أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - الإنتقال السلمي الديمقراطي في الجزائر-ضرورة حتمية-















المزيد.....

الإنتقال السلمي الديمقراطي في الجزائر-ضرورة حتمية-


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5435 - 2017 / 2 / 17 - 22:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإنتقال السلمي الديمقراطي في الجزائر
- ضرورة حتمية-

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-


يجب أن نضع في أذهاننا أن حركة التاريخ ستفرض عاجلا أم آجلا الإنتقال إلى أنظمة ديمقراطية في بلداننا، ومنها الجزائر رغم كل محاولات التحايل على هذه الحركة إما بإحتوائها أو السيطرة عليها أو تحضير طبقة من رجال المال للسيطرة على الدولة تحت غطاء الديمقراطية الشكلية، أو بما أسماه البعض ب"الديمقراطية الأمنية" أي مراقبة أمنية بشكل سلس كما وقع في العديد من الدول، فيجب علينا أن نعرف قراءة حركة التاريخ جيدا والتنبه لها قبل أن تحدث إنتفاضات لايحمد عقباها في بلادنا، مما سيؤدي بنا إلى الفوضى وإنهيار الدولة بشكل مريع، خاصة إذا رافقها فراغ كبير في المجتمع بسبب ضعف الأحزاب والمجتمع المدني التي يمكنها تأطير أي عمل سياسي أو غضب إجتماعي، ولاتتركه يتحول إلى فوضى مدمرة، لكن بإمكاننا تجنب ذلك كله إذا اتفقت السلطة والمعارضة على التفاوض والحوار للتوصل إلى إقامة ديمقراطية حقيقية تكون في خدمة كل أطياف الأمة وطبقاتها وشرائحها الإجتماعية، وتضمن عدالة إجتماعية إلى جانب الحريات الديمقراطية، وذلك كله كي لاتحدث إنتفاضات أخرى فيما بعد، أي ديمقراطية يجد الجميع نفسه فيها، فالديمقراطية ماهي إلا آلية لحل سلمي لكل التناقضات السياسية والأيديولوجية والطبقية والثقافية وغيرها الموجودة في كل المجتمعات والأمم.
فقد أوضح الفيلسوف الألماني هيغل في أواخر القرن 18 بأن إتجاه التاريخ يسير نحو ما أسماه ب"الحريات"، ثم أعادها فوكوياما بالقول بإتجاه التاريخ العالمي نحو "اللبيرالية" بشقيها الديمقراطي وإقتصاد السوق، فقد عرفت هذه الحركة التاريخية لحد الآن عدة موجات، فبدأت بأوربا الغربية وشمال القارة الأمريكية، وبدأت منذ إندلاع الثورتين الفرنسية عام1789 والأمريكية عام 1776، ثم عرف العالم موجات أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، ووصلت أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية في نهاية ثمانيينات القرن الماضي، وقد سماها صموئيل هننغتون ب"الموجة الثالثة للديمقراطية"، وأنها ستعرف حتما موجة أخرى ستمس منطقتنا، وما سيسرع أكثر هذه الحركة التاريخية هو إنتشار التعليم وتوسع الطبقات المتوسطة وصعود جيل شباني يرفض إنغلاق الأباء ووصايتهم والإنتشار الواسع لشبكات الإتصال العالمية كالأنترنيت وشبكات التواصل الإجتماعي والفضائيات وغيرها.
لكن من أهم العوامل التي تعرقل عملية الإنتقال الديمقراطي في منطقتنا لحد اليوم هي بعض التيارات الأيديولوجية المنغلقة التي تستخدمها الأنظمة الإستبدادية ضد إنتشار الأفكار والقوى الديمقراطية، وفي الكثير من الأحيان تضخم الأنظمة الإستبدادية من هذه التيارات المتطرفة كي تخيف بها القوى الديمقراطية، ثم تدفعها للإختيار بين الإستبداد أو هذه التيارات الأيديولوجية المتطرفة، وجعلها تفضل الإستبداد عليها، كما تلجأ الأنظمة الإستبدادية إلى غرس الذهنية القبلية في المجتمع ودفعه إلى التصادم كي تظهر هذه الأنظمة بأنها الضامنة للسلم والأمن، دون أن ننسى الإقتصاد الريعي وشراء ذمم المعارضة الديمقراطية وفصلها عن الجماهير مما يؤدي إلى فقدان ثقة المجتمع في الطبقة السياسية، فيستقيل من الإهتمامات السياسية، فيخلوا الجو للمستبدين لملأ الفراغ، فالفراغ السياسي يعد عاملا رئيسيا وممهدا لقيام الأنظمة الشمولية حسب دراسة أكاديمية للألمانية حنا آرندت التي تتبعت ودرست طريقة ظهور النظام النازي في ألمانيا على يد هتلر والنظام الستاليني في الإتحاد السوفياتي.
لكن فبمجرد ما يتم إضعاف هذه العوامل سينجح الإنتقال الديمقراطي في هذه البلدان، لكن تتوقف نجاح عملية الإنتقال الديمقراطي على عدة عوامل، وعلى رأسها وجود دولة بمؤسسات قوية، تقود هي العملية طوعا وبذكاء وبتوافق وتنسيق مع كل أطياف المجتمع، ومنها قوى المعارضة، وتعمل جميع هذه الأطراف من أجل هدف واحد هو إخراج الجزائر من أزماتها المتعددة والمتشابكة وبناء مؤسسات ديمقراطية وإجتماعية فعالة، لكن إذا تمت العملية تحت ضغوط داخلية أو خارجية، وخاصة إذا صاحبتها إضطرابات وعنف، فبإمكان أن يسود الإضطراب لمدة طويلة، وبإمكان زوال الدولة من الخريطة العالمية بحكم الضغوط لزرع الفوضى الخلاقة كي تتفكك الدول، مما يسهل عملية إدماجها في "مشروع الدولة العالمية" التي تريد أن تبنيها البرجوازية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بل هناك اليوم تخوفات لدول عريقة من هذا المشروع العالمي الأمريكي، فكيف يكون موقفنا نحن الضعفاء؟.
ولهذا فمن المستحيل إنجاح عملية الإنتقال الديمقراطي دون إتفاق بين السلطة والمعارضة وتفاوض فيما بينهما، لأن أي سقوط للنظام نتيجة إنتفاضة ستؤدي بالجزائر إلى الهاوية وإلى ما لايحمد عقباه بسبب عدة عوامل ومنها الإنقسامات الثقافية الحادة، ولهذا يجب على السلطة أن تضحي ببعض إمتيازاتها من أجل الجزائر، لأن ذلك في مصلحتها وكفيل أن يحفظ لها العديد من المصالح، كما أن الجزائر اليوم لم تتمكن من إستغلال إمكانيات مالية كبيرة لذلك، لكنها تمتلك مؤسسة عسكرية متماسكة وقوية جدا، مما يسهل عليها عملية الإنتقال الديمقراطي بأقل التكاليف، وأن أي تضييع للوقت وتماطل هو إدخال الجزائر في دوامة، خاصة وأن المؤسسة العسكرية اليوم على أتم الإستعداد لإنجاح العملية بفعل قيادات عسكرية شابة لاتريد التدخل في الشؤون السياسية، وتريد الذهاب إلى الإحتراف، ومن السهل جدا حل مشكلة علاقة الجيش بالسياسة في الحالة الجزائرية اليوم على عكس نهاية الثمانينيات، لكن المشكلة العويصة اليوم التي تعاني منها الجزائر، وتهدد إستقرارها هو ظهور المال الفاسد وتحوله إلى مؤثر كبير في صناعة القرار، بل تحول رجال المال إلى أدوات لشراء الذمم والإستيلاء على الأحزاب، وهو ما يظهر بجلاء في التحضير للإنتخابات التشريعية في ماي 2017، وحتى في حالة نجاح عملية الإنتقال الديمقراطي بهذه الظروف، فإن أصحاب هذا المال سيؤثرون في العملية السياسية، مما يؤثر سلبا على الحياة العامة ونعيد تكرار نفس العملية التي شهدتها مصر أثناء حكم الملك فاروق، مما سيؤدي إلى ثورة شعبية أو إنقلابات عسكرية تحت غطاء القضاء على "الإقطاعيين الجدد"، ولهذا فمن الضروري الأخذ بعين الإعتبار هذه المسألة بجدية، وذلك بعدم إنتاج نظام شعاره الديمقراطية، لكن يسيطر عليه رجال المال، بل يجب ربط عملية الإنتقال الديمقراطي بالعدالة الإجتماعية، أي عملية إنتقال ديمقراطي وإجتماعي في نفس الوقت، وهو ما يتطلب الإهتمام سويا بالمشكلتين السياسية والإقتصادية بخلق قطاع عام قوي جدا وورشات صناعية إما بدفع رجال المال إلى الإستثمار في القطاعات المنتجة بقوة والإنتقال من إقتصاد ريعي إلى إقتصاد منتج مع الأخذ بعين الإعتبار التوزيع العادل للثروة.
أن السؤال المطروح اليوم هو ماهو المشروع الديمقراطي الذي يصلح لنا نحن الجزائريين اليوم، ويحقق فعلا طموحات شعبنا، ولايعطي فرصة للتراجع عن المكاسب الديمقراطية بسبب عدم إستفادة الشعب كله من خيرات البلاد، وبتعبير آخر فإنه لتحقيق النجاح الفعلي لديمقراطيتنا، وتكون في خدمة الأمة عليها أن ترتبط بالطبقات المحرومة وخدمة الأمة بكل شرائحها وأطيافها، وتكفل العدالة الإجتماعية، مما يتطلب إعادة النظر في كل ميكانيزمات النظام السياسي السائد، فبإمكان الجزائر أن تعطي نموذجا سياسيا ديمقراطيا يكون محط أنظار العالم، خاصة العالمين العربي والإسلامي، ومنها بلدان مغاربية وعربية عجزت على إيجاد نظام بديل بعد سقوط الأنظمة القائمة بعد حدوث ما يسمى ب"الربيع العربي" الذي ادخله في صراعات دموية بين مختلف التيارات الأيديولوجية التي أختلفت حول نموذج الدولة التي يجب إقامتها، ولهذا يجب الإستعداد بنموذج مطروح يتفق عليه الجميع أي لايكون محل خلاف بين كل القوى ومكونات الأمة وأطيافها، ولايمكن أن يكون إلا إذا كان هذا النموذج في خدمة الأمة كلها، وليس فقط طبقة أو تيار أيديولوجي أو مجموعة، فبإمكان الجزائر إستعادة المبادرة، وأن تكون لها مكانة وتأثير كبير ليس فقط بحكم إمكانياتها وموقعها بل أيضا لو عرفت كيف تقدم نموذجا سياسيا وإجتماعيا مبهرا للشعوب المغاربية والإسلامية، لأنها في الحقيقة بإمكانها حل معادلة التوفيق بين ثلاثية "الديمقراطية والحداثة والإسلام" التي ما فتأت تشغل بال المغاربيين والمسلمين منذ زمن خاصة بعد ما يسمى ب"الربيع العربي"، وكل ذلك إنطلاقا من قيم ومباديء ثورتها، وقد أجتهدنا في وضع بعض ميكانيزمات تطبيقها بشكل مفصل في كتابنا "ربيع جزائري لمواجهة دمار عربي"، وهو ما من شأنه ليس تجنب إضطرابات في الجزائر مستقبلا، بل تصبح الجزائر قوة ناعمة بالنسبة لهذه الشعوب، ويحتذى بنموذجها كما كانت تفعل الشعوب الأوروبية مع فرنسا بعد ثورتها عام1789 .
لهذا يجب على الجزائر أن تسبق حركة التاريخ فتصيغ وتطبق نموذجها السياسي والإجتماعي المبهر، فلايبقى أمام الشعوب المغاربية والإسلامية الأخرى إلا المطالبة بتطبيقه في بلادها كما كانت تطالب الشعوب الأوروبية بتطبيق نموذج الثورة الفرنسية في بلادها، وقد وضحنا بعض معالم هذا النموذج الديمقراطي في مقالة سابقة بعنوان "أي نموذج ديمقراطي للجزائريين؟" التي تحتاج إلى إثراء ونقاش واسع.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشكلة الجوهرية في الجزائر-من أجل فتح نقاش علمي-
- الأوليغارشية المالية في الجزائر-من النهب المنظم إلى التغول-
- نحو ديمقراطية مزيفة تحت سيطرة المال الفاسد في الجزائر
- علاقة الإنتهازية بالإستبداد -سبب أم نتيجة-؟
- علاقة توريث السلطة بفوضى منطقتنا -قراءة في إضطرابات-
- لا تقدم إلا بفك الإرتباط بالمركز الرأسمالي
- من هم خلفاء الله في الأرض اليوم؟
- بعد وفاة إعلامي معتقل في الجزائر-أي رد فعل-؟
- الصحراء الكبرى في الإستراتيجيات الدولية
- التأسيس للنزعة المغاربية بين عابد الجابري وعلي الحمامي الجزا ...
- منطلقات لإنقاذ الجزائر من إنفجار إجتماعي
- يوغرطة والأمير عبدالقادر-رموز للوطنية الجزائرية-
- جرائم الإرهاب في جزائر التسعينيات-مغالطات ورهانات-
- من وراء دفع الجزائر إلى الفوضى؟
- ترحيب متطرفو العالم بفوز دونالد ترامب
- العصبيات الخلدونية إلكترونيا
- عصبيات وإرهاب -نقد مقاربة جيل كيبل-
- نحو حرب عصبيات-إعادة إنتاج جزائر التسعينيات-
- جذور هزيمة العقل أمام العصبيات
- هل تعرض سيد قطب لتلاعبات مخابراتية؟


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - الإنتقال السلمي الديمقراطي في الجزائر-ضرورة حتمية-