أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة 14















المزيد.....

دماء على كرسي الخلافة 14


علي مقلد

الحوار المتمدن-العدد: 5499 - 2017 / 4 / 22 - 14:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الصراع الدموي بين الهاشميين والأمويين والزبيريين على "كرسي الخلافة" ، بعث الروح من جديد في الصراعات القديمة ، التي يفترض أن الإسلام في عصوره الأولى قد عمل على تخطيها ، وفتح صفحة جديدة في المجتمع الوليد تقوم على الإخاء والوحدة الدينية ، والترفع عن القبلية والعصبية والعرقية ، لكن يبدو أن الأنفس المتشبعة بروح الصحراء لم تراوح مكانها بعد ، فما أن انفجرت صراعات النخبة القرشية على السلطة ، حتى تخندقت القبائل ضد بعضها البعض ، على نفس الطريقة القديمة ، وعادت روح الثأر مرة أخرى ، وأصبح المشهد أكثر تداخلا وتعقيدا ، فثمة متصارعون على السلطة ، ومتصارعون آخرون يثأرون لماضي جدودهم المتوارث منذ "عصور الجاهلية" والبداوة ، وقد برز ذلك بصورة كبيرة عقب وفاة يزيد بن معاوية ، عندما اندلع الصراع بين القبائل القيسية والقبائل اليمانية ، حيث أراد القيسين بقيادة الضحاك بن قيس القهري القرشي، مبايعة عبد الله بن الزبير الذي كان يهيمن على الحجاز واليمن والعراق ومصر- لحظة موت معاوية الثاني - في حين أردت القبائل اليمانية مبايعة مروان بن الحكم ، وقد كان الشام ودمشق بيد القيسية ، أما الأردن وفلسطين بيد اليمانية ، وعندما تحزب كل فريق لمتنافس على الخلافة، دارت رحى الحرب في موقعة "مرج راهط" بين القبائل ، وكأنها حرب بالوكالة لأن بن الزبير لم يكن طرفا مباشرا في هذه الحرب ولكن كانت بين القبائل التي بايعته ضد القبائل التي بايعت بني أمية ،ولكن الفرق بين المعسكرين أن بني أمية خاضوا المعركة بأنفسهم لأن ذلك كان تهديدا مباشر لوجودهم فخسارة الشام أو جزء منه ،كان معناه وقتها نهايتهم المحتومة.
"مرج راهط" كما تحكي كتب التاريخ تعد نموذجا واضحا لعودة الحروب القبيلة والعصبية بين القبائل العربية رغم أن طرفي الصراع مسلمين ، وكانوا في وقت سابق وسيصبحون فيما بعض أيضا ، قوام جيش الخليفة أيا كان اسمه أو مسماه لغزو الجيران وسلب مواردهم ، إنه مشهد دموي يصل إلى حد العبث ، خلاصة الكلام تقاتلت القبائل دفاعا عن كيونتها وعصبيتها أكثر من دفاعها عن الخليفة هذا أو ذاك ، وكاد القيسيون أن يربحوا المعركة خلال عشرين يوما من القتال الشرس والذي راح ضحيته المئات من الطرفين ، لكن بني أمية المعروفين بخداعهم لجئوا إلى حيلة قديمة جديدة في أساليبهم حيث دعوا الناس لوقف القتال والتصالح ، فلما قبلت القبائل القيسية بذلك ، هجم الأمويون ومن خلفهم القبائل اليمانية على القيسين ، حتى قتل زعيم الضحاك بن قيس ، وعدد عظيم من القيسية ، يقول المؤرخون أنه لم يقتل مثلهم لا في جاهلية لا في الإسلام مثل هذا العدد المقتول من القيسية.
معلوم لقراء تاريخ العرب ،أن جذور الصراع بين القيسية واليمانية تعود إلى ما قبل الإسلام، حيث كان العرب القحطانيون يسكنون اليمن وهم أهل حضارة ، أما "القيسية " فهم عرب الشمال العدنانيون، وهم رعاة إبل وماشية ينتقلون من مكان إلى آخر طلبا للماء والكلأ، ولأنهم في صحراء لا تعرف قانونا سوى قانون القوة والغلبة ، فكان من الطبيعي أن يشتعل الصراع بينهما لعقود طويلة، وكانت كفة الصراع تميل في الغالب إلى عرب الجنوب لأن لديهم الخبرة الواسعة في صناعة الأسلحة ورسم الخطط الحربية ،لكن هذا لا يمنع أن عرب الشمال تسيدوا لفترة أيضا ، حتى جاءت "حرب البسوس" المعروفة تاريخيا والتي استمرت نحو أربعين عاما حتى انتهت بالصلح بين الفريقين، ثم جاء الإسلام فوحد القبائل تحت رايته بشعارات الوحدة الإسلامية ، وتوقف الصراع طيلة العقود الأولى من الإسلام ، لكن ما في القلوب بقي كما هو وتوارثته الأجيال جيلا بعد آخر ، وظلت نظرة العداء بين القيسية واليمنية كامنة كالنار تحت الرماد ، حتى جاء الأمويون واستغلوا ذلك في صراعهم على السلطة ، حتى عندما استتبت السلطة لبني الأمية ،كانوا أيضا يستخدمون القبائل ويؤلبونها على القتال حتى ينشغل الرأي العام الإسلامي بعيدا عن النهب والسلب التي تمارسه السلطة الأموية ، فإذا جاء خليفة قريب أو صهر للقيسية ناصرهم ضد اليمانية ،وإن جاء قريبا من اليمانية ناصرهم على القيسية ،وهكذا طيلة حكم بني أمية ، لدرجة أن الخليفة يزيد بن عبد الملك ، تورط وانخرط بنفسه في الصراع بين عرب الشمال وعرب الجنوب ، ولما كان الخليفة من عرب الشمال لم يتورع عن خوض غمار الفتنة حتى آخر مداها ، لدرجة أنه قضى تماما على عائلة المهلب بن أبي صفرة ، والأخير للمفارقة أحد أبرز القادة العسكريين الذين ثبتوا أركان خلافة بني أمية ، فقد قُتِلَ بعضُ عائلة المهلب في الحرب، وحمل بعضهم في الأغلال إلى يزيد بن عبد الملك فأمر بهم فقتلوا جميعًا ، وتناسي الخليفة إن ابن أبي صفرة خاض غمار الحروب ضد العلويين والخوارج والزبيريين ليثبت أركان خلافة أسلافه ، لكن رحى الصراع على السلطة لا تعرف ودا قديما ولا تعفو عن حليف سابق.
للعلم استمر هذا الصراع بين عرب الشمال والجنوب مستمرا طوال عقود الخلافة ،لدرجة أنه انتقل إلى الأندلس ، وصار الطرفان يقتتلان كلما تنازع خليفة على السلطة ، ولعل أشرس معركة بين الطرفين شهدتها الأندلس كانت معركة "شقندة " والتي وقعت عام 130 هـ (747) بين يوسف بن عبد الرحمن الفهري وحلفائه القيسية بقيادة الصميل بن حاتم ، واليمانية بقيادة أبو الخطار الكلبي وانتهت بانتصار القيسية على اليمانية ومقتل أبو الخطار الكلبي ، ولما حسمت للقيسية تولى يوسف الفهري الأندلس ودانت له عرب الشمال والجنوب ، وظل الصراع يشتعل تارة ويهدأ تارة أخرى طيلة عهود الخلافة.
نعود ،مرة أخرى للصراع بين بني أمية وعبد الله بن الزبير ، على كرسي الخلافة ،وقد وصلنا في المقال السابق عند استرداد بني أمية لمصر من حوزة بن الزبير ، ومن ثم بدأ مروان بن عبد الحكم التفكير في استرداد العراق ، ليضمن لدولته أهم ثلاث مناطق في الغلال والموارد "مصر والشام والعراق" ،لأنه إن فعل ذلك سيكون قد وجه لخصمه القابع في مكة ضربة اقتصادية مهلكة ،وهو ما حدث بالفعل فيما بعد ، لكن مروان لم يمهله القدر ليعيش لتلك اللحظة التي يضم فيها العراق لحكمه فقد توفي في رمضان سنة 65هـ، وهو ابن ثلاث وستين سنة، بعدما قاد معارك دامية من أجل السلطة ، وعقب وفاته تولى ابنه عبد الملك بن مروان ، وعلى يديه سوف يتفجر القتال والصراع في أربعة أركان الإمبراطورية الإسلامية ، وفي عهده تظهر ربما لأول مرة فكرة التهادي بالرؤوس المقطوعة ،فلما أراد وال أو أمير أن يتقرب لما هو أعلى منه ،عمد إلى خصمه وقطع رأسه وأرسلها له طلبا للقرب ،كما في عهده أيضا ضربت الكعبة بالمنجنيق وقتل بن الزبير وقطعت رأسه وعلق جسده على ما تبقى من جدار الكعبة بعد الهدم .
في المقال القادم نقلب صفحات جديدة مريرة من تاريخ الصراع على كرسي الخلافة



#علي_مقلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء على كرسي الخلافة 13
- دماء على كرسي الخلافة -12-
- دماء على كرسي الخلافة -11-
- دماء على كرسي الخلافة -10-
- دماء على كرسي الخلافة 9
- دماء على كرسي الخلافة 8
- دماء على كرسي الخلافة 7
- دماء على كرسي الخلافة - 6-
- دماء على كرسي الخلافة -5-
- دماء على كرسي الخلافة 4
- دماء على كرسي الخلافة – 3
- دماء على كرسي الخلافة – 2
- دماء علي كرسي الخلافة - 1


المزيد.....




- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة 14