|
نشرة الآن العدد 26
حزب العمل الشيوعي في سورية
الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نشرة غير دورية تصدر عن حزب العمل الشيوعي في سورية العدد (26 ) نيسان 2005 أهلاً بعودة الرفيقين منير شعراني و يوسف عبدلكي إلى الوطن في هذا العدد 1 - افتتاحية الآن: الوطن في خطر، تعالوا إلى خطوة إنقاذ مشتركة 2 - تحية لرفيقنا يوسف عبد لكي... أهلاً بعودتك إلى الوطن. 3- تطبيع – بدون أرض. 4- جرس إنذار ثالث في مصياف. 5- بعض وجوه الأزمة اللبنانية وتداعياتها الإقليمية على الساحة السورية. 6- ضرب وبلطجة ضد المعتصمين في شوارع دمشق. 7- قاموس عواصف التغيير بأي لغة نقرؤه. 8- إضاءة 1 بقلم ن.ج 9- إضاءة 2 بقلم ن.ج 10- بيان وتعميم بأعمال الاجتماع الأول للهيئة المركزية لحزب العمل الشيوعي. 11- بيان عن لجنة حمص لنصرة العراق وفلسطين. 12- رسالة حسني كباس. 13- المجتمع المدني في سورية و جدلية الشكل و المضمون د. فارس إيغو 14- أن تكون (قصيدة) للشاعر كيفورك تميزيان 15 - الذكرى التسعون لمجزرة الشعب الأرميني شربل شديان
افتتاحية الآن الوطن في خطر، تعالوا إلى خطوة إنقاذ مشتركة وطننا السوري في خطر، نراه موضوعاً على طاولة تقرير مصائره ومستقبله، تعاد صياغته بالتجاذب الشديد المتسارع بين قوى واستراتيجيات، مصالحها، أهدافها، والوسائل التي تستخدمها في الصراع متناقضة في الجوهر مع أهداف ومصالح المجتمع والشعب. 1- من جهة وعلى مدى عقود طويلة، أمسك به نظام شمولي احتكر السلطة، استخدم القمع المعمم، صادر كل حراك في المجتمع، دمر قواه السياسية، خلق شللاً سياسياً عاماً، تصرف ولا يزال متفرداً «متوحداً» بإدارة الوطن دائماً من منطلق مصالحه الضيقة ووجوده في السلطة، دمر مجموعة القيم الوطنية الإيجابية من الوحدة الوطنية المتطورة والتعايش الاجتماعي السلمي المأمون، أضعف وقتل ردود الفعل الواعية أو الطبيعية الوطنية على استهداف الوطن من الخارج، دمر مجموعة القيم التي كانت تحمي الوطن من قضايا الرشوة والسرقات والفساد المتنوع، نظام لا يزال مصراً على إدارة ظهره للوطن والمجتمع لا صدق ولا صراحة معهما، تأخر حتى النهاية في أية خطوة إصلاح أو إنقاذ , نظام نعتقد أنه سيجد نفسه مضطراً لتقديم مزيد من التنازلات دون أي توقف إلى العامل الخارجي. 2- ومن جهة أخرى إدارة أمريكية متشددة في تنفيذ استراتيجيتها، تعرف جيداً الشروط السورية التي خلقها النظام، تعرف مستوى حضور وتحفظ العصبيات المتخلفة ومستوى الشحن فيها، تعرف حدود الفجوة بين النظام والمجتمع، حدود ضعف النظام، تمسك عليه ملفات كثيرة في شروط دولية تتحكم فيها بالمطلق، إدارة لا يعنيها سوى التحالف العضوي مع الكيان الصهيوني على أهم قضايا صراعنا معه، لا تعنيها المساهمة الجادة أو الواعية في ضرورة قيام عملية إصلاح سياسي ديمقراطي عميق وجاد يحمي الوطن من التجاذب والاستقطاب الخطر لقواه وتركيبته واحتمال انفلات أمنه السلمي في أشكال من الحروب الأهلية، إدارة تلعب على الزمن لتصعيد عملية الاستقطاب تلك، تدفع بالنظام إلى الحائط، تنتزع المطلب تلو الأخر دون لحظ مصالحه أو حتى مصالح بعض قواه الداخلية. 3- غياب أية قوى فعلية ومستقلة في المجتمع بسبب سياسات النظام وتاريخه الخاص. استراتيجيتان يصر طرفاهما على الوصول بالوطن إلى حافة الهاوية والخطر. إننا نهيب بمجموع القوى والفعاليات الديموقراطية في سورية أن تتنبه إلى خطورة ذلك الصراع، خطورة الوسائل المستخدمة فيه، وأن تنأى بنفسها عن عملية الاستقطاب الحاد المراد للمجتمع والوطن والقوى السياسية أن تدخل فيها، نهيب بها أن تتنبه إلى خطورة ذلك بحد ذاته والمخاطر المحتملة القادمة التي ستنجم عنه، وما الانفجارات التي عرفها الوطن في السويداء- القامشلي- مصياف- والحوادث الجزئية في حمص وبانياس إلا أمثلة بسيطة حتى الآن. إن المساهمة في ذلك الاستقطاب بوعي أو بدون وعي,و بشكل خاص إصرار الإدارة الأمريكية على دفع الاستقطاب متمفصلاً على العامل الخارجي بدوره الكثيف في العمل الوطني، استدعائه بأشكال مختلفة، احتمال حضوره بصور عنيفة، ومساعدة النظام على ذلك بمجمل سلوكه يعتبر الأمر الأكثر خطورة. ندعو تلك القوى والفعاليات دون استثناء للعمل على بناء القوة الثالثة خارج ذلك الصراع، خارج استراتيجية ووسائل وأهداف الطرفين الأساسيين فيه، ولنجعل برنامجنا: تشكيل قوة ثالثة أو قطب ثالث أو تيار لإنقاذ الوطن باعتبار مهمتنا المركزية متمثلة في إلغاء احتكار السلطة ومجمل المطالب الديموقراطية وصولاً لقيام نظام ديمقراطي معاصر لكل المجتمع، والمهمة الثانية التي علينا التنبه لحركيتها ومستوى الانزياحات فيها وخطورتها هي مواجهة العامل الخارجي الأمريكي ودوره في العمل الوطني ومستقبله، إن تشكيل القوة الثالثة هو المدخل الحتمي لإنقاذ الوضع , وحان الوقت لقيام هيئة تنسيق مشتركة مركزية لكل القوى والفعاليات التي تجد الوطن في خطر، ستكون القوة الثالثة قادرة على التعاطي مع أي إجراءات سيقدم عليها النظام إن كانت تنازلات تحت ضغط العامل الخارجي الأمريكي لإرضائه أو تنازلات للمجتمع ومحاولات الاستقواء به في مواجهة الخارج في اللحظة الأخيرة. وعلى الرغم من مستوى الخطورة التي يعيشها الوطن فإنه لا يشهد حتى الآن عملاً جاداً بحده الأدنى بين قوى المعارضة إذ لا توجد أوراق عمل جادة في المهمات الملحة، لا توجد دعوات صادقة وعملية للحوار والتنسيق من أجل الإنقاذ، كما لم نلحظ تعاطيٍاً إيجابياً مع بعض الدعوات القديمة أو المستجدة كدعوتنا القديمة أو دعوة بعض لجان العمل الوطني في المحافظات أو الدعوة الأخيرة التي جاءت في بيان الإخوان المسلمين المعنون بـ (النداء الوطني للإنقاذ – 3نيسان 2005). الذي نراه نداءً جدياً يستحق التعاطي السريع والرد الإيجابي على الرغم من بعض ملاحظاتنا عليه المتعلقة بضعف الوضوح (هذه المرة) على صعيد التنبه لخطورة العامل الخارجي والأطراف المعنية به (أمريكا) بعكس الموقف الواضح والعقلاني على صعيد العامل الداخلي في البيان، كما نعتقد أنه كان بإمكان الحركة أن تتقدم بخطاب معمم للمجتمع عوضاً عن خطابٍ يبدو مفصلاً من منظور طائفي يوحي بذلك بصورة مباشرة عند التوجه إلى الطائفة العلوية أو بصورة غير مباشرة عند التقدم للمجتمع وكأن الحركة تمثل الطائفة الأكثرية. نقول هذا على الرغم من وجود إمكانية جزئية في إن يلعب ذلك الخطاب بعض الدور الإيجابي بواقعية، كان الأفضل من كل ذلك خطاب يقوم على استكمال النقد السابق التي أجرته الحركة على خطابها من تطورات (تطور إيجابي على صعيد تقنيات الديموقراطية ، جمود أو ثبات في إطار المرجعية الفكرية) واستكمال النقد الذاتي الشامل لدور الحركة ومسؤوليتها في مستوى حضور العصبيات والشحن الطائفي والوسائل التي استخدمتها (العنف) في صراعها مع النظام. كل ذلك سيشكل تجاوزاً حقيقياً لبعض الجوانب السلبية في تراث الماضي والآثار التي تركها، على عكس إصرار النظام واستمراره بعدم التقدم بأي خطوة انتقادية صريحة لدوره الحاسم في ما وصل إليه الوطن. هناك الآن أكثر من دعوة داخل الوطن من أجل التنسيق المشترك والمركزي لتكوين قوة ثالثة قطبية. وها نحن نعيد طرح ندائنا ودعوتنا التي ستصدر أيضاً بشكل أخر عن الهيئة المركزية لحزب العمل الشيوعي، وفي الوقت الذي سنتعاطى فيه فوراً وبصورة إيجابية ومع أي دعوة مشابهة فإننا نجد دعوة الإخوان المسلمين – على الرغم من ملاحظاتنا – دعوة فعلية جادة وتمثل تنبهاً جدياً على المخاطر التي يتعرضها الوطن وتتطلب في الحد الأدنى الحوار الجاد غير المشروط إلا بالعلنية. نعتقد أن تشكيل القطب أو القوة أو التيار الثالث في الوطن لابد أن يشمل في صفوفه فوراً التيار الديني. ذلك القطب الثالث سيكون الوحيد القادر على وضع حدٍ لاستراتيجية العامل الخارجي والنظام في قسم القوى الوطنية الديموقراطية وتفتيتها واستقطابها, سيكون الوحيد القادر على التعاطي مع أي خطوة يقدم عليها النظام، أو أي خطر قادم على الوطن. حزب العمل الشيوعي نيسان 2005. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تحية لرفيقنا يوسف عبدلكي أهلاً بعودته إلى الوطن في جو خاص وجديد في الوطن جرت عملية استقبال وترحيب بعودة الرفيق يوسف عبدلكي بعد غياب دام خمسة وعشرين عاماً، مئات من الرفاق والأصدقاء والأقارب، بكامل الشحن العاطفي الحميمي، بتجرؤ، بوعي لما يجري في الوطن، خرجوا لاستقبال يوسف كشخصية رمزية ودلالية على أكثر من صعيد. كفنان ومبدع كبير، كشخصية سياسية وطنية، كشخصية رفاقية. بين عودة رفيقنا الفنان منير الشعراني قبل شهرين وحجزه مباشرة في الاعتقال أكثر من 10 أيام وعدم التمكن من استقباله والاحتفاء الجماعي في المطار وعودة رفيقنا يوسف جرت تطورات كثيرة وكل يوم يضاف تطور جديد هام نعتقد أنه سيجعل من فتح ملف المنفيين وطيه أمراً حتمياً وقريباً, وهكذا نجد الشروط مناسبة ليبدأ المنفيون بتجميع أنفسهم والعودة مجموعات أو فرادى ومنهم رفاقنا. أهلاً بعودة يوسف ، أهلاً بعودة الجميع قريباً. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تطبيع . . . بدون أرض ! ؟ تناقلت وسائل الأعلام مساء يوم الجمعة المصادف في ( 8- 4-2005 ) حدوث المصافحة ( الصدمة ) , بين الرئيس الأسد ورئيس الكيان الصهيوني ( موشيه كاتساف) ,خلال مراسم تشييع جنازة ( يوحنا الثاني ) في الفاتيكان , وذلك مرتين وبمبادرة من الرئيس السوري بالذات , لقد جاء ذلك النبأ ليحدث هزة عنيفة في وجدان المواطن السوري عموماً إن لم نقل بأنه شكل استفزازا" له , عندما قام بانتهاك (العقد الاجتماعي الضمني ) الذي توافق عليه السوريون منذ فجر الاستقلال 1946 وحتى يومنا هذا , حيث اعتبره الجميع خطاً أحمر ممنوع الاقتراب منه . والأكثر استفزازا" بالموضوع ,هو تعليق المصدر الإعلامي الرسمي السوري والإسرائيلي عليه , حيث اكتفى الأول : بوصف المصافحة : بأنها( شكلية) ؛ وقد أوردته وسائل الأعلام السورية وكأنه حدث عادي جدا" , متجاهلة رمزيته و بأن الذي قام به , هو رئيس الدولة وليس مجرد موظف من الدرجة الخامسة , هذا مع العلم أن جميع القوانين السورية بما فيها الدستور , تمنع ذلك وتعتبر إسرائيل دولة عدوه لسوريا , وكل مواطن يتصل بها سواء كان في السلطة أو مواطن عادي ( حتى لو فتح موقع إسرائيلي على الانترنيت عن طريق الصدفة ) فأنه يعد مرتكباً لجريمة سياسية وتجعله مهدداً بالمثول أمام محكمة أمن الدولة . أما المتحدثة باسم الرئاسة الإسرائيلية فقد: " رأت في ذلك لحظة تاريخية وفرصة فريدة " . ونحن بدورنا بغض النظر عن موقفنا المعارض لسياسات النظام وعدم ثقتنا بكل ما كان يبديه من مواقف راديكالية إزاء حل مسألة الصراع العربي الإسرائيلي , كنا لا نتمنى أن تكون هذه هي النهاية لحَََمَلة المشروع القومي العربي في منطقتنا , وذلك حين نراهم اليوم يغادرون موقع التسوية ( والذي يحمل في طياته شيء من الموقف الملتبس حول التوجهات الحقيقية للنظام,هل هو مع خيار مواصلة الصراع مع إسرائيل كخيار استراتيجي أم يرى باستعادة الجولان نهاية المطاف لحل المسألة الوطنية والتناقض معها؟ ) إلى موقع الصلح والتطبيع معها . وإذا أردنا أن ندرس دلالات ذلك الحدث الزلزال, الحدث الذي لا يمكن أن يحصل بخطأ، بل بقصدية سياسية عالية، فسنكثفها بالنقاط القليلة التالية : 1- هي خطوة تظهر حقيقة النظم التسلطية العربية والتي لا تقيم إي وزن أو اعتبار لرغبات ومشاعر شعوبها في السياسات التي تشتقها ؛ تفعل ذلك كنوع من الإصرار على إبقاء آلية صنع القرار فيها تتم بمعزل عن مشاركة شعوبها , فمصائر الأوطان مع الأسف , تقررها إرادة الحاكم المنفردة وحدها , ذلك من أبسط الأمور إلى أدقها وأكثرها تعقيدا" , و دون أن تكون مصحوبة بأي إطار مؤسساتي ينظم عملها أو يلزم الحاكم بالرجوع إليه ولو من باب استشارة المقربين منه ! 2- إن النظام يقدم على هذه الخطوة في سبيل استرضاء الولايات المتحدة الأمريكية ووقف تداعيات المشهد اللبناني على الساحة السورية وما يحمله من خطر تفكك المؤسسات القمعية التي بناها على مدار عدة عقود من الزمن , مما يدل أن النظام يضع مصلحته فوق الجميع ( أمة و شعب ومعارضة ) . 3- إن النظام مازال يصر على استرضاء الخارج بأي ثمن بينما هو ما يزال يرفض تقديم أي إصلاحات ديمقراطية للداخل الوطني رغم استحقاقها 4- إن خطوة الرئيس السوري هذه , قد فتحت الباب واسعا" أمام الدول العربية الراغبة بالتطبيع لكي تفعل ذلك دون خوف طالما أن سوريا الدولة الوحيدة المتبقية خارج قطار التسوية والتي لها أرض محتلة من قبل إسرائيل ( بالإضافة للبنان) قد قام رئيسها بفعل ذلك وعلى مرأى من شعوب العالم جميعا" , وقد تناقلت وسائل الأعلام بعد مضي أيام قليلة فقط على المصافحة , أن سبع دول عربية سوف تطبع علاقاتها مع إسرائيل بفتح سفارة لها في بلدانها ( الشرق الأوسط -عدد يوم الأربعاء 13- نيسان). 5- إذا أردنا عنونة هذا الحدث فسنكتب عنه بأنه :(تطبيع بدون أرض ) وهو أقصى ما كانت تطمح إليه إسرائيل وتتمناه : ( السلام مقابل السلام ) لذلك هي نهاية محزنة لأنظمة قومية جعلت من فلسطين وقضية الصراع مع العدو الإسرائيلي أساس الشرعية لسلطتها طوال أربعة عقود من الزمن , وكانت لا تترد باتهام كل مواطن سوري معارض لسلطتها , بالخيانة والعمالة لإسرائيل وأمريكا وليس ذلك فقط , بل كانت تتهم كل نظام أو مواطن عربي تختلف معه بالعمالة والتآمر على قضايا الأمة ؛ وكل مواطن سوري شريف , كان يتمنى أن تكون هذه هي حقيقة النظام ( وإن كان لا يصدقها) , فالأنظمة التسلطية العربية :هي التي أسست لجميع هزائم الأمة مع إسرائيل , وذلك عندما جعلت من هدف بقائها في السلطة محور سياساتها جميعا", أما الجيوش التي أتت بها إلى السلطة , فقد حولتها من جيوش تحمي الأوطان إلى جيوش ضد الأمة . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جرس إنذار ثالث في مصياف مصياف بلدة جميلة وادعة تتطاول صاعدة جبلها الأخضر لتزيد جمالها جمالاً. عاشت هذه البلدة حدثاً غير عاديْ في نهاية آذار المنصرم يستحق من الجميع وقفة مسؤولة لأن سورية ليست إلاَّ مصياف الكبيرة.. ليس شيئاً خارجاً عن المألوف أن يختلف سائقو سيارات نقل الركاب ثم يتفقون بأسرع مما اختلفوا ... لكن الأمر الخطير أنّ نزاعاً سخيفاً بين هؤلاء السائقين يتحول إلى سلسلة أحداث تصاعدت من شكل فردي إلى مشاركة عدة أفراد لتصل إلى الشرارة التي كادت أن تحرق السهل.. (تجمعات طائفية.. هجوم على مركز للشرطة وتحطيم سيارة حكومية.. احتكاك بين طائفتين تمَّ على إثره إطلاق نار تسبب بجرح ثلاثة أفراد من إحدى الطائفتين) واضطرت السلطة التي فشلت أجهزتها الأمنية الغارقة في الفساد، أمام تطور الحدث ووقفت عاجزة عن الفعل، اضطرت هذه السلطة لتشكيل لجنة من عدد من رموز الطائفتين ساهمت وتوصلت إلى وقف صيرورة الاقتتال الطائفي.. مع إن بعض ضعاف النفوس والجهلة الذين نسوا أو لم يعنهم بشيء أن الجيوش الأجنبية تتمركز على تخوم البلاد شرقاً وجنوباً, هؤلاء استمروا بحملات بث إشاعات كاذبة ومضللة تزكي نار الفتنة الطائفية لتخدم مصالحهم المادية كما يفعل تجار الحروب. إن الاهتمام ينطلق من التقدير إن ما حدث في منطقة مصياف يمكن أن يحدث في أية منطقة من سورية لأنه يذكر بما حدث في القامشلي وفي السويداء، وهو بمثابة جرس إنذار على خطورة ما يمكن أن يجري على مساحة الوطن فيما لو يحاول أو يستطيع أعداء الوطن العبث بأمن والسلم الأهلي فيه.. كان واضحاً على أرض الواقع إن عقوداً من ممارسة برجوازية الدولة البيروقراطية بسمتها الطائفية وديكتاتوريتها الشمولية قد عمل على تخريب بنية المجتمع وحطم قواه السياسية الحية حتى وصل الأمر إلى تجويف وتهميش القوى السياسية الموالية بما فيها حزب البعث الحاكم وترك المجتمع تحت تأثير وفاعلية الأطر المتخلفة .. طائفية وعشائرية قبلية.. وعائلية... فكانت النتيجة بالفعل ضعف تأثير القوى السياسية الوطنية على المجتمع والذي يعني غياب المرجعية الوطنية القادرة على المبادرة والفعل وهذا يضع الجميع أمام مهمة العمل الجاد والمسؤول لإيجاد هذه المرجعية التي يجب أن تشكل صمام أمان في مواجهة الأخطار الداهمة التي تهدد الوطن، خاصة وإن الأجهزة الأمنية أقعدها الفساد وهمها الأساسي هو عد الأنفاس على كل من يخالفها الرأي. بالرغم من بشاعة وخطورة ما حدث في مصياف فقد كان له الفضل في تحفيز بعض أبناء المنطقة من داخل التنظيمات السياسية وخارجها لعقد لقاءات متكررة يمكن اعتبارها إطاراً وطنياً ديموقراطياً يستحق العمل من قبل كل المشاركين فيه كي يساهم في تشكيل مرجعية وطنية ديموقراطية محلياً.. وفي هذه اللقاءات كان الحوار يتمحور أساساً حول. - دور السلطة وتحميلها مسؤولية إيصال المجتمع إلى ما هو عليه.. - الخطر الخارجي... مفاعيله والموقف منه. - الديموقراطية كمخرج وممر إجباري ووحيد.. - أهمية بناء مرجعية وطنية ديمقراطية موثوقة. وأخيراً ألا يكفينا دروساً – (القامشلي – السويداء – مصياف- وبعض ما حدث لاحقاً في سوق هال بانياس ) ولا نعرف أين غداً.. ألم يحن الوقت لتخرج قوانا السياسية من جلودها الضيقة لتناضل في سبيل بناء إطار وطني ديمقراطي يستحق الاعتراف به من قبل المجتمع كمرجعية؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض وجوه الأزمة اللبنانية وتداعياتها الإقليمية على الساحة السورية
عند وفاة الرئيس حافظ الأسد بتاريخ ( 10-6-2000 ) ترك خلفه المشهد اللبناني لابنه بشار, بحيث بدا الأمر ظاهرياً وكأن هناك شبه إجماع لبناني داخلي على نجاح الإستراتيجية التي اتبعتها سوريا في لبنان ,وذلك نتيجة عدة عوامل لعل أهمها تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي (24- 5 -2000 ) على يد حركة المقاومة الإسلامية التي رعتها ودعمتها سوريا . وإذا قارنا بين ما يحدث الآن وما حدث بالأمس القريب , نكاد نجد انقلاب حقيقي عمّا هو منطقي ومتوقع , والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما مدى مسؤولية القيادة السورية عمّا يحدث اليوم , وكيف تعاملت مع ملف الأزمة اللبنانية , وهل هي قادرة فعلا" على وقف تداعياتها على الساحة السورية , وما هي خطورة تلك التداعيات , وما هي العناصر المكونة للأزمة وفي أي سياق جاءت . . ؟ إن التاريخ القريب للأزمة يعود إلى ما قبل صدور القرار 1559 بحوالي الشهرين حسب رواية الرئيس الأسد وذلك عندما شعر النواب اللبنانيون بأن الإرادة السورية ذاهبة باتجاه التمديد للرئيس لحود , عندها أخذت تظهر بعض التصريحات الرافضة للتمديد بين صفوف حلفاء سوريا في لبنان ,الأمر الذي عدته القيادة السورية تطاول على صلاحياتها . التقطت الأوساط الدولية المعنية بشؤون المنطقة ( أمريكا وفرنسا ) الرسالة سريعا" ,معتبرة أن ما يحدث في لبنان تحدي لهما , وذلك عندما أدركتا أن سوريا تريد أن تحد د شخصية الرئيس اللبناني بإرادة منفردة دون التشاور معهما أو مع أصحاب الشأن : النواب اللبنانيون . هنا تراكب المعطى المحلي مع المعطى الدولي ضد سوريا . وكما أخطأت القيادة السورية التقدير في قانون محاسبة سوريا سوف تخطيء التقدير بالتعامل مع القرار 1559 عندما شككت بجدية التحذيرات الدولية لها من التمادي بمحاولة كسر الإستراتيجية الدولية في المنطقة بإرادة منفردة ، استراتيجية إلغاء الدور الإقليمي، بل حتى الوظيفي بالنسبة للنظام السوري. القيادة السورية فسرت الموقف الرافض للتمديد بالمؤامرة بين الداخل اللبناني والخارج الدولي لفرض اتفاق 17 أيار جديد على لبنان بقصد فصل وحدة المسارين اللبناني والسوري أمام استحقاق التسوية , فتعاملت مع الاستحقاق الدستوري بتشنج مفرط معتبرة المسألة قضية حياة أو موت , لذلك هي لم تتردد في التعامل بقسوة مع الحلفاء المعارضين للتمديد . ووصلت تحذيرات لسوريا بأنه هناك مشروع قرار دولي يحضر في مجلس الأمن , يؤكد على استقلال القرار اللبناني وضرورة احترام الدستور في حال أصرت القيادة السورية على التمديد . ولكن النظام السوري ركب رأسه و أراد وضع الجميع أمام الأمر الواقع , بأن يدفع بالنواب اللبنانيون نحو القبول بالتمديد من وراء الكواليس , بينما يؤكد في العلن على عدم تدخله في الاستحقاق الرئاسي وبأن قرار التمديد جاء وليد الإرادة اللبنانية الحرة , ولكن إعلان بعض حلفاء سوريا عن موقفهم الرافض للتمديد أفسد الإخراج السوري للمسرحية وهذا ما دفع بالرئيس السوري لإجراء الاستدعاء الشهير لكل من الرئيسين ( الحريري وبري ) بتاريخ ( 25-آب 2004 ) لتجعل الضغوط , الأول يغير موقفه و يقبل بالتمديد بعد أن صرح قبل ذهابه إلى دمشق ( بأنه سيقطع يده إذا وقعت على مشروع قرار التمديد ) . والحقيقة كانت هناك عملية تسابق بين مجلس الأمن وبين سوريا حيث أصدر مجلس الأمن القرار 1559 بتاريخ ( 2أيلول 2004 ) قبل يوم واحد فقط من انعقاد مجلس النواب اللبناني من أجل التصويت على قرار التمديد , بحيث ظهرت تلك الخطوة بمثابة رسالة تحدي بعثت بها سوريا للمجتمع الدولي . ولم يكتفي النظام السوري بذلك بل قام باستخدام لغة التصعيد ضد المجتمع الدولي وضد الداخل اللبناني في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأسد أمام مؤتمر المغتربين السوريين في دمشق بتاريخ ( 9-10-2004 ) ,متهما" فرنسا حليفه الاستراتيجي الوحيد المتبقي له بالعالم اليوم , بالتآمر بالأمس على إبادة مسيحيي لبنان؛ و كذلك التيار العروبي في لبنان الذي تحالف معه لمدة تزيد عن خمسة وعشرين عاما" , بالخيانة وبأنه من قام برش الرز على الإسرائيليين في حرب 1982 .مدمرا" بذلك كل الجسور التي كانت تربطه بلبنان والعالم . وقد دفعت تلك السياسة المتهورة للنظام , فرنسا وجميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن , إلى الاتفاق مع أمريكا لأول مرة منذ غزوها للعراق. ونجد بعد ذلك الإعلام الرسمي للنظام يتساءل و بسذاجة عن سر ذلك التحول في السياسة الفرنسية التي باعت نفسها فجأة للأمريكان . المخابرات السورية في لبنان بثت أشاعه تقول : بأن رفيق الحريري بعد مغادرته سوريا , ذهب إلى ( جزيرة سردينيا ) الإيطالية وأجتمع بالوزيرين اللبنانيين السابقين ( مروان حمادة وغسان سلامة ) حيث قام هؤلاء بوضع مسودة القرار 1559 , وذلك كمحاولة لتشديد الضغط على المعارضين للتمديد . أما اللقاء الديمقراطي الذي يقوده وليد جنبلاط فقد بدأت عليه الضغوط أبكر من ذلك عندما أمتنع الرئيس الأسد عن استقباله معتبرا" الموعد المسبق معه و المقرر في شهر آب 2004 لاغيا" , ثم جرت محاولة تخوينه ومن معه في خطاب الرئيس الأسد الشهير السابق ذكره , وبعد ذلك أخذت السلطة اللبنانية بفتح ملفات لأنصار جنبلاط واعتقال بعضهم في البلديات ووزارة المهجرين , وكانت ذروة لحظات التصعيد في ذلك السياق محاولة الاغتيال التي تعرض لها النائب ( مروان حمادة ) بتاريخ ( 1-10- 2004 ) , وقيام ضابط في المخابرات اللبنانية بإخفاء شريط الفيديو الذي يحوي الدليل على هوية السيارة التي قامت بالتفجير ,ولم تقف الأجهزة الأمنية عند هذه الحد فقط , بل قامت بنزع الأوتاد التي تحمي منزل وليد جنبلاط في بيروت كإشارة تحذيرية له بعدم المضي أبعد في معارضته , فجاء رد المعارضة بتوحيد صفوفها في ( لقاء البريستول 1+2+3 ) الذي ضم كلاً من ( لقاء قرنه شهوان واللقاء الديمقراطي وتيار المستقبل وبعض الشخصيات النيابية ) والذي وضع وثيقة برنامجية للمعارضة في( البريستول 2) تتضمن : 1- تشكيل حكومة إنقاذية مهمتها تنفيذ اتفاق الطائف في بنوده الداخلية كما في البنود المتعلقة بالوجود السوري في لبنان 2- إعادة إحياء النظام الديمقراطي النيابي الذي تعاقد علية اللبنانيون عام 1943 وتفكيك النظام الشمولي الذي ركب مكانه برعاية وإشراف أجهزة الأمن السورية 3- تأكيد دور لبنان كشريك فاعل في الصراع العربي – الإسرائيلي وحق الدولة اللبنانية في تقرير مسألة الحرب والسلم ومحاذرة السياسات التي تعيد لبنان إلى مجرد ساحة تجاذب ومساومة الخ . . . ) . وشيئا" فشيئا" أخذت خيوط اللعبة تفلت من يد الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية التي تقود المعركة في لبنان وكل المؤشرات تقول بأن القيادة السورية ذاهبة نحو التصادم مع المجتمع الدولي الذي تقوده أمريكا وكأن السيناريو العراقي قابل للاستعادة هنا , ومما وتّر الأجواء أكثر بين سوريا وحلفاؤها في لبنان اعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة المقبلة باعثا" برسالة ذات مغزى إلى الشعب اللبناني قال فيها : (أتقدم باستقالتي من أجل لبنان .. . أستودعكم الله , عشتم وعاش لبنان ) . هنا أعطيت وزارة حكومة الرئيس عمر كرامي الضوء الأخضر بتخوين المعارضة اللبنانية حيث وصف رئيس وزرائها عمر كرامي المعارضة بالخونة والعملاء والأبواق لأمريكا وإسرائيل , وكذلك وصف الحريري على لسان وزير الداخلية( سليمان فرنجية) : برأس الأفعى الذي يجب قطعة والبركيل . في أجواء الشحن القصوى هذه اندفع مجلس الأمن (بقيادة أمريكية مركزاً تدخله فقام , بتحميل مبعوث الأمم المتحدة ( تيري رود لارسن ) رسالة تحذيرية سريعة للقيادة السورية نشرت نصها جريدة الحياة البيروتية بتاريخ ( 13- 2- 2005 ) و قبل يوم واحد فقط من اغتيال الحريري ومفادها : ( إن الأسرة الدولية تعطي رسالة واضحة إلى سوريا , بعدم القيام بعمليات سفك دماء لأي معارض في لبنان , وشددت الرسالة على أن تعرض وليد جنبلاط أو الحريري لأي محاولة اغتيال ,سيشكل نقطة القطيعة النهائية بين سوريا والأسرة الدولية .) وكان الحدث الزلزال بتاريخ ( 14-2-2005 ) باغتيال الحريري والذي ترتب عليه خروج قوى متنوعة منها قطاعات واسعة من الشباب اللبناني إلى ساحة الحرية في بيروت , مطالبةً : 1- باستقالة الحكومة 2- الانسحاب الفوري للقوات السورية من لبنان 3- تحقيق دولي في جريمة الاغتيال 4- استقالة قادة الأجهزة الأمنية 5- إشراف دولي على الانتخابات النيابية 6- تطبيق الإصلاحات التي نص عليها اتفاق الطائف الذي جمدت سوريا العمل به منذ عام 1990 . كان من أهم التداعيات الدولية لعملية الاغتيال ,ردم فجوة الخلاف التي كانت موجودة بين أمريكا وأوربا خلال الحرب على العراق عام 2003 حيث قام الرئيس الأمريكي بزيارة لأوربا بتاريخ ( 21- 2- 2005 ) تم التوافق فيها على تفويض أمريكا باتخاذ كل ما تراه مناسبا" لإرغام القيادة السورية على تطبيق القرار1559 فورا" , ولم يتأخر الرئيس بوش في استخدام صلاحياته الجديدة , حيث بدأ يطلق من هناك تحذيرات لسوريا بالانسحاب الفوري من لبنان , و أرسل قائده الميداني إلى لبنان: (ديفيد ساتر فيلد ) كما تم استدعاء سفيرة أمريكا من دمشق, لتكون رسالة واضحة لسوريا : بأن أمريكا بصدد قطع علاقاتها الدبلوماسية معها وإعلان الحرب عليها , حيث وجدت سوريا نفسها ولأول مرة في عزلة كاملة ( عربيا" ودوليا" ) ,كما أن الأمين العام للأمم المتحدة (كوفي أنان) بعث إلى لبنان بلجنة تقصي حقائق بتاريخ( 25- 2- 2005 ) حول ظروف وملابسات جريمة الاغتيال . كيف تعاملت القيادة السورية مع مستجدات الأحداث ؟ بعد صمت طويل أدلى الرئيس الأسد بحديث إلى صحيفة (ريبوبليكا الإيطالية ) نشرت نصه جريدة السفير بتاريخ( 1- 3- 2005 ) كشف فيها , عن الإستراتيجية الحقيقية لسوريا في لبنان والمنطقة عندما: أكد "أنه يمكن للقوات السورية من الناحية التقنية الانسحاب من لبنان خلال عام لكن من الناحية الإستراتيجية يمكن أن يحصل ذلك إذا حصلنا على ضمانات جدية أي بكلمة: السلام . " . وبذلك يكشف النقاب عن ما تريده سوريا من لبنان ,فهي تريده ورقة تفاوضية في عملية التسوية ومن ثم هي تعتبره رهينة تحتجزه من أجل المقايضة المقبلة مع أمريكا بحيث تلتزم هي بتنفيذ القرار 1559 مقابل التزام الأخيرة كراعي لعملية السلام بتنفيذ القرار 242 . وبخصوص العراق ذكر الأسد :" أننا أساسيون في عملية السلام في العراق وسترون أن الأمريكيين سيقرعون بابنا من جديد " . هنا يبعث الرئيس رسالة مفادها أنه مستعد للعدول عن اعتماد مبدأ التصادم والانتقال إلى اعتماد مبدأ التعاون باعتبار سوريا( لاعب إقليمي ) في المنطقة . وهنا لا تزال القيادة السورية متمسكة بإستراتيجيتها زمن الحرب الباردة , غير آخذه بعين الاعتبار تغير المناخات الدولية في العالم بعد انفراد أمريكا بقيادته , و القيادة السورية هنا تدخل في مرحلة عمى استراتيجي لأنها ببساطة سياسة بلا رؤية مستقبلية , وهي تخطيء الحسابات كثيرا" عندما تظن أن تحقيق النجاحات السريعة والمباشرة بتطبيق السياسات الجزئية والتكتيكية الصائبة , يمكن أن يضمن لها الفوز على المستوى الإستراتيجي ! ! ؟ فتراكم النجاحات هنا غير مفيد بسبب عدم تكافؤ موازين القوى بين الطرفين , فأمريكا قادرة في كل لحظة , على قلب المعطيات الإستراتيجية وأن تعيد جميع المتسابقين إلى نقطة البداية . ثم جاء سقوط حكومة عمر كرامي الموالية لسوريا في 28-شباط تحت الضغط الشعبي والمعارضة معا" , وإعلان الرئيس الأسد عن موافقة سوريا على الانسحاب الكامل من لبنان في 5 آذار , وصدور تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية بتاريخ 24 آذار , والذي تبنى الروايات عن التهديدات التي وجهت للحريري من قبل دمشق . كل هذه الأحداث ساهمت في شل حركة القيادة السورية حيث ظهرت عاجزة عن وقف تداعيات الأحداث سواء في لبنان أو سوريا , الأمر الذي ذكر البعض بمشهد انهيار جدار برلين الشرقية والمعسكر الاشتراكي بشكله الدراماتيكي . أما ردود الأفعال القليلة الصادرة عن القيادة السورية فيمكن الحكم عليها , بأنها ذهبت باتجاه خاطئ عندما عملت على إيقاظ الوطنية السورية لتضعها مقابل الوطنية اللبنانية المجروحة في مسيرات الدعم والتأيد القسريين.و ليخسر بعدها الشعبين وتسقط فكرة العروبة (بطريقة النظام وأجهزته القمعية) بالنهاية كل ذلك بسبب أخطاء الحكام . ومن تداعيات الحدث اللبناني على الساحة السورية أيضا" ,التلويح بتجميد اتفاقية (الشراكة السورية الأوربية) التي كان يعول عليها كثيرا" لإنجاز الإصلاحات الاقتصادية الداخلية وتخفيف ضغوط اقتصاد السوق العالمية على سوريا في مرحلة العولمة . أما على صعيد النظام فلم يظهر حتى الآن سوى الدعوة لعقد مؤتمر قطري وقومي للحزب الحاكم , حيث رشح عن أوساطه الحديث عن بعض الإصلاحات التي قد تقدم عليها السلطة في الأيام القليلة القادمة , مثل صدور قانون للأحزاب وتجميد العمل بالأحكام العرفية وقانون الطوارئ ,و إذا صحت هذه الأنباء فأنها تبقى دون السقف الذي يطمح إلية شعبنا ,فإذا كان النظام فعلا" جادا" في طي صفحة الماضي وإجراء مصالحة وطنية , فعليه أن يتقدم أكثر نحو التغيير ويقوم بإلغاء كل مفاعيل الدولة التسلطية بحيث يستطيع المجتمع السوري الانتقال من وضعية الدولة التسلطية إلى مرحلة الدولة الوطنية . وإذا لم تقدم السلطة السورية على فعل ذلك فإن السيناريو العراقي مرشح للتكرار ,فسوريا في ظل سلطة النظام أو بدونها , حبلى بمشروع حرب أهلية ونؤ كد أننا لا نحب أن نكون مبشرين بها , ولكن نقولها من أجل أيقاظ الضمير الوطني وشحذ الهمم عند المعارضة وقوى المجتمع الأخرى . وبقايا ذلك الضمير عند بعض قوى السلطة التي غدا ضرورياً أن تلتفت إلى مصالح الوطن أولاً وليس مصالح السلطة والمتنفذين . من أجل وقف التداعيات الإقليمية على الساحة السورية والتي يتحمل مسؤوليتها النظام وحده . فالممارسات الاستبداية خلال العقود المنصرمة جعلت القشرة الخارجية التي تغلف المجتمع السوري هشة " وقابلة للكسر السريع نتيجة أي حدث عابر قد يأخذ حجماً أكبر من حجمه الطبيعي , ويكون بمثابة الشرارة التي تضرم النار بالهشيم , لذلك فسوريا اليوم بحاجة لمشروع ميثاق عمل وطني إنقاذي يتم التوافق الداخلي عليه، ويعلن فيه البدء فوراً بإجراء التحول الديموقراطي الداخلي الجاد، والإصلاح المطلوب إنجازه. مع رفض المراهنة على العامل الخارجي... فهل من يسمع النداء؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضرب وبلطجة ضد المعتصمين في شوارع دمشق ! ؟ أجرت جريدة ( الآن ) مقابلة مع أحد العاملين في مجال حقوق الإنسان والذي تعرض لاعتداء بالضرب من قبل المليشيات التي أطلقتها السلطة ضد المعتصمين أمام قصر العدل بدمشق بتاريخ ( 10- 3 2005 ) بمناسبة مرور اثنان و أربعون عاما", على آعلان حالة الطوارئ من قبل السلطة في سوريا. س1- ممكن نتعرف على الاسم ؟ ج1- مؤيد فياض أعمل في مجال حقوق الإنسان بمحافظة السويداء . س2- ما هي ملابسات وقوع الاعتداء على المعتصمين بدمشق؟ ج2- دعينا للاعتصام من قبل لجنة التنسيق الوطني, احتجاجا" على استمرار السلطة بإعلان حالة الطوارئ في البلاد منذ مدة تزيد عن اثنين وأربعين عاما", وفوجئنا بقدوم مجموعة كبيرة من الشبان وأغلبيتهم من طلاب الجامعة المخبرين باتحاد الطلبة وطلاب مدرسة الشرطة والمهيئين لاستلام المناصب في المستقبل , سواء في مجلس الشعب المصفق أوالأجهزة القمعية الخ .. كانوا يرددون شعارات مطابقة لشعارات المملكة الهاشمية ( الله – الوطن – الملك ) تقول : ( الله- سوريا- بشار وبس ) , ويقذفون المعتصمين بما حفظوه عن قادتهم من جمل قذرة وهذا أقل ما يقال عنها , وعلمنا أن النائب ( عمار ساعاتي ) كان بينهم وقد أقنعهم بأن المعتصمين :هم عملاء لأمريكا وإسرائيل . وفجأة التف حولي مجموعة منهم وقاموا بسحب العلم السوري عن رقبتي بشكل عنيف وأسمعوني كلاماً قذراً . وكان جوابي لهم : (كلنا مع بشار ولكننا مع الديمقراطية أيضا") , فانهالوا علي بالضرب ثم دفعوني على الأرض حتى أدموا عيني وأنفي و أسناني وتسببوا بجروح في رأسي . وكان أحدهم يحذر رفاقه من وجود وسائل الأعلام , ثم جاء أحدهم وأمسك بي وشدني باتجاه الشمال وهو برفقتي , وطلب مني الإسراع للنجاة . وأخيرا" دفعني إلى الملحقية الإيرانية واندفع الأوباش خلفي , جلس بجانبي وطلب مني آلة التصوير التي بحوزتي , فأخرسته على هذا الادعاء الكاذب . فقال لماذا ضربوك ؟ قلت : إسأل هؤلاء الزعران . ثم جاء موظف وطلب منهم الخروج من المبنى قائلا" : هذه سفارة ولها حرمتها . بعدها اصطحبني الرجل إلى خارج المبنى فوجدنا أمامنا عقيد شرطة عرفت لاحقا" أنه رئيس قسم المرجة وخاطبه يا رفيق: أنت أمين الشعبة ؟ ثم تحادثا على انفراد وبعدها سألني العقيد : شو أنت إنسان عربي ؟ فأجبنه : مثلك ومثل الرفيق ومثل الأوباش الذين قاموا بضربي . طلب هويتي وأخذها وكنت أظن أنه سيأمر بنقلي إلى المستشفى وإذا به يطلب من العنصر بأخذي إلى الحجز في قسم الشرطة . بعد عودته من المهمة طلبني وسألني : هل أنت من الأكراد ؟ قلت له : إن هويتي تعطيك الجواب. أنا مواطن عربي سوري وأقف على أرض عربية سورية . أعادني مرة ثانية إلى الحجز وعاد وطلبني ليسألني مجددا" : أنت كنت تُحيي الرئيس بوش ؟ قلت له : أنا أتحدى إذا أحد من المعتصمين تكلم بمثل هذا ولكنها تهمة للتغطية على الممارسات السيئة لرجال الأمن . أعادني إلى الحجز وبعد نصف ساعة طلبني ووجدت أمين الشعبة عنده مع آخرين لا أعرفهم دخلت وبعد السلام كلمت أمين الشعبة : أنه أمر معيب معاملة الناس بهذا الأسلوب وأخيرا" تدعي بأني حَييت الرئيس بوش ؟! فأجاب : لا دخل لي أنا ساعدتك وُضربت بسببك . فقلت : أنا في منتدى الآتاسي قلت كلاماً مختلفاً جداً: وأنتم تريدون الادعاء علي اليوم بأني أحب الرئيس بوش ,وهذا غير صحيح , إذ لا يوجد مواطن شريف في هذا البلد يفعل ذلك احذروا من اتهام المواطنين الشرفاء بالعمالة أنتم بذلك تقومون بتشويه صورة الوطن . قال أمين الشعبة : أنت من زوار منتدى الأتاسي إذن ؟ قلت : نعم أنا من المهتمين بالشأن العام والعمل الوطني والمطالبين بالحرية ولي تاريخ نضالي مشرف ضد الاستبداد ولا أريد التصعيد أكثر , قال : ماذا تعني ؟ قلت : سوف أقيم عليكم دعوى وأعلم المحطات الفضائية بما حدث إذ لا يوجد على هذا الكوكب مثل هذه المعاملة . لم يرد علي , فطلب مني العقيد العودة مع الشرطي , وفي الساعة الثالثة طلب مني العقيد الذهاب للغداء والعودة في الساعة الثامنة مساء" لمقابلة الشهود الذين سمعوا هُتافي للرئيس بوش حسب زعمه . قلت له : أريد ضبط أقوال الجميع وليقولوا ما أرادوا , علني أقف يوما" أمام مخبر وطني وصاحب ضمير في هذا الوطن ولمعرفة من هو صديق الرئيس بوش الحقيقي ؟ في الساعة الثامنة عدت ,فقال لي العقيد : هل توقفت سابقا" ؟ فقلت : نعم سنة 1966 وسنة 1968 . قال : هل أنت عمال ثوري ؟ قلت: لا أنا شيوعي عربي . كان يسألني وهو ينظر إلى تقارير أمامه ,واعتذر مني وقال : غدا" في الساعة الثانية عشر ظهرا" إذا لم يحضروا تأخذ الهوية . ولم يقبل إعطائي الهوية بل طلب مني الخروج ثم طلبني ثانية وقال : أعطيك ورقة فقط أرجو ألا تدخلني في مشاكل معهم وأنت فاهم قصدي ؟ حضرت في اليوم الثاني قابلني رائد ولما رأى الجروح والورم حول عيني سألني عما حدث و قلت له : إن الذي فعل هذا أساء للنظام وشوه سمعته وجعل المحطات الفضائية تقول أن السلطة السورية كلفت زعراناً بإهانة المطالبين بإلغاء حالة الطوارئ وهم خيرة سياسيي سوريا . و تابعت قائلا" : تخيل كم كانت ستكون الصورة أفضل من هذا التصرف الهمجي ,لو أن السلطة سمحت للمعتصمين بالتظاهر إلى جانب الذين يهتفون : بالروح بالدم نفديك يا بشار؟ إعتذر مني وأعطاني الهوية وخرجت . عند هذه النقطة انتهى حوارنا مع الناشط في حقوق الإنسان . ــــ
قاموس عواصف التغيير.. بأي لغة نقرؤه. قراءة في أبعاد تدويل الملف اللبناني – السوري شجاعٌ إذا ما أمكنتني فرصةٌ فإن لم تكن لي فرصة فجبان. - معاوية – مع أن مقادير السياسة الدولية تنأى بنفسها عن اعتبارات الشجاعة والجبن الفردي، إلى تقرير موضوعي للمصالح الحيوية للقوى المهيمنة على العالم، والتي تقف الولايات المتحدة الآن وبالمعنى التاريخي القوة الأكثر استقطاباً وتأثيراً في مجريات السياق العالمي والإقليمي الشرق أوسطي على وجه الخصوص فإنها – أي الولايات المتحدة على مستوى السياسة والاقتصاد وتوابعهما لا توفر جهداً في اكتشاف واستثمار نقاط الضعف البنيوي في جسد المنظومة الدولية لتحقق إختراقها المطلوب وإعادة إنتاج شبكة مصالحها الحيوية في المجال المعني. وما زاد الأمر زخماً في تركيز الجهود والموارد والإدارة الأمريكية اعتبار منطقتنا العربية منبعاً للمخاطر المرئية والمحتملة على الأمن القومي الأمريكي بالإضافة إلى كونها منبعاً للثروات الاستراتيجية، لذلك فإن إعادة صياغة العلاقة مع المجال الشرق الأوسطي عبر احتكار أواليات الهيمنة على مقدرات هذا المجال وتكثيف عوامل القوة وإقصاء القوى الدولية النافذة على التأثير في ذلك المجال يعتبر من أولى هموم الإدارة الأمريكية. إن أمريكا قوة عارية وجبارة إلى درجة يمكن اعتبارها دولة شرق أوسطية تتقاطع آليات هيمنتها بالتشابك مع المشروع الصهيوني وينحوان إلى صياغة مشروع متكامل بنيوياً وسياسياً مع ما يمكن أن يتخلله من تعارضات ليست ذات شأن بالقياس إلى عمق تشابكاته. إن كثافة هذا التواجد لا تسمح – إذا ما توخينْا المقاربة الموضوعية وتبديد الأوهام – في التعامل مع التواجد الأمريكي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً كعامل أو شرط خارجي بقدر ما يعيننا الاعتراف بهذا التواجد واستيعاب مخاطره على الأرض على فهم عمليات التدويل الناهضة واحتكار إدارة الملفات الإقليمية وإيجاد المخارج المتوافقة مع شروط الهيمنة المتجددة لمنطقتنا وهذا ما يبرز على ضوء معالجتنا لتفاعلات الملف اللبناني- السوري وكيفية استثمار التعارضات السياسية البارزة ضمن هذا الملف في الوجهة الأمريكية تحديداً. ما دام الأمر كذلك فالاستخدام البراغماتي للمنظمات الدولية يغدو ضرورة تتناسب ومتطلبات التوافق الدولي المنشود من قبل الإدارة الأمريكية أحياناً. ومع أن هيئة الأمم المتحدة لا يمكن اعتبارها هيئة دولية مستقلة أو فوق الأمم بقدر ما هي التعبير المؤسساتي والقانوني لفروض وموازين القوى الدولية للأطراف النافذة دولياً فإن العودة البراغماتية إليها وإلى مجلس الأمن لا تتعارض مع إمكان تجاوز دورها كما جرى في قرار الحرب على العراق. وهنا نرى أن أي قرار صادر عن مجلس الأمن إنما يحمل زخماً دولياً متعدد الأطراف يمثل الولايات المتحدة الساعية إلى تفعيله وتطوير أدواته باعتبارها القوة النافذة بلا منازع جدي، وهو ما يدفعنا للاستنتاج بأن المنطقة العربية بفعل تناقضاتها الداخلية والدولية المزمنة تربة خصْبة لإنتاج التدويل بشكليه القانوني واللاقانوني وهو غير منوط بأهداف الأمم المتحدة بقدر ما تلزمه طبيعة المصالح الحيوية للسياسة الأمريكية : إن أمركة المنطقة هي الشكل الحالي للتدويل. كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تدويل الملف اللبناني – السوري ومخاطره كما لو انه جاء حصراً على قاطرة القرار 1559-1593 و بمقدرونا أن نتذكر القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع العربي- الإسرائيلي ولعل ما يميز سمات التدويل المشار إليها أنها تأتي بدون لواجم دولية تستحق الذكر ناهيكم عن وجود عوائق إقليمية مما يدلل انه وبالتناسب الطردي مع كثافة التواجد الأمريكي الشرق أوسطي بأنها القوة الوحيدة المعنية بجني قطاف تلك الملفات والاستحواذ عليها بغض النظر عن التشاركات الجزئية مع الاتحاد الأوربي الذي يفتقد إلى سياسة دولية فاعلة في الشرق الأوسط. لا تعود عوامل الاختراق الأمريكي في ظل إدارته اليمينية الإرادويه إلى محض قوته وحسب بل إلى الضعف البنيوي العربي إذ ليس في الوارد وعلى المدى المنظور نهوض سياسة رسمية ترسم مصلحة حيوية قادرة على الوقوف في وجه الولايات المتحدة وحليفتها العضوية "إسرائيل" إن إضعاف الأنظمة العربية الديكتاتورية لشعوبها قاد إلى إضعافها أمام الإملاءات الأمريكية – الصهيونية وأفقدها مصداقية التعاطي مع أي قضية ومشروع وجعلها بالتالي تبحث عن مقعد خلفي في القاطرة الأمريكية يؤمن استمراريتها واستمرارية النهب والقمع الداخلي لشعوبها. لقد ألغى نهج الأنظمة الديكتاتورية التسلطية كل وزن فاعل للشعب والرأي العام وإمكانات تحقيق قوى معيقة لمشروع الهيمنة الأمريكي الناجز. إن الأزمات العضوية التي خلفها النهج الديكتاتوري كفيْل بتقويض أي نزوع لإبداء الرأي أو المواجهة الصلبة، لذلك فإن معركتنا الوطنية لا تختزل في وجود "عامل خارجي مهدد بل في مواجهة الشرط الداخلي الموضوعي والذاتي الذي ينتج ذلك العامل المهدد مما يكسب طابع العملية الديموقراطية شكلها المميز باعتباره تعبيراً عن ممارسة البرنامج الوطني تضيع فيه الحدود بين ما هو داخلي وخارجي في سياق عملية ديموقراطية منظمة وفاعلة. من هذه الزاوية يجب أن لا يكون فهمنا للعملية الديموقراطية التي يجب انتزاع شروطها وأدواتها التنظيمية والسياسية فهماً طوارئياً تستدعيه حالة الخطر الخارجي مع ما يترتب على ذلك من "تحصين " للجبهة الداخلية.. لا يمكن التقليل من أهمية الإنسحاب السياسي والعسكري والأمني من لبنان لما له من الانعكاسات الإيجابية على الوضع اللبناني برمته إلا أننا نرى أنه قد بدأت الخطوة الأولى على طريق الألف ميل في سياق تفكك بنية النظام الشمولية ويبدو الداخل السوري مفتوحاً على كل الاحتمالات في ظل وضع الملف اللبناني – السوري تحت "العناية الفائقة" وهذا الانفكاك لا يأتي في سياق مجرد بل عبر النزع التدريجي الحاصل لشريط التأثير السوري على الجوار الإقليمي، العراق، لبنان، فلسطين مع إجبار النظام على التوافق مع الأجندة الأمريكية. يجري الاعتقاد أنه ربما يبدأ تطبيق استراتيجية زعزعة "الاستقرار الخلاق" التي تبدو تعديلاً جزئياً لاستراتيجيته "الفوضى الخلاقة" في تطبيقها العراقي.. تعديلاً فيما يتعلق باللعب على الزمن وإعادة صياغة العناصر الفاعلة وخلق استقطاب سياسي حاد وخطير متمفصل على العامل الخارجي الأمريكي ودوره وتحقيق هيمنة قوى تراهن الولايات المتحدة على صعودها وتحقيق برنامجها الخاص، ويبدو أن نزع قواعد الاستقرار الإقليمي لا يتطلب وحسب شروطاً إنصياعية بل فتحاً رحباً لاحتمالات الصراع وانفتاح الأفق وتحريراً لدنياميات غير منظورة للقوى الاجتماعية المناهضة في الصميم للمشروع الأميريكي، ونحن لا نقلل من أهمية تحرير تلك الديناميات، بالضبط لأنها تساهم في مواجهة جدية وحضارية مع السياسة الأمريكية، تسمح لقوى الديموقراطية العالمية بالمساهمة الفعالة بلجم السياسة الرأسمالية المتوحشة وويلاتها.
- إضاءة 1- من خلال المشهد السياسي في شباط وآذار 2005 بقلم ن.ج مبادئ عامة: 1- ليس ثمة طريق غير رأسمالي إلى الاشتراكية..، وبالتالي، فإن النظام الرأسمالي هو الذي يفرض نفسه على جميع بلدان العالم بلا استثناء. وهو في حقيقته فردوس بالنسبة إلى كل ما سبقه من تشكيلات اقتصادية اجتماعية، أو بالنسبة إلى بقاياها المعشعشة في مختلف زوايا النظام الرأسمالي المتخلف القائم في معظم بلدان العالم الثالث، ومن ضمنها سوريا ومصر والجزائر وغيرها.. ويعود السبب الرئيس لبقاء العلاقات القبلية والعشائرية.. السابقة على العلاقات الرأسمالية، إلى قطع طريق التطور الطبيعي على سوريا وعلى مصر والعراق والجزائر وغيرها، بقوة الانقلابات العسكرية التي لم تؤد إلى تسريع انتقال هذه البلدان إلى طور أعلى إن بأفق رأسمالي أو أفق اشتراكي. 2- وباعتبار أن سبيل التطور الممكن لهذه البلدان أو لغيرها هو سبيل التطور الرأسمالي، بصرف النظر عما نصت عليه الدساتير من تسميات اشتراكية أو غيرها، وبصرف النظر عن الشعارات والتسميات..، فإن الأنظمة القائمة في معظم بلدان العالم الثالث، ومن ضمنها سوريا، أنظمة رأسمالية مشوهة بقوة العلاقات السابقة على الرأسمالية، أي العلاقات القبلية والعشائرية التي تعود إلى عهد الإقطاع . 3- والوضع في لبنان ليس أسوأ من الوضع في سوريا أو مصر أو ليبيا أو غيرها من البلدان العربية ذات الأنظمة التوتاليتارية (الشمولية). ولم تكن المعارضة في لبنان أفضل حالاً من المعارضة في سوريا. وبدأ التغيير بانتقال الحريري من صفوف الموالاة إلى صفوف المعارضة. وازداد وزن المعارضة بسبب انقلابها من معارضة صامتة إلى معارضة ذات صوت أو أصوات بعد اغتيال رفيق حريري. وما جرى في لبنان ويجري في كل مكان هو صراع حاد على السلطة والسلطان، أي على الثروة التي ينتجها الشعب وتخضع لعمليات النهب والتهريب إلى الخارج وإلى الداخل. 4- لم تتوقف الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية عن التآمر مع الصهيونية العالمية على كل الشعوب بما فيها الشعبين الأمريكي والإسرائيلي. وهم يتآمرون ضد الشعوب العربية وينهبون ثرواتها المتمثلة بقوة عملها وبثرواتها الدفينة والمستخرجة. ويصبح حظ مؤامراتها من النجاح أكبر حين يختلط الحابل بالنابل في داخل كل دولة من الدول العربية وغير العربية، مثل إيران وأفغانستان وغيرها، وبين كل دولة عربية وأخرى. وفي ضوء ذلك 1- تتحمل القيادة السورية مسؤولية كبيرة عما وصلت إليه الأمور في كل من سوريا ولبنان، إن كان بسبب بقائها غير المبرر في لبنان طوال الفترة الماضية، وانتظار القرار الأمريكي – الفرنسي والدولي 1559 لإخراجها بقوة السلاح أو التهديد به، أو باتباعها سياسة في لبنان أدت بالقسم الأكبر من اللبنانيين غير المستفيدين من الوجود السوري، إلى الكفر بكل معاني القربي والجوار والعروبة.. وقد كتب الأستاذ جوزيف سماحة وهو من أقرب المقربين من النظام السوري من موقع قومي عربي صادق "إن المسؤولية عن التحول الزاحف تقع بدرجة حاسمة، على الحكمين اللبناني والسوري. لقد أتيحت لهما فرصة مديدة من أجل بناء روابط عميقة، وشعبية، اقتصادية، سياسية، استراتيجية. غير أنهما أسقطا هذه الفرصة وغلبت السلبيات الإيجابيات بما لم يعد مسموحاً اعتباره مجرد أخطاء متكررة." "ويبدو أن العطب بنيوي، ولا علاج له، إذا كان ثمة علاج، إلا بتحولات جذرية.. جذرية في الاتجاه المعاكس تماماً للعلاقات الجذرية المثبتة." و"إن الذي سيولد من الأزمة المتفاقمة هو لبنان المعارضة. هذا هو الأفق. وتتشكل معالم هذا البلد الجديد أمام أعين الجميع من غير أن يسمح غباء الحكام بقياس جدي لكفاءة خصومهم". وكتب الأستاذ طلال سلمان من موقع قومي لا تشوبه شائبة في 16/3 أي بعد شهر من المقال السابق "أن الأخطاء التي تكدست على امتداد سنوات، والامتناع عن التنبه إليها فضلاً عن الاستخفاف بمخاطرها، قد فجر الغضب. وها نحن نحصد الثمار المرة لخيبة الأمل، والإهمال، والتمادي في الخطأ، وتصنيف المنبه إلى الخطأ معادياً، وإبعاد الشرفاء والمناضلين والوحدويين منهم وحتى الطبيعيين لتقريب المنافقين والأدوات "والشركاء" في المنافع والمصالح" 2 ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن من هؤلاء قيادات الجبهة الوطنية التقدمية. وكتب جوزيف سماحة في العدد نفسه من "السفير" "(16/3)" أن مظاهرة الاثنين (للمعارضة) أعادت تصويب نتائج تظاهرة الثلاثاء ("حزب الله والموالاة"). لكن ذلك حصل لأن الأولى أفرغت من مضمونها تدريجاً وبواسطة "حلفاء " شاركوا فيها أو حاولوا استثمارها. وربما يذهب المرء إلى التأكيد بأن المقاومة لها أنصار في تظاهرة المعارضة أكثر إفادة لها من بعض من شارك في تظاهراتها". 2- بدأ العد العكسي بالنسبة للنظام القائم في سوريا الذي سيسقط – حسب احد السيناريوهات- وفق السبيل الذي اتبع في يوغوسلافيا (السابقة) أي بواسطة القصف الجوي الأمريكي لأهم المواقع الحيوية في سوريا مما يسمح لأقطاب النظام بالهروب مع أموالهم أو مع قسط منها إلى روسيا ودول أوربية أخرى... وسيلاحق بعض أقطاب النظام قبل سقوطه وبعد سقوطه، على الأقل، كقتلة للحريري، ويقدمون إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي (هولندا). وقد تتقدم الحركة الثانية، أي استدعاء القادة إلى لاهاي قبل سقوط النظام، مما يضعف النظام ويهيؤه لاستقبال وتبرير الحركة الثانية، أي القصف الجوي. 3- ويقول سيناريو آخر أن الانسحاب السوري من لبنان يمثل سقوط جدار برلين بالنسبة إلى القيادة السوفياتية، وبالتالي، من سيقوم بدور غورباتشوف ويرفع شعار البريسترويكا والغلاسنوست السوريين؟ ومن سيمثل دور يلتسين اللبرالي ؟ 4- وفي الحالين ستعم شوارع مدن (دمشق وحلب وحمص وحماه ودير الزور والقامشلي والحسكة) مظاهرات مؤيدة لأمريكا، وسيظهر أنصار أمريكا من اليساريين كإبرة، لا حول لها ولا قوة وسط أكوام من القش.. وسيتقدم الأغنياء القدامى الكلاسيكيون، وأثرياء المرحلة الأخيرة، سيتقدمون الصفوف. وستتحول المظاهرات شيئاً فشيئاً إلى تظاهرات بالسيارات الفارهة. وسيبدو المتأمركون الجدد إما خارج قوس رغم ارتفاع أصواتهم، أو سيقبلون بوضعهم الجديد كأجراء عند الأغنياء، وهم يمتلكون من الإمكانات والمواهب ما يضمن لهم أجراً مغرياً. 5- ومن غير المستبعد أبداً أن ينقل عدد كبير من اليساريين من داخل الجبهة ومن خارجها. السلاح من الكتف المعادية أو المتظاهرة بالعداء لأمريكا إلى الكتف الأخرى، الموالية لأمريكا. وقد ضرب بعض من الحزب الشيوعي العراقي مثالاً مؤسفاً، ولا أعتقد أنه سيبقى الحزب الشيوعي الوحيد بهذا الموقف. وأخيراً، لازال الوقت يسمح للقيام بالاستعدادات المادية والنفسية للدفاع عن شرف المبادئ التي نعتنقها، وشرف الشعب الذي ننتمي إليه، فنؤسس لمقاومة تبدأ بالكلمة وبالحجر، ولا تقع في أخطاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية...
- إضاءة 2- المشهد السياسي في آذار وأوائل نيسان 2005. بقلم ن. ج جاء في كتاب "العولمة والنظام الدولي الجديد" الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية "في النظام الدولي الجديد حيث الرأسمالية تعولمت، والتوازنات الدولية التقليدية انهارت، والأوحدية القطبية ترسخت، تتنامى ظواهر وقواعد جديدة في العلاقة بين المجتمعات والدول: لم تعد السيادة مقدسة ومشمولة بالحماية القانونية الدولية، ولم تعد الدولة الوطنية قادرة على حفظ نتائج العولمة على داخلها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، كما أن مسائل الهوية عادت تطرح نفسها بقوة أمام الهزات الشديدة الناجمة عن فعل العولمة والنظام الدولي الجديد. وفي امتداد ذلك كله تتنامى حركة الممانعة بادئة بخطاب رفض العولمة لتصل إلى حركة مناهضة اجتماعية سياسية عالمية." ولاشك أن ذلك لا يعني أننا أمام تشكيلة اقتصادية – اجتماعية جديدة، بل أننا أمام طابع جديد للأممية والعولمية الرأسمالية. وثمة رأي في كتاب "الولايات الأوربية المتحدة" للكاتب ت. ر . رايد، يقول : "بأن أمريكا هي التي في خطر وكذلك (طريقة الحياة الأمريكية) التي لا يمكن تحمل أعبائها. فالسعي الأمريكي للثروة والحجم والوفرة حيث تعوّض المادة عن السعادة – غير ممتع جمالياً وكارثي بيئياً. والاقتصاد الأمريكي يتلاشى على رمال أو بتعبير أدق الجماهيرية الأمريكية بالسوقية والبرقشة، ولهذا لا عجب أن الكثير من الأمريكيين يتحولون الآن إلى الكنيسة للبحث عن السلوى." مثلما لجأ إلى الجامع اليائسون من وعود الأحزاب القومية العربية، وأحزاب الاشتراكيين وعلى رأسها الأحزاب الشيوعية. وأصبح من الجلي، من جهة أخرى، أن أمريكا وأوربا ليستا محطتين على خط الإنتاج التاريخي، مما يمكن للأوربيين أن يتوقعوا وراثة أو محاكاة التجربة الأمريكية بعد فترة مناسبة من الزمن. أنهما كائنان مختلفان تماماً وربما يتحركان في اتجاهين متضادين. ويكتب مؤلف كتاب "الحلم الأوربي" جيرمي رفكن: نعم الأمريكيون يضعون لافتات عملاقة تقول – أحب جارك – ولكنهم يقتلون ويغتصبون جيرانهم بمعدلات تصدم أي شعب أوربي... وفي السويد، على سبيل المثال، تحصل النساء على 64 أسبوعاً اجازة أمومة وثلثي الأجور. وفي البرتغال تضمن اجازة أمومة لثلاثة أشهر بكامل الأجرة. أما في الولايات المتحدة فإن الحكومة الفدرالية لا تضمن شيئاً. ففي أمريكا يتركز 38% من الثروة في أيدي أغنى 1% و هم يعيدون توزيعها طبقا لأولويات مصالحهم. في حين أن أمريكي بالغ واحد من كل خمسة يعيش في فقر مدقع, مقارنة بواحد من كل 15 في إيطاليا. ويقدر رفكن المذكور أعلاه أن أمريكا الانفرادية هي التي وقعت في مصيدة الزمن وأن أوربا المتعاونة هي التي تمثل المستقبل. ونحن "بحماستنا الدينية التي ليس لدينا ما نتشبث به غيرها أصبحنا شعباً مختاراً مما جعل أمريكا أرضاً أكثر خطورة وقفاراً. أما عن أوروبا فإنها تعاني من انقسام حاد وخطير ما بين أهل البلاد الأصليين والمهاجرين المسلمين البالغ عددهم 13 مليوناً في الاتحاد الأوربي... وأن استراتيجية أمريكا للمواجهة الكونية مع الإسلام ليست خياراً أوربياً.. وأخيراً فإن أسلحة الدمار الشامل الحقيقية هي الفقر العالمي والكارثة البيئية المحدقة. وإذا تصفحنا كتاب ناتان شارانسكي وهو يهودي من أوكرانيا سجن في العهد السوفياتي وهاجر إلى إسرائيل عندما أفرج عنه، واسم كتابه "حالة من الديموقراطية، قوة الحرية للتغلب على الاستبداد والإرهاب"، نجد أنه يرفض فكرة أن الانتصار في الحرب ضد الإرهاب بأنه يتطلب فقط استهداف المنظمات الإرهابية وتجفيف ينابيع الإرهاب ومصادر تمويله، حيث يرى مؤيدو هذا الرأي أن إسقاط الأنظمة غير الديموقراطية ليس ضرورياً لتحقيق النصر، وبالتالي، فلا يجب التمسك بإسقاطها إلا إذا شاركت مباشرة في عمليات إرهابية. ويرد شارانسكي بالقول : بأن ظاهرة الإرهاب ترتبط أساساً بغياب الديموقراطية. وهو في ذلك يكرر أيضاً ما قاله آخرون بينهم الكاتب الصحفي المعروف توماس فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" الذي كثيراً ما يضرب مثالاً بأن ثاني أكبر كتلة إسلامية هي الهند، لكننا لم نر تلك الظاهرة الإرهابية من مسلمي الهند لأن الديموقراطية الهندية أعطتهم مساحة الحرية التي تستأصل جذور الإرهاب. غير أن شارانسكي يخطو خطوة أبعد من ذلك ليؤكد على ضرورة تدخل ما يصفه بالدول الحرة من أجل ضمان نشر الديموقراطية في المناطق التي تحكمها أنظمة استبدادية، وبصفة خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي يقول أنه لا يوجد فيها نظام ديموقراطي واحد باستثناء إسرائيل. وأن ثمن الاستقرار في الدول غير الديموقراطية (مثل السعودية) هو انتشار الإرهاب خارجها.. وهو يقول عن العرب أن منطقتهم تتميز بالوحشية، ولم تشهد الديموقراطية في تاريخها. وينقل الكثير من المقولات التي تربط بين الدين والدولة في الإسلام بما يجعل من غير الممكن الفصل بينهما طبقاً لمقتضيات الليبرالية الديموقراطية، كما أن المسلمين، يتخلفون بسنوات ضوئية عن الغرب في أسلوب معاملتهم المرأة والتمييز ضدها. ويشير شارانسكي بحق إلى ظاهرة وجود تأييد كبير للولايات المتحدة بين الشعوب التي تحكمها أنظمة معادية لواشنطن كما هو الحال في إيران. أما في دول مثل مصر والسعودية فإن كراهية أمريكا تزداد لأنها تؤيد الأنظمة الحاكمة فيها. كما يشير إلى أن حكومة مصر وغيرها من الحكومات العربية تظهر العداء لإسرائيل بغية خلق عدو خارجي من أجل استمرار الاستقرار الداخلي وسطوة الحكم القائم. والواقع أن قسماً كبيراً من آراء شارانسكي هي نفسها آراء جورج بوش، أو أن شارانسكي وجد تفسيراً لأراء جورج بوش. ويقول كاتب مقال "واشنطن في الشرق الأوسط" المنشور في "الشؤون الخارجية الأمريكية": إن للولايات المتحدة مصالح "شائكة" في الشرق الأوسط منذ أن أصبحت قوة كونية. إلا أن تأمين تدفق نفط المنطقة إلى الاقتصاد العالمي احتل دائماً مركز أولويات مصالحها. وخلال الحرب الباردة جاء التنافس مع الاتحاد السوفياتي، حول الحلفاء في المنطقة، في مرتبة تالية، بينما ظل تقديم العون من أجل حماية إسرائيل والإبقاء على الصراع العربي – الاسرائيلي دون تصعيد إلى معركة فاصلة في مرتبة ثالثة. وكانت الولايات المتحدة رغم كل اهتمامها بما ذكرنا منشغلة قبل غياب دولة الاتحاد السوفياتي، بمناطق أخرى، مثل أوربا وآسيا.. والأولوية في الشرق الأوسط لازالت في العراق. ويناقش كتاب "القبضة" لكاتبه باللغة الإنكليزية أحمد مهدي من عمان، كيف أحكمت الولايات المتحدة قبضتها على منطقة الشرق الأوسط والخليج، وكيف أن هذه القبضة قد بدأت في الانحسار بفعل سياسات الرئيس الأمريكي جورج بوش بالرغم من، أو بسبب غزوه لكل من أفغانستان والعراق. ويتحدث الكتاب أيضاً عن مدى قدرة العرب على السيطرة على منطقتهم.. ويشير الكاتب إلى أن تجاهل بوش للأصول والأعراف خلق اعوجاجاً كبيراً في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وجعل المصالح الأمريكية في خطر بفعل اهتمامه بأهداف المحافظين الجدد داخل إدارته. وجعل بعض الشباب المسلم المتطرف أكثر ميلاً للتطرف. وفي المقابل لا تملك الولايات المتحدة أن تفشل : فالفشل في العراق سيكون نكسة مدمرة لما يسمى "الحرب على الإرهاب" إذ أن من شأنه إقناع المجاهدين بأنهم سوف ينتصرون دائماً في نهاية المطاف. وما تم في العراق مؤخراً من انتخاب جلال الطالباني رئيساً للجمهورية العراقية وانتخاب نائبين له أحدهما شيعي والآخر سني يعد نجاحاً كبيراً للسياسة الأمريكية. ويبقى خطر إيران نووية ماثلاً، وبالتالي، فإن مشهد الشرق الأوسط النووي يثير القلق. والإصلاح الناجح هو الإصلاح الذي يكون في صالح الشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية. وجاء في كتاب "الفلسطيني الأخير" لحسين آغا وروبرت مالي، أن الرجل الذي وقع عليه الاختيار لخلافة عرفات يختلف عنه في وجوه كثيرة ويتشابه معه في وجه واحد مهم: أبو مازن، مثله في ذلك مثل عرفات، شخصية وطنية فلسطينية أصيلة ومتميزة ولكن بأسلوب مغاير بشكل جذري. وبينما حقق عرفات مكانته الوطنية بالتماهي مع ، والانتماء إلى، جماهير الناخبين ومصالح كل الجماعات، ابتعد أبو مازن، بأسلوبه، عن التماهي. غاص عرفات في بحار السياسات المحلية لكن أبو مازن عام فوقها مكرساً نفسه في خدمة الحركة الوطنية ككل، وشق طريقه إلى السلطة بشجاعة مثابرة وحضور معنوي ومادي ملموس كرجل قليل الكلام كثير الأفعال. هذا الرئيس الجديد، الذي صنع حياته السياسية بعيداً عن الأضواء المبهرة، ولد عام 1935 وخرج من فلسطين عام 1948، هو عضو مؤسس في "فتح" وأمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كان مستشاراً لعرفات والمفاوض الرئيسي، من وراء الكواليس، منذ مؤتمر مدريد في عام 1991، وإلى اتفاق أوسلو في عام 1993. كان أبو مازن المؤثر دائماً وغير المرئي في معظم الأحوال. وكانت الفترة قصيرة العمر التي تولى فيها رئاسة الوزراء في عام 2003 هي المرة الوحيدة التي احتك فيها بالحكم ومع رحيل عرفات ولت سياسات توازن القوى وبدأت سياسات اللمسة الخبيرة الفعالة.. عالم أبو مازن أكثر ارتباطاً بما هو سائد ومعروف لمعظم الناس بـ "قانون الأشياء" ولغته من النوع المقبول الأكثر قرباً إلى قاموس كل يوم.. والواقع عند أبو مازن أكثر بعداً عن أشباح الماضي، وعوضاً عن السياسات والحماسة الخلاقة، تبنى أبو مازن، سياسات هادئة وحصانة واضحة.. سلوكياته لا تعرف النهج التآمري،الأمر الذي يعد ملمحاً يحسب وراء نجاحاته العديدة وليست محطات فشله القليلة.. نادراً ما يخضع أو يعاود الكرة إذا ما صد أو تم تجاهله، يقوده في ذلك إحساس بالاخلاقيات، وبغض شديد ويقين زائد بقوة المنطق.. القدرة على التلاعب والخداع، أو التآمر، تكاد تكون معدومة داخله.. واختار الابتعاد عن عرفات بدل الصدام أو الحلول التوفيقية. ولأن دوافعه، حتى في قمة غضبه كانت صادقة وغير انتهازية، لم يفقد عرفات ثقته فيه، وكثيراً ما سامحه. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بيان وتعميم بأعمال الاجتماع الأول للهيئة المركزية الموسعة لحزب العمل الشيوعي في أواخر شهر آذار عقد الاجتماع الأول للهيئة المركزية الموسعة للحزب في إطار خطة عمل جديدة نحاول فيها الاستجابة لحاجات الواقع السياسي المتدافعة والمنذرة بمخاطر لم يعهدها الوطن من قبل.. كما استجابة لتطور عملنا السياسي والتنظيمي المتسع، وتقسيم عمل مناسب، بعد أن غدا تقسيم العمل القديم الذي انطلقنا منه قبل عام ونصف تقريباً عاجزاً عن تلبية التراكم في مستوى نشاطنا السياسي والتنظيمي، والذي غدا أيضاً عاجزاً عن اللحاق بالشروط السياسية الاستثنائية كل ذلك اقتضى عملية تشكيل هيئة مركزية أوسع وطرح خطة وجدول عمل مناسب. أولاً- في أسباب تشكيل الهيئة: 1- اتساع وتطور عملنا السياسي والتنظيمي – كما ذكر – احتاج إلى تقسيم عمل جديد قادر على استيعاب الاستقطاب وانشداد كثيرين إلى العمل الحزبي، خاصة بعد تدافع الشروط السياسية المهددة بالمخاطر واتضاح إمكانيات واسعة متاحة للعمل الحزبي العلني بعد تراجع قبضة القمع، وتحسن الشروط الشخصية للكثير من الرفاق بعد أن قام الاعتقال المديد بتدمير شروطهم. 2- نعتقد أن الوطن يمر بمرحلة انتقالية خاصة جداً.. متسارعة، حبلى بالمخاطر تتطلب عملاً كثيفاً، وتحتاج إلى تعبئة الجهود والطاقات.. تحتاج إلى تحسين الأدوات وشروط النشاط السياسي الذاتية. 3- ضرورة إشراك عدد كبير من الرفاق ذوي الخبرة في إنتاج خط سياسي أكثر نضجاً ودقة وتعبيرا عن ضرورات الواقع المتطورة. 4- ضرورة إشراك مجموعات وحالات يسارية عديدة في تطوير نشاطنا وعملنا على هدف مشروع حزب يساري جديد. ذلك برفع سوية التنسيق المشترك للنشاط بيننا وبين أحزاب ومجموعات أخرى، لإرساء مسار جديد مختلف عن الماضي في الانقسامات والشرذمة والدكاكين. ثانياً: في طريقة وأسس تشكيل الهيئة: على اعتبار أن عملنا برمته ذو طابع انتقالي بسبب مشروع جدل بناء الحزب، كذلك لضرورة إجراء مراجعة شاملة نظرية – سياسية – تنظيمية للتجربة باتجاه المؤتمر، وجدنا أنفسنا مجبرين لاعتماد معادلة نشاطانتقالية، ذلك الوضع جعلنا نتبع المبادئ التالية في تشكيل الهيئة. 1- استمرار الحق القديم لرفاق المركزية في حزب العمل حين يقررون استعادة هذا الحق. 2- الرفاق الذين ساهموا في إقلاعة النشاط السياسي والتنظيمي مجدداً. 3- العديد من الرفاق من خارج الإطار القديم للحزب والذين قرروا الانخراط معنا في مشروعنا. ثالثاً- في جدول العمل، الذي وضع على الشكل التالي: 1- مقدمة عن الماضي القريب، مع الإضافات المتعلقة بالمستجدات (الشرط السياسي الموضوعي – علاقاتنا مع القوى – وضعنا الذاتي) 2- الغاية من تشكيل الهيئة واجتماعها. 3- تقسيم العمل الجديد ودوافعه في إطار الشروط العامة والخاصة (الهيئة المركزية والهيئات التنفيذية الأخرى). 4- مسألة الشباب والظاهرة الشبابية. 5- في العلاقات التنظيمية. 6- منظمة الخارج. 7- الوضع المالي (السابق وتصورات للمستقبل). 8- لجان العمل الوطني أو هيئات تنسيق المعارضة في المحافظات. 9- الجريدة الرسمية (الآن). 10- الموقع الإلكتروني والمواقع الفرعية والتقنيات الأخرى. 11- الوضع السياسي والحزبي في الساحة الكردية وعلاقاتنا معها. نوقشت أغلب النقاط السابقة وتم تأجيل ما تبقى منها إلى الاجتماع اللاحق للهيئة، وتم تقديم مقترحات بتكليف لجان فرعية بتقديم دراسات عن بعض المسائل التي تحتاج إلى ذلك لتتم مناقشتها في جلسات لاحقة. ما أنجز من جدول العمل والقرارات المتخذة: 1- صوت الرفاق بالإجماع لاعتبار الموجودين في الاجتماع الأول بمثابة الهيئة التشريعية التي ترسم التوجهات النظرية والسياسية والتنظيمية لعملها الحزبي، وهي هيئة انتقالية حتى المؤتمر القادم. 2- تتخذ قراراتها بالأكثرية (النصف + واحد) 3- تنتخب وتختار الهيئات الأخرى التنفيذية. 4- اعتبرت نفسها هيئة مفتوحة قابلة للتوسع ويتحدد ذلك في كل اجتماع. 5- اجتماعاتها دورية تزيد وتيرتها في مرحلة الإقلاع هذه وتدعى إلى اجتماع طارئ عند الضرورة، بدعوة خمسة من أعضاءها وتدوير الطلب حتى حصول الأكثرية. 6- اختارت مكتباً سياسياً بالترشيح العلني والانتخاب الديموقراطي السري. 7- اختارت هيئة تحرير الآن بنفس الطريقة. 8- الهيئات التنفيذية المنتخبة تشرف على تنفيذ القرارات بين اجتماعين وتعتبر محلولة في أول اجتماع تال للمركزية.. تحاسب على أدائها ويعاد انتخابها ثانيةً. 9- تم الموافقة على تشكيل هيئة سياسية لمتابعة الحوارات مع القوى والجماعات على مستوى مركزي أو مستوى المحافظات.. وذلك من داخل الهيئة أو خارجها وكلف المكتب السياسي ببحث ذلك وتنفيذه. 10- تقدم اقتراح بوجود ناطق رسمي خاصةً أنه لا يوجد تقليد بوجود منصب أمين عام، فرفض الاقتراح بالإجماع وجرى التأكيد على استمرار تقاليد العمل الجماعي الديمقراطي وضرورة تطويرها . وتمت الموافقة على فكرة المناوبة الدوارة في المكتب السياسي لفترة قصيرة بين اجتماعين ولعدد ضيق قليل، يعطى لهم حق اتخاذ الإجراءات الضرورية للعمل (بيان – تصريح – افتتاحية ، وموقف في الجريدة ، حضور اجتماع طارئ مع قوى سياسية) وكذلك المناوبة في هيئة التحرير بصورة مشابهة وترك كل ذلك للإشراف والتنفيذ من قبل المكتب السياسي وهيئة تحرير الآن. 11- جرى نقاش حول جريدة الآن وتقدم ملاحظات انتقادية أهمها أنها ليست سياسية مع أن الشرط يتطلب متابعة سياسية مباشرة وتحليل معمق ونشراً سريعاً لموقفنا في كل قضية. واتخذ قرار بتحويل المسائل الأخرى لتنجز بوسائط مختلفة (كراسات أو مجلة شهرية) وترك الأمر للدراسة والتنفيذ المستقبلي من قبل المكتب السياسي. 12- في العمل الشبابي والهيئة الشبابية، جرى نقاش لهذا الأمر محتواه: أ- لقد دمر النظام وغيب أجيالاً كاملة عن التفكير والاهتمام بالشأن العام إلى درجة انعدام اهتمام قطاع الشباب التام بالقضايا الأساسية. ب- إن ظاهرة النخبة الشبابية ضيقة جداً ومتناثرة موجودة في الجامعات بشكل أساسي، وتحتاج إلى جهد كبير من أجل التعرف عليها، وفتح حوارات جادة ومنتظمة، وإيجاد التقاطعات الممكنة وأي مستوى من التنسيقات. ج- الاهتمام بظاهرة الشباب وما يتطلبه الأمر وضروراته القصوى لأنهم الحاضر والمستقبل. د- اتخذ قرار بتشكيل هيئة شبابية يهدف عملها إلى الاهتمام بأي ظاهرة أو تجمع شبابي والحوار والتنسيق معه ومحاولة تشجيع الشباب للعودة للاهتمام بالشأن العام وتحمل مسوؤلياته، وكلف المكتب السياسي بدراسة وتنفيذ تشكيل الهيئة العلمية، ومساعدتها بالوقت الذي تحتاج فيه إلى ذلك. 13- في مفهوم الأقلية والأكثرية الحزبية جرت حوارات مهمة، وتم الاتفاق على تطوير المبادئ وتقاليد الحزب بهذا الخصوص استجابة لقيم العصر وتلبية لاحتياجاتنا، جرى التأكيد على اعتبار: ?أ- الأقلية ضرورة مفتوحة على العدد والتأثير والاتجاه والموضوع. ?ب- حق الأقلية في الاجتماع والتنسيق خارج وداخل اجتماعات رسمية. ?ج- حق الأقلية بنشر رأيها في الوسائل الحزبية والخارجية. ?د- حق أي رفيق بنشر وجهة نظره الشخصية باسمه الشخصي في أي وسيلة. ?ه- جرى حوار حول المزيد من حقوق الأقلية وتم الاتفاق على استكماله لاحقاً. 14- اتخذت الهيئة قراراً بما يخص لجان تنسيق العمل الديموقراطي المعارض في المحافظات مع كامل الطيف المعارض وضرورة تشكيل مثل هذه الهيئات طالما أن الأمر لا يزال متعثراً على مستوى المركز. 15- اتخذ قرار بالتوقيع باسم الحزب أو الهيئة المركزية أو المكتب السياسي حسب الحاجة والضرورة. 16- اتخذ قرار بتداول وجهة نظرنا حول (مشروع حزب يساري جديد) وتعميمها لتكون مادة حوارية أيضاً قابلة للتطوير والتعديل في مستوى عملنا، وبشكل خاص في مستوى حواراتنا وعمليات التنسيق الجارية من أجل الدمج والاندماج مع قوى ومجموعات يسارية أخرى. 17- اتخذ قرار بضرورة انجاز مشروع برنامج الحزب، وأن يعد المكتب السياسي كل ذلك للاجتماع القادم إن أمكن. 18- تركت القضايا التقنية والعملية إلى الهيئات التنفيذية. 19- يعد المكتب السياسي المسائل التحضيرية التنظيمية ومشروع التقرير وجدول العمل، يوزع قبل الاجتماع بفترة مناسبة على الهيئة المركزية. الهيئة المركزية لحزب العمل الشيوعي – آذار 2005.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤتمر الثالث للجان نصرة العراق في سورية يوم السبت (16/4/2005) حمص. (ننشر هنا بياناً للجنة نصرة العراق وفلسطين في حمص، التي تساهم فيها عدة قوى وفعاليات داخل المدينة ومنها : رفاقنا في حزب العمل الشيوعي ) السادة الحضور: طوى العالم أوراق القرن العشرين بتصفية جيوب الاستعمار القديم ونالت الشعوب حق تقرير المصير، وأقامت دولها المستقلة، لكن العرب لم ينجزوا حق تقرير المصير لشعب فلسطين وإقامة دولتها المستقلة، ولم نحرر الجولان المنسية، بل دخلنا القرن الواحد والعشرين بالاعتداء على العراق واحتلاله. تطرح اليوم الولايات المتحدة الأمريكية رؤيتها للمنطقة حسب المشاريع الموضوعة أمام أدارتها، وبدأت عمله على صعيد سوريا بقانون محاسبتها، ولن تتوقف التهديدات والاشتراطات عند القرار 1559 والخروج من لبنان. أن المنطقة تواجه استحقاقين: الأول المشروع الأمريكي الإمبراطوري وساحته هذه المنطقة، جاء احتلال العراق وأطلاق يد حكومة شارون في فلسطين في سياقه، الثاني أننا كعرب ندفع فاتورة آلية حكم الأنظمة التي سادت، أنظمة أخفقت في أقامة الدولة الوطنية الحديثة نتيجة استبدادها وقمعها لشعوبها، كما عجزت عن بناء نظام عربي يشكل حصناً للشعوب بفرض أمن قومي مشترك يحميها من العدوان والاحتلال. لجنة نصرة العراق وفلسطين بحمص: انطلقت لجنتنا مع بدء التهديدات الأمريكية على العراق وأثناء ارتكاب حكومة شارون الإسرائيلية المجازر في فلسطين، باعتبارنا أبناء وطن واحد وأن العدوان على العراق واحتلاله هو عدوان يهدد المنطقة، وانطلقنا بأن المقاومة حق مشروع للشعوب تمارسه بشكليه السياسي والمسلح، على أن تكون المقاومة الوجه الوطني الأبرز في ممارستها لهذين الشكلين، ولأن قتل المدنين وخطف الصحفيين واستهداف دور العبادة والمؤمنين لا يخدم العراق ولا يصب في بلورة إجماع وطني حول المقاومة، ويطال أبرياء، فأننا ندين هذه الأعمال . نتمنى على المقاومة السياسية والمسلحة طرح برنامجها السياسي لعراق موحد ديمقراطي لكل مواطنيه وأن العراق جزء من نسيج المنطقة، عندها يمكن فرض جدول زمني لخروج الجيوش الأجنبية من أرض العراق حيث يجد شعب العراق وفئاته الاجتماعية ومواطنيه مصلحة مشتركة تتقاطع مصالحها فيه. جرت في العراق في الأشهر الكثيرة انتخابات لمجلس وطني وانتقاء مجلس رئاسي مع اقتراب تشكيل حكومة، وقد جرت في ظل الاحتلال وبإقرار منه، تضع هذه الإجراءات المقاومة السياسية والمسلحة أمام مسؤولية اختيار الشكل المناسب للتعامل معها تعاملاً يخدم مستقبل العراق ويضعه على سكة الاستقلال، لاسيما أن خلفها فئات اجتماعية عراقية وقوى سياسية. ما قامت به لجنة نصرة العراق وفلسطين بحمص خلال عام 2004م: 1- الدعوة والمشاركة باعتصامات في المدينة وفي حماه ودمشق بما يتعلق بفلسطين والعراق. 2- توزيع بيانات بهذا الخصوص. 3- جمع تبرعات عينية ارسلت إلى العراق. 4- المشاركة في اللقاء الشهري للجان نصرة العراق. مهام اللجنة لعام 2005: الهم العراقي والفلسطيني يشغلنا جميعاً، نحمله في كل لقاء ونشاط خاص وعام، ثقافي واجتماعي وسياسي، ولاشك أن ما نقوم به لا يرقى إلى المستوى المطلوب منا، والمطلب الذي يجب الشغل عليه في هذا العام هو خروج الجيوش الأجنبية من العراق. وإقامة حكومة وطنية تمثل كافة مواطنيه. السيد رئيس المؤتمر، السادة الحضور: بدأنا أيها السادة نخشى على وطننا سوريا نتيجة حجم الاستحقاقات التي تفرض نفسها على الصعيدين الداخلي والخارجي، والأهم مرتبط بتطورات الوضع الداخلي، الذي يتوقف على حدوث تغيير في الآليات عبر الديموقراطية الناظمة لعلاقة السلطة بالمجتمع، وضرورة الإفراج عن إصلاح محتجز منذ عقود.
المجتمع المدني في سورية و جدلية الشكل و المضمون
د. فارس إيغو
إن المجتمع المدني في سورية، بما يضمه من تنظيمات مختلفة، تضم لجان المجتمع المدني و التنظيمات،الحقوقية و المنتديات الثقافية، يعاني ما تعانيه كل الحركات الاجتماعية الجديدة، في ظل أوضاع انتقالية صعبة، وظروف و ضغوطات أمنية مستمرة . لكن من بين كل الأزمات التي مرّ ويمر بها ،فإن أزمة الهوية بقيت الأشد و الأكثر سجالا" ، بقدر ما أن الهوية مفهوم عميق الجذور في ذهنية المثقفين و السياسيين السوريين ...لكن ما هي جذور هذه الأزمة ؟تمتد جذور هذه الأزمة، إلى البيانات الأولى لهذه الحركات، حيث نشهد ، تقدم المحتوى الفكري،المشروعي و الرؤيوي، في الواقع التنظيمي، الفعلي على الأرض. وفي ظل أجواء الخوف المنتشرة في أوساط السوريين، وفي ظل المنع و الاستدعاءات والاعتقالات الأمنية الظرفية ،فإن ذلك لم يسهل للعثور على هذا الشكل التنظيمي المفقود، لا بل زاد من الأمور تعقيدا وبلبلة.في خلال الأسابيع التي دار فيها النقاش حول هذه القضية ، و التي اصطلح على تسميتها،بأزمة "المأسسة"،بدأت بمطالعة كتاب للفيلسوف الألماني هانز جورج غادامير* ولم يدور في ذهني، أن أعثر على بعض التوضيحات،مما يسلط الضوء على ما دار من نقاشات عديدة حول هذا الموضوع:في هذا الكتاب غادامير يتكلم عن بداية الفلسفة، في مدن اليونان القديمة، وهو يحاول من خلال استعراض للآراء المختلفة حول هذه البداية،تحليل مفهوم البداية وتفكيكه. يحدد غادامير ثلاثة معاني لمفهوم البداية،وهي معان قد لا ينفصل أحدها عن الآخر، إذ يجب أن تفهم على أنها ثلاثة جوانب للشيء نفسه: 1 – المعنى الأول: هو المعنى التاريخي – الزماني ويقصد به غادامير،تحديد البداية زمنيا". فبخصوص _ مثلا" _ بداية الفلسفة، هل البداية مع طاليس كما تؤرخ أغلب الكتب الفلسفية،أم مع سقراط، أم قبل طاليس ... هذا المعنى الأول للبداية، على بساطته دارت حوله نقاشات وجدالات فلسفية عديدة، لتحديد البداية الزمنية للفلسفة . 2- المعنى الانعكاسي للبداية: ويقصد غادامير بهذا المعنى، أن بداية أي شيء ،لابد أن ينعكس بصورة أتوماتيكية على نهاية هذا الشيء. ويشرح غادامير هذا المعنى باستفاضة، فيقول بأنه المعنى الانعكاسي لبداية الفلسفة هو الذي طغى على التأريخ للفلسفة في الغرب وهذا ما انعكس فيما بعد على ظهور مفاهيم "موت الفلسفة" "ونهاية الفلسفة"،في القرن العشرين على يد فلاسفة الوضعية المنطقية ، وفلاسفة ما بعد الحداثة (فوكو وغيره) و يقول غادامير إن مفهوم البداية-النهاية سيطر على فلسفة التاريخ أيضا":وهنا الإشارة إلى مفهوم التطور الصاعد الخطي،الذي انطلق من المفهوم الانعكاسي للبداية. فالبداية تحدد نقطة الانطلاق،وكذلك تحدد الهدف في النهاية، وبين نقطة البداية ونقطة النهاية التي هي الهدف المعلن، هناك تطور خطي متصاعد ومستمر باتجاه هذا الهدف المعان منذ البداية . 3- وأخيرا"، المعنى الثالث للبداية، وهو الذي يوحي بالفكرة الأرجح والأكثر أصالة وتأويلا لمفهوم البداية، وهو المعنى الذي يتحدد بالبداية التي لا تعرف سلفا" أي طريق سوف تسلكه ... في هذا التأويل الثالث للبداية،يوجد ممارسة نظرية وعملية،من دون معرفة الغاية الجوهرية وهدف التدفق المليء بالاحتمالات و الامكانات .ويعمق غادامير هذا التأويل للبداية، بإغناءه بمفهومي:الكمونية Potentialite، والاحتمالية أي هو على الدوام إمكانيةprobabilite. والآن، لنرجع إلى أزمة المأسسة داخل الحركات الاجتماعية التي تؤلف المجتمع المدني في سورية، بعد هذه الإضاءة السريعة على مفهوم البداية، ونتساءل هل يفيدنا تأويل غادامير لمفهوم البداية ،وخاصة بالمعنى الثالث في فتح ثغرة ما في هذا الحوار الذي يظهر إنه لم يصل إلى نتائج حتى الآن .تتصارع داخل هذه الحركات الجديدة تيارات متعددة،فيما يخص قضية "المأسسة"،لكن من الممكن إجمالها ضمن تيارين كبيرين،مع العلم بوجود تباينات أقل داخل كل تيار. التيار الأول: و يعكس المعنى أو التأويل الثاني لمفهوم البداية،أي المعنى الانعكاسي.هذا الاتجاه هو اتجاه مأسسة،بالمفهوم الحزبي ،بدون أن يكون هدا التيار مؤمن بتحويل الحركة هذه إلى حزب. إن هذا التيار مازال يفكر بالعقلية التنظيمية الحزبية القديمة،فأغلب عناصره كانوا منضوين تحت لواء أحزاب يسارية أو قومية أو ماركسية،عملت على الساحة السورية في الفترة مابين السبعينات والتسعينات،في ظروف المنع والتضييق، أو ضمن إطار الجبهة الوطنية التقدمية الملحقة بالحزب الحاكم:ومن المعروف أن هذه الأحزاب محكمة التنظيم ومحددة الأهداف . ويتحدث هذا الاتجاه في الغالب حول نقطة انطلاق،تصاغ ضمن منطلقات نظرية،ومن ثم تحديد الهدف, الأهداف المرجوّة،ومن ثم بعد أن يكون قد حددنا المنطلق والهدف، نستطيع أن نرسم أو نحدد الآليات و الوسائل والأدوات للوصول إلى هذا الهدف المعلن منذ البداية،وهكذا ننتهي مرة واحدة ،إلى إنهاء وتحديد البرنامج، ونريح عقولنا،من هذه المشكلة لفترات طويلة..لكن ينسى الكثيرين من المؤيدين لهذه الطرح ، أن ذلك هو أحد أسباب الفشل الذي عانيناه في الماضي ومازلنا نعاني منه حتى الآن . فإلى حين تحقق هذا الهدف المحدد منذ البداية _والذي سيصبح مع الزمن بمثابة يوتوبيا،أي لامكان حسب المعنى اللغوي الإغريقي لكلمة يوتوبيا_ فإن الواقع سوف يبدل لبوساته ويغير أحواله بصورة تسبق الأهداف والبرامج الموضوعة بطريقة ملزمة وجازمة...وستكون النتيجة التراجع المستمر ونحن نتقدم في الزمن ، وبقدر تقدمنا هذا زمنيا" ، سوف يبتعد هدفا عنا ، إلى أن يتحول فعلا، إلى يوتوبيا.والنتيجة،سوف نغدو كعداء أثينا في سباقه مع السلحفاة،في مثال الفيلسوف اليوناني زينون، لاهثين مدافعين عن واقع لم يعد راهنا ،بل سبقنا وتجاوزنا بمسافات كبيرة. * التيار الثاني:وهو التيار الذي يلامس بطروحاته و أفكاره، التأويل الثالث لمفهوم البداية عند غادامير.هذا التيار يتبنى مفهوماً للمأسسة أكثر انفتاحاً وتطوراً ،وخاصة من جهة مفاهيم ما بعد الحداثة ومفهوم العقلانية المنفتحة والتداول المستمر وإعادة ترتيب الأولويات،وتغيير الاستراتيجيات المرسومة سابقا،تبعا لتغيير الأحوال وتبدل المعادلات.مثل هذا الطرح،لو عرض داخل أحزابنا العاملة على الساحة السورية،أو أغلبها حتى لا نظلم البعض،سوف يتعرض مناصريه، إلى شتى أنواع التهم التحريفية والهرطقة الفكرية.ويتضح هذا المعنى عندما نتحدث عن البدء وليس عن البداية.فالتعبير" بدئية الوجود"يشير إلى شيء لم يتحدد بعد بهذا المعنى أو ذاك،ولم يتحدد بعد اتجاه هذه النهاية أو تلك،ولن تتحدد بعد ملاءمته لهذا التمثيل أو ذاك.وهذا يعني انفتاحا على احتمالات عدة تبقى ممكنة في المستقبل...وربما يكون المعنى الحقيقي للبداية هو الآتي :أن يعرف المرء بداية شيء ما يعني أن يعرفه في نشأته الأولى ، يعني تلك المرحلة من حياة الوجود الإنساني التي لم تدرك فيها الخطوات التطورية العينية والواضحة بعد،فالشاب ينطلق من اللايقين ولكن في الوقت نفسه يشعر بالإثارة من الإمكانيات التي تكمن في المستقبل .ويقترح هذا المقياس للبدء ،حركة تنفتح أولا،ولا تتثبت إلا بتجسيد نفسها في اتجاه معين وبتجديد مطرد أبدأ*. بهذا المعنى يمكن أن نتحدث عن إعادة إحياء السياسة كفاعلية مجتمعة، وتاليا إحياء مجتمعاتنا عبر النقاشات و الحوارات الفكرية والمعرفية والمعاشته...فهناك بحث دائم عن الأهداف والسياسات والاستراتيجيات المتبعة ،لا يهدأ ،بدون تحديد غاية جوهرية وهدف للتدفق المليء بالاحتمالات إن الكمونية،هي على الدوام إمكانية الواقعية الحقيقية ،في حين أن الاحتمالية مفتوحة،بمعنى أنها تتجه صوب مستقبل غير محدد .وينهي غاداميير مناقشته، لمفهوم البداية بالقول،إن البداية ليست شيئا منعكسا بل هي شيء مباشر،و أنها مفتوحة على تجربة عينية ،ويمكن مقارنتها بفترة الشباب الحيوية...... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ • إنظركتاب ((بداية الفلسفة)) د.هانز جورج غادامير عن دار الكتاب الجديد (بيروت _لبنان) • مثلما يفعل حاليا المدفعون عن الحداثة والعقلانية والدولة القومية،والسيادة ،ضد مفاهيم ما بعد الحداثة .فهؤلاء أنفسهم كانوا المدافعين عن التقاليد والخصوصية ضد الحداثة المغتربة و العنصرية للغرب "الرأسمالي وإلامبريالي" و العنصري والاستعماري • ربما يكون هذا المعنى المناسب لوصف نشاط وحيوية هؤلاء الناشطيين في هذه الحركات الاجتماعية الجديدة ،فهم رغم تجاوز أغلبهم عتبة الأربعينيات أو الخمسينيات،فإنهم يشعرون بالنشاط والاندفاع الذي يشعر به الشباب وهو في مقتبل الحياة... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تكون أن تكونَ، للشاعر كيفورك تميزيان تكونَ وتعيشَ هذه العبوديةَ الطويلةَ.. أن تكونَ هذا الشائكَ اليائسَ، هذه الخلايا المكَّبلة، وتَنحَلَّ حلقةً إثرَ حلقة.. وتغدو مسكيناً. ألاَّ تكونَ !. أن تكونَ.. أن تكونَ.. أن تعيشَ هذه العبوديةَ دخاناً، أن تحبَّ قيودها، أن تنسجَ هذا السجنَ الُمشْمِسَ وتُغَنَّيه وتسكرَ فقط...كي تكون. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذكرى التسعون لمجزرة الشعب الأرميني
بقلم شربل شديان
حزينٌ هو الإنسانُ، وأنا أيضاً حزين. حزينٌ هو ابني.. ومن المحتمل، أن يولد حفيدي أيضا ًحزيناً.. _الشاعر كيفورك تميزيان _
في 24 نيسان 2005 تصادف الذكرى التسعون لمجزرة الشعب الأرميني، التي شملت الشعب الأرميني بكل طبقاته وفئاته.وهي ذكرى أليمة لأبناء شعب قاسوا ألم جرح عميق على يد النظام الطوراني العنصري بأبشع الصور في مشهد لا يحتمله العقل البشري.و لازالت قصص المجزرة يرويها الشهود العيان من الأرمن و السريان والكلدان الناجين من أبشع حرب إبادة شهدتها شعوب المنطقة في بداية القرن العشرين. في الذكرى التسعون نقف مع الأرمن السوريين لنضع أكاليل من الورود على أرواح المليون وثمانمائة ألف شهيد في المقابر الجماعية، في رأس العين وتل العبود و الشدادة والسبخة ومرقده وبراري دير الزور والرقة وشطوط البليخ و وادي الفرات .... إلى وان وزيتون وسيواس ومرعش و أرضروم وبتيليس وموش و عنتاب وجبل موسى وديار بكر و الرها وماردين ... حيث اجتاح العسكر والمجرمون البيوت والمدارس والكنائس والأديرة وأعملوا فيها النهب والحرق وهتك الأعراض.مطلقين صيحات النصر في حربهم على الأطفال والنساء والعزل و رجال الدين وإذ نقف احتراماً لهذا الشعب الذي استطاع أن يستعيد أنفاسه ومقوماته الثقافية الحضارية،فإننا نؤيد مطالبه في : 1-اعتراف النظام التركي بالمظالم المرتكبة بحق الشعب الأرميني والسرياني والكلداني 2-إعادة الحقوق غير منقوصة لأصحابها فذلك أمر بديهي في عرف جميع الشعوب الرامية للسلام والعدالة و الحرية.
#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوطن في خطر دعــوة الى حـوار وعمــل انقـاذي مشتـــرك
-
العدد 25نشرة الآن
-
نشرة الآن- العدد 24
-
الآن
-
الآن العدد 22 / تشرين الأول 2004
-
الآن – العدد 21 – أيلول 2004
-
حزب العمل الشيوعي في سورية يتقدم بورقة حوارية وموقف من -الور
...
-
-بيان- حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
-
- ورقة دعوة- من أجل المساهمة الندية والديموقراطية
-
أهلاً بالرفيق عماد شيحا معنا وأهلاً قريبة بالرفيق عبد العزيز
...
-
نداء بصوت أعلى من أجل تطوير حركة المعارضة الديمقراطية
-
بيــــــان حول أحداث القا مشلي من حزب العمل الشيوعي في سوريا
-
بيان
المزيد.....
-
-الغابة الخرسانية-.. صور ستجعلك ترى أشهر معالم دبي بعيون جدي
...
-
بذكرى 7 أكتوبر.. عائلات الرهائن تطلق صفارات الإنذار لمدة دقي
...
-
كيم غطاس لـCNN: اللبنانيون يُعاقبون على خيار لم يتخذوه.. وحز
...
-
إصابة شخصين على الأقل بشظايا صواريخ أطلقتها -كتائب القسام- ع
...
-
-استهدف قاعدة عسكرية-.. فيديو يظهر صاروخًا لحزب الله يضرب مد
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا بالإخلاء والتوجه إلى ما بعد نهر
...
-
بعد شائعات عن اغتياله.. إيران: قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني
...
-
زعماء يتفاعلون مع الذكرى الأولى لهجمات 7 أكتوبر
-
ماذا نعرف عن منشآت إيران النووية؟
-
هل ينافس الذكاء الاصطناعي البشر على جائزة نوبل المرموقة؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|