|
صلاح عيسى .. وداعاً
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5739 - 2017 / 12 / 26 - 14:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غيب الموت الكاتب والمفكر والمناضل اليساري المصري الكبير صلاح عيسى ، متأثراً بمرض السدة الرئوية ، وبعد أن دخل في غيبوبة وبقي على أجهزة التنفس الصناعي الى أن لفظ أنفاسه الأخيرة ، تاركاً وراءه ثروة فكرية كبيرة ، وسيرة حياة حافلة وزاخرة بالنشاط والعطاء والنضال .
يعتبر عيسى من أبرز أعلام الفكر والثقافة المصرية ، وقد شارك في انشاء وتأسيس وادارة عدد من الصحف والمجلات المصرية ، أبرزها : " الكتاب ، الثقافة الوطنية ، الأهالي ، واليسار " ، كما ترأس تحرير صحيفة " القاهرة " ، وتولى منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة في مصر .
تعرض عيسى للمحاكمات والاعتقالات مرات كثيرة ، بسبب آرائه السياسية والفكرية العقائدية ، واعتقل لأول مرة العام ١٩٦٦.
صدر له في مجال الفكر السياسي : " الثورة العرابية ، حكايات من دفتر الوطن ، رجال ريا وسكينة ، دستور في صندوق القمامة ، تباريح جريح ، مثقفون وعسكر ، محاكمة فؤاد سراج الدين ، البرجوازية المصرية وأسلوب المفاوضة " .
وفي مجال القصة والرواية صدر له : " جنرالات بلا جنود ، ومجموعة شهادات ووثائق في تاريخنا وزماننا " ، وله ايضاً كتاب " شخصيات لها العجب " .
لقد شاءت الأقدار وتعرفت الى الكاتب الكبير الراحل صلاح عيسى عن طريق المصادفة ، وكما يقال "رب صدفة خير من ألف ميعاد " ، وذلك عندما كنت في زيارة للقاهرة في ثمانينيات القرن الماضي ، دخلت مكتبة المرحوم العم مدبولي ، واذا بالراحل صلاح عيسى يتجول بين اروقة ورفوف المكتبة ، فالقيت عليه التحية والسلام ، وسالته : هل أنت الكاتب صلاح عيسى ؟ فابتسم وقال : نعم ، وعرفته على نفسي ، وكم سره انني من فلسطين ، وبعد ان تحدثنا وتجولنا معاً بين اجنحة الكتب ، افترقنا وذهب كل منا في طريقه ، وتواعدنا على أمل اللقاء ، ولكن للاسف لم يجمعني به القدر مرة أخرى .
كان صلاح عيسى شخصية معروفة ، وهو مثقف ومفكر وكاتب صاحب مواقف وطنية ويسارية ، وناشط سياسي في صفوف حزب التجمع الوطني الوحدوي المصري ، وعرف بسخصيته الهادئة والمتمردة في آن ، وظل طوال حياته متمسكاً بمواقفه النصالية والتقدمية ، يذود عنها ، وينافح من أجل انتصارها .
وقد حذر من الكارثة التي تهددنا ، وهي ظاهرة التطرف الديني الاصولي ، وتنامي فكر التكفير الظلامي . وفي كتابه الموسوم " الكارثة التي تهددنا " الذي لم يكن يطمح الا أن يكون ورقة حوار ، يشتبك الصراع ويشتد حول الماضي والحاضر والمستقبل ، وتتزاحم علامات السؤال والاستفهام : لماذا بقي الوطن العربي قرية في تركيبه السكاني وقيمه الاجتماعية ، وكيف تصارعت أجنحة البرجوازية وحلفائها على طريق القبلية التي تفتقد لابسط أسس الديمقراطية ، وكيف بدأت حركة التنوير الاصلاحية برحابة جمال الدين الأفغاني ، وانتهت بالفكر المتشدد المتعصب ممثلاً بسيد قطب وشكري مصطفى ..؟!
صلاح عيسى من رموز ومنظري التيار اليساري المصري المدافعين عن حرية الرأي ، والنقابيين المخلصين لرسالة وتقاليد المهنة ، وقد تناول في كتبه ومقالاته قضايا سياسية واجتماعية عديدة ، وتميز باسلوب ممتع ورشيق وجذاب ، ويبقى كتابه " شخصيات لها العجب " سمفونية عزفها مثل المايسترو عن شخصيات أدت دوراً بارزاً في الحياة السياسية والصحفية في القرنين العشرين والواحد والعشرين ، بينهم الصحفي والكاتب المصري الالمعي محمد حسنين هيكل .
رحم الله صلاح عيسى ، وستبقى أفكاره المتنورة ومواقفه الوطنية والسياسية النوعية الجذرية ، نوراً ساطعاً للأجيال المصرية والعربية القادمة .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القيادة الفلسطينية - البديلة - ..!!
-
الشيخ صياح الطوري .. لست وحدك في المعركة !
-
ملامح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة
-
جديلة الشمس
-
الكاتب القصصي والروائي محمد علي طه يحصد جائزة الابداع للعام
...
-
تصويت - الخميس - التاريخي الكاسح ..!
-
في تكريم شيخ القصيدة الشاعر أحمد الحاج
-
فاطمة نزال شاعرة الوجد الروحي
-
عندما تكتب الشاعرة العراقية د. هناء القاضي ..!!
-
يا قدساه
-
الفيتو الأمريكي
-
مظفر النواب والترشيح لجائزة نوبل ..!
-
الشاعر والكاتب المسرحي ادمون شحادة في حضرة الموت
-
فاطمة أبو واصل .. التكريم المستحق
-
مع قصيدة -أناملك .. حكاية - للشاعرة ثناء احمد
-
وطني
-
أوراق ثقافية
-
ما هكذا تورد الابل ..!!
-
اضواء وظلال على ديوان - وأقطف صمت التراب الجميل - للشاعرة فا
...
-
- وعد ترامب - المشؤوم .. الأصداء وردود الفعل !
المزيد.....
-
سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري
...
-
ما هي -البيوفيليا- التي يجب أن تحظى باهتمامك عندما تقضي عطلت
...
-
بينهم بيلوسي وكيري.. بايدن يكرم شخصيات ديمقراطية في حفل خيم
...
-
لندن تفرض عقوبات على مستوطنين بسبب أعمال عنف في الضفة الغربي
...
-
السلطات الكندية تلقي القبض على 3 هنود بتهمة قتل -زعيم سيخي-
...
-
هبوط اضطراري لطائرة ألمانية بعد إصابة العشرات على متنها بحال
...
-
وسائل إعلام تقدم تفسيرا لـ-اختفاء- وزير الدفاع الأوكراني
-
اكتشاف رهيب في مقر هتلر الرئيسي في بولندا
-
بلينكن: -العقبة الوحيدة- بين سكان غزة ووقف إطلاق النار هي -ح
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق شبه جزيرة ال
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|