أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة 19















المزيد.....

دماء على كرسي الخلافة 19


علي مقلد

الحوار المتمدن-العدد: 5511 - 2017 / 5 / 4 - 13:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشعارات البراقة كانت دائما وسيلة جماعات الإسلام السياسي لجذب الأنصار وتجيش الجيوش من أجل الوصول إلى السلطة ، لكنهم دائما ما يكذبون ويقولون غير ما يفعلون ، ويستحلون تحت بريق تلك الشعارات كل المحرمات من قتل وسبي ونهب ، ومقولتهم الدائمة "كل الوسائل مشروعة وكل الطرق متاحة طالما نهايتها "التمكين" لشرع الله" ، وفق نظرياتهم وأهوائهم ، ولعل فرقة الخوارج أول شجرة نبت في خضم الصراع بين المسلمين على السلطة ، ما زالت تطرح شوكا وبذورا خبيثة في كل مكان وزمان ، كلما قطع دابر جماعة ، جاءت أخرى بأسماء مغايرة وأفكار مشابهة ، وجميعهم يتفقون في نفس الهدف والغاية ، وهو الوصول إلى السلطة وإن سبحوا في بحور الدم ومشوا على جماجم البشر .
كنا قد توقفنا في المقال السابق عند مقتل الخليفة عبد الله بن الزبير ، على يد القائد العسكري الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي ، وبذلك انتهت وإلى الأبد خلافة بن الزبير التي دامت أكثر من ثمانية سنوات وانفرط عقدها ، ليصبح عبد الملك بن مروان خليفة أوحد للإمبراطورية الإسلامية ، لكن فرحة الأمويين بالنصر لم تكتمل ، حيث كانت فرق الخوارج المنتشرة في عدة أماكن من الدولة الإسلامية تؤرق نوم الخليفة في مضجعه ، خاصة أنه يعلم أن هؤلاء أولي بأس شديد في القتال ، وإن كانوا سحبوا سيوفهم على ، علي بن أبي طالب ولم يسمعوا له نصحا ، فمن باب أولى أنهم لن يرضخوا لحكم بني أمية إلا بالسيف الباتر ، وهو ما كلف به بن مروان قائده الحجاج الثقفي ،حيث أمره بقتال الخوارج وقطع شأفتهم وإبادتهم عن بكرة أبيهم حتى تحلو له الحياة وتطيب له ولعائلته من بعده ، ثمار الإمبراطورية مترامية الأطراف ، وهو ما سيتمكن منه الحجاج لاحقا بعد صراع دام وموحش مع فرق الخوارج .
لكن قبل الحديث عن صراع الخوارج والأمويين على السلطة ، كان لزاما علينا أن نعرج ولو باختصار على تاريخ وفكر وطبيعة وشخوص "الخوارج"، حتى وصولهم لنقطة الصدام مع الأمويين ، وغني عن الذكر أن الخوارج فرقة نشأت في نهاية عهد الخليفة عثمان بن عفان وبداية عهد الخليفة علي بن أبي طالب، نتيجة الصراع بين المسلمين الأوائل على السلطة ، وهي من أشد الفرق دفاعا عن مذهبها وتعصبا لآرائها وقتلا لمخالفيهم وتكفيرهم لم لا يتعب مذهبهم ، وهم بطبيعة الحال ومثل "إرهابيو كل عصر" لا يعدون أنفسهم خارجين عن الدين بل خارجين من أجل الدين، ومن أجل إقامة شرع الله، وهم بالأساس خارجين من أجل السلطة وتاريخهم يؤكد ذلك ، وهم أيضا كانوا غير مبالين بما يحدثه ذلك الخروج من فرقة وانقسام وأحداث دامية، ، وغير مبالين بما يؤدي إليه تطبيق هذا المبدأ، من قتل المخالفين سراً أو علناً، ولقد تشبثوا بهذا المبدأ وتطبيقه، حتى أصبح علامة من علاماتهم، وراموا إلى إقامة دولة إسلامية تقوم على الدين وأحكامه ، وكان اللافت في "خوارج " العصور الأولى أن أغلبهم من "القراء" أي حفظة القرآن ، ولعلنا لم نعد نستغرب ذلك بعدما رأينا في الوقت المعاصر ، كيف انزلق شيوخ معممين وغير معممين حفاظا للقرآن ومتصدرين للفتوى في،إلى الخوض في الدم الحرام ، والتحريض على القتل والتخريب والإرهاب ، من أجل أن يصلوا وتصل جماعاتهم للسلطة ،وكأن تلك النبتة الملعونة أصبحت قدرا على الأمة لا يجف نبتها ولا ينضب معينها.
الخوارج في كل عصر ومكان أيا كان اسمهم "دواعش ،وإخوان مسلمين ، وسلفيين ، وجماعات إسلامية ، وبوكوحرام ، والقاعدة وطالبان وغيرها " يستحوذ على فكرهم بشكل مرضي موضوع الإمامة " السلطة" ، أكثر من أي قضية أخرى في الدين ، فهم بالأساس طلاب سلطة وإن أنكروا ذلك أو زعموا غيره ، وكل حروبهم في الماضي والحاضر هدفها الوثوب إلى كرسي السلطة ولو بالسيف والمدافع والقنابل والتفجيرات .
بالعودة للوراء نجد أن الخوارج ومنذ انشقاقهم عن جيش علي بن أبي طالب أعلنوا ما يسمى بـ "الثورة المستمرة" ضد كل الحكام والخلفاء والسلاطين ، فأي حاكم ليس من الخوارج في وجهة نظرهم "إمام جور" يجب قتاله والثورة عليه ، فقاتلوا علي بن أبي طالب منذ التحكيم وحتى انقضاء عهده سنة 40هـ ، وبعد مقتل علي وتنازل ابنه الحسن لمعاوية ، بدأت حربهم ضد الأمويين ، و كادوا يهزمون جيش معاوية في أول لقاء لهم به، لولا أن استعان عليهم بأهل الكوفة ، وفي سنة 41هـ قاد سهم بن غالب التميمي والخطيم الباهلي تمردًا داخليًّا ضد بني أمية ، استمر لمدة خمس سنوات متواصلة حتى قضى عليه زياد بن أبيه قرب البصرة سنة 46هـ، ، واستمرت ثوراتهم ضد الأمويين، ففي آخر شوال سنة 64هـ بدأت ثورتهم الكبرى بقيادة نافع بن الأزرق، وهي الثورة التي بدأت بكسر أبواب سجون البصرة، ثم خرجوا يريدون الأهواز ، وفي سنة 76هـ وسنة 77هـ تمكّنوا بقيادة شبيب بن يزيد بن نعيم من إيقاع عدة هزائم بجيوش الحجاج بن يوسف الثقفي ، واستمروا في ثورتهم على الأمويين حتى أواخر الدولة الأموية ،ومع ذلك لم ينجحوا في إقامة دولة مستقرة ، لكنهم بالطبع كانوا سببا في وهن الدولة الأموية ،وساهم في سقوطها المدوي أمام العباسيين فيما بعد.
غير أن الخوارج في صراعهم على السلطة حاولوا الخروج من حلبة الصراع القرشي - القرشي ، على كرسي الخلافة ،حيث يرون أنه يجوز أن يكون الإمام غير قرشي ويكفي أن يكون تقيا ورعا من وجهة نظرهم بالطبع، بل أن بعض الخوارج نحا باتجاه الفوضوية ورأى أن الناس يمكن أن يتعايشوا بدون حاكم أو سلطان ، إذا أمكن الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن التناصف لا يتم إلا بإمام يحملهم على الحق فأقاموه جاز، فوجود دولة وسلطة حاكمة - في نظرهم- ليست واجبة ، بل جائزة، وإذا وجبت فإنما تجب بحكم المصلحة والحاجة ،وهؤلاء هم الخوارج "النجدات" أتباع نجدة بن عامر ، مع أن بن عامر نفسه حارب من أجل السلطة وعين نفسه سلطانا وخليفة على البلاد التي انتزعها بالسيف من ملك الأمويين والزبيريين ، حيث سيطر على القطيف عام 67هـ بعد معارك طاحنة وشرسة ، قتل فيها الكثير من المسلمين ، وقام جيش الخوارج مثل كل المتصارعين على كرسي الخلافة بالنهب والسبى ، وقد اختار نجدة بن عامر القطيف مركزاً لحكمه للسيطرة على سواحل الخليج العربي.

وعندما أرسل مصعب بن الزبير جيشاً قوامه 14 ألف فارس للقضاء على نجدة وأصحابه وتخليص إقليم البحرين من سيطرته، استطاع بن عامر أن يباغت جيش بن الزبير والذي كان تحت قيادة عبدالله بن عمير الليثي، وانتهت المعركة بهزيمة عبدالله بن عمير، وبذلك ثبت الخوارج أقدامهم في القطيف وأصبحوا أكثر قوة حتى إنهم طمعوا بالسيطرة على بقية الأقاليم الساحلية في الخليج العربي، حيث تطلع إلى ‏مد نفوذه إلى عمان ، فأرسل إليها حملة عسكرية بقيادة عطية بن الأسود الحنفي عام ‏‏67هـ وكانت عمان وقتئذ تحت حكم عباد بن عبد الجلندي ، وقد تمكن بن عامر من ‏هزيمة آل الجلندي وأستولى على عمان بالقوة ، لكن ما لبث آل الجلندي بأن استعادوا قوتهم ونظموا صفوفهم وقاموا على الخوارج فقتلوا الحاكم الخارجي وشتتوا أتباعه واستعادوا حكم عمان مره أخرى .
بل أن نجدة بن عامر طمع أيضا في انتزاع مكة والمدينة والطائف واليمن من الخليفة بن الزبير ، وضمها إلى دولته لكنه فشل في ذلك ، خاصة أن الخلافات دأبت سريعا داخل دولة الخوارج بسبب الصراع الداخلي بين القائد نجدة بن عامر، وأحد اتباعه وهو أبو فديك عبد الله بن ثور ، وعندما عرف نجدة أن الدائرة جاءت عليه وأن رأسه مطاح بها لا محالة ، بعدما انصرف اتباعه من حوله وكفروه ، فر وتخفى عند بعض أنصاره ، لكن القائد المتغلب ما كان ليتركه ليفسد عليه سلطته ، فأرسل بعض جنوده للبحث عن القائد الهارب وبالفعل وصلوا إليه وقتلوه .

في المقال القادم نستكمل الحديث عن بقية فرق الخوارج وأفكارهم مواجهتهم الدامية مع الحجاج بن يوسف الثقفي ، تلك المواجهات التي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من المسلمين من أجل الصراع على كرسي الخلافة.



#علي_مقلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء على كرسي الخلافة 18
- دماء على كرسي الخلافة 17
- دماء على كرسي الخلافة 16
- دماء على كرسي الخلافة 15
- دماء على كرسي الخلافة 14
- دماء على كرسي الخلافة 13
- دماء على كرسي الخلافة -12-
- دماء على كرسي الخلافة -11-
- دماء على كرسي الخلافة -10-
- دماء على كرسي الخلافة 9
- دماء على كرسي الخلافة 8
- دماء على كرسي الخلافة 7
- دماء على كرسي الخلافة - 6-
- دماء على كرسي الخلافة -5-
- دماء على كرسي الخلافة 4
- دماء على كرسي الخلافة – 3
- دماء على كرسي الخلافة – 2
- دماء علي كرسي الخلافة - 1


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة 19