أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طواحين النّار














المزيد.....

طواحين النّار


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5777 - 2018 / 2 / 4 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


تدورُ الرّحى على الرّحى، تتصادمُ حبّات القمح وهي تلفُ على بعضَها البعض استعداداً لفقدان خصوصيتها والتضحية بها. تنبعثُ منها رائحةُ الأرضِ ورائحةُ الإنسان الذي قلّب تلك التربة، فلولاه لم يكنِ القمحُ ولا الطاحون .
منذُ أن رحلتْ طواحينُ النّارونحن نبحث عن أنفسنا، فلا حمار يحملُ كيس القمح ولا فلاح يذهبُ مع الفجرِ ليجرّبَ الطّحنة الأولى من الموسم الجديد. أصبح خبزنا مستعاراً ونهارنا دماراً، ليلنا خالٍ من النوم، والقمر، والنجوم. ينادوننا، ولا نسمع، فنوافذنا مغلقة بكاتم للصوت. . حياتنا ليس فيها أسفار رغم كلّ تنقلاتنا، عديمة الجدوى . يقولون أن البشرية تتقدم، قد يكون ذلك صحيحاً، لكنّ التّقدم في مكانٍ بعيد عن أماكننا، أخذنا من التقدم ماهو مخصص لحاويات التّدوير.
أيدينا مغلولة إلى أعناقنا، وأيديهم مبسوطة إلى زوّاداتنا يخطفون لقمة عيشنا. نلوح لهم معجبين ببذلاتهم وربطات عنقهم أحياناً، نختارهم بإرادتنا قهاراً لنا، وأحياناً يمنحوننا مقابل ذلك ابتسامة صفراء بينما نحتاج ربطة خبز، ورقد يمنحوننا عصاً تلهبُ جلودنا. لا يكتفون بهذا بل يسرقون كلماتنا وعذاباتنا. أصبحوا يكتبون عذاباتنا بأقلامهم ونصفّقُ لهم لأنهم جعلونا نذرف الدموع بغزارة أكثر مما كنا نذرفُها في كل يوم. لم نكن نعلمُ أننّا مظلومون إلى أن كتبوا عنّا بأقلامهم وبكوا ألمنا زيفاً من على المنابر، فصفقنا لهم وقوفاً. عرفنا بعدها أنّ حدّ الظّلم الذي نتعرضُ له كبيرٌ.
نموتً من أجل الحرية والكرامة. ليس من أجل حريتنا نحن. هكذا يبدو الأمر لنا، بينما هي حرية وكرامة قاهرنا، وحرية كلّ من سوف يقهرنا. حريتنا مسافرة رحلة الزمهرير في الشتاء، ورحلة النّار الحارقة في. نرتجفُ على أنفسنا من هجمة شرسة للطقس تودي بنا ، ينصحوننا بإرضاء الرّب وأن تكون حياتنا حلالاً ، وعندما يمارسون الحرام الذي نهونا عنه نصفّقُ لهم. كل ما يفعلونه يثيرُ إعجابنا .يجيدون كلام الحبّ الأجوف و لا نجيد أي شيء. تبلّد ضميرنا .نحتاج إلى أن نشبعَ معدتنا، فلا ضميرَ على معدة فارغة . نتعلم سرقة الطعام ،يدخلوننا السجن وتقطع أيدينا، نحاول أن نمارس الحب فنرجم، تسرق نساؤنا بشكل مشروع وشرعي . لا يمكن أن تقضي امرأة جميلة عمرها في البحث بين القمامة عن الطعام. تستحقّ رجلاً يعطيها طعاماً حتى الثمالة، وتتحول من أنثى إلى مكبّ نفايات.
اختفتْ الطواحين التي كانت تؤنسُ الأحصنة . حلّ محلها طواحين تطحنُ رؤوسنا الحامية. لم تعد النساء تشقى . فلا حصادَ ، ولا عجن ولا خبز على التنور. الحياةُ مريحة إلى حدّ الفراغ وربما الانتحار. لا ندري إن كان من الأفضل لنا لو بقي الحال على ما كان عليه في الماضي عندما كنا نملكُ بقرة وقطعة أرض وأغنام .الأمر ليس بأيدينا. اشتروا أراضينا وقدّموها لنا ثانية كنوع من كرم الأخلاق. أصبحنا نحن والثور والكلب من محتويات المكان. وفي كلّ مكان عالمان. أحدهما لهم والآخر لنا. زارت صديقتي نيويورك ووافتني منها بطيّب الأخبار. قالت: إنّها الحريّة يا صديقتي . فقراء نيويورك يشبهون فقراء قندهار، أو عش الورور.قلت لها : صه ! لا تتحدثي عن بلاد الأحلام بما لا يليق بها. لوكنتِ تعلمين مايجري في بلادنا من أخبار، لسكتّ على الفور، فمتسول هناك أفضل من أمير هنا.
عادت صديقتي بأغنية الحلم العربي فماتت على مشارف الأمة العربية ، وقبل أن تموت أوصت أبناءها أن يهربوا إلى أي مكان في العالم فيه أقل عدد من تجار السياسة. لفظت أنفاسها وهي تقول: أين أنتم ياشعبي العظيم ؟ ما أتفهكم ! هل جميعكم سياسيون؟
لو بحثتم عن عملٍ ولو في التّسول أليس أفضل لكم ؟متى سوف تحين ساعة يقظتكم؟



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبطال الديجتال
- مفردات اللغة، والاكتئاب
- تقبيل الشمس
- الأسدية فكرة سوف تبقى بعد رحيل الأسد لعقود
- أقول: لا لثقافة الموت
- في ذكرى المحرقة اليهودية
- سهرة مع عائلة سوريّة
- تقول أنها عبد
- نحن في حالة حرب لا مصلحة لنا فيها
- من أجل الرّأي العام
- لعنة الفيس بوك، وثقافة الكراهية السّورية
- قلبي كومة قش
- كيف ينبغي أن تتفاعل الشابات كما حركة #MeToo في التعارف؟ نقاش ...
- ولكن. . .
- أحلام ليست بأحلام
- دعونا نستعيد السّلطة من المليارديرية
- عندما تظهر في بثّ حيّ على الفيس-لا تفتح باجوقك على مداه
- ترامب رئيس غير صالح - متى يكفّ مؤيدوه عن استخدامه؟
- العالم بالأسود والأبيض
- غثيان


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طواحين النّار