أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مروة التجاني - تيار الرومانتيكية 2















المزيد.....

تيار الرومانتيكية 2


مروة التجاني

الحوار المتمدن-العدد: 5735 - 2017 / 12 / 22 - 23:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



كان للشاعر والمسرحي والمؤرخ ( فردريك شيلر ) تعبيرات مميزة يستعملها في كل كتاباته ليس الفلسفية فقط بل حتى المسرحية حيث كان دائم الحديث عن الحرية الروحية : حرية العقل ، مملكة الحرية ، ذواتنا الحرة ، حريتنا الداخلية ، الحرية الذهنية ، الحرية الأخلاقية والذكاء الحر . نظرية ( شيلر ) عن التراجيديا المسرحية مبنية على فكرة الحرية ، ليس موضوع التراجيديا هو المعاناة المغلوبة على أمرها ، المعاناة التي لا يستطيع الإنسان تجنبها ، والإنسان الذي تحطمه الكوارث ، فهذه مجرد مواضيع للرعب أو الشفقة والشئ الوحيد الذي يمكن النظر إليه بإعتباره تراجيديا هو المقاومة ، مقاومة الأنسان لكل ما يقمعه . يقول ( شيلر ) أن مجرد كون الطبيعة التي ينظر إليها ككلية ، تسخر من كل القواعد التي ينسبها إلينا عقلنا ، وإنها تتابع مسارها الحر والمتقلب وتعفر بالتراب ابداعات الحكمة دون أي اعتبار لها ، وتختطف ما هو مهم وما هو تافه ، ما هو نبيل وما هو شائع ، وتغمرهم بكارثة متماثلة ، وتحافظ على عالم النمل بينما تقبض على الأنسان ، أكثر مخلوقاتها مجداً بذراعها العظيمة وتسحقه ، وإنها كثيراً ما تبدد منجزات البشر بل حتى أكثر منجزاتها مشقة في ساعة عابثة بينما تمنح قروناً لأعمال حماقة لا ضرورة لها . أن ( شيلر ) يعتبر كل ما تقدم نموذجاً من قبل الطبيعة ، هذه هي تعاليمه التي ظهرت في معظم مسرحياته التراجيدية .

في مسرحية ( فيسكو ) وهي مسرحية مبكرة له يكون البطل طاغية لمدينة جينوا ، ومع ذلك ورغم أفعاله السيئة فإنه أكثر تفوقاً من الأوغاد والحمقى والجهلة والغوغاء في المدينة ، والذين هم بحاجة إلى سيد ولهذا يحكمهم ، ولعله من الصواب أن يقوم القائد الجمهوري بإغراقه كما يحدث في آخر المطاف في المسرحية ، لكننا مع ذلك نخسر شيئاً مع ( فيسكو ) إنه أنسان متفوق في صفاته على الذين يقتلونه عن وجه حق ، وتلك هي فكرة ( شيلر ) التي استلهمت فكرة الخاطئ العظيم والأنسان الفائض عن الحاجة والتي لعبت دوراً كبيراً في فنون القرن التاسع عشر . في بداية ثمانينيات القرن الثامن عشر كتب ( شيلر ) مسرحية اللصوص وبطلها شخص وقع عليه الظلم حيث أصبح نتيجة لذلك رئيساً لمجموعة من اللصوص ، يقتل وينهب ويحرق المباني وفي النهاية يسلم نفسه للعدالة ويعدم ، ومن هنا ظهر البطل الرومانتيكي في المانيا في وقت ما بين نهاية ستينيات وبداية عقد الثمانينيات في القرن الثامن عشر .

كانت رؤية ( شيلر ) الأساسية هي أن الأنسان يمر عبر ثلاث مراحل الأولى هي التي يسميها حالة الضرورة أي تلك التي تحكمها الحاجة والتي تأتي على شكل نزوعات نحو الأشياء بالمعنى السيكولوجي الحديث ، في هذه المرحلة يكون الأنسان مدفوعاً بطبيعة المادة ، إنها نوع من الغابة التي يكون فيها البشر مسكونيين بالعواطف والرغبات ولا يملكون مبادئ ويتصادمون مع بعضهم البعض . والحالة الثانية هي البربرية وهم عبدة أصنام مثل المبادئ المطلقة دون أن يعرفوا لماذا لأنها تمثل تابوهات . الحالة الثالثة هي التي يطمح إليها ( شيلر ) حيث تصور إنه كان هناك زمان يوجد فيه وحدة إنسانية ، زمن ذهبي ، لم تكن العاطفة فيه منقسمة على العقل ولم تكن الحرية فيه منقسمة على الضرورة ولكن كيف يمكن أن نعود إلى الحالة الأصلية دون الوقوع في الحالتين الأولى والثانية ؟ يقول ( شيلر ) إن ذلك ممكن من خلال الفن ، التحرر عبر الفن . اليوتوبيا التي أنتهى إليها ( شيلر ) تقول أننا إذا كنا مثل اليونان ومنسجمين وفهمنا ذواتنا ، وفهمنا الحرية والأخلاق والمتع والنعيم السماوي للإبداع الفني فإننا سنحقق علاقة متناغمة مع المبدعين والفنانيين .

الحياة لا تبدأ بتأمل محايد للطبيعة والأشياء . الحياة تبدأ بالأفعال . هذا تصور فيلسوف الرومانتيكية ( فيتشه ) ومجمل فكره هو أن الأنسان نوع من الفعل المستمر ويجب عليه الأستمرار في الخلق والأبداع ، الأنسان الذي لايبدع ويقبل ببساطة ما تمنحه الحياة أو الطبيعة هو إنسان ميت ، لا ينطبق ذلك على البشر فقط وإنما الأمم . يبدأ ( فيتشه ) بالحديث عن الأفراد ثم يسأل نفسه ماهو الفرد ؟ وكيف يمكن للمرء أن يصبح حراً تماماً ؟ لن يستطيع أن يكون حراً ما دام يمثل شيئاً ثلاثي الأبعاد في الفضاء فالطبيعة تقيد الأنسان بألف طريقة . لذلك فالكينونة الوحيدة الحرة تحتاج أن تكون أكبر مني وهو شئ داخلي على الرغم من أني لا استطيع التحكم في جسدي فأنني أتحكم في روحي . الروح بالنسبة لـ( فيتشه ) ليست روحاً فردية بل هي مشتركة بين كثيرين وهي مشتركة لأن كل روح فردية هي غير كاملة ، لأنها محجوزة ومقيدة بالجسد الذي تسكنه . لكنك إن سألت ماهي الروح النقية فهي كينونة متعالية ، نار مركزية يمثل كل منا شرارة فردية منها .

يقول ( فيتشه ) في إحدى خطبه التي كانت من قبل الألمان طيلة القرن التاسع عشر وأصبحت بمثابة الأنجيل بعد العام 1918م " أما أن تؤمن بوجود مبدأ أصلي في الأنسان – حرية ، قابلة للكمال ، تقدم لانهائي للجنس البشري ، أو أن لاتؤمن بشئ من ذلك . ربما يكون لديك مشاعر تناقض ذلك . كل أولئك الذين يحملون التسارع الخلاق للحياة داخلهم ، أو الذين يظنون أنهم حرموا تلك الموهبة ، وعلى الأقل ينتظرون اللحظة التي يغمرهم فيها التيار الرائع للفيض والحياة الأصلية ، أو لعلهم يهجسون بتلك الحرية في حيرة ، ولايشعرون إزاء هذه المظاهر بالكراهية ، ولا الخوف ، بل الحب ، فهؤلاء هم جزء من الحياة الأنسانية الأصلية ، هؤلاء يمكن أن نعتبرهم أناساً حقيقيين ، وهم يمثلون البشر الأصليين ، وأعني الألمان . من جهة أخرى ، كل أولئك الذين اذعنوا لتمثيل فقط المشتقات والمنتجات الثانوية ، والذين ينظرون إلى أنفسهم بتلك الطريقة ، فأنهم يصبحون كذلك ، وسيدفعون ثمن قناعتهم ، هم ليسوا أكثر من ملحق للحياة . ليست لهم تلك الينابيع الصافية التي تترقرق أمامهم وربما لاتزال تترقرق من حولهم ، هم ليسوا أكثر من صدى يأتي من صخرة بعيدة ، أصدره صوت أطبق عليه الصمت الآن ، هم مستثنون من البشر الأصليين ، هم غرباء ودخلاء . إن الأمة التي تسمى الألمانية لاتزال لهذا اليوم تثبت فعاليتها الأصلية والخلاقة في مختلف المجالات " .

بالنسبة للرومانتيكية الحياة هي أن تفعل شيئاً ، وأن تفعل يعني أن تعبر عن طبيعتك ، وأن تعبر عن طبيعتك يعني التعبير عن علاقتك بالكون ، وعلاقتك بالكون غير قابلة للوصف ، لكنك مع ذلك ينبغي أن تعبر عنها . تلك هي المعاناة ، هذا هو التوق اللامحدود ، هو السبب في الذهاب إلى بلاد نائية ، هو السبب في البحث عن نتائج عجيبة ، هو ما يجعلنا نسافر إلى الشرق ونكتب روايات عن الماضي ، ونترك أنفسنا لكل أنواع التخيلات . ذلك هو الحنين الرومانتيكي النموذجي .



#مروة_التجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيار الرومانتيكية 1
- أن تكتب – مارغريت دوراس
- الرواية الأفريقية .. الكنز المكتوب
- الضحك في السجن
- ريمون كينو كاتباً الهيغلية
- وداعاً ماياكوفسكي
- في اعتزال العالم
- فكر مدام دو ستايل الأدبي
- أيام في الزنزانة
- ديستوفسكي في عيادة فرويد - تشريح المثلية المكبوتة
- كفاح المثلية الجنسية .. شكراً دافنشي
- The Coat
- اختراع العزلة
- كفاح المثلية الجنسية .. شكراً اندرية جيد
- سيمون فايل - فيلسوفة التجذر 2
- سيمون فايل - فيلسوفة التجذر 1
- المثلية الجنسية ليست جريمة
- الغرفة المزدوجة
- مع باستر كيتون - 1922
- الصور الجميلة


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مروة التجاني - تيار الرومانتيكية 2