أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - محمود البريكان الموهوب الذي وأد نفسه بالصمت...لماذا تخلى أمام الضباع عن سهمه؟














المزيد.....

محمود البريكان الموهوب الذي وأد نفسه بالصمت...لماذا تخلى أمام الضباع عن سهمه؟


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 5755 - 2018 / 1 / 12 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


لعل ثمة ثلاث ظواهر طبعت الحياة الإبداعية للشاعر محمود البريكان، الأولى قلة المنتج شعرياً، إذ لم ينشر على مدى أكثر من نصف قرن، الذي يمثل عمره الإبداعي غير خمس وثمانين قصيدة، والمعدل يقل عن قصيدتين سنوياً!

إننا مهما حاولنا إيجاد التسويغات لعزوف الشاعر عن الكتابة والنشر، فلن نجد له عذراً في وأد موهبته، وقتل روح الشعر فيه، تحت سياط الصمت، هو الذي يصف منطقة الإبداع الشعري، بمنطقة الذات العميقة التي لا يستطيع الوصول إلى أعماقها، بله ضفافها إلا المبدعون الأصلاء.

أما الظاهرة الثانية: فهي ظاهرة التركيز، هو يكره الإسراف والترهل في القصيدة، يقربها من الومضة، هو ينحو فيها منحا التكثيف، يسخن قصيدته في دورق، حتى إذا استحالت إلى بخار متطاير في دورقه، عاد إلى تبريدها، تبريد انبيقها والحصول على قطرات ندى.

محمود البريكان، لم يطالب بالتكثيف في الشعر، بل كان يريده – كذلك –في القصة، فها هو يبدي ملاحظات للقاص المبدع محمود عبد الوهاب، يوم قرأ قصته الرائعة (طيور بنغالية) والمعروف لدى الدارسين والقراء النابهين اللغة الدورقية المكثفة التي يكتب بها محمود عبد الوهاب قصته، ومنها روايته المكثفة (رغوة السحاب) فضلاً عن كتابه النقدي (ثريا النص، مدخل لدراسة العنوان القصصي) وإذ يسأله محمود عبد الوهاب رأيه في ما قرأ؟ أجاب:

– إنك مختلف.

– كيف؟

– راقب لغتك ولا تأذن لها بأن تكون مسرفة.

شكرته. أنا أعرفُ حرصه الشديد على لغته وأتذكر ما قاله في حوار له إن كل كلمة لا يعنيها الشاعر، تعني تفكيكاً في الكيان، وإن عبارة لا تستقطب شيئاً هي خيانة، وأعرف كيف كان يترصد الكلمات الفائضة يوجه إليها ماسورة بندقيته، كلما أطلت برؤوسها في بساتين نصوصه، ياللقناص النبيل.

تراجع مقالة عنوانها (القناص) لمحمود عبد الوهاب.

إن محمود البريكان، في دعوته هذه إلى الكتابة المكثفة، العبارة، الوامضة الأشبه بالومضة، يتناغم مع قول القائل اختصروا اختصروا، حتى كأن كلامكم يكون إمضاء!

أما الثالثة فهي ظاهرة الصمت المدمرة، ولقد عزا الكثير من الدارسين هذا العزوف عن الكتابة والنشر، إلى أنه كان يربأ بنفسه عن أن يجعلها في خدمة الممدوح والحاكم، لكن هذا التعليل يكاد يتهاوى إزاء حقائق الحياة الخاصة للشاعر والعامة، وحقائق الحركة الثقافية في العراق، فها هو بدر شاكر السياب يكتب عام 1957 مقالة في الملحق الأسبوعي الأدبي لجريدة (الشعب) لصاحبها يحيى قاسم، ذكر فيها ما نصه: “سأحاول بذل كل جهد لإخراجه من صمته، ليتبوأ المكانة اللائقة به.

لقد مارس الشاعر الراحل محمود البريكان ماسوشية فاجعة معذبة إزاء ذاته، إذ طوق منطقة إبداعه الشعري، منطقة ذاته العميقة، ولو أطلق صرخته، لكنا وجدنا لها صدى أو بعض صدى فعاش في الظل طوال حياته، ولم يظهر له ديوان شعري يحفظ بعض هذه القصائد، عدا محاولات لعبد الرحمن طهمازي، ولكن هي بعض سعادات الحياة أن يعكف الشاعر حسين عبد اللطيف، على أكثر من ملف عن البريكان، هو الذي يؤكد إن السور الذي ضربه البريكان حول نفسه، أو متراسه أمام شعره إنهار بكل بساطة، وأصبح عرضة لكل يد أو ادعاء كاذب أو معرفة ناقصة، وهذا ما حذرنا منه، لكن الاستجابة كانت ضعيفة، ومؤجلة دائماً، والحياة الإنسانية والعمر الإنساني القصير لا يسمح أبداً بالتأجيل، فالزمن يأكل من جرفنا يومياً، فما أحرانا أن نرمم هذا التآكل بجرفنا بالإنجاز والكتابة، لا بل الأكل من جرف الزمن!

لو تخلى شيئاً عن ما هو فيه من تقوقع وصدفية لقدم لنا قصائد خوالد، وشاهدي هذا الذي قرأته من شعره، ولاسيما قصائده المخطوطة التي درسها نقدياً ونشرها الناقد رياض عبد الواحد بكتاب عنوانه (البذرة والفأس. قراءات حرة في شعر محمود البريكان).

وما كنا نريد له.. لحارس الفنار أن يقول/ أنا تخليت أمام الضباع/ والوحش عن سهمي/ لا مجد للمجد فخذ للضياع/ حقيقتي وأسمي.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحدة ابن زريق هل هي له حقا؟ مُطْلِقُ نفثاتها ثري أمير وما ه ...
- زيارة المعري لبغداد مثابة مهمة في حياته وتوجهاته...
- محمود أحمد السيد... لو لم يتخطفه الموت سراعاً
- ظواهر القراءة لدينا ولديهم ... ايقاظ المتلقي النائم
- حرث في المفاهيم الدكتور جلال الخياط في (المتاهات) النقدية...
- لويس عوض في سيرته الذاتية...مفكر حر ناوأه الرجعيون واليساريو ...
- التصادي والمشتركات المعرفية والأنثروبولوجية...
- العراق كان سباقاً في نقل روايات إيشيكورو للعربية
- محمد مبارك .. مواهب معرفية وفكرية باهية
- توفيق صايغ شاعر قصيدة النثر الرائد
- ناجي التكريتي يسرد أيامه في جامعة كمبردج الذاكرة تتعلم الحكم ...
- مهدي شاكر العبيدي...باحثا وقفة عند كتابه.. (من شعراء بني ايو ...
- بعد تجاوز الوطني العراقي الثمانين من عمره...نصير الجادرجي ير ...
- الدكتور سهيل إدريس: رمز ثقافي شاخص الحياة الشخصية معين للسرد ...
- مقروءاً وفق مفهوم التناص والسرد متعدد الأصوات...رفعة الجادرج ...
- قراءة لذكريات الشاعر الكبير مظفر النواب
- عزت القمحاوي: الايك في المباهج والاحزان جماليات الجسد، جمالي ...
- مناقشة هادئة مع الدكتور لويس عوض..لمن تسجل ريادة شعر التفعيل ...
- مجيد السامرائي باحث ذو رأي.. (الحيوان) رمز في التصوير الإسلا ...
- الاستشراق: أدبيا ومعرفيا وبحثيا الدكتور محمد الدعمي يدرس است ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - محمود البريكان الموهوب الذي وأد نفسه بالصمت...لماذا تخلى أمام الضباع عن سهمه؟