أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وليد المسعودي - قبول الاخر















المزيد.....

قبول الاخر


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1237 - 2005 / 6 / 23 - 09:52
المحور: المجتمع المدني
    




يشكل نسيج المجتمع التعددي القائم على ثقافات ورؤى مختلفة ومتباينة فيما بينها ومدركة لقيمة او فكرة ان( الاخر) خصوصية انسانية وجوهرية اصيلة لا ينبغي ممارسة الاقصاء عليها فكرا وسلوكا ، ومن ثم تنزوي هذه الذات الفردية او الجمعية في حالة الاقصاء او التهميش الى ترددات عنفية طويلة الامد تشكل مع الاخرين رفضا مطلقا لمجرد انهم يختلفون معه ويساهمون في سرد او نشر خصوصياتهم الاجتماعية والثقافية والانسانية ...الخ ، فالاخر الذي يعيش الاحباطات المادية والوجودية لايسعه ان يفكر بالاخرين لان ذاته تعاني من الاقصاء والتهميش ، ومن ثم يصار الى قاعدة فاقد الشئ لايعطيه .

الاخر هنا ذاتنا التي تفكر وتستجيب لحالات وصور وتجليات تحمل في داخلها مقدارا من الحقيقةالتي يراد لها ان تنبثق الى الاخرين ، والاخر هنا ذات المجتمع الحامل لقيم وافكار وعادات لديها رسوخ معنوي عبر سلوك معين او طقوس معينة ، وهنا ذات المجتمع تتحول الى ذوات كثيرة تبعا للانقسامات الاجتماعية السائدة في مجتمع معين ، فمجتمع مثل المجتمع العراقي يعيش في ازمنتنا الحاضره تشظيا وتوزعا كبيرا للقيم والافكار والمعنويات السائدة فالاخر ما يزال يعاني الاقصاء المباشر لانه يختلف مع الذوات الاخرى ولديه جهازه وسلوكه الاجتماعي ، وذلك نتيجة طبيعية للاقصاء الذي مورس على جميع الذوات العراقية الامر الذي ولّد نظاما مطلقا من الافكار والقيم ما نزال نراه بشدة في تعامل بعض التيارات الاصولية او التي تنعدم لديها ديناميكية الاحساس بالاخرين ، وهؤلاء الاخرون يمثلون اكتمالا حقيقيا للذات نفسها ، فالذات البشرية لاتستطيع ان ترى الحقيقية إلا وهي مدركة ضمن سياقها او نسقها الفكري والعقائدي ، ولكن وجود الاخر المتعدد يعمل على زحزحة نماذج الحياة المتكلسة والقائمة على صور تقليدية وبدائية في تعاملها مع الحداثة والتجديد والمعاصرة ..الخ ، اي انها تفتقد الى روحية الاحساس بالاني الحاضر المعاش ولاتؤمن بالتجربة والملاحظة وجميع انبثاقات عوامل وقواعد الاستدلال التي يقوم عليها العقل الحديث المعاصر ، فالحداثة لاتفكر بالاشخاص كقيمة مطلقة يراد فرضها على الاخرين ، ومن ثم تصبح هذه الذات او الشخصية تعيش في عالم سرمدي بعيد عن اي محتوى بشري ، إذ ما تزال تعيش مجتمعاتنا في نسق فكري واجتماعي مغلق يخضع الى عبادة الافراد والزعامات الهائلة والمحركة للجماهير ، بحيث ان التغيير لايتم إلامن خلال قدرة هذه الزعامات ودورها في عملية اضفاء الكمال والنقاء على الاخرين( الجماهير) وجميع الطبقات التي تنصهر في بوتقة من الاغتراب والاستلاب الثقافي والمعرفي والايماني حتى اي الايمان بقدرة الذات البشرية على ممارسة التغيير داخل فضاء المجتمع .

ان تأثير الزعامات من الممكن ان يحد من عامل التطور وبناء مجتمع انساني ترسخ فيه قيم المجتمع المدني القائم في الاساس على قيمة المواطنة ،وان الانسان مواطن لديه خصوصية تتعلق به كذات بشرية قابلة للاختلاف والتباين وبناء منظومة افكار خاصة بها .

لقد كان ماركس يعد الدين زفرة الانسان المضطهد ، ومن ثم هو افيون الشعوب وهو كذلك في حالات معينة وازمنة معينة عندما تخضع الجماهير الى عملية غسيل دائم لوعيها وادراكها من قبل القائمين على الثقافة السائدة ، ولكن هناك من يرى الدين فيتائمين الضعفاء الذين جردوا من ابسط الحقوق والرغبات ، ومن ثم يغدو امر الغاء خشبة الخلاص بالنسبة لديهم تجنيا وظلما انسانيا يتبع ذلك الظلم الذي يمارس عليهم اقتصاديا وثقافيا ووجوديا ..الخ ،هذه العباره ( افيون الشعوب ) قيلت في زمن مغاير للازمنة المعاصرة لمجتمعاتنا بحيث استخدمت بشكل عدائي وساذج من قبل اكثر التيارات الشمولية التي لا تعرف ان تضفي قيمة الاخر ضمن نسقها الايديولوجي . كل ذلك من اجل ان تؤسس كيانها وموطنها المنشود عبر الية حديدية صارمة من الافكار والانساق التي لايمكن ان تتحقق الامن خلال حزب جماهيري حديدي يدمر آلة الدولة ( البرجوازية ) والنتيجة تأسيس دولة استبدادية تفرض نسقها ولاهوتها القروسطي الجديد على الاخرين ، ومن ثم تبتعد عن تأسيس مجتمع التعايش السلمي وقبول الاخر الانسان فكرا وجوهرا .

ان مجتمعنا العراقي يغيب عن نظامه المعرفي والايديولوجي القائم على ثقافة شمولية رسختها الدكتاتورية في العراق فكرة قبول الاخر ، والاخر مرة اخرى ذلك الحراك الاجتماعي والابداعي رجلا او امرأة ، ما تزال النظرة الى الاخر المرأة تتم عبر آلية الامتهان والانتقاص والتردي القيمي والاخلاقي لجسدها وقدرته على التحرك داخل فضاء المجتمع ، إذ لاتوجد لدى ذلك الاخير منظومة معرفية تعمل على نشر ثقافة التسامح مع الاخرين

وان وجدت فأنها تظل قائمة على طبقة نخبوية لاتشكل حضورا واضحا لدى اكثر الطبقات الاجتماعية التي تنساق عادة وراء جميع الكليشيهات الجاهزة التي تفرضها تيارات غارقة في الامية والجهل ، وذلك لاينطبق على مجتمعنا العراقي لانه عاش فترة ظلامية طويلة فحسب بل ينطبق ايضا على المجتمع العربي بشكل عام، إذ ماتزال اهمية نشر الوعي والازدهار الثقافي ودعم الجانب الروحي والمعنوي ضعيف ومتردي لدى الانسان العربي ، بحيث يعد العرب اقل الدول المستهلكة للثقافة والكتابة والابداع والترجمة إذا ما قورنت مع دول اخرى مجاورة ليست عربية مثلا او مع الدول المتقدمة حيث تعد اليابان اكثر الدول استهلاكا للترجمة من كل بقاع العالم .

في النهاية كيف من الممكن ان تؤسس ثقافة قبول الاخر من خلال 1- وجود مجتمع مدني قائم على ترسيخ حقيقي لقيمة المواطنة وفكرة الحرية لانها اساس جوهر لتطور المجتمع البشري 2- الاعتماد على تجربة الحداثة وارتباطها بالزمن والتاريخ البشري المعاش من خلال تجريد التاريخ من صفته المطلقة القائمة على توليد مجموعة هائلة من الكاريزمات والاشخاص اللازمنيين ، والحداثة هنا ليس التحديث الذي يراد منه التغريب والابتعاد عن جوهر الثقافة العربية الاسلامية، من خلال إعادة قراءة التراث بأسلوب جديد ومعاصر والاستفادة من تجارب الدول التي حاولت ان تقفز المراحل وتحرقها من خلال ثقافة ثوروية زائفة ، فالتغيير لايتم من خلال تغيير الاوضاع الاقتصادية والسياسية لدى مجتمعات معينة فحسب بل هناك عامل المعرفة والتنوير وممارسة التغيير الداخلي للبنى والانساق الاجتماعية والثقافية داخل فضاء المجتمع .

3- تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة للحاجات البشرية المادية والمعنوية وممارسة عملية استئصال حقيقية لثقافة رسخت في مجتمعاتنا كل عوامل التوتر وبؤر ومراكز العنف والاقصاء للاخرين حتى اصبحت مجتمعاتنا قابلة لتوليد الكثير من مصادر العنف والاستبداد والتسلط .

4- وجود دولة مستقلة لديها سيطرة كبيرة على قرارها السياسي والاقتصادي ومجمل التطورات التي تنبثق من رحم المجتمع البشري القائم على التعددية السياسية والاجتماعية والثقافية الى حد كبير .

_______




#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وليد المسعودي - قبول الاخر