أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عطا درغام - مصر في الأساطير العربية















المزيد.....

مصر في الأساطير العربية


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 17:45
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مصر طوال تاريخها القديديم بهرت الإغريق ، وتودد الإسكندر الأكبر إلي شعبها حين زعم أنه ابن الإله آمون ، وتبني البطالمة الديانة المصرية القديمة بكل ماتحمله من أساطير ، وذابت السلالة الببطلمية وتمصرت وصارت ثقافتها هي ثقافة كل المصريين. وحين جاء الإسلام تصحبه اللغة العربية ، امتزج ما جاء به الإسلام بتراث مصر العريق ولم يتنكر العلماء والباحثون المسلمون لتراث مصر القديم – كما يفعل السفهاء اليوم بزعم أنه تراث وثني- وإنما انبهروا به وتبنوه، وأظهروا إعجابهم بالحضارة المصرية القديمة ونسجوا حولها الأساطير التي أضافوها إلي رصيد مصر الثقافي ، ولأن الأساطير تحمل الذاكرة الاجتماعية وتعبر عن العقلية التي صاغتها فقد كان طبيعيا أن نجد في الأساطير العربية التي حملتها كتب المؤرخين المسلمين أصداء تتعلق بأرض مصر ، ونيلها وأصول شعبها ورؤية المصريين لأنفسهم
ومن هنا تأتي أهمية الدراسة التي يقدمها الدكتور عمرو منير في هذا كتاب(مصر في الأساطير العربية)، وهي بالتأكيد الدراسة الأولي التي بحثت في منطقة الحدود بين التاريخ و الموروث الشعبي وفي هذه الدراسة يقارن الدكتور عمرو بين القراءة الأكاديمية العلمية للتاريخ والقراءة الشعبية
ويؤكد الباحث مشروعية هذه الدراسة التي تحاول أن تملأ فجوات في بنية ( المسكوت عنه تاريخيا عمدأ او دون قصد) في المصادر التاريخية التقليدية ، التي لا تستطيع وحدها أن تقدم إلينا الحقيقة التاريخية ، إذ إنه لا يمكن للشهادات الجزئية أن تقدم إلينا الحقيقة التاريخية ، وإنما غاية ما يمكنها أن تقدمه إلينا جانبا جزئيا من تلك الحقيقة التاريخية.
فالتاريخ وحده لا يمكن أن يطلعنا علي وجدان الشعب ، لأنه يصنف الحوادث ويحتفل بالأسباب والنتائج ، ويتسم بالتعمية وقد أخذ هذا التاريخ في صورته الرسمية إلي سنوات قليلة خلت، يقص سيرة مصر وبلدان المشرق عامة من قمة الكيان الاجتماعي ، ويرتب مراحل هذه السيرة بالدول الحاكمة، أي تاريخ القمم ، بحيث إنها نادرا ما تطرقت إلي تاريخ الناس العاديين الذين يقبعون في ( سفوح المجتمعات) مما جعلنا نستقريء تراثا ناقصل ولا نلتفت إلي ما أنشأه الشعب لنفسه عن نفسه
ويذهب الباحث إلي أن تراثنا العربي الذي وصلنا من عصور التألق الفكري في رحاب الحضارة العربية الإسلامية ، قد ضم الكثير من الموروث الشعبي بين صفحات الكتب التاريخية والأدبية والرحلات ، فضلًا عن الموسوعات ودوائر المعارف المتخمة بالأساطير والحكايات الشعبية والأحاجي والألغاز والمحاورات الفكاهية والسير والملاحم الشعبية والطرائف وما إلي ذلك، كلها فنون تنطوي علي قيمة إنسانية ليس من الصواب الاستعلاء عليها ، خصوصا وقد دونها لنا أعلام الثقافة العربية
وتحاول هذه الدراسة إثارة الوعي أو عودة الوعي بتراثنا الحضاري ، والمتأمل في موضوعات الدراسة يلمس خيطًا رفيعًا أو عقدًا فريدًا يربط فصولها ، إذ إنها تعالج فكرة محددة ، فحواها أن التاريخ والموروث الشعبي وجهان متوازيان ، يفهم أحدهما بواسطة الآخر مما يسر علي الباحث أن يتخذ المنهج التاريخي والتحليلي في رصد الأساطير والحكايات الشعبية والخرافية في كتابات الرحالة والمؤرخين القدامي وما نفذ إلي النصوص المتعلقة بمصر من مضامين فكرية ذات محتوي أسطوري موروث من المرحلة الغيبية السابقة التي كانت تشكل آراء التاريخ وموضوعاته ، وعلي الرغم من صياغتها صياغة تاريخية فنية علي يد الرحالة والمؤرخين فإن أصولها لم تستغلق مما جعل الباحث يستفيد من أشتات المعلومات الدينية والتاريخية الممزوجة بالحكايات الشعبية والخرافات والأساطير المتناثرة عن مصر في بطون الكتابات التاريخية والجغرافية
اتخذت الدراسة من "مصر" محورا بوصفها نموذجا يمثل طبيعة العنصر الثابت – نسبيًا- في أركان العملية التاريخية(المكان)، فضلًا عن أنها اكتسبت في مُخيلة الرحالة والمؤرخين والكتاب أبعادا ودلالات اقتربت من الأسطورة والخيال ، وأخذ هذا التصور يتمتع في تلك المُخيلة بصفة تكاد تكون "نمطية" تنطوي علي الصدق حينُا ، وعلي الكثير من التصورات والأوهام الغامضة في أحيان أخري ، ولعل هذه التصورات التي راحت تتضخم عبر العصور هي التي اجتذبت باقة من أعلام الشرق والغرب ،أدباء ومؤرخين وفلاسفة ورحالة وشعراء ، فأقبلوا بأقلامهم وريشاتهم مشوقين إلي روائع الماضي في مصر ، بما تحمله من دلالات جغرافية وتاريخية تمثل نمطا فريدًا مفعمًا بالعلوم والفنون والسياسة والحكم ، ومحورًا للعلاقات القائمة بين إفريقيا وآسيا بين أوربا والشرق بين ذاكرة الماضي والواقع الفعلي ، ومسرحًا لأهم الأحداث التاريخية العالمية
هذه الدلالات كلها كانت الأرضية التي استندت إليها مباديء الدراسة التي تحتوي علي تسعة فصول رئيسية ومسبوقة بمقدمة وخاتمة
تناول الفصل الأول أبعاد العلاقة بين التاريخ والأسطورة ، وأوجه الائتلاف والاختلاف قي ما بينهما ، وتعرض لتعريف كل من التاريخ والأسطورة والأساطير والحكايات
وجاء الفصل الثاني عن الأساطير والحكايات المرتبطة باسم مصر ، وأصول المصريين أنفسهم وما حملته تلك الحكايات الخيالية عن اعتزاز المصريين ببلادهم ، وعن تنازع نسبة أصولهم إلي الحاميين ، أو اليونانيين أو العرب والكشف عن أن هذه الاتجاهات الثلاثة في " الموروث الشعبي" كانت ترضي حاجة ثقافية/اجتماعية لشرائح بعينها في المجتمع المصريآنذاك
وخصص الفصل الثالث لعرض المادة الفلكلورية التي تدور حول "فضائل مصر" باعتباره نوعًا من التأليف نشأ بداية من القرن الثالث الهجري جمع بين التاريخ والأساطير والموروث الشعبي ، وكان إفرازا للتفاعل القائمك بين ما جاء به الإسلام واللغة العربية والموروثات الثقافية المحلية في كل مصر من أمصضار دار الخلافة
وتناول الفصل الرابع الأساطير والحكايات التي تناولت الحضارة المصرية القديمة و؟إنجازاتها التي تشي بمدي إعجاب أصحاب هذه الحكايات وجمهورهم بإنجازات الحضارة المصرية القديمة التي بقيت رغم عوادي الزمن
واستعرض الفصل الخامس الأساطير والحكايات التي تناولت الدفائن والكنوز المصرية وفاعنة مصر التي كان التناول فيها عن الكنوز يحمل شيئا من الحقيقة، علي حين حمل البعض الآخر رائحة المبالغة، وجهد في الكشفت عن صورة ملوك مصر القدامي التي تاهت في كتابات الرحالة والمؤرخين التي حفلت في بعض موضوعاتها بالخيال الواسع
وتناول الفصل السادس أساطير أصول المدن المصرية القديمة ، بما تحويه من أخبار العجائب والغرائب، والذي يدل علي مدي إعجاب الرواة وانبهارهم بإنجازات الحضارة المصرية القديمة، وهو الامر الذي بدا واضحا من خلال تلك القصص الخيالية عن الأعمال الإعجازية لملوك مصر القديمة
جمع الفصل السابع بين الحديث عن عمران مصر وما دار عنه من حكايات شعبية، إضافة إلي الحديث عن العجائب الموجودة علي أرض مصر، علي نحو يكشف عن حجم الخيال الذي غلف تاريخ مصر ، ويكشف عن عجز الرواة عن الوقوف علي تاريخها الحقيقي، التي كانت تحاول أن تقدم إجابات "تاريخية" عن حضارة تليدة مضت، ولكن آثارها ما زالت ماثلة أمام عيون الناس التي تنسب الككثير من منجزات هذه الحضارة إلي أعمال السحر والخوارق بيد ان بعض هذه الحكايات كانت تحمل ظلًا أو نواة من الحقيقة التاريخية في غالب الأحوال
ودرس الفصل الثامن الأساطير والحكايات التي تناولت النيل ومصادر المياه في مصر، حيث أحب المصريون بلادهم وعشقوا نيلهم ، وصاغت أساطيرهم وحكاياتهم الشعبية هذا الحب وهذا العشق صياغةُ جميلة ومثيرة أكدت أن حياة المصريين ووجودهم اعتمدا علي النهر النبيل اعتمادا مطلقا ، وأن إحساسهم بهذا كان كبيرا للغاية
وأفرد الكاتب الفصل الأخير للحديث عن الموروث الشعبي المتعلق بالشخصية المصرية التي ظلت عرضة للأخذ والرد وتضارب الآراء والتحليلات عند المؤرخين عبر عهود مختلفة ، والتي جاءت كتاباتهم متسمة ببعض المبالغة أحيانا والواقع أحيانُا أخري.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة في الفكر الإسلامي
- الأرمن في القدس عبر التاريخ
- التحليل النفسي للجنون
- محاكمة ألف ليلة وليلة
- المسألة الكردية: الوهم والحقيقة
- أسود سيناء
- فنون الحياة
- الدكتور سيد فليفل رائد الدراسات الإقريقية
- القرصنة في البحر المتوسط في العصر العثماني: دراسة تاريخية وث ...
- الولايات المتحدة الأمريكية والقضية الأرمنية 1915 -1923
- حب الوطن بين غياب الوعي وتزييف الواقع
- البانجو خطر يهدد الشباب
- المسرح والسلطة في مصر من منتصف القرن التاسع عشر وحتي ثورة 19 ...
- فلسطين في المسرح المصري: قراءة في النص الدرامي
- التعليم في مفترق الطرق
- التعليم الصناعي ..إلي أين...؟
- السلوك الُمحير للطلاب بين القبول والرفض
- سلطانة الطرب..أول ممثلة مصرية
- موليير مصر.. يعقوب صنوع
- كرامة المعلم


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عطا درغام - مصر في الأساطير العربية