أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوري بريمو - وِجْهة نَظرْ مَبْدَئِيّة حَوْلَ شعار:















المزيد.....



وِجْهة نَظرْ مَبْدَئِيّة حَوْلَ شعار:


نوري بريمو

الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 07:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل الخوض في متن هذا الموضوع الذي قد يعتبره البعض الآخَرْ مشكلة مفتعلة...!؟، لابد من سرد مقدمة سياسية حول واقع الحال الكوردي في ظل هذا الراهن السياسي في سوريا ،ومن ثم إعطاء نبذة تاريخية أوتفسير أولي لمعنى النظم الحكمية اللامركزية ولمبدأ التعددية السياسية ولخيار الإدارة الذاتية كنظام سياسي وإداري ودستوري ، ثم الإنتقال من العام إلى الخاص للتباحث حول المبررات والضرورات التي يستدعيها المنطق للدخول في صلب الموضوع الذي نحن بصدد شرحه نظراً لأهميته وحيويته وحساسيته البالغة ،وتلبية لحاجة كوردية ملحة ومقنضيات سورية أكثر إلحاحاً .

مقدمة سياسية ...
تغوص بلدان الشرق الأوسط هذه الأيام في حالةُ مخاضٍ سياسيةً حقيقية ،إذ تجتازها رياحُ تغييرٍ ديموقراطي تصحبها صراعات ثقافية وتحدّيات عنفية تنجم عنها نجاحات لا بأس بها لأطرافٍ كانت ولازالت مغتصَبة ومقهورة ،وبالمقابل إنتكاسات لا يستهان بها لأطراف أخرى كانت ولاتزال مغتصِبة قاهرة...!؟، حيث تتلاحق الأحداث وتتنوع الدبلوماسيات فتتداخل في خِضمِّها مختلف الملفات والمسائل...، لتنغلق بتأثيرها المرْبك أبواب حل بعض المشاكل وتنفرج بالمقابل مداخل بعضها الآخر ،ما يجعل من هذه البقعة الجغرافية الساخنة التي يتاخم فيها العرب أممٌ أخرى مغايرة لهم بخصوصياتٍ متعدِّدة كالكورد الذين يشكلون بتعدادهم السكاني أكبر قومية في العالم لم تنل حقها في تقرير مصيرها حتى اليوم...!؟، بقعة تجذب بحرارة أخبار أحداثها إهتمام أنظار العالم برمته ،مما يقود في المحصلة إلى خلق حالة مفترقية عنوانها الواضح هو عدم استقرار (سياسي ـ إقتصادي ـ مجتمعي) قد تتأثّر بمنقلباته جميع مكونات المنطقة دون استثناء.
أما سوريا التي تُعبَتَر أنموذجاً حياً من تلك البلدان المتعددة القوميات التي أصبحت في واجهة الأحداث ،ورغم أنّ نظام حكمها بات أشبه ما يكون بِعيِّنة أو شريحة (تحت مجهرية) معُرّضة لمختلَف التحرّيات والتمحيصات والتحقيقات الدولية التي تجري مع العديد من أركانه بمنتهى الشفافية والإتهامات الوجاهية ،ورغم كونه ـ أي النظام ـ متورّط بشكل صلف في قلب الأحداث كطرفٍ رئيسي في هذا التنافس الحدّي الجاري في المنطقة...، إلاّ أنه لا يزال يرفض مراجعة ذاته وليس لديه أي إستعداد لإجراء أية مصالحة بينه وبين مختلف المكونات الداخلية المتضرّرة من حكمه الإستبدادي منذ عقود ،وذلك رغم أنّ أرضية تناسي الماضي كانت متوفرة لدى المتضررين وإمكانية الالتقاء حول القواسم المشتركة كانت واجدة وأبواب توافق مختلف المكوّنات السورية كانت مشرَعة ومفتوحة...الخ.
وبهذا الصدد فإنّ الجانب السياسي الكوردي في سوريا ،الذي كان المتضرر الأكبر طوال الحقبة السورية الماضية ،لكنه سيبقى مؤمناً بحوار القوميات وتجاذبها لا صراعها وتنافرها ،وهو يؤكد على الدوام بأنّ الخيار الأكثر إلحاحاً وإيجابية في هذه الحالة السورية الراهنة هو الخيار الديموقراطي اللاعنفي المبني بالأساس على الاعتراف الصريح بحقيقة ووجود الآخر والالتقاء به والدخول معه في حوار سياسي حضاري يتم فيه التباحث في الأولويات والخصوصيات والمختَلَفات وفي إشكاليات العمل الديموقراطي وفي دواعي التمسك بالموجبات المجمِّعة للتأسيس السليم لحل مختلف المشاكل بعيداً عن الأساليب التقليدية السلبية التي كانت ولازالت تغذي وسْطنا الّلا تفاهم الذي ألحق ومن شأنه أن يُلحِقَ أفدح الأذى بكل الأطراف التي قد تغوص حينها في مستنقع الإفتراق المقيت .
ولما كان للتأكيد على جوهر المسائل فوائد جمّة ،فإننا نؤكد بأنه لا خيار أمام السوريين سوى الأخذ بخيار التغيير الديموقراطي الجذري والإحتكام إلى منطق وعقلانية الانفراج الساسي ،ووجوب تناول مختلق الملفات وفق عقلية وثقافة المجتمع المدني والفكر الحرّ البعيد عن الاستعلائية والاقصائية وقمع الطرف الآخر، إذ لابديل عن قبول جميع الأطراف السورية لمبدأ تقاسم الأدوار بالطرق التوافقية السلمية بعيداً عن الفكر الشمولي الذي لايزال يحزُّ في نفوس بعض الدوائر الفوقية التي يحلو لها أن تبقى قابضة بمصير كل شاردة وواردة في هذا البلد .
طبعاً الخيار الديموقراطي اللاّعنفي...،لم يحتكم إليه الجانب السياسي الكوردي عبثاً ولم يأتِ بالصدفة أوجذافاً ،بل إننا أخذنا به نتيجةً لتجربة حراك سياسي طويلة خضناها دفاعاً عن أنفسنا في وجه السياسة الشوفينية والتمييز القومي الذي تعرضنا له عبر عقود...، إخترناه رغم أننا ندرك تماماً بأن المجتمع السوري الذي هو طيف متنوع الجذور والمنابت والمشارب...، لايزال يكتنف في أعماقه الأكثرية ثمة تراكمات ثقافية ملؤها الفوارق والإختلاف في وجهات النظر حول العديد من المفاهيم والرؤى ،إلا أننا رغم سريان مفعول مثل هذه المختلَفات (الثقافية ـ المجتمعية)...!؟، نؤكد لكل أبناء سوريا على اختلاف إنتماءاتهم السياسية وأصولهم العرقية ،بأنه ينبغي علينا جميعاً أن نسعى معاً عبر حراك ديموقراطي موزون ومتوازن إلى تشكيل فضاء سياسي توافقي يلبي طموحات الجميع .
ولذلك ومن باب حرصنا الشديد على لزوم تجسيد علاقات حسن الجوار فيما بيننا ،نؤكد بأنه ينبغي تطوير هذا الفضاء إلى فسيفساءٍ متآلفٍ ومتفقٍ حول أغلب الحقوق والواجبات...، حول مختلَف الأفكار والرؤى...، حول معظم الآفاق والتطلعات...، حول ظلم المالك ومظلومية المملوك...، حول ضرورات التغيير السياسي واستحقاقاته...، حول الأداء الديموقراطي وموجباته الملحّة...، حول الحريات العامة وحقوق الجمعات والأفراد...، حول إشكالية العلاقة ما بين المضطهَد والمضطهِد...، حول المختلفات القليلة والمشتركات الكثيرة...، حول الممكنات واللاّممكنات...، حول الممنوعات والمسموحات...، حول نوعية العلاقة التي ينبغي أن تسود وسط بنيان هكذا فسيفساء مستقبلية...، حول أهمية المراهنة على الأنا أم الآخر وأيهما نحتاج...، حول شكل ومضمون سوريا الغد ،حول...الخ .
ورغم أنّ مختلف المكونات السورية القومية منها والدينية و...الخ ،تعيش الآن وسط حالة قلق وترقب لعدم فهمها وتفهمها لما يجري راهناً داخل وخارج وحول البلد ،فإنه لا ينبغي لأي فريق (سواءً أكان غالباً أم مغلوباً) أن يستهين بالحالة وينظر إليها من ركنه المصالحي الخاص به ،إذ أن المصالحية الصرفة لايجوز التفكير بها البتة لأنها تعتبر من الخطوط السياسية الحمراء الخارقة والحارقة لأي عمل وطني مشترك ،حيث ينبغي أن نخوض معاً مسيرة الحراك الديموقراطي عبر توافق سياسيى فعلي يقودنا بسواسية نحو فضاء رحبٍ يسوده التآلف والسلم الأهلي ،أي أن يكون حافزنا المشترك هو تحسين واقع حالنا المحتاج الى دَمَقْرَطَة من شأنها أن تأتي بمستقبلٍ أكثر أمناً وحرية لأجيالنا التي باتت تتربص بها مختلف المخاطر، ما لم يكن همّنا جميعاً هو :كيف نستطيع أن نصبح شركاء حقيقيين (سواءً أكنا عرباً أم كورداً أم سريان وآشوريين أم غيرهم) ديموقراطيين لا إستباديين...، غَيرييّن لا أنانيين...، متقاربين لا متباعدين...،متصالحين لا متعادين...الخ ؟!، وذلك من أجل البناء الجماعي لشراكة مؤسساتية حقيقية مبنية على التساوي في الحقوق والواجبات على طريق التأسيس لمجتمع سوري تعدّدي حضاري نحن أحوج ما نكون اليه اليوم قبل غد .
ولما كان الأمر كذلك...، فنحن أبناء القومية الكوردية في سوريا المؤمنين بالتنوع العرقي والتعددية السياسية ،نرى بأنّ تمَتُّع المناطق الكوردية بالإدارة السياسية الذاتية التي هي من صلب حقوقنا القومية المشروعة في ظل توافقية ولامركزية في حكم البلاد ،لا يتعارض البتة مع أية مصلحة من مصالح وحقوق غيرنا في هذا البلد الذي هو بلدنا جميعاً دون استثناء ،ونؤكد بأنّ تلك الحقوق في جوهرها هي عبارة عن مشروع ( قومي كوردي ـ ديموقراطي سوري) لن يتحقق إلا عبر الحوار الديموقراطي مع تكوينات هذا الطيف السوري ،ونؤكد أيضاً بأنّ الحل الأنسب لسوريا المستقبل يكمن في إجراء تغيير سياسي ديموقراطي شامل يساهم فيه الجميع دون أي إقصاء لأي شريك وخاصة الكورد الذين كان يتم تهميشهم مراراً...!؟، ذلك التغيير الذي من شأنه أن يعيد لكلِّ ذي حقٍّ حقوقه الطبيعية كيفما يرغب وحيثما يريد دون أي صغط أو إكراه على أي طرف كان ،ودون الإساءة إلى وحدة البلد ،علماً بأنّ أي تغيير ديموقراطي لايمكن أن يحصل في البلد بمعزلٍ عن دور الكورد الذين تتوفر لديهم أرضية قبول خصبة وتوجهات إيجابية للغاية...!؟.

نبذة ونماذج حية لبعض النظم (اللامركزية ـ التعدّدية) عبر التارخ البشري...
إنّ مفهوم اللامركزية التي من شأنها توفير نوع من الإدارة الذاتية لأي مكوّن قومي أوديني أو...في أي بلد ، يعني بما يعنيه توزيع السلطات بين المركز وباقي المناطق أوالمقاطعات أوالأقاليم التي تسكنها شعوب تجمعها قواسم مشترَكة داخل الدولة الواحدة المتعددة المكونات العرقية أوالدينية أو...إلخ, ويرجع ظهور الإتحادية والإدارة الذاتية كأنظمة حكم ديموقراطية إلى العهود اليونانية القديمة ,إذ كان يجري تطبيق مثل هذه الأشكال من الحكم في بعض المقاطعات التابعة للإمبراطورية وذلك لأن تلك المناطق كانت تختلف عن أخواتها الأخرى ،بتمايزات وخصوصيات كثيرة تدفعها نحو المطالبة بمنحها قدر من الإستقلالية عن مركز الدولة .
حيث كانت تلك المناطق المتمتعة بالإدارة الذاتية ترتبط بسلطة الإمبراطورية عن طريق هيئة مركزية مشتركة ذات صلاحيات حكيمة واسعة تمتد إلى كل أرجاء السلطة أوالإمبراطورية ،إذا كان لها وحدها حق إستصدار القرارات المصيرية المرتبطة بالحرب والسلم والمهادانات وما شابهها من القرارت المتعلقة بوحدة وأمن الأمبراطورية ومصيرها...، وقد حذى الرومان حذوَ اليونان في أسلوب ربط المقاطعات التابعة لهم بعاصمتهم ،وقد أختاروا في ذلك منح الأقاليم المنضوية تحت لواء سلطتهم نوعاً من الإدارة السياسية الذاتية ،في حين كانت تلك (المناطق - الأقاليم) التي يتم إدارتها أوحكمها ذاتياً من قبل أهلها أي سكانها الأصليين ،مرتبطة بمركز السلطة عن طريق هيئة أومجلس (تشريعي - تنفيذي) مركزي في روما .
وللعلم فأن نظام الخلافة الذي تم تطبيقه في العصر الإسلامي يشبه إلى حد كبير ما كان يطبق لدى الرومان واليونان وغيرهما من الإمبراطوريات القديمة ،إذ أن الولايات (البلاد) التي كانت تابعة للخلافة الأسلامية عبر عهودها الثلاثة (الراشدي ـ الأموي ـ العباسي) كانت تتمتع بنوع من الإستقلالية الذاتية عن العاصمة ،في حين كانت تتبع لمركز الخلافة في الجوانب المتعلقة بالسياسات الخارجية ،وقد أضطرت الدولة الإسلامية إلى إتباع مثل هكذا أسلوب في الحكم بعد أن توسّعت رقعة نفوذها بشكل أفقي لم يعد بوسع الخليفة بسط نفوذه بشكل مركزي ،على تلك الرقع المترامية (المتباعدة مسافةً ـ المختلفة لغة ـ المتجاورة مجتمعية) عن بعضها البعض مما كان الخليفة الراشدي أوالأموي أوالعباسي يلجأ إلى القيام بتعين ولاة وقضاة وحكام ومجالس شورى و..إلخ ،في الأندلس أوبلاد المغرب أوفارس أوالحجاز أومصر أوالشام أوحتى بلاد السند والهند وغيرها .
ليس هذا فحسب بل إن الخلفاء كانوا يمنحون أولائك (الحكام ـ الولاة) صلاحيات (حكمية - إدارية) واسعة النقاط من أجل إدارة الشؤون والمحافظة على وحدة الدولة وحفظ النظام العام والأمن الداخلي وحل الخلافات الشخصية وفتح مدارس للأهالي بلغاتهم الأم وتسيير الأمور المالية والإقتصادية وغيرها ،حيث كان رعايا تلك الولايات الإسلامية يتمتعون بحق التعلم بلغتهم والمحافظة على طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم وحتى أديانهم ومعتقداتهم القديمة في غالب الأحيان ،أما السياسات والعلاقات الخارجية فقد كانت من صلاحيات مركز الخلافة والتي كانت في أحيان كثيرة ونظراً لضرورات المصلحة العامة تقوم بتخويل حاكميات الإدارات الذاتية للمناطق البعيدة قدراً لا يستهان به من صلاحيات تتعلق بالسياسية الخارجية للدولة حينما كان يصعب الوصول المباشر إليها كما كان يحدث في الأندلس الواقعة وراء البحار مثلاً...!؟ .
في حين لم يتم تطوير مثل هذه النظم من الإدارة الذاتية إلى الحكم الفدرالي (الإتحادي) إلاّ في القرن الثامن عشر من قبل الولايات المتحدة الإميركية عام 1787م ،حيث أتفق حكام كل الولايات على إعتماد صيغة النظام الفيدرالي كأساس ديموقراطي دستوري لتكوين الولايات المتحدة الأميركية التي يقطنها أعراق وأقوام مختلقة كثيرة ،وبذلك يمكن إعتبارها أول دولة يتم تشكيلها وفق هذا النمط من الحكم القدرالي في التاريخ البشري المعاصر .
وإذ ما أخذنا بعين الإعتبار كل التجارب الحكيمة التي إحتكمت إليها البلدان والشعوب (المتجاورة جغرافياً ـ المتقاربة قومياً أودينياً) عبر التاريخ البشري (القديم ـ الحديث) لوجدنا بأنه ليست هنالك أي وصفه حكيمة مسبقة الصنع أوجاهزه للتداول ،وإنما كل تلك النظم السياسية الدكتاتورية منها والديموقراطية ،جاءت تلبية لرغبات (ذاتية شعبية ـ موضوعية سلطوية) أو بناء على حاجة تلك الشعوب لتلك النظم بقصد إدارة شؤونها سواء بنفسها أوتحت نير غيرها من الأمم الأخرى الأقوى منها إقتصاداً ونفوذاً وهيمنة .
ولذلك نجد بأنه حتى النظم الفيدرالية تختلف في شكلها ومضمونها عن بعضها ،لكونها أنظمة حكم تنجم عن توافقات سياسية إختيارية تؤدي إلى إتحاد طوعي بين عدة قوى أوشعوب متجاورة أومناطق جغرافية قريبة من بعضها أومناطق نفوذ دينية أوسياسية تتوحد مع بعضها لتشكل معاً منظومه حكومية في شكل دولة إتحادية مبنية على أسس وإرادة حرة...، وهنا أود الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية فقد نختلف حول مسميات تلك النظم (فدرالي ـ إتحادي ـ حكم ذاتي ـ إدارة ذاتية ـ حكم محلي أو...إلخ) لكن ما يهمنا في الموضوع هو المضمون الذي ينبغي أن يتم التركيز عليه من قبلنا نحن فئة سياسيي اليوم الذين علىعاتقنا تقع مهمة تعزيز الحراك السياسي الهادف إلى التغير الديموقراطي في منطقتنا الشرق أوسطية ،والذي بمقدوره تخليصنا من الأنظمة الأستبدادية والشمولية التي قبعت فوق صدور شعوبنا المتجاورة لعهود طويلة غابرة ،والذي من شأنه الأول والأخير الإتيان بالبديل الديموقراطي الذي قد يجلب حالات حسن الجوار والسلم الأهلي والحياة الحرة الكريمة لشعوبنا من جهه والذي قد يوصلنا إلى توافقات سياسية ترضينا جميعاً وتلبي طموحات شارعنا وتجعلنا نبني معاً بلداناً عصرية تحكمها فضاءات ديموقراطية تعمل على توفير العيش السعيد لأهلنا الذين لم يهنئوا منذ أمد بعيد بأي نعمة من نعم المساواة والحياة الحرّة التي وهبها الله لبني البشر .
ورغم هذه الملاحظة أو تلك ورغم إختلاف منابتنا ومشاربنا وثقافاتنا وتوجهاتنا...!؟، ورغم ما حصل ويحصل فيما بين شعوبنا من سوابق مجحفة وإختلافات وإعتداءات على حقوق الآخرين...!؟، فإنه لا يستطيع أحدٌ منا أن ينكر بأن الدول الفدرالية (الإتحادية) قد باتت دولاً قوية مادياً ومعنوياً وقدراتياً ،وذلك نظراً لما تتمتع به النظم (التوافقية ـ الإتحادية) من محاسن تعود بالفائدة الأكيدة على الشعوب المكوّنة لتلك البلدان ،ونظراً لما يتوفر في تللك الإتحادات من مقدرة على التسامح وتوزيع الصلاحيات بين المركز والأقاليم ، وفي نفس الوقت فإنّ عاصمة الدولة الإتحادية مثلاً تحظى بصلاحيات دستورية واسعة تفوق بكثير مما تنالة الأقاليم أوالمناطق ذات الإدارة الذاتية التي تتبع لتلك الدولة ،إذ يتم فرض قيود معينة على الأجزاء التي ينبغي أن تخضع لقرارات المركز ولو كان ذلك على حساب مصالحها المحلية ،وبموجب ذلك فأنّ الولاية الصغيرة التابعة تفقد داخل الإتحاد حق ممارسة سياستها الخارجية...!؟، في حين يكون المركز مضطّراً للتنازل بمقتضى الدستور عن بعض سلطاته الداخلية إن دعت الضرورة أوالحاجة .
ولذلك نجد أنّ الدولة الإتحادية تتعاطى مع أقاليمها بموجب قانون داخلي أودستور متوافق عليه سلفاً ،وتخضع لأحكام القانون الدولي عندما تتعامل مع الأسرة الدولية التي هي بدورها لا تعترف سوى بسلطة المركز...!؟، وتستند الدول المتعددة القوميات قي نشأتها إلى دستور يعمل على تنظيم الحكم فيها بشكل توفيقي ما بين الدولة الإتحادية وبين المناطق أوالولايات المكونة لها .
أما الدساتير الإتحادية فهي التي تحدد إختصاص وصلاحيات كل الشركاء ،لذلك فإن الدول الإتحادية تستمد قوتها وتماسكها وشرعيتها وقانونيتها من قوة المواد القانونية التي يتم تدوينها في الدستور الدائم بشكل توافقي إختياري لا قسري...!؟، ما يوّضح بأن الإتحادية هي عبارة عن نمط حكم سياسي إداري دستوري ،يعتمد اللامركزية بدلاً من المركزية المطلقة ، وللتوضيح أكثر فإن هنالك ثمة أنواع عديدة من الدول الإتحادية أوبمعنى أخر أنمط كثيرة من اللامركزية في حكم البلدان ،ويتم تشكيلها وفق أساليب ديموقراطية كثيرة .
بعض أنمط الحكم الإتحادي...
1ـ الإتحاد الطوعي الحرّ لمجموعة من الدويلات التي كانت مستلقة فيما مضى ،عبر تقاربهما وإعتمادهما لعقد سياسي إختياري يحدّد صلاحيات السلطة المركزية والأقاليم الإتحادية وذلك كلٍّ منها على حدى ،والدول التي تشكلت وفق هذا الأسلوب هي (كندا ـ الولايات المتحدة الأميركية ـ أستراليا ـ جنوب إفريقيا ـ ...) .
2ـ الإتحاد الإضطراري ما بين أشلاء دولة أوإمبراطورية كانت قائمة ومن ثم تفككت لظروف سياسية أوإقتصادية عسكرية أوغيرها ،حيث تقوم تللك المكونات المتفككة عن بعضها بإعادة صياغة نموذج إندماجي بين المجالس الإتحادية والمجالس المحلية ،ولا يجوز التلاعب بهذه الصلاحيات إلا بعد إجراء إنتخابات أوإستفتاءات مباشرة بهذا الصدد أوعبر عقد سياسي يوضح صلاحيات كل طرف بموجب دستور إتحادي متوافق عليه ،أما الدول التي تكونت بهذه الطريقة فهي (الإتحاد السوفيتي السابق ـ المكسيك ـ البرازيل ـ الأرجنتين ـ ...) .
3 ـ الأتحاد الأختياري لعدد من الشعوب المتعايشة ضمن الدولة الواحدة التي كانت قائمة على أساس حكم مركزي شمولي ومن ثم تعرّضت للتغيير الديموقراطي الجذري من قبل شعوبها ،كما هو الحال في سويسرا والمانيا وما يجري في العراق الجديد .
أما السبب المباشر في تشكيل مثل تلك الدول الإتحادية فهو وجود حاجة أوإرادة لدى بعض المناطق أوالأقاليم المتجاورة للإتحاد فيما بينها ، نظراًلوجود صلات رحم بين شعوبها أوصفات مشتركة فيما بينها ،كالعرق أواللغة أوالدين أوالجغرافيا أو التاريخ أو...إلخ، وفي ظروف خاصة كثيرة قد تتفدرل دول عديدة مع بعضها في إطار حلف أودولة إتحادية لغايات مصالحية إقتصادية أوسياسية أولإستراتجيات أخرى كثيرة .

بعض أشكال الحكم الإتحادي...
1ـ الإتحاد المباشر :بموجب هذا الشكل من الحكم تبسط الحكومة المركزية سلطتها في جميع أرجاء الدولة الإتحادية ،وتقوم هذه الإدارة بنفسها بتولي إدارة وتنفيذ القوانين والقرارات داخل كافة الولايات ،هذا الشكل يجري إعتماده في الولايات المتحدة الأميركية حالياً .
2ـ الإتحاد الغير مباشر : وفق هذا الشكل تقوم سلطات الإدارات المحلية الذاتية بتنفيذ قرارت وقوانين المركز الإتحادي في حين ليس من صلاحيات السلطة المركزية سوى التمتع بقدر من الرقابة على تلك الإدارات المحلية ،وهذا ما يجري إعتماده في ألمانيا الإتحادية وسويسرا مثلاً .
3ـ الإتحاد السياسي التعددي : وفق هذا الشكل يتم إعتماد التعددية عبر التوافق الديموقراطي مابين مختلف الأطراف الشريكة حول توزيع المهام الصلاحيات مابين المركز والأطراف المناطقية أي تلك القوميات أوالأديان التي تسكن مكوناتها في بقعات جيغرافية معينة من البلد ،كالشعب الكوردي في سوريا الذي يسكن في مناطق آبائه وأجداده مثلاً ، وذلك بطريقة توافقية سياسية ديموقراطية ،ويعتبر هذا الشكل في نظر العالم من أرقى النظم الحاكمة وأكثرها ديموقراطية في العالم .
4 ـ الإتحاد الإندماجي : في هذا النموذج يتم تقاسم الأدوار مابين مختلف الفئات والطائف الأقلية المكونة للمجتمع (المتمايزة في العرق أوالدين أو المذهب ـ المتوزعة بشكل مندمج ومتداخل في كل أنحاء البلد) في آن واحد...!؟، وخير الأمثلة على هذا الشكل من الإدارة نجده في لبنان الذي نصّت المادة العاشرة من دستوره الصادر عام 1926 على منح مختلف مكونات البلد لحقوقها الثقافية والإجتماعية والسياسية ، وبموجب الميثاق الوطني وصيغة عام 1943 في لبنان فإنّ رئيس الجمهورية هو مسيحي ماروني ،بينما يكون رئيس الوزراء مسلم سني ،في حين يتم إسناد منصب رئيس البرلمان إلى مسلم شيعي .

مزايا النظام التعددي السياسي (اللامركزي)...
تُعتبَر النظم التي تعتمد التعددية السياسية من أكثر النظم الحكمية ديموقراطية وتوحيداً للبلدان وتلبيةً لحاجات الشعوب وإرضاءً لمتطلباتها الأنية ولأحلامها المستقبلية ، وهي أقربها إلى الواقع المعاش وأكثرها إستجابة لمتطلبات عصر الدمقرطة الذي بات ينير أكثر بقاع معمورتنا ،فمثل هذه النظم تساهم بشكل توافقي لامركزي في المحافظة على وحدة وسلامة الدول من جهه ،وتساعد على تكوين دولاً مركبة قوية تصبح ذات شأن بعد أن كانت بسيطة ضعيفة .
وقد أثبتت تجربة الشعوب مدى فشل الدول ذات النظم (المركزية ـ البسيطة) أي الشمولية في إدارة شؤون بلدانها الداخلية والخارجية ، والتي تتحول في أغلب الأحيان إلى مملكات إستبدادية أوإلى مجرد سجون جماعية لمكوناتها الداخلية التي تصبح مكرَهة على العيش في ظل هيمنة لون سياسي واحد على مقدرات البلد .
ومن أبرز محاسن النظم اللاّمركزية أنها تلغي طغيان فئة حاكمة على أخرى محكومة ،لأنها تحقق مبدأ التعددية السياسية وتكافؤ الفرص حيث يتم توزيع المسؤوليات بالتوافق بين مختلف القوميات عبر إنتقاء الخبرات والإنتماءات عن طريق الإنتخابات ،والنظام (التعددي ـ الديموقراطي) يلغي أيضاً مسألة إستئثار المركز بالأطراف التابعة له سواءً أكانت إقليمية أومناطقية أوقومية أودينية ،ما يجعل تلك المكونات تشعر بالأمان والطمأنينة والإستقرار ،وما يوفر مستلزمات التطور والإزدهار في البلد عموماً.

المبدء الأساسي الذي تُبْنى عليه اللامركزية...
يُعتبَر التوافق ( السياسي ـ الديموقراطي) بين مكونات البلد ،مبدءاً أساسياًً في بناء الأنظمة السياسية التعددية أي اللامركزية التي تصون إستقلالية كل طرف وتحافظ في نفس الوقت على وحدة الدولة ومصالحها العليا ، إذ أنّ مثل هذه الأنظمة تستطيع أن تجمع بطبيعتها الديموقراطية ما بين رغبة الأطراف بالإئتلاف مع بالمركز وفق عقد توافقي سياسي جامع من جهة ،وبين جنوح تلك الأطراف إلى نوع من الإستقلالية الذاتية والسعي تحت مناخات تلك الإستقلالية إلى أن يكون لكل جانب تشريعات ونظم محلية تتلاءم مع خصوصيته دون أن يؤثر ذلك سلباً على وحدة المركز .
وبناءً علي يمكن تشبيه نظام وتركيبة الدولة اللامركزية بنظام وتركيبة الذرّة المادية التي تتألّف من مكوّنات حركية تسبح في هيولى وفق حركة دائروية منتظمة حول نواة مركزية ،وتبقى الذرة معتدلة أي محافظة على توازنها مادامت لاتتعرّض لأي تحريض أوشحن قد يؤدي إلى إحداث خلل (تجاذبي ـ تنافري) بين نواتها المركزية وباقي أجزائها التي تدور في فلكها...، ما يعني أنه كلما إنتظم تجاذب العاصمة مع الأطراف كلما توفّرت وإزدادت حظوظ نجاح الدولة...، خاصة وأنّه يبرز في مثل هذه النظم شعوران (متجاذبان ـ متنافران) في آنٍ واحد...!؟، هما شعور التمسك بالإستقلالية الذاتية لدى كل طرف من جهة ،وشعور الدفاع المشترك عن وحدة وترابط الدولة من جهة أخرى...!؟، وهنا تأتي إلى الواجهة مهمة جماعية غاية في الأهمية والحساسية ،ألا وهي مهمة التوافق ما بين المصالح الخاصة للأطراف والمصلحة العامة للبلد الذي يربط هذه الأطراف ببعضها ، الشيئ الذي لايمكن تحقيقه إلاّ عبر الحفاظ على التوازن مابين مزدوجة (الإستحقاقات ـ الواجبات) أي بين طرفي معادلة الحياة وسط مكوّنات الدولة .

موجز حول حقيقة وجود الشعب الكوردي في سوريا...
يُعتبَر الشعب الكوردي من أقدم الأمم التي قطنت موطنها الأصلي كوردستان ،التي تعتبر مسكن أسلافه ومهد حضاراته ،ولما كان موطننا غنياً بالموارد الطبيعية والسياحية ولكونه يمتاز بموقع إستراتيجي هام يربط بين قارتي أسيا وأوربا ما جعله يتمتع بقوة إقتصادية أدت فيما أدت إلى طمع الغزاة في غزو ديارنا وإحاكة الخطط والمؤمرات ضدنا...!؟، وبذلك أصبحت كوردستان مطمعاً خصباً للمناوشات والنزاعات العرقية والعديد من الحروب الكبرى التي داهمتها عبر العصور...!؟، ففي عام 1514 جرت معركة جالديران مابين الإمبراطورية الصفوية من جهة والعثمانية من جهة أخرى ،والتي أدت في نتيجتها إلى تقاسم كوردستان (الموطن الأصلي والحالي للشعب الكوردي) إلى قسمين تفصلهما حدود دولية متنازع عليها حتى الحين...!؟، وما أنْ وضعت الحرب العالمية الأولى أزوارها بسقوط السلطنة العثمانية حتى سارع الحلفاء المنتصرون إلى تقاسم تلك التركة بإبرامهم لإتفاقية (سايكس بيكو) عام 1916 ،التي أدت بنتائجها التجزيئية إلى تقسيم كوردستان للمرة الثانية بين أربعة دول ناشئة هي تركيا والعراق وإيران وسوريا ،أما بالنسبة لنا فقد كان نصيبنا من إتفاقية (سايكس بيكو) هو إلحاق مناطقنا بالدولة السورية الناشئة أنذاك ،مايعني أننا لم نهاجر من أي بلد إلى سوريا ،وإنما نحن شعب لنا أصالتنا التاريخة وأرضنا المجزّأة التي تورثناها عن آباءنا وأجدادنا .
وقد حافظ الشعب الكوردي في سوريا (رغم خضوعه للتعريب) على لغته الخاصة به ،وهو لايزال يتمتع بباقي عوامله القومية التي تميزه عن الأكثرية السكانية العربية في البلد ،إضافة إلى محافظته على طابعه المميز بحبة للسلم والحرية والإنعتاق وتعامله الحسن مع جيرانه ،ويعتبر الكورد من الشعوب المنتجه رغم سوء ظروفهم ،إذ يعمل الأكثرية الساحقة منهم في الزراعة والرعي والتجارة والصناعة وإلخ .
ويبلغ التعداد السكاني للشعب الكوردي في سوريا حوالي ثلاثة ملايين نسمة ،وبذلك يشكلون ثاني أكبر قومية في البلد ،وهم لايزالون محرومون من أبسط الحقوق القومية المشروعة ،ورغم السياسات الشوفينية المطبَقة ضدهم ورغم ظروفهم (المعيشية ـ السياسية) الصعبة للغاية ،إلاّ أنهم يرفضون التشتت ويفضلون البقاء والتمسك بالسكن في مناطقهم (الجزيرة ـ كوباني ـ عفرين) الممتدة على طول الحدود السورية مع تركيا المغتصِبة للجزء الشمالي من كوردستان .

لماذا ينظر بعض السوريين إلى الحقيقة الكوردية...كمشكلة لا كقضية بحاجة إلى حل ديموقراطي...؟!.
من المفارقات العجيبة التي كانت ولازالت تهيمن على عقول ومسلكيات بعض الجهات المنتمية إلى الأكثرية السكانية في هذا البلد، هي أن يصبح إنتهاك حقوق الشعب الكوردي أمراً عادياً ومألوفا ، وأن يتم تبرير وربط سياسة التنكر لواقع وجوده بضرورات المحافظة على وحدة البلد ً، وأن تتم شرعنة الإجراءات التمييزية بحق أبناء وبنات شعبنا المضطهَد، وأن يتم اعتبار تلك الإجراءات حسب رأيهم (تدابير أمنية وقائية) لا بد من إتخاذها ، درءاً وخوفاً من أي (خطر كردي محتمل) على شمال سورية...؟!.
ومن الغرابة بمكان أيضاً أن ينظر البعض إلى حراكنا الديمقراطي السلمي على أنه سلبي ويسيء إلى الوحدة الوطنية، وأن تصبح في الوقت نفسه مسألة الدفاع عن حقوقنا ،أمراً ممنوعاً أو في أحسن الأحوال تطرفاً أو شغباً أوحتى تآمراً وارتباطاً مع (الخارج) ضد (الداخل) ..؟! وأن يتم في الحين ذاته تخوين الإنسان الكوردي ووصف شارعنا الشعبي بالتعصب القومي، وأن يتم أيضاً منع أبناء الكورد هنا من التعاطف مع أشقائهم في باقي أجزاء كردستان الأخرى وخاصة مع إخواننا كوردستان العراق الذين يتعايشون اليوم مع باقي شعوب العراق الأخرى في نعيم حالة نصر حقيقية على نظام صدام الشمولي الذي انهار بسهولة إثر حرب تحرير العراق.
ومما يزيد الطين بلة، أن نصادف البعض القليل من الساسة (الكورد) الذين يدّعون العقلانية والواقعية السياسية، فيطلبون من أبناء جلدتهم (المزيد من التنبه من خطورة المرحلة والابتعاد عن التطرّف)...!؟، لينجرفوا هم أيضاً بمشورتهم هذه، مع ذاك التيار القومجي الساعي إلى تحجيم قضيتنا، فيساهموا في العزف دون أن يدروا، على نفس هذه المعزوفة (القديمة ـ الجديدة) التي تظل ترددها بعض الدوائر الشوفينية التي لا هم لها سوى التشكيك بالكورد وإلصاق التهم بهم وبحركتهم، بهدف إسكات الصوت الكوردي من الأساس أو حتى اجتثاثه من الجذور في هذا الراهن السياسي السوري المشجّع على العمل السياسي الدبلوماسي المنتج.
والأغرب من ذلك كله هو أن يُطلَبَ مراراً وتكراراً من الجانب الكوردي الحذر ثم الحذر من مغبة (الانزلاق إلى مواقع معادية)...!؟، إذ يجب عليه أن يأخذ بمشورة الطرف الآخر قبل أن يتخذ أية قرارات أومواقف أوأنشطة حقوقية، هذا إلى جانب ضرورة امتثاله غير المشروط لسياسة الأمر الواقع وللخطاب الأكثري (العروبوي) الذي يرتكز دوماً على أن الضغوطات التي تواجهها المنطقة ومقتضيات المصلحة العامة وحجم المتربصات ببلدنا وماهية الظروف المعقدة المحيطة به...إلخ، كل هذه الاعتبارات وهذه التحديات وغيرها...، تقتضي من الجانب الكوردي بشكل خاص أن يكف عن المطالبة بحقوقه القومية، وأن ينحني خاشعاً أمام لوحة (أولويات ومتطلبات الدمقرطة السورية) في هذه المرحلة التي تفرض علينا جميعاً الوقوف صفاً واحداً مشاركاً في مسيرة التغيير الديموقراطي في البلد .
أما إذا ما حدث العكس ولم يتوقف الكورد عن حراكهم السياسي وفق الأشكال التي يرونها مناسبة لظروفهم ولمتطلبات واقع حالهم، فيوصفون بالتعصب والإساءة لسمعة البلد وبالدخول في خدمة (الأعداء الخارجيين)...؟! كما تُطلق بحقهم حينها مختلف الإجراءات والأحكام الجائرة، ويؤدي هذا الحصار إلى اللاإنصاف وإلى خلق حالة من الغربة والاستغراب لديهم، فتضعف ثقتهم بالآخرين وتختلط معهم كل الأوراق والمسائل وتسمى الأمور حينها بغير مسمياتها الحقيقية.
وفي هذا المجال يمكن القول إن بعض الجهات الحاملة للثقافة الأكثرية قد تمادت في دأبها على التنكر للحقيقة الكوردية، وهي تريد بذلك أن تسوقنا باتجاه الشطب علينا وإقصائنا ، وتحاول جاهدة حشر الورقة الكوردية عنوة في دائرة التشكيك بها لتطويقها وطمسها لاحقاً، وهي في نفس الوقت لم تدخر جهداً لإلغاء الشخصية الكوردية ولإرباك ساستنا وحرفهم عن موقعهم ومسارهم الطبيعي ودورهم اللائق بهم في المسعى الديموقراطي صوب تحقيق حقوقنا القومية العادلة.
هذا السلوك الفوقي الذي انتهجته كل الحكومات التي تعاقبت على الحكم في هذا البلد، والذي تعتبره بعض القوى والفعاليات المعارضة السورية أسلوباً وقائياً تحسبياً لا بد من اتخاذه ، كونه يسد الطريق أمام أي (بروز قومي كوردي) قادم ومحتمل...!؟، وكأن هذا الطمس للحقائق يمكنه أن يدوم إلى الأبد وأن الأكراد سوف لن يبرزوا إلى الوجود السياسي أبداً...؟!، قد اتخذ في أوقات كثيرة أشكالاً متعددة من المشاريع العنصرية ، إذ تلاحقت مسلسلات التمييز والاضطهاد بحق إنساننا ، وهي لا تزال تتواصل رغم كل هذه التطورات التي حدثت وتحدث حالياً في كل بقاع المعمورة ولا سيما في الشرق الأوسط الذي بات يعيش مخاضاً حقيقياً قد تتمخض عنه حالات ومفاجآت جيوسياسية مزعجة للبعض وسارة للبعض الآخر، لم تكن على بال ولا على خاطر أي جهة أو أحد فيما مضى.
وفي محاولة سياسية هادفة من الجانب الكوردي لإزالة هذا الالتباس ولنفي هذه الشكوك التي باتت شبه عارية من الصحة والتي تحاول بمراميها العدائية أن تكتنف كل القيم والحقائق، وفي معرض رده الهادئ على أساليب التشويش والتهويش هذه والتي أصبحت موضة ينتهجها البعض؛ يسعى الطرف الكوردي منذ البداية ،ومن خلال التزامهاتهه القومية وذهنيته الوطنية وأساليببه الديمقراطية، بمنتهى المرونة في التعامل والأداء إلى شرح وتوضيح مثل هذه الملابسات المقصودة من قبل الجانب الآخر، فيعمل بحرص وتنبه شديدين من جانبه، كي يكون خطابه السياسي واقعياً ومراعياً لكل الظروف وحتى لبعض الأمزجة المحيطة به، لكنه في الوقت نفسه يصرّ على أن نضاله هو واجب وحق مشروع تفرضه الظروف الذاتية للكورد وتجيزه كل الأعراف والمواثيق الدولية ،وهو يؤكد دوماً على أن أية محاولة تشكيك مغرضة بنوايا الكورد من قبل أية جهة كانت، لا تنصب أبداً في خدمة الصالح السوري العام، وهي تسيء دون شك إلى حاضر سورية التي هي بحاجة ماسة إلى المزيد من التلاحم والألفة بين كل أطيافها وأعراقها على اختلاف مشاربهم ومنابتهم، وذلك لن يتم على الوجه المطلوب ما لم تبادر قوى المعارضة إلى مراجعة ذاتها عبر الإقرار بالتعددية القومية والسياسية، وإعادة النظر في موقفها منا عبر الاعتراف بالوجود الكوردي كثاني أكبر قومية يتكون منها النسيج الوطني السوري...إلخ.
واستناداً إلى مقاييس ومعايير عالم الحق والقانون، يمكن القول إن النضال العادل الذي خاضه ويخوضه الشعب الكوردي عبر سنين طويلة جنباً إلى جنب مع باقي إخوانه السوريين، هو نضال إنساني بشكله وبمضمونه وبمراميه، وهو لم يجلب يوماً أي أذية لأي من الجيران بل وقف إلى جانبهم وأفادهم، وقد كانت بنادق الكورد عبر التاريخ موجهة ضد الأعداء الخارجيين في كل الأزمنة العصيبة التي مرت بها هذه البلاد، وما دام الأمر هكذا فإن نضالهم هذا مهما كان حدياً أو مرناً، ينبغي أن يلقى الاحترام والدعم والمساندة من قبل الجانب الآخر أي من قبل الأكثرية العربية في هذا البلد الذي خدمناه ونخدمه جميعاً ليؤمنا ويحمينا ويعدلنا جميعاً دونما أي تفرقة أو شطب أو تمييز.
واحتراماً للحقائق التاريخية ولمبادئ العدل والمساواة بين كل بني البشر...، ومن المنطقي جداً أن نجزم بأن هذا النضال الكوردي سوف لن يتوقف أبداً ما لم تزول مسبباته ودواعيه، وحيث أن تجاهل حقوق الكورد هو رأس هذه المسببات، فإن البدء بحقبة جديدة فاتحتها الاعتراف بهم وإنهاء اضطهادهم ومنحهم حقوقهم القومية المشروعة التي لن تتكلّل إلا من خلال التمتّع بالإدارة السياسية الذاتية للمناطق الكوردية وحق المشاركة في إدارة شؤون البلاد ضمن إطار وحدة سوريا...، سوف يضيء ويهيئ بالضرورة لمرحله سياسية جديدة تنفتح معها صفحة سورية جديدة ركيزتها الأساسية هي: الاعتراف بالآخر وإرساء العدالة وصون حقوق الإنسان وتوفير السلم والأمان والعيش اللائق للجميع على أرضية تآخي الكل المختلف لتوفير مستلزمات دمقرطة هذا البلد الذي ينبغي أن يتحول إلى بلد ديموقراطي تعددي...، ولنسير حينها معاً (بشفافية هذا العصر المضاء بعلومه المتقدمة) صوب سورية عصرية خالية من السلبيات والفوارق .

هل يحقّ للكورد المطالبة بالإدارة السياسية الذاتية لمناطقهم في سوريا...؟.
بما أنّ الهدف الرئيسي من وراء نشر مثل هكذا وثيقة مهمة ،هو البحث عن حلولٍ (سياسية ـ قانونية) لقضيتنا في ثنايا مشروعنا (القومي ـ الديموقراطي) الذي بدأنا التأسيس له منذ ولادة أول تنظيم سياسي كوردي في سوريا عام (1957) أي منذ مايقارب خمسين سنة مضت ثقيلة الأعباء على بناتنا وأبنائنا الطامحين للظفر بحقوقهم القومية العادلة...، ولما كانت سوريا اليوم مقبلة على تغيير سياسي ديموقراطي قد يبدأ معه عهدٌ سوري جديد ، فإنه لابد من المبادرة إلى الدخول في تباحث (قانوني ـ سياسي) جدّي من شأنه إيجاد صيغة دستورية توافقية كفيلة بمعالجة هذا (الموضوع ـ المشكل) وفق الحاجة والأصول ، آخذين بعين الإعتبار كل الجوانب الذاتية والموضوعية للقضية التي نحن بصدد تناولها بشكل ديموقراطي ،على أن لاننسى الوقوف عند تعريف ومقوّمات الإدارة الذاتية والإستحقاقات والمبررات التي تستوجب ذلك .


تعريف الإدارة السياسية الذاتية ومقوّمات الإحتكام إليها :
هي صيغة إدارية توافقية سياسية متطورة ،بمثابة منظومة حكمية تتبع لنظام حكم (تعدّدي ـ لامركزي) ديموقراطي ،تقوم بموجبها الدولة ضمن وحدتها (القانونية ـ السياسية) وترابطها الوطني ،بالإقرار الدستوري لقومية أوجماعة دينية أولغوية أوثقافية أو...إلخ ،ببعض الإستقلالية في ممارسة سلطاتها (التشريعية ـ والتنفيذية) والمشاركة وفق نسبة تواجدها السكاني في سلطة المركز الذي يبقى يحتفظ بحق الرقابة والإشراف على كل مفاصل إدارة البلد ولكن بشكل ديموقراطي لامركزي بعيداً عن إستفراد أية أكثرية بسلطة الدولة بمفردها.
وإنّ الحكمة والسبب في الأخذ بخيار الإدارة الذاتية هو تحقيق رغبات بعض الأقوام والجماعات المحكومة المعينة بالأمر داخل البلد ،وبما أنّ تطبيق مثل الإسلوب الديموقراطي في الإدارة يرتبط بوجود نطاق مناطقي سكني معيّن ،فلابد من توفير شرط واحد على الأقل أوعنصرأساسي قبل التطبيق ،ألا وهو إرتباط أوملكية هذه القومية المعنية أوالدين أوالمذهب...، بالسكن في إقليم أومنطقة جغرافية محدّدة ،ويتضح مما سبق بأنّ البقعة الجيوغرافية التي تمتلكها أية قومية يُعتبَر أساساً لابد منه للإعتراف لتلك الجماعة بالإدارة الذاتية ،في حين ينبغي التأكيد على أنّ وجود مركّبة (القومية ـ الأرض) كثنائية غير قابلة للإنفصام هي أمرٌ ذو أهمية قصوى في مثل هكذا حالات حقوقية سياسية .

مبررات المطالبة بالإدارة السياسية الذاتية :
لايمكن لأية قومية ذات أقلية سكانية المطالبة بخيار الإدارة الذاتية في نظام حكم لامركزي ،بدون توفر المعطيات التي تدعو إلى الأخذ به، خاصةً وأنّ الحكم التعددي هو نظام (سياسي ـ قانوني) مركب وليس بسيط ،وبناءً عليه ينبغي أن تتوفر البيئة الصالحة والمسوّغات اللازمة لتطبيقه على أرض الواقع .
كما أن النظام اللامركزي هو الإطار الذي تصب فيه الإستحقاقات والمعطيات الموضوعية لمختلف المكونات المجتمعية في البلد ،سواء أكانت تلك المعطيات قومية أوإجتماعية أوثقافية أوإقتصاية أونفسية ،وبالمناسبة فإن اللامركزية الديموقراطية هي الثوب الذي يصلح كنظام (قانوني ـ سياسي) لحكم سوريا المستقبل ،أما المبرارات التي تدعو سوريا إلى لبس مثل هكذا ثوب إن صح التعبير ،فهي كثيرة :كالسياسية والإقتصادية والإجتماعية والتراثية والدينية ومسائل الدفاع المشترك و...إلخ .
وتبقى المبررات السياسية التي تعني التعددية المجتمعية (القومية والدنية والطائفية) هي التي تبرز على السطح في الحالة السورية الماثلة، خاصةً وأننا قد وضحنا سابقاً بأنّ سوريا التي ترجع في تكوينها وحدودها الحالية إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى ،لا تعتبر مجتمعاً متجانساً من الناحية القانونية ،بل تعتبر من الدول التي تتعدد فيها الخصوصيات القومية والدينية والمذهبية ،فهنالك العربي الكوردي والأشوري والدرزي وهنالك المسلم والمسيحي واليزيدي وفيها أيضاً العلوي والسني ، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى حدوث مثل هذا التماذج للنسيج البشري المتنوع التركيب ،فإن هذه القوميات والجماعات الإثنولوجية المختلفة من حقها أن تميل لابل تنزع إلى الإسلوب اللامركزي في تنظيم نفسها وفي إدارتها ، بهدف المحافظة على خصوصيتها القومية أوالدينية أوالطائفية أواللغوية أوالثقافية ،خاصة بعد أن لاقت الأمرّين في ظل الحكومات المركزية البسيطة (الشمولية) التي تعاقبت على حكم البلاد ،وبالقياس على ذلك نجد بأنّ من حق شعبنا الكوردي المطالبة بالإدارة السياسية الذاتية لمناطقه في إطار سوريا لامركزية ديموقراطية.

بعض شروط نجاح النظام السياسي التعددي (اللامركزي) في سوريا :
إنّ النظام اللامركزي المبني على التعدّدية السياسية ليس وصفة جاهزة قابلة للتطبيق والنجاخ بصورة أوتوماتيكيه مطلقة في أي ظرف زمان أومكان ،وإنما ينبغي أن تتوفر وسط المتشاركين في بنيانه أرضية لابد منها للتلاقي أوبالأحرى ينبغي أن تتوفر بعض الشروط الموجبة كالتالية :
1ـ الإستعداد الحضاري والنفسي لدى مختلف مكونات البلد لتقبل حقيقة وجود الآخر كشريك ،على طريق بناء دولة عصرية تصون الحق والقانون والعدل .
2 ـ توفر قدر لابأس به من ثقافة الديموقراطية وحقوق الإنسان ومبادئ المجتمع المدني والسلم الأهلي ،لدى كل الشركاء .
3 ـ تخلي اخواننا العرب عن الثقافة الأكثرية التي تراكمت لديهم على خلفية أن تعدادهم السكاني الغالب يخوّلهم أن يفوزوا بكل مفاصل الحكم وبشتى مجالات الحياة كما حصل في العهود الماضية في ظل وحدانية حكم البعث .
4 ـ الإقرار الجماعي بأنّ التعددية السياسية والدينية و...إلخ ،هي عامل قوة وتقدم وإزدهار وخصوبة البلد .
5 ـ الإحتكام إلى أسلوب التوافق (الديموقراطي - السياسي) في حل مختلف القضايا والشؤون .
6 ـ الإيمان بمبدأ : إن لم تكون سوريا لنا جميعاً فمنْ منّا سيكون حينها مستعداً أن يكون لسوريا ،والعكس صحيح .
وللعلم فإنه قد يترتب على ذلك النمط من الحكم قدرٌ من التوّزع في ولاءات أفراد هذه القوميات والطوائف المختلفة مابين إنتماءاتها الخاصة وبين الولاء للدولة ،بل إنه ليس من المبالغ القول :بأنّ تلك المكونات قد تفضل الولاء لإنتماءاتها الخاصة بها على الولاء للبلد ،وهذه حقيقة تحدث حينما لا يجري التعامل معها وفق روح العصر وحينما تلقى الإضطهاد من القومية الغالبة ،وتزداد هذه الولاءات كلما زاد كبت الخصوصيات ،الأمر الذي يترتب عليه بروز ظاهرة الصراع والهيمنة والتفرد بالسلطة ورد الفعل برفض هذه الهيمنة ،وقد يترتب على ذلك قدر من الإساءة إلى السلم الأهلي عبر تحويله إلى صراع قد يأخذ طابع العنف والعنف المضاد ،ما يترتب على ذلك أضرار وخسائر جسيمه بالبلد في الأرواح والأموال .
وفي حالتنا السورية المعاشة التي يبدو فيها بأن الثوب (السياسي ـ الدستوري) المصنوع بعثياً والمعمول به حالياً في إدارة شؤون الدولة ،هو ثوب ضيق للغاية ،ولا يتلأم أويتناسب مع التعددية القائمة في البلد ،ولذلك فإن المعطيات المجتمعية تفرض على جميع الاطراف إيجاد البديل الديموقراطي الملائم ،بل إن هذا هو حكم المنطق أيضاً ،ويمكن القول إذاء هذه المعطيات بأن الثوب (القانوني ـ السياسي) الذي يُفضّل أن ترتديه سوريا المستقبل هو الثوب الديموقراطي التعددي (الدولة المركبة وليس البسيطة الشمولية) الذي نراه متوافقاً مع تلك الخصوصيات لإحتوائها وتحويلها إلى عامل دفع وأمان في كيان المجتمع السوري الذي سيزداد قوةً وثباتاً وسوف تعزز من موقعه وموقفه .
كما أنّ النظام السياسي التعددي سوف يؤدي إلى إطمئنان القوميات والطوائف المختلفة على حاضرها ومستقبلها في البلد ،عبر حكمها لنفسها بنفسها في جانب كبير من شؤونها الخاصة بها ،الأمر الذي يترتب عليه تخلّصها من الكبت والحرمان وما لذلك من تأثير إيجابي في التخفيف من الحساسيات القومية والدينيه وتقارب وتلائم الجماعات المختلفة على الثوابت القوميه والقواسم المشتركه ،ما يؤدي إلى رفع مستوى الولاء للوطن لدى الجميع ،الامر الذي سينعكس خيراً على سوريا التي من المفترض بها أن تكون فضاؤنا الديموقراطي التوافقي الذي ينبغي أن يستوعبنا جميعاً بدون إستثناء ،فهل لدى أحد من مانع...!؟، وإذا كانت هنالك ثمة موانع فكيف بهم يطالبوننا بالولاء للوطن في حين لايستوعبنا هذا الوطن...!؟، على كل حال المستقبل الديموقراطي يبقى الضامن الأول والأخير لكل من يطمح ويتوق إلى بناء دولة عصرية تحتضن كل السوريين دون تمييز .
خاتمة لابد منها ...
لكي يعطي السوريون لتعدديتهم السياسية هذه بُعْدَها الحضاري البنّاء ،لا سبيل أمامهم سوى التشارك معاً في تفاعل ديموقراطي حرّ من شأنه لملمة شمل جسدهم الممزّق وفكرهم المشتّت ،على طريق التهيئة المكاشفاتية للخوض في مسيرة التغيير الديموقراطي لإستكمال مهام بناء دولتهم العصرية ،كمساهمة جادة منهم جميعاً في بلورة حقوق القوميات والأديان ومختلق الأقليات وفي ترسيخ أساليب الترجمة الصحيحة لثنائية (الحقوق ـ الواجبات) على هدى مقاسات القانون الدولي ووفق مفاهيم المجتمع المدني وثقافة حقوق الإنسان، طبعاً ليس في سوريا فقط وإنما في المنطقة والعالم أيضاً .
من هنا ومن منطلق الشعور بالمسؤولية التاريخة في هكذا تحويلة سورية ،ولأن القضية الكردية لايمكن أن تلقي الحل الجذري بمعزل عن الحياة السياسية العامة في البلد...والعكس أيضاً صحيح...، فقد قدمت وجهة نظري المبدئية هذه ،عساني أستطيع إغناء هذه القضية (العادلة ـ العالقة) التي لم تجد طريقها إلى الحل حتى الحين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع التي تم الإستفادة منها:
= الدكتور محمد عمر مولود (الفيدرالية وإمكانية تطبيقها في العراق) مؤسسة موكرياني للطباعة،أربيل 2003 .
= الدكتور إبراهيم عبد العزيز الشيما (مبادئ الأنظمة السياسية ،الدول ،الحكومات) الدار الجامعية ،بيروت 1982 .
= الدكتور أدمون رباط (الوسيط في الفانون الدستوري العام) دار العلم للملايين ،بيروت 1964 .
= خالد رشيد الجميلي (الاحكام السلطانية والولايات الدينية لإبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي المارودي المتوفى سنة 450 م) منشورات المكتبة العالمية ،بغداد 1989 .
= الدكتور محمد الهاموندي (الحكم الذاتي والنظم اللامركزية الإدارية السياسية) دار المستقبل العربي القاهره 1990.
= الدكتور محمد فاروق النبهان (نظام الحكم في الإسلام) مطبوعات ،جامعة الكويت 1987.
= الدكتور محسن خليل (النظم السياسية والدستور اللبناني) دار النهضة العربية ،بيروت 1957.
= الدكتور عصام سليمان (الفيدرالية والمجتمعات التعددية ولبنان) دار العلم للملايين ،بيروت 1991.
= الحقوقي محمد نظيف برواري (ماذا تعني الفيدرالية) ،السليمانية.



#نوري_بريمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيداً عن العموميات ولغة التهويش السياسي ،فاللعب بالمليان قد ...
- لايجوز أن نستذكرأحداث آذار 2004 بالوقوف على أطلالها الدموية. ...
- نحو ثقافة تحترم المعنى الوجودي للمرأة
- عن أي إصلاح أومصالحة يتحدّث البعض... فالتغيير الديموقراطي لا ...
- عن أي إصلاح أومصالحة يتحدث البعض ... فالتغيير الديموقراطي لا ...
- القرار 1636 وإستحقاقات هذا الراهن السوري المبشّر برحيل نظا ...
- سؤال وجيه في مرحلة وجيهة من قياداتنا الوجيهة...
- هل بالإمكان العثور على قاتل الشهيد الحريري...! قبل أن نبحث ع ...
- الخيار الكردي الفائز ....مع وقف التنفيذ حالياً ...!؟
- الإحصاء العنصري وسراب الوعود الكاذبة....!؟
- نحو حوار الأمم لا صراعها...
- الحكم على أبو صابر لم يكن مفاجئاً...!؟
- حصان طروادة الشرق أوسطي
- أوراق القوة الكوردية باتت متوفرة
- ثقافة مقاومة.... أم مقاومة الثقافة...؟
- تبت يدا أبو مصعبٍ وتبَْ...!؟
- العراق الجديد إلى أين يسير
- نِعْمَ الاختيارـ الطالباني رئيساً مُنتَخَباً لعراق ما بعد صد ...
- صبراً أيتها الشعوب المقهورة.....إنّ موعدك هو الديمقراطية...! ...
- من أجل أوطان


المزيد.....




- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوري بريمو - وِجْهة نَظرْ مَبْدَئِيّة حَوْلَ شعار: