|
مؤمن خلوق أو ملحد داعر !!
ماهر رزوق
الحوار المتمدن-العدد: 5520 - 2017 / 5 / 14 - 23:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مؤمن خلوق أو ملحد داعر !!
دائماً و كعادتي في الكتابة ، أحبّ أن أتساءل ... لماذا أكتب هذا المقال ؟؟ أكتبه لسببٍ بسيط : هو أن مجتمعاتنا العربية لازالت حتى اليوم ، تصنّف الأشخاص في نوعين لا ثالث لهما : المؤمن الجيد و الملحد السيء !!
سؤالي هنا : ألا يمكن للمؤمن أن يكون سيء الخلق !!؟ و كذلك ، ألا يمكن للملحد أن يكون إنساناً خلوقاً !!؟
دخل العالم العربي مرغماً إلى الحداثة ، ولازال حتى الآن لا يتأقلم معها و لا يقبلها ... فهي كالجسم الغريب الذي يرفضه الجسد و يعمل جاهداً للتخلص منه !! فالإنسان بشكل عام و العربي خاصةً ... يرث الدين عن عائلته و يلتزم به كعرف معتمد يربطه بعائلته و أقاربه و جيرانه ... و يرتبط مفهوم الدين لديه بالأخلاق حتى يصعب فيما بعد الفصل بين المفهومين ... و يصعب عليه أيضا أن يتقبل إنساناً جيداً لا يصلي و لا يؤدي باقي الفرائض الدينية !! يسأله مذعوراً : ما الذي يمنعك من السرقة ؟؟ ما الذي يمنعك من ممارسة الجنس مع أختك ؟ ما الذي يمنعك من القتل ؟؟ فالانسان المتدين يخلط بين منظومة الأخلاق و المحرمات في الأديان ... بالرغم من أن الأخلاق هي المنظومة الأقدم و الأبقى حتى الآن !!
المجتمعات العربية اليوم أصبحت مريضة بالنفاق الاجتماعي الذي كان هو حلّها البديل ، لتجاوز الممنوعات التي فرضها الدين عليها ... فكل شيء يباح في الخفاء و كل شيء محرّم في العلن !! أصبح كلا الطرفين ينظر إلى الآخر ، نظرة ريبة و عدم ثقة ... فالملحد يخاف المؤمن و نفاقه ... و المؤمن يخاف الملحد و حريته ... بما أن الحرية في نظر المؤمن تعني أن كل شيء مباح ، بلا ضوابط أخلاقية !!
لاحظ معي أن نسبة الالحاد ، أو فقدان الاهتمام بالدين تزداد في أزمنة الحروب و بين أوساط اللاجئين إلى الدول الأوروبية !! لأن الانسان لا يسأل الأسئلة الوجودية الكبيرة و المصيرية في حالات السلم و الرخاء ... و انما يسألها عندما يتعرض لأزمات و مشكلات لا يجد لها حلولاً منطقية !! و أزمة المجتمعات العربية الأخيرة ، جعلتها تتعرف على تعريفات حديثة كانت تجهلها ، كتعريف الملحد و اللاديني و اللاأدري و غيرها !! فاختلاف التعريفات يؤكد أن الانسان لا يمكن بعد الآن أن يصنف ضمن صنفين فقط ... أي إما مؤمن أو كافر !! و عندها أيضاً يجب أن نعود إلى سؤالنا الأول : هل يعقل أن الملحد الذي تخلى عن فكرة الله و الدين ، سيتحول مباشرة إلى حيوان متوحش ، لا يضبطه عرف أو عادة أو تقليد أو خلق !! و هل يعقل أن المؤمن لا يمنعه شيء من فعل السوء ، سوى الدين و خوفه من العقاب !!
لنفرض معاً أنّ دراسة علمية مثبتة بالأدلة القاطعة و غير القابلة للطعن ، أكدّت أن الأديان صناعة بشرية و لا يوجد إله حقيقي ... بل إن الإله كان مجرد فكرة لتساعد الانسان على ترويض شهواته و ضبط نفسه ... و لتسهل قيادته و السيطرة عليه ... هل يعقل إذا تأكدت صحة هذه الدراسة ... أن نصبح حيوانات جائعة وشبقة و لا يمنعنا شيء عن سرقة و قتل و اغتصاب بعضنا البعض !!
ما أود قوله : أن الأخلاق كانت و مازالت ، اتفاقاً بشرياً لتنظيم الحياة الاجتماعية المعقدة التي نتجت من التزايد السكاني و انتظام الناس في تجمعات صغيرة أخذت تكبر شيئاً فشيئاً ، و أصبحت في حاجة ماسة إلى ضوابط لسلوكياتها الشاذة أو المؤذية ... و هنا نستطيع القول أخيراً ، أنه لا يمكن أن نحكم على أخلاق إنسان من درجة تدينه و إيمانه فقط لا غير !! و كذلك لا يمكننا أن نحكم على انسان آخر بأنه شخص سيء ، فقط لأنه غير مؤمن !!
MAHER RAZOUK
#ماهر_رزوق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيزوفرينيا المرأة العربية
-
اسطنبول : دفء الحب و قسوة العزلة
-
الجرح النرجسي العربي
-
قصيدة : كانت جميلة جدا
-
الخطأ و الصواب (1)
-
الهجرة و الفصام الاجتماعي
-
قصيدة بنكهة الروايات العظيمة
-
قصيدة اسمها : أبواب الجحيم
-
الصراع الشيعي السني في سوريا
المزيد.....
-
مصر.. شهادة -صادمة- لجيران قاتل -طفل شبرا-: متدين يؤدي الصلو
...
-
السعودية.. عائض القرني يثر ضجة بتعداد 10 -أخطاء قاتلة غير مع
...
-
كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط
...
-
العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في
...
-
لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان
...
-
عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي
...
-
إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو
...
-
الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
-
شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|