أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - - ملكوتية -















المزيد.....

- ملكوتية -


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5952 - 2018 / 8 / 3 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


قراءة في قصة : " ملكوتية "
لهدى حسين النجار- العراق


التناول الأسطوريّ، الذي يتبدّى في قصتنا تلك، ليس مجرد شطح طليق، يرتد للبدائي، بل هو يكشف الواقع الراهن المشتت ، محاولا من خلال التجربة تجاوز الفوضى وغير الإنساني .. فنحن أمام صرخة تحذرنا من أن العظمة والجمال والحب ذاته ، وكل جهاد الضمير ، ونور العبقرية التي أشرقت من الإنسانية ذاتها .. كله مقضي عليه بالفناء تحت أنقاض جمود وسبات وظلام أبدى !
فهل نستسلم ؟
أم نقاوم الفناء ؟؟؟
ومن خلال أسطورة إبداعية مثيرة، تجيب بطلتنا المحكوم عليها بالإبحار الدائم حتى تجد خلاصها ممثلا في النور الذي يعطى للفراشات جمالها وللزهور سحرها ..
لكن من حكم عليها بالإبحار ؟؟ أيكون وعيها ؟
أنها لكي تصل لما تريد، فهي تتجاوز ما يفرض عليها ولحظات الضعف التي تنتابها، لحظات تجعلها تتحول تحولات غير إنسانية .. تحولات تقربها من صفة الحيوانية مرة والجماد مرة أخرى .. أن التحول يعمل على محو الصفات الخاصة في الشخص ، ويقضى على كل ما يملكه من قيم ومبادئ .. وهو إنجاز عصري ويتلخص في القضاء على الإنسان العادي ذو الحس الأخلاقي ليحل محله إنسان يمتزج ويتوافق مع حركة المادة .. إنسان فاقد الحس والضمير وغير مالك لأي قيم .
لكن بطلتنا تصارع و تنفض ذلك كله لتعود لصفتها الإنسانية .. لذا فشروط إيجادها لما تريده مرتهنة بقدرات ليست خارجية بل قدرات منبثقة منها ..
إن محيطها الخارجي يعمل على إخضاعها لأرادته ، محاولا وضعها في الجمود الأبدي .. حيث يدفن الأيمان والتضحيات التي بذلها الإنسان خلال العصور كلها ليكون إنسانا .. لكنها استطاعت أن تحرر إمكانياتها التي كادت تتعطل . والتحرير جاء بالمقاومة وبالإخلاص لما تريده والسعي نحوه بإصرار يثير الإعجاب ..
إن القصة تقدم العقل والحرية والإبداع .. بدائل للجمود والتخلف والانحطاط.. لكنها ليست بدائل مجردة .. بل تقدمها من خلال الإنسانية والارتقاء بها .. نحن هنا إمام تمرد على كل ما يقيد الروح الحقة في سعيها الحثيث نحو الرقى..
لكنه ليس تمردا لتغير سلطة.. أو استبدال نظاما بنظام.. بل هو تمرد لإثبات قدرات الإنسان الحقيقية على الصمود والمقاومة وتغير قدره .. وهو بذلك يحاول إن يحاور العالم الأبكم من حوله ، عالم مبهم وغامض ليضفي عليه معنى .. معنى ينعكس على الوعي ذاته .. وما تلك المنحوتة التي صورت في قصتنا تلك، ونحتتها أيدي الأجداد ، إلا صورة إبداع ينطوي على وعى يرفض النفي .. وكفاح بلا حدود يؤكد على التجربة الإنسانية في بدايات قاسية من فجر التاريخ .
إن رحلة بطلتنا هي بشكل ما رمزا لإرادة ووعى يسعيان لتجاوز الموت ذاته .. سعى حثيث ومضني ومؤلم لتأكيد الذات الإنسانية إزاء عالم معتم ، ليشرق فيه قبس من ضوء .. وشعاع من شمس يبعد برودة الموت .. وتعود فيه البراءة الأولى لتتألق من جديد .
ملامح أسطورية في القصة :
----------
أولا : الطبيعة / المرأة
كان هناك سؤال يراودني وأنا أطالع القصة :
لماذا جعلت القاصة الشخصية المحورية في النص امرأة ؟
لم أجد إجابتي إلا مع نهاية القصة التي تقول :
(فركت عينيها بيديها وفتحتهما ببطء وبالتدريج.. تمتد أمام ناظريها حتى الأفق سهول خضراء تحتضن ألوانا ما كان لها أن تخطر في خيالها، وفوقها سقف سماوي رائق. أيعقل أن يوجد مثل هذا اللون؟ وعرفت أنها وجدته، وجدت قرص الشمس )
نحن أمام طبيعة بكر ، نقية وجميلة .. تلك الطبيعة البكر تعتبر في أساطير بعض الشعوب رمزا للأصل والخصوبة .. والمرأة في بعض الأساطير أيضا تحمل نفس المعاني .
ثانيا : ملامح من أسطورة جلجامش
يسعى جلجامش للبحث عن شيء يمنحه الخلود .. فصراعه هو صراع ضد الموت ..كما تسعى بطلتنا للبحث عن شيء يمنحها الحياة .. فصراعها هو صراع أيضا ضد الموت ..
وتتفق بداية جلجامش مع بداية قصتنا .. أي البداية الحقيقية للحكاية التي جعلت بطلتنا تذهب ( للمبجلة ) لتعرف أين القرص .. وبداية جلجامش تقول:
( هو الذي رأى كل شيء )
وبداية الحكاية في القصة تقول :
(عرفت به وجود القرص من دون أن تعرفه )
والرؤية كالمعرفة .
ثالثا : الماء
نجد الماء في القصة على شكل نهر .. فكما أنه رمز موت فهو أيضا رمز بعث.. لكنه يتجلى بشكل أسطوري واضح عندما يتحدث ويتذكر
رابعا : العدد سبعة
في القصة جبال سبعة حتى العنوان ( ملكوتية ) أحتوى على سبعة أحرف ..
وهناك تفسيرات كثيرة عن هذا الرقم، كربطه بقدرات خاصة وسحرية ، وما يخصنا هنا أن شعوب الشرق القديم ربطوا هذا العدد بقوى الشمس و النور .. وهو ما انتهت به قصة " ملكوتية "
وتحكى أسطورة أن عشتار تتجه إلى السماء على عرش قائم على عربة تَجرّها سبعة أسود ، حتى تصل للسماء السابعة ، وفور وصولها تخبو الحياة .. ثم تعود بعد زمن .
وفى القصة ركبت الشخصية أسد ظنته أريكة .. وقادها وهى فوقه إلى ممرات ودهاليز غير معروفة .. ففيها ملمح من أسود عربة عشتار .
وفى أسطورة جلجامش يحكى إن الإلهة عشتار بكت تندب البشر بقولها :
( واحسرتاه لقد عادت أيام الفوضى الأولى وعاد البشر إلى طين . ومضت ستّة أيام وسبع أمسيات ولم تزل زوابع الطوفان تَعصف . ولما حلّ اليوم السابع خفّت شدّة الزوابع وهدا البحر وسكنت العواصف . وغيّض عباب الطوفان وتَطلّعت فوجَدْت السكون في كل مكان وكل البشر قد عادوا إلى طين . فتحت كوّة طاقتي ، فسقط النور على وجهي . )
وهو نور مشابه للضياء القوى الذي غشي وجه بطلة قصتنا فور خروجها من ظلام الجبل .
خامسا : تفسير العنوان " ملكوتية "
كلمة ملكوتية لها مدلولات روحانية .. فهي تشير لقدرة الله وخلقه .. وقلنا إنها مكونة من سبعه أحرف وفى الإسلام سبع سموات ، و سورة الفاتحة من سبع آيات ، ويتكرر ذكر الرقم في سورة البقرة وسورة المؤمنون وسورة لقمان وسورة يوسف .. الخ
كما تشير كلمة " ملكوتية " أيضا إلى الإلهة في الأساطير القديمة، وبحروفها السبعة تشير لبعض تلك الأساطير فأشور ( ملك الآلهة السبعة ) وفي آشور أيضا (رقم الخليقة السبعة) وغير ذلك في أسطورة عشتار وجلجامش .
وكما يسمح لنا العنوان بالإبحار في رحاب القصة، فهو يرسو بنا على شاطئ النهاية فنلتحم معها .. فقد غشي بطلتنا ضياء قوى وقالت إن هذا ما يسمى النور، ثم إدراك قرص الشمس .. أن الضياء والنور والشمس كلها ذكرت في آية كريمة من القرآن قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياءً .. والقمر نورا).
كأن العنوان يدعو متلقيه بشكل خفي إلى الأيمان ، وهى دعوة تتنامي مع الإيغال في رحاب النص .. لكنه أيمان بأن الإنسان خلق إنسانا وليس جمادا أو حيوانا.. فهل سيظل إنسانا أم يتحول ليكون متوحشا وخالي من القيم الإنسانية التي تميزه ؟



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السادس
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السابع
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثامن والأخير
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الرابع
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الخامس
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثانى
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء الثالث
- رواد الفن التشكيلي في فلسطين – الجزء الأول
- تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني – الجزء الثالث والأخير
- تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني – الجزء الأول
- تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني – الجزء الثاني
- رقص العقارب
- قراءة في قصة ( زوجة العياشي )
- أدب الفانتازيا وأدب الخيال العلمي
- الجسور
- قراءة في قصة - مرتفعات الحياة .. منخفضات الوقت -
- قراءة في قصة ( بيت العنكبوت )
- قراءة في قصة ( رانيا )
- قراءة في رواية -على قيد الموت-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزءالثالث عشر


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - - ملكوتية -