أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - يا له من عالم طريف ! قراءة في رواية عالم جديد شجاع















المزيد.....

يا له من عالم طريف ! قراءة في رواية عالم جديد شجاع


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 6162 - 2019 / 3 / 3 - 10:18
المحور: الادب والفن
    


يا له من عالم طريف
عالم بلا روائح كريه ولا قاذورات ولا تشوهات و لا امراض ولا شيخوخة ولا الهة ولا امهات !
عالم يستغنى فيه عن الزواج وعن الحمل داخل الارحام فيختفى من العالم الجحود والنكران و منازعات الاخوة على الميراث , فينشأ ما يسمى الاستقرار - الذي هو شعار الكوكب الجديد جنبا الى جنب شعار الهوية والجماعة ,
فالجميع للجميع بلا حدود .
عالم يستغنى عن عالم الشعر والفنون والجمال. وينصب الاهتمام لعالم صناعي ديناميكي يعمل فيه الجميع من اجل الجميع .
ان يتم تكوين الاطفال ضمن طريقة علمية داخل القوارير فلا عمليات جراحية ولا صراخ ولا عمليات اجهاض ولا ارحام تنزف ولا نساء تصرخ في المستشفيات .اليس هذا رائعا !
ان لا يلتقى رجل بإمرأة من اجل الانجاب بل لا داعي لخرافات الزواج ولا مسميات شائنة , مثل كلمة الوالدين التي تثير الغثيان , يتقزز الجميع من كلمة أم و يعتبرها كلمة معيبة ويسخر من كلمة الأب ويعتبرها كلمة همجية , فالعالم المتمدن الشجاع الجديد لا يعترف بصلة القرابة مثل الام او الاب ويعتبرها كلمة بذيئة قد تجعل الاطفال يغضون الطرف عن الذي تفوه بها تحقيرا له كما جاء بالرواية .
إن اجراء اصلاحات خارج صاروخ في الهواء عملية حساسة , لذا فنحن بحاجة لإنتاج بشر تكون سعادتهم الفائقة عندما يقفون على رؤوسهم ولذلك فنحن نكيفهم على ذلك التوازن وهم اجنة في القوارير وذلك عن طريق تدفق السائل المغذي الذي نزيده وهم في وضعية المقلوبين رأسا على عقب ونقلله وهم في الوضعية العادية هذا ما نسميه التكييف ,
فالأطفال من انتاج المصنع , كل حسب نوعه مقسمين (الفا , بيتا , الجاما , الدلتا ,الابسيلون ) و يعد كل نوع اعدادا خاصا يلائم تكوينها الجثماني واستعدادها العقلي وعلى كل طبقة ان تؤدي عملها المطلوب منها بدون تذمر ولا شكوى بل لا يوجد شكوى ولا تذمر لأنهم يعتقدون أن هذا واجبهم فهم متشابهون في كل شيء حيث تنقسم البويضة الواحدة بعد عملية التبرعم الى انشاء مجموعات متشابهة من البشر جميعهم خرجوا من بيضة واحدة واجريت عليهم عملية اسماها المؤلف عملية بوكانوفسكي حيث يمكن للمصنع الصغير ان يقوم باسره على رجال من انتاج بيضة واحدة ( يعني بلغتنا هم أخوة ) وكل ذلك من اجل شعار الكوكب الذي يقطنه "الجماعة والتشابه والاستقرار " .
ولا ننسى عملية التكييف التي ترمي الى جعل الناس يحبون مصيرهم الاجتماعي الذي لا مفر منه , فالذين تقرر لهم ان يكونوا عمالا في المناجم أو صناعا في الحديد الصلب - هؤلاء يتعرضون لتكييف الحرارة بل وايضا يتعرضون للتدريب على حبها . إ نه حقا عالم طريف , اليس كذلك !
في عالم االعلم و قوارير الاجنة و معامل التفريخ البشرية ,لا داعي للتعلم ولا الذهاب الى المدارس , فالتعليم يحدث اثناء النوم وقصة الطفل "روبن رابنوفتش" البولندي الذي سمع حوارا للكاتب " برنارد شو" باللغة الانكليزية من اذاعة مفتوحة نسي والدا الطفل اغلاقها ,وبينما كان الطفل يغط في نومه كان جهازه العقلي يعمل و يحتفظ بما يسمع . وعندما استيقظ من نومه تكلم باللغة الانكليزية بنفس الكلام الذي سمعه من الاذاعة وهو نائم وهكذا اكتشفوا "طريقة التعلم اثناء النوم "او ما يسميه (هبنوبيديا) حيث تكرر الدروس على مسامع الاطفال النيام اكثر من اربعين مرة قبل ان يستيقظوا بمعدل 120 مرة بمعدل, ثلاث مرات كل اسبوع , لمدة ثلاثين شهرا ,وبعد ذلك ينتقلون لدرس آخر .
وكل هذه الايحاءات التي يتم تلقينها بالهبنوبيديا ,هي من ايحاءات الدولة !
. إ نه حقا عالم طريف , اليس كذلك !
اما بعد ان يخرجوا من الاجنة و يصبحوا صغارا يلعبون فان هناك فئة منهم عليها ان تكره الكتب والزهور وذلك باستخدام ",طريقة بافلوف للتكييف" ,حيث يقبل الصغار على الكتب المفرودة على الارض و الملونة بأجمل الالوان والمليئة بالرسوم الجميلة ,فيحدث الضجيج المفزع فيرموا الكتب أرضا ,وعندما تقترب ايديهم من الزهور تتعرض ارضيتهم لهزة كهربائية وذلك لإحداث ما يسمى بالاقتران ,وسوف يتعرض الاطفال لهذا الحدث يوميا لمدة مائتي مرة ليحدث ما يسمى كرها غريزيا للكتب والزهور بالإقتران بضربات الكهرباء , فينبت جيل من الصغار يمقتون الكتب وعالم النبات طول حياتهم , وهم كما شاء لهم ان يكونوا لكي يكونوا مبرمجين على عمل آخر لا يمت لعالم الكتب ولا النبات بصلة .
. إ نه حقا عالم طريف , اليس كذلك !
وعندما جاء بطل الرواية الذي ولد طبيعيا من رحم امراة متمدنة ورجل متمدن ,ولكنه عاش في مجتمع الهمجيين كما اسماهم المؤلف كان هذا البطل يدعوهم للالتفات للجمال والحب والفضيلة والشعر والفنون ولكنهم كانوا يهزؤون من حماقاته الهمجية و يعتبرون الزواج , مضيعة للوقت . ويعتبرون الحب والوصال والآلام والهجران كلها تمحى بسف غرام من عقار السوما وهو عقار مثل االمورفين أو المخدر ولكن بدون اعراضها السيئة , فنصف غرام من السوما مفيد لنصف عطلة كما يقولون "خذ اجازة من الواقع متى احببت .ثم عد دون أعراض الانسحاب من صداع أو خلافه ودون تعقيدات الميثولوجيا .
فحسب الحكم المتلقاة عليهم عبر التعليم اثناء النوم " يعالج سنتيمتر مكعب واحد عشرة من المشاعر القاتمة " وهكذا تصبح حياتهم بلا منغصات ولا مشاعر متضاربة وبلا ندم .
إما بخصوص الأعمال المستقبلية فكما قلنا فلكل فئة وظائفها التي تكيفت عليها وهي في القوارير
فهناك عناصر تضاف أو تقلل للأجنة في القوارير , ليخرج كل قسم بمميزاته الجثمانية الخاصة به
فهناك الاجنة التي ستنمو في القوارير على اساس انها اقزام لكي تقوم باعمال خاصة مصممة لها مثل العمل بالمناجم ويحدث ذلك بتخفيض الاوكسجين لديها اثناء نموها في القوارير , فكلما انحط النوع , قل الاوكسجين لتلك الاجنة
واذا كان الاوكسجين سبعين في المائة من المقدار المعتاد ,تكونت الاقزام اما اذا قلت عن سبعين كانت المخلوقات عجيبة بغير عيون وهي كما قال مستر فستر لا تجدي البتة .
وهكذا قد تجد قرية كاملة انتجتها المعامل من بويضة واحدة تم تقليل نسبة الاوكسجين لها لكي تنتج قبيلة بشرية من الأقزام لهم نفس الاشكال والاحجام والاوزان , يعملون في نفس المنجم أو المعمل بكل رضا وقبول وانسجام بلا مكائد ولا مؤامرات .
أليس حقا هذا هو العالم الطريف !
هناك ,لا وجود لفقدان العدالة ولا حروب المساواة ولا منظمات حقوق الإنسان ولا حملات تضامن لأسرى ولا حروب طاحنة فالكل ينتمي للكل
إنه عالم طريف جدا , بل عالم شجاع حقا إن حدث ولا علم لي بطريقة تفكير المترجمة عندما حولت العنوان الأصلي للرواية من " عالم جديد شجاع " لعالم طريف
فهل كانت تسخر من هذا العالم الغير واقعي أم إنها كانت تميل لواقع حياة المدن الفاسدة "الديستوبيا " بالذات بما فيها من كوارث و جحود ونكران و مشاكل لا تنتهي ,أم إنها تحايلت على الرقابة بتغيير الاسم لكي تمر الترجمة بدون منع من النشر لما تحمله الرواية من تبشيرات مستقبلية تعارضها الأديان كافة .
الجميل أن الرواية مسلية ومن هنا اعتبرتها المؤلفة طريفة كما أعتقد , ولكن الاجمل ان اقتراح الكاتب لها " أولدس ليونارد هكسلي" الذي ولد في انجلترا عام 1894 و الذي كان لا يزال على قيد الحياة عند اصدار هذه الرواية ( 1947) و التي تخلو من البناء الفني المتعارف عليه لفن الرواية من حيث المدماك المعماري الناقص في عناصر القص , إن فكرتها الجامحة بقيت تطرق المخيلة الشغوفة بالتغيير والتحولات ولكن الاغرب ان لا شيء من تلك الاحداث المثيرة حدث حتى الآن .ماعدا بعض ولادات الاجنة التي صار لها اسم اطفال الانابيب وهم انتاج قليل نظرا لصعوبات حالات التلاقح بين الزوجين , ولم تصل لنا حتى النصف غرام من حبة السوما بعد للأسف .
أما فيما عدا ذلك فهو محض خيال جامح لمؤلف يعلي من قيمة العلم ولا أعتقد أن المترجمة التي كتبت مقدمة عن المؤلف أن المؤلف يسخر من تغول العلم على الحياة لأنه اعطى الرواية عنوان" العالم الجديد الشجاع " فالعنوان لا يحمل معنى السخرية بتاتا ولكنها بترجمته للعالم الطريف تكون هي من سخرت من الفكرة واعتبرتها وكأنها دعابة أو نكتة ولكن لها العذر بذلك فما دام لم يحصل العالم على شجاعته بالتخلص مما يسميه الامومة والابوة وما بينهما من مصائر واحداث ,
فاعتقد ان ترجمة العالم الطريف هي الأنسب حاليا إلآ أن تختلف المعادلة نسبيا وفعلا
إنه عالم طريف حقا , اليس كذلك !



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة شحادة و وسيم يوسف
- تسييس الرياضة والفوز المكبل
- إبكي ايتها الصغيرة - نقولها إلى وزيرة الرياضة في الكيان الصه ...
- ملفوفا بسجادة
- ماركات و مجوهرات لاتصنع كينونتك
- دروع بشرية و رهائن لخدمة شعب الله المحتار
- حقائب ثقيلة و مراييل طالبات لا تتغير و يا غريب كن أديب
- -خلي بالك من زوزو - والمهاجرين
- مباني عمان قشور خزفية
- مفارقات السنة و الشيعة : من يشتم الآخر !
- إنه مسيح العصر : - لقد ذبحوه في عيد أضحاكم !
- رجل ميت يمشي
- كان يسمى العراق ........
- مدارس المستقبل
- سوء فهم تنقصه المكاشفة
- الزهد في الحياة ,الزهد في الناس
- مقبرة النسيان
- وحش , بحجم فيل
- بعد المخدرات , على الدنيا السلام
- حدود وهمية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - يا له من عالم طريف ! قراءة في رواية عالم جديد شجاع