أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - بهدوء ...مصر قبل 1952















المزيد.....

بهدوء ...مصر قبل 1952


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5855 - 2018 / 4 / 24 - 17:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد هذا العمر الذى أفنيته فى موقف محدد لا يقبل المراجعة أو المناقشة حول أوضاع مصر فى العهد الملكى أو البائد، ها أنا ذا أعيد فتح هذا الملف المغلق أو المسكوت عنه لبعض المراجعة حول تلك الحقبة التى حددنا موقفا مانعا وقطعيا منها طوال مراحل العمر المديدة المنقضية، أعرف أنه توجد فئة "لم أتمكن من قياسها" تحنّ بشدة الى ذلك العهد وتصقه بيوتوبيا حقيقية على أرض مصر، وكان ظنى هو أن هذه الرؤية غالبا مبنية على موقف طبفى من ثورة يوليو وما تلاها من مواقف وأحداث، أو تطلعا الى إعادة طبقة الباشوات والأرستقراطية المصرية المرفهة والحقد على طبقة الفلاحين والعمال والبوابين والسعاة وغيرهم الذين رفعوا رأسهم وتطاولوا على أسيادهم، أسباب كثيرة ومتنوعة ولكن لا داعى للعجلة ودعنا نعيد فتح الملف بهدوء.
بداية لا يمكن الدفاع عن التفاوت الطبقى العميق والحاد بين الأغنياء والفقراء فى مرحلة ما قبل 1952، وإنقسام المجتمع المصري إلى طبقتين منفصلتين تماما، كانت الطبقة الأولى قليلة العدد (نصف فى المائة) تتكون من الإقطاعيين وكبار الملاك والرأسمالية الزراعية وقلة من كبار الموظفين، وسيطرت هذه الطبقة على معظم الثروات المتاحة، بينما تكونت الطبقة الثانية من الأغلبية الساحقة التي ضمت الفلاحين، والعمال، والحرفيين وصغار البرجوازيين وأشباههم ( 99.5 %) والذين كانوا من المعدمين أو يتمتعون بحقوق ملكية هامشية جدا، ودخول منخفضة، بينما يعنون من الفقر الشديد وتمتلإ جسومهم بمختلف الأمراض المتوطنة والسارية وتبلغ نسبة الأمية بينهم ما يزيد على ال 90% ويعيش أغلبهم فى قرى طينية أو أحزمة الفقر حول المدن بلا مياه شرب نقية أو صرف صحى أو أى مظهر للمدنية الحديثة، كان الفلاحون "أصحاب الجلابيب الزرقاء" أغلبيتهم العظمى من الحفاة، وكان ذلك وحده كافيا للقيام بثورة ضد أسيادهم من الطغاة المستبدين الذين كانوا يملكون الحق فى ظلمهم وسجنهم وتعذيبهم "بل أن بعض الإقطاعيين كانوا يملكون سجونا خاصة بهم وجلاوزة لتنفيذ قانونهم الخاص"، وأدت الأزمات الاقتصادية إلى حدوث هزات اجتماعية فأضرب عمال الحكومة عن العمل، وأضرب المدرسون، وأضرب رجال الشرطة، وظهرت القلاقل في الريف، وكانت الأزمات تحيط بالحكومات المتعاقبة ولا تجد لها مخرجا، وهو ما يدل على عدم قدرة أطر النظام السياسي على استيعاب ما يواجهه من أزمات.
من الناحية السياسية قبل ثورة يوليو فقد مرت مصر بظروف عصيبة وغير طبيعية، فمن إحتلال يرسخ بأقدامه على صدور المصريين الى مؤامرات القصر مع الإحتلال وأحزاب الأقلية والإخوان المسلمين ضد الديموقراطية وإحترام الدستور، يضاف الى ذلك تزوير الإنتخابات من فبل أحزاب القصر والرجعية، مرورا بعدم الإستقرار السياسى والتغيير المستمر للوزارات، وزاد الطين بلّه ما حدث للفلسطينيين وهزيمة الجيش المصرى "ومعه الجيوش العربية المتدخلة" فى فلسطين، والصراع بين الأحزاب وتحول حزب الوفد من خندق الديموقراطية والدفاع عن الدستور الى ممثل لكبار الملاك الزراعيين بينما نمت شريحة تميل أكثر الى اليسار بين صفوفه، وإنتهت تلك الحقبة نهاية كارثية تمثلت فى حريق القاهرة، علينا أن نتأمل الأوضاع في مصر قبل يوليو 1952 حيث أن السنوات بين عامي 1950 و1952 شهدت تساقط النظام القديم وكان ملكيا ليبراليا تحت الاحتلال فقد سقطت مصداقية النظام الحزبي عبر تحالف أحزاب الأقلية مع القصر حينا والاحتلال حينا آخر لإبعاد حزب الوفد عن الحكم، و برزت في مصر مشكلتان، المشكلة الوطنية وكان الهدف منها الخلاص من الاحتلال ، والمشكلة الاجتماعية وقد فشل النظام الحزبي في حل المشكلتين معا، فقد جرت مفاوضات عديدة مع الإنجليز للجلاء ولكنها لم تؤد إلى نتيجة مما دفع مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء آنذاك إلى أن يعلن إلغاء معاهدة 1936 التي وقعها مع الإنجليز بنفسه، وبدأت المقاومة المسلحة للإنجليز في منطقة القناة، وفي المشكلة الاجتماعية كانت هناك ممانعة طبيعية من كبار الملاك الزراعيين للإصلاح الاجتماعي، وهناك ثلاثة مشاريع قدمت قبل 1952 للإصلاح الزراعي ورفضت جميعا في مجلسي النواب والشيوخ لان أعضاء المجلسين كانوا من كبار الملاك، غير انه في تلك الفترة كان هناك مشروع وطنيا للتغيير الاجتماعي قد بدأ يتبلور شاركت فيه مختلف القوى السياسية والوطنية.
كات تلك الصورة هى الأكثر تعبيرا عن واقع الحال قبل عام 1952 بوجه عام، لكن الجانب الآخر من الصورة لا يمكن إغفاله أو المكابرة فى إنكاره، فبشهادة المنظمات المالية الكبرى فى العالم فقد كانت مصر حينذاك تضع إحدى قدميها إقتصاديا فى مربع العالم الأول " أوروبا والولايات المتحدة"، ويسبق إقتصادها ومتوسط دخل الفرد كوريا الجنوبية ناهيك عن الصين والهند وغيرها من البلدان، ورغم حالة الكساد وانهيار الاقتصاديات العالميه في اوروبا بعد الحرب، بدأت الدول الأوروبية في تلقي المعونات الامريكيه فيما سمي مشروع مارشال لمساعدة تلك الدول في اعادة بناء اقتصادها في الوقت الذي لم تحتاج فيه مصر هذه الخطه، فقد خرجت مصر من الحرب باقتصاد أكثر تعافيا، وكان الجنيه المصري الورقي يعادل جنيه ذهب + قرشين صاغ ومن الطريف في هذا الامر انه في عهد الملك فاروق حاول ان يكون قبض الموظفين بالجنيه الذهب بدلا من الجنيه الورقى فقاموا بعمل اضراب كي لا يخسروا القرشين صاغ، ومهما كان من آراء ونظريات جاهزة فإننا لايمكن أن ننكر انطلاق النهضة الاقتصادية والثقافية والتعليمية، فمصر في تلك الحقبة انتجت أفضل العلماء وكبار رجال الأدب والفكر والتعليم، ففى مجال الفنون كانت صناعة السينما عملاقة وسابقة فى كل شيئ، يبقى أننا ما نزال نستمتع حتى الآن بأفلام تلك المرحلة ونعتبر أن فنانيها يعيشون فى وجداننا، فى تلك الأيام إنتشرت دور السينما لتصل الى القرى، أعلم أنه كان بالأسكندرية وحدها حوالى 65 دار للسينما، حاليا يوجد بها حوالى 15 دار بعد أن كادت تنقرض فى عهد الرئيس المؤمن، وبالنسبة للعمارة فنحن نباهى بتلك العمائر والفلل والقصور المتبقية من ذلك العهد فى طرزها وأناقتها وينتابنا حزن وهلع كلما هدم أحد هذه الآثار، وما زالت القاهرة الخديوية أيقونة ذلك العصر الباقية.
لن أمارى كثيرا بأن عمالقة الأدب واللغة والتعبير هم أبناء ذلك العصر، ويبقى طه حسين والعقاد وأحمد أمين وأمين الخولى وبنت الشاطئ والمازنى والمنفلوطى وشوقى وحافظ والبارودى وبيرم وغيرهم وغيرهم الكثير الذى يصعب إحصاؤه ولا يجود الزمان بمثله، أيضا الحامولى وسيد درويش وعبد الوهاب وأم كلثوم والستباطى وغيرهم عمالقة الفن والغناء حتى الآن، فى كل مجالات الحياة تجد من هم صناعة حصرية لأيام الفن الجميل والأدب والأخلاق والذوق، فد تحاججنى بأن عدد السكان كان قليلا، وهى كلمة حق لكن لا تنفى عن ذلك الزمن أصالته ورونقه وجماله.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أشبه البارحة بالليلة !!
- فيسبوك مصرى .. المسخ الجديد
- تدهور أوضاع الحريات وأزمة الديموقراطية فى مصر
- ثورة من أعلى فى السعودية
- تصاعد الصراع فى الشمال السورى بين تركيا وأمريكا
- تشويه الثورات .. بين الثورة العرابية وثورة يناير
- الإنتخابات الرئاسية المصرية بين برزخين
- حول إنتخابات الرئاسة 2018
- مهندس / عبد المنعم شتلة... بطل ليس من هذا الزمان
- سابع جار ... دراما الأماكن المغلقة
- عن صلاح عيسى والوطن...رحيل مناضل
- مدنية أم دينية؟
- ما بعد قرار ترامب...ومآل عملية السلام
- تراجع ردود الفعل الشعبية على القرار الأمريكى بنقل السفارة
- إمام ونجم ..متلازمة الثورة والفن والغضب
- حديث عن الحوثيون
- بدو سيناء والإنتماء الوطنى
- ثورة أم ثورتان .. 25 يناير و 30 يونيو؟
- حول كتاب - الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث-
- الحازميون .. الوريث الأكثر دموية لداعش


المزيد.....




- الحكومة المصرية تعطي الضوء الأخضر للتصالح في مخالفات البناء. ...
- الداخلية المصرية تصدر بيانا بشأن مقتل رجل أعمال كندي الجنسية ...
- -نتنياهو يعرف أن بقاء حماس يعني هزيمته-
- غروسي يطالب إيران باتخاذ -إجراءات ملموسة- لتسريع المفاوضات ح ...
- تشييع جثمان جندي إسرائيلي قُتل في هجوم بطائرة مسيرة تابعة لح ...
- أمام المحكمة - ممثلة إباحية سابقة تصف -اللقاء- الجنسي مع ترا ...
- واشنطن تستعيد أمريكيين وغربيين من مراكز احتجاز -داعش- بسوريا ...
- واشنطن لا ترى سببا لتغيير جاهزية قواتها النووية بسبب التدريب ...
- بايدن: لا مكان لمعاداة السامية وخطاب الكراهية في الولايات ال ...
- مصادر لـRT: الداخلية المصرية شكلت فريقا أمنيا لفحص ملابسات م ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - بهدوء ...مصر قبل 1952