوة مادية بشرية على تنمية شرطها الديموقراطي الوطني الاجتماعي العام لكل الفئات وبذلك تتكامل شروط النهضة والتنمية والتحرر الاجتماعي.
وبغير ذلك: لا يمكن مقاربة جادة الصواب عن وطنية أو استقلال وطني، أو عن (شبكة أمان) اجتماعي اقتصادي سياسي، بالطبع هي الأساس المادي الذي سيكون راسخاً وكفيلاً بتطور ومنعة البنية الاجتماعية ككل.
وبذلك تماماً يمكن أن نكفل درء كل احتمالات الخلل الداخلي أو لنقل الاحترابات الداخلية أو الفوضى، أو حتى الارتهانات التبعية، وإعادة مقدرة الشعب لثقته بذاته وبقوته على بناء كيانيته المفقودة واسترجاع حقوقه في احتلال أرضه، وأيضاً قدرته على إعادة خلق المؤسسات المدنية والسياسية والديموقراطية للمجتمع وحتى يكون قادراً على وضع الاستقلال على سكته الحقيقية الطبيعية (الديموقراطية) وتجاوز مرحلة تاريخية من القمع المستدام والانتقال إلى مرحلة من النضال الديموقراطي، بمفهومه البعيد والعالمي كقيمة ومهام سياسية، حيث بات التغيير الديموقراطي ضرورة ملحاحية واجتماعية سورياً، فإن على القوى السياسية المعارضة أن تعمل على استنهاض كافة طاقات الشعب السوري بكل فئاته إليها، حيث مصلحة الجميع في الديموقراطية، وأن تعمل على توسيع تحالفاتها الديموقراطية محلياً وإقليمياً ليصبح إطارها الوطني (إعلان دمشق) مؤسسة سياسية وجبهة عمل ديموقراطي لها كامل أبعادها السياسية والمحلية والعالمية آخذة بعين الاعتبار في تحالفها، كل شروط مصلحة الشعب السوري وفوق أي اعتبار، وعدم القبول بأي شكل لهيمنة أي قوة في عملية التغيير الديموقراطي، واحترام الشرعية الدولية، وسلامة الانتقال السلمي، الديموقراطي، إلا من في المجتمع والوطن، حيث موارد الوطن وأرضه وقواه البشرية واستقلاله الحقيقي، فوق كل اعتبار.

حكومات اللون الواحد من «فتح» حتى «حماس»

أخذت حكومات اللون الواحد الفلسطينية طريقها إلى الوجود مع دخول الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أراضي غزة وأريحا في 1/4/1994 حيث مارست السلطة الفلسطينية صلاحيات حكومة ضمت /24/ عضواً وصلاحيات السلطة التشريعية وتخصصت بالمسؤولية التي انتقلت إليها من حكومة الاحتلال الإسرائيلي. وانتقلت إليها حتى الوظائف القضائية وفقاً للمادة الرابعة من اتفاق «غزة ـ أريحا».
غير أن الرئيس عرفات حاول رفع السقف وتحسين الشروط حيث اعتمد خطابه تسميته الحكومة التي تتشكل من وزراء وليس السلطة التي تضم أعضاء.. كون الفصل بين السلطات من سمات أنظمة الدول.. وذات الأمر لمصطلحي الحكومة والوزراء، بما يفسح المجال لفتح واقع الحكم الذاتي والانتقال إلى أفق الدولة المستقلة.. واعتبرت إسرائيل أن ترتيبات الحكم الذاتي تنازلاً عن صلاحيات الحكم العسكري لممثلين السكان لا يترتب عليه وجود جسمين "تشريعي وتنفيذي" يتمتعان بصلاحيات ذات صلة لا يمكن الفصل بينهما، واستمرت هذه الحكومة التي هي "الحكومة الأولى" في موقع المسؤولية حتى "9/1/1996" عندما استقال عدد كبير من وزرائها تمهيداً للمشاركة في انتخابات المجلس الفلسطيني "المجلس التشريعي" بموجب القانون رقم "13" الذي استند لمرجعية اتفاق "أوسلو ـ الملحق الثاني للبروتوكول الخاص بالانتخابات".
وبعد انتخابات المجلس التشريعي الأول في "20/1/1996" في الضفة الغربية وقطاع غزة تشكلت الحكومة الثانية في "9/5/1996" من "24" وزارة و"22" وزيراً، واحتل فيها الراحل "عرفات" منصبه على رأس الحكومة بعد انتخابه رئيساً للسلطة الفلسطينية في سياق نفس العملية الانتخابية.. وعلى أثر إمساك المجلس التشريعي بملف الفساد.. ومشكلاً لهذا الغرض لجنة تحقيق برلمانية أكدت ما ورد في تقرير هيئة الرقابة العامة، التي من مظاهرها الفساد وإهدار المال العام في مختلف وزارات السلطة ومؤسساتها وأجهزتها.. وأنجزت تقريراً طالب برفع الغطاء عن فضائح الفساد المالي والإداري، والتي طالت عدداً ملحوظاً من الوزراء، في ضوء ذلك تصاعدت الدعوات المطالبة برحيل هذه الحكومة، فقطع الرئيس "عرفات" الطريق عليها بتقديم استقالة الحكومة في "25/6/1998" وشكل حكومة جديدة في "5/8/1998"، باستثناء وزيرين اعتذرا عن قبول إعادة تكليفهما بمنصبين وزاريين، ولم تطلهما بالأصل تهمة الفساد هما "حنان عشراوي، وعبد الجواد صالح".. وخروج أربعة وزراء وتم الاحتفاظ بقوام الوزارة السابقة وجرى توسيعها بإضافة "11" وزيراً جديداً من نواب المجلس، ومنهم من كان عضواً في لجنة التحقيق عن الفساد، فوجدوا أنفسهم على مقاعد الوزارة جنباً إلى جنب مع وزراء سبق لهم أن طالبوا بإحالتهم إلى التحقيق والمحاكمة، وعليه تشكلت الحكومة الثالثة بـ "29" وزارة و"28" وزيراً.. واستمرت في موقع المسؤولية إلى ما بعد انتهاء حملة "السور الواقي" من "29/3ـ 28/4/2002" بأسابيع، تلك الحملة التي شكلت بتداعياتها منعطفاً حاداً في مسار النظام السياسي الفلسطيني، حيث وضعت حداً لمرحلة استقرار حكومي استغرقت ثمانية أعوام تعاقبت فيها ثلاث حكومات.. وأدخلت النظام السياسي الفلسطيني في مرحلة الحراك والاضطراب شهدت فيها كلام صريح عن قيادة فلسطينية جديدة، ومختلفة تقوم "بالصلاح وتدمير البنية التحتية للإرهاب" كما جاء بخطاب "بوش" في "5/4"2002" في أوج حملة "السور الواقي".
وعلى وقع هذه التطورات ولدت الحكومة الرابعة في "9/6/2002" برئاسة "عرفات" أيضاً، ولفتها منذ البداية.. ومن مواقع مختلفة من الداخل والخارج على حد سواء دعوات المطالبة بالإصلاح بما في ذلك المشروع الذي تقدم به المجلس التشريعي وبعد يومين من "رؤيا الدولتين" للرئيس "بوش" في "24/6/2002" الذي أبرز أولوية انجاز مساري الأمن والإصلاح قبل التحرك على المسار السياسي، أعلنت الحكومة الفلسطينية برنامج للإصلاح وقالت أنها ستنفذه خلال مئة يوم.. وضمت الحكومة الرابعة"21" وزارة و "20" وزيراً، بما أعتبر تجاوزاً للقانون الأساسي الذي أفرج عنه "عرفات" أخيراً بالتوقيع عليه بعد خمس سنوات من التجاهل المعتمد والذي سقف الحكومة بتسعة عشر وزيراً، ومن بين وزراء الحكومة خمسة جدد ولاثنين منهم مدلول تغيير واضح الأول هو "عبد الرزاق اليحي" على رأس وزارة الداخلية التي كان يتولاها حتى ذلك الحين "عرفات" نفسه لتقليص نفوذه في المجال الأمني.. الأمر الذي لم يتحقق بحكم اختيار الشخص وهذا ما ربط ايضاً بمسعى توحيد الأجهزة الأمنية بعد اختزال عددها، والثاني هو "سلام فياض" بكفاءته المهنية المسلم بها بتزكية أمريكية أوروبية وزيراً للمالية على خلفية التسريع بإجراء الإصلاح والشفافية في المجال المالي.
لقد تضافر فشل الحكومة في إدارة أعمالها مع الطعن القانوني بها "لتجاوزها لسقف العضوية بـ19 وزيراً".. ليقود إلى مأزق الحكومة "الرابعة" الذي لم يكن بالإمكان الخروج منه سوى بتقديم استقالتها في "11/9/2002" وكانت تلك إشارة إلى حجم الأزمة السياسية التي تعيشها الحكومة، كما يعيشها النظام السياسي الفلسطيني، في هذه الأجواء تشكلت الحكومة "الخامسة" في "23/10/2002" وهي الأخيرة التي تولى رئاستها "ياسر عرفات" حيث أسندت حقيبة الداخلية إلى "هاني الحسن" عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وبقيت المالية بعهدة "سلام فياض" الذي تحول منذ الوزارة "الرابعة" إلى ثابت في عضوية الحكومات المتعاقبة.
إن الإضراب الوزاري الذي شهدته السلطة الفلسطينية.. بعد حملة "السوق الواقي" على خلفية انسداد مسار "أوسلو" وانعكاس الصراع الداخلي في مرحلة البحث عن مسار بديل تهيأ للكثير من دول العالم أنه تبلور في "خارطة الطريق".. لكنها لم تتمكن من شق طريقها تحت وطأة الشروط الإسرائيلية الـ"14" والتغطية الأمريكية التي حظيت بها، فانتقل المسار منذ مطلع العام "2004" على خطة "فك الارتباط" وعلى هذه الخلفية السياسية استحدث منصب رئيس وزراء بصلاحيات وهذا ما استوجب تعديل القانون الأساسي لجهة النص على منصب رئيس الوزراء الذي تحول إلى موقع " دستوري " في القانون الأساسي المعدل الصادر عن المجلس التشريعي في 18/3/2003. وفي أطار الفصل للمرة الأولى بين رئيس السلطة ورئيس الحكومة تشكلت الحكومة السادسة برئاسة محمود عباس في 29/4/2003. وقدمت استقالتها في 6/9/2003. وضمت إلى جانب رئيس الوزراء الذي شغل منصب وزير الداخلية 24 وزيراً لم يذكر فيها أسم وزير الأوقاف صراحة لتجنب تعريضه لملاحقة الاحتلال باعتباره مقيماً في القدس . واستعيدت وزارة شؤون الأسرى كحقيبة بعد أن غابت عن الوزارات السابقة . وجاءت هذه الوزارة بالتغيرات على الحقائب الوزارية التالية: وزارة الشؤون الخارجية، وزارة شؤون المفاوضات، وزارة الداخلية. وتعثرت حكومة عباس في البداية لكنها أنجزت اتفاق وقف اطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية بالاجماع الفلسطيني في القاهرة بتاريخ 28/2/2003. إلا أنه انهار بعد مضي /51/ يوماً على إعلانه في 19/8/2003. بعد الاستقالة المدوية لحكومة عباس، حيث سارع الراحل عرفات إلى تكليف رئيس المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح «أحمد قريع» بتشكيل الحكومة السابقة، لكن نتيجة أزمة الاستيزار في «فتح» وخلافاً للقانون الأساسي شكلت حكومة طوارىء لمعالجة الوضع المتأزم والحالة الاستثنائية في زاوية الحصص والصلاحيات في وزارة الداخلية والإصلاح المالي والإداري، لذلك لم تمثل هذه الحكومة أمام المجلس التشريعي ولم تقدم بياناً وزارياً لتنال على أساسه الثقة، وإنما صدر مرسوماً رئاسياً بتشكليها في 5/10/2003. وضمت ثمانية وزراء فقط بالإضافة إلى رئيسها، هذه الحكومة لم تعمر طويلاً حيث قدمت استقالتها في 14/11/2003. من أجل تشكيل حكومة «أبو العلاء» الثانية التي ضمت /24/ وزيراً ثمانية عشر منهم من حركة فتح وستة من المستقلين، والملاحظة الأساسية على هذه الحكومة افتقارها إلى أجندة سياسية وإصلاحية وسمتها الأساسية هي السياسة الانتظارية. وكانت هذه الحكومة الأخيرة في عهد الرئيس الراحل «ياسر عرفات». لكن على الجانب الاقتصادي والإداري تعاظمت الفوضى والفساد مما دفع الحكومة لتقديم استقالتها في 20/4/2004. لكن الرئيس عرفات رفضها في محاولة لإجراء توزيع صلاحيات جديدة. ومع كشف مرض الرئيس عرفات ونقله إلى باريس للعلاج واستشهاده في 11/11/2004 طويت صفحة الحكومة وفتحت صفحة الاستحقاق الكبير من الذي سيخلف الراحل عرفات. وبعد انتخاب عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية، حاول إقناع «أحمد قريع» بإجراء تعديل وزاري لكنه فشل. وقدم استقالته وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، فشكلها «قريع» وضمت /24/ وزيراً منهم أربعة وزراء كانوا في الحكومة السابقة، وأطلق عليها حكومة «تكنوقراط». وأنجزت هذه الحكومة حوارات القاهرة في 12/3/2005 بمشاركة /13/ فصيلاً التي كان نتيجتها «التهدئة» للوصول إلى استحقاق خطة «فك الارتباط» من جانب واحد والانسحاب من غزة. بالإضافة إلى الانتخابات المحلية في قطاع غزة والضفة الغربية في مرحلتيها الثالثة والرابعة وإنجاز الانتخابات التشريعية التي أنجزت في موعدها المحدد بفوز حماس بأكثرية مقاعد المجلس التشريعي وانتقال «فتح» إلى المعارضة.
الحكومة الفلسطينية الجديدة:
بعد فوز حماس بأغلبية أعضاء المجلس. شكل إسماعيل هنية حكومته وعرضها على المجلس التشريعي الفلسطيني في 28/3/2006 حيث منحها الثقة /71/ نائباً فيما حجب /36/ نائباً وامتنع نائبان عن التصويت. وقد حجبت كتل /حركة فتح/ والطريق الثالث /وفلسطين المستقلة/ الثقة. فيما امتنعت كتلة البديل. وهي تحالف الجبهة الديموقراطية وحزب الشعب وحزب فدا عن التصويت بينما منحت كتلة أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الثقة.
وتواجه حكومة حماس مصاعب كبيرة متمثلة في الضغوط الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية يضاف إلى هذه الضغوط الموقف الذي اتخذه الأمين العام للأمم المتحدة الذي طلب إلى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وقف اتصالاتها مع المسؤولين الفلسطينيين.
إن تشكيلة حكومة حماس لم تشارك بها أية قوة سياسية فلسطينية. حيث استمرت حكومات اللون السياسي الواحد من فتح حتى حماس. فالحكومة العاشرة الفلسطينية تشكلت من حركة حماس وبعض أصدقاءها المستقلين والمقربين منها. وفشلت مفاوضات الحوارات التي قادها رئيس الحكومة إسماعيل هنية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبذلك استمرت الضغوط السياسية الدولية والإقليمية والعربية على حكومة حماس من عدة نواحي. يضاف إلى ذلك الحصار السياسي على الفلسطينيين لتكبيدهم خسائر كبيرة بالادعاء الإسرائيلي بعدم وجود شريك فلسطيني في المفاوضات ويصبح أساساً للمعادلة السياسية الدولية في المنطقة. وهذا ما يفسح المجال واسعاً أمام إسرائيل لرسم حدودها من طرف واحد في الضفة الغربية بضم القدس الكبرى والكتل الاستيطانية المهمة وغور الأردن.
وربما يكون بمقدور الفلسطينيين التغلب على الحصار المالي بشتى السبل في تأمين الأموال لدفع رواتب الموظفين وشد الحزام عن طريق مكافحة الفساد، ووضع حد لهدر المال العام، وتخفيض رواتب كبار المسؤولين، والاعتماد على دعم الأطراف التي تهمها نجاح تجربة حماس في الحكومة. وعلى الرغم من أهمية كل ذلك يبقى النجاح الرئيسي لحماس والسلطة والشعب الفلسطيني وقواه السياسية اختراق الحصار السياسي لما له من اهمية على مستقبل القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني من أجل قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. وحل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية وعلى الأخص القرار 194. لذلك المطلوب من السلطة الفلسطينية وحماس صياغة مبادرة لمواجهة الحكومة الإسرائيلية الجديدة المدعومة أمريكياً وأوروبياً من أجل إحداث اختراق سياسي في المجموعتين العربية والدولية عبر برنامج فلسطيني يقوم على:
1 ـ إعادة تشكيل حكومة فلسطينية موسعة (غير الحكومة الحالية) تضم كافة القوى السياسية والفصائل الفلسطينية الممثلة في المجلس التشريعي وخارجه، وشخصيات وطنية فلسطينية من الداخل والشتات الفلسطيني.
2 ـ تطرح هذه الحكومة برنامج ترتيب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية الفلسطينية بمواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي.
3 ـ العمل على صعيد المجموعة العربية لتجديد مبادرة بيروت العربية التي تقوم على «الأرض مقابل السلام» والضغط على لجان المتابعة المعنية بمبادرة السلام لدعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني.
4 ـ العمل على صعيد المجموعة الدولية لدعوة الأمم المتحدة من أجل تبني عقد مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية مستنداً إلى قرارات الشرعية الدولية، ودعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل استئناف دورتها الاستثنائية العاشرة تحت عنوان «متحدون من أجل السلام». والاتجاه نحو إعادة الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني.
5 ـ العمل من أجل فتح الخيارات الكفاحية المختلفة عبر تصعيد الفعل الشعبي وصولاً إلى الخيارات المسلحة ووضعها في سياقها السياسي الصحيح ضمن قرارات الشرعية الدولية التي كفلت حق مقاومة الاحتلال بعيداً عن وسم النضال الوطني الفلسطيني بالإرهاب.
إن النقاط الخمسة السابقة تتقاطع مع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ولا تتعارض مع برنامج حماس السياسي بما يكفل نجاح القوى السياسية الفلسطينية بتقديم ذاتها وفق صيغة ائتلافية وطنية سياسية واسعة، تعمل على استنهاض الحركة الشعبية الفلسطينية، لفرض الحالة الفلسطينية القائمة على جدول أعمال المجتمع الدولي، والخروج من المأزق القائم الذي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وجزء من الرباعية وضع حكومة «حماس» فيه.
«خدام» وجبهة الخلاص الوطني
فراس يونس
استكمل السياق الإنشقاقي للسيد خدام بإعلان تحالفه الجبهوي مع الإخوان المسلمين في إطار (جبهة الخلاص الوطني) وبإصدار المشروع الوطني للتغيير مع شخصيات ومشارب سياسية تهدف على ضوء وثيقة المشروع الوطني للتغيير الذي جاء بمثابة برنامج للتحالف المذكور يتضمن أهدافه وآليات عمله موجهاً الدعوة الى كافة قوى المعارضة الى التعاون , في إطار الجبهة أو معها, وذلك لتحقيق تطلعات الشعب السوري في التغيير والخلاص من الوضع الراهن الذي أضعف سورية في مواجهة التحديات .
هذا التحالف الجديد أكسب المشهد السياسي المعارض حالة من التشابك والصخب (واللاعنف) بدالة وجود أحد أطرافه في إعلان دمشق , ومعارضة أطراف رئيسية منه لشخص السيد خدام ليس بسبب انتقاله لصفوف معارضي النظام ولكن بسبب انعدام مصداقيته التاريخية الحافلة بتواقيع الإرهاب والفساد السلطوي التي يحفل بها سجله السياسي والسلطوي وعدم الرغبة بالانخداع المقصود وسبغ الأوهام بتحولات من جربوا عسل السلطة وانتقالهم الى علقم معارضتها , رافعين لواء الديمقراطية الآن , وتبني معاناة الشعب حال انتقالهم هذا , ومع أن انتقالاً كهذا من شأنه أن يخدم العملية الديمقراطية / الوطنية بالمعنى الموضوعي والتاريخي للكلمة , فإن من شأن ذلك أيضاً أن يمنحنا التمسك بعوامل الشك وإبراز الخبرات المريرة لقادة من هذا النمط المتحول – مع كل دراما هذا التحول وعواقبه . إن الذين لا يستطيعون تذكر الخبرة محكومون بتكرارها , ومن حق شعبنا ونخبه وسياسييه أن يبرزوا تلك الخبرة المريرة أمام أنظارهم لكي نطوي سوية صفحة سوداء من تاريخ سورية ونؤسس لصفحة جديدة لا يكون فيها لمحتالي الشعب وسارقي خيراته الدور النافذ في صيرورة مستقبلية قادمة لا ريب فيها, وأن يأخذوا أحجامهم الحقيقية , وأن لا نتيح تسويق خداع الشعب ولو اضطررنا للصمت - وذلك أضعف الإيمان – مع أن الساكت عن الحقيقة بالمقابل شيطان أخرس كما يرد في المرويات الدينية, وبما أن المسألة لا تتعلق على أهميتها بالأفراد بل بمصائر شعب ووطن , فإن حيلة التاريخ غالباً ما تمنح قاطرته أمثال ذلك النمط من التحولات وتكون مؤشراً على ضرورات التغيبر وعلى إمكانيات ذلك التغيير بعتلة تلك التحولات.
* * * * *
مع ذلك لابد أن نلاحظ خلال الأشهر المنصرمة حمأة الإنشغال بالتحالفات المعقودة بطابعها السياسي والتكاملي بهدف بناء عوامل القوة وترميم عوامل الضعف في بنية معارضتنا السلمية - الديموقراطية, مما يعيد إلى الذاكرة حقبة الخمسينات بكل حرارة قواها وتحالفاتها, مع أخذنا بعين الإعتبار – تطورات السياق التاريخي والتبدل الهائل في اللوحة الإجتماعية والسياسية في سورية , ولعل مايلفت الإنتباه في هذا الإطار الطابع السياسي لتلك التحالفات غير المقيدة باعتبارات الأيديولوجية , والمرجعيات المتقاربة , ومن ضرورة احترام ذلك الغنى والتعدد السياسي على قاعدة تنوع مصالح القوى الاجتماعية , ولايخرج تحالف بروكسل عن هذا الإطار, من هذه الزاوية عن كونه إطاراً لائتلاف قوى متغايرة ومختلفة ولكنها تتفق على حزمة أهداف محددة, وبغض النظر عن الرهانات المطروحة , ثمة تصورات سياسية يتداخل فيها الواقعي بالأسطوري تمثل الرأسمال الرمزي لهذه القوة أو تلك وهو ما لايمكن البرهنة على مدى فاعليتها وتأثيرها في مجرى قادمات الأيام بسبب ما يجنح هذا الرأسمال الرمزي بحكم ذلك التداخل إلى إبراز تلك القوة على غير ما هي فيه على الأرض ومادمنا في إطار ممارسة تتوخى اقتصاد الوهم ( بما هي جرعة أقل من الأوهام , وقدرة على تمييز عناصر الحقيقة ونقيضها , وعدم المماثلة بين الخطاب والقول من جهة وبين فاعلي هذا الخطاب ) ومادام الأمر كذلك من واجبنا تفحص مجموعة مما يسمى بديهيات المعرفة السياسية السائدة وخصوصاً مايتعلق بالثقل الوازن للإخوان المسلمين في سورية ومماثلته بالثقل الراجح للتيار الإسلامي/ السياسي عموماً بموازينه المسيطرة, وهو مايمكن أن يسيء إلى تقدير الوزن الفعلي لهذه الحركة ومقدرتها على صياغة استقطاب سياسي (للأكثرية) , إذ أننا في واقع الحال أمام إسلامات سياسية متنوعة الأهداف والخيارات والأساليب والمرجعيات والتي يمثل الإتجاه الأكثر ظلامية وتخلفاً سياسياً السائد الأعظمي فيها, مع ما ينسجم وحال التدهور المعنوي والروحي والمعاشي في سورية, ومع أهمية التطورات الايجابية للأداء السياسي والبرنامجي للأخوان المسلمين مع كل ما بحوزتنا من ملاحظات نقدية عليه فإن الإخوان لايمكن أن يحظوا بتأييد تلك الغالبية الإجتماعية التي يتوهمون تمثيلها , لسببين:
1- تمفصل وتطابق القوى الأكثر تخلفاً وظلامية مع توجهات النظام المعادية للغرب وللسياسة الأمريكية وتغاضيها الآني عن طبيعته الأيديولوجية وتركيبته الطائفية , ليس في سورية وحسب بل والمنطقة العربية عموماً , والتطور الإيجابي في أداء الإخوان السياسي لايمكن أن يعبر عن أجندة هذه القوى , بحكم انعدام جسور التواصل السياسي والدعاوي مع جمهوره وقاعدته الاجتماعية أو أن يستميلها إلــــى تطوراته الجديدة في ظل غياب الجسد التنظيمي الفاعل لهم بسبب سيف القانون/49/ المسلط فوق رؤوسهم والذي ينص على الحكم بالإعدام على منتسبي جماعة الإخوان المسلمين, تلك التطورات التي أبداها الأخوان المسلمون نحو خيار الديموقراطية والعمل السلمي وإبداء روح التعاون مع القوى السياسية والحزبية المعارضة, بروح المسؤولية التي تتحلى بها اتجاهات المعارضة الوطنية السورية.
2- ومع أهمية أن تتيح الحياة السياسية امتحان الأخوان سياسياً وبرنامجياً, في سياق انخراطها في العمل السياسي السلمي وتحديد وزنها السياسي والاجتماعي , ثمة نظرة غير دقيق لمسألة ( الأكثرية) واعتبارها كتلة متراصة صماء ما أن يهب الصوت بها حتى تندرج تحت راية الإخوان وبرنامجهم الإجتماعي والسياسي , ومع أن الواقع أعقد من تلك اللحظة السكونية المقتطعة من السياق اليومي, نرى أن الأكثرية المشار إليها صاخبة التنوع والإختلاف والميول, وما تمتلكه من خزان بشري يمنحها تعدد الإختيارات واختلافها, سواء تعلق الأمر بأنماط حياتها أو قناعاتها الفكرية, وتدرج نزوعاتها المحافظة, أو تدرج نزوعاتها اللامحافظة التي ينحو بها الأمر إلى إبداء مواقف علمانية طبيعية وغير مؤدلجة, ناهيكم أن ثقل المصالح الاجتماعية والاقتصادية والتي تعبر تلك الأكثرية عنها تاريخياً خلق تشابكات اجتماعية واقتصادية بالمثل مع كل مكونات المجتمع السوري التي تشكلت خلال العقود المنصرمة على الأقل, واصطفافات سياسية من خلال انحياز أقسام من البرجوازية فيها إلى مواقع السلطة الديكتاتورية دون الاندماج في بنيتها الداخلية الأمر الذي لايمكن والحال تلك أن تحدد تخومها وتمايزاتها , بالمعنى الطائفي والإيديولوجي , على نحو ماهو موجود في أذهان البعض بسبب غياب فهم التعقد الحاصل في تركيبة المجتمع السوري المعاصر لدى هذا البعض مما يتيح بالقول أن تلك الأكثرية غير (طائفية) بامتياز, أي أنها لاتتمحور على ذاتها أو تنغلق عليها, ولايغلب عليها ذلك القلق التاريخي من خطر يهددها – كما يسيطر ذلك القلق على باقي الأقليات الدينية - من هذه الزاوية لاتظهر( طائفية) الأكثرية إلا كرد فعل على ممارسات طائفية وعنصرية وذات طابع استغلالي ( ليس بالمعنى الإقتصادي وحسب ) ومن واجب القوى المسؤولة والوطنية السورية الحقة تجاوز ذلك الوعي الرد فعلي بتكريس نهج المواطنة باعتباره مناط الحقوق والواجبات , ومعياراً حاسماً للوطنية السورية التي تتبلور ملامحها اليوم بضرورة دمج عامل المواطنة بمواجهة التحديات التي تعصف بوجودنا الوطني هذا الوجود الذي يجب الإنطلاق منه كعامل فاعل وانتاجي في الجهد البشري العالمي الذي يجعلنا مساهمين حقيقيين في المجتمع الدولي بالوزن السياسي والإقتصادي المطلوب , وليس اختزاله الى بعد مشخصن أوفئوي , ان الوطنية السورية في دياليكتيك تحديدها الداخلي/ الخارجي هي العامل الحاسم لمواجهة عولمة متوحشة وضارية وبالقدر الذي يمكنها للانخراط الفاعل في أتون العولمة بالمعنى الإنتاجي وليس الاستهلاكي .
مادام الامر كذلك فإن الحليف الآخر – خدام – يملك من الأوراق الممكنة مايجعل شهادته (الملكية) بسلطة مابعد2000 مسموعة ومؤثرة, ولابد أن يرتفع منسوب كشف حقائق البيت السلطوي والعائلي الحاكم ,تبعاً لمجريات التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري , وبغض النظر عن وزن خدام الداخلي – الذي يقارب الصفر- فحسابات السيد خدام لاتنطلق من معطى( الرهان الداخلي) بل بتمفصلها على الدائرة الدولية الضاغطة على النظام التي بمقدورها أن تتيح خلق صدع يتجاوز الخروجات الفردية الممكنة الحصول لقادة النظام - على غرار ما حصل لخدام – إلى صدع مؤسساتي وجهازي لابد إن يمس النواة الصلبة للنظام , ومع أن الأمر ليس بتلك الآلية وبتلك السرعة التي يمكن أن يأخذها هذا المنحى- وأمامنا تجربة حصار العراق خلال13عام التي تمكن!; النظام العراقي أثناء هذا الحصار الدولي المجرم على لملمة قواه وبطش خصومه الداخليين واستثمار إمكانياته النفطية والمالية في تسويق ضعفه وتهافته - فالنظام السوري أضحى بالمعنى التاريخي الراهن والمنظور في الموقع الدفاعي الضعيف /إذ لايمتلك عوامل القوة المطلوبة وبالضبط لافتقاده الوزن الإقليمي الذي كان يتمتع به وقد أهدره في مغامرات الأنانية والسلبطة ,و بعد أن ارتد عليه المجال الإقليمي – ويبدو أنه واحد من أهم أسباب الضعف طالما لا يجيد اللاعبون اللعب جيداً فيه- وإذا كان من الصعب جداً اليوم إعادة سيناريو9/4/ العراقي ضمن الشروط الحالية , فإن المثال الموريتاني أقرب إلى إمكانية التحقق عبر الرهان على صدع محتمل كهذا الذي نتوقعه و يلقى دعماً دولياُ , عبر ملاقاة الظاهرة الخدامية به في منتصف الطريق إذا جاز التوصيف والذي يشير إلى احتمال الخروج من دائرة السلطة, على مستوى الأفراد أو المؤسسات بهدف بناء توضع سلطوي جديد يدمج بعضاً من عناصر النظام القديم مع عناصر النظام الجديد وتعديل التوازنات السلطوية بحيث يكسر الإحتكار السلطوي القائم الآن ويوسع من دائرة مشاركة توليفة حاكمة جديدة لها امتداداتها الإقليمية والدولية بحيث تكون منسجمة مع الإيقاع الدولي المطلوب وتحويل (ممانعة) النظام إلى توافق مع المتطلبات الدولية التي أضحى النظام ببنيته المتصلبة ( غير الصلبة) وأدائه السياسي المترهل غير قادر على تلبيتها , مما يضع سورية البلد والشعب أمام احتمالات خصبة وفتح مآلات سياسية سيكون للقوى الوازنة فيها الكلمة الفصل .
مما تقدم يمكننا القول أن ضرورة التغيير السياسي في سورية تعبر عن نفسها الآن في وفرة من امكانات التغيير المطروحة على اختلاف صنوفها وتوجهاتها وأدواتها وإذا كان من اللافت أن لقاء بروكسل لم يكن محكوماُ بعقدة الماضي وتذكراته المريرة –كما عبر مشاركوه عن ذلك في أكثر من لقاء – وبضرورة تجاوز ذلك الماضي نحو حاضر ومستقبل أفضل, -ونحن نؤكد على ضرورة تجاوز ذلك الماضي أيضاً , ولكن ليس بالطريقة البهلوانية التي ارتآها السيد خدام لأنه خير من يعلم أن تجاوزاً صريحاً وحقيقياً لذلك الماضي- وهي مهمة وواجب الأجيال الشابة والجديدة والقوى المكافحة من أجل الحرية والديموقراطية لكي لاتتكرر مأساة ذلك الماضي- يقتضي مساءلته – أي الماضي- وتبيان أسباب ما آلت سورية إليه, وموقع السيد خدام في ذلك الماضي غير المشرف الذي لابد أن يكشف عن الكثير من الحقائق والمسؤوليات المناطة به والتي من شأن أي تحول ديموقراطي وسياسي قادم أن يمنع تكرارها, وتكرار شخوصها, وأضاليلها بقوة القانون ودولة القانون وعبر مشاركة السوريين والسوريات الشباب والشابات في تقرير مصير البلد بحكمة ومسؤولية .


العراق ما بين ،الدولة المدنية والدولة الدينية
بقلم نذير جزماتي
ما أكثر الأخبار التي تطغى على كل ما عداها، وخصوصاً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ومن أهمها، أولاً، كشف النقاب عن أن سلطة برايمر في العراق قد اختلست 88مليون دولار من المبالغ المرصودة لاعادة "اعمار العراق"، ناهيك عن الاختلاسات على كل المستويات التي لا تعد ولا تحصى، ومن ضمنها، تسرب كميات من أموال النفط الى المقاومة، وتهريب النفط اليها
وثانياً، اغتيال رجال العلم وبالدرجة الاولى، أساتذة الجامعات للقضاء على الثروة البشرية التي وقفت في وجه "نزيف العقول"، أو أنها فشلت في الهجرة.
وثالثاً، احتمال ارسال قوة حفظ سلام عربية وفق ما ذكر نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني اثناء زيارته منطقة الشرق الأوسط في اواسط شهر كانون الثاني/يناير، تمهيداً لخروج المحتلين ، أميركيين وبريطانيين وغيرهم بعد استكمال بناء ست قواعد عسكرية ضخمة محمية، يقام بعضها في الصحراء.
رابعاً، فضائح سجن "أبو غريب" وغيره من السجون في دول الشرق الأوسط العربية، ودول أوروبا الشرقية، التي استخدمتها الولايات المتحدة لتعذيب من تغضب عليهم أميركا، وانتزاع اعترافاتهم.
إلا أن الأخطر من كل ما جرى منذ أيام الاحتلال الأولى للعراق يتمثل بالحرب التي انفجرت بين السنة والشيعة، في البدء بصورة خفية وشبه خفية، وأخيراً بكل ما تحمله الحرب الأهلية-الطائفية من كوارث ، ليس للعراق وحسب، بل لكل البلدان العربية، وبالدرجة الاولى لسوريا ولبنان ودول الخليج، ومن ضمنها السعودية. وهي حرب استعرت في الماضي حيناً وخمدت حيناً آخر من أيام آخر الخلفاء الراشدين الى اليوم. وكانت أكبر الحروب الاقليمية بين الطائفتين المذكورتين الحرب بين ايران الصفوية (الشيعية) وتركيا العثمانية(السنية) في اواخر القرن قبل الماضي ، حين انتصرت تركيا وعاد العراق الى موقعه العربي. ويحكى أن الملك فيصل بن «الشريف حسين» الذي خرج من سورية حين دخلها الفرنسيون في أوائل عشرينات القرن الفائت، أخذه البريطانيون وعرضوا عليه منصب ملك العراق. إلا أن الرجل اعترض لأن نسبة الشيعة كانت فيه نحو 85بالمئة مما اضطر البريطانيين الى ضم جزء من لواء الموصل الذي كان تابعاً مباشرةً للباب العالي التركي ،الى العراق على اعتبار أن الأغلبية فيه سنة أكراد.
وتجددت الحرب بين السنة والشيعة من خلال الحزبين:الشيوعي العراقي (الشيعي) والبعث العراقي (السني) من أيام الزعيم عبد الكريم قاسم في أواخر الخمسينات حتى يومنا هذا. فقد قاد الشيوعيون "لسنوات طويلة، المواكب الحسينية في النجف وكربلاء حيث حولوا الأغاني الدينية الى أناشيد سياسية. وبدا الحزب الشيوعي بفضل هذا التماهي، كما لو كان حزباً شيعياً، أي حزباً للطائفة وليس للشعب" حسب ما ورد في كتاب "الجماهيريات العنيفة ونهاية الدولة الكارزمية في العراق، لفاضل الربيعي، اصدار دار الأهالي، دمشق، عام 2005، ص13. "ولكن، بينما كان الشيوعيون يغطسون في مغطس الطقوس التراثية الشيعية- حسب المصدر نفسه- اتجه البعث الى الجماهير السنية في إحياء بغداد الفقيرة، شبه المدينية مثل أحياء الكرخ وفي أطراف المدن الغربية الكبرى، بطابعها البدوي السني مثل الرمادي و تكريت والفلوجة وبلد وسواها".
وبالتالي، وحسب المصدر نفسه أيضاً، " بينما كان الحزب الشيوعي العراقي يتحالف مع الأحزاب الشيعية وتواطأ سراً وعلناً مع الاحتلال نفسه، ويغدو جزءاً من مجلس الحكم، صار الشيوعيون العراقيون أكثر استعداداً لأن يروا أنفسهم، بل وأن يتصرفوا داخل المجلس (مجلس الحكم) وخارجه كجزء من الحصة الشيعية (ص15). .في حين بدأ حزب البعث العربي الاشتراكي فور سقوط بغداد، مقاومة باسلة وبطولية ربما اشتدت وتميزت ، بالفعل في المناطق السنية مثل الفلوجة والرمادي وهيت وحديثة والموصل.. (ص14)
ومن جهة ثانية، فان الأميركيين الذين حرضوا ومولوا وسلحوا نظام صدام حسين لكي يشن حربه ضد ايران من عام 1980 الى عام 1988،وهي الحرب السنية- الشيعية الإقليمية الثانية، بعد الحرب بين الصفويين الايرانيين (الشيعة) والعثمانيين (السنة)، انقلبوا إلى أنصار للمعارضة العراقية وعلى رأسها الشيعة، في الوقت الذي آوت إيران واحتضنت وتحالفت مع الائتلاف الشيعي في عهد صدام، أو بحكم ما تملكه من مفاتيح وأدوات نافذة في كل ركن من أركان العراق. وأصبحت تهدد باحتمال وقوع العراق كله في أحضان النظام الاسلامي الايراني، لتصبح القوات الأميركية والمتحالفة معها في العراق رهينة في أيدي الايرانيين.
وتتمثل الجبهة الثالثة التي لاتقل أهمية عما سبق ذكره، بالشيعة في جنوب لبنان في "حزب الله" وفي حركة "أمل" الذين يقفان في ذات الصفوف التي يقف فيها حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ضد الإمبريالية والصهيونية. وفي سوريا يعلن حزب "الاخوان المسلمين" الذي خاض معارك دامية ضد النظام في أوائل ثمانينات القرن الماضي، أنه يقف ضد الإمبريالية والصهيونية. وتجبره مجمل الأوضاع السائدة في المنطقة والتي من أهمها وقوف السنة بشكل عام ضد الإمبريالية والصهيونية، على اتخاذ مثل هذا الموقف. ويعلن حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا بوصفه حزباً حاكماً مُهدداً من قبل الإمبريالية الأميركية، الموقف نفسه.
وأخيراً، اذا كان موقف الشيعة واضحاً من ايران حسب قول الكثيرين وكان آخرهم حسني مبارك ، وإذا كان العراق قد تحول إلى دولة تابعة لايران، أو أنها في طريقها إلى التبعية، وبسبب ذلك كان مقرراً أن تبدأ المباحثات الأميركية – الايرانية في بغداد بشأن العراق، وأُجلت بسبب معارضة الطلاب الإيرانيين (الباسيج) وغيرهم، ولأسباب أخرى منها أن المستقبل لها وليس لأميركا التي تعاني الأمرين، فان العرب عموماً، والسنة منهم خصوصاً،والخليجيين بالدرجة الأولى، لا يخفون تخوفهم من السلاح الإيراني عموماً، ومن سلاحهم النووي خصوصاً. ويؤكد أكثر من مفكر عربي بأن العرب سيكونوا أول ضحايا السلاح الذري الإيراني، قبل إسرائيل وقبل غيرها، آخذين بعين الاعتبار إن السلاح الذري الإيراني لن يكون بمستوى السلاح الذري الإسرائيلي على المدى القريب والمتوسط.

أسباب فشل القوى الديموقراطية العربية في التقدم إلى الأمام
بقلم: ن. ج
لم يكن الفيلسوف كارل بوبر الوحيد بين الفلاسفة والمفكرين، الذي دعا البلدان المتقدمة في أوربا وشمال أميركا إلى حكم باقي بلدان العالم، بل إن أعداداً كبيرة من هؤلاء شاطروا ويشاطرون بوبر رأيه هذا، ذلك أن معظم حكام بلدان العالم الثالث، إن لم يكونوا كلهم، قد حكموا بلدانهم بقوة الحديد والنار. ولعل الداعين إلى هذا الحل من أبناء شعبنا الشرفاء لا يعرفون، أو يغضون الطرف عن مصائب بلداننا التي هي بالأساس من فعل الاستعمار الأوروبي ـ الأميركي الذي نهب خيرات هذه الأمم، فقطع عليها، ولا يزال يقطع عليها، ويخطط لكي يقطع عليها في المستقبل أيضاً، طريق تطورها الطبيعي.
تناقض الأدوار:
ومن جهة أخرى، لعبت ثورة تشرين الأول (أكتوبر) الاشتراكية في روسيا دورين متناقضين، أديا معاً إلى المأزق الحاد الذي يعاني منه عالم التقدم والتحرر والعمل. ويتمثل الدور الأول في القضاء أو شبه القضاء على الإنجازات التي حققتها الطبقة العاملة العالمية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في البلدان الصناعية الكبرى المستعدة أكثر من غيرها للارتقاء بعلاقات الإنتاج، وبالعلاقات الاجتماعية إلى مستويات أعلى فأعلى، من دون استغلال أي ظرف كان، بما في ذلك الحرب لقلب الثورة الديموقراطية الناضجة في روسيا إلى ثورة اشتراكية لم يكن قد آن أوانها. أما ما كان يسمى بحركة شيوعية موالية لموسكو في أوروبا الغربية وشمال أميركا، فلم تكن غير أحزاب وحركات وجدت بقوة الدولة السوفييتية. وما إن غابت هذه الدولة حتى زالت هذه الأحزاب والحركات. ولم تنضج الظروف بعد، بسبب العامل المذكور أعلاه، لقيام أحزاب حقيقية للبروليتاريا في البلدان المذكورة. ومن دون قيام هذه الأحزاب تبقى الإمبريالية في بلدان أوروبا الغربية وشمال أميركا تسرح وتمرح بالرغم من وجود حركات للدفاع عن حقوق الإنسان، وعن البيئة وغيرها.
وفي المقابل، فإن فشل السوفيات في الوصول إلى عقول وقلوب الشعوب الأوربية وفي طليعتها الطبقة العاملة، دفع السوفييت إلى الالتفات نحو آسيا، رغم تمنيات الثوار الروس منذ ما قبل ثورة أكتوبر، إعطاء التقدم طابعاً «أوروبياً لا آسيوياً». وقد أعلن أندريه غيد إثر زيارته إلى الاتحاد السوفياتي عام 1936 أن الاتحاد السوفياتي (الستاليني) طعننا في أعز أمانينا.
ويتمثل الدور الثاني للسوفيات، بالدعم السوفياتي لحركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، مما ساعدها في تحقيق انتصاراتها في ظل ميزان القوى المتناسب بين السوفيات والأميركان في فترة تاريخية محددة. ويبدو أن عودة الأمور إلى طبيعتها يفرض استحقاقات معينة على هذه الشعوب، ومنها حركة التحرر الوطني العربية.
و«زاد في الطين بلةٌ» الكلام منذ أكثر من ثلاثين عاماً عن «طريق غير رأسمالي إلى الاشتراكية» وكتب د.فاديم تروبنيكوف في عام 1981 كتاباً صغيراً وزعته «وكالة نوفوستي» بعنوان «الطريق إلى الاشتراكية من دون المرور بالرأسمالية». وأدى ذلك إلى نتيجتين سلبيتين: تمثلت الأولى منهما بأن قادة الأحزاب الشيوعية في بلدان العالم الثالث، بشكل عام، وفي معظم بلداننا العربية، بشكل خاص، وضعوا أيديهم وأرجلهم في ماء بارد، طالما أن الاصطدام بين العملاقين الجبارين السوفياتي والأميركي لا بد أن يحدث. ويعني ذلك أن لا حاجة للنضال أو إلى أي شيء آخر باستثناء انتظار انتصار الجبروت العسكري السوفياتي بقوة حتمية انتصار الاشتراكية واندحار الإمبريالية. وكنتيجة يُنصب قادة الأحزاب الشيوعية ملوكاً على بلدانهم مثلما جرى ذلك في دول أوروبا الشرقية بعد اندحار النازية على يد الجيش الأحمر. وبدأ منذ وقت مبكر الاختلاف على المناصب والمراكز الحكومية التي سيحتلها الشيوعيون في المستقبل القريب.
وتتمثل النتيجة السلبية الثانية بجراثيم العدوى التي انتقلت من القادة المذكورين إلى كبار الضباط العسكريين هنا وهناك بعد أن صار الطريق أمامهم مفتوحاً لقلب الانقلابات العسكرية إلى ثورات اشتراكية، والتحالف مع الاتحاد السوفياتي. وإذا كان السوفيات قد اجترحوا المعجزات مثل «تصنيع البلاد» بقوة الخوف من القضاء عليهم من قبل عالم رأس المال الذي كان يحاصرهم من كل الجهات، فإن القادة الشيوعيين ناموا، كما نام القادة العسكريون فوق حرير الاطمئنان إلى الكذبة التي اخترعوها وصدقوها.. وبسبب الهزائم التي سبقت الهزيمة الكبرى، غُصت الساحات السياسية في بلدان العالم الثاني (الاشتراكية سابقاً) والثالث بالقوى التقليدية دينية وغير دينية. ونحمد الله أن هذه القوى التقليدية في بلادنا قد اشتركت اشتراكاً فعالاً في معارك التحرر الوطني ضد الإمبريالية والصهيونية. وأكثر من ذلك، أنها كانت ولا تزال حاسمة في موقفها المبدئي هذا، في وقت تراجع بعض الشيوعيين وبعض اليساريين إلى مواقع التفاهم والتفاعل مع الإمبريالية الأميركية مثل الحزب الشيوعي العراقي (الرسمي) وكثيرٌ من اليساريين هنا وهناك. والحقيقة أن هؤلاء وأولئك لم يقتربوا من الشيوعية أو اليسار إلا لـ«غاية في نفس يعقوب» تتمثل في ضمان منصب في الحكومة التي تعقب انتصار الاتحاد السوفياتي على أميركا وتخليص العالم إلى الأبد من الإمبريالية والصهيونية.
وإذا انتقلنا إلى التفاصيل نجد أن قادة الأحزاب الشيوعية المذكورة قد فتحت أبواب أحزابها على مصاريعها فدخل من دخل. وسار القادة العسكريون في هذه الطريق أشواطاً أبعد بكثير بسبب الإمكانات التي توفرها السلطة. فانخرطت هنا وهناك أعداد هائلة من الانتهازيين الذي لا هم لهم إلا استخدام السلطة والسلطان في تحقيق أحلامهم في نهب الأموال وهتك الأعراض وغير ذلك من الموبقات.. وحمت العقيدة الدينية من حمت من قادة الأحزاب الدينية من الغوص في مستنقعات التفسخ التي غرق فيها زعماء الأحزاب المذكورة. وإذا كانت السلطة بشكل عام مفسدة حسب اللورد أكتون، والسلطة المطلقة مفسدة بشكل مطلق، فإن الإخوان المسلمين في مصر و«حماس» في فلسطين لم ينجحوا بعد في الامتحان العسير جداً.
وإذا كانت نتائج الانتخابات هنا وهناك لم تظهر جلية كما في فلسطين فلأن الأحزاب الحاكمة في باقي البلدان العربية وغير العربية لا تسمح بإجراء انتخابات حقيقية، بل تطلب من أجهزتها المختلفة تقديم «مسرحية» انتخابية لا يصدقها أحد. ومع ذلك تقدم حزب الإخوان المسلمين في مصر خطوات هامة إلى الأمام عن طريق انتخابات شبه شفافة.
ونلفت النظر إلى أن الحركات العمالية في العالم، وحركات التحرر الوطني ليست في حالة نهوض، بل إنها في حالة انتكاس، نتيجة الانتصارات التي حققها أعداؤها. وفي مثل هذه الأحوال التي يسميها لينين «سنوات الرجعية» تتحطم فيها جميع الأحزاب الثورية والمعارضة، ومحل السياسة يحل الانحطاط والتفسخ والانشقاق والتشوش والارتداد والخلاعة. ويشتد الجنوح نحو المثالية في الفلسفة، والنفعية على المستوى الشخصي، يجب على الأحزاب الدينية أن تتابع تنفيذ المهام بشرف كما فعلت في الماضي القريب، وأن توظف كل الإمكانات المتوفرة في القضاء على الأمية في صفوف الشعوب العربية والإسلامية التي تمثل العدو رقم واحد. وبالتالي، أن ترتقي بخطها السياسي وبتحليلها إلى مستوى الكشف عن حقيقة الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الإمبريالية الأميركية بوصفها رأس الأفعى التي من أخطر أذنابها الصهيونية وليس العكس. وأن لا يقترن عداء هذه الأحزاب للإمبريالية بهجوم الإمبريالية عليها. إذ يمكن أن تشن الإمبريالية على هذه الأحزاب حرب «حب» مسموم بهدف إخراج قطار هذه الأحزاب عن السكة الصحيحة. ذلك أن الإمبريالية عدوة لكل الشعوب ومن ضمنها شعوبها بالذات.
والشيوعيون واليساريون الحقيقيون حلفاء لهذه الأحزاب، ليس في الحكم، بل في المعارك ضد الإمبريالية والصهيونية. ويجب أن لا تقف آراء فلسفية هنا وآراء فلسفية هناك حجر عثرة في طريق التحالف والتعاون لما فيه خير البلاد والعباد.

التيار الوطني الاجتماعي حاجة موضوعية أم رغبات ذاتية ؟

قبل أن الحديث عن التيار الاجتماعي لابد لنا من جولة أفق " كما يقال في وسائل الإعلام المتداول .
منذ ثلاثة أعوام شهدت الساحة السورية تشكيل وتشكل أحزاب وتيارات سياسية عديدة " ساهم النظام بخلق بعضها " لسنا بصدد تعدادها ولكن ما أثار انتباه المتتبع للمشهد السياسي السوري : القاسم المشترك بينهم،وهو التوجه الليبرالي . وإن كان معظم المشاركين أو غالبيتهم العظمى ينتمون إلى النخبة المثقفة السورية ومن خلفيات وأصول ماركسية، أو قومية، أو اشتراكية. حاولوا قراءة لوحة الصراع إثر المتغيرات العالمية ، وتوصلوا إلى ضرورة تغيير الطروحات والتوجهات التي كانت حتمية حتى الأمس "قبل انهيار الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية " يمموا وجوههم نحو الليبرالية والنيوليبرالية تماشياً مع المتغيرات الكونية ومع كتاب فوكو ياما نهاية التاريخ الذي بشرنا بنهاية التاريخ عند مرحلة النيوليبرالية الجديدة وقد تراجع عن بعض تنظيراته تلك " واستبدلوا الحتمية الاشتراكية بحتمية فوكو ياما، ودور النخبة أو الطليعة السياسية في تمثيل الطبقة العاملة إلى دورهم في تمثيل الليبرالية السورية وكأن الأخيرة عاجزة عن تصدير مفكرين أو اقتصاديين يمثلونها وتحتاجهم كأداة معبرة عن مصالحها في ظروف القمع السياسي . وبدأت تنمو الأحزاب والتيارات الليبرالية كالفطر في الساحة السورية وكأنها اجتراح لم يسبق اكتشافه من قبل . وكان سوريا لم تمر في هذه المرحلة " رغم قصرها " وفشلت نتيجة لضعفها البنيوي الذي انعكس على سيطرتها السياسية وتحالفاتها الطبقية مع الإقطاع وسواهم . ورغم ذلك أصبح الدفاع عن التوجه الليبرالي أحد أهم المفردات في الخطب والشعارات السياسية الحديثة والتي تتماشى مع متغيرات العصر حسب رأي أصحاب الخطاب الحداثاوي ، والرد الملائم للعصر الجديد ولانهيار المشروع الاشتراكي وخزلانه لمعظمهم .
ولأننا نتكلم عن سوريا فإن هذا الطرح أو الخطاب لا يستقيم إذا فصلناه عن تعقيدات الواقع السوري وبشكل خاص خصوصية النظام السوري وخطابه الرسمي " شعاراته الوطنية والاجتماعية ، وإمساكه بمفاصل الدولة ككل ومن بينها قطاع الدولة .." متضافراً مع الاستبداد والقمع السياسي،والذي دفع معظم النخب السياسية السورية إلى تبني خطاب يتمايز عن خطاب النظام "الوطني، والاجتماعي " الذي سعى من خلاله إلى الإبقاء على سيطرته وسطوته عبر استخدامه آليات قمع مختلفة ، وسرقة الأموال ونهب ثروات البلد وفرض الإتاوات على المجتمع السوري واستئثاره هو وأبناء عائلته وطبقته البورجوازية البيروقراطية وتحالفاتها بحصة الأسد من مجموع المنتج الوطني، مما دفع جزءاً كبيراً من المعارضة السياسية إلى تبني خطاب سياسي على يمين النظام " درجت العادة عند المعارضة السورية خلال العقود المنصرمة على المعارضة من اليسار باستثناء الإخوان المسلمين.
وأصبح الخطاب السياسي شبه موحد " نريد ديمقراطية " حسب تعبيرهم، والديمقراطية تعني من وجهة نظر هم الحريات السياسية " وهو طرح صحيح يأتي في أولوية أي برنامج سياسي طرح أو سيطرح " أما للبعض الآخر من المعارضة فهي تعني الحرية الاقتصادية ليس إلا وهي جارية على الأرض بأشكال مختلفة اختلاف تفرع الطبقة البرجوازية البيروقراطية البنيوي عن قريناتها من شرائح البرجوازيات الأخرى لكن هذا التحول الجاري لا يقع ضمن التصور الليبرالي الذي يأمل من خلاله معظم أصحاب هذا الطرح تفكيك بنية النظام عبر نزع أوراق القوة من يد ه ومنها قطاع الدولة ودون أن يفكر أحدهم بنتائج هكذا مشروع باعتبار الدولة هي أكبر وأقوى رب عمل في سوريا ومرتبط بها مئات الآلاف من الأسر .
ونحن نرى معهم أهمية الديمقراطية وعلى رأسها الحريات السياسية ، لكننا نرى هذا الطرح مجزوءاً إذا لم يقرن بشق اقتصادي_ اجتماعية للطبقات المسحوقة وضرورة العمل لتحسين أوضاع الناس الاقتصادية والتي تعد أولية من وجهة نظر الكتلة الاجتماعية الصامتة التي تعمل الأحزاب السياسية باسمها ومن أجلها ! ومع ذلك غاب هذا الشق كلياً عن المعارضة السورية في السنوات الثلاث الأخيرة ولم يخرج إعلان دمشق " تجمع المعارضة السورية " عن ذلك التوجه، ولم يأت الإعلان على ذكر أي مطلب اجتماعي أو اقتصادي يهم الطبقات الفقيرة !.
وطالما نتحدث عن إعلان دمشق لابد أن نذكر تغييبه أيضا ً " للمسألة الوطنية " في وقت لا تزال ارض سورية محتلة والصراع العربي الإسرائيلي قائم، ولم يحل حلاً عدلاً ولو بالحدود الدنيا بما يقنع شعوب المنطقة، أضيف إليه احتلال العراق " التوضيحات الأخيرة للإعلان دمشق لم تدخل إلى متن الإعلان !
إن ملاحظاتنا تلك على الخطاب السياسي للمعارضة السورية دفعنا إلى محاولة قراءة الواقع واشتقاق المهام التي نراها ملحة ويجب العمل عليها وهو ما جاء بالمسودة الأولى للتيار كمحصلة لنقاش دام أشهر متواصلة ، شارك فيه مجموعة من الهيئات المدنية والأحزاب السياسية، منها حزب العمل وحزب البعث الديمقراطي " الذي يعاد تشكيله من جديد".
وقد ارتأى المشاركون أن إعلان دمشق أغفل قضيتين جوهريتين من منظور يساري " ماركسي وقومي " التوجه للجماهير الشعبية عبر برنامج يقوم على محاور ثلاث يرى التيار أنها حزمة واحدة تتقدم واحدة عن الأخرى حسب الأولويات والمخاطر المطروحة ، وبناء عليه يحتل النضال الديمقراطي الأولوية في هذه اللحظة، وكذلك النضال من أجل مصالح الطبقات الفقيرة ثم يأتي دعم مقاومة الاحتلال وبنفس الوقت التمييز بين المقاومة والفكر التكفيري المرفوض جملة وتفصيلاً " منها قتل المدنيين " الذي يرتدي أثواباً وطنية ممزقة .
ومع الأسف الشديد استقبلت المعارضة مسودة التيار المطروحة للنقاش مع جميع القوى والفعاليات السياسية المعارضة، وكأنها أتت لتذرر عمل المعارضة الضعيف أصلاً !حيث لم تر المعارضة في طرح المحورين الاجتماعي والوطني أي جدوى خصوصا ً في الظروف المعقدة للساحة السورية ووفي مقدمتها الاستبداد السياسي للنظام القائم وعليه ترى المعارضة ضرورة تركيز الجهود في الحقل الديمقراطي. وبالتأكيد نحن في التيار نرى ذلك ولكن دون فصله عن المحتوى الاجتماعي في حال حصل أي تغير سياسي على الساحة السورية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يرى التيار ضرورة العمل على المسألة الوطنية والتي أحتكرها النظام لنفسه " مع القضايا الاجتماعية " دون تقديمه أي مشروع وطني لتحرير الجولان السوري المحتل طوال العقود المنصرمة وحتى الآن .
وقد أنطلق المجتمعون من ضرورة وجود تيار اجتماعي ديمقراطي واسع يعمل من أجل الطبقات الفقيرة خصوصا ونحن مقبلون على تغيرات اقتصادية واجتماعية واسعة المتضرر الأكبر منها الطبقات الفقيرة ولا يمكن أن يبقى هذا المحور بين يدي النظام مما يزيد الهوة بين المعارضة والطبقات الفقيرة ويؤدي إلى عزلها وفصلها عن الشعب الذي تتكلم باسمه، وتعيد دائماً أسباب الفراق معه إلى سياسة الدولة القمعية وإرهاب المجتمع دون أن تنظر إلى ما تطرحه هي من برامج اجتماعية تتقاطع مع مطالب الطبقات الفقيرة وبالتالي تحاول مد الجسور معها رغم ديكتاتورية النظام وتدميره للمجتمع وتعبيراته السياسية والاجتماعية، آخذين من تجربة دول أمريكا اللاتينية دروساً في غاية الأهمية رغم اختلاف ظروفنا عن ظروف أمريكا اللاتينية من حيث القضية الوطنية والصراع العربي الإسرائيلي وتمفصل القوى السياسية عليها.
فإذا كان المجتمع هو أساس ومنطلق العمل السياسي والمجتمعي فإن ذلك يتطلب منا قراءة الواقع ومتطلباته وصياغة برنامج هدفه المجتمع ككل والطبقات الفقيرة بالدرجة الأولى .
وإذا كانت صيرورة المجتمع ومتغيراته بحصيلتها النهائية الداخلية والخارجية والعوامل المؤثرة سواء الأساسية أو الثانوية لا يمكن لحزب أو تيار التنبؤ بها وإنما يحاول الجميع الاجتهاد المنطلق من وجهات نظر متباينة ومن مصالح طبقية مختلفة أيضاً ، والتيار لم يأت ليحل محل المعارضة أو في وجه إعلان دمشق بقدر ما جاء من أجل إيجاد قطب ديمقراطي اجتماعي يعمل لصالح الطبقات الشعبية وعلى رأسها القضية الديمقراطية والعمل من أجل انخراط المجتمع بتعبيراته وشخصياته المستقلة بحيث يصبح مطلب الديمقراطية مطلب كتله جماهيرية ولا يبقى ضمن النخبة وهذا لن يتحقق إذا لم نناضل جميعنا من أجل ربط الديمقراطية بالمحتوى الاجتماعي بدل الفصل بينهما وكأن طرح الأولى يعني إغفال الثانية والعكس بالعكس ولكي لا نبكي زمناً أضعنا فرصاً كانت أمامنا ولا يبقى إلا أن نشتم رداءة الزمن القادم الذي أوصل قوى هي أبعد ما تكون عن هموم الطبقات الفقيرة لكنها استطاعت أن تجيرها بخطاب ديني تحرري .
حسيبة عبد الرحمن

العصبية السورية والانتماء إلى سورية
مفيد ديوب
مع تنامي وعي الشعوب العربية لذاتها وتنامي رغبتها بالانفصال عن الخلافة العثمانية في المشرق العربي تأثرا بتنامي النزوع القومية وتشكل الدول قبل عدة قرون في أوروبا, وبتشجيع من تلك الدول الأوروبية التي وضعت حضارة ( الرجل المريض) على أولوياتها بالتقاسم فيما بينها بعد تفكيكها, تنامت الحركات الانفصالية عن السلطنة العثمانية التي ابتلعت المنطقة وهيمنت عليها بسهولة بالغة طيلة أربعة قرون تحت الرابطة الدينية الإسلامية ـ التي كانت المورد الأساسي لثقافة شعوبنا ـ , تنامت الحركات بنزوع قومي حظي بقوة تنافسية مع الرابطة الدينية, معززة بالآمال الموعودة بدعم الدول الغربية بالمساعدة بتشكيل وقيام الدولة العربية على الأرض المحررة من الهيمنة العثمانية 0
إلا أنه بعد طرد العثمانيين حلّت الجيوش الدول الغربية ،وفوجئت الشعوب العربية باتفاقية ( سايكس – بيكو ) التقسيمية للدولة العربية الكبيرة المأمولة في المشرق العربي إلى مجموعة دول متقاسمة بين هيمنة الفرنسيين و الانكليز .
على الرغم من إنشاء المستعمر للدولة الحديثة المشابهة لدوله في كل ( قطر) من الأقطار ليدير مصالحه وفق نموذجها, و التي ـ أي نموذج الدولة الحديثة ـ تعرّفت عليها الشعوب العربية لأول مرة في تاريخهم, تم تعاطيهم الإيجابي مع هذا النموذج الحديث و مع الديمقراطية و الحريات و القوانين الحديثة و صندوق الاقتراع و الأحزاب )00 إلا أن رفضهم للمستعمر أولاً و للحدود التقسيّمية التي صنعها المستعمرين والتي ارتبط وجودها و حدوثها به ثانياً بقي راسخاً حتى بعد أن رحل المستعمرين ، وبقيت تلك الدول حقيقة واقعة ذات سيادة وعلم و دساتير و مقام في الهيئات الدولية المحدثة بعد الحرب الكونية الثانية .
لم يدم نموذج الدول الحديثة طويلاً بعد رحيل المستعمرين كي يتاح ترسيخ واقعيّة الأوطان الجديدة في الذهنية العربية, كما لم يتاح للبنى الاجتماعية – الاقتصادية الجديدة الوليدة حديثاً( أي البرجوازية الوطنية الوليدة, و توزيع الأرض و صك سندات الملكية للأرض ) بالتشكّل و تشكيل حواملها الاجتماعية القوية القادرة عن الدفاع عن هذا المعطى الحضاري الأرقى ( نموذج الدول الحديثة ) ، فانهارت تلك الدول عند أول تبدي الأزمات الجديدة و الاحتقانات المجتمعية من جهة ، و الاستقطابات الدولية الجديدة و تنافسها على المنطقة من جهة ثانية , و الذي أدى تنافسها المسعور لمصالحها أن تدعم الانقلابات العسكرية حيثما يتاح لها ذلك ، و تحطيم نموذج الدولة الحضاري0 كان الخطوة في تلك الأنقلابات العسكرية للرموز الفلاحية في الجيوش العربية 0تلك الرموز الفلاحية المرتبطة أو المتقاطعة مع الأحزاب والحركات الفلاحية التي تبنت الشعارات القومية ـ المقلوبة على رأسها أيضا ـ الرافضة للأوطان الجديدة, و التي وجدت مؤسسة العنف هي الطريق الأقصر للهيمنة على السلطة تعبيراً عن الأزمة المحتقنة و المتكثفة في الريف ( بين الفلاحين و حركاتها المتأثرة بتاريخ حركات التحرر العالمية حينها و ثورة أكتوبر, و بين طبقة ملاك الأراضي المتحالفة مع عدوها التاريخي ـ البرجوازية الوطنية ـ الضعيف و العاجز عن تحطيم نمط الإنتاج الإقطاعي و التمدد إلى الريف و حل مشكلته ), كما وجدت تلك الموجة الريفيّة عناصر قوتّها بعدما شكلت هزيمة / 1948/ هزيمة للمشروع الليبرالي و نموذج دولته و حضور العدو الجديد الاستيطاني الغاصب و الطامع بالتوسع مهدداً الوجود و الآمال و المشاريع ، و بات يحظى بالأولوية على كل شيء لدى الشعوب و النخب و السلطة السياسية الشمولية الجديدة وبات شعار (كل شيء من أجل المعركة) مسوغا للجميع0 فتمتعت السلطات الشمولية بحامل اجتماعي شمولي أيضاً و بمشروعية شعبية فريدة ، خاصةً أنها طرحت مفهوماً جديدا ( للقوة) التي ستواجه به العدو الإسرائيلي المدعوم من الدول الرأسمالية الغربية( مقلوباً على رأسه) متناسباً مع جذور الثقافة البدوية المكونة لوعي شعوبنا .
فعوضاً عن مفهوم ( القوة ) الذي نادي به الرواد الأوائل لتجاوز هوة التخلف بيننا و بين الغرب المتطور ، و القائم على تقليد الغرب بعلومه ، و استحضار صناعته ، و نموذج دولته الحديثة ، و التنمية البشرية و الاقتصادية, قام العسكر بقلب المفهوم (القوة) إلى قوة الجيوش و مؤسسات العنف و الأسلحة و التحالفات الدولية المؤازرة لمشروع تحرير الأرض العربية المغتصبة, و عليه بات ( كل شيء للمعركة ) الشعار المهيمن في السياسة و الثقافة و الاقتصاد من أجل تحقيق النصر المشّابه لنصر الجيش الأحمر القادم من بلد متخلف ـ مشابه لتخلفنا ـ على الغرب ذاته الداعم لعدونا الجديد , والجيش القادم أيضا من (الشرق) و ما يحمل هذا الشرق من رمزيّة عندنا خاصة عندما أقام ذاك الجيش الأحمر بعد انتصاره إمبراطورية عظمى / بسرعة خارقة / تدغدغ تاريخية إمبراطورية العرب المسلمين السلفة المستكينة في الذاكرة و الوعي .
هذا المشروع ( التحريري) عندنا و هذا المسار أنتج هزائم متكررة و متعددة و لم تتمكن الشعوب و النخب من الخروج من أسر هذا المشروع, كما لم تجرؤ على الإقرار بالهزيمة و البحث عن جذور الأسباب ، و إعادة إنتاج مشاريع فكرية و سياسية جديدة ، فاستكانت إلى فكرة وجود العدو المدعوم من الدول الأقوى ، و تعليق كل الأمور و المشكلات و الأسباب الداخلية عليه ، ليعفي العقل العربي نفسه من الهزيمة و من جرأة النقد و المراجعة ، كل ذلك تزامن مع تنامي قوة الديكتاتوريات و تشّكل مصالح هائلة للطبقة الحاكمة وبالوقت ذاته فشل مشاريع التنمية واجتثاث البرجوازية الوطنية وخسارة دورها,و تحويل نشاط الطبقة المالكة للثروة إلى النشاط الهامشي الفوق قانوني ( المافيوي بالتشارك مع طبقات السلطة ) ، و عبر أربعة عقود من الاحتكار السياسي و الثقافي و الإعلامي و الاقتصادي, وحالة الانعطاف وتحويل قوة الجيوش و مؤسسات القمع لتقمع شعوبها و ترهبها بالحديد والنار . باتت السلطة الديكتاتورية وحدها المسؤولة عن الوطنية السورية، وتمر (المواطنة) السورية عبر معبرها وحدها, ومن يعارضها فهو ليس وطنياً و(خائناً ) و ليس سورياً، واحتكرت العلم السوري و رمزيته وحدها , و احتلت وحدها أيضا حلّ مشكلة احتلال الجولان وتحريره.
و مع النهب و الهدر و الإنفاق على مؤسسات العنف توقفت المشاريع بموازاة تزايد ارتفاع السكان, تضخم جيش العاطلين عن العمل من الشباب و الأجيال الجديدة التي خضعت منذ طفولتها لشحن الخطاب السلطوي و حصر الانتماء السوري بها وحدها . لدرجة انه اختصر الوطن بالحزب الحاكم و خطابه. ومن ثم اختصر الوطن بالقائد التاريخي فبات الوطن السوري مختصراً بالحاكم ، كل ذلك ترافق مع الخطب السياسية والفكرية القومية القافزة من فوق حدود الوطن (القطر) الجاهزية للتضحية به من أجل مشروع وحدوي وخطاب اليسار الفوق قومي وخطاب التيارات الإسلامية هي الأخرى التي لا ترضي بديلا عن دولة الإسلام والمسلمين أينما وصلت حوافر خيول المسلمين0
أمام هذه الموجه باتت سورية بدون أبناءها ، باتت وحدها مشرّعة للرياح الدولية و لتحّكم النظام الديكتاتوري. ويتجلى ذلك في حضور أغلب الانتماءات (الفوق والتحت) وطنية والعصبيات حسب أولويات وتراتبيات محددة والوحيد الخافت هو الانتماء إلى سورية وهي في الدرك الأخير من سلم تلك التراتبيات 0
وأمام هذه اللوحة الخطرة على سورية وأبنائها ,لابد من جهود هائلة تطلب من النخب جميعها لاستنهاض العصبية السورية على حساب جميع العصبيات الأخرى وبغير ذلك ستكون سورية في مهب الريح وأبناءها بلا وطن 0
من الذاكرة
ـ غالباً ما اتكأت المعارضة السورية لتبرير ضعفها وقصورها، بأنه ناجم عن قمع النظام لنشاطها السياسي لعقود طويلة.
أفلا يوجد عامل ذاتي له علاقة بخطابها السياسي، وعلاقاتها السياسية الإقليمية.. كل هذه العوامل لا نجد لها ذكر في أدبيات المعارضة. ولا نجد قراءة نقدية لتاريخيها السياسي عبر العقود الثلاثة الماضية. بل يمكن القول أن كل هذه الأحزاب /تغرد/ بتاريخها النضالي. وصحة مواقفها وهي بذلك/ على طريقة بكداش، بأن التاريخ أثبت وجهة نظرها السياسية.
وهذا الموقف ينطبق. من أصغر حزب معارض لا يعرف بأسمه أكثر من مئتين مواطن سوري إلى أكبر تنظيم يعتبر نفسه وريث عظماء الأمة العربي في العصر الحديث والبعيد في بعض الأحيان.
حتى الإخوان المسلمين لم يجدو المسوغ للإعتذار بشكل فعلي، والمراجعة النقدية الحقيقية لما فعلت أيديهم خلال حقبة ثمانينات القرن الماضي في القتل على الهوية المذهبية. وصولاً للاتحاد الاشتراكي الذي صمت على جرائم النظام (صمت القبور) خلال عشرين عاماً وأكثر وظل خارج المعارضة الفعلية.
تمثل خطاب المعارضة في ثلاثة مصادر فكرية ـ سياسية في مواجهة خطاب النظام ـ خطاب ديني ـ مذهبي إسلامي تكفيري حمل راية الإخوان المسلمين.
ـ خطاب قومي/ كمن يبيع الماء في حارة السقايين/ حمل راية بعث صدام حسين، بعث حركة /23/ شباط وفلول الناصريين.
ـ خطاب ماركسي بلبوس قومي تصدى له الحزب الشيوعي م.س وحزب العمال الثوري، وإذا ما نحينا جانباً/ الإخوان وحزب العمل/ نجد جميع هذه الأحزاب لها مثيلتها في جبهة النظام البغيض، أي بمعنى أن أحزاب المعارضة لا تعد أن تكون، جزءاً من أحزاب النظام قبل انقلاب السبعين. لقد ظلت هذه الأحزاب مرتبطة بشعرة معاوية مع جبهة النظام. إن كان بعقلها السلطوي اللاديموقراطي، أو عبر تحالفها وارتباطاتها الإقليمية.
فهل يعقل أن تكون حليفاً لصدام حسين، النظام الدموي في العراق. ونقيضاً للنظام في سورية..؟؟
وهل يصح أن تكون مدعومةً من ملك الأردن سليل الخيانة والعميل جهاراً لدوائر الإمبريالية/ انظر/ تكتيك الإخوان إبان صراعهم مع السلطة.
وهل يصح أن ترفع راية جمال عبد الناصر والشعب السوري ذاق مرارة المذلة على يد جلاوذة عبد الحميد السراج وسنوات الهزيمة في الحقبة الناصرية.
إن مأساة الشعب السوري لا تكمن فقط في طبيعة النظام الدموي الشمولي الذي تحكم برقاب الشعب السوري لمدة ثلاثين عاماً. وجعل الوطن رهينة سلطة فردية عائلية بل زاد في الطنبور نغماً، طبيعة الأحزاب المعارضة. وهي وريثة سلطات سابقة. لما تقدم نموذجاً لمواطن يمكن الدفاع عنه.
فعندما ذهبت حكومة الانفصال نسي المواطن السوري /الليبراليين الشوام/ والقوميين الوجوديين/ وأكرم الحوراني/ وبدل الصور في منزله. وعندما غابت حكومة البعث الأولى غابت صورة ميشيل عفلق وأمين الحافظ ومحمد عمران وذهبت مع الريح. وحتى عندما زج في السجن برئيس الدولة والأمين القطري المساعد صلاح جديد مدى الحياة. كان الشعب السوري يرقص في شوارع دمشق على هدى خطاب النظام الشمولي الفردي. والذي تفوح منه رائحة الموت والسجن والقهر والنفي.
فهل المشكلة في ذاكرة المواطن السوري أم في ما زرعته أحزاب المعارضة عبر سنوات خلت.
فجر

الحرية للرفيق فاتح جاموس
قامت الأجهزة الأمنية السورية باعتقال الرفيق فاتح جاموس عضو المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي في سوريا من مطار دمشق الدولي وذلك عند عودته من جولته الأوربية . ومن الجدير ذكره أن الرفيق فاتح جاموس سبق له واعتقل في السجون السورية ثمانية عشر عاماً 1982_ 2000 كما تعرض إلى محاكمة في مدينة حلب قبل ما يقارب العامين .
ويأتي اعتقال الرفيق فاتح جاموس في سياق استكمال مسلسل القمع المعمم الذي يشنه النظام السوري عبر آلته القمعية ( أجهزة أمن وغيرها ) على تعبيرات المجتمع المدني السوري من أحزاب ومنظمات مدنية .
إن سياسة النظام السوري الداخلية تؤكد على طبيعته الديكتاتورية الغير قابلة للإصلاح ، وأن النظام السوري مازال يتبع الوسائل البالية التي سبق واستخدمت طوال العقود الأربعة المنصرمة وبناء عليه يريد دفع المعارضة الوطنية السلمية والعلنية إلى العمل السري كي يبرر قمعه الدائم لحراك المجتمع السوري.
إننا نعتبر اعتقال الرفيق فاتح جاموس من قبل النظام السوري البرجوازي البيروقراطي والبوليسي ليس مفاجئاً فهذا النظام الفاسد والمفسد المفروض قسراً على شعبنا السوري لا يمكنه الاستمرار إلا بالقمع ونهب الثروات الوطنية وتحصيل الإتاوات، وكل ذلك تحت شعار الاتجار بالوطن والوطنية ، وبنفس الوقت يعتقل ويبطش بكل المعارضين الوطنيين وباسم الوطن .
إننا نقول للنظام السوري: العالم تغير ولا يمكنك الاستمرار في سياساتك القمعية القديمة فإما أن تعيد إنتاج نظامك وهيكلته وفق العصر ومعاييره وإما التاريخ لن يتركك بعيداً عن وقائعه .
وأخبراً نقول : السجن ليس لنا ..السجن لكل من سرق سوريا وأودع أمواله في الخارج السجن لكل من بطش وأذل الشعب السوري وتعبيراته السياسة .
و الحرية للرفيف فاتح جاموس ولكل سجناء الرأي والضمير في سوريا


حزب العمل الشيوعي في سوريا
1 / 5 / 2006



#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية للرفيق فاتح جاموس
- الحرية لأحمد سعدات
- الآن 35
- الآن - العدد (34) شباط 2006
- اجتماع الهيئة المركزية لحزب العمل الشيوعي تحليل سياسي
- الآن - العدد (33) كانون أول 2005
- البيان التأسيسي للجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في س ...
- بيان من حزب العمل الشيوعي في سورية
- إعلان دمشق، وموقفنا بين المبدئية والممارسة- الخط الثالث
- الآن - العدد (32) تشرين الثاني 2005
- تدويل الوضع السوري ( المسألة السورية) تداعيات لجنة التحقيق ا ...
- الآن -العدد (31) أيلول 2005
- بيان اثر اعتقال بعض ناشطي (خميس الاعتصام) في طرطوس
- نداء إلى أبناء وطننا السوري حيال أحداث القدموس الثانية
- الآن العدد 29
- بيان صادر عن حزب العمل الشيوعي ـ المكتب السياسي
- الآن العدد28
- بيان من حزب العمل الشيوعي
- الآن العدد (27) أيار
- نشرة الآن العدد 26


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - الآن - العدد (36) نيسان 2006