أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية















المزيد.....

نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 08:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف يمكن ان توجد وتتأسس وتمارس ثقافة الحرية ضمن بنية المجتمع القابل لاشكال وصور متعددة من القيم والافكار والمعتقدات المختلفة فيما بينها والتي تعاني من تاريخ طويل من الصراعات والتناحر والتشظي ضمن بنية المجتمع الحامل لاشكال كثيرة من الاقصاء والتهميش الممارس من قبل ذات المركز ، وهنا ذات المركز نقصد بها الثقافة الرسمية التي تمنع تعددية الاطراف ، ومن ثم يغرق المجتمع ككل بثقافة الواحد المتعدد الكمال والهيبة والتقدير وكل صفات التجلي البشري غير الماثل امام الواقع وصورته العيانية ، فثقافة الحرية تترسخ من خلال تعددية الحقيقة ذاتها ، اي عدم وجود حقيقة جاهزة نهائية تفرض على المجتمع نسقها الكلياني ، ومن ثم تغدو النهاية والحدود لكل شئ ، ومن ثم يغدو ذلك مدعاة للجمود والتلاشي القيمي والمعرفي والفكري ، بحيث لايمكن للذات البشرية ان تبدع او تنتج الجديد والمغاير عن نسق الثقافة الرسمية او عن ذات المركز .
فالحرية مكتسبا انسانيا من حيث الفطرة والخلق والبداية البشرية للوجود الفردي الانساني ، ولكن الذي يعمل على تمثل الاطر والانساق المرتبطة بعاملي النهاية وعدم التسامح حتى مع الحقيقة ذاتها يوجد من رحم المجتمعات التي عطل فيها دور العقل ، ومن ثم لاتوجد هناك اية ميكانزمات محركة للوعي والمعرفة ، ومن ثم التغيير والتطور ، وذلك يعود الى الاجهزة المفاهيمية التي تملكها هذه المجتمعات من حيث تأصيلها لجانب معين من الحقيقة والمعرفة لايمكن تجاوزها او محاولة زعزعة اسسها وجميع عوامل انبثاقها المعرفي والوجودي، والحرية مكتسبا بشريا تحققه الحضارة ذاتها من حيث امكانية التجاوز والنقد المستمر لكل ما يشكل الاطار والبناء القيمي والمعرفي ، فالحضارة الحديثة لم توجد بكل مكتسباتها من حيث الايجاب والسلب إلا بعد قرون طويلة من الصراعات والنزاعات المستمرة بين قيم الماضي القديم وبين قيم الابداع والتجديد التي بدأت بوادرها منذ عصر النهضة وظهور الثورة الصناعية التي احدثت شرخا كبيرا في طبيعة العلاقات الاجتماعية والثقافية ، ومن ثم استطاعت هذه الثورات الاولى ان تزحزح عامل امتلاك الحقيقة المطلقة ، الذي كان يتمسك به الملك بأعتباره صاحب الحق الالهي والتفويض المطلق باصدار القوانين والتحكم بارواح البشر وكل مايتعلق بالشؤون الارضية الدنيوية او تلك المرتبطة بالعالم القدسي المفارق لجوهر الانسان وطبيعته البشرية ، حيث استطاعت الفلسفة الغربية من خلال ديكارت ان تنتصر للعقل ومن ثم تؤسس الكيان الجديد القائم على العلم وان الانسان من الممكن ان يكون مسيطرا على الطبيعة ومن ثم هو مالكها الوحيد ، هكذا كانت تتمثل طروحات التقدم التي انجزتها الحداثة واستمرت الى اجيال اخرى من الفلاسفة وعباقرة الفكر في تاريخ الغرب الحديث متمثلا بهيوم وجون لوك وبركلي وشلينج وهيجل وكانت ونيتشه وماركس وفرويد .
لقد استطاعت الفلسفة الحديثة ان تتقدم الى الامام خطوات كبيرة لم تستطع الذات البشرية المتأخرة عن جوهر الحداثة والمدنية ان تجترحها ، وذلك بسبب عوامل كثيرة تتعلق بمنظومة المعرفة والعقائد والافكار السائدة لديها إظافة الى تأثير الصراع الطويل بين المتقدم الغني الحديث وبين الذات التي لاتملك الجرأة على نقد مجتمعها ومن ثم هي ذات معطلة من حيث الابداع والابتكار تتمثل الاجترار المنعزل للافكار والازمنة وكل عوامل انبثاق الجديد الذي هو في النهاية مرتبط بأصل المعرفة التي تمتلك ليس إلا .
فالحضارة الحديثة عندما دخلت مجتمعاتنا لم تتمثل داخل وعيها اي مجتمعاتنا عن طريق الصراع والتنافس القابل الى حدوث امتزاج معرفي جديد قادر على ان يضفي التوازن ، ومن ثم لايحدث خللا في تركيبة مجتمعاتنا التي تعاني من فقدان التأقلم أوالاندماج مع الحداثة ، وذلك نراه بشدة من خلال عودة اكثر التيارات الاصولية المتشددة التي لاتعرف من الحقيقة سوى تلك التي تمتلك ، وهي بالضرورة حقيقة نهائية غير متسامحة مع الاخرين الذين يختلفون عن نسقها وجوهرها .
فالمجتمعات التي تعاني من الاضطهاد والتغييب والانحسار القيمي لافكارها ووجودها من الممكن ان تؤبد ضمن مستقبلها القادم الكثير من التطرف ،على عكس المجتمعات التي متأصل فيها طابع الحرية ، فأن اية افكار او ايديولوجيا جديدة تظهر لايمكن ان يمارس عليها الاقصاء والطرد ، ومن ثم لاتملك هذه الافكار في النهاية طابع التشدد والغاء الاخرين ، ومن ثم تساهم بدورها في اخصاب الجانب المعرفي والعلمي التطوري وخصوصا إذا كانت معنية بالانسان وجودا ومستقبلا .
ان الحرية تنمو وتزدهر في مجتمع لاتوجد فيه دولة استبدادية تعمل وفق منهج امتلاك الحقيقة المطلقة ، حيث لابد ان يساعد عامل انبثاق الحريات جميعا وجود دولة مرنة ومتسامحة وقادرة على ضم الجميع وعدم تأسيس كيانات بشرية تعاني الاقصاء والتهميش ، ومن ثم تصبح عدوا للدولة وعائقا امام التغيير والتطور المراد له ان يتجذر بشكل مستمر داخل نسق المجتمع .
ان مجتمعاتنا منذ ازمنة طويلة ، وهي تجتر كل شئ قابل الى ولادة الاستبداد والتسلط ومن ثم بقائها ضمن حالة قارة ثابتة تعاني عقد البداوة والتصحر الانساني والثقافي الى حد بعيد ، حيث لو اطلع باحث ما على تاريخ العراق على سبيل المثال يجده عودا ابديا ومستمرا للهيمنة والتلاشي الانساني والوجودي ، ومن ثم لاتوجد هناك اية قطائع من شأنها ان تحدث الاختلاف والتغييرمع الماضي القائم على الانفصال عن بنية التطور والانفتاح على كل ماهو جديد ومدهش ، ومن ثم عالم افضل وحياة مختلفة ،وبما اننا مقبلون على كتابة دستورا جديدا للعراق الواحد الديمقراطي لابد يشترط ضمن ذلك الدستور عنصري الحرية والقدرة المستمرة للتعديل والتجاوز بما يخدم التطورات التي تحدث في بلدنا والتي من شأنها ان تعزز او تؤصل مسألة الحريات بشكل عام ، فالانتخابات التي حدثت مؤخرا في العراق لم تكن نتاجا طبيعيا لتراث انتخابي او تأصيل ديمقراطي راسخ في ذهنية وثقافة المجتمع ، ومن ثم يجب ان لايكتب الدستور اعتمادا على درجة الفائزين في الانتخابات ، ومن ثم لايعد لدينا دستورا من الممكن ان يعاني من تكلس ماضوي او من جمود طويل لايمكن تجاوزه او ممارسة التعديل عليه ، فمجتمعاتنا كما هو معروف تعاني من غياب المدنية بعد عقود طويلة من الافراغ والافقار لكل عوامل النمو والتطور داخل بنية المجتمع العراقي .
في النهاية لا يمكن ان تتأسس شروط انتاج الحرية إلا من خلال وجود دولة متسامحة مع الجميع ومنفتحة على الثقافة بشكل عام اي لديها عامل النسبية في التعامل مع الحقيقة والمعرفة والتاريخ ومجمل التصورات التي ينتجها الفكر البشري ، بحيث لاتؤصل تجربة معينة او نموذج معين من شأنه ان يحد من القدرة على الاستمرار والخلق والتجديد ، هذه الدولة لاتمثل عامل انفصال عن بنية المجتمع ، ومن ثم لديها الكثير من المؤسسات المنبثقة من المجتمع ذاته ، ومن ثم هي مختلفة الى حد بعيد عن دولة الاستبداد السلطوية ،التي تحتوي على جهاز عجيب من المراقبة والعقاب اللانهائيين على جسد الانسان وروحه ، ومن ثم هي دولة يعنيها مسألة الرفاه الاقتصادي وعدم وجود تناقضات طبقية هائلة داخل نسيجها الاجتماعي .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب
- دولة الاستبداد - دولة الحرية
- قبول الاخر
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم ...
- عربيا.. من أي الدول تقدّم أكثر طالبي الهجرة إلى أمريكا بـ202 ...
- كيف قلبت الحراكات الطلابية موازين سياسات الدول عبر التاريخ؟ ...
- رفح ... لماذا ينزعج الجميع من تقارير اجتياح المدينة الحدودية ...
- تضرر ناقلة نفط إثر هجوم شنّه الحوثيون عليها في البحر الأحمر ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن مقتل أحد عناصره
- معمر أمريكي يبوح بأسرار العمر الطويل
- مقتل مدني بقصف إسرائيلي على بلدة جنوبي لبنان (فيديو+صور)
- صحيفة ألمانية تكشف سبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكراني ...
- ما عجز عنه البشر فعله الذكاء الاصطناعي.. العثور على قبر أفلا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية