أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - رسالةُ زهرة اللوتس ل كاتدرائية ميلاد المسيح














المزيد.....

رسالةُ زهرة اللوتس ل كاتدرائية ميلاد المسيح


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5757 - 2018 / 1 / 14 - 08:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا الصرحُ الهائل ليس صرحًا تشييديًّا بنائيًّا من خرسانةٍ وأحجار وزجاج وزخارف وأخشابٍ يتيهُ به المعماريون خُيلاءً، وتفخر بتصميمه الهيئةُ الهندسية بالقوات المسلحة المصرية، كما يفخرُ بوجودها على أرض مصرَ كلُّ مصريٌّ شريف. إنما هو صرحٌ حضاريٌّ تحضُّريٌّ، ورسالةٌ أخلاقية إنسانية، من مصر إلى العالم. زهراتُ اللوتس العظيمة التي تحتضنُ قبابَ الكاتدرائية، تتكلم. تحكي. تقول للعالم بلسانٍ مصري: "إن مصرَ بلدٌ تعدديٌّ لا يقبلُ القسمةَ ولا الإقصاء، ولا محلَّ بأرضها لمتطرفٍ ولا إرهابي ولا حاقد.” هذا الصرحُ المعماري الهائل الذي أقفُ أمامه الآن مزهوةً ببلادي، هو صفعةٌ مُدوّيةٌ على وجه الإرهاب والتطرف، وعلى وجه كلّ أعداء مصر من عصابة الشرّ داخلها وخارجها. كلُّ سنتيمتر من العشرة آلاف متر مربع في كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الجديدة، يحمل فكرةً، ويحمل عهدًا، ويحملُ قولاً ناصعَ الوضوح عظيمَ البيان. بدايةً بالاسم الذكي الذي اختاره مبدعٌ لذلك الصرح: "ميلاد المسيح"، مرورًا بالتصميم المعماريّ الفريد: "على شكل صليب"، وليس انتهاءً بتوقيت القرار والتشييد وتوقيت الافتتاح: “عيد الميلاد المجيد”.
اسم "ميلاد المسيح"؛ قد يشير إلى أن توقيت قرار رئاسة بإنشاء الكاتدرائية، وتوقيت افتتاحها والصلاة فيها، قد تزامنا مع ذكرى عيد الميلاد المجيد عاميْ: 2017- 2018 على التوالي. ففي قداس الميلاد العام الماضي، وعد وتعهّد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء أكبر كاتدرائية في مصر والشرق الأوسط، ووضع أول قرش في بنائها من جيبه الخاص، ويوم الجمعة الماضي 6 يناير، تم افتتاحها وإقامة قداس الميلاد المجيد هذا العام 2018. لكن الفكرة وراء اختيار ذلك الاسم الذكيّ، أبعدُ من هذا وأعمق. وهذا ما شرحه لنا قداسة البابا تواضروس في الحفل قائلا: إن كلمة "كريسماس"، التي يقولها العالم أجمع؛ كلمةٌ مصرية فرعونية قديمة. فكلمة "ماس" mas تعني "ميلاد" باللغة المصرية القديمة. وكلمة "كريست" Christ تعني السيد المسيح، عليه وعلى أمّه البتول السلام. فتكون Christ-mas "ميلاد المسيح"، كلمةً مصرية قديمة؛ ينطقها العالمُ أجمعُ بلغتنا الأمّ.
لكن الكاتدرائية لم يكتملُ بناؤها بعد. مازال العملُ فيها قائمًا. وفي هذا رسالةٌ أخرى رائعة. حتى عدمُ اكتمال بنيان الكاتدرائية، وافتتاحها بالأمس وإقامة القداس الإلهي بها قبل الانتهاء من تشطيبها، يحمل دلالة ورسالة وقولا وحكاية. في نُقصانِها تمامٌ، وفي عدم اكتمالها كمالٌ. تمامًا كما قال السيدُ المسيح: “قوتي بالضعفِ تَكمُل”. كأنما نُقصانُها يقولُ: "إن العملَ فيها مستمرٌ لا يتوقف”. فالرسالات العميقةُ طويلةُ الأمد مستمرةٌ. وكأنما نقولُ للعالم: "إن أياديَ مصريةً كثيرةً مازالت كلَّ نهارٍ تذهبُ لكي تضعَ حجرًا في الكاتدرائية. أيادٍ مصريةٌ مسلمةٌ ومسيحيةٌ تذهب إلى كاتدرائية "ميلاد المسيح" مع كل فجرٍ لتُكمل حجرًا ناقصًا، أو تُعلي منارةً، أو تُركّب جرسًا، أو تُضئُ صليبًا، أو ترسم زُخرفةً على لوح زجاج. فشكرًا لكل يدٍ مصرية شيدت هذا الهرم الحضاري الباهر.
هذا الصرحُ العظيم ليس ترضيةً لأقباط مصر الرائعين الذين دفعوا الفاتورةَ الأكبر من أجل استقرار مصر ونجاح ثورة 30 يونيو. هذا الصرحُ الهائل ليس مواساةً لأقباط مصر الوطنيين الذين جادوا بدماء شهدائهم على مذابح الإرهاب الأشِر، برضا وصبر مُدهشٍ مُلغزٍ، فأثبتوا، كما شأنهم دائمًا منذ قرون طوال، عمقَ وطنيتهم وحبَّهم العجيب لمصر. هذا الصرحُ العظيم ليس هديةً لأقباط مصر الحزانى على دماء أبنائهم التي سالت في أعيادهم وصلواتهم وهم صائمون يُصلّون. إنما هو هديةٌ لكل مصريّ مسلم شريف، حتى يُحاججَ به أعداءَ الحياة خصوم الفرح؛ وكأنني وكلُّ مصريٍّ نقول: “أنا مصريٌّ متحضر، أُشيّد بيدي كنيسةً على أرض مصرَ لأبناءِ مصرَ؛ ليرفعوا فيها اسم الله العليّ. وكلّما فجّرتم كنيسةً، ٍسأُشيّدُ بيدي كنيسةً أكبرَ وأجمل. اذهبوا بعيدًا عن أرضنا، فنحن أبناءُ أرضٍ لا تعرفُ الإقصاءَ ولا التطرف ولا البغضاء. أرضُنا أرصُ السلام، احتضنت رسولَ السلام في طفولته عليه السلام، لا ترحبُ بأعداء السلام.” كلُّ عامٍ ومصرُ هي مصرُ أرضُ السلام، وميري كريسماس لك يا مصر من كنيسة ميلاد المسيح عليه السلام.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاح عيسى … ورقة الغلابة التي سقطت
- سلاح تونس …. زيتونة
- ميري كريسماس … يا سامح!
- الشيخُ الطيب … الشيخُ الشابُّ … شكرًا لك
- أيها -المؤمنون-… أنا مسلمةٌ أحب جرس الكنيسة
- هنا سانت كاترين
- جميعُنا قتلة … لا أستثني أحدًا
- يوسف زيدان …. اكسر كوّةً في الجدار… وامضِِ
- القدسُ بين اليهود والصهاينة ورشدي
- خذوا عيني شوفوا بيها!
- جاءنا من الحجاز البيانُ التالي
- ماراثون أطفال المستحيل
- إيترو-عا … حعبي
- -ولاد البلد- يجوبون أرجاء مصر
- حارسٌ للمسجد … حارسٌ للكنيسة … فتّشْ عن البغضاء
- دموعُ الفارس | إلى الفنان محمد صبحي
- اتبعْ ذاك الدينَ لأنه الأفضل
- -الألِفُ- الزائدة … عند فرسانِ الرحمة
- -المنيا- مهانةُ مصرَ … والسبب -قُبلة يهوذا-!
- عُبّادُ الوثن … عشّاقُ التماثيل


المزيد.....




- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - رسالةُ زهرة اللوتس ل كاتدرائية ميلاد المسيح