أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - قوى التواصل وقوى السيطرة















المزيد.....

قوى التواصل وقوى السيطرة


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5702 - 2017 / 11 / 18 - 16:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اسمحوا لي أن أوجز أفكاري بشأن أوضاع الفكر

كلنا متفقون على ضرورة تحديث الدولة من القواعد والأساسات وصولا لقمة الهرم الإداري، ليس فقط تحديث على مستوى القيادة ولكن أيضا على مستوى الفكر بحيث يؤثر ذلك على طريقة تناول وتعاطي الدولة مع المشكلات، فلا يستوي مثلا من يواجه ظاهرة الإرهاب بالأمن دون غيره..ومن يواجهه بالفكر وتجفيف مصادره المالية والدينية معا.

ولكي يمكن للدولة أن تحدث نفسها لا ينبغي لها أن تهتم فقط بحسابات الدين والسياسة ..رغم أنها مهمة..فمصادر تمويل الإرهاب تجمع ما بين المال والفكر..أي أن مشاريع التنمية الاقتصادية لها دور في الإصلاح الديني والسياسي، ولكن مشاريع حقيقية تنهض بمستوى المعيشة وتزيد معدل الإنتاج، وفي مقالاتي الاقتصادية السابقة شرحت كيف يتطور الاقتصاد المصري وما عوامل قوته..ونظرة شمولية عامة لمواطن قوة أي اقتصاد للاعتبار.

في أوروبا حدث شئ مختلف نوعا ما..وهو أن حركة الفكر والإصلاح الديني سبقت الثورة الصناعية، وهو التعبير الدارج الآن في الغرب أن الفكر قبل الصناعة، فلا تنمية بدون أفكار..بعكس التعبير الدارج في الشرق الشيوعي أن الصناعة والمادة أولا..لكن ..وبالنظر إلى ما آلت إليه الحضارة المعاصرة..أن الشرق والغرب صناعيين وكلاهما قدم الفكر أحيانا..وغالبا في مواضع أخرى..وهذا يُستفاد منه أن النظرية قد تخالف الواقع ، أو أن النتيجة لا تتسق مع مقدماتها دائما في نقض صريح لمبدأ الحتمية.

أقصد أنه ليس بالضرورة أن نعتبر بتجربة أوروبا بأسبقية الفكر على الصناعة..أو العكس ما دام الزمن تغير ووصلنا لعصر التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي ، وأنه يمكن لكلا الرأيين أن يُطبّقا بالتوازي، بمعنى أن التنمية المادية يجب أن تحدث بالتكامل مع الإصلاح الفكري والسياسي..وذلك لأن سرعة التواصل أنجزت ما عجزت عنه أوروبا في السابق وهو التحول المادي قبل الفكر..الآن عمليات البيع والشراء والتعاقد لم تعد بحاجة لجهد كبير..فقط بالإنترنت أصبح كل شئ متاح، وتحول كثير من اقتصاديات الغرب لاقتصاد الخدمات بعد تطور التكنولوجيا وإحلال الآلة محل الإنسان.

كذلك أنجزت سرعة التواصل ما عجز عنه السوفييت في السابق وهو التحول الفكري قبل المادة..الآن محاضرات الفكر وأفلام العلم تجري بمعزل عن عالم المادة المحسوس، فلو قلنا مثلا أن تقنية الماسينجر والفيديو كونفرانس والبث المباشر لليوتيوب ومواقع التواصل..أتاحت للراغبين احتكاكاً مختلفا عما كان يحدث في عصر الصناعة، بالتالي لم تعد بحاجة لقوة اشتراكية عليا مهيمنة، في السابق مثلا يمكن تحجيم هذا الاحتكاك والسيطرة عليه بقوة المال والسلطة..الآن لا يمكن ذلك وخرج هذا الاحتكاك تماماً عن أي سيطرة.

يدفعنا ذلك لسؤال في نفس السياق، وهو: هل تحديث العالم يجري بطريقة تلقائية آلية؟..أم ما زالت هناك بعض القوى المسيطرة تعمل؟

في تقديري يحدث هذا وذاك لكن بنسب مختلفة، أرى فيها أن التحديث التلقائي له الغلبة تقديريا بنسبة 70% والباقي للقوى المسيطرة التي ما زالت تكافح عوامل الطبيعة القاسية التي فرضت عليهم حصاراً في مكان ضيق يعملون فيه بحماية الأمن..وبعُزلة تامة عن الواقع..وبالنظر إلى أحداث الربيع العربي نجدها نتيجة طبيعية لهذا الكفاح المحكوم عليه مقدما بالفشل، فالذي حدث أن بعض السلطات آمنت أنها تحكم في عصر ما قبل التواصل ففوجئت بمتغير هام لم يكن في الحُسبان.

وهنا أميل لأن الغلبة التي قدرناها سابقا 70% هي في الحقيقة أكثر من ذلك تبعا لظروف المجتمع، فشعوب لا تستخدم وسائل التواصل أو لها اتجاه آخر في الإصلاح – ديمقراطي مثلا- هي التي يحدث فيها التغيير بطريقة أبطأ والقوى المسيطرة (المكافِحة) فيها أنيابها وذراعها أطول..هذا يشي بتناقض صريح بين قوى التواصل وقوى السيطرة..وهو ما فسره حسنين هيكل في السابق بصراع .."القوى غير المرئية"..مع السلطة..

لكن هذا يدفعنا لسؤال آخر مهم، هل ما تنتجه وسائل التواصل من تغيير هو حقيقي أم متوهم؟..فوضوي أم منظم؟...ليست لدي إجابة حاضرة الآن على ذلك وأكتفي بطرح السؤال ، ففيه تداخل وتشعّب كبير يحتاج لمساحة أكبر من السرد.

خلاصة رؤيتي للتحديث أنه لا يمكن دون مرجعية معرفية وتمثيل مجتمعي حقيقي، هذا يوظف قدرات مجتمع التواصل لخدمة الدولة بدلا من عدائها، ومرجعية العلم لتوجيه كل ذلك بطريقة صحيحة، وأحسب أن تيبس وجمود العلم في الدولة، وإقصاء وتهميش المجتمع.. ليس في مصلحة الحكومة التي يجب أن توظف قوى التواصل لمصلحة الدولة فيؤدي ذلك لنجاحها بالتبعية.

مصر بالذات تحتاج لهذا الاتجاه الإصلاحي فالحياة السياسية فيها شبه منعدمة، بالتالي انخفضت قوى السيطرة لصالح قوى التواصل، وبرغم اجتياح السلطة عالم التواصل مؤخرا بلجان الكترونية لكن هذه اللجان في الأخير تبقى موجهة ولا تعمل بطريقة آلية/ تلقائية، أي أنها لا تمثل الرأي العام الحقيقي..بل رأي من يوجهها فحسب.

وفي رأيي هذا السلوك السلطوي ينم عن فشل في قراءة الواقع، فبرغم الحملات الضخمة والمليارات التي أنفقت لتلميع صورة الرئيس..لكن ما زالت الثقة مفقودة والمعارضة الشعبية تتوسع وتنشر وسائلها بطرق متنوعة كألعاب أطفال وتطبيقات أندرويد وبرامج ساخرة..انخفضت فيها قدرة الحكومة على السيطرة ولجأ الشعب لقنوات الإخوان التي يزيد جمهورها يوما عن يوم بسبب إهمال الحكومة متطلبات الشعب وفقدانها حس التواصل مع الجمهور.

كلمة السر هي في التواصل..هي التي قسمت المجتمع لاثنين (تواصل وسيطرة) وفرضت نوع آخر من الحداثة لم يعد في صالح السلطة، ليست فقط السياسية بل الدينية أيضا، فقوى التواصل السياسية تعمل جنبا إلى جنب مع قوى التواصل الدينية التي نشرت الإلحاد كفكرة بديلة عن مجتمع رجال الدين ، الذين بدورهم فشلوا في قراءة الواقع وسقطوا بردود أفعالهم العصبية التي كررت أفعال الكنائس القديمة بالحرف.

وفي رأيي أن التسلسل المنطقي لما يحدث سيؤدي لتغيير حتمي لصالح الإنسان، متى هو..لا أعلم، لكن نصيحتي للجيل الحالي أنت الذي ستحكم في ظرف عشر سنوات من الآن، قوى التواصل تخدمك وتعمل لصالحك بشكل غريب ، ويجب أن تكون مؤهل وإلا ستُصدمك نفس وسائلك الثورية في إسقاط الخصوم



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل الوحيد للأزمة الاقتصادية بمصر
- كيف يكون الاقتصاد قويا؟
- رؤية موضوعية لحزب الله
- هل الإصلاح ممكن في العالم الإسلامي؟
- عشرة أسباب لشيوع الفقر في مصر
- المادية الجدلية
- كشف حساب للوزير الخرافي حلمي النمنم
- نظرات في الرقص
- فلسفة الحجاب
- أضواء على المسيحية
- كيف يقوم الاقتصاد وكيف ينهار؟
- اللغة المصرية ليست عربية
- مصر بحاجة لنموذج تونسي عاجل
- إطلالة على فلسفة الأديان
- دلالات صواريخ اليمن
- قاعدة محمد نجيب..قوة أم خدعة؟
- الدولة الدينية..كشك الفتوى نموذج
- تجريد مشكلتي سوريا والعراق
- ملاحظة في العصر المملوكي
- قصة ورأي..الحرب بين العراق وإيران


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - قوى التواصل وقوى السيطرة