أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وليد المسعودي - الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب














المزيد.....

الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29 - 07:50
المحور: حقوق الانسان
    


هل استطاع الانسان العراقي ان يختزن آلام البشرية جميعا ، وخصوصا بعد ترددات هائلة للعنف والاستبداد مورست عليه ؟
من المؤكد ان العراق يحمل في داخله الكثير من الطاقات والرغبات الانسانية الحالمة بغد افضل ، يسوده السلام والامان والحب بين جميع اطيافه وتجليات تكوينه الاجتماعي والثقافي ، ومن ثم هناك ما يدعو الى التفاؤل ، وخصوصا إذا اتجهت جميع هذه الاطياف والتجليات الاجتماعية الى تكوين عقد اجتماعي وانساني قادر على ضم الجميع بلا استثناء ، هذا العقد الاجتماعي يؤسس الامة العراقية ويشكل التراتب الجديد والحضاري ، من خلال الايمان الحقيقي بأن المستقبل هو لجميع العراقيين ، ومن ثم هناك لابد ان تنبثق عودة جديدة وتذكر دائم لكل مخلفات الدكتاتورية والاستبداد ، التي قادت في النهاية الى ظهور العنف والارهاب من خلال تعدد المنافذ التي لا تستطيع ان تشكل هويتها إلا من خلال لغة الاقصاء والالغاء وعدم الفهم الحقيقي لقيمة الديمقراطية كونها نموذجا حضاريا يعمل على تشذيب وتهذيب الروح البشرية من هذه المخلفات التي ابتلينا بها كثيرا ، والتي تكمن بكافة النماذج والانساق التي خلقتها الدكتاتورية في العراق ، والتي تعمل بشكل يومي ومستمر على شحن قدرة العنف وتردداته داخل الانسان العراقي ، وذلك نتيجة حتمية لعامل الافقار والبؤس المجتمعي والثقافي والمدني .. الخ
عملت الدكتاتورية من خلال توزع الحروب الهائلة سواء كانت تلك التي يقيمها الدكتاتور من خلال الاعتداءات الكثيرة على الاخرين من الدول المجاورة او من خلال تلك الحروب التي يبثها بشكل يومي على جسد وروح الانسان العراقي ، وكلا هذه الاشكال من الحروب هي اكثر تأثيرا على ذهنية الانسان العراقي وطبيعته المستقبلية ، عملت على ترسيخ قيم بعيدة عن جوهر المدنية وبالنتيجة عطلت كثيرا مسيرة التقدم المنشود في العراق ، والذي يكمن في كيفية انتقال مجتمعاتنا من حالة قارة بدائية الى حالة اكثر حراكا وتطورا ومدنية ، حيث ظهر الدكتاتور في بدايته مرتديا عباءة التقدم والرغبة الدائمة بتكوين مجتمعا جديدا متطورا وغير منساق في قيم وعادات تجره الى الوراء ، من خلال ترويجه الادعائي الزائف لقيم كانت ترددها كثيرا ، جميع الايديولوجيات الشمولية والمرتبطة باليساروية رغم درجة صدقيتها وكثرة تعلقها بقيم النضال الايديولوجي ، هذه القيم تتعلق بالرفض النهائي للاخر وتكوين حقول كثيرة من الاتهامات والتي تشمل الرجعي والمنحرف والخائن والعميل والجاسوس وو.. كثيرة هي الاتهامات ما نزال الى الوقت الحاضر نعاني منها ، وخصوصا بعد زوال الدكتاتورية في العراق .
لم يكن الدكتاتور متمثلا هذه القيم من اجل التقدم وبناء العراق وفق منهج اشتراكي او كما سموه في وقت ما بأنه كاسترو العراق الذي يحمل في داخله الروح الثورية المنقذة ، حيث اعطيت له الكثير من المسميات حتى قيل له " هو الذي رأى كل شئ " بل كان يعمل وفق منهج يستطيع من خلاله القفز على الواقع كي يضفي عليه سيطرته وخصوصا في فترة لم يكن فيها متميزا وذي سلطة نهائية تذكر على الاقل من ناحية درجة تأثيره الاعلامي والمجتمعي ، اما سلطته الفعلية فمن المؤكد انها غير نهائية اذ استطاع ان يقصي جميع الذين لا يشتركون معه التوجه والرأي والمنهج .. الخ
ما يؤسف له كثيرا ان الدكتاتور كان مفيدا بشكل لانهائي ليس لشعبه الذي ذاق الكثير من الالام والتشوهات الخلقية والاجتماعية والمدنية بقدر ما كان مفيدا للقوى التي استطاعت ان تجد من خلاله منفذا حقيقيا لتأسيس قيمها واساطيرها وفي النهاية هي المستفيد الوحيد من بقائه ، علينا ان لاننسى ان الدكتاتور كان من الممكن ان يسقط ويزول من الوجود لولا تدخل القوى الكبرى التي استطاعت ان تضخ له الحياة والبقاء اكثر فأكثر على حساب مجتمعاتنا التي ظلت تكابد " الحصارات " من الداخل الشديد القسوة والابادة ومن الخارج الاكثر قسوة بدوره ايضا .
بعد زوال الدكتاتور ظهر ابنه الشرعي والحقيقي والمتمثل بالارهاب والعنف ، الذي ما نزال نعاني منه ، وما يزال يحصد الكثير من الارواح البريئة بشكل يومي ، ذلك الارهاب الذي يستطيع الدخول من نوافذ كثيرة مرة بأسم الدين والاسلام والجهاد وو الخ ، ومرة بأسم المقاومة " الباسلة " ! ! وكل ذلك براء منه وما يفعله من جرائم وانتهاكات مستمرة بحق ابنائنا ، فالارهاب لديه حواضن كثيرة تتمثل بتلك القدرة التي استطاع من خلالها الدكتاتور على شحذ جميع بؤرومكامن العنف داخل الانسان ، من خلال النسيان الكبير المتعمد لجماعات بشرية كثيرة أصلت لديها جميع الافكار المتطرفة والنهائية ، والتي تعمل ضمن حقل الترويج بأن الاخر الذي يختلف عنا هو غير صالح للحياة والوجود والمجتمع ، ومن ثم يجب اقصاءه بكافة الطرق والوسائل ، حيث ما نزال نجد هذه الافكار تشتغل في مناطق كثيرة من العراق ابعدت نهائيا عن الثقافة والمدنية وجميع عوامل الانفتاح الانتقال والتغيير داخل البنى الاجتماعية والثقافية المحركة لها .
في النهاية لا نستطيع ان نخرج من هكذا واقع قاتم ومأساوي إلا من خلال التطور والبناء لقيمة الديمقراطية في العراق بشكل حقيقي، من خلال الدستور الذي سوف يستوعب الجميع وبشكل مدني وحضاري من غير تكلس ماضوي او الاعتماد فحسب على ما نملك من ثقافة وتصورات وبنى وانساق معرفية ، حيث من المعروف ان المدنية في العراق مغيبة الى حد كبير لذلك يجب الاعتماد على المصادر المعرفية الحديثة في صياغة دستورنا الجديد غير قابل او غير مرتبط بعنصري النهائية والجمود الفكري ، الذي يتيح المرونة والعقلانية وامكانية التعديل والتطور مع درجة الرقي والتغيرات التي من شأنها ان تحدث الاختلاف وتؤسس العراق المدني الجديد ، من خلال الانتخابات القادمة التي يجب ان يشترك فيها الجميع لانها تعنينا وتعني عراقنا الجديد الذي نحلم به عراقا ديمقراطيا ينعم بالهدوء والسلام واحترام كرامة الانسان من حيث جميع الشروط الاقتصادية والاجتماعية والانسانية .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة الاستبداد - دولة الحرية
- قبول الاخر
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وليد المسعودي - الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب