أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - في تونس أو في السودان… لِسَّه الثورة في الميدان!














المزيد.....

في تونس أو في السودان… لِسَّه الثورة في الميدان!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6102 - 2019 / 1 / 2 - 15:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما أشبه بداية هذا العام ببداية العام الماضي! فقد بدأ عام 2018 بغليان اجتماعي واضطرابات امتدّت من المغرب إلى إيران مروراً بتونس والسودان. ويبدأ عام 2019 والزلزال الاجتماعي لا يزال يهزّ منطقتنا العربية ذات الكثافة العالية من البراكين، سواء أكانت متقّدة ملتهبة أم راكدة تنتظر لحظة الانفجار.
تونس، مركز الزلزال الكبير الذي بدأ يوم 17كانون الأول/ ديسمبر2010 من سيدي بوزيد في وسط البلاد المُفقَر، تونس التي دشّنت «الربيع العربي» الذي بقي في ذاكرة شعوبنا أجمل حلقات تاريخنا الحديث على الإطلاق (حتى الربيع القادم)، تونس الرائدة لا تزال تشهد خضّة بعد أخرى، آخرها تلك التي انفجرت في مدينة القصرِين في الوسط المُفقَر وشملت مدناً أخرى في محيط تونس العاصمة وصفاقس. أما السودان الذي التحق شعبه مبكّراً بربيع عام 2011 بحراكٍ تعرّض لقمع شديد من قِبَل حكم عمر البشير الاستبدادي، فلم يَنِ حراكه يتصاعد موجة بعد أخرى، وكأنّه بحرٌ عاصفٌ يلطم جدران سجنٍ كبير وتتعاظم قوة ضرباته إلى حين سقوط ذلك الباستيل السوداني، وهو سقوطٌ قادم لا مُحال مهما حاول «أشقاء» النظام السوداني إنقاذه.
وها أن النظام القديم العربي يلمّ شمله، والقوى المضادة للثورة تتّحد متعالية فوق الفروقات الطائفية التي استغلّتها لوهلة في مسعاها الرامي إلى تحويل «الربيع العربي» عن مجراه الهادف إلى الديمقراطية والمساواة الاجتماعية نحو مستنقع الطائفية العفن. وكم هو معبّرٌ أن يبادر إلى معانقة بشّار الأسد، وهو رمز الحكم الاستبدادي الذي صمد في وجه الموجة الثورية العارمة التي انطلقت من تونس قبل ثماني سنوات، أن يبادر إلى معانقته زعيم أكثر الأنظمة العربية هشاشة في الفترة الراهنة، قصدنا عمر البشير نفسه بالطبع. وكم هو معبّرٌ كذلك أن يكون بين المبادرين إلى إعادة نظام آل الأسد إلى حظيرة أنظمة الاستبداد العربية، تلك التي كان ينبغي ألّا يُخرَج منها على الإطلاق لولا تلاقي مساعيه ومساعي «أشقائه» في إغراق الثورة السورية في مياه الطائفية الآسنة، كم هو معبّرٌ أن يكون بين المبادرين إلى تلك المصالحة بين الأشباه نظام البحرين الملكي، وهو رديف النظام السوري المضاد للثورة. فكلاهما، نظام المنامة ونظام دمشق، نظامان استغلّا الطائفية البغيضة في إرساء حكمهما، وإن كانت طائفة النخبة في أحدهما طائفة العامة في الآخر والعكس بالعكس. وكلاهما نظامان لم يصمدا في وجه الانتفاضة العربية الكبرى سوى بفضل التدخّل الخارجي، وإن كانت مملكة آل سعود هي التي تولّت إنقاذ الأول بينما أنقذت الآخر عدوّتُها اللدود، جمهورية الملالي الإيرانية، ثم التحقت بها روسيا القيصر الجديد.


وها أن الحكّام العرب يعيدون نسج الخيوط المنقطعة بينهم ويتوجّهون نحو «قمة عربية» (ما أفصح قرب القمة عن القمامة في لغة الضاد!) يبشّروننا بأن شملهم سوف يلتئم فيها. وهم يحاولون تنفّس الصعداء وإقناع أنفسهم بأن الثورة العربية ماتت والأمور قد عادت لتستقرّ في نصابها. وبذلك يذكّروننا بالكلمات البليغة التي كتبتها الزعيمة الثورية والمفكّرة الكبيرة روزا لكسمبورغ، التي اغتالتها القوى المضادة للثورة في برلين قبل قرن (يصادف يوم كانون الثاني/15 يناير القادم الذكرى المئوية الأولى لتلك الجريمة النكراء)، يذكّروننا بالكلمات البليغة التي كتبتها يوم كانت الأنظمة الرجعية الأوروبية تتنفّس الصعداء إزاء إخفاق الموجة الثورية العارمة التي شملت قارتها في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
كتبت روزا: «النظام مستتبٌّ في وارسو، النظام مستتبٌّ في باريس، النظام مستتبٌّ في برلين. هكذا يُطلق حرّاس «النظام» كل نصف قرن بلاغات نصرهم في هذا أو ذاك من مراكز النضال العالمي». وكأننا نسمع صدى الكلام الذي نسبته روزا إلى حكام أوروبا في عصرها: «النظام مستتبّ في المنامة، النظام مستتبّ في دمشق، النظام مستتبّ في القاهرة». فيأتينا تعليقها اللاحق بكل بلاغته: (ولا يلاحظ هؤلاء «المنتصرون» المبتهجون أن «نظاماً» يحتاج إلى صيانة دورية من خلال مجازر دموية، إنما يسير نحو هلاك محتوم). وكذلك لا يلاحظ حكّامنا العرب أن نظامهم الجائر الذي يقتضي اقتراف الجرائم والمجازر كي يستمرّ، إنما يسير نحو هلاك محتوم هو أيضاً.
فمهما حاولوا إقناع أنفسهم بأن أمورهم استتبّت، لن يستطيعوا طمر رؤوسهم في الرمال على طريقة النعامة وإغفال ضجيج الثورة الذي يتصاعد من تونس والسودان اليوم وسوف يصعد من القاهرة ودمشق غداً. وإنها لسيرورة ثورية طويلة الأمد تلك التي انطلقت من وسط تونس قبل ثماني سنوات، فلن تنتهي وتعود المنطقة العربية إلى الاستقرار ما دام النظام العربي القديم قائماً. وسواء في تونس أو في السودان، وعاجلاً أم آجلاً في كل مكان، «لسّه الثورة في الميدان!» كما كان يهتف شباب مصر قبل أن يحيله تجدّد البطش إلى سكون مؤقت، حتى الانفجار القادم الآتي لا مُحال.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بواعث الأمل إزاء نهاية عام مظلمة
- الوظيفة النفطية لمحميّة أمريكا السعودية
- زاد بُعدنا عن المرّيخ…
- محمد بن سلمان على شفير الهاوية
- مغزى العلاقات المكشوفة بين الدول الخليجية وإسرائيل
- تعدّدت الأديان والأقوام والظلم واحدٌ
- صعود الفاشية: التاريخ يعيد نفسه بحلّة جديدة
- مسعى صهر ترامب المحموم لإنقاذ بن سلمان
- صفقة كبرى يُعدّ لها في قضية اختفاء جمال خاشقجي
- في منافع مدح بن سلمان ومخاطر هجائه
- استقلال العراق: عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ…
- عن التوتّر في تواطؤ روسيا مع إسرائيل في سوريا
- في الجدال حول عسكرة الثورة السورية
- من قُم إلى البصرة… الصراع ضد الظلم ينبذ الطائفية
- السقوط المشين لنهج الاتكال على أمريكا
- بوتين وسوريا ودبلوماسية الرقص
- جردة حساب تاريخيّة
- في صدد المساواة بين الجنسين في الميراث
- ما وراء الحملة السعودية المسعورة على كندا؟
- الدولة الصهيونية وأقصى اليمين ومعاداة اليهود


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - في تونس أو في السودان… لِسَّه الثورة في الميدان!