أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - عَزاؤُنا أنّهم سيَموتونَ يوماً ما ..














المزيد.....

عَزاؤُنا أنّهم سيَموتونَ يوماً ما ..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6029 - 2018 / 10 / 20 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


تَغَيّرَتِ البلادُ ومَن علَيها ... فَوَجهُ الأرضِ مُغبَرٌّ قَبِيْـحُ
تغيّر كلُّ ذي لونٍ وطَعمٍ ... وقلّ بَشاشَةَ الوَجهُ الصّبيحُ
وَجَاوَرَنا عَدوٌّ لَيْسَ يَفنى ... لَعِيـنٌ لا يَـمُوتُ فَنَسْتَريـحُ
"شعر قديم"
أخبرني مؤخراً أحد الأصدقاء أنّ شاعرة يافعة ، وقفت على منصة قديمة مؤخراً في حلب ، تلقي شعراً حديثاً ، ثم حدث أن جاء دور المتلقين في النقد والمناقشة والحوار لما قيل من إبداع ، لكن فوجئ هذا الصديق الشاعر أنه لم يكن في جعبة الجميع ممن تحدثوا من النقاد والمثقفين والكتاب والحاضرين ، سوى أنها أخطأت في نطق الهمزة هنا ، أوتثنية المضاف هناك ,أو حرّكت الممنوع من الصرف أو جمع المذكر السالم و و و الخ ..
ولما لم ينبس أحد من الحضور اليابس ببنت شفة ، عما قالت تلك الفتاة اليافعة من أفكار جديدة ، أو عبرت عن رؤى في الحياة أو كيف شعرت بهذا الوجود ، ..
دفعتني هذه الحادثة الى التفكير و القول مجدداً ..
أن بعض الكتبة المهرة في النحو والصرف ، ممن يجيدون حراسة غبار اللغة الجليل ، ويقرضون الشعر المُقفى على أوزان المفاعيل ، ويعيشون أراجيز الخيال الواهن على وقع العاشق المُنتظر على شرفة الحبيب المدلل ، مازالوا يستشرسون في الدفاع عن أشكال التعبير الشعري التقليدي والأدبي القديم ، وينعتون كل مجدد في فنون التعبير الشعري، على أنه عاق للشعور الرهيف ، أو جاحد لجمال الذائقة الجمالية العامة، بل ويعتبرونه ضال عن الطريق القويم للابداع الأدبي عامة ، ومناحي السكب اللغوي بعامة والشعري بخاصة .
حججهم في ذلك كثيرة ، مع كل أسف ، لكن أهمها على الإطلاق ، هي أن هؤلاء الشعراء الشباب ، والأصوات الشعرية الجديدة ، لا علاقة لهم البتة بمشابك الفراهيدي ، ولا بقواعد سيبوية ، ولا حتى بلسان ابن منظور، وأن أحاسيسهم الشعرية المكتوبة تلك، إنما هي أحاسيس فوضوية تسبح في فضاء اللامعنى ، وأنها مفسدة صارخة للذوق العام وحسب ، وأن حصيلة ما قد يأتون به من لمحات شعرية ، إنما هو كراكيب نثرية ، وليس تراكيب شعرية على الإطلاق.
بالنسبة لي ، لا يوجد هناك في التعبير ما لامعنى له ولا حتى الصياح بحروف .. أو تمتمات .. اللامعنى ، إذ أنه لابدّ وأن يكون لها معنى على نحو ما .. تماماً كما تكشف لنا علوم اللسانيات والدلالة ..
و أنا أعتقد أن التعبير الشعري لايستثنى من ذلك أبداً ، لكن المشكلة تكمن في دوغمائيات نقدية فكرية عن الشعر ، تقف في مواقف لجيل ما ، وتتمترس خلف ذائقة ما ، وتتشبث بفهم مؤطر ثابت وميت في وعي المشاعر المتجددة والحقائق الإنسانية المتدفقة بتدفق احداثها الجديدة ,,
ولذلك هي – أي تلك الأفهام اليابسة - تسعى دائما إلى قولبة الوجدان لدى الآخرين ، وتُصر بشدة على فهمه فقط من خلال قوالب تعبيرية فكرية محددة ومرتبطة - حصرا - بزمان ومكان وأسلوب معين .. تجاوزتهما أساليب الكتابة والتعبير في الحياة إلى حدٍ بعيد ..
وقد كتب الأديب المسرحي عبد الفتاح قلعجي ذات يوم : " إن من أسرار الكتابة الحديثة ومنها المسرح الخروج عن التظام اللغوي وكليشهاته المسبقة الذي غدا كالآلة القديمة التي فقدت مبررات وجودها.."
والحق أن أغلب أولئك الكهلاء النقاد والقراء الماضويين في فهم تعبيرات وميول والصرخات الشعرية الحديثة ، إنما هم في النهاية موتى في متابعة مستجدات الفكر وحقائقة المتجددة ، و لذا يكون دائما هذفهم واحد ، ألا وهو وقف تطور ومسير الحياة الفكرية والجمالية عند أسوار معارفهم المتحجرة وحسب ، ولهذا تجدهم يثابرون في القول ، على أن ما فهموه من فهم وجمال وعواطف ... الخ ، هو ما يجب أن يسود ، وما عرفوه عن مجاهل الوعي والإنفعالات الانسانية في حين ما ، هي فقط ، ما يجب تكراره واستحضاره في كل سكب شعري جديد وأوان كل جيل بوصفها القيم والمثل العليا ..
وكأن لسان حالهم يقول: ليت قيمنا ومفاهيمنا تدوم للأبد ..
بالطبع ، لقد بينت في مقال لي سابق أبينُ فيه اعتقادي بأن القيم ( الجمالية والأخلاقية.. الخ ) هي قيم متغيرة ونسبية وليست مطلقة ، وأن لاشيئ ثابت في هذا الوجود ، وأن الحركة جوهر الوجود ، وبأن الصيرورة فيه هي من تنتصر دوماً .. وأما عن تلك العقول المتحجرة ، والراغبة في ثبات القيم الأخلاقية والجمالية والنفسية ..الخ .. فلا عزاء لنا في إقناعهم أو ردّهم عن تخرصاتهم الجهولة .. سوى أنهم سيموتون يوما ما .. ليأتي مجالدون عن الماضي غيرهم ، يحمل تلك الأحجار العقلية ليقطع دروب الإبداع والتقدم والتطور ، ولكن سيكون هناك حتماً، مُفتتون جدد لها أمثالنا .. و هكذا دواليك ..
قصارى القول :
الشعر - كما باقي الفنون - هو نهر جارٍ .. تفيض ينابيعه من نبوءات وخيالات ومعان وإدراكات و خواطرلا تنضب .. وهو كما الواقع ذو قيم جمالية وأخلاقية متغيرة .. و مَثلهُ كمثل أي منجزٍ إبداعي آخر ، يجب أن يوافق مدى الواقع وتطوراته وليس العكس. وكل حال لا يُجاري حوادث هذا الواقع وتغيراته .. هو حالٌ ميتٌ ، ومآله إلى الزوال عاجلا أم آجلاً ..
..وللحديث بقية ..
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يحاربنا العالم ..؟!
- تعلم الداعشية في خمسة أيام .!
- المسلم العلماني والمسلم الأصولي
- موتى على قيد الحياة ..
- شواهد - مزعل المزعل (2)
- شواهد - مزعل المزعل
- الحظ أم القداسة ..؟!
- أفكار في فلسفة الفن ..
- ماذا بَعْد .. ؟!
- ليس بعيداً عن السياسة ..
- لا تُصَدْقي أَنّي كَبُرْت ..
- لا علْم إلاّ بالكليّاتْ
- تِجَارَةُ الجَهْل لا تَبورْ ..
- أوهام ديمقراطية .. (2)
- أوهام ديمقراطية .. (1)
- هموم فيسبوكية ..2
- في رِحَابِ الإيمَان ..!
- بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَة الحَسَنَة ..
- هموم فيسبوكية..!
- نحن نعاني من أزمَةُ نصْ لا أزمَةُ شخص .. !


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - عَزاؤُنا أنّهم سيَموتونَ يوماً ما ..