أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة التقاليد المرعية ( 6 )















المزيد.....

الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة التقاليد المرعية ( 6 )


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5786 - 2018 / 2 / 13 - 18:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الانتهازية والوصولية وسيادة الثقافة الشعبية البالية الممزوجة بثقافة التقاليد المرعية ، هي من أهم عوامل عرقلة بروز وتبلور لوعي طبقي / اجتماعي جماهيري شعبي .
ففي المجتمعات البتريركية والبتريمونيالية ، حيث دائما الرعايا يتشبثون بالراعي الأب ، لحمايتهم من شرور الحياة وعواقبها ، فإنهم في تفكيرهم ، وحركتهم ، وثقافتهم البالية الممزوجة بالتقاليد المرعية ، يغرفون من الأصول الاجتماعية المبنية على الخوف والتواكل ، وتفويض كل ما يتعلق بالشأن العام ، للأب الراعي المدرك بحقيقة الأشياء ونواميس الكون ، والمتمتع بالبركة الإلهية الحائلة ضد كل المصائب التي تخيف الرعية .
لذا فان التمازج بين التقليداني الماضوي ، وبين تكييف ( العصرنة ) المفترى عليها في دولة بتريركية أبوية ، يوظف في جعل الرعايا ينتظرون دائما عطف الراعي ، في أشكال مختلفة كتقديم صدقات متكررة ، وإعانات مادية لمواجهة ظرف طارئ كالثلوج ، او المصائب ، او كل ما يخيف الرعية من هول الحياة وضنك العيش .
ففي هذا النوع من المجتمعات الفاقدة لسلطة القرار ، ولجرأة الاختيار ، واستقلالية الكلمة ، فكل شيء أصلا يتم ضمن التقاليد الخرافية والتقاليد المرعية ، لذا فهم يوظفون رموز الخوف في سيرتهم ، وفي تقاليدهم ، وفي أمثالهم ، مثل البُومْ ، الغراب ، الأفعى ، الثعبان ، الذئب ، عيشة قنديشة ، الأولياء ، الصالحين ، القبور ، البركة ، الليل ... الخ . كما تجد الرعايا يتسابقون إلى الساحات والأسواق ، لسماع الأزلية ، وحكايات خيالية من الجن الأسود ، الى الجن المسلم ، الى الجن النصراني ، الى سيف دويزل وعاقصة والنمرود ، الى علي بن ابي طالب وهو يلوح بسيفه يمينا فيقطع ألف رأس يهودي ، ويشير بسيفه يسارا فيقطع ألفي رأس يهودي حتى وصلت الدماء الى ما فوق عنق الحصان ... الخ .
ان سيادة عقلية التواكل ، والخرافة ، والتشبث بالقصص ، وبالأزليات ، والحِكِيْ الذي يحيل على العصور الغابرة ، تجد فيه الرعية متعة نفسية تجعلها تعيش القرون المنسية ، أي أنها خارجة عن دائرة الزمن وقوانينه الصادمة .
ان الثقافة الشعبية البالية الممزوجة بثقافة التقاليد المرعية السائدة بالدولة البتريركية البتريمونيالية ، هي مجموع القيم الماضوية ، والتقاليد البدوية ، والأعراف ، والممارسات التي تمتح من الحظيرة ، ومن العشّة أنْوالة ، ومن الخيمة ( الخيام انتفت ) . ان هذه الثقافة التي فشلت في ان تصبح مدينية ومدنية وعقلانية ، رغم ولوجها الإدارة ، أسقطت تلك القيم البالية ( أهْلينَ ) الأهل القبيلة بالإدارة ، التي تحولت وفي ظرف وجيز منذ سبعينات القرن الماضي ، الى نسخة ومرآة لما يجري بالحواشي والمحيطات . فأصبح تقلد المسؤوليات والمهام ، يأخذ بالاعتبار الانتماء القبلي ن والعادات ، والممارسات الضيقة ، وليس الأهلية والكفاءة والمقدرة .
وعندما تزاوجت هذه الممارسات القبلية مع ممارسات متناقضة بسبب اختلاف مكان التعليم والتعلم ، ( مدينة بادية ) تحولت الإدارة الى حلبة للصراع بين الاتجاهين ، ومع الكثرة والوفرة الغازية للإدارة من الهامش والمحيط ، سيطر البدو الحاملين للماضوية وفرضوا استمرار نفس العادات والتقاليد التي تمتح من الماضوية والأركاييكية ، فأصبحنا نعيش شمكرة الإدارة ، وشمكرة الشارع ، وشمكرة المدينة ، ( لكْلوشارْديزازْيو دوُ لدْمينيسْطْراسيو ) .
إذن هل يمكن ان نتحدث في دولة بتريركية باتريمونيالية أبوية عن ثقافة شعبية ؟
إذا كانت الثقافة الشعبية هي مجموع ما تمارسه الجماهير الشعبية في مختلف الميادين ومجالات الحياة الاجتماعية ، -- فالأرجح ورغم ظهور أحزاب برجوازية صغيرة حاولت ان تنتفض ضد الماضوية والتقليدانية -- ، ان ليس كل مكونات الثقافة الشعبية ، كانت خلال الستينات ، والسبعينات ، وحتى الثمانينات تقدمية ، او تحررية تخدم تحرير الجماهير الشعبية ، كما يعتقد اليوم الشعبويون الذين يؤلّهون كل ما هو شعبي ، او بالأحرى كل ما يعتقدونه ذلك .
ان السبب في ذلك ، هو كون الثقافة الشعبية ، لا تشكل في مجملها ثقافة مضادة ، للثقافة الماضوية التقليدانة للبتريركية الباتريمونيالية ، بل انها من حيث مكوناتها الأساسية ، وفي غياب عوامل تطويرها ، وتكوينها كثقافة مضادة ، تذوب من حيث لا تدري في الثقافة السائدة ، ومن هنا يأتي تشجيع الطبقة السائدة لبعض مكونات الثقافة الشعبية ، ومحاربتها وقمعها لمكونات أخرى .
ان الثقافة الشعبية المائعة ، عندما تؤكد على وحدة الشعب ، وعلى ضرورة التضامن الشعبي بين كل الشعب ، وعلى قيم الإحسان ، ومساعدة الغني للفقير ، ونبذ الصراع والتفرقة التي تنخر المجتمع ... الخ ، ولا تحصر ممارسة هذه القيم في إطار المُضطَهدين والمستغَلين ، بل تدفع باتجاه شمولها لكل المغاربة ، فتؤدي الثقافة الشعبية الممزوجة مع التقاليد المرعية ، الى إخفاء الفوارق الاجتماعية ، والتناقضات الطبقية ، ومن ثم كهكذا ثقافة رجعية ، تساهم بدور اكبر ، في عرقلة بروز وتبلور وعي المستغَلين بمصالحهم ، وتعرقل إدراكهم لأعدائهم الطبقيين ، فضلا عن كونها تسعى الى الحد من احتدام الصراعات الاجتماعية التي تفرق بين " الإخوة " . فهي بذلك تشجع على طلب الصدقة بدل المطالبة بالحقوق أسوة بالطبقات السائدة .
ولئن كانت بعض هذه القيم ايجابية نوعا ما ، طالما بقيت ممارستها محدودة في إطار الطبقات المسودة الفقيرة ، ووُظّفت في نضال هذه الأخيرة ضد أعداءها الطبقيين ، فان نفس القيم تتحول الى عوامل سلبية ، حالما تشمل كل المغاربة دون تمييز ، وتخدم مصلحة استمرار سيطرة ، وسيادة الطبقات المستغلة .
وتشكل الايدولوجيا / الفكر الغيبي الذي يؤطر للدولة البتريركية البتريمونيالية ، والذي يتنافى مع العقلانية ، والتفسير العلمي للظواهر الطبيعية ، والاجتماعية التي تُردُّ الى فعل قوة لا مرئية تتجاوز إدراك / عقل البشر .. ، عاملا يعيق بروز وتبلور الوعي الطبقي / الاجتماعي لدا الطبقات المسودة ، ما دام الاستغلال والفوارق الطبقية / الاجتماعية ، والاضطهاد والظلم ... الخ ، ظواهر اجتماعية يستحيل على العقل فك ألغازها ، وإدراك أسبابها الحقيقية . إنها في هذا المنظور الغيبي ، من تدبير قوى تتجاوز البشر ، ولا مجال للخوض فيها .
وفضلا عن ذلك ، إن تأكيد هذا الفكر / الايدولوجيا على " وحدة الأمة " ، وعلى اعتبار ان تتجاوز الفوارق الاجتماعية ، او بالأحرى الحد منها ،هو تعتيم وعي الطبقات الاجتماعية المستغَلة ، وتخدم في آخر المطاف مصلحة الطبقات السائدة وهيمنتها الاجتماعية .
( يتببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببببع )



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائما محاولة لتشخيص اسباب انعدام بروز وعي / اجتماعي / طبقي ج ...
- عوامل حالت وتحول دون بروز وعي اجتماعي / طبقي جماهيري شعبي -- ...
- ما هي معوقات بروز وعي اجتماعي / طبقي شعبي جماهيري بالمغرب ؟ ...
- وعي جماهيري شعبي اجتماعي امْ وعي طبقي ؟ ( 2 )
- صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )
- المثقف الثوري والوعي الطبقي
- طلقات في عزّ الليل
- الملكية البرلمانية . سؤال : ايُّ ملكية نريد ؟
- هل اصبحت القرارات الأممية ومجلس الامن ، متجاوزين في حل نزاع ...
- نقاش سياسي -- الجمهوريون --
- هل ستعترف اوربة بالجمهورية الصحراوية ، إنْ حضرت اللقاء المنت ...
- إيجابات رفيق في زمن الخيانة ، في زمن الردع العربي
- إغتراب البطولة في رواية - وليمة لأعشاب البحر -
- خطاب الملك و مآل الصحراء
- ويستمر الظلم -- إخبار لاحرار وشرفاء الشعب المغربي
- رد على الجيش الالكتروني الجزائري الذي يديره الجيش والدرك وال ...
- خبث الجزائر ومكر البوليساريو
- السؤال الذي على المغرب طرحه على الاتحاد الاوربي
- لعبة الامم واشكالية صياغة القرارات الاممية -- الصحراء المغرب ...
- حدود تحرك البوليساريو كجبهة وكجمهورية


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة التقاليد المرعية ( 6 )