أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - الفلسفة والدولة















المزيد.....

الفلسفة والدولة


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1452 - 2006 / 2 / 5 - 10:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


· دائما ما تشتغل الدولة ضمن وجودها الاجتماعي السياسي على فلسفة معينة تستطيع من خلالها ان تؤصل جميع عناصر الاستمرار والبقاء خدمة لمصالحها وطبيعة الطبقة الاجتماعية التي تقود هذه الدولة سواء كانت الدولة كنسية دينية او طبقية حزبية او هي دولة نخبة من الرأسماليين الذين يضفون بدورهم القيم والافكار التي تؤيد وتؤبد خياراتهم ومنافعهم في البقاء والاستمرار ،حيث لاتوجد دولة من غير فلسفة تحوي في داخلها قيمة الطاعة والخضوع والاذعان للقوانين والقيم الاجتماعية والثقافية التي تنتجها الدولة ، حيث تعد الفلسفة بشكلها العقلاني من حيث النشاة والحضور سائدة لدى اليونان من خلال اللغة العقلانية النظرية التي تضفيها هذه الفلسفة بعيدا عن المجازات المتعالية من الرموز والاساطير والتعبئة الشعرية التي تملك الاكثرية المجتمعية من خلال نسق الافكار والتصورات القائمة على المجاز والصورة المتعالية والمفارقة للعقل البشري ، هذه الفلسفة اليونانية وجدت نتيجة الحاجة البشرية ضمن اطار النخبة او الاقلية التي تملك المعرفة والوعي ضمن قابلياتها التي استطاعت ان تسمح لها في انتاج وعي فلسفي دون غيرها بحكم تميزها عن بقية الطبقات المغيبة والتي لاتستطيع إلا ان تفكر في اطار وجودها اليومي المعاش والمحسوس ، حيث كانت مقتصرة هذه الفلسفة على طبقة معينة من النبلاء الذين يستطيعون ممارسة التفلسف وابداء الرأي فيما يخص الطبيعة والموجودات من خلال اللغة النظرية فحسب اي بعيدا عن تاثير الحس والاجسام المشاهدة والتي كانت تعتمدها الفلسفة ماقبل العقلانية النظرية لدى اليونان ،تمت عملية استعادتها اي الفلسفة اليونانية العقلانية في الازمنة المظلمة التي كانت تعيشها اوروبا حيث بدأت عملية التفكير المستقل لدى الكثير من الفلاسفة في العصر الوسيط من خلال تأثير الفلسفة الاغريقية والعربية الاسلامية ، وذلك لان هذه الاخيرة هي من عملت على إعادة قراءة الفلسفة اليونانية بشكل اسلامي يضفي جانب الاختلاف بين قيم الاخر اليوناني وبين مكتسبات الذات العربية الاسلامية من خلال فلاسفة كابن رشد والفارابي وابن سبينا وابن ميمون ، كل هذه الفلسفات بدأت تأثيرها على الدولة الكنسية اللاهوتية من خلال الفلاسفة اللاهوتيين الذين بدأوا يشعرون بالتضييق من سلطة الكنيسة ولاهوتها المعطل للوعي والمعرفة والادراك ، كل ذلك قوبل بشراسة منقطعة النظير من قبل الدولة اللاهوتية وذلك لانها قائمة في الاساس على وعي غير فلسفي ولايهمها الرقي المجتمعي ومن ثم هناك الدولة المحافظة على منافعها بواسطة الدين ورجال اللاهوت الذين لايملكون اية صفة علمية فلسفية تذكر ، حيث من الممكن ان يندرج ضمن ذلك الكثير من الدول التي تؤسس جانبا معينا من المعرفة والحقيقة والسلطة بحيث تغدو الفلسفة لديها حاملة لجوهر الاكتساب الطبيعي للمنفعة والمصالح والخيرات لدى مجموعة بشرية معينة دون غيرها وليست نظرية من خلالها تستطيع ان تطور ملكات الافراد جميعا وتضفي قيمة البناء المعرفي والشك المنهجي من خلال تبن الاطر المعرفية التي تشكل الاختلاف والفرادة عن جاهزية النسق الثقافي السائد لدى الدولة ، حيث ما تزال الفلسفة في عالمنا العربي الاسلامي تشي بالرفض وعدم القبول وذلك بسبب وجود الكثير من الدول التي تضفي الانساق الشمولية وتغطي المجتمع ككل ضمن قابليات واحدة غير مستوعبة لطبيعة الانسان وقدرته الاختلافية الناجزة ، حيث لو اطلعنا على تاريخ مجتمعاتنا العربية الاسلامية نجد ان الفلسفة قد مورس عليها التغييب والتعطيل والاقصاء سواء عن طريق تأسيس القطع النهائي مع فلاسفة لديهم الانجاز المعرفي والثقافي وهنا نذكر الكثير من الفلاسفة الذين ذهبوا ضحية افكارهم في تقرير مصير المجتمع البشري بدلا من سلطة الدولة وما تؤسسه من شمول واستبداد نهائي ، فابن رشد حورب بشدة من قبل السلطة المحافظة في قرطبة وتمت عملية احراق كتبه وكذلك الحال مع اتهام الكثير من الفلاسفة والشعراء بتهم جاهزة كالزندقة والخروج على النسق الثقافي السائد لدى المجتمع وهنا نذكر بشار ابن برد والسهرودي المقتول وابن سبعين والحلاج وغيلان الدمشقي وغيرهم الكثير من الذين حاولوا ان ينيروا العالم ضمن ثقافة معينة ورؤية مختلفة عن جاهزية السلطة الرسمية وثقافتها النهائية كاسلوب معرفي منجز ومستقل.
فالدولة في الازمنة المعاصرة لاتهتم بالفلسفة وقدرتها على نشر الثقافة العقلانية وترشيح الكثير من الذوات البشرية القادرة على انجاز المختلف والمغاير ومن ثم الخلاص من زمنية الفوضى والشتات التي تعانيها المجتمعات العربية الاسلامية خصوصا في العراق ، وذلك بسسب الافقار الحقيقي لثقافة عقلانية من شأنها ان تؤسس البدائل المعرفية القائمة على جعل الانسان مصدرا حيويا للمعرفة والحقيقة والسلطة ، هذه الفلسفة مغيبة عن وعي الانسان بل تشكل في حد ذاتها مدعاة للرفض والسخرية في كثير من الاحيان وذلك بسبب تعاقب الانظمة الدكتاتورية التي عملت على تأبيد الشمول الفكري والثقافي كمعطى اولي وجاهز بشكل عجيب لدى الاكثرية المجتمعية ، حيث من الممكن ان يقابل في وعي المجتمعات كلمات مثل الحراك الاجتماعي، التفكير المجتمعي المستقل عن ارادة الدولة ، عملية تغيير البنى الاجتماعية من خلال تطورها بشكل عقلاني واصيل نابع من الذات ، وجود المعرفة في شكلها التعددي المختلف ، كلمات ومصطلحات مثل ثبات وجمود المجتمع ضمن قابلية واحدة ، النظرة الاتكالية العجزية للعالم ، عدم وجود روحية المبادرة داخل المجتمع فيما يخص القدرة على الابداع وانتاج الجديد ، محاربة كل ماهو غريب عن البنية الاجتماعية ، ممارسة الكثير من التضييق لحرية الانسان ، وجود المؤسسات التي تضفي وعي التماثل كنتيجة حتمية لتاريخ من القهر والضبط من قبل دكتاتوريات سواء تلك المتعلقة بالتاريخ القديم والحديث بجميع اشكاله المادية والمعنوية ، كل ذلك تشكله الدولة وتعطيه ابعادا واشكالا اكثر رسوخا ضمن الذاكرة المجتمعية سواء تعلق بدولة تحترم الانسان وقدرته على الابداع او ضمن دولة تحد من الانسان وتعامله على اساس كونه اداة او رقما بشريا ضمن سيرورتها الدائبة للبقاء والهيمنة اطول فترة زمنية من تاريخ وجودها المعاش . وهنا نقول ان دور الفلسفة في المنطقة العربية محدودا الى حد كبير في التاثير على ارادة المجتمعات ومن ثم لاتوجد لدى البلدان العربية دولا تعنى بالانتاج الفلسفي والمعرفي ماعدا عددا ضئيلا الى حد بعيد ضمن بلدان المغرب العربي كتونس مثلا والتي يوجد ضمن مناهجها التعليم الفلسفي في المدارس الثانوية والجامعات .. الخ حيث تفتقر اكثر الانظمة الى وعي فلسفي بسبب هيمنة السياسي المتخلف والعاجز عن بناء الاطر المعرفية الجديدة التي تدعم من قبل الثقافي ، ومن ثم هناك ذلك الاجترار الدائم لازمنة عقيمة ولذوات بشرية عاطلة عن النمو والابداع والخلق والتغيير وممارسة الحراك الاجتماعي والثقافي والفكري ..الخ ، ولان الدولة العربية ماتزال غير عقلانية وغير قابلة الى ولادة التصورات المختلفة والمغايرة والتي تحاول ان تنافس الحضارات الاخرى من حيث القدرةعلى المشاركة والابداع وطرح الحلول بالنسبة للكثير من المشاكل المتعلقة بالحداثة والعلم والتقنية والاخلاق ، كل ذلك من الممكن ان تقيمه الدولة القائمة على اساس العقل ، هذه الدولة تبتعد عن اعطاء التصور النهائي للعقل كي لايصيبها الجمود ، ومن ثم تتحول الى عقل مطلق وجاهز غير نسبي من حيث المحتوى والمضمون ، فالفلسفة هي الحكمة التي تعمل على هداية وعي الدولة وهنا لانستعمل كلمة " هداية " بالمعنى التقليدي المرتبط بنموذج ثقافي معين بقدر ما نعني به إنارة الطريق لدى الستراتيجيين الذين يعملون على قيادة الدولة وتشكيل برامجها نحو مجتمع غير قابل الى ولادة التكلس والجمود الثقافي والمعرفي كمحصلة نهائية حاضرة بشكل جلي وواضح لدى الكثير من المجتمعات العربية الاسلامية



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخلف السياسي - تبعية الثقافي
- ماذا تريد الدولة من المجتمع؟
- وظيفة الرئيس .. نظرة مستقبلية
- المواطنة .. وعي مؤنسن داخل المجتمع
- نحو ستراتيجية عراقية لمواجهة الارهاب
- الدولة العراقية وآفاق المستقبل
- المثقف والمؤسسة .. جدلية الرفض والقبول
- العنف الذكوري ضد المرأة
- الذات العراقية بين احتلالين
- المرأة العراقية بين الواقع والمثال
- أدلجة الحقيقة - عنف المعنى
- الديمقراطية والحركات السياسية الاسلامية
- شريعة الافكار
- الدولة الناشئة في العراق -السيادة والديمقراطية
- جسر الأئمة واساطير السياسة
- الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة ...
- ميشيل فوكو والنزعة الانسانية
- نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية
- الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب
- دولة الاستبداد - دولة الحرية


المزيد.....




- السعودية.. القبض على مصريين لـ-نشرهما حملات حج وهمية بغرض ال ...
- أمريكا: لا يوجد مؤشر على عملية إسرائيلية -واسعة النطاق- في ر ...
- شهداء في قصف مكثف على رفح وشمال القطاع
- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - الفلسفة والدولة