أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - الآن – العدد 21 – أيلول 2004















المزيد.....



الآن – العدد 21 – أيلول 2004


حزب العمل الشيوعي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 996 - 2004 / 10 / 24 - 12:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


فلنناضل من أجل:
1- الغاء احتكار السلطة، وقيام نظام ديموقراطي معاصر لكل المجتمع.

2- قيام أوسع جبهة عمل ديمقراطي علني وسلمي.

3- مقاومة إسقاط المخططات الأمريكية والصهيونية.

4- حزب يساري من طراز جديد.

نشرة غير دورية تصدر عن حزب العمل الشيوعي في سورية
[email protected] العدد الحادي والعشرون - أيلول 2004


1- افتتاحية الآن (أهلاً بالرفيق كمال لبواني معنا في "الحرية" )
2- موقفنا في الورقة السياسية لوحدة الشيوعيين السوريين.
ورقة لوحدة الشيوعيين أم لتكريس حالتهم؟!
(القسم الأول)
3- هموم وطنية /محمد طيباني/ حماه وحوار مكثف لهيئة التحرير.
4- عن الوحدة الوطنية /شفيع قره/درعا.
5- حوار مكثف مع السيد شفيع قره/ هيئة التحرير.
6- ذاكرة الانتقام /ناصر حمد/ درعا.
7- احتمالات الصراع الأمريكي السوري وموقع المعارضة الديموقراطية/فاتح
جاموس/.
8- الإصلاح السياسي في سورية (ندوة ) صفوان عكاش.

الافتتاحية
أهلاً بالرفيق كمال لبواني معنا في "الحرية"
صباح الخير دكتور كمال: نرحب بإطلاق سراحك وولادتك الجديدة ... وأي سجين
رأي آخر. نرحب بك الآن وأنت في حضن وادي الزبداني، على سفحه الشرقي ترقب
المدى، يستحيل عليك أن تركز على نقطة جمال واحدة... تقفز فرحاً معوّماً من
نقطة لأخرى.. هازاً رأسك بين صورة وذكرى ذهنية من ذلك الجحيم .. وصورة حسية
نقيضة من الحياة حولك.. بين لحظات دخول عالم الجحيم، التحقيق ، الزنزانة..
المحاكمة.. ثلاث سنوات "حافلة" بآلاف التفاصيل القمعية المستغربة في عالم
اليوم... رفاق وأصدقاء بقوا في منعزلاتهم مع مصائرهم المحتملة.. وكل ما
جمعك معهم من قناعات وآمال لفعل شيء من أجل الوطن.. بينما الآن يلفك عبق
الوادي.. وعيناك تعبر يومياً مئات المرات على التفاصيل الساحرة .. على ذلك
القوس الجبلي المحيط بالوادي من كل جهاته.. على بحيرة نبع بردى.. على
الأشجار الخريفية الحنونة.. وحولك الأسرة والأصدقاء الحميمين.
لقد مر قبلك الآلاف بل عشرات الألوف إلى تلك المعتقلات المجنونة. وهاهم
يخرجون مجموعات وفرادى... أمضوا فترات أقصر وأطول.. ها هو بعضهم لا يزال
يحاول أن يلغي بعض سنوات أو أشهر أو أيام.. وكيف يستطيع ذلك أمثال هيثم
نعال.. وفارس مراد. وآخرهم وأكثر من أمضى سنوات في المعتقل عماد شيحا.. ولا
يزال في تلك المعتقلات كثيرون مئات من المعتقلين القدماء، من أواخر السبعينات
وأوائل الثمانينات.. من التيار الديني وبعث العراق. من الفلسطينيين
واللبنانيين.. ومئات من المعتقلين الجدد من الأكراد.. أو اتجاهات أخرى في الحركة
الدينية.
ونتذكر هنا رفيقنا عبد العزيز الخير الذي اعتقل بدءاً من شباط 1992... مع
قطع تام لزيارته منذ حوالي سنتين.. دون أن يعرف أحد أساساً أسباب بقائه
في المعتقل وحيداً من حزب العمل الشيوعي ودون أن يعرف أحد أسباب كل هذا
الحقد والدوافع الثأرية في إبقائه أو قطع زيارته.
نتذكر هنا أيضاً بعضاً ممن اعتقلتم سوية قبل ثلاث سنوات.. الدكتور عارف
دليلة.. الذي حكم عليه بعشر سنوات.. تصوروا في بداية القرن الحادي والعشرين
عقوبة سجن ومنفردة عشر سنوات مع حالة مرضية مهددة بالنسبة للدكتور عارف
ولا حياة لمن تنادي.. نتذكر الدكتور وليد البني.. حبيب عيسى.. تللو..
ونائبان من مجلس الشعب .. نعم صدقوا ذلك.. إنهما رياض سيف.. وحمصي.. نائبان نجحا
بداية على قائمة السلطة.. ثم ربما أرادا أن يعملا كما تقول لهما قناعتهما
... بصورة مستقلة.. بذلك كفرا بالسلطوي الدارج والمفروض..
نتذكر مهند الدبس ومحمد عرب.. مع متابعة محاكمتهما.. وعدم تعامل الأجهزة
والسلطة معهما ومع بقية المعتقلين بالمثل وإطلاق سراحهم بكفالات كما جرى مع
السيد أكثم نعيسة الذي نرحب أيضاً بإطلاق سراحه وعودته للعمل في ميدان
حقوق الإنسان والنشاط السياسي.
صحيح أن أشياء كثيرة قد تغيرت في سورية في ميدان القمع الجسدي.. صحيح أنك
دكتور كمال ومن اعتقل معك قد اهتم بكم العالم سريعاً خلال ساعات.. من
منظمات حقوق إنسان، شخصيات ديموقراطية وإنسانية عالمية.. حتى العالم الخارجي
بمستوى الدول.. صحيح أن التعذيب وفنونه الفظيعة القديمة لم تطبق عليكم..
صحيح أنكم قد قدمتم لمحاكمة بسرعة.. بوجود محامين ومتضامنين على أبواب
المحاكم وداخلها.. وكلها أشياء جديدة في الوطن.. على الرغم من كل ذلك.. فإن ما
جرى معكم يعتبر شاذاً بالمقارنة النسبية على وضع أي بلد في العالم.. ما
جرى معكم يعتبر قمعاً قاسياً في هذه الأيام.. يعتبر ضاغطاً على الروح والجسد
والحركة السياسية.. يعتبر مدمراً.. يعتبر لعباً خطراً من الأجهزة بأرواح
المعتقلين ويجري قصداً لضبط الحراكات والاستمرار باحتكار السلطة بدون أفق
لضمانات قانونية وسياسية، الوحيدة الكفيلة بإمكانية فتح السياق والسماح
للوطن برفع وحدته الوطنية ومواجهة التهديدات الجادة لإعادة صياغته في صالح
الأهداف الأمريكية غير الصادقة.. غير الأخلاقية..
هذا ما نقوله عن الاعتقال "المعاصر" ! "الجديد" ! في سورية.. ماذا نقول عن
بقايا الاعتقالات والمرحلة القديمة والجهنمية.. ماذا نقول عن استمرار تلك
الآثار وأهداف السلطة منها.. وموقع كل ذلك مما يجري ديموقراطياً وإنسانياً
في العالم ؟!
هل هذا قدر مكتوب علينا. وباقٍ إلى الأبد..؟ من يعتقد ذلك واهم.. مخطئ ..
رأسه وذهنه مقلوبان.. يسير عكس حركة التاريخ.. التي تؤكد الحتمية المطلقة
لانتصار الديموقراطية قريباً جداً في كل مكان.. وهنا في الوطن.. ها نحن
نستعيد عافيتنا.. مجتمعاً وشعباً.. ومعتقلي رأي بعد استعادة حريتنا واحداً
تلو الآخر.. قوافلنا تتزايد في معترك الحرية.. وأعدادنا تتناقص بتسارع شديد
في ظلمات المعتقلات.. تلك المعتقلات التي تغلق بقوة التطورات.. ألسنا
جزءاً عضوياً من قوى العالم الحرة.. التي ترسم قدراً جديداً لا راد له؟! ألم
يحن الوقت بالنسبة للنظام والسلطة والأجهزة ليتعاطوا مع مسألة الاعتقال
والمعتقلين على الأقل من منظور المنفعة إن لم يكن من منظور مصلحة الوطن
وتخفيف شروط الثأر والأحقاد بطي ملف الاعتقال بكل نتائجه وآثاره وإعادة
الاعتبار والحقوق لأصحابها..
"هيئة التحرير"
___________________________________________________________________

موقفنا في : "الورقة السياسية لوحدة الشيوعيين السوريين"(القسم الأول)
ورقة لوحدة الشيوعيين؟ أم لتكريس حالتهم؟!
أولاً: أسس الحوار التي نعتمدها مع الورقة:
سنقارب الورقة في الميادين الشاملة لفهمها أولاً كما قدمت ذاتها، كما
تريد، لا كما نريد نحن. وبعد ذلك سنحاورها وهكذا:
- لن نعتبر الورقة بحد ذاتها مرجعية للتحليل النظري الاقتصادي، الاجتماعي،
السياسي المعمق. نقدر أنها ذات طابع تقريري مكثف.. ونعرف أن أساس الموقف
قد جاء في أوراق أخرى قرأناها جميعها بقدر ما يمكن من الدقة. وسنجد أنفسنا
مضطرين عند التحليل أن نعود إلى تلك الأوراق والكلمات التي قيلت في
المؤتمر الاستثنائي الأول وفي الاجتماع الثالث للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين
السوريين.
- إذن هذه المادة التقريرية المكثفة تستدعي رداً أو مادة أكثر اتساعاً
منها.. ذلك عند الحفر عليها وعرض حقيقتها.
- سنهتم في حوارنا بإطار الورقة، بالتاريخ الخاص لصياغتها، بالبنية
والتركيبة التي أنتجتها، والتي حددت نهجها ومحتواها، ومجمل النتائج السياسية
الواردة فيها.
- لن يتوقف موقفنا عند عملية النقد الرفاقي بجانبه "السلبي إن صح التعبير"
بل سنحاول تحديد كل ما نتفق فيه معها من جهة (الجانب الإيجابي في النقد
الرفاقي) ومن جهة أخرى سنطرح الموقف المتجاوز كمساهمة إضافية هدفها الرئيسي
من جهتنا متابعة جهدنا في مسألة (بناء حزب يساري من طراز جديد)، هذه
المسألة التي تعمل عليها أطراف عديدة " يسارية" بطرق، ومناهج وسياقات ومفاهيم
مختلفة. قدمنا بعض تراكم أثناء حوارنا مع موضوعات رفاق "المكتب السياسي-
الرأي" كل ذلك في إطار فهمنا وتصوراتنا للمسار الندي، غير الاستعلائي،
والديموقراطي الذي نحاور الآخرين عليه. لنقوم جميعاً بإنجاز خطوة التراكم
البدئي فيها.. وشرحنا الأمر هذا في العدد عشرين من نشرتنا (الآن) لخلق عملية
تفاعل تشاركي وتنظيم نتائجه والتقدم في السياق الصحيح لهذه المسألة الهامة.
ثانياً: ملاحظات في الإطار والتاريخ الخاص للورقة:
حددت الورقة ذاتها، أهدافها، والطريقة التي تولدت فيها كما جاء في المقدمة
ص1 على الوجه التالي:
- "أقر الاجتماع الثالث لوحدة الشيوعيين السوريين المنعقد بتاريخ
19/12/2003 مشروع الورقة السياسية التي بدأ النقاش حولها منذ الاجتماع الوطني
الثاني بتاريخ 18/10/2002"
- " مجمل النقاش شارك فيه مباشرة أكثر من 1400 رفيق"
- "ذلك الحوار الرفاقي الذي جرى على مساحة الوطن، وضع بداية النهاية لحالة
الصراع الداخلي ورفض الآخر، وتوزيع الاتهامات بين المختلفين بالرأي،
وتبرير نزعة الانقسام والتصفية، كما دفع الشيوعيين إلى حالة جديدة غير مسبوقة
تؤمن مقدمات ضرورية للتوحيد"
- " تبين من خلال النقاش، أن القضايا المتفق على نسبة كبيرة منها هي
القضايا الآنية، أي القضايا السياسية الملحة".
- "هذا كله يطرح أمامنا قضية جدية، هي المسعى التوحيدي اللاحق".
- "وانطلاقاً من هذه الرؤية تم الوصول إلى رأي مفاده أنه يجب صياغة ورقة
سياسية بشكل مكثف تجمل الحوار الجاري.. ورقة تحدد القواسم المشتركة بين
الشيوعيين السائرين على طريق وحدتهم".
- "إن موضوعات الورقة السياسية هي بمثابة مشروع لورقة مستقبلية هدفها
تحديد المهام الآنية. مما سيفتح الطريق لصياغة برنامج موحد للشيوعيين
السوريين" انتهى.
كيف ننظر بدورنا إلى هذه المسائل، وعلاقتها بالنهج الذي صيغت به الورقة،
ثم علاقتها بالموضوعات كذلك ما سمي بالمهمات السياسية الملحة أو الآنية
المشتركة؟ ثم دور الورقة في إمكانية فتح الطريق لصياغة برنامج وحدة الشيوعيين
السوريين؟
1- بمتابعتنا الدقيقة الجادة لمشروع الرفاق من البدايات عندما كان توجهاً
أولياً بسيطاً مرافقاً لعملية التنازع التنظيمي الداخلي (الفصل، الترك،
الاحتجاجات الواسعة ومحاولة تكوين رأي عام لوقف العقوبات الردعية والمحافظة
على وحدة الحزب) ويجب الاعتراف أنهم بذلوا جهوداً كبيرة لوقف التنازع،
إلاَّ أنها ضاعت وبدأوا ردود فعلهم بدورهم على القيادة، من حينه لاحظنا أن
ردود الفعل لا تقوم على أساس سياسي، برنامجي مختلف أو متمايز عن الحزب الأم
أو على أساس من حاجات الواقع الموضوعي. بل جاءت ردود فعل في الميدان
التنظيمي، (وإلاَّ ما معنى الإصرار بداية على استمرار الوحدة) ثم تطورت ردود
الفعل تلك أمام صلف القيادة، جمودها، جنون عظمتها، إصرارها على متابعة نهجها
الاتهامي والتصفوي ودفع الآخرين إلى الترك.. التكتل.. والانقسام.
الآخرون، أو ما عرف بتيار قاسيون، انطلقوا من وضع معوَّم، غير محدد، من
حالة "اللامشروع" إلى وضعية التفكير بالدفاع الرد فعلي، المتماسك، وتابعوا
الانتقال التدريجي إلى مشروع يحاول التعبير عن الحالة بجماعها، بدأوا عشرات
من الكوادر، عدد محدود في سوية الصف القيادي الأول للحزب أو البقية من
سويات أخرى. تلك التركيبة لم يعرف عنها أبداً ذات توجه سياسي- فكري خاص
ومتميز داخل الحزب، حتى لم يعرف عنها أنها بمثابة "الأقلية" بحسب المفاهيم
الأكثر بساطة لمعنى الأقلية. أي كانت امتداداً عضوياً مندمجاً بعمق بنهج
وطريقة تفكير الحزب، بمفهوماته، برنامجه وخطه السياسي.. ونعتقد باستغراق أن ذلك
لابد قد عكس نفسه "طبيعياً" "قانونياً" على المشروع اللاحق باتجاهه
الرئيسي، والسمات الحاسمة فيه، انطلق ذلك، رسم الأمر وحدده. كما سيستمر لزمن غير
محدد ما لم تحصل تطورات كبيرة على الصعيد الموضوعي ليتفاعل المشروع
"ذاتياً" معها. بآليات واستهدافات ثم نتائج مختلفة.
- إن تركيبة الرفاق بوضعية انعدام التمايز السياسي أولاً.. كانت مشبعة
وعياً بأن أزمة الحزب الأم هي أزمة تنظيمية (وها هو فأس القيادة لا يزال
منغرزاً في رأسهم). الانقسامات المتكررة حتى بعد الانقسام السياسي الكبير
وخروج تيار المكتب السياسي، ثم عمليات المغادرة والترك الإحباطي بصورة دائمة،
كذلك عمليات " التطفيش والتتريك" بالعقوبات القيادية الردعية التصفوية
وردود الفعل التنظيمية المقابلة عليها.. فاعتقد الرفاق كما ثُقفوا أو أفهموا
تاريخياً أن المعالجة التنظيمية كفيلة بتجاوز الأزمة المستعصية..كفيلة
بخلق اختراقات جادة داخل جميع الفصائل التي جاءت من الحزب. فالأزمة ذات وجه
واحد ووعيها متقارب عند الجميع وردود الفعل عليها ستكون متشابهة، كفيلة
بالتالي بخلق حالة تعبوية عالية وطاقة. توجهها الرئيسي مرة أخرى مرتد نحو
الحزب. العودة إلى الحزب. لجمع الحزب المأزوم. بحيث لم يكن عبثاً أو صدفة
اختيار شعار وحدة الشيوعيين السوريين الذي عنى بالمطلق بداية الفصائل التي
تركت الحزب.. والمئات من التاركين له. ممن يقفون أفراداً ومجموعات صغيرة
متناثرة على رصيف الأزمة. فجاءت الوثيقة الأولى "وثيقة الشرف.." حاسمة في تلك
الدلالات. كان ذلك وعياً صادقاً وطبيعياً عند عموم الرفاق. كما كان مخرجاً
لقيادة تيار قاسيون كي يبلور ذاته في حال انكشاف وهمية الشعار والأهداف
وتصورات المخرج من أزمة الحزب وانكفاء الكثير من المدعوين إلى المشروع.
باتخاذهم للموقف الطبيعي المستقر.
- كانت هناك استحالة في أن يطرح التيار نفسه من البداية كفصيل شيوعي جديد
ومستقل. فعمليات التفاعل التنظيمي على العقوبات لم تنته بعد، والطاقم
القيادي يعرف بوعيه أن المختار للعملية (وحدة الشيوعيين كوحدة لفصائل الحزب)
يستحيل تحقيقه. خاصة عملية جمع تيار المكتب السياسي مع فصائل الحزب
الأخرى.. أو جمع فصيلي (يوسف ووصال) إذن من الواضح أن عمليات تأثير المشروع
ستتوقف عند المتأثرين بالأزمة الأخيرة وردود الفعل عليها . كذلك عند قسم من
التاركين. كل ذلك دفع لتحديد المشروع بداية أنه مشروع حواري مفتوح، يعمل،
يهيئ ، يحفز من أجل وحدة الحزب!
- إن التركيبة المعنية هي التي صاغت الورقة أو الوثيقة الأولى.. دون أي
دعوة دون أي لحظ أو تذكر لأي فصيل شيوعي أو يساري آخر لا من داخل الحزب الأم
ولا من خارجه. من أجل الحوار المشترك والندي حول الفكرة والشعار، حول
المحتوى والوسائل. قيادة التيار حددت النهج، الفهم. الخطوات. هكذا لم يكن هناك
في الوثيقة الأولى من شيوعيين سوريين سوى الفصائل المنشقة عن الحزب الأم
والتاركين له.. وتأكيداً لذلك وجهت ثلاث رسائل رسمية لثلاث فصائل فقط.
بغاية الحوار على محتوى الوثيقة الأولى، ثم الاندماج وتحقيق وحدة الحزب
مجدداً. وجهت رسائل إلى أحزاب الحزب الشيوعي السوري (يوسف فيصل) (وصال فرحة)
(المكتب السياسي) . بالطبع فعل الطاقم القيادي ذلك على الرغم من معرفته
الأكيدة والناضجة لمصير الدعوة لمثل هذه الخلطة . وفي المقابل لم يوجهوا أي
دعوة حوار رسمي إلى أي من الفصائل والمجموعات الشيوعية والماركسية التي نشأت
وتولدت من خارج الحزب الشيوعي. فلم يهتموا بحزب العمال الثوري. ولم يهتموا
بحزب العمل الشيوعي. مثلاً. مع أن كلا الحزبين في حينه كانا في وضعية
النشاط الفعلي.
- أمام فشل الرفاق في تحقيق "وحدتهم" المستحيلة للحزب (قيادات وقواعد)
بسبب الإجابات أو عدم الإجابات وعدم الاهتمام الذي تلقوه.. طوروا حقيقة
شعارهم إلى ما سيعني (وحدة القواعد والتاركين من الحزب) مع تطوير جزئي بالكاد
أمكن لحظة تجاه الفصائل الشيوعية المعارضة من خارج تاريخ الحزب. وهنا يمكن
التأكيد أن الجهد الذي بذل قد تركز أو اقتصر على شد الحالات التي تركت
أحزاب المعارضة، فعلياً على موقف سياسي إصلاحي أو ما دونه، تتقاطع مع خط
الحزب الشيوعي. أو شد الحالات التي لها مشاكل أو أزمات فردية مع فصائل
المعارضة تلك. وفي كل الأحوال كانت حالات قليلة ولم تمثل أي اختراق جدي لتلك
الفصائل. ثم تابع الرفاق العمل على مشروعهم بصورة "ذاتية" تماماً.. فتشكلت
اللجنة الوطنية وتطورت من منظورهم الذاتي.. غير الندي وغير الديموقراطي وغير
التشاركي المنسق مع الفصائل الشيوعية المعارضة. فلم يدعَ أي فصيل منها
ليتمثل رسمياً باسمه في اللجنة. ولم تجرِ أي عملية تطوير لاحق أو تصويب
للأخطاء التي وقعت فيها اللجنة من ذلك المنظور. فبقيت لجنة خاصة بالرفاق
والحالات الفردية القريبة من مفاهيمهم السياسية والتنظيمية أو من يعتقدون أنه
كذلك قبل معرفة موقفه بدقة.
- اتضح أن دعوة الرفاق بادية بتلك المفاهيم والطريقة. فتحول الأمر إلى
ضرورة في تأمين الحاجات التكنيكية لتحدي حالتهم. فتابعوا إنتاج "أوراقهم"
للإجابة على التساؤلات الضرورية في تكوين فصيل شيوعي يصطف ترادفياً مع
الفصائل الأخرى.. أو إلى جانبها. مجرد رقم . هكذا وصولاً إلى إنتاج ورقتهم
السياسيين وإعطائها طابعها.. حددوا شكلها، نهجها، محتوى موضوعاتها.. والمهام
الآنية فيها.. بذلك غدت ورقة لوحدة شيوعيين موصوفين، محددين. لا فصائل الحزب
الأم... ولا الفصائل الشيوعية المعارضة.. هذه هي الملاحظة الأولى التي
خلقت إشكالاً هاماً للورقة وهدفها المعلن.
مضى الرفاق في خطواتهم ليؤكدوا ذلك.. بل ضيقوا بصورة إضافية وشديدة على
مشروعهم المعلن .. ففقدوا المؤتمر الاستثنائي الأول والاجتماع الثالث
ليتخذوا قراراً بوضع حد أو نهاية زمنية لإنجاز وحدة الشيوعيين السوريين فجاء في
البلاغ الصادر عن أعمال المؤتمر الاستثنائي "اعتبر المؤتمر نفسه بحالة
انعقاد دائم ليفسح المجال واسعاً أمام عملية توحيد الشيوعيين السوريين. وكلف
المؤتمر بنهاية أعماله هيئة رئاسته بصلاحيات القيادة المنصوص عليها في
المادة 23 من النظام الداخلي وبتنفيذ قراراته وتوصياته بما فيها الدعوة
لاستكمال أعماله في غضون عام. أي في عام الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب"... هكذا
إذن فسنة كافية من منظورهم لإنجاز الوحدة.. فعلوا كل شيء ولابد أن
الشيوعيين "الحقيقيين" التحقوا وسيلتحقون بالمشروع.. وبقي زمن قصير (أقل من ثلاثة
أشهر) ليكون الشعار قد تحقق.. ونستطيع بذلك تصور حقيقة هذه الوحدة.. خاصة
وأن منهج الرفاق في اللجنة الوطنية ممارساتها وآليات عملها بعلاقاتها مع
الأطراف الأخرى لم تتغير بصورة جادة.. على الأقل كما نعرفه في إطار علاقتنا
الثنائية الرسمية. تقدمنا بعدد من المقترحات مثل انضمامنا كحزب وكحق كامل
لنا.. كجهة اعتبارية إلى اللجنة.. كما طالبنا بحقنا من جريدة قاسيون مقابل
حق الرفاق المفتوح من جريدتنا (الآن) .. وبعض أشياء أخرى.. حتى الآن لم
نتلقى أي جواب.. بل نرى سلوك الرفاق أكثر محافظة وتراجعاً*.. من جهتنا كنا
نتابع مشروع الرفاق خطوة خطوة باهتمام عالي.. وفي العديد من الندوات
واللقاءات حاورناهم وقلنا أن وحدة الشيوعيين لها جدلها الخاص بسبب ذلك الانقسام
والتشتت من جهة النظام والمعارضة.. هناك اتجاهين سياسيين على درجة عالية
من الاختلاف والتناقض في المفاهيم والمواقف.. كذلك بسبب الحالة الاجتماعية
- الطبقية والبحر الشاسع من الفئات العينية أو الوسطى.. وأكدنا أن الوحدة
هي أولاً عمل (نظري - سياسي).. هكذا هناك وحدة ووحدة.. وحدة لهؤلاء
الشيوعيين.. وأخرى لأولئك ممن يمكن توحيدهم في كل مرة والمطلوب في الأساس تحديد
ذلك الجدل والسياق والأطراف التي يمكن أن تشترك بالعملية وأسباب ذلك
القائمة في المفاهيم المتشابهة والبنية والبرنامج والأهم الإرادة لوضع كل ذلك
في سياق الوحدة.. قلنا للرفاق أن مشروعهم من البداية هو مشروع ذاتي.. منحصر
في حاجاتهم الذاتية التي بدأت دفاعية ورد فعلية على القيادة.. ثم يتحولوا
إلى فصيل، مجرد فصيل إضافي لا شيء مهم يميزه سياسياً وبرنامجياً.. بالتالي
لا يمثل تلبية لحاجة موضوعية.. قلنا أن هناك قوانين عامة تلعب دوراً
حاسماً في تشكيل أو بناء فصيل شيوعي ثوري جديد.. يقوم الأمر على بحث عميق
للواقع الموضوعي وحاجاته.. وعلى بحث دقيق في واقع الفصائل الأخرى وموقعها من
هذه العملية. بدلاً من كل ذلك اختزل الرفاق مشروعهم.. من مشروع حواري
مفتوح. .ليتحولوا إلى فصيل برقم كغيرهم.. قلنا للرفاق أن مشروعهم بدأ بصورة
متعالية وغير ديموقراطية وغير تشاركية فعلياً مع الفصائل الشيوعية واليسارية
الأخرى.. من الفكرة الأولى والوثيقة الأولى.. وها هم يتابعون ذلك في
الاتجاه الرئيسي والخطوات الأساسية.
2- علينا أن ننظر إلى عملية الاشتراك المباشر لأكثر من 1400 رفيق شيوعي في
الحوار لإنتاج الورقة السياسية بتهيب، بحذر وتنبه كما باحترام.. وأخيراً
بدقة نظرية وسياسية مناسبة إذ نفترض أن جهوداً كبيرة قد بذلت، أن وعياً
جماعياً قد نظم نفسه. وعبر عنها بمفاهيم وأهداف. وكل ذلك يؤثر على الورقة في
كل شيء. وتحضرنا مجموعة من التساؤلات والاستنتاجات.
أ?- هل يمثل العدد 1400 مجموع الرفاق الذين اشتركوا "تمثيلياً" في المؤتمر
الأول الاستثنائي أم اشتركوا بهذه الصفة في الاجتماع الثالث للجنة
الوطنية.. أم اشتركوا فحسب من دون تحديد دقيق لخلفياتهم التنظيمية والسياسية (أي
مجرد عملية إحصاء لمن حضر الندوات الموسعة مثلاً).. كل ذلك غير واضح .
ولهذا معنى.
ب?- إذا كانوا قد اشتركوا في النقاش فحسب، فلماذا لم يتمثلوا في الاجتماع
الثالث.. وإذا كانوا قد تمثلوا فإن آليات الموضوع في إقرار الورقة ووجودهم
غامضة، وفي كل حالة هناك تأثير ومعنى مختلف تجاه الورقة.
ت?- هل يمثلون بجزء هام منهم اختراقاً فعلياً للفصائل الشيوعية المختلفة
في جبهة النظام أو المعارضة.. وللإجابة في الحالين معنى هام.
ث?- في البلاغ المتعلق بأعمال المؤتمر الاستثنائي جاء " افتتح المؤتمر
الاستثنائي بحضور مندوبي منظمات الحزب كافة ... طالبت بعقد المؤتمر
الاستثنائي لحل الخلافات الناشئة و تمثل 56.2% من تعداده عشية المؤتمر التاسع بناء
على المادة 22 من النظام الداخلي..".. ويحق لنا أن نستنتج أن تلك النسبة
تتعلق بعدد مختلف عن 1400.. أقل منه.. كما أنهم ليسوا من التاركين قديماً..
يفترض أنهم من ذوي الوجود النظامي الشرعي المثبت في حينه ولهذا معنى
كبير.. إذ أن المحسوبين على شرعية انعقاد المؤتمر هم من الحزب الأم.. ولا علاقة
لهم بأي فصيل آخر.. وهم شيء مختلف عن التاركين (وإلاّ لا معنى لحسابهم
كقرينة على الشرعية).. نستنتج من كل ذلك أن الرفاق الممثلين لنسبة 56.2.. ذوي
بنية تنظيمية، نظرية، سياسية متقاربة كثيراً أو متآلفة، تسمح وسمحت لهم
بتوليد هذه الورقة السياسية غير المتميزة بشيء مهم عن حزب بكداش (الأم).
ج?- من جهتنا ولطالما لم نلحظ أراءً مختلفة تعبر عن أقليات في أي من
الأوراق.. وهنا الورقة السياسية.. فإننا سنعتبر الكتلة، أو العدد الذي ساهم في
إنتاج وإقرار الورقة، وليس المجموع الذي شارك في الحوار (بسبب الفارق
الهام بينهما).. سنعتبرهم في سوية متقاربة من حيث الوعي دون أن نميز كثيراً
بين قيادات وقواعد.. نعتقد أننا أمام نخبة متشابهة.
إن اعتبارنا ذلك لا يعني أبداً أن الكتلة المعنية مغلقة، جامدة، وصلت
الحدود القصوى في تطور وعيها وموقفها النظري، السياسي، التنظيمي... بل نرى
بالحالة الانتقالية للوطن السوري.. وبقاء التعددية الشيوعية واليسارية.. كما
بسبب دينامية وصدق تيار مهم داخل المشروع وبسبب وسائل الرفاق وإمكاناتهم
المختلفة الجيدة.. وأخيراً بسبب ضرورات استقرار المشروع على مسائل متميزة
محددة.. لكل ذلك نعتقد أن هناك امكانات فعلية لتطوير المشروع.. حتى قبل أن
تنتهي الأشهر القليلة القادمة وتنتهي فترة العام التي حددها الرفاق لتحقق
وحدة الشيوعيين.. كنا ولا نزال نعمل بصورة رفاقية صادقة ليلغي الرفاق
قرارهم ويعودوا إلى المشروع الحواري المفتوح.
3- هل صحيح أن ذلك الحوار الذي اشترك فيه أكثر من 1400 رفيق. وأنتج تلك
الأوراق ومشروع وحدة الشيوعيين قد وضع، بداية النهاية لحالة الصراع
الداخلي.. ورفض الآخر وتوزيع الاتهامات بين المختلفين بالرأي، وتبرير نزعة
الانقسام والتصفية، كما دفع الشيوعيين إلى حالة جديدة غير مسبوقة تؤمن مقدمات
ضرورية للتوحيد".
-نحن لا نعتقد ذلك أبداً.. وهذه الأقوال تمثل امتداداً لخطاب شيوعي رسمي
قديم.. يمثل خطاباً لما نسميه في شرقنا الإسلامي " بالفرقة الناجية" .. لقد
نسي الرفاق أو تناسوا أنهم جاؤوا أو تشكلوا من حلقة انقسامية جديدة في
الحزب الأم.. وأنهم رفضوا بدورهم عملية الانضمام القيادي، أو الفردي.أو
الجماعي إلى أي فصيل آخر من الحزب الأم.. بشكل خاص الفصيل الذي لم يتولدوا منه.
أو غير مختلفين معه سياسياً.. ومثل ذلك متوفر تماماً فاتجاه يوسف فيصل على
الأقل كان جاهزاً لذلك وشروطه لم تكن تعجيزية.. عوضاً عن ذلك اعتبر الرفاق
أنفسهم أصحاب مشروع توحيد.. بل دعوا الآخرين إلى مشروع صمموه بأنفسهم وعلى
قد حاجاتهم.. بل ردوا بشروط تنظيمية أو ردوا على دعوة اتجاه فيصل بشروط
(شروط على شروط).. ربما يعرفون قياداتهم أحسن منا.. لكنهم مع ذلك لعبوا بنفس
الآليات في نفس الملعب لعبة قيادتهم ذاتها.. كل ذلك خارج حاجات الواقع
الموضوعي.. وبدون تميز سياسي وبرنامجي مهم. لو كانت أقوالهم صحيحة لكان من
واجبهم تخفيف العوامل الاشتراطية أو الوصول بها إلى الحدود الدنيا كي لا
يتحولوا إلى فصيل.. نعتقد أن خيار التحول إلى تيار أو أقلية داخل (اتجاه يوسف
فيصل) كان خياراً مناسباً أو موضوعياً.. خاصة وأن علاقة الرفاق مع
التيارات والفصائل الشيوعية واليسارية في المعارضة كانت محافظة أو باردة وتفتقد
للحد الأدنى من الجرأة.. كما خضعت لحسابات سياسية إصلاحية.. ولم تقم على
الندية والتشارك والسلوك الديموقراطي في مشروع يفترض أنه يخص أطرافاً
عديدة.. بل نعرف جيداً أن تياراً فاعلاً في وسط الرفاق كان ولا يزال ضد أي علاقة
مع الأطراف الشيوعية المعارضة. إن التطور الجزئي في العلاقة مع بعض
الأطراف والتي أقدم عليها تيار قاسيون لاحقاً جاء بعد أن طور التيار عصبياته
التنظيمية الخاصة.. أي بعد الاجتماع الثالث والمؤتمر الأول.. مما يجعل
التنسيق والتطوير أكثر صعوبة لخضوعه لحاجات المشروع الذي تحدد الآن بقرارات
"وأزمان" لتنفيذها ولم يعد مفتوحاً كما جرى الحديث من قبل.
كل هذه الملاحظات تجعل ادعاءات الفقرة هشة.. ونسأل على أي شيء يعتمد
الرفاق في استنتاجهم أنهم آخر خط الانقسام والتشهير والقمع الداخلي.. هل بسبب
عمق العلاقات والوعي الديموقراطي بينهم وهم الذين لم يمر على تركهم حزب
بكداش إلاَّ أياماً، مجازاً" .. ولم يتخلصوا بعد من الامتداد العضوي للحزب
الأم وما هو معروف عنه من القمع التنظيمي الداخلي.. التشكيك والتشهير
والاتهام.. كما أنهم لم يتمرسوا بعد لنقول ما يكفي كي يداروا مشروعهم وعلاقاتهم
بالآخر بصورة ديموقراطية * أليست حالة اتجاه يوسف فيصل قد سبقتهم فيما
يتعلق بإمكانية وجود تيارات داخلية أكثر قرباً وتفهماً لظواهر الأقليات..
ووجهات النظر الخلافية من دون عقوبات.
4- هناك تأكيد بأن الورقة صيغت "لتجمل الحوار.. وتحدد القواسم المشتركة
بين الشيوعيين السائرين على طريق وحدتهم" أولاً هذا تعبير عمومي، مجرد
وغامض.. وإن كان صحيحاً فالأمر سيقتصر على الرفاق في تيار قاسيون فحسب.. هذا إن
تمكنوا بكتلتهم وبنيتهم أن يتوحدوا فعلياً كشيوعيين بسبب غياب التحديدات
المطلوبة في مختلف الميادين لمشروعهم حتى الآن.. كما أن التحديد الذي
نعنيه. أو قول الحقائق وطرح المواقف حتى نهاياتها سيكون كفيلاً بعدم وحدتهم..
بل سيكون كفيلاً بخلق انقسامات داخلهم مجدداً خاصة وأن تياراً مهماً داخل
الرفاق يتقدم ليغادر تربيته القديمة، والمفاهيم السياسية والبرنامجية التي
كبلته . أما ثانياً فالعبارة توحي بمصادرة مسبقة بسب ذلك الغموض
والالتباس، كأن بقية الشيوعيين حيثما وجدوا ليسوا وحدويين (أي انفصاليين) ..
باعتبار الورقة ومن وراءها قد قالوا كلمتهم، من التحق أو سيلتحق بها خلال الأشهر
الباقية حتى نهاية العام ينطبق عليه مفهوم " الفرقة الناجية" وإلاَّ حرم
من "الجنة". .بينما الوقائع والمفاهيم المتعلقة بحالة الشيوعيين "ووحداتهم"
شيء مختلف جداً وأكثر تعقيداً.
- من جهة أخرى نفهم من الورقة أن التوافق على المسائل الآنية الملحة شرط
حاسم وكافٍ لوحدة الشيوعيين، وباعتبار أن الرفاق قد اكتشفوا هذه الحقيقة ،
ناقشوا تلك المهام، حدودها.. ثم أجملتها الورقة. .فإن الشرط قد تحقق، وفتح
المسار أمام البرنامج الكفيل بوحدة الشيوعيين.. ونسأل في هذه الحالة:
لماذا يشكل الرفاق أنفسهم فصيلاً جديداً إذا حافظوا على نفس المهام الآنية
للحزب الأم.. أو لماذا فصلتهم وطردتهم قيادتهم (نقصد الكوادر الأساسية الأولى
بينهم) على الرغم من عدم طرحهم داخل الحزب لمهام آنية مختلفة؟ ونسأل عن
سلسلة الانشقاقات والطردات القديمة.. منظمات القاعدة، اتجاه يوسف فيصل.. على
الرغم من التطابق في "الآنيات" الملحة.. أما إذا كان الأمر غير ذلك فيما
يتعلق بالمهمات الآنية فيجب على الرفاق مناقشته وتوضيحه، كان عليهم طرح
أسئلة منهجية وتحديد الفروق البرنامجية، السياسية والمهمات الآنية بينهم وبين
بقية الفصائل بشكل خاص مع الحزب الأم الذي ولدوا منه قبل زمن قصير.
.الرفاق في قاسيون طرحوا وذكروا ببعض أشياء انتقادية تميزهم عن الحزب. لكنها
كانت بسيطة، غير أساسية.. شكلية أحياناً ويمكن حلها بدون انقسامات وتشكيل
فصيل جديد.. إن انتقاد شكل التحالف مع النظام وتبعاته بانغماس القيادة في
المصالح . وعلى الرغم من أهمية هذا النقد وضرورته.. إلاَّ أنه لا يفترض تشكيل
فصيل جديد.. لو تعلق الأمر بجوهر الموقف السياسي من النظام وجوهر موضوعة
التحالف لفهمنا أن الأمر قائم على أرضية خلافات جادة متميزة.. ألا يعتقد
الرفاق معنا. .أن كتابة المهام الآنية على الورق ثم التشابه أو التطابق فيها
بين الفصائل.. هو شيء مختلف جداً عن بقية الموقف السياسي والمسائل
البرنامجية وما يرتبط بها من أشكال النضال، والإرادة السياسية في النضال الجاد .
.أن نعتبر الديموقراطية. أو أي تفصيل فيها مهمة ملحة أو آنية شيء.
والتحديد الدقيق للطرف الطبقي والسياسي الذي يجب أن ننتزعها منه شيء آخر مختلف.
وهكذا وسائل ذلك النضال وبقية ما يلزمه. إذن وحدة الشيوعيين تحتاج لأشياء
أخرى .
5- أخيراً: ومع الغياب التام للتحديد المنهجي الدقيق لمفاهيم ومصطلحات مثل
(المهام الآنية، القضايا الآنية، المهام السياسية الملحة، موضوعات سياسية،
برنامج) (إلاَّ إذا كان الرفاق قد حددوها فيما بينهم، واتفقوا عليها.. أي
يفهمون على بعضهم معانيها بصورة بديهية).. في هذه الحالة نعتقد أيضاً أن
قصة إجمال الورقة للقواسم المشتركة. هي قصة تحتاج لنقاش. وستخضع للحفر
والتفكيك.. خاصة وطالما أن قسماً مهماً من الرفاق جادين بمشروعهم. وجادين في
تحديد المفاهيم التي تلزمه.
ونحن بدورنا سنقوم بتحديد وإجراء مقارنات منهجية على المفاهيم الصحيحة في
كل مرة نعتقد أن هناك ضرورة إليها.


ثالثاً: ملاحظات في المنهج:
على الرغم من أن الورقة ذات طابع تقريري مكثف استنتاجات وليست تحليلاً
مسهباً ومعمقاً، وذلك يصعِّب ويعقد عملية كشف الجوانب المنهجية المتبعة فيها
كل ذلك أكثر سهولة بكثير من الأوراق الأخرى مثلاً (تقرير اللجنة التحضرية
للمؤتمر الاستثنائي).. على الرغم من كل ذلك فإن الاستنتاجات المركزية
المكثفة في كل موضوعة سياسية، كذلك ما سمي بالمهام الآنية والملحة، أو بعض
جوانب التحليل المنفلتة هنا وهناك، وقراءتنا للأوراق الأخرى.. كلها كفيلة بأن
تسمح لنا بإبداء الملاحظات الأساسية التالية:
1- باعتبار أن الرفاق يقدمون أنفسهم كشيوعيين حقيقيين أو أورثوذكس، يصبح
من حقنا وعلى أرضية "المونة" الفكرية - النظرية - التاريخية. ألسنا أولاد
مدرسة واحدة؟ أن نسألهم : هل هناك شيوعي لا يربط في تحليله واستنتاجاته بين
(المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي)، بين تلك البنى، ليكثف أخيراً
موقفه في السياسي.. هل هناك شيوعي ينسى معادلتي (النظام الاقتصادي - الطبقة
- السيطرة) (النظام السياسي- الهيمنة - السلطة والدولة) باعتقادنا كان ذلك
غائباً تماماً ولو في حدوده الدنيا في ورقة الرفاق السياسية- بل كان
غائباً في الوثائق الأخرى إلى درجة كبيرة جداً ما عدا بعض التلميحات العمومية
التي تحتاج لجهد كبير في مقاربتها لتصبح مطابقة للحقيقة السياسية الواقعية.
2- استبدل ذلك بكلام زائد كثير عن اللوحة الاقتصادية - الاجتماعية،
بالجوانب غير الجوهرية وغير الحاسمة بعلاقتها بالحلقة السياسية التي تحدد
الممارسة..
بمعنى آخر غابت اللوحة الحقيقية للتناقضات الطبقية الاجتماعية وما تفترضه
من صراعات سياسية، برنامج ومهمات كل ذلك إلى درجة لا عقلانية في ورقة
الرفاق كاد أن يختفي فيها شيء اسمه نظام سياسي.. أو سلطة، اختفى التحليل
المتعلق بطبيعتها وعلاقة ذلك بالنمط الاقتصادي الخاص والفئة الاجتماعية،
الطبقية المايسترو التي تقود كل شيء لصالحها أولاً ثم لصالح جوقة الرأسماليين..
3- استبدل المنهج الماركسي استبدالاً قصدياً بمنهج آخر انتقائي، إرادي،
محسوب مع بذل جهود كبيرة (كما سنرى) لإظهار الرفاق تحليلاتهم وكأنها تقوم
على أسس ماركسية منهجية ناضجة في الاقتصاد الاجتماع، الطبقات، والربط بينها
وبين تقسيم العمل الدولي الإمبريالي والموقف من الإمبريالية وأزمتها
وعلاقة الأخيرة بما يجري في الوطن والكيفية التي تتحدد بها مهام البرنامج على
أساس التناقضات والصراعات القائمة في المجتمع.. في ذلك الإطار اشتق الرفاق
"مسارهم" البيني.. "طريقهم" الثالث. طريق اللاتحديد، واللاحسم .. فلعبوا
بمفهوم التناقض الأساسي في المجتمع. .وفصلوه كلياً عن السلطة السياسية
والنظام السياسي وخلقوا قوة اجتماعية سياسية (الطفيلية أو قوى السوق الكبرى)
بدت وهمية من الزاوية السياسية ولا نعرف القوى الملموسة التي تتكئ عليها
لنقاتلها. وحولوا مفهوم السلطة والنظام السياسي إلى مسائل الدولة والأجهزة..
وتجاوزوا كل ذلك بصورة حتمية إلى مفهوم خاص جداً لمعنى المعارضة.. ثم
التحالفات .. والمهمات والوسائل النضالية المطلوبة . وصولاً إلى مسألة وحدة
الشيوعيين.
4- كل ما ذكرناه عن التاريخ الخاص للرفاق، عن تركيبتهم، بنيتهم، علاقتهم
العضوية بالحزب الأم من الزاوية المنهجية وطريقة التفكير، المفاهيم
الاقتصادية والطبقية الاجتماعية والسياسية (وهذا ما أكدوه مراراً في أوراقهم)
خاصةً في المستوى القيادي، هو الذي أتى بهذا الخلل المنهجي الذي لامسناه ببعض
الملاحظات، هو الذي خلق وشكل وعياً سياسياً مسبقاً، حسابات سياسية مسبقة
دقيقة من النظام والسلطة السياسية، وما يتعلق بها في بقية الميادين. ماذا
نسمي هذه العملية بدوافعها والممارسات التي نجمت وتنجم عنها في المصطلح
السياسي المنهجي؟ النفعية، البراغماتية، الرهابية والخوف، هل نسميها
بالإصلاحية، أو الانتهازية، أم الانتظارية في حركة الواقع الانتقالية؟ وقبل أن
نطلق حكماً سنحاول إثبات ملاحظاتنا المنهجية وسنحاول الإجابة على التساؤلات
المثارة.
رابعاً: في الموضوعات السياسية:
تعني الورقة بالموضوعات السياسية موقف الرفاق المحدد في أهم القضايا
العالمية والعربية والمحلية، موقف الرفاق المحدد في حركة التناقضات والصراعات
القائمة عليها، موقف سياسي عام وتأسيسي يتحدد أكثر فأكثر من خلال ما أسمته
الورقة بالمهمات الآنية أو الملحة. هناك عناوين وقضايا تحدد موضوعات
أساسية، تشتق منها موضوعات أخرى مرتبطة بها بنفس المستوى من الأهمية أو أدنى.
في حوارنا هنا سنهتم بالأمر بقدر أهمية الموضوعات من الزاوية المنهجية،
وزوايا العمل السياسي الوطني الرئيسية، وهكذا قد نأجل تناول بعض العناوين
مثلاً (على الصعيد العربي والقومي).
1- الموقف من الامبريالية .. وتوابعه في خط الورقة السياسي: جاء في الصفحة
1. (انتهى القسم الأول).

(هموم وطنية)
وصل عبر العنوان الالكتروني لجريدتنا "الآن" مقالة للأستاذ محمد طيباني من
حماه. تمثل صرخة خطابية وطنية عالية النبرة، يلامس من خلالها عدداً من
الهموم الوطنية الأكثر خطورة. بدورنا نرغب بمحاورة مقالة الأستاذ محمد بصورة
مكثفة .. كما سيرد بعد مقالته.
"المقالة"
هموم وطنية
في الخلية الحيّة يحدث انقسام ثم يتحول إلى انقسامات أخرى مضبوطة، ثم
يتكون مخلوق كامل يؤدي دوره في الحياة- هذه سنة الله في خلقه، لكننا نحن العرب
ننقسم ثم ننقسم إلى ما لا نهاية. وهذه الانقسامات لا هدف لها إلا الانقسام
فقط. وكأننا لا هدف لنا إلا تكوين أشلاءً متناثرة لا قيمة لها ولا ضابط
لها سوى تفريخ زعامات جديدة. وأقزام تصلح للسرك ولا تصلح لأداء أي دور في
الحياة، وكلما انهزمنا تفرقنا وتبعثرنا، نتساءل هل جيناتنا الوراثية مجنونة؟
الحريق وصل إلى الأبواب وتكاثرت قضايانا حتى أصبحت شعوب العالم ترثي لحال
الأمة العربية، ويروننا أسوأ مدافعين عن أعدل القضايا وما أكثر هذه
القضايا (فلسطين، العراق، الجولان، معركة المياه، معركتنا مع الرغيف، معركتنا
مع أنفسنا وهي الأهم). هناك الولايات المتحدة تحشد طاقاتها العسكرية
والسياسية و الإعلامية والاقتصادية تجاه أمتنا لاجتثاث ماضيها و حاضرها وإسلامها
وجعلها لقمة سائغة للصهيونية وإسرائيل. أيضاً أوروبا تطالبنا أن نقف مع
أنفسنا أن نعطيهم المبرر للوقوف إلى جانبنا، أن نرتقي إلى مستوى ألمانية ،
فرنسا، إسبانيا، تجاه العراق، أن يرتقي شارعنا إلى مستوى الشارع هناك. ولا
يجدوننا أهلاً لشيء لأننا لم نحزم أمرنا بعد. ويعود السؤال هل أمريكا عدو
لنا؟ وكيف نصارع إسرائيل وكيف ندير معركتنا مع المستقبل؟ بعد قنابل العشرة
أطنان وقتل الأطفال والنساء في العراق وفلسطين، نتساءل هل أمريكا عدو لنا
أم هي بابا نويل يحمل لنا الديموقراطية ويقذفها لنا من النافذة ونحن نيام؟
ونجد أنفسنا في الصباح وقد لبسنا حلل الديموقراطية و التقدم؟ حتى هؤلاء
الذين قرروا يوما تقسيم العالم العربي لم يدر بخلدهم أننا قابلون للقسمة
والشرذمة إلى هذا الحد. وإسرائيل تعربد في المنطقة كيفما وحيثما تشاء، تنتج
السلاح الذري والتقليدي المتطور وتحقق التطور الاقتصادي، ونحن بحالة تراجع
مستمر كل هذا يحدث أمام أعيننا ورغم أنوفنا و أنوف أسلافنا ونطالب بالوقت
ذاته أن يكون شارون حضارياً وذو قلب رحيم؟ كيف انتصروا علينا وليس عندهم
أحكام عرفية أو سجون سياسية أو وزراء إعلام وغياب الرقابة على الفكر؟ ليس
عندهم ملوك ولا أولياء للعهد ولا قادة معصومين و لا حالة طوارئ ولا قوانين
استثنائية ولا مواطنين مغيبين صامتين خاشعين؟ يرفعون آيات التبريك إذا
أطعموهم الخبز وكأنها منة وصدقة من محسن كريم؟ نحن تعلمنا أن النصر لا يأتي
بدون ذلك، هكذا علمونا في بلادنا و وعدونا بالنصر الذي لم يحدث. ولا نزال
مستغرقين في حوارات وتحليلات و استنباط معاني ونحت كلمات واستعراض
لمحفوظاتنا الفلسفية، باحثين عن الأسلوب الأمثل والخطاب الأقوى والشعار البراق
والشجب والإدانة والتخوين لبعضنا البعض واصفين الغير بالعمالة والخيانة، وكأن
كل واحد فينا هو الوطني الوحيد، وهذا ينسحب على الحاكم والمحكوم سواء
الموالي والمعارض، الديني و الدنيوي حكومات لا تثق بشعوبها وشعوب لا تثق
بحكوماتها وكأن إرادة الفعل لا وجود لها لدينا أو أننا مسلوبون الإرادة أو أن
فينا عيباً خلقياً! وما من حزب سياسي إلا وانقسم إلى عدة فرق وهناك العشرات
من الأحزاب كلهم منظرون و محللون ومطالبون وموتورون، متكئين على مرجعيات
فكرية ماضوية أو يعتمدون على ماضي المؤسسين وأقوالهم في زمن غير هذا الزمن
وظروف غير هذه الظروف، التقدمي والرجعي سواء. هل بيننا وبين الواقع عداء؟
مجموعات من القيادات بعيدون عن آمال هذا الشعب ومصلحته وحسه الوطني
وكرامته. ويفصلون القوالب ليضعوا هذا الشعب فيها ويقودوه إلى حيث يشاؤون. الوطن
هو غاية الغايات الوطن هو أرض وشعب يعيش عليها، وكرامة هذا الشعب هي
ثقافته في معناها الواسع الديني والأخلاقي والتراثي، التي تكونت عبر القرون
وتتطور بمقدار التطور العلمي والمعرفي.. وآمال هذا الشعب أن يعيش على أرضه
بحرية وكرامة يجد طعامه ولباسه وشيئاً من رفاهية الإنسانية في عصره الراهن،
ليشارك في صنع الحضارة الإنسانية انطلاقاً من خصائصه الموضوعية. إن هذا
الشعب هو المعني أولاً وأخيراً بمصيره.. وعداء أمريكا والصهيونية له لأنهم
يريدون أرضه وثرواته، إن أحداً لا يخشى هذه الأنظمة العربية بكل أطيافها
لأنها مدجنة جيداً متمسكة بمواقعها جيداً وتبذل الغالي والرخيص في سبيل
استمرارها في موقعها، لذلك لا تتفق مع شعوبها على تعريف الأعداء - الداخل
والخارج.. الأعداء من يحاسبهم على أفعالهم والأصدقاء من يضمن لهم البقاء. هل
تخشى أمريكا وإسرائيل من النظام السعودي أو الأردني أو الكويتي أو المغربي
أو المصري، أو حتى حكومة قريع في الأرض المحتلة. إنها تخشى شعوب هذه الأمة
و تخشى قيمها الحقيقية وأصالتها، وتخاف من تحرر هذه الشعوب من ربقة الجهل
و التجهيل بماضيها وحاضرها ومستقبلها ومعتقداتها.. وإذا تحررت هذه الأمة
ماذا يحدث؟ الحر لا يقبل الهزيمة ويملك إرادة الدفاع عن نفسه ويقاوم
الأعداء ويطلب النصر ويسعى لتحقيقه. أما العبد فيتساوى لديه هذا السيد أو ذاك لا
فرق. لذلك تركوا زمام المعركة لأسيادهم - ألا من يعتبر؟ إن من انتصر في
لبنان الشعب اللبناني وليس الحكومة اللبنانية بدعم من الشعب السوري الذي قدم
كل شيء. إن من فجر الانتفاضة هو الشعب الفلسطيني. ومن ساوم عليها القيادات
الفلسطينية. ليس هناك قيادات وحكام ينتصرون بقواهم ومزاياهم بل النصر عن
طريق الشعب وتحقيق التطور عن طريق الشعب. إن صدّام ونظامه قاوم عشرة أيام.
أما الشعب العراقي قاوم عاماً وسيقاوم أعواماً وأعواماً. وسيبقى بعد بوش
وصدام وبعد كل الأنظمة العربية التي باعت العراق أملا بالبقاء. إذا كان
الشعب هو المستهدف وأرضه وثروته وحضارته غاية العدو، فلماذا لا نعود إليه وهو
صاحب المعركة والمعني بها أولا وأخيراً؟ لقد ضاعت بغداد يوماً بعد
المستعصم وابن العلقمي وضاعت بغداد بالأمس بين صدام ومعارضيه. وضاعت فلسطين أثناء
قيلولة الحكام العرب في قصور الحريم. وضاعت الكويت بين صدام وبوش الأب-
فهل لدينا الكثير نضيعه بعد كل مستعصم منهم راضٍ ببغداد ويأمل أن يتركه بوش
أو شارون بما تحت يده إذ تخلى عن أخوته - وضب شعبه هكذا أقنعهم العلقمي
ولكن سيف هولاكو حصد الجميع. ألا من يعتبر؟ إن هناك ألف وربما آلاف من ذلك
العلقمي في القصور والوزارات وتحت عمائم بعض رجال الدين وبين قيادات
الأحزاب. إن هناك آلاف من الماسون وعناصر محفل الشرق بين أظهرنا، و من مصلحتهم
أن تغيب الحرية وتبقى الأحكام العرفية فاصلا بين الشعوب و حكوماتها. وحالة
الطوارئ ومئات المساجين السياسيين وعشرات الملايين لا يحق لهم سوى أن
يعيشوا مهمشين صامتين مسحوقين ومسروقين. هم الماسون يقودون حملة الفساد وتخريب
الذمم وانشقاق الأحزاب وتفريق الأمة، ووضع هوة كبيرة بين الحاكم والمحكوم
وينفخون في آذان القادة سموم تجعل كلمة الحق جريمة و المطالبة بالحرية
اعتداء على المقدسات والوطن. دعونا نفتش عن هذا العدو بيننا دعونا نخرج سمومه
من أبداننا. دعونا نسأل لماذا هذا الانهيار المستمر من سيئ إلى أسوأ في كل
شيء. ومنهزمين في كل شيء حتى على مستوى كرة القدم. واستمرار الفساد
والتفسيد ونهب الأمة من المحيط إلى الخليج . دعونا نسأل من له مصلحة بذلك؟ ومن
له مصلحة أن نتحول إلى عبيد؟ من الصعب هزيمة شعب يملك حريته وإرادته ولكن
من السهل جداً الانتصار على ملايين الصامتين المسروقين و المسحوقين من قوى
الفساد ومافيات السياسة. لأنه يستوي عندهم الأسود والأبيض ويخبو الإبداع
الفكري والعلمي والحضاري - العبيد لا يصنعون الحضارة. عند العبيد يستوي
الأسياد. محمد طيباني/حماة.

"حوارنا مع المقالة"
1- كتبت المقالة بتجريد عالي، وعمومية كبيرة.. هكذا غدت الأنظمة العربية
كأنها نظام واحد.. والشعوب شعباً واحداً.. والمعارضات نسخة واحدة.. لا بل
غدت الأنظمة والمعارضات في أكثر من ميدان كأنهم شيء واحد.. نحن بطبيعة
الحال لا نجد ذلك دقيقاً، بل لا نجده صحيحاً في غالبيته الحاسمة.. إن التجريد
والعمومية والخطابية أفقدت المقالة جانب التحديد والدقة المطلوبة.
2- يفترض أن المقالة تريد الاهتمام بالحالة السورية فما ورد فيها ينطبق
أكثر ما ينطبق على الوضع السوري من زوايا التهديدات الخارجية. والمخاطر
الوطنية.. والهموم التي نشأت بسببها، كذلك بسبب طبيعة السلطة وعلاقة النظام
العميقة مع المجتمع والقوى المنظمة فيه..
ونحن إذ نوافق الصديق صاحب المقالة على العديد من السمات السلبية للمعارضة
كتمزقها، ضعفها وتشتتها.. وعجزها عن تعلم فن الجمع والتنسيق المشترك
والارتقاء بوضعها إلى سوية الحد الأدنى المطلوب.. مثلاً هيئة تنسيق مشتركة تضم
جميع فصائل وفعاليات المعارضة دون استثناء.. لها صلاحيات قيادة عمل
المعارضة وتطويره.. كذلك سمات التلطي ، الاتهامات، الشكوك ... النبذ والاستئصال
وعدم التوافق بين الادعاء الديموقراطي والممارسة... على الرغم من كل ذلك
فالفرق جوهري جداً بينها وبين النظام... ولا يمكن حتى إجراء مقارنة بينهما
في ذلك.. خاصة في موضوع المسؤوليات الواقعة على كل منهما بخصوص المشاكل
والهموم الوطنية.
3- للأسف المجال لا يسمح بحوار معمق وشامل حول الكثير من العناوين
والقضايا الواردة في المقالة.. مثل العامل الخارجي الأمريكي استراتيجيته
وتكتياته.. وصراعه مع الموجة الإسلامية.. وقضايا تمزيق الوطن.. إلخ. موضوع
المقاومة العراقية.. ما لها وما عليها.. موضوع مفهوم الوطنية ومسائل كرامة الشعوب
وعلاقة كل ذلك بالهوية بالثقافة، بالموروث.. أو القيم الإنسانية المعاصرة.
(هيئة التحرير)
___________________________________________________________________
" وصل إلى العنوان الالكتروني مقالة للسيد "ناصر حمد" .. تتعلق بقضايا
النقد التنويري (للعقل، للمفاهيم التراثية ... للتاريخ.. في وضعنا العربي)..
وهي قضايا هامة جداً.. ونشجع على الكتابة فيها بالتغاضي الآن عن اتفاقنا
أو عدمه مع ما جاء في المقالة (هيئة التحرير).
"المقالة "
ذاكرة الانتقام
يبدو أننا كعرب ما زلنا نتعامل مع الكثير من المفاهيم بشكل غير منطقي أو
غير مبرمج بالطريقة العلمية. بل هو تعامل، تشوبه ازدواجية التفكير،
واختلاطات المعايير، علماً أننا نمتلك تراثا متدثرا خلف التراب و تراثا علنيا .
وليس من الغريب أن يكون لأمة تراث مختبئ و تراث معلن و بينما يعلمنا التراث
المخبأ عندما تسنح له فرصة الظهور من بين أكوام التراث المعلن، يعلمنا
حكما و قيما لو أننا كنا فيها عاملين لما وصلنا إلى ما نحن فيه من أوضاع
مزرية و مخزية . بل هذا ما أورثنا إياه التراث المعلن بكل ما يمتلك من أحاييل
و أحابيل ليبقى معلنا إلى وقت قيض له أن يكون متأخرا فالتراث المختبئ يقول
و هذا مثال على لسان شاعر:
لا تنهى عن خلق و تأتي بمثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
و لأننا يجب أن نستشعر بحكمة هذا البيت من الشعر و سواه من الأقوال
المأثورة التي تدل دلالته علينا أيضا أن نستشعر العار الذي نلحق به أنفسنا إذ
نفخر بأعمال هي من عمق تاريخا العربي و فيها التوافق الكامل مع الأعمال
التي نحتج عليها و نرفضها إعلانا و تصريحا لأنها كانت من سوانا ووقعت علينا
أما ما وقع منا على الآخرين فهو بطولة و هذا ما يدل دلالة واضحة إلى أخلاق
قبلية بدوية قديمة حيث رفع البدوي شعارا يقول : (اللي ما يبوك ما هو زلمي)
ويعني هذا (الذي لا يسرق ليس رجلاً) على أن يكون فعل السرقة متوجها نحو
قبيلة أخرى غير قبيلته ولم يكن هذا الشعار حكرا على قبيلة بحد ذاتها بل مثلا
يقتدى به لدى جميع القبائل ضد بعضها بعضا. ولكن بنفس الوقت رفع شعار بدوي
آخر يقول: (اللي ما يبوك ما يخاف) ويعني هذا (الذي لا يسرق لا يخشى
انتقاما).
وها هي الولايات المتحدة الأمريكية ترفع بممارستها الحربية شعارنا البدوي
القديم الأول وتستخدمه ضد قائليه ومبدعيه، وترفع أيضاً شعارنا البدوي
القديم الثاني وتستخدمه داخل أراضيها ولكن ليس على صيغة قبلية ضيقة وإنما تحت
سلطة الدولة والقانون فيكون بذلك مجتمعها المتعدد الأعراق والجنسيات
والألوان ينعم بسلطة القانون الواحدة التي تمنع اعتداء فئة على أخرى لتكون جميع
الفئات هي قبيلة واحدة تتسع لشمل مساحة دولة من أكبر دول العالم. وهنا
يبدو أن لا بد من تساؤل حيوي وعقلي ومنطقي كيف نفخر نحن العرب ونعلم أولادنا
الفخر بغزو قادة الدولة العربية (الأمويون) لدول أجنبية مثل (بلاد فارس -
بلاد الأناضول - بلاد بحر قزوين- أفغانستان- باكستان) وسواها في آسيا.
و(إسبانيا - والحدود الفرنسية) في أوربا.
بينما ترانا نحتج ونستنكر دخول الولايات المتحدة الأمريكية لدول عربية
عسكريا ونريد تعليم أبنائنا أن هذا الدخول هو قرصنة واحتلال بنفس الوقت، فهل
ترانا نريد أن نبرمج شعارا جديدا مطورا للشعارات البدوية القديمة لنقول:
(العربي اللي ما يبوك أجنبي ما هو زلمي) و (الأجنبي اللي يبوك العربي لازم
يخاف).
أم من الأفضل أن نعود إلى بيت الشعر الأصيل الذي ذكرناه في أول المقال
والذي يدعمه قول آخر (عليك أن ترى الناس رؤيتك لنفسك ) أي (أن تحب لهم ما تحب
لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك).
وقد يبدو هذا الكلام ثقيلا على أذهان الكثيرين إلا أنه حقيقة يجب التعامل
معها، حقيقة لابد من قبولها ولا يمكن قبولها إلا بكثير من الشفافية
والموضوعية والعقلانية فلو استطعنا نحن العرب أن ننتقد أنفسنا وأفعال أسلافنا
بشيء من الحكمة والعلمانية لاستطعنا أن نجعل صرخات رفضنا لما يقع علينا أكثر
قوة وفعالية وقد يسأل البعض كيف ذلك؟
وهنا يطل مثال واضح وصريح (كما تدين تدان).
وهكذا يبدو أننا مثقلين حديثاً بدين جميل في أعناقنا للحكومة الاشتراكية
في إسبانيا التي سحبت قواتها من العراق وكأنها تقول لنا أيها العرب نحن لا
نرد الاعتداء باعتداء وليس من شيم أصحاب الفضيلة الانتقام وهنا يبدو أن
الأسبان هم الأكثر فهما لمدى سوء شعاراتنا البدوية القديمة ولذا ختاروا عدم
تبنيها عكس ما فعل الأمريكيون الذين هم حفدة الأسبان والأوربيين عموما.
ويبدو أن الأحفاد المهاجرين والمكتشفين والمغامرين هم الأكثر اصرارا على
الرد الانتقامي، فهل يعني هذا أننا ندفع ثمن أخطاء الأجداد؟!. سؤال يطرح
نفسه.
ولكن الأسوأ في الأمر أنهم يحاربوننا معتمدين على منطقنا ونحن غافلين عن
أننا أورثناهم الحق فيما يفعلون من ألسنتنا.
ولذا يبدو غريباً تماما كيف نتخلى عما هو جوهري فينا لنتمسك بما هو لغط
وسوء تفكير نجعله للآخرين سلاحاً ضدنا وعلى أنفسنا بلاء هذا إذا استطعنا أن
نقنع أنفسنا بأن تعريف الاحتلال هو ذاته في كل زمان ومكان وهو لا يعرف
جنسا أو عرقا ليكون حلالا لأناس وحراماً على سواهم ومن هذا المنطق نحن لا
نستطيع أن نطالب الشعب الأمريكي بتفهم قضيتنا والوقوف ضد حكومته خصوصا عندما
يكون متبنيا لذات وجهة النظر التي نحن مؤمنين بها باعتبار احتلالنا لدول
الآخرين أعمالا بطولية وكذلك احتلاله لأراضي الآخرين بطولة. إذا علينا أن
ندين جميع أشكال العنف الموروث في مجتمعنا. وجميع أفكار العنف الموروث
أولا. وعندها نستطيع الوصول إلى قناعة حقيقية بمحاربة العنف بكل أشكاله
المادية والفكرية وسنكون قد وصلنا إلى منطق الحق المشروع برفض العنف الآخر بكل
أشكاله. ناصر حمد

عن الوحدة الوطنية
وصل إلى العنوان الالكتروني "الآن" مقال للسيد شفيع قدة - درعا.. ننشره
كما هو . ثم نجري حواراً على هيئة ملاحظات مكثفة لإغناء الموضوع من مناظير
متعددة ومختلفة.
"المقالة "
عن الوحدة الوطنية
كان موضوع الوحدة الوطنية من الموضوعات التي حظيت باهتمام كبير من قبل
كافة القوى في الساحة السياسية ولاسيما بعد تفاعل الضغوط والتهديدات
الأمريكية تجاه سورية في الساحة الدولية، مما حذى بهذه القوى السياسية إلى عقد
ندوات وطنية والدعوة إلى مؤتمرات وطنية لعموم سورية.
والذين كتبوا وتناولوا هذه الطروحات تناولوها بدافع الحرص على الوحدة
الوطنية وخوفهم عليها من الانشقاق والتفسخ مركزين على ضرورة المحافظة على
الشكل القائم لهذه الوحدة في هذه الظروف التي تواجه فيها البلاد ضغطاً
وتهديداً لم يسبق له مثيل، إلاَّ أنني ورغم تقديري لهذا الحرص والخوف على الوحدة
الوطنية من قبل من كتب بهذا الاتجاه وعدم تشكيكي بصدق نواياهم. لكنني
وانطلاقاً من نفس الحرص على الوحدة الوطنية الحقيقية أجد نفسي أسأل من دعا إلى
هذه الندوات والمؤتمرات الوطنية عن:
1- ما هية الوحدة الوطنية التي يدعون إليها.
2- حقيقة وجودها وإمكانية تحقيقها.
فيما يتعلق بالنقطة الأولى لا أجد في كتابات من علقوا وكتبوا من باب الحذر
والحرص على الوحدة الوطنية ما يشير إلى طبيعتها المطلوبة، ولم يشر أحد
كذلك إلى الطريق الصحيح لهذه الوحدة.
- أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية فأسأل: هل الوحدة الوطنية التي نخاف
عليها موجودة أو غير موجودة.. وهو ما أحرص على تناوله. فإذا كان الدفاع عن
الوحدة الوطنية بشكل القوى التي دعت إلى تلك الندوات والمؤتمرات وكانت
نموذجاً لها فأعتقد أن هذه القوى منسجمة مع نفسها بحكم دوافع ذاتية لا تتعدى
الوصول إلى مواقع وغايات وأهداف معينة.
أما مفهوم الوحدة الوطنية لدى عامة الوطنيين والتقدميين فلها فهم مغاير
لتلك المفاهيم.
- نحن نفهم الوحدة الوطنية كتحالف وطني من أجل تحقيق أهداف وطنية وثورية.
- نحن نفهم الوحدة الوطنية من خلال إيمانها ببرنامج تقدمي لكافة القوى
الداعية.. يُعرض ويستفتى عليه جماهيرياً.
- نحن نفهم الوحدة الوطنية من خلال الإيمان ببرنامج حده الأدنى الرفض
الجماعي الحازم لكافة القوى السياسية الداعية للتسويات والمساومات على حساب
مطالب الجماهير وأهدافها .
من خلال هذا الفهم للوحدة الوطنية نحن نرفضها حينما يريد المساومون تبرير
مواقفهم وتحقيق مصالحهم من خلالها. ونرفض الوحدة الوطنية التي تقاد من
قيادات تتيح عقليتها السياسية المساومة على مطالب وحقوق الشعب، قيادات تحرص
على علاقاتها بالسلطة أكثر من حرصها على مصالح الجماهير. نرفض التجمع باسم
الوحدة الوطنية حينما يراد بها السياق لإلغاء الآخر، وفرض الذات كممثل
وحيد وبديل وحيد، نرفضها عندما يراد بها تقييد وإخماد أصوات ثورية وتقدمية
حقيقية أخرى لمجرد رفضها الانضمام لتجمع معين.
- إن الوحدة الوطنية التي طرحت في الندوات شكل هزيل حضرها أكثر من تجمع
تتحكم فيه عقلية فردية أنانية.. لم تستفتي ولم تستخرج قوى الجماهير
وتطلعاتها ومن يدعي غير ذلك عليه أن يثبت العكس.
- إن الفهم الثوري والتقدمي للوحدة الوطنية في العالم يختلف على ما يبدو
عن فهم الداعين لها لدينا، فالثوريون والتقدميون في العالم يستفيدون من
تجارب الشعوب التي انتصرت بوحدتها الوطنية لأنها كانت حقيقية فاعلة.. أمنت
وحدة جماعية القيادة والمسؤولية.
- إن الداعين لدينا للوحدة الوطنية اتجهوا اتجاهاً معاكساً، اتجاهاً
أساؤوا فيه للوحدة الوطنية من خلال طروحاتهم وتنظيراتهم.. وصولاً إلى التطلع
لقوى خارجية لا يمكننا معها السكوت على هذه الطروحات بدافع المحافظة على شكل
الوحدة الوطنية الواهي وهو نوع من أنواع التضليل والاستسلام الخفي.
- إن مسؤولية التقدميين الثوريين تصبح أكثر إلحاحاً في فترة الفرز العلني
للمواقف، وهو ما يجري الآن على الساحة السياسية خاصة بعد أن طرحت كافة
المواقف وفرزت كافة الاتجاهات، وأصبحت الأمور واضحة.. هنا برز الميل إلى
التطلع لقوى خارجية بوصفها المنقذ والأمل لتحقيق تطلعاتها.. كما برز موقف بعض
القوى بصفته موقفاً بينياً بين المعارضة والموالاة للسلطة بحسب المصالح
الشخصية أحياناً.
- إن الوحدة الوطنية الحقيقية مبدأ أساسي وشرط أساسي لانتصار أي شعب.. ولا
نستقي فهمنا للوحدة والتحرر من أمثال (بلير وبوش) إنما نتعلمها من تجاربنا
وتاريخنا وتاريخ الذين انتصروا بوحدتهم الوطنية. شفيع قرَّة درعا

بعض حوار مكثف مع مقالة السيد "شفيع قرة"
1- نحن نؤكد أن هناك فهماً "تقدمياً وثورياً" للوحدة الوطنية.. لكنه
بالمقابل لا يعني فهماً استبعادياً، قاصراً على فئات اجتماعية ضيقة ومن يمثلها
سياسياً.. بل يعني.. إمكانية تعبئة وضم أكثر القطاعات الطبقية والاجتماعية
والسياسية اتساعاً.. خاصة في الشروط التاريخية المصيرية في حياة الوطن..
شروط التهديدات الخارجية واحتمالات الاحتلال. والضرورات المبدئية
والأخلاقية السياسية للدفاع عن النفس.. كذلك شروط واحتمالات الحرب الأهلية... أو
شروط الكوارث الطبيعية.. أو ضرورة النهوض بالوطن بمشاريع تنمية استراتيجية
... أو شرط وضرورة مواجهة أنظمة ديكتاتورية شمولية قمعية تحتكر السلطة
ويقوم وجودها على قاعدة ضيقة اجتماعياً.. وعلى عصبيات متخلفة وأجهزة للقمع
قوية.. في كل هذه الشروط وما شابهها.. يجري الميل للتقاطعات السياسية الواسعة
والمرنة..
2- في المقابل تحكم قناعتنا وممارستنا قيمتان.. قضيتان أساسيتان.. الأولى
.. رفض أي تحالف أو تنسيق مع أي نظام ديكتاتوري قمعي يكم الأفواه باسم
الخطر الخارجي وضرورة الوحدة الوطنية.. بل رفض التحالف والتنسيق مع أي طرف
غير ديموقراطي.. إذ من دون أن نمس الوحدة الوطنية نستطيع العمل برنامج مستقل
خارج مظلة القمع والقوى القمعية والقوى (غير الديموقراطية) مهما كانت تلك
الأنظمة أو القوى وطنية. والقضية الثانية أننا نرفض التهديدات الخارجية
ونرفض كل صيغ التدخل العنيفة فالموقف الأخلاقي شيء لا ينفصل ولا نستطيع
التمييز بين ميكيافيلية وأخرى، بين ميكيافيلية نظم قمعية تدعي الوطنية، و
ميكيافيلية خارجية وعولمية تدعي الديموقراطية وتحرير الشعوب.
3- إن مسألة عدم التنسيق وعدم التحالف لا تلغي أبداً ضرورة وحتمية قيام
الحوار الوطني العلني والشامل بين الأطراف والفعاليات الموجودة في الوطن..
بل نعتبر ذلك الحوار في حده الأدنى وسيلة لتحديد المواقف هذا إن لم يتحول
ليساهم في تعزيز الوحدة الوطنية عندما يكون ديموقراطياً ويأتي بإنجازات
ديموقراطية .
4- نعتقد أن الصديق صاحب المقال قد بالغ بحقيقة وجود قوى فعلية منظمة
تطالب بحضور أطراف خارجية لحل أزمة الوطن.. نعم هناك الكثير من الحالات
الفردية في وسط المثقفين والمهتمين بالشأن العام وإن استمرار النظام بنهجه
وممارساته تجاه المجتمع وقواه السياسية.. يرفع من عدد تلك الحالات ... ويخلق
الشروط المناسبة تماماً للاختراقات الأمريكية بكل ما تعنيه قيمياً ،
سياسياً، أخلاقياً.. يخلق جواً من الإحباط وفقدان الأمل بالمستقبل عبر التطورات
الداخلية الذاتية.. ومن جهة أخرى نعتقد أن استمرار المعارضة الديموقراطية
الوطنية بنهجها وممارساتها.. وعدم تطور حواراتها ومؤسساتها وعدم تقدمها إلى
العالم والمجتمع والنظام كمعارضة جادة وفعالة... يساهم أيضاً في الإحباط
والضياعات الوطنية والطروحات القصوية الخاطئة كلياً.
5- أخيراً.. يجب أن نميز بدقة تامة بين الادعاء بالوطنية.. وحق الادعاء..
وحق اكتساب هذه القيمة.. وبين الطروحات والممارسات التي قد توصل إلى حجم
معاكس .. نقصد أننا ضد الاتهام المسبق.. بل إننا مع التصديق الفعلي لادعاء
أي طرف بوطنيته .. لكن المشكلة ليست في الادعاء الأخلاقي والسياسي
والقيمي.. إنها في محتوى الطروحات والبرامج والممارسات.. وكل هذا يحتاج لنقاش
وتحديد يأخذ بعين الاعتبار الكثير من التطورات والشروط المتغيرة والقيم
الأخلاقية والسياسية المعاصرة.
"هيئة التحرير"
فلنناضل لإطلاق سراح المناضلين
1- الدكتور عارف دليلة . (خاصةً وأنه في حالة مرضية خطيرة).
2- حبيب عيسى .
3- الدكتور وليد بني .
4- فواز تللو.
5-
"على طاولة مستديرة ناقشت محاضرة الدكتور /محمد السيد سعيد/ حضرها عديدون
ودعي إليها رفيقنا فاتح جاموس بحيث ساهم بمداخلة يفترض أنها ستنشر مع
غيرها بمطبوعة خاصة بمنتدى الأتاسي.. ونحن بدورنا نقوم هنا بنشر المداخلة" .
"هيئة التحرير"
احتمالات الصراع الأمريكي السوري، وموقع المعارضة الديموقراطية (*)
فاتح محمد جاموس
(1) دعونا نتساءل عن سوية ومحتوى التحليل، والخيارات الموضوعة على طاولة
المسؤولين أصحاب القرار في قمة الهرم السياسي السوري، فيما يتعلق
بالتهديدات والتناقض مع أمريكا، الصراع معها وآفاقه (بشكل خاص على طاولة الرئيس).
ثم دعونا نجري مقاربة مقارنة على مادة الدكتور محمد سعيد : أولاً كباحث
موضوعي في أهم مركز بحث استراتيجي عربي، وثانياً كمواطن عربي ذي هوى يصعب
فصله في قناعاته والخيارات التي يطرحها على النظام السوري، عن انتمائه
القومي. يريد الخير لسورية . يريد لها التطورات الآمنة التي ستنقذها من الدمار..
أعتقد أننا نستطيع الإجابة بإبداء الملاحظات التالية بدءاً:
1- سنجد تشابهاً أو تقارباً موضوعياً في تعداد احتمالات السياسة الأمريكية
نحو سوريا والمنطقة وعلى الأرجح سنجد بعض الفروق في الأولويات.. وفي عدد
تلك الخيارات الاستراتيجية الأمريكية مكشوفة للعاملين في تقديم الاستشارة..
مخاطرها وتهديداتها مكشوفة.. ولابد أن يكونوا صادقين مع النظام والرئيس
ومع أنفسهم على الأقل ليشيروا إلى المخاطر واحتمالات التصرف الأمريكي
والوسائل المحتمل استخدامها.. الوتائر الزمنية للتدخل.. ولحظات الخطر الشديد..
ولحظات الحسم.
2- لقد وصف الدكتور محمد بدقة البديل الأول الذي يأخذ به النظام السوري
والبدائل الأخرى المحتملة .. مع شرح في الأسباب العميقة والتاريخية لكل
ذلك.. ولابد أن نجد على طاولة الرئيس مقاربات تعزز ضرورة الاستمرار باستخدام
ذلك البديل أو الخيار (القديم والأبدي) مع التكتيكات اللازمة.
3- لكن وعلى الأرجح الأعم إن لم نقل بالمطلق.. لن نجد أبداً على طاولة
الرئيس أي اقتراح مشابه للبديل الرابع الخاص بالدكتور محمد لهذا البديل سيكون
من منظور اللعب على الزمن، منظور التكيف مع ضغوط العامل الخارجي وعدم
القدرة على إدارة الظهر له.. منظور اللعب التكتيكي الخفيف والمؤقت، لقد فقدنا
الثقة أن هناك من لديه الجرأة الأدبية والأخلاقية، الجرأة الذهنية، القدرة
على نقض الذات بين مجموعة المستشارين والخبراء ليتجاوز ذلك الاندماج في
بنية النظام، طريقة تفكيره، أولوية المصالح السلطوية.. ليتقدم بتحليله
وخياراته ويضع "البديل الرابع".. كل العالم مجمع أن خيار الإصلاح السياسي -
الديموقراطي- الجاد ، العميق والتدريجي هو الحل .. ما عدا النظام وواضعي
خيارات سياساته.
(2) هكذا كان الباحث موضوعياً في مقاربته للسياسات الأمريكية والخيارات
المطروحة أمام الإدارة القائمة أو التالية - كما كان موضوعياً عندما شرح
البدائل خاصة الخيار الرئيسي الذي يتبعه أو يمارسه النظام السوري - كان
كذلك لأنه اعتمد تحليل الأسباب العميقة والفعلية - أما بتقديمه للبديل
الرابع.. كخيار شخصي من جهته.. أو خيار الإصلاح السياسي الديموقراطي ليتبعه
النظام.. أو خياراً ممكناً للنظام.. فقد كان عاطفياً .. بل حاول إقناع النظام
بالمستوى النفعي البراغماتي له في ذلك الخيار بمعنى تحقيق مصلحة النظام
أولاً على المدى القريب والبعيد ثم مصلحة الوطن.. إن الخيار الذي قدَّمه
الدكتور محمد لم يقم على أسس التحليل التاريخي، الاجتماعي، السياسي.. ليؤكد
لنا فيما إذا كان اقتراحه قابلاً ليتخذه النظام كخيار له أم لا.. أم أن ذلك
الخيار يخص قوى أخرى..
(3) من الواضح أن الباحث يهتم في محاضرته باللاعبين الكبار، الحاسمين في
ذلك الصراع.. أو المؤثرين به بدرجات ملحوظة (الإدارة الأمريكية، المعارضة
الديموقراطية الأمريكية، الكيان الصهيوني، المجتمع الأمريكي واللوبيات،
المجتمع الدولي ومراكز القرار والنفوذ) ومن جهة أخرى (النظام السوري،
الانتفاضة، المقاومة والشروط العراقية، بعض الأنظمة العربية الرسمية).
وعلى الرغم من اهتمامه المركز على سوريا إلاَّ أنه على ما يبدو لا يجد لا
عبين آخرين. لا يجد سوى النظام، هل يريد القول أن المجتمع مغيب ولا دور
له، أن المعارضة السورية، أن سوريا كلها موحدة في موقفها من أمريكا.. وأن
قضايا الاستراتيجيا والتكتيك والوسائل في ذلك واحدة والكل يتصرف على هامش
النظام.. هل يريد القول أن كل ذلك بوجوده القائم لا قيمة له في المستقبل
القريب.. ، في العراق كانت معارضة وكان يحسب حسابها بالتغاضي عن وزنها.. هل
يريد القول أن بقية الأمور ليست من شأني. فأنا أبحث في المسائل،
التأثيرات.. السياقات.. والاحتمالات الرئيسية فحسب.. الباقي شأنكم إن وجد!؟
(4) بعد هذه المقدمة حان الوقت لإبداء بعض الملاحظات على محاضرة الدكتور
محمد. إذ ربما يصبح بعدها بالإمكان بحث الأدوار المحتملة للمستقبل ..
لأطراف ولاعبين غير موجودين الآن بفعالية..
?أ- اعتقد أن هناك إشكالاً كبيراً يخترق المحاضرة ذلك بسبب إغفال الإشارة
إن لم نقل البحث المكثف لمحتوى واتجاهات وسائل الشيء أو الوجه الرئيسي
والحاسم فيها..
?ب- هناك ضرورة لتحديد حصة المنطقة من تلك الاستراتيجية ما هي
الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بها.. ما هي التكتيكات والوسائل المحتمل اتباعها.. مع
ربط أسباب التدخل، أو إعادة صياغة المنطقة، بذلك العامل الاستراتيجي
الرئيسي.. والعامل الرئيسي الخاص بالمنطقة.
?ج- عندما تعلق الأمر بسوريا طُرحت أسباب عديدة دفعت في تطور السياسات
الأمريكية وخياراتها. (1) الحرب ضد الإرهاب.. وموقع سوريا في ذلك وعلاقاتها
مع أطراف إسلامية كثيرة ومتشددة في عدائها لأمريكا.. إيران، حزب الله،
القوى الإسلامية الفلسطينية (2) نظرية قائمة الاستهداف ومعاقبة العرب والنظم
الطاغية (3) موقف النظام السوري في العراق (4) العقدة تجاه الدور السوري
في العمليات العنيفة ضد الوجود العسكري الأمريكي في لبنان واضطراره للرحيل.
(5) العقدة تجاه الأنظمة الراديكالية التي لا تزال تقاوم على الطريقة
السوفيتية (القلاع) (6) التناقض مع "إسرائيل" والموقف في المسألة الفلسطينية..
إلخ.. في البحث تبدو الأسباب غير محددة في لائحة الأولويات.. التحالف
الأمريكي - الصهيوني الاسرائيلي اليميني يغير أولوياته في الأسباب.. هكذا
فالسبب الرئيسي غير محدد.. وغير محددة علاقته بالاسترتيجيا والأسباب الرئيسية
فيها.. وأسباب توجهها أو تحركها نحو سوريا.. يبدو التحليل والروابط
السببية غير ذات صلة بعامل رئيسي.. هكذا تصطف عددياً إلى جانب بعضها .
?د- أعتقد أن العامل الرئيسي أو الدافع الرئيسي في الاستراتيجية الأمريكية
في المنطقة يتعلق بموجة التناقضات والصراع الإسلامي - الأمريكي التي حلت
محل الموجات الأخرى القديمة الشيوعية، الاشتراكية، القومية، تلك المجمدة أو
المستريحة.. إن العامل الإسلامي هو الحاسم وليس العامل العربي (أو العامل
العربي المتمفصل على الحالة الإسلامية والموجة الإسلامية).. كل الأطراف
الفاعلة في الصراع ضد أمريكا هي إسلامية .. والنظام السوري في الأوراق التي
يستخدمها . أو يلعبها .. يلعب بأوراق إسلامية عديدة.. خلفها أطراف جادة
بعدائها لأمريكا.. هكذا يصبح التدخل في المنطقة لإعادة صياغتها هام جداً في
الاستراتيجية الأمريكية..هذا عامل حاسم وضع أمريكا ليس فقط في حالة الصراع
مع تيار "بن لادن " أو ما شابهه.. بل مع الإسلام ككل .. شعوباً، ثقافة،
حضارة، وإسلاماً سياسياً متعدداً جداً.. المنطقة مولّد موجة العداء
لأمريكا.. في المنطقة إسلام أو عرب مسلمين.. وفي المنطقة بعض أنظمة مغلقة على
التطور بعلاقتها مع شعوبها.. أنظمة قمعية وشمولية تخلق بسبب ذك كل ردود الفعل
المتعصبة.. أنظمة لا خيار أمامها إلاّ الانتحار الذاتي.. أو الخيار
الأمريكي في النهاية.. ما بينهما تبدو الخيارات الديموقراطية .. وسحب الذرائع من
تحت الأرجل الأمريكية... تبدد خيارات مستبعدة .. أو صعبة جداً.. إن بحث
العامل الإسلامي في كل ذلك يسمح للمعارضات الديموقراطية الوطنية واليسارية
منها بوجه خاص بوضع سياسات صائبة متنوعة.. مناقضة لسياسات الإسلاميين
بتحالفاتهم مع الولايات المتحدة وكامل جيش الأنظمة العميلة سياسياً لها في
أفغانستان ضد الشيوعية والشيوعيين . سياسات لا يحكمها رد الفعل.. سياسات تقوم
على معرفة طبيعة شعوبنا.. وفي نفس الوقت.. لا تلغي أبداً النقد التنويري
الشامل لكل مظاهر ومفاهيم التعصب والتخلف والانغلاق.. ولا تلغي الموقف
السياسي النقيض للاتجاهات المتعصبة الدموية والعنيفة كالقاعدة.
?ه- في المحاضرة غياب لبحث ومقاربة وتائر التدخل الأمريكي، شروط الحسم
ولحظاته.. يجب التمييز بين وجود قرار بالتدخل لإعادة صياغة سوريا كلياً.. وهل
هي إعادة صياغة للمجتمع والمفاهيم والصراع مع اسرائيل.. وإعادة صياغة
النظام.. والبنى الفوقية.. أم خاصة حصراً بالنظام.. ثم ضرورة بحث وسائل كل ذلك
هذا يجعل البحث أكثر دقة وأكبر تأثيراً.
(5) أخيراً.. نحن في المعارضة الديموقراطية هل لنا موقع في كل ذلك وهل
نستطيع فعل شيء؟ هل سبقنا الزمن بتسارع التطورات ؟ أم لا تزال أمامنا فرصة
الزمن الضائع بعينه.. أعتقد أن الباحث كان مخطئاً في كل الأحوال عندما أسقط
من بحثه أو حساباته هذا العامل.. خاصة وأن بحثه أو مقاربته الاحتمالية أو
بديله الخاص (الرابع) .. تبدو مغلقة فيما يتعلق باحتمال تقدم النظام
السوري إلى التاريخ وإجراء تطورات حاسمة في بنيته، سياساته، ووسائله الداخلية
بعلاقته مع المجتمع وقواه.. فعلى الرغم من ضعف المعارضة، تشتتها: تخلف
مؤسساتها ووسائلها، وجود حساسيات وتناقضات داخلية في صنوفها.. هي بعينها التي
يجب العمل عليها لترتقي إلى معارضة ظل.. معارضة قطبية جادة.. تمثل حالة
نقيض لطبيعة النظام وتوجهاته نحو المجتمع.. أو وسائل إدارته للصراع والأزمة
مع أمريكا.. تسعى من الآن للعب الدور المطلوب في الخيارات وإنقاذ سوريا.
أعتقد أن أهم درس في الوطنية يمكن لحظة وتعلمه هو من أمريكا بالذات..
فهناك تحول كل شيء لخدمة المصالح والأهداف والاستراتيجية الأمريكية.. وآليات
النظام الرأسمالي الديموقراطي ومهما قلنا فيها.. استطاعت المحافظة على
روابط المصالح العليا بين الطبقة أو الفئات الحاكمة.. ثم المعارضة والمجتمع..
عندنا في سوريا. وعندما رفض النظام ذلك (لا بالقول والادعاء والقناعة
الداخلية الذاتية له، بل بالنهج والممارسات).. عندما فشل كلياً فيه.. عندما
يكون في حالة رفضه إرادياً بسبب إصراره على استمرار احتكار السلطة وشمول
القمع ومصادرة كل حركة وكل حرية تفكير في المجتمع.. بسبب إصراره على القوانين
التمييزية في الحقوق الوطنية.. والحقوق المتساوية كما يفترض في إدارة
الصراع والأزمة.. بفرض أن الإدارة أو السلطة الأمريكية هناك تضحك على الكتلة
الشعبية أو تخدرها أو تعمقها بالوسائل الديموقراطية والدعائية والوضع
المعيشي..إلخ. فلماذا هنا لا يضحكون علينا بأقل من ذلك، بعشر سنوات من التطور
التدريجي .. بحالة تشبه الحالة المصيرية ولو بعد خمس سنوات أو أكثر.. لماذا
يصرون هنا أن الوطن للسلطة وحزبها فقط.. وأن رسم سياساته المصيرية من
اختصاصها.. لماذا جعل القانون والدستور من البقية مواطنين من درجات أدنى غير
موثوقين، غير مؤتمنين وطنياً..
حان الوقت لتتقدم المعارضة إلى التاريخ بجدل صحيح بين حتمية استمرار
النضال الديموقراطي من جهة.. وتسخير كل شيء في سوريا بصورة سلمية علنية
ديموقراطية متدرجة. إقناع النظام دفعه. تحفيزه..أو إجباره سياسياً وأخلاقياً على
الموقف الوطني الشامل.. حان الوقت لنقول بصوت مرتفع واضح ومستقل. .إن
الوطن للجميع .. إن لنا حقاً به كالنظام.. وإننا حريصون عليه مثله أو أكثر..
وإن لنا خطتنا المستقلة في مواجهة المخططات طالما أن النظام يصرُ على
إلغائنا.. يصر على وسائله القديمة وإدارة ظهره للمجتمع.. وخطتنا تلك لن يتوقف
فيها النضال الديموقراطي أبداً.. فكل شيء في العالم يؤكد أن الديموقراطية
ترفع من مستوى الاندماج الوطني.. بينما احتكار السلطة والقمع يؤدي إلى
العكس.. بذلك.. وبتحسين علاقاتنا ببعضنا.. والدفع لتشكيل مؤسسة تعبيرية لكل
فصائل المعارضة تدير تفاصيل العمل المعارض وتطوره.. وتطور مؤسساته.. بذلك
نتحول إلى اللاعب التاريخي المحتمل.. وإلاًّ فالزمن يمر.. والقادم يجلب معه
العنف المعمم، والحرب الأهلية، والإرهاب،
والدمار للوطن أكثر مما هو عليه.
فاتح محمد جاموس - حزب العمل الشيوعي
2004 /8/15 آب
___________________________________________________________________
الإصلاح السياسي في سورية
في مساء 30 /9/2004 أقدم الرفاق في حزب العمل الثوري العربي على مبادرة
إيجابية حقاً ذلك على هامش الذكرى السنوية لوفاة الرفيق (محمد سلام- أبو
ياسر).. أولاً بتحديد موضوع هام للحوار بين المدعوين وهو (الإصلاح السياسي في
سورية : واقع وآفاق) عوضاً عن التقليد المعروف المتكرر وكلمات العزاء ..
إلخ.. وثانياً بدعوة طيف واسع من المعارضة أحزاب، فصائل، فعاليات، أشخاص
لتقديم الآراء والمواقف.. وإجراء نقاش مفتوح حول كل ذلك..
- دعي حزبنا إلى الندوة بعدد من الرفاق.. لتقديم مساهمة.. قدمها الرفيق
صفوان عكاش.. نحن بدورنا سننشر مساهمتنا.. ونتقدم بعدد من الملاحظات.
1- كنا نتمنى على الرفاق استكمال خطوتهم بدعوة القوى الديموقراطية الوطنية
الكردية.. إلى الندوة .. بذلك يصبح التوافق بين الوعي والادعاء
الديموقراطي والممارسة أكثر صدقاً ووضوحاً.. ونتمنى أن يحصل هذا دائماً في أي فعالية
للمعارضة الديموقراطية.
2- نرغب أن يكون الرفاق قد سجلوا الندوة.. وأن يقوموا بنشرها على شكل
مطبوعة خاصة.. إذ كانت هناك الكثير من الآراء الهامة والجريئة التي نعتقد أنها
ربما مثلت لأول مرة في وسط واسع للمعارضة.. بشكل خاص الملاحظات النقدية
التي قيلت بحق المعارضة والتجمع الوطني الديموقراطي منها تحديداً وضعه
البرنامجي والتنظيمي ودوره وعلاقته بالأطراف المعارضة الأخرى.
3- كما عكست الندوة بالآراء المتنوعة، المختلفة، والغريبة أحياناً.. خطورة
أهمية وحساسية الشرط السياسي الذي يمر به الوطن السوري ونعني هنا بشكل
أخص.. العامل الخارجي ودوره في العمل الوطني.. وحدود تجاوز أو عدم تجاوز
البعض للمفاهيم السياسية والحزبية القديمة القمعية.. إلى درجة التحديد المسبق
الغريب لمفهوم الأقلية في الحزب.. وعدم قبول الآراء المختلفة حول العامل
الخارجي ودوره حتى لو كان يفهم أصحابها وحزبهم معنى البرنامج والمهمة
المركزية ووحدة العمل الحزبي في المجتمع.. وإمكانية الاختلاف التنظيمي
الداخلي..
4- قدمت مساهمات ومداخلات غنية فعلاً حول الإصلاح.. موقف السلطة الحقيقي
منه... موقف المعارضة... هل حسمت أمرها أم لا باتجاه الاصلاح.. هل وضعت
برنامجاً خاصاً بذلك أم لا ولماذا.. قوى الإصلاح.. آفاقه.. القوى الخارجية
وحقيقة موقفها من الإصلاح..
5- أخيراً نعتقد بدورنا أن الخطوة الأولى الحاسمة لتأخذ المعارضة دورها
المطلوب وفرصتها الجادة تجاه الوطن والأزمة المغلقة فيه هي تطوير ذاتها بأن
تبدأ فوراً بتشكيل هيئة تنسيق مشتركة لكل فصائلها وفعالياتها عرباً وكرداً
بدون استثناء، هيئة لها صلاحيات قيادة تفاصيل العمل الديموقراطي المعارض..
وصلاحيات تطويره.. إن مثل هذه الهيئة ومن اللحظة الأولى ستخلق طاقة تفعيل
خاصة وهامة جداً.. وستخلق للمعارضة وضعاً واعتباراً مختلفاً فوراً عن
الماضي.. أمام ذاتها.. أمام النظام.. وأمام القوى الديموقراطية والانسانية
والدولية في العالم..
"هيئة التحرير".
الإصلاح في سورية
في البداية أتوجه بالعزاء إلى أسرة الرفيق الفقيد محمد سلام والرفاق في
حزب العمال الثوري وجميع أطراف الحركة الديموقراطية في وطننا الصغير
"سورية".
أيها الرفاق والأخوة
أصبح الإصلاح في السنوات القليلة الماضية مادة شائعة للحوار والنقاش
العام، فتكاد لا تخلو ندوة ثقافية أو سياسية أو حلقة نقاش من الحديث عن
الإصلاح، ويضطرد هذا الحديث إلى مجالات الإصلاح وأدواته ووسائله وخلفياته الفكرية
وقواه الاجتماعية ومن سوف ينجز هذه المهمة الجليلة، والإصلاح مفهوم جزئي
مشروط يفترض إدخال تغييرات تحسينية على جوانب المجتمع والنظام السياسي التي
أصابها الخراب والفساد وأن ذلك ممكن إذا توفرت النية الصادقة والإرادة
العازمة لدى السلطة السياسية. ومع أن كثير من المنادين بالإصلاح والمؤمنين
حقاً بضرورته يدركون أهمية الإصلاح السياسي ويشددون عليه إلا أننا نلاحظ
انحداراً مستمراً في سقف المطالبة الإصلاحية من الإصلاح السياسي إلى الإصلاح
الاقتصادي إلى الإصلاح الإداري الشامل إلى الإصلاح القضائي وصولاً إلى
إصلاح ما يمكن إصلاحه.
ومرد هذا الانحدار عدم واقعية مطلب الإصلاح إذ لا تتوفر الشروط الضرورية
لتحقيقه من جهة الافتقاد إلى إرادة وقدرة السلطة السياسية التي تحتكر إدارة
الشؤون المجتمعية كافة، وضعف أدوات الضغط المتوفرة لدى المنادين بالإصلاح.
فهذه السلطة بما تمثله من قوى طبقية ومجتمعية لا تريد الإصلاح لأنه يتعارض
بداهة مع المصالح الاحتكارية والمافيوية لهذه القوى، وهي عاجزة عن إنجازه
لأن نظامها السياسي الشمولي بالذات بحاجة إلى إصلاح وهذا النظام الشمولي
هو مبدأ وجودها واستمرارها مما يجعل إجراء تغييرات مهمة عليه عامل عدم
استقرار يهدد ذلك الوجود والاستمرار، فأيّ عاقل واع لمصالحه يجازف بسلوك الدرب
الإصلاحي؟!.
في مثل هذا الوضع يغدو الاستناد إلى فئة اجتماعية، تجد في هذا الإصلاح
مصلحتها ومصلحة المجتمع، شرطاً اجتماعياً لازماً لإنجاز الإصلاح، غير أن
المستوى القائم من الشمولية والفساد والاستعداد الذهني لا يسمح بذلك، فحتى
الإصلاح الشكلي الهادف إلى إطالة عمر النظام وبث الحيوية فيه (على الطريقة
المصرية مثلاً) يتطلب درجة من الشفافية والانفتاح السياسي وضمانات قانونية
لا مجرد أوامر إدارية يتم التراجع عنها عند تغير الظروف.
من جهة ثانية فإن ما يعانيه العمل الديمقراطي المعارض من ضعف وتشتت وتنافر
وأوهام وافتقاد إلى البرنامج الديمقراطي الوطني الشامل وأدواته يجعل محصلة
قواه قريبة من الصفر، وبالتالي تنعدم لديه القدرة على فرض أي إصلاح.
أمّا الضغوط الخارجية المطالبة بالإصلاح فهي حتى الآن، والأرجح أن تستمر،
ضغوط منافقة هدفها الحصول على تنازلات سياسية خدمةً لمصالح السيطرة
الإمبريالية، حيث تتراجع المطالب الإصلاحية إلى أسفل القائمة وربما إلى سلة
المهملات ما أن تلوح إمكانية تحقق هذه التنازلات.
باختصار نقول إن حديث الإصلاح حديث خرافة، وليس أمام هذا المجتمع من سبيل
إلا التغيير الديمقراطي السلمي الشامل ومقدمته عدم اكتفاء المعارضة
الديمقراطية بالموقف النقدي على ضرورته، بل تجاوز ذلك إلى طرح برنامج ديمقراطي
وطني شامل على رأسه إلغاء حالة الطوارئ ، مع رفع مستوى التنسيق والتوحّد
إلى أقصى حد ممكن، وصولاً إلى تشكيل قطب مجتمعي ديمقراطي؛ كفانا أوهاماً
ولنبدأ العمل معاً. صفوان عكاش/حماه



فلنناضل لإطلاق سراح رفيقنا عبد العزيز الخير
فلنناضل لإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في السجون السورية



#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب العمل الشيوعي في سورية يتقدم بورقة حوارية وموقف من -الور ...
- -بيان- حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
- - ورقة دعوة- من أجل المساهمة الندية والديموقراطية
- أهلاً بالرفيق عماد شيحا معنا وأهلاً قريبة بالرفيق عبد العزيز ...
- نداء بصوت أعلى من أجل تطوير حركة المعارضة الديمقراطية
- بيــــــان حول أحداث القا مشلي من حزب العمل الشيوعي في سوريا
- بيان


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - الآن – العدد 21 – أيلول 2004