أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الوطنية العراقية وخيانة النخب الحديثة (2/2)















المزيد.....

الوطنية العراقية وخيانة النخب الحديثة (2/2)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5571 - 2017 / 7 / 4 - 14:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يفترض الايديلوجيون الحزبييون ان العراق سائر نحو تحقيق مايسمونه" ثورته الوطنية" اي البرجوازية، معتقدين على وفق النموذج الغربي، حتمية انتقال الامم الى المرحلة البرجوازية، بصفتها القدر الحديث الاعلى الذي لاشذوذ عنه، ولامهرب لاي امة او شعب من شعوب الارض، لهذا يعمد هؤلاء وبناء على مقترح استشراقي استعماري، اسسه الضابط الملحق بالحملة البريطانية ( فيليب ويرلند)، بان العراق الحديث يبدأ وينبثق مع قيام "الدولة الحديثة" عام 1921 اما من يعتبرون انفسهم "وطنيين" و"تقدميين يساريين" فيعتمدون ثورة 1920 منطلقا لظهور العراق الحالي، مطلقين عليها صفة الثورة الوطنية العامة الكبرى.
هذه التاسيس لسردية تاريخ العراق الحديث، هو بالاصل سردية استعمارية غربية، مخالفة كليا لجوهر وحقيقة للسردية الوطنية الامبراكونية العراقية الغائبة ،التي تتناسب مع طبيعة وغراض ومحركات ثورة 1920 ولاغية لها، فالعراق الحالي هو عراق الدورة الحضارية الثالثة، بعد الدورتين الاولى السومرية البابلية، والثانية العباسية القرمطية، وانقطاعين حضاريين، هما من خاصيات هذا الكيان التاريخية، وقد توقفت حالة الانقطاع الثانية، وبدات مفاعيلها بالتراجع مع القرن السابع عشر، حينما بدات الاتحادات القبلية وفي مقدمها "اتحاد قبائل المنتفك" بالظهور في جنوب العراق، ويلاحظ هنا قصر فترة الانقطاع الحالية الاخيرة المستمرة بين 1258 مع سقوط بغداد، الى القرن السابع عشر، بالمقارنه بالانقطاع الاول الذي استمر من سقوط بابل 539 قبل الميلاد،الى الفتح العربي 636 م، وكما هي خاصية كيان الازدواج ا المجتمعي الكياني الامبراكوني، فان التشكل الحضاري في كل دورة حضارية، يبدا عادة، وكقانون ثابت " ينطوي على ديالكتيك خاص من الجنوب، هكذا كان في الدورة الاولى (العبيديين وسومر حتى بابل)، وهكذا في الثانية،( الكوفة والبصرة حتى بغداد) اولا، وهكذا في الدورةالحالية الثالثة، من ذي قار، اي نفس ارض سومر مكررة في الحاضر.
قبل حضور الغرب والاستعمار، مر التشكل الوطني العراقي الحديث ( الدورة الحضارية الثالثة) بحقبتين تاريخيتين، احتوتا على مظاهر غنية، لازمت عملية التقدم صعدا الى الاعلى بقوة مفعول ( ديالكتيك) نطاق مجتمع اللادولة المطابق لطبيعة العراق الاسفل، حيث نظام الارواء موجود بشاكلة بنيوية تمتنع عن افراز السلطات المنفصلة التمايزية، في كيان لاتتماثل فيه عوامل ومحددات التشكل المجتمعي، ( تعدد نظم الارواء)، بل تختلف من ارض السواد حيث التركز الاعلى للاليات الحضارية الانتاجية، الى مافوق بغداد، الديمية الرعوية، المؤهلة لاقامه مجتمع تمايز قبلي مفتت، مع امكانية انفتاحه في حالات الضعف والانقطاع على الخارج، حيث تقام دول برانية غير وطنية، ولا تعاني من ضغط المجال الاسفل اللادولوي، وثمة في العصر الحديث، ماقد التحق بالمجالين الانفين في المناطق الجبلية العليا الكردية، الاقرب للبنية الاقطاعية التقليدية الاوربية مع جمود بنيوي وضعف دينامية.
ومع عودة التشكل الوطني لمجتمع اللادولة في الجنوب، يبدا الكيان المزدوج برمته بالانبعاث، وتصبح فرص الدول والحكومات البرانية شبه منعدمه، لصالح انماط من الدول الامبراكونية "الوطنية"، وهو ماحفز في العصر الحديث، وخلال تركز الحقبة القبلية انتقال السلطة في بغداد ليد المماليك ( 1704/1831). على اعتبارهم فئة بغدادية متداخلة مع المجتمع البغدادي، ويتحلون ببعض سمات، تجعلهم اقرب للمزاج الوطني المحلي المديني، والى العامل البنيوي المستجد جنوبا، تعود ظاهرة الرموز المملوكية الكبيرة، مثل سليمان باشا الكبير، الذي قضى على الثورة الثلاثية 1787 ،والوالي الجبار داود باشا اخرهم 1817/1831 المشبه بمحمد علي مصر، والذي اقام جيشا هائلا من 100 الف جندي.ان نهاية حكم المماليك على يد علي رضا باشا، عام 1831 وهو مايعرف باالاحتلال التركي الثالث للعراق،كان استباقا سببه احتدام التنافس العربي الجنوبي المملوكي البغدادي،على حكم العراق،مادفع بمركز السلطنة العثمانية لاستدراك احتمالات تطور الصراع لدرجة قد تفضي لاستقلال العراق، والمعروف ان الاحتلال ترافق مع انتفاضة بغداد ية شعبية عام 1831 ( يطلق عليها زكي خيري اسم ثورة ويسميها ـ ثورة بغداد في 13 حزيران 1831ـ) مايكرس عودة فعل الاليات الوطنية الامبراكونية وتناميها الشامل(2).
لم يحدث مطلقا ان استنطق الحزبيون الايديلوجيون، اكثر من قرنين من التشكل الوطني الحديث او اعتبروه تشكلا " وطنيا، فالوطنية الحديثة " افكار جديدية" كما سيرد معنا، فلم يحاولوا تحري طبيعته وتوالي حقبتيه الراهنتين، ولا وطبيعة عمل الاليات التاريخية الحضارية المستجد( يحدث في اقصى الاحوال ان تذكر تحركات وانتفاضات ريفية ومدينية جرت في العهد العثماني ) (3)، مقارنة بالدورتين الاولى والثانية، وحين نقرأ النصوص التاسيسية لهؤلاء، نذهل من مدى تنكرهم الكلي لكينونتهم الحديثة، ذلك مع العلم انهم لايكفون يدعون انتمائهم لنوع من الوطنية، هي بالاحرى الغاء للوطنية، يقول كامل الجادرجي في نص نموذجي دال: " قبل الاحتلال الانكليزي للعراق، واثناء الحرب العالمية الاولى، وخلال العهد العثماني، لم يكن هناك مظهر بارز لحركة وطنية حقيقية في العراق. لقد كانت هناك فئات وطنية صغيرة كما كان هناك افراد قلائل يحملون افكارا( الوطنية افكار/الاستدراك مني) وطنبة وقومية تنطوي على مناهضة الحكم العثماني، ولكنها كانت حركة ضعيفة غير منظمة،وكان مظهرها اكثر بروزا ماارتبط منها بالحركة القومية العربية التي نشات لها مراكز خارج العراق في الاستانة او بعض المدن العربية، ولم يكن هناك الا صدى ضعيف لذلك داخل العراق. وقد كان الوضع العام في العهد العثماني يتميز ببعد الناس عن السلطة ذلك البعد الذي كان اكثر عمقا في الريف والقرى والبوادي" (4) الى ان نصل الى ثورة العشرين وقيام الدولة الحديثة على يد المحتلين، بما يعني ان الانكليز لم يفكروا فقط باقامة " حكومة من اهل البلاد" بل واوجدوا شروط "الحركة الوطنية الحزبية الحديثة الايديلوجية" التي ستمارس منذ ظهورها، مهمة الغاء العراق ماقبل الدولة الحديثة، لصالح عراق متخيل، مطابق لصورة ونموذج الغرب الحديث.
هل الحداثة والوطنية افكار مستوردة ام فعل تفكري في الواقع وممكنات ومايمكن او هو بالفعل منطو عليه، لقد عجز هؤلاء وهزموا في الامتحان الاول التاسيسي، بان حولوا مهمتهم الوطنية الى الغاء للوطنية، ليظلوا يمارسون الفعل الايديلوجي المضاد لحقيقة العراق، وقد يكون مثل هذا المآل منطبقا على عموم مجال المنطقة الابراهيمة الناطقة بالعربية، الا انها تتحول في العراق الى خيانة للتاريخ تتعدى اثارها العراق الى المنطقة المحيطة شرقا وغربيا/ عربيا، فالعراق في دورته الثالثة، ولو ان هؤلاء ارادوا ان يلاحقوا طبيعته ودوره التاريخي، قد تنطوي على عكس مااعتقدوا اسبابا متجاوزة للغرب، ووفق التبادلية الحضارية بين الغرب والشرق المتوسطي فان القرن السابع عشر قد يكون تاريخا يؤشر لانتقال الفعالية الحضارية من اوربا.
هل يمكن ان تكون عملية التشكل الامبراكوني العراقي منذ القرن السابع عشر، هي سيرورة "مابعد غرب" ؟اي وحكما، مابعد الايديلوجيات، ودورها وفعلها المنتهي الى كارثة؟سيكون اثبات مثل هذه الفرضية من المهمات التاريخية الكبرى، غير المسبوقة، الا انها السبيل الطبيعي في التعامل مع واقع العراق ودوره، وطبيعته والعالم، سواء المحيط به، او الابعد، وهي ماكان على النخب التي تصدت لمهمات الوطنية الحديثة ان تنكب عليه، وتمضي الشطر الاكبر من القرن المنصرم في البحث عنه، ومحاولة اظهاره وتجسيده، اذا كانت، او لو انها كانت من نوع القوى التاريخية، التي لاتعيش عمرها اتباعا واستعارة، بل تناغما مع موضع ابداع تاريخي حضاري، يفترض انها سليلتة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نفصل نظرتنا للبنى الاربع التي يتشكل منها مجال الابراهيمية في "ارضوتوبيا العراق وانقلاب التاريخ" دار الانتشار العربي/ بيروت 2008.
(2) يراجع " من تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق 1920/1958) سعاد خيري/ ط2 ج1 دار الرواد للطباعه / بغداد ص 13 ومابعده.
(3) نفس المصدر.
(4) كامل الجادرجي / مذكرات كامل الجادرجي وتاريخ الحزب الوطني الديمقراطي/ دار الطليعه/ بيروت ص20.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)
- الثورة المؤجلة : الخلاص من الايديلوجيات (ملحق)
- الثورة المؤجلة : سيرة الامبراكونيا (ملحق)
- الثورة العراقيية المؤجلة وتخلف النخب ( 2/2)
- الثورة العراقية المؤجلة وتخلف النخب (1/2)
- هزيمة المشروع الوطني العراقي: من المسؤول عنها ؟
- - الطائفوقراطية- واليسار كطائفة ؟ (2/2)
- -الطائفوقراطية- واليسار كطائفه؟(1/2)
- عراق - اللادولة- وخرافة - الدولة المدنية- (2/2)
- عراق - اللادولة- وخرافة -الدولة المدنية- (1/2)
- ثورة داخل الابراهييمة: هزيمة مزدوجه(3/3)
- ثورة داخل الابراهيمية (2/3)
- ثورة داخل الابراهيمية ( 1/3)
- عراق بين منقلبين: حزبي ووطني ( 2/2)
- عراق بين منقلبين: حزبي ووطني ( 1م2)
- نداء للمشاعيين العراقيين خارج الحزب
- المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 3/3)
- المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 2/3)
- المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 1/3)
- المستيقظون المتاخرون و-الدولة المدنية الدليفري-(2/2)


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الوطنية العراقية وخيانة النخب الحديثة (2/2)