أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الناصري - دراسة عن حركة الضباط الأحرار 6-6















المزيد.....

دراسة عن حركة الضباط الأحرار 6-6


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1433 - 2006 / 1 / 17 - 08:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكتلة الوسطية( البديلة) (6-6)

في سياق تحقق البعد الذاتي لظاهرة الضباط الأحرار, وفي خضم العمل المحموم حول توسيع شبكة المؤيدين, والمستندة, بعضها على الولاءات الشخصية لضباط ذو شخصية محورية, وبعد عدم إتفاق رفعت الحاج سري ورجب عبد المجيد على العمل المشترك ضمن مركز واحد.. وإتجاه كل منهما للعمل ضمن مستوى معين من الضباط, توجه رجب في كسب الضباط من ذوي الرتب العسكرية العالية والوسطى, في وقت أتجه رفعت ضمن نطاق طموحه للقيادة إلى الضباط من ذوي الرتب الوسطى والدنيا, الأقل منه أو على الأقل الموازين له في الرتبة من جهة والمتعاطفين معه في التوجه الفكري ذات المنحى القومي, وإن لم يكن هذا عامل حاسم في المفاتحة والكسب للحركة, من جهة ثانية. وبعد ما أصاب تنظيم رفعت من تشتت جزئي, وعند عودته من سفرة لندن العلاجية عام 1957 "... قبع في داره متألماً بائساً منعزلاً إلا من صغار الضباط المؤمنين بثوريته وإخلاصه وتضحيته... " التي كونها لنفسه في أوساطهم. خاصةً بعد التطورات التي حدثت في كتلة القادة وتكوين مركز قيادي لها. وإنكشاف دوره أمام السلطة التي أبعدته إلى خارج بغداد في وظيفة ثانوية, وبالتالي جردته من إمكانية الإحتكاك بإصحاب القرار في كتل الضباط الأحرار.
كون رفعت, كما أشرنا سابقاً, عدد لا بأس به من الأنصار والمؤيدين من ذوي الرتب الصغيرة والمتوسطة التي تدين بالولاء الشخصي له.. لكنهم لم يكونوا مؤثرين على قرارات كتلة القادة. وفي سعيه الدؤوب للزعامة وتحقيق الذات ضمن كتل الضباط الأحرار.. بدء أنصاره منذ صيف 1957بالتمركز والتكتل لتكوين مركز قيادي لهم, يرتبط معنوياً وروحياً به, (وشبه مستقل) من الجانب التنظيمي عن كتلة القادة. ويبدو لي أن هذه الكتلة الجديدة كانت تبحث عن قائد يقودها, لذا توزع إهتمامها بين رفعت الحاج سري المبعد إلى العمارة وغير العامل ضمن كتلة القادة, وبين إرتباطها بالكتلة الأخيرة حيث القيادة الجماعية ذات السمعة المعنوية والمهنية الجيدة والمؤثرة بإعتبارها تضم الأغلبية المطلقة من الضباط الأحرار خاصةً بعد إندماجها مع كتلة المنصورية. ولهذا السبب "... في أحد الأيام من شهر نيسان 1957 زارني عبد الستار عبد اللطيف في مقري بمدرسة الصنايع الجوية, وقال أنه مع بعض أخوانه وزملاءه في كلية الأركان يرغبون في الإنتماء إلى تنظيم الضباط الأحرار الذي أنتم فيه.. وكالعادة إهتمتت بقضية الأمن وقلت له ( ماكو هيجي شيِّ ). فقال سيدي: " إحنا نعرف كل شيء, يعني ماكو حاجة تموه علينا ", فقلت له أين الأسماء فأعطاني الأسماء ولم أكن أعرفهم جميعاً... فقلت له من جهتي أنا موافق لكن أطرح الأمر على اللجنة العليا وأخذ رأيها فأنا ملتزم. فطرحت ذلك على اللجنة العليا وواقوا بالإجماع على قبول اللجنة الوسطية وكلفت أن أكون حلقة وصل معهم... ". لكن في الوقت نفسه يقول أحد قادة هذه الكتلة "... قررنا أن نفاتح رفعت الحاج سري فالأخ صبحي أخذ الأمر على عاتقه ففاتحه فقال له رفعت أنا الآن أعمل مع جماعة أبو غريب وسمى في ذلك الوقت الشواف- رفعت وليس في اللجنة العليا... وإرتبطنا بها... ".
وقبيل ذلك تحدث جاسم العزاوي في مذكراته, عن كيفية تكون هذه الكتلة وذكر تفاصيل تلك اللقاءات وما إنتابها من خلافات وحزازات, من تصورات وأراء, ومن تبدلات في الشخوص القيادية لها, التي أطلق عليها أسم (الكتلة البديلة), من خلال تبني رفعت الحاج سري لها أو هي تبنته رئيساً معنوياً لها. وقد ضمت إجتماعاتها الأولى أشخاص متنافرين من حيث التوجهات السياسية والفكرية والإنتماءات الحزبية فكان هنالك القومي النزعة والشيوعي الإنتماء وذاك المتأثر بفكر حزب البعث ومنهم مستقلون وآخرون ذو نزعة دينية. هذا التداخل المتعدد التوجهات أثار الحساسيات الكامنة بينهم في البدء مما حال من تمكنهم من تأليف قيادة موحدة ومتفق عليها من بينهم إلا بعد إجراءات إستئصالية للبعض وتحذيرية للبعض الآخر والتغيب القسري لغيرهم "... وعلى ضوء هذا الإجراء أعيد التنظيم وعلى ما أتذكر كان ذلك في النصف الأخير من شهر كانون الأول عام 1957, وضعت الأسس للعمل وشكلت لجانا متخصصة, منها لجنة الإستخبارات والمعلومات, ولجنة وضع الخطط ولجنة التنظيم وغير ذلك. ولقد عاد كل من محمد مجيد وصبحي عبد الحميد إلى العراق في هذه الوقت فإتصلت بهما ورشحتهما إلى القيادة البديلة وقبلا ذلك بكل ترحاب... وإندفع التنظيم بحماسة كبيرة للعمل ومفاتحة صغار الضباط وبث روح الثورة فيهم ورفع معنوياتهم وزيادة حماستهم كما بدأ محاولة الإتصال باللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار ". وهكذا تشكلت قيادة هذه الكتلة وكانت مؤلفة كما يوضحها الجدول أدناه:

جدول يوضح قوام اللجنة الوسطية للضباط الأحرار وإنتماءاتهم الاجتماعية والفكرية
عشية ثورة 14 تموز 1958
الإسم والرتبة تاريخ ومكان الولادة الأصل الاجتماعي الإنتماء الفكري
المقدم الركن محمد مجيد 1921بغداد أصله من عنه تاجر متوسط القوميين العرب
الرائد ركن خالد مكي الهاشمي 1926 بغداد عائلة ارستقراطية عسكرية بعثي بعد ثورة 14 تموز
الرائد ركن جاسم العزاوي 1924 الخالص/ ديالى عائلة زراعية متوسطة القوميين العرب
الرائد الركن صبحي عبد الحميد 1924 بغداد عائلة عسكرية القوميين العرب
الرائد الركن إبراهيم جاسم 1925 تكريت تاجر متوسط القوميين العرب
الرائد الركن حسن مصطفى 1925 سامراء تاجر متوسط بعثي بعد ثورة 14 تموز
الرئيس الأول عبد الستار عبد اللطيف 1926 الأعظمية/ بغداد الفئات الوسطى/ موظف مدني في وزارة الدفاع بعثي منذمنتصف الخمسينيات لغاية 1963
الرئيس الأول طه الدوري ؟ بغداد أصله من الدور تاجر متوسط قومي مستقل
رئيس أول ركن عيسى الشاوي 1924 تكريت مالك زراعي/ شيخ قبيلة قومي مستقل
المصدر: أستقينا المعلومات, بالأساس من بطاطو, ج.3, ص.100وما بعدها,

ومن الجدول أعلاه, ومقارنةً بما نُشر لدى الآخرين, يتضح أن بطاطو أورد أسم عيسى الشاوي, في حين لم يذكره لا جاسم العزاوي ولا صبحي عبد الحميد. ويبدو أن بطاطو إعتمد على رأي رجب عبد المجيد الذي ذكر أنه " إستصحبه في أخر إجتماع معهم ". في الوقت نفسه يشير رجب والعزاوي إلى إسم خالد حسن فريد ولم يورده المصدران السابقان. علماً بأنه كان في " كلية أركان كامبرلي في إنكلترة من آواخر 1957إلى شهر مارت 1959... ", حسب مؤلف الموسوعة. أما بالنسبة لطه الدوري فلا يتطرق إليه جاسم العزاوي في مذكراته ضمن قوام رئاسة الكتلة. في وقتٍ ينسب إليه مؤلف الموسوعة ترأسه لكتلة صغيرة كلهم كانوا برتبة ملازم ولها علاقة ببعض المدنيين من أمثال أحمد عبد الستار الجواري ونجم الدين السهروردي وعبد الرحيم الراوي والملازم المتقاعد يحيى ثنيان الذي كان ينقل الأخبار إلى رشيد عالي الكيلاني " ويبشره باليوم الموعود وبرئاسة الجمهورية... ".
وتأسيساً على ذلك فإن قوام رئاسة الكتلة الوسطية كما أوردها أعضاءها الأساسيون, غير محددة بصورة دقيقة, وجميعهم مسلمين عرب من مناطق بغداد وشمالها وغربها, كما ويغلب عليهم تأثرهم وإنتماءهم إلى الفكر القومي, بالتحديد البسماركي الطابع, ويتميزون بسلوكية عقائدية غير مرنة, وقد ضخموا وبالغوا من ذاتهم المهنية والسياسية ودورهم في حركة الضباط الأحرار. والكتلة, هي الأخرى, إنتابتها الصراعات والإنقسامات والعمل الصاخب, كما لم يعرف هل هي قيادة جماعية بدون رأس قيادي؟ أم أن ممثل اللجنة العليا يعتبر رئيسها؟ وأين صلتها الرسمية فهل هي متصلة برفعت الحاج سري أم باللجنة العليا, أم بكليهما وهو الأرجح نظراً لغياب أسس التنظيم المركزي فيها وقلة الحيطة في العمل, وهذا ما توضح عندما قام أحد أعضاءها و " إستغفلنا وعمل تنظيماً من وراء ظهرنا من خزعل السعدي وخليل العلي وشكل تنظيماً فقررنا تجميده وبخاصة بعد الجلسة الصاخبة التي جرت مع الأخ رجب... ".
كما كانت قيادة هذه الكتلة من أكثر الضباط الأحرار مغامرة وإدعاءً وقلة صبر, وأقل تعقلا في تتابع المنطق العملياتي لتحقيق الثورة, بحيث ولدت حماستهم الزائدة فكرة أن يتولو " القيادة لأن اللجنة العليا لا نفع فيها ", حتى أن بعضهم كان لا يتورع بالتنابز بالألقاب إتجاه القادة البارزون في اللجنة العليا , وهذا ما عكسه رجب عبد المجيد في تبرير تخليه عن الإستمرار في العمل معهم كمندوب (أو حلقة وصل) عن اللجنة العليا, وقد إستمر معهم منذ نيسان 1957 ولغاية نفس الشهر من عام 1958. وإرتبطت الكتلة ما بعد هذا التاريخ, بعبد السلام عارف, نتيجة لتوافقه السيكولوجي وروح المغامرة المغشون فيها من جهة, وما خططه قاسم وعارف وعبد اللطيف الدراجي للتنسيق مع قادة هذه الكتلة المتواجدون في بغداد لتنفيذ بعض مفاصل الخطة وبمشاركة بعض ضباط اللجنة الوطنية لإتحاد الجنود والضباط, من جهة ثانية.
لقد لعبت قيادة هذه الكتلة دوران بارزان ومتناقضان تناحرياَ, في آنٍ واحد تمثلا في:
1- مساهمتهم الجادة في التحقيق المادي لثورة 14 تموز وخاصةً في السيطرة على معسكر الرشيد وما جاوره من مؤسسات عسكرية وكذلك على بعض المواقع المهمة في بغداد.
2- قيامهم بدور أراس في تكوين اللجنة القومية للضباط الأحرار للإطاحة بسلطة الزعيم قاسم ومشاركة الكثير منهم في المحاولات الإنقلابية التي شهدتها فترة الجمهورية الأولى, رغم ما إنتابهم من حالات الصراع المتبادل وخاصةً بين المجموعة المنتمية لحركة القوميين العرب وتلك التي مثلت المكتب العسكري لحزب البعث العراقي.

وتأسيساً على ذلك كان تعدد كتل الضباط الأحرار أحد الحقائق في تاريخية هذه الظاهرة التي هي إمتداد لتدخل الضباط في العملية السياسية في العراق الحديث منذ بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة, بل منذ دخول الضباط العرب في الجيش العثماني وممارستهم العمل السياسي في الجمعيات والنوادي التي تكونت في سياق الصراع داخل الأمبراطورية العثمانية. وهذه الظاهرة ربما هي إمتداد لما لعبه أخصائي العنف المنظم ( الضابط- المقاتل- المجاهد ) من أدوار في تاريخ العراق السياسي منذ الحضارات القديمة في وادي الرافدين ومن ثم الامبراطوريات الإسلامية وآخرها العثمانية.
إن تدخل الجيش بالسياسة في العراق الحديث هو, حسب قراءتنا, ربما إعادة إنتاج ل ( دورهم التاريخي) بغض النظر عن مدى صحة هذه الفكرة. لكن الضباط هكذا رأوا في أنفسهم خاصةً بعد وعي الذات المهنية من خلال تحكمهم بوسائل التغيير العنفي وزادها عمقاً عجز كل الحكومات الملكية عن إعادة إنتاج مكونات قاعدتها الاجتماعية بالتوافق والتماثل مع متطلبات الحياة وتعقداته , وكذلك فشلها في تحقيق التنمية الاجتصادية وإرساء تداول السلطة على أسس ديمقراطية سلمية عبر الآلية البرلمانية.. هذا الفشل أعاد للضباط الأمل من فرض رؤيتهم للواقع.. وهذا ما تم بالتوافق بينهم وبين القوى السياسية عبر نضالها السياسي الاقتصادي, الذي مهد التربة نحو التغيير الجذري الذي تم في 14 تموز 1958, مما شكل منعطفاً لتاريخ جديد للعراق المعاصر.

تنظيمات أخرى:

في غضون تبلور حركة الضباط الأحرار والإرتقاء بذاتها لتحقيق أهدافها, تكونت منذ مطلع الخمسينيات, تنظيمات وكتل صغيرة أخرى كانت بالقرب من اللجنة العليا أو تدور في فلك نشاطاتها وضمن أطر أهدافها العامة, مع إحتفاظها بإستقلالها التنظيمي. بعض هذه الكتل الصغيرة إندمجت مع كتل أكبر, منها ما يخص التنظيم الشيوعي في الديوانية الذي من أبرز أعضائها النقيب إحسان مهدي البياتي, والذي أندمج بتنظيم شيوعي آخر في بغداد وإندمج كلاهما أو على الأقل نسقا العمل مع كتلة إتحاد الجنود والضباط, كما مر بنا.
في الوقت ذاته تشكلت كتل كان لها دور ضعيف منها كتلة الموصل ذات النزعة المحلية العصبوية والتي ضمت بالتحديد مجموعة من ضباط مدينة الموصل وكان يتراس هذه الكتلة المقدم الركن محمود عزيز.. " وكان يطلق على نفسه إسم (تنظيم الضباط الثوار ) وكان زعيمها الروحي, بعد ثورة 14 تموز, العقيد الركن عبد العزيز العقيلي, الذي لم ينظم إلى الضباط الأحرار قدر كونه أيدها روحيا كما أشارت بعض المصادر. كانت هذه الكتلة ذات نزعة عروبية إسلامية. وقد تكونت في نهاية عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر وكان أعضاءها محصوراً بالضباط الموصليين في موقع الموصل وهم: " النقباء محمود عزيز وحازم حسن العلي ومجيد الجلبي وعلي حسين الخفاف ومحمد سليم أحمد والملازمون الأولون زكريا طه وكامل إسماعيل وسالم سلو والملازمون حازم خطاب وهاشم الدبوني... وإزداد عدد المنظمين حتى بلغ عدد الضباط حوالي سبعين ضابطاً, وقال آخرون تسعين ضابطاً وصحح بعضهم العدد بين خمسين وستين... ". ونسجت هذه الكتلة علاقات جانبية مع رفعت الحاج سري منذ مطلع عام 1958, وهذا ما أشار إليه صبيح علي غالب في مذكراته. وتوقفت الكتلة عن العمل مؤقتاً بعد الثورة لحين بدأ الصراع بين رفاق الأمس في الساحة العراقية, فإعادت الكتلة تنظيم نفسها وتحالفت حتى مع المتضررين من الثورة ومع القوى القومية للإطاحة بحكم الزعيم قاسم عبر العديد من المحاولا الانقلابية وأهمها تلك التي قادها الشواف عام 1959, ومن ثم مساهمة العديد منهم في أكثر من محاولة إنقلابية كان آخرها إنقلاب عام 1963.
في الوقت نفسه " تشكل تنظيم آخر في لواء الناصرية, وكان يتزعمه العقيد الركن شاكر محمود شكري ويضم الضباط القوميين الذين كانوا يدعون إلى الوحدة العربية وظل هذا التنظيم بعيداً عن نشاط اللجنة العليا للضباط الأحرار ". ولم يستطع أن يعيد إنتاج ذاته ويطورها لتصبح قوة تؤثر في تحديد مسارات ظاهرة الضباط الأحرار.






بدلاً من الخــاتمــة


حاولت قدر الإمكان دراسة شخصية عبد الكريم قاسم, بأكبر قدر ممكن من الموضوعية وعرضها ضمن سياق نشوءها وتطورها وتسليط الأضواء على الأبعاد الاجتماعية والفكرية, ضمن أجواءها السياسية والمهنية التي نمى في محيطها, وعلى جملة من المؤثرات التي صادفتها وصاغت منه موقف او تبنى سياسة ما.. هذا العرض وحده غير كاف لمعرفة شخصية قاسم التي ممكن النظر إليها أيضاً, ضمن ضرورة التوافق بين مكونات الشخصية ونبل الغاية التي سعى عضويا لتحقيقها والمتمثلة في تكوين وصياغة تاريخ جديد للعراق, وهذا ما تم بالفعل.
وستكتمل هذه الصورة بعد دراسة النشاط العضوي لقاسم طيلة 1666 يوماً, وهي مدة حكمه في الجمهورية الأولى.. إذ ستكتمل الصورة بكل إيجابياتها وسلبياتها. وتتوضح طبيعة ماهيته السياسية وقوة إرادته ونفسيته ومنظومة أفكاره الاجتماعية ونظراته الفلسفية من خلال سواءً ما تم إنجازه وتبنيه من مشاريع نهضوية حضارية أو ما لم يستطيع إنجازه وتنفيذه. خاصةً وكما سبق وأن إستشهدنا به وهي إن عملية التغيير الجذري في تموز 1958 دشنت سياقاً تاريخياً يختلف جذرياً عما سبقه من:
- نواحي القضايا التي تبنتها؛
- للقوى المحركة لها؛
- والأفق التاريخي لمشروعها التحرري.
وهذا السياق التاريخي يعكس بهذه الدرجة أو تلك شخصية قاسم بحد ذاتها ومساهمته العملية في حرث تربة التغيير لتاريخ العراق, بل عمل على تكوين هذا التاريخ الجديد من خلال القوى الاجتماعية التي ينتمي إليها والتي ساهمت بالتغيير من جهة ولذلك الأفق التاريخي الرحب للفكر التحرري التنويري الذي ساد العراق في عملية إرتقائيته الحلزونية من جهة ثانية.
ومن عرضنا لمكونات شخصية قاسم ومدى تأثره بالقيم الاجتماعية ببعدها الإنساني, وفكرتها المنطلقة من المساواتية النسبية بالتوافق مع واقع عراق تلك المرحلة وتركيبته الاجتماعية /الأثنية/ الدينية.. كلها دوافع تدحض المنطلقات الفئوية الضيقة التي تلحف بها مناهضوه و " سيتعدون حتما حتى عن إطلاق الأحكام السريعة عنه وسيكفون عن ترديد ما قاله صديق شنشل أو غيره بحق عبد الكريم قاسم ... ", الذي شئنا أم أبينا .. إتفقنا معه أو لم نتفق.. فسيظل في ذاكرة تاريخ العراق الحديث بإعتباره على الأقل يمثل نمطاً جديدا من التفكير في العقل السياسي وهو المؤسس للنظام الجمهوري, وهو أول حاكم سياسي حكم للفقراء والمعدمين.. مادة التاريخ الانساني.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة عن حركة الضباطالأحرا ر 5-6
- دراسة في حركة الضباط الأحرار4-6
- دراسة عن حركة الضباط الأحرار 3-6
- دراسة عن حركة الضباط الأحرا ر2-6
- دراسة في حركة الضباط الاحرار في العراق
- النضوج والتكتل الغائي 1948-1958
- حركة الضباط الأحرار- التكوين والتكتل الغائي
- النواتات الأولى لحركة الضباط الأحرار
- 14 تموز.. ضرورات الواقع وتناقضاته
- 1- عبد الكريم قاسم في عوالم الحياة العسكرية:
- مــن ماهيــات سيرة عيد الكريم قاسم
- في:الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لعراق مطلع القرن الماضي
- الضباط والسياسة في العراق الحديث :مدخل تاريخي
- عودٌ إلى البدء في أرأسيات التطور: 14 تموز: جدلية الفهم والمو ...
- البيئة الاجتماعية لبغداد ومحلاتها الشعبية
- من تاريخية الأنقلابية في العراق الحديث
- أفكار أولية: عن طبيعة ومهام المؤسسة العسكرية في عراق المستقب ...
- مدخل نظري: من ملامح المؤسسة العسكرية العراقية
- الإرهاصات الفكرية للمساواتية الحديثة في العراق الحديث
- دور الفـرد في التاريـخ - عبد الكريم قاسم نموذجاً


المزيد.....




- قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على مدينة غزة
- انتقادات دولية لإسرائيل عقب استهداف رفح وواشنطن تتحدث عن -عم ...
- واشنطن تعلق على تقارير بشأن تعليق إرسال أسلحة لإسرائيل
- بايدن يحذر من تنامي -معاداة السامية- في الجامعات الأميركية
- دراسة تحذر: الحرّ يزيد انتشار مادة سامة خطيرة داخل السيارات ...
- إدارة بايدن تتخلف عن موعد تقرير -إسرائيل والأسلحة الأميركية- ...
- ملك الأردن: سيطرة إسرائيل على معبر رفح ستفاقم الكارثة في غزة ...
- لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية -الوثائق السرية-
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي على غزة وجنوب رفح
- أسترازينيكا تسحب لقاحها المضاد لكورونا من جميع أنحاء العالم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الناصري - دراسة عن حركة الضباط الأحرار 6-6