أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماهر رزوق - الجرح النرجسي العربي














المزيد.....

الجرح النرجسي العربي


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5517 - 2017 / 5 / 11 - 00:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أولاً أحبّ أن أوضح أن مصطلح الجرح النرجسي ، المهم جداً من وجه نظري الشخصية ... هو مصطلح عرفته لأول مرة من الكتب القيّمة للمفكر السوري الراحل (جورج طرابيشي) ، ذلك الرجل الرائع الذي أغنى تساؤلاتي عن واقع تخلف العقل العربي و أسباب ذلك التخلف الذي ينخر في مجتمعاتنا المعاصرة التي مازالت عاجزة عن تقبل هذه الحقيقة و ممارسة عملية النقد الذاتي التي تساعدها على تشخيص المرض أولاً ، ثم الانتقال الى مرحلة العلاج ...

نتعلم من تجربة جورج طرابيشي مع الجابري ، درساً مهماً جداً ... ألا و هو أن الصحوة بعد فوات الأوان ، تكلف ثمناً باهظاً ، كما كلفته عمراً كاملاً في تحليل و نقد كتب الجابري ... ذلك العمل الذي لم يكن إلا تكفيراً عن الذنب ، مع اعتبار أهميته الفكرية طبعا !!
جورج طرابيشي الذي كان هو أول من أشاد بعمل الجابري (نقد العقل العربي) و شجّع عملية نشره بقوة ، قبل أن يهاجر إلى فرنسا بسبب الحرب في لبنان ... اكتشف فيما بعد الأخطاء القاتلة و المعلومات المغلوطة الكثيرة في أعمال الجابري ، و ذلك عندما عاد إلى المصادر التاريخية و العلمية و تأكد بنفسه من عدم صحة كتير من ادعاءات الجابري في كتبه ...
هنا كانت لحظة الفصل في حياة طرابيشي الفكرية ، حيث قرر أن يكفر عن ذنبه في دعم هذه الأعمال قبل التأكد من مصداقيتها و دقتها ، و يبدأ بعمله المضاد ، ألا و هو (نقد نقد العقل العربي) ...
إذن الصحوة هي أول الطريق للإصلاح ، و الاعتراف بالخطأ أيضاً ... أما الاعتداد بالرأي رغم خطأه و الاصرار على نفس الطريق رغم نتائجه السيئة ماذا يسمى ؟؟ و ماذا ينتج عنه ؟؟ و كيف نتعامل معه !!؟

نعود إلى مصطلح الجرح النرجسي لنشرح أسباب إصابة العقل العربي بذلك الجرح العميق و نتساءل عن امكانية علاجه و المضي قدماً نحو مرحلة الحداثة و ما بعد الحداثة التي سبقه العقل الأوربي إليها بأشواطٍ كثيرة !!
الجرح النرجسي حسب تعبير طرابيشي ، لم يصب العقل العربي فقط ، و إنما أصاب العقل الأوربي و الغربي من قبل ، و نتج عنه القطيعة الأبستمولوجية (المعرفية) بين العقل الأوربي و طريقة العيش و التفكير القديمة ، و تمثل ذلك في عدة أحداث هامة ، نذكر منها نظرية كوبرنيكوس التي نسفت فكرة تسطح الأرض ... و نظرية داروين التي نسفت قصة الخلق الدينية ... و نظرية فرويد التي أدخلت مفاهيم جديدة و عميقة عن النفس البشرية و كيفية فهمها و التعامل معها !!
لكن العقل الغربي تمكن من تجاوز ذلك الجرح و التعايش معه ، بل و الاستفادة من أخطائه القديمة في التعامل مع الحياة و الكوكب و الإنسان ذاته !!
أما العقل العربي الذي كان العقل الغربي المتقدم (و الكافر بنظره) هو سبب إصابته بجرحه النرجسي ، حتى الآن مازال يعاني من أعراض مرضه المهمل و المعيق لتقدمه و اعتلائه عجلة التطور و التحرر الفكري _من الايديولوجيات القائمة_ و الذي بدوره يقود إلى التطور التكنولوجي و العلمي ...
لكن كيف يتحرر العقل العربي من الايديولوجيات القائمة و التي حتى اليوم لم تزل مصدر فخره و اعتداده بنفسه و توهمه بأنه النوع الانساني المتفوق عقلياً و دينياً !!
كيف يتحرر من ايديولوجيات تجعله العرق و النوع المفضل ليس بنظر نفسه فقط ، و إنما بنظر الإله أيضاً !!
الانسان العربي المتدين لازال حتى الآن يؤمن بأن لغة الجنة هي العربية ، و أن الإسلام هو الدين الوحيد الصحيح ، و أن فرقة واحدة من فرقه فقط هي الناجية في يوم الآخرة ، و أن تقدم الغرب لا يعني شيئاً في الدنيا بما أنه خسر الآخرة ... بينما كسبها انساننا العربي الذي لا يتساءل عن أي شيء في الحياة إلا و يلقى له الإجابة الجاهزة في الكتب الدينية و الفقه الاسلامي و فتاوى الشيوخ ....
انساننا العربي مشبع بالخوف ، لذلك هو لا يقدم على أي شيء قبل أن يتأكد من مشروعيته التي يمنحه إياها الدين دون العقل ...
هو مشبع بالخوف لكنه يرفض الاعتراف بذلك و يظهر العكس تماماً لمن يجادله و يناقشه ، فيظهر نرجسيته الواهية ليثبت لنفسه أن كل التقدم الذي ينعم به الغرب لا ينفع شيئاً مقابل الثروة الحقيقية التي يمتلكها هو !!
نرجسية الانسان العربي تتعرض كل يوم لصفعات قوية جداً من الغرب و العالم الاوربي الذي بدأ يتحكم حتى في طريقة حياة ذلك العربي المغلوب على أمره و الذي يلعق جرحه بصمت ، و يكتفي بالحديث عن أمجاده القديمة التي أكل عليها الزمان و شرب !!



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة : كانت جميلة جدا
- الخطأ و الصواب (1)
- الهجرة و الفصام الاجتماعي
- قصيدة بنكهة الروايات العظيمة
- قصيدة اسمها : أبواب الجحيم
- الصراع الشيعي السني في سوريا


المزيد.....




- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
- خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ...
- الأرجنتين: القضاء يعتزم محاكمة مسؤولين إيرانيين سابقين غيابي ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...
- حبس رئيس الأساقفة في أرمينيا بتهمة تنفيذ محاولة انقلاب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماهر رزوق - الجرح النرجسي العربي