أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - عائلتي و خلاصات النساء وكاما سوطرا














المزيد.....

عائلتي و خلاصات النساء وكاما سوطرا


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 5912 - 2018 / 6 / 23 - 17:37
المحور: الادب والفن
    


كانت عائلتي مزعجة ,أصواتهم , همسهم , عبثهم , سخريتهم , مناكفاتهم وحتى ضحكهم صار مزعجا , لم تتغير طقوسهم الحياتية .

دائما هناك صخب وعنف في البيت لا يمكن إحتماله .

حوارهم هو نوع مهذب من المشاجرة , وشجارهم حرب كلامية بمرفقعات وهمية

فقط , صوت والدي كان المدفع الذي كان يعلن عن حالة إعلان الطوارىء ومنع التجول فتخف سواليفهم و يهدأوون ويركنون للصمت بعدها ثم النوم وكنت أكثرهم حبا للهدوء وللعزلة

في الحقيقة كنت وحيدا في حضورهم وموجودا في غيابهم ولا علم لي كيف يحدث ذلك.

كان جزءا مني يقبلهم بكل ما يملكونه من مشاحنات ومشاكسات وحروب وضحكات والجزء الأخر يرفضهم , ويشتاق لعزلته.

تقول والدتي : لديك من الجاذبية التي تشعرنا بوجودك رغم غيابك فقد كنت في تلك الأيام الخوالي استلم رسائلها بالبريد, ولم يكن هناك انترنت مفتوح أو إيميلات مثل هذه الأيام.

فقد دبر لي والدي بعثة مجانية لدراسة الماجستير في الطب النسائي ورغم أن هناك الكثيرون كانوا يستحقونها أفضل مني إلا أن واسطة أبي نجحت فنحن من الدول التي تؤمن بمقولة حكلي لأحكلك

ولم نكن نشعر بتأنيب الضمير لأننا نسرق مجهود الأوائل والمتفوقين فالفرصة التي تأتي لا تعود

كنت قد تركت زينب في عهدة عائلتي وسافرت لإكمال دراستي , وقد وجدت زينب في غيابي عملا في أحدى السفارات الصديقة كمترجمة , وبقيت مع عائلتي حتى عدت بعد ثلاث سنوات قضيتها في أحدى بؤر الصراع المشتعلة في ذلك الزمان في أوروبا الشرقية

كنت طبيب في دول البلقان حيث الحروب تنتظرني في كل مكان .

كانت زينب ترسل برسائلها وهي تحذرني من الزواج من أحدى نساء البوسنيات المسلمات الجميلات المهجرات , حتى عدت وحيدا بدون زوجة بوسنية , فأطمانت لوفائي .

كنت منهمكا بعملي وبتدريبي القاسي بتلك البلاد لدرجة إني نسيت أن هذه المهنة قد تقتل بداخلي الشعور بالتواصل الإنساني الرفيع

الحروب في أقسى نتائجها قد تجعلك آلة تعمل باستمرار بدون شحن لبطارية الأحاسيس

تركت زينب حامل في أخر سنة لي , وعندما عدت , أشرفت على ولادة ابنتنا فاطمة

فبعد أن أخرجت الرأس الصغير ورأيت هذا الكائن الصغير كيف يقاوم الحياة وصدى صرخة الميلاد التي يرفض بها هذا العالم الجديد - الغارق بالبؤس , قررت أن أعزف عن هذه المهنة,

شعرت حينها , أن هذا الكائن اللزج الذي يخرج من فجوة عميقة هي سبب مصائب الكون كلها

هذه الفجوة التي تجعل حياتنا في صراع دائم لا ينتهي

فأي قذارة هذه التي تجعل بشريا مجرد مسخ وحيوان

كانت النساء تحدثني عن حالات إغتصابهن من قبل الأزواج بطريقة سادية و مازوشية لعينة كن يبكين لعدم قدرتهن على مواصلة الحياة الطبيعية الرومانسية العادية الملفعة بطقوس الحب الشفاف

كن يشعرن بأحساس النساء المقهورات اللواتي يمتطيهن أزواجهن مثل دابة لا مشاعر لها

وكنت دوما أوجه النساء و الرجال القادمين مع زوجاتهن لقراءة و فهم كتاب كاما سوطرا الهندي و تعاليمها المهذبة في التعامل مع أجساد النساء الرقيقات

كنت أقول لهن أن يتناقشن بمحتواها مع أزواجهن ليصلن إلى درجة راقية من التواصل الجسدي الرفيع و ليس كما يحدث , ولكني كنت أنفخ بقربة مثقوبة

فأنت تتحدث مع شعب عربي من الهمج , يعتبرون الإيلاج هو قمة السعادة ولا يفكرون بالأنثى الناعمة التي تقبع بداخلها أحاسيس منقوصة بالشعور بأنها كائن مكتمل - كامل الأهلية غير منقوص بالمرة .

الخلاصة لقد هجرت الطب النسائي لكي لا أصبح مجرد تمساح بليد يجلس بالساعات على حافة البركة يراقب الحياة بعيون كسلى و يتقزقز

هل التمساح يتقزز

لا يهم كيف يشعر ولكني لا أحب طريقة جلوسه وبلادته القاتلة كان هذا مصيري لو بقيت أخوض بخلاصة النساء ودمائهن وشعر الجنين و صلعته البرتقالية , فيتحول المنظر المتعب إلى روتين يومي قاسي أقوم به مثل آلة

وفكرت بقراري الذي سيصطدم الجميع فلو عاشوا ما عشته هناك من الآلآم النساء اللواتي بقرت بطونهن وأجهضن وقتلن بدم بارد هن وما في أحشاءهن وتلك العمليات الخطيرة التي قمنا بها لعذروني .

كان الصرب قوم قساة , وحشيون لم يتركوا أيا من صنوف التعذيب إلا وإقترفوها وكانت ضحيتهم النساء والأطفال على وجه الخصوص.



كنت أريد أن أعيش الجمال الكوني لئلا أصاب بشخوخة مبكرة تقتلني. تفهمت زينب ذلك ففي جزء منها شفاف يفهم طبيعتي كفنان بل وتحرضني على الإنغماس بالفنون .

ذلك قراري وإن أزعج ذلك والدي فقد كان علي أن اخدم في المستشفيات الحكومية بسبب المنحة التي حصلت عليها وكما السابق استطاع والدي بتدبير متقن مع أصدقائه أن يعفيني من العمل الإجباري حتى بدون دفع الغرامة بأن استحصل لي على شهادة مرض نفسي بسبب حروب الصرب ,كانت شهادة نفسية تعفيني من مزاولة المهنة بإعتباري من ضحايا الحروب النفسية القائمة ..

فتحت متجرا لبيع الورد , وكانت تلك أجمل أيام حياتي.



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفلة المطر
- من يجرؤ على القول إننا لا نستحق مناصبنا !!
- ولكن قد يحدث ذلك بسبب الندم
- لم تكن أمي جميلة ولكنها كانت الأجمل
- هل تسمح بدخول المؤلفة للنص !
- أي حزن يبعث المطر !
- جمعة الكوشوك والثقب
- لعبة تصحيح الأخطاء الإملائية والمعنى الضائع
- مسيرة العودة – الكبرى في يوم الأرض
- فيلم الأوسكار -The shape of water- والفلسطينيون الذين عذبوا ...
- ‏ كل عام وأنت بخير أيتها الإمراة البائسة
- الهولوكوست الفلسطيني والأونروا مقابل الهلوكوست الصهيوني والت ...
- الهلوكوست - تراجيديا القضية الأبدية والإبتزاز السياسي 2
- هرولة التطبيع بالإتكاء على الهولوكوست ( المحرقة ) الجزء الأو ...
- نصف ساعة من المشي
- إحذف تغريدتك قبل أن يسرقها الذباب الإلكتروني
- حكومات البطة الهادئة والتمساح
- حركة - إحتلوا البيت الأبيض- من أجل حقوق الإنسان
- ناب كافكا -الحلقة الثانية عشر والثالثة عشر
- ناب كافكا -حلقة 9 وحلقة 10


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - عائلتي و خلاصات النساء وكاما سوطرا