أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - حقن الشفافية














المزيد.....

حقن الشفافية


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1441 - 2006 / 1 / 25 - 06:13
المحور: كتابات ساخرة
    


مثل كثير من موظفى الحكومة، اقتنصت مع زملائى وقتا للنميمة، نمسك السيرة ونغتاب كثيرا من قياداتنا، عينتهم القيادات الأعلى فى مناصبهم دون اختيارنا، إمكانياتهم مثل إمكانياتنا، أجسادهم مثل أجسادنا، مرتباتهم الرسمية مثل مرتباتنا، ومع ذلك يهبرون أموالا تضاعف دخولهم الوظيفية فوق مستوى العقل وصريح القانون، يجمعون بدل حضور جلسات وإشراف ومشاركة فى أعمال متعددة تجرى فى أكثر من مكان، لكنهم بقدرة صانعى المحررات الرسمية فإن يؤدون تلك الأعمال فى نفس الوقت، وحين ارتفع مستوى النميمة فى جلستنا، تصاعدت قدراتنا على انتقاء وقائع تصلح لإعداد خطط فردية ترفع دخولنا.
وبرغم أننى موظف متصالح مع قرف الناس والحكومة والسلطة، أحمل لكل منهم مكانه المريح على أكتافى وبين راحتى، إلا أننى فشلت طوال نصف قرن من تعاقب الحكومات والإعلانات والمواثيق فى أن أكون رئيسا كبيرا لأى عمل، أو على الأقل رئيس نصف نصف، وأصبح على أن احمل خطة للحصول على ترقية وظيفية، وفى الوقت المناسب حملت الخطة وقدرا من النصاحة وتوجهت إلى مديرنا الكبير.
بأدب جم دخلت مكتب مديرنا الكبير، وحين انفرجت أساريره عن ابتسامة مدير كبير، انتحيت به جانبا وسررت فى أذنه رغبتى فى نزع الفساد من الأرض ومن الموظفين دون مقابل، عندها لمس استكانتى واضعا يده الكريمة على كتفى، وانتبذنا مكانا منعزلا فى مكتبه الكبير، وصررت له أقاويل غيرى من الموظفين الحاسدين المتآمرين، بأن قياداتنا الأعلى تهبر أموالا كثيرة تجاوز الآلاف من الجنيهات سنويا، صحيح أن القانون يضع خطوطا عامة للمرتبات والبدلات والمكافآت، لكن لكل شخص دخلا خاصا من وظيفته الحكومية، يختلف طبقا للقرابة والعلاقات والمصالح، ولا يرصد هذه الدخول إلا حاسد أو متآمر، وأتممت شحن صدر مديرنا الكبير بأنه عظيم فى الدنيا ومغفور له فى الآخرة.
طرقت يد المدير الكبير كتفى، وبصوت واثق أقسم وأغلظ الأيمان، بالعيش والملح دون أن يحلف بالطلاق، أن إدارتنا تعمل فى النور وبمنتهى الشفافية، وأن مرتب مديرنا الكبير لا يزيد عن بقية الموظفين إلا جنيهات معدودة، ينفقها على شاى وقهوة الضيوف وعابرى السبيل، هكذا اسقط المدير فى يدى نهاية مديحى وعروض خدماتى.
خرجت من مكتب المدير الكبير ساخن القفا، دون كوب شاى أو وعد برئاسة بعض زملائى، وحين حاولت فهم معنى شفافية مديرنا الكبير، استرجعت أقاويل زملائى بأن مديرنا الكبير ليس كبيرا بالقدر الكافى، وقررت أن أتواصل مع المستوى الأعلى وأعرض خدماتى على رئيس مديرنا الكبير.
حين سررت بالخدمة الوظيفية لرئيس مديرنا الكبير، جحظت عيناه وأطلق كلامه فى وجهى، يا أخى دع القافلة تنبح والكلاب تسير، فانتشيت لحديثه الكبير وجهرت بدعائى لكل قيادتنا وتابع تابعيها بالرشاد والصحة، لكن رئيس مديرنا الكبير باغتنى برغبته السامية فى إنهاء اللقاء، وطرح أمامى عصمة القيادة محذرا، يا سيد!! كل الأمور تتم بشفافية، وأننا نبذل فى سبيل العمل كثيرا من جهودنا التطوعية، لا نريد جزاء ولا شكورا، فإذا كان المدير الكبير قد أقسم لك بأننا أشرف من الشرف، فإننى اقسم لك بالطلاق بأننا نرعى وجه القانون والشفافية، وعلى الحاقدين والمتآمرين أن يمسكوا علينا بينة.
فى مساء نفس اليوم، رقدت فى السرير محموما، أعانى من فشل الحصول على منصب قيادى، أرمى الكلام فى وجه زوجتى، الشفافية يا أختى أن يكون القانون واضحا لمن يطبق بينهم، يدعمه إعلام موضوعى وتواصل فى تحليل الرأى العام، الشفافية تشمل سلامة المنطق وثقافة الانتماء لمصالح الأغلبية، ومن أجل الشفافية تراقب الإدارة عيون العاملين، فإذا كانوا مخطئين تصحح الإدارة معلوماتهم، وإذا كانوا مصيبين تغير الإدارة قراراتها لصالح الجميع، وأصل المثل يا أختى أن الكلاب تنبح والقافلة تسير، يستخدمه الموظفون الذين يشغلون مناصبهم بناء على معايير غير شفافة، القوافل والكلاب صنوان لا يفترقان يا أختى، فلا توجد قوافل تسير من غير كلاب دون أن يباغتها قطاع الطرق والمتربصون، لكن أن يحصل زيد على مائه جنيه مقابل عمل ما، بينما يحصل عمر على ألف جنيه مقابل نفس العمل، فهذه ليست شفافية يا أختى، إنها خراب مستعجل.
عند هذه الوصلة من الشفافية، وترويجا لطرق الحكومة فى علاج حمى صغار الموظفين، كانت زوجتى قد أعدت الماء والصابون والحقنة الشرجية.



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفوق الكاذب جداً
- جمعية السد العالى
- !!.. إنى أنتظر الوزارة
- أطلس ذاكرتنا الشعبية
- الإنحشار فى كرسى الوظيفة
- ربطة عنق 00 هدية
- آه.. يا رجلى
- !!..أولاد الأفاعى
- المقعد 00 قصة قصيرة
- !!يا وجيعة فقرنا.. يا
- !! قلبى معكم 00 بشروط
- !!.. يا رئيس الوزراء.. نطالبكم بالاستقاله
- دعاية انتخابية !!
- !!.. الفاضل مستجاب
- !! خيل الحكومة .. لا تموت سريعا
- !! الجوع .. كافر
- !!.. عليه العوض
- ثقافة المقابر..!!
- !! دوابنا الثقافية
- !!دكتوراه.. للبيع


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - حقن الشفافية