أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )















المزيد.....


صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 19:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هل تصلح مقولة الصراع الطبقي للتطبيق على الوضع الاجتماعي بالمغرب ؟
ثم هل من تشابه بين البنيات الاجتماعية ، والاقتصادية ، والثقافية ، والإيديولوجية الغربية ، ونظيراتها المغربية التي يسيطر عليها التقليد ، وأنماط وبنيات أركاييكية ، لا علاقة لها بالبنية الغربية ؟
وهل لا تزال مقولة الصراع الطبقي ، تجد لها صدى بالمجتمعات الغربية ، أمْ أنّ التحول المتحكم فيه اجتماعيا ، افقد الطبقة العاملة الغربية حسها الطبقي وشعورها الثوري ، بعد ان أصبحت مندمجة كليا في النظام الرأسمالي ، وتحولها من طبقة متناقضة رافضة وثورية ، الى مجرد فئات اجتماعية استهلاكية ؟
وبما ان منظري هندسة الصراع الطبقي ينتمون الى الأحزاب الشيوعية والثورية ، والى المنظمات النقابية الجذرية ، من حقنا ان نسأل عن المآل الذي آلت إليه هذه الأحزاب اليوم ، وانعكاس هذا التحول سلبيا على الوضع التنظيمي للنقابات الاجتماعية التي كانت مرتبطة بها ، وهو ما جعل الصراع بالغرب يتحول في مجمله إلى صراع من اجل المنافع ، بعد ان كان صراعا من اجل الطبقة ، للوصول الى نظامها المجسد في دكتاتورية الطبقة ، على باقي الطبقات الأخريات التي تتكون منها المجتمعات الغربية .
فبعد سقطة الاتحاد السوفيتي ، وانهيار دول أوربة الشرقية ، وسقوط جدار برلين ، وتحول الصين الى وحش امبريالي اقتصادي يغزو العالم ، هل لا يزال من يردد اسطوانة الصراع الطبقي ، في وقت اختفت فيه هذه المقولة لصالح التشبث بالنظام الرأسمالي ، وتحول الشعوب الكارهة لوضعها السابق ، إلى حماة لآدام سميت ، ومعاداة ريكاردو .
وبالرجوع الى المغرب ، ونظرا لبنياته المتناقضة التي تسيطر عليها المحافظة الرافضة لكل تحديث او تغيير جذري ، نتساءل عنْ منْ يتحدث عن الصراع الطبقي . هل هم العمال الغير الموجودين أصلا بالتعبير الماركسي للطبقة العاملة ، ام من ينوب عن هؤلاء هم مثقفون ، لكنهم لا يشتغلون بالمطرقة والمنجل ، ويشتغلون بالقلم والأوراق ، وينظرون لطبقة معزولة عنهم ، و تفتقر الى حسها الاجتماعي التمييزي ، الذي يجعل منها مجرد جماعة تساهم من زاويتها ، في الإنتاج ، وليست بطبقة متميزة تخضع لقوانين خاصة بها ، تجعل منها دائما في تناقض مع واقع الحال ورافضة له . وهنا نتساءل . هل يعتبر ثوريا من يندمج حتى النخاع في التقليدانية ، والاركاييكية ، والمحافظة ، ويعتبر ان وضعه ألبئيسْ فرضه الله ، وليس من صنع البشر المسيطر على الخيرات وعلى الثروات ؟
ان الحديث عن الوعي الطبقي يستلزم بالضرورة ، الانطلاق من أرضية وأساس نشأة هذا الوعي ، أي الطبقات الاجتماعية ، بل وصراعها ، ما دام الصراع ملازما للطبقات حيثما وُجدت أولاً ، والوعي هنا والخطاب عنه ، وطيد الارتباط بذات الوعي ، أيْ بالطبقات الاجتماعية التي تبلوره بأشكال وأساليب عدة ثانيا . ولذلك فان دراسة مسألة الوعي الطبقي ، ومعوقات بروزه في المجتمع المغربي المعاصر تفترض ، قبْليا ، تحديد موقع هذا المجتمع من الطبقية ، أي الإجابة عن السؤال التالي : هل المجتمع المغربي المعاصر مقسم إلى طبقات اجتماعية ؟ ثالثا .
ولئن كانت الإجابة عن السؤال الجوهري غاية في التعقيد ، وسيما ان مفهوم الطبقة غالبا ما يستعمل كمسلمة ، ودون ان يحدد بشكل دقيق ، فلا بد من الإشارة إلى أنّ عدة عوامل أصبحت تؤدي بعدد غير قليل من البحثين الماركسيين او غيرهم ، إلى نبذ مفهوم الطبقة الاجتماعية ، ونفي طبقية المجتمع المغربي ، او على الأقل التشكيك فيها باسم بالعلم والموضوعية تارة ، وخصوصية مجتمعنا تارة أخرى .
و لاشك أنّ الأزمة الحادة التي يعيشها اليسار الماركسي اللينيني في بلادنا ، وعجزه سابقا وفي الظرف الراهن ، عن بلورة تحليل طبقي بعيدٍ عن الكليشيهات الدغمائية ، بالإضافة إلى عدم قدرته على فهم واستيعاب طبيعة ووظيفة بعض البنيات الاجتماعية مثل القبيلة ، ومن ثم نفيه لوجودها وفعاليتها من جهة ، وحملات القمع الرهيب التي استهدفت اليسار الجديد ، وما ترتب عنها من رقابة ذاتية يمارسها المثقفون ، لتفادي كل ما من شأنه أنْ يؤدي إلى قمعهم من جهة أخرى .... من العوامل التي تفسر هذه المواقف .
وبالمقابل فان التجزيئية التي تطرح نفسها كتحليل نقيض للتحاليل المادية التاريخية ، وتعطي تحاليل / تفسيرات شمولية للمجتمع المغربي ، قد اكتسحت الساحة الوطنية ، وأصبحت تلقى إقبالا كبيرا من طرف المثقفين الذين انبهروا بمعرفتها الدقيقة ، والجزئية في الواقع ، بطبيعة وآليات السلطة في مجتمعنا ، ولم يعد البعض يشهد إلاّ بما قاله واتيربوري ، وكلينير ، وغيرهما من التجزيئيين . ونعتقد ان قوة وانتشار التجزيئية ، لا يأتي من قدرتها التفسيرية ، ولا ينبع من قيمتها العملية فقط ، بقدرما هو راجع بالدرجة الأولى ، الى عجز الماركسيين والتقدميين عموما ، عن إدراك الطبيعة المعقدة للمجتمع المغربي ، وعن تفكيك آليات بنياته الأساسية .
وبصدد الجواب عن السؤال المطروح ، فان المواقف تتراوح بين النفي القاطع لوجود طبقات اجتماعية في بلادنا ، وبين تأكيد هذا الوجود . ولئن كانت الطبقات السائدة تقر بوجود طبقات اجتماعية ، و فوارق طبقية على صعيد خطابها الإيديولوجي والسياسي ، بعدما كانت تعتبر ان الحديث عن الطبقات الاجتماعية من قبيل الفكر المستورد ، وان " الأمة المغربية " تشكل وحدة متراصة لا فرق بين أفرادها الخ ....، فان الموقف الجديد ، والذي تبلوره الدولة وأجهزتها الرسمية ، والقمعية من حين لآخر ، ليس من قبيل الدماغوجية والخطاب التضليلي فقط ، بل فرضته على الطبقات السائدة ، وعلى دولتها بشكل خاص ، الصراعات الاجتماعية التي تمزق مجتمعنا أولاً ، وتعميق الفوارق الطبقية وانتشار البطالة ، والتشرد والفقر والهامشية ، والفساد ... الخ ، مع كل ما تحمله في ثناياها من خطر على مصالح الطبقات السائدة ، ومن تهديد بانفجارات شعبية اجتماعية على الأبواب ثانيا .
وانّ كون الخطاب الرسمي للدولة ، الذي يؤكد كلما تصاعد هدير الاحتجاج الشعبي ، على الأخطار المحدقة بمصالح كل المستفيدين من الأوضاع القائمة ، ودعوتهم الى " الإحسان " بالفقراء ، والى ضرورة بعض التنازلات الجزئية والثانوية ، لضمان المصالح الأساسية ، وتأييد استغلالهم للجماهير الكادحة . ان هذا الخطاب يضطلع بوظيفة سياسية إيديولوجية مزدوجة ، ما دامت الدولة مكلفة بالسهر على حماية مصالح الطبقات السائدة ، والحيلولة دون الإخلال بالتوازنات الاجتماعية التي تكفل استمرار استغلال الجماهير ، وضمان استمرارية هذه المصالح .لان نهم وشره الطبقات السائدة ، هو من العوامل التي يمكنها ان تهدد هذه التوازنات ، ومن ثم وجب على الدولة العمل على ان لا يتجاوز هذا الشره والنهم بعض الحدود " المعقولة " .
وعلى صعيد آخر ، فان هذا الخطاب يستهدف استيعاب هذا الواقع ، واقع الصراعات الاجتماعية ، إيديولوجيا وسياسيا ، قصد التخفيف من حدتها ، بفعل أنّ الايدولوجيا الماكرة السائدة ، بحكم وظيفتها التضليلية التي تمسخ الواقع الاجتماعي ، وتقولبه فكريا وفق مصالح الطبقة السائدة ، تضطلع بدور أساسي على مستوى كبح نضالات الجماهير وتعتيم وعيها ، أي دفعها في آخر المطاف الى القبول بواقعها وكأنه قدر محتوم .
وليس من الغريب ان يصاحب الإقرار بوجود الطبقات الاجتماعية من طرف الطبقات السائدة ، الدعوة الى " التكافل " واغتناء الفقير دون إفقار الغني ... وهذه الدعوة الصريحة الى التعامل الطبقي ، و " السلم الاجتماعي " لا تلغي ، بل تستلزم تحريك هراوة القمع المباشر ، كلما تجرأت الجماهير على خرق هذا السلم الذي يراد له ان يكون دائما وحيد الجانب .
وإذا كان جون واتربوري في مؤلفه " أمير المؤمنين " يعتبر " ان المغرب بلد تجزيئي بالمعنى الواسع للكلمة ( 12 ) " ، فان تحاليله لمكونات وبنيات المجتمع المغربي ، انطلاقا من علاقات الصراع / التحالف التي تحكم نظام التجزيئيات السائدة في اعتقاده ، فان ذلك لا يتنيه عن الحديث ، وفي نفس الكتاب عن البرجوازية والطبقات الاجتماعية الخ ... بيد ان الاتجاه العام لدى أصحاب النظرية التجزيئية ، هي نفي وجود الطبقات الاجتماعية ، وحتى في حال الإقرار بوجودها ، اعتبارها بنية اجتماعية ليست لها فعالية كبرى في هيكلة المجتمع ، ما دام واقع العلاقات بين التجزيئيات الاجتماعية ، هو الذي يحدد على كل الأصعدة ، أيْ بنية المجتمع ونظامه العام .
ودون الأخذ بالمنهج التجزيئي ، فان بعض الباحثين ( أندري آدم و جاك بيرك ... ) يؤكد على ان المجتمع المغربي ، لم يشهد بعد ، بلورة الطبقات الاجتماعية بشكل يجعلها واضحة الملامح ، ويعتبر أندري آدم ، أن الثنائية ، تطبع كافة مجالات الحياة الاجتماعية ببلادنا ، الى حد أنها تُحدث شروخا عميقة في الطبقات الاجتماعية نفسها ، ولذلك فان التحليل الطبقي أداة غير صالحة ، او على الأقل غير مناسبة لدراسة المجتمع المغربي .
أماّ جاك بيرك ، فيعتقد ان مفهوم الطبقة الاجتماعية الذي تبلور على ضوء دراسة المجتمعات الأوربية ، لا يمكن تطبيقه في إطار مجتمع تقليدي عربي مسلم ، يجتاز مرحلة انتقالية ، دون تكييف ذلك المفهوم مع هذا الواقع الاجتماعي المتميز . بيد أنّ هذا الوقف ، لا يلغي الإقرار بوجود الطبقات الاجتماعية في مجتمعنا بشكل مطلق .
اما بول باسكون ، فيعتبر الطبقات الاجتماعية ، ليست البنية الاجتماعية الوحيدة في المغرب ، فضلا عن كونها لا تشكل المحور الوحيد ، ولا حتى الأساسي ، على كافة الأصعدة التي تهيكل المجتمع المغربي المعاصر . وذلك لأنه بموازاة الطبقات ، تتواجد بنيات اجتماعية أخرى ( القبائل ) لا زال لها تأثير بالغ على بنية وهيكلة المجتمع المغربي ، بل ان فعاليتها تكون اكبر من فعالية الطبقات الاجتماعية في العديد من الحالات ، وخلال بعض المراحل التاريخية . ويشكل هذا الفهم ، منطلق دعوة بول باسكون ، الى المزج بين التحليل الطبقي ، والمنهج التجزيئي ، لاستيعاب واقع المجتمع المغربي بكل تعقيداته .
في حين يقول عبدالكبير الخطيبي من جهته ، انه " ليس من المفيد التساؤل حول وجود او عدم وجود الطبقات الاجتماعية بالمغرب ، بل المهم بالدرجة أولى ليس هو الواقع العيني للطبقات ، وإنما نظام التراتبية وسيره " ، غير ان نظام التراتب نفسه ، لا ينفصل عن موضوع ومكونات هذا التراتب ، اي الطبقات والفئات الاجتماعية ، إلاّ في زاوية منهجية لا بد من تبريرها نظريا .
ويعتبر ( روني گاليسو ) ، ان " التناقضات الداخلية الناتجة عن اللاّمساواة الاجتماعية ، وعن المراتب في السلطة .... يتم إخفاؤها تحت مظاهر التضامن العشائري ... " ، ويضيف انه " مع ذلك ليست هناك طبقات اجتماعية ، ولذلك ينتصر التجزيئيون . ان المشكل المطروح على الماركسيين الذين عليهم ان يفسروا هذه الهيكلة الاسروية ، وهذه العلاقات النزاعية ، على أساس الجماعة ، وليس على أساس التناقضات الطبقية ....ان الأحداث الجماعية تتغلب على الأحداث الطبقية " .
وعلى صعيد هيكلة المجتمع المغربي ، يذهب الى حد القول " إنّ القدرة الوحيدة للهيكلة ، بما فيها الهيكلة الاقتصادية ، هي قدرة الدولة " .
وإذا كان گليسو يسلط نار نقده على التجزيئية واختزاليتها ، فان الماركسية الدغمائية لا تنجو من انتقاداته ، سيما انه يدرك طبيعة وفعالية البنيات الاجتماعية اللاّطبقية ، والتي لازالت تمارس تأثيرها في المجتمعات المغرب --- عربية .
وعلى الطرف المناقض للاتجاه التجزيئي ، يوجد المعسكر الماركسي بكل تلاوينه ، هذا المعسكر الذي يؤكد على انقسام المجتمع الى طبقات اجتماعية . غير ان هذا الاتجاه لا يتميز بالانسجام في طروحاته ، ولا حتى على صعيد مقاييس تحديد الطبقات الاجتماعية . ويبقى هذا الاتجاه ولحد الآن غير قادر على بلورة تحليل طبقي علمي للمجتمع المغربي ، ويكتفي فقط بالتأكيد المبدئي على وجود الطبقات الاجتماعية في بلادنا منذ القدم ، دون تكليف نفسه عناء تأسيس هذا الوجود تارة ، وعلى النقل الميكانيكي لتحاليل طبقية غربية وغريبة عن المجتمع المغربي ، وإسقاطها على الواقع الاجتماعي لبلادنا ، دون أيْ تكييف تارة أخرى ، الأمر الذي سهل ويسهل الزحف التجزيئي ، ويجعل هذا الاتجاه غير قادر على التصدي له ، ويجعله أعزلاً في مواجهة الدعاية الرجعية ، ما دام عاجزا عن تأصيل الماركسية ومغربتها ، بتطبيق المادية التاريخية على واقع اجتماعي تقليداني بشكل خلاق .
ولئن كانت محدودية هذه الملاحظات تفرض عدم الخوض في هذا الموضوع الهام ، فان انطلاقها من التأكيد على انقسام المجتمع المغربي المعاصر الى طبقات اجتماعية ، يستدعي بعض التوضيحات المقتضبة :
1 ) إذا كان القول بانقسام المجتمع المغربي المعاصر الى طبقات اجتماعية متناقضة المصالح ، يقتضي ، في اعتقادنا ، الأخذ بمقاييس مادية ، لتحديد الطبقات الاجتماعية ، فان تبني هذه المقاييس التي تحدد الطبقة الاجتماعية ، والانتماء الطبقي انطلاقا من دور المجموعات البشرية والأفراد في مسلسل الإنتاج الاجتماعي ، لا يعني إغفال الخصوصية المحدودة للطبقات الاجتماعية في مجتمعنا ، ودور مختلف البنيات والهياكل الاجتماعية ، والقوى الاستعمارية الامبريالية ، في بروز هذه الطبقات ، وفي إعادة إنتاجها كذلك .
2 ) من الصعب التغاضي عن العوامل الاقتصادية على صعيد تحديد الطبقات الاجتماعية ، دون السقوط في متاهات المثالية ، بيد انه من الضروري التأكيد على ان هيكلة الطبقات الاجتماعية في مجتمعنا ، لا تخضع حصرا للعامل الاقتصادي ، بل تشكل العوامل الإيديولوجية ، والسياسية ، والثقافية ، والللاّهوتية ، محددات هامة للطبقة الاجتماعية ، وللطبقية في مجتمعنا ، دون ان تبطل مفعول العامل الاقتصادي .
3 ) إذا كانت التمايزات الاجتماعية بما فيها ، تبلور بعض الطبقات الاجتماعية ، البرجوازية الميركانتيلية مثلا ، قائمة في المجتمع المغربي قبل الاحتلال الكلونيالي ، وفي ظل بنيات اجتماعية ما قبل الرأسمالية قبلية .. الخ ، فان التغلغل الكلونيالي وفرض السيطرة المباشرة للامبريالية الفرنسية – الاسبانية على مجتمعنا سنة 1912 من جهة ، وغرس بذور نمط الإنتاج الرأسمالي ، مع كل ما ترتب عن ذلك من تحولات هائلة على كافة الأصعدة الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية من جهة أخرى ، من العوامل التي أعطت دفعة قوية للتمايز / التقاطب الاجتماعي في المغرب ، وأدت الى بروز طبقات اجتماعية جديدة ، لم يكن مجتمعنا يعرفها قبل الغزو الكلونيالي لبلادنا .
4 ) غير ان الطبقات الاجتماعية في مجتمعنا ، تتفاوت من حيث تبلورها ، وهيكلتها كطبقة اجتماعية قائمة الذات ، ومستقلة الكيان ، علاوة على كون الثنائية في الاقتصاد ، والثنائية في الثقافة ، تُحْدث عبر مختلف الطبقات شروخا عميقة جدا ، الى حد انه يحق التساؤل ، عمّا اذا كانت هذه الشروخ لا تفرق طبقات في الواقع . وان المخاض الذي تعيشه الطبقات الاجتماعية ، ومختلف أنواع التناقضات التي تخترقها ، تنعكس على بنيتها ، فلا بد أنها تؤثر حتما على وعيها مما سنبين لاحقا .
وعلى العموم يبدو ان الطبقات الاجتماعية الحضرية ، تتميز بكون بنيتها ، أكثر تبلورا ووضوحا ، من بنية الطبقات الاجتماعية القروية ، ولا سيّما في تلك المناطق التي لا زالت تخضع كلية لآليات نمط الإنتاج الرأسمالي .
ذلك ، ان اسمرار الهياكل والبنيات الاجتماعية الماقبل الرأسمالية مشوهة ، ما دام نمط الإنتاج الرأسمالي قد نسف في الغالب أساسها المادي – الاقتصادي من جهة ، واحتفاظ هذه البنيات / الهياكل مع ذلك ببعض الوظائف الاجتماعية ، وسيادة علاقة اجتماعية ما قبل رأسمالية من جهة أخرى .... كلها عوامل تعوق تبلور الطبقات الاجتماعية وبروز ملامحها بشكل واضح .
ان هذا الواقع لا يعني ان هذه البنيات الاجتماعية الماقبل الرأسمالية ، لا تحمل في أحشاءها تناقضات وتراتبات اجتماعية ، قد تكتسي صبغة طبقية ، بقدر ما يدل على ان آليات طمس الاستغلال / التمايزات الاجتماعية في إطار هذه البنيات أكثر فعالية من مثيلاتها في المدن .
5 ) ان كون الطبقة العاملة المغربية ، من الطبقات الاجتماعية البارزة الملامح ، والقائمة الذات موضوعيا ، قد دفعنا الى اتخاذها كنموذج ، للتدليل على دغمائية الأطروحات الماركسية في معالجة شيء يسمى اعتباطا بالصراع الطبقي .
وتقودنا هذه الملاحظة ، الى مسألة هيكلة المجتمع المغربي المعاصر . ويقصد هنا بهيكلة المجتمع المغربي ، تحديد السمات والمميزات الأساسية لهذا المجتمع ، في كافة المجالات الاقتصادية ، والسياسية ، والثقافية ، والإيديولوجية ، والعقائدية .
ويعني ذلك عمليا ، تحديد البنيات ، والهياكل ، والعلاقات الاجتماعية الأساسية / السائدة من جهة ، وحصر والبراز القوى الفاعلة في واقعنا الاجتماعي ، ومدى دورها في هذه الهيكلة من جهة ثانية .
وإذا كان نمط الإنتاج السائد في مجتمعنا ، هو نمط الإنتاج الرأسمالي التابعي ، بمعنى انه النمط الإنتاجي القوي ، والمهيمن على صعيد الإنتاج ، فضلا عن كونه يخضع ويوظف لإعادة إنتاج باقي الأنماط الإنتاجية الأخرى الماقبل رأسمالية ، فان العلاقات الاجتماعية السائدة في مجتمعنا ، ليست علاقات اجتماعية رأسمالية بكل ما يميز هذه العلاقات على مختلف المستويات .. ذلك ان العلاقات الاجتماعية الماقبل رأسمالية ، مع ما يصاحبها من علاقات التبعية الشخصية ، وأشكال التضامن القبلي و العشائري ، ونمط الأسرة البطريركية ، والعلاقات الزبونية والريع ...الخ ، لازالت هي الشكل الأساسي للعلاقات الاجتماعية في مجتمعنا .
ان الصراعات الاجتماعية التي يشهدها المغرب ، هي بالأساس صراعات طبقية ، وقد تتخذ هذه الصراعات مظاهر غير طبقية تخفي طبيعتها المصلحية / الطبقية .
إنّ هذا النوع من الصراعات الاجتماعية ، لا يلغي قيام صراعات اجتماعية ذات صبغة ما قبل طبقية ، قد تطغى في بعض المراحل ، حتى ولو كانت تابعة ومحددة ، في آخر المطاف للصراع السياسي ، الصراع الطبقي .
ولئن كان الصراع الطبقي هو العنصر الأساسي في هيكلية المجتمع المغربي ، بما في ذلك تحديد شكل / طبيعة ودور الدولة القامعة ، التي ليست مستقلة عن الطبقات ، فان هذا لا يلغي آليا دور البنيات والهياكل الأسرية ، والفئوية ، والعشائرية ، والقبلية ...الخ ، في هذه الهيكلة ، وكونها تشكل عائقا في وجه اكتساح العلاقات الطبقية ، لكل مجالات الحياة الاجتماعية .
ان العلاقات الطبقية الرأسمالية السائرة نحو السيادة ، باعتبارها مرتبطة بنمط الإنتاج الأكثر قوة وحيوية ، وبذلك تثمل العلاقات الاجتماعية للمستقبل ، في حين ان العلاقات الاجتماعية الماقبل رأسمالية ، والتي ليست كلها ما قبل طبقية ، سائرة نحو التقهقر والانحلال فضلا عن كونها ماضوية . ... ( يتببببببببببببببببببببببببببببببببببببع )



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الثوري والوعي الطبقي
- طلقات في عزّ الليل
- الملكية البرلمانية . سؤال : ايُّ ملكية نريد ؟
- هل اصبحت القرارات الأممية ومجلس الامن ، متجاوزين في حل نزاع ...
- نقاش سياسي -- الجمهوريون --
- هل ستعترف اوربة بالجمهورية الصحراوية ، إنْ حضرت اللقاء المنت ...
- إيجابات رفيق في زمن الخيانة ، في زمن الردع العربي
- إغتراب البطولة في رواية - وليمة لأعشاب البحر -
- خطاب الملك و مآل الصحراء
- ويستمر الظلم -- إخبار لاحرار وشرفاء الشعب المغربي
- رد على الجيش الالكتروني الجزائري الذي يديره الجيش والدرك وال ...
- خبث الجزائر ومكر البوليساريو
- السؤال الذي على المغرب طرحه على الاتحاد الاوربي
- لعبة الامم واشكالية صياغة القرارات الاممية -- الصحراء المغرب ...
- حدود تحرك البوليساريو كجبهة وكجمهورية
- اللقاء بين الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي في مهب الريح
- الملك ضد الملك
- فشل إنفصال كتالونية
- آية الغضب المحْموم
- الحركات الانفصالية : الريف ، كتالونيا ، كردستان


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )