أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حمزة الجواهري - الإعلام العراقي مازال منبرا للحاكم!















المزيد.....

الإعلام العراقي مازال منبرا للحاكم!


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1431 - 2006 / 1 / 15 - 11:11
المحور: الصحافة والاعلام
    


على مر العقود الماضية لم يتعلم العراقيون غير ثقافة النظم الشمولية، ومنها التعتيم الإعلامي، فقد كان الدكتاتور يملي إرادته على الجميع ولا يوجد من يملك رأيا سواه، وبالتالي فإنه من واجب الإعلام أن يدافع بمنتهى الشراسة عن رأي الدكتاتور. في النظم الأقل شمولية كالنظام المصري مثلا، لا يختلف الأمر كثيرا عن النظام الدكتاتوري، حيث الإعلام الرسمي تابع للحكومة، ومهمته الرئيسية هو الدفاع عنها بكل قوة وبشكل غبي ومثير للشفقة، كما وعليه أيضا أن يعتم على باقي الآراء بالرغم من أن التعتيم دائما أمره مريب، لكن هذا النوع من الإعلام قد أصبح سنة ثابتة سواء في العراق وخارجه في منطقتنا، حتى الإعلامي الجديد في العراق الديمقراطي قد ورث هذا المرض أو النمط من التعامل مع مفهوم الإعلام الشفافية بشكل عام، ذلك لأن الإعلام أحد أهم أركان الشفافية كقيمة من قيم المجتمع الديمقراطي المدني.
لقد طرح أحد الإعلاميين العراقيين الكبار تشكيل هيئة للشفافية على غرار هيئة النزاهة تابعة للدولة، وهذه المهمة كان يجب على هيئة الإعلام العراقية أن تتولاها وتعطي الصورة الجديدة لمعنى الإعلام الشفاف في العراق الجديد، لكن بكل أسف فشلت الهيئة بالاضطلاع بهذه المهمة، ليس لقصور العاملين في هذه الهيئة فقط لكن هناك أيضا ظروف موضوعية كثيرة تشل عملها وتعيدها إلى عصور التخلف التي من المفروض أن يكون العراق قد تجاوزها. صحيح إن الإعلام يعتبر سلطة رابعة، أو كما يقال عنه هكذا، وهو الذي يفضح ويخترق الحجب، لكن بظل ثقافة التعتيم التي مازالت سائدة وثقافة القطيع الموروثة، يكون ضعيف ويمكن تكذيبه ومحاربته.
إن وجود هيئة مستقلة للشفافية يعني الكثير بالنسبة للعراق الذي لم يتعلم بعد معنى الشفافية، فمثل هذه الهيئة لها صفة قانونية وتمتلك قوة السلطة التنفيذية وبذات الوقت مستقلة عنها، لذا فإنها سوف تكون فعالة للغاية، وهي بهذا تستطيع أن تنقل أهم قيمة من قيم المجتمع المدني، وهي الشفافية.
العراقي مازال لا يعرف الفرق بين الدولة والحكومة، ففي الأنظمة الشمولية، الدولة تعني الحكومة ولا شيء أكثر من ذلك، وكل سلطة داخل هذه الحكومة تكون تابعة لها، لكن في النظام الديمقراطي الأمر مختلف بشكل كبير، حيث الحكومة ليست هي الدولة، لأن الحكومة تمثل فقط السلطة التنفيذية وهي إحدى السلطات المتعددة في الدولة، فهناك سلطات غير السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، حيث توجد هيئات يحكم عملها الدستور، وهي كثيرة ومختلفة، منها هيئة النزاهة وهيئة الإعلام وهيئة المحكمة الدستورية وهيئة اجتثاث البعث وربما هيئة الشفافية وهيئات أخرى يمكن أن تساهم في هذا البناء الذي نسميه الدولة. هذه السلطات والهيئات المتعددة تكون مستقلة عن بعضها البعض، وجميعها تعمل في خدمة الشعب، من هنا نستطيع أن نفهم دور الإعلام، وهو ذلك الكيان الذي يجب أن يقف مقابل السلطة التنفيذية في موقع الند المستقل وليس التابع الذي مازال تحت الوصاية.
في الحقيقة نحن بحاجة إلى عدد معتبر من الهيئات التي تعلمنا قيم المجتمع الديمقراطي، على سبيل المثال وليس الحصر، نحن بحاجة إلى هيئة لتكافؤ الفرص، حيث لم يتعلم العراقي لحد الآن أن كيف يرفع دعوى ضد الحكومة لأنها لم تعامله بالمثل مع الآخرين وفق ما جاء في الدستور، لأنها وفرت لآخرين فرص على حسابه، وهناك الكثير من الهيئات من هذا النوع يجب أن تنبثق عن البرلمان وتمتلك قوة القانون لتعلم الناس حقوقهم وتدافع عنها أمام محاكم مختصة حتى ضد المؤسسات الرسمية، ويجب أن يستمر عمل هذه الهيئات حتى تترسخ قيم المجتمع المدني وتصبح ممارسة يومية لجميع الناس.
فإننا بحاجة إلى هيئات تعلم الناس صيانة ما جاء في الدستور الجديد من حقوق مكتسبة للمواطن وتعلمه كيف يستفيد منها وتساعده على ذلك.
لنعود للموضوع الرئيسي وهو الإعلام العراقي والهيئة التي اقترحها أحد الإعلاميين الكبار وهي هيئة الشفافية، لنأخذ مثلا، موضوع الفساد الإداري الذي تحدثنا عنه، فقد تصاعد الحديث عنه بشكل مثير وتوقعنا المزيد الذي سوف يكشفه الإعلام، لكن فجأة، لم نعد نسمع عنه وكذلك توقفت جميع الإجراءات في هذا المجال، وذلك بسبب صفقات خفية بين الكتل السياسية في البرلمان، لأن المتورطين في الفساد ينتمون لجميع الكتل، وإن تفاوتت نسبة التورط. فتحامى المتورطون والحرامية ولوح كل طرف منهم بأوراقه للطرف الآخر، وهكذا عرفوا قدر أنفسهم وحدود نزاهتهم، وكما يقال إن من كان بيته من زجاج عليه أن لا يرمي الناس بحجر، فتراجعوا عن مواقفهم الهتافية والعنتريات أمام البرلمان خصوصا عندما تكون جلساته منقولة على الهواء، بعدها ساد الصمت على هذا الموضوع ولم يعد حاضرا أبدا، لكن في حال وجود هيئة للشفافية وإعلام شفاف غير منحاز لطرف من الأطراف، سوف لن يستطيع البرلمان الامتناع عن التصويت على رفع الحصانة عن البعض بسبب وجود مثل هذه الصفقات المريبة، بل المكشوفة والواضحة وضوح الشمس، ولم تتوقف إجراءات هيئة النزاهة والقضاء.
لنأخذ مثلا آخر، لقد شاهدنا الإعلام العراقي منحازا بشكل سافر لموقف الحكومة من ملف أسعار المشتقات، بالرغم من أن هناك أصوات كثير تختلف مع الحكومة بطريقة التعامل مع هذه القضية، لكن الإعلام أتخذ موقف الحكومة فقط وراح يدافع عنه بشكل ببغاوي، ولم يشرك الإعلام في النقاش الدائر حول هذا الموضوع سوى ذلك النفر من المتحدثين الذين يدعون موقف الدولة، حيث كان هناك من يرفض الزيادة على هذه المشتقات وله مبرراته الكثيرة، منها معالجة الموضع وفق أسلوب الصدمة المدروسة، وهناك آخرون لا يجدون سببا للزيادة أصلا ولهم مبرراتهم الموضوعية أيضا وأهمها زيادة فاعلية قوى الأمن بمحاربة عصابات تهريب المشتقات، ولكن لكون معظم الكتل السياسية التي تساهم بالسلطة متورطة بتهريب النفط والمشتقات، فإن الحكومة قد تخلت عن مسؤوليتها في محاربة هذا النوع من الفساد المستشري في الدولة، والذي تصل قيمته إلى أكثر من عشرة مليارات دولار سنويا، وهكذا فإن الإعلام العراقي المملوك من قبل الدولة كان له الدور الأكبر في دعم موقف الحكومة وترديد مقولاتها وكانت مواقفه دائما مطابقة لموقفها وما يزال هو الطرف الوحيد المدافع عنها، وذلك لأن الهيأة تعتقد خطأ أنها مملوكة من قبل الحكومة، في حين إن العائدية أو الملكية للدولة لا تعني العائدية للحكومة كما أسلفنا، والحكومة تتبدل في المجتمعات الديمقراطية ويبقى الإعلام للدولة، مستقل وبعيدا عن التأثيرات والمؤثرات.
لنأخذ البي بي سي كمثال، وإن اختلفنا مع قناعات هذه الهيأة بالشأن العراقي، فهي لا تتورع عن تقديم التقارير المضادة لموقف الحكومة بما يتعلق بالموقف من العراق مثلا، بالرغم من أنها هيئة ممولة من قبل الدولة وعائديتها للدولة، وإن بريطانيا لها قوات كبيرة ضمن القوات المتعددة الجنسية في العراق، ذلك لأن الدولة لا تعني السلطة التي تمتلك القرار خلال فترة أو دورة برلمانية، فالسلطة، وكما أسلفت تتغير لكن الدولة باقية، فهي هيئة مستقلة عن السلطة كما هو القضاء أو هيئة النزاهة، وهيئة الشفافية التي نتحدث عنها، وكذلك هيئة الإعلام، يجب أن تكون مستقلة عن سلطة الحكومة ولا سلطان عليها سوى الشعب.
الآن وفي هذه الأيام نحن نواجه حالة من التعتيم على شكل الحكومة التي سوف تأتي لفترة تستمر لمدة أربعة سنوات، فهناك كتل سياسية تتفاوض على مكاسب في السلطة التنفيذية القادمة، وهناك مفاوضات حتى مع جهات مرفوضة لكثرة الجرائم التي اقترفتها بحق الشعب. وهنا نسأل، من استطاع أن يخترق سرية هذه المفاوضات، في حين هي مصيرية بالنسبة للشعب العراقي؟ فلو كان هناك إعلام مستقل، وتعلم العراقي معنى الشفافية، وهناك أيضا مكان لأعضاء هيئة الشفافية على طاولات التفاوض، لأستطاع العراقي تحديد موقف مما يجري في الخفاء خلف الأبواب الموصدة.
لنأخذ مثلا آخر على تخبط هيئة الإعلام العراقي العائد للدولة، إذ لم يعد خافيا على أحد أن هناك كيانات دينية وأخرى سياسية مرتبطة بالإرهاب وخصوصا الزرقاوي منه، والكل على علم بشكل العلاقة بين هذه الأطراف، إلا الإعلام العراقي، لم يعترف لحد الآن بوجود هذه العلاقة! ومن المؤسف حقا أن هذا الموقف تعتبره الهيئة موقف محايد! فهل يعقل أن نتخذ موقف الحياد من الإرهابيين ومن يؤويهم ويدعمهم إعلاميا وسياسيا ويوفر لهم جميع أنواع الدعم؟! ولم يتخذ موقف الحياد من مسألة مثل موضوع المشتقات أو الفساد الإداري؟! هكذا يبدو الأمر معكوسا مع الإعلام العراقي المملوك من قبل الدولة! كما ونلاحظ أيضا أن المادة الإعلامية تكون قد أخذت طريقها للمواطن من مصادر إعلامية غير هيئة الإعلام العراقية، وهي في العادة منحازة كالفضائيات العربية، وبعد أن تستهلك المادة الإعلامية تماما، هنا فقط تبدأ أجهزة هيئة الإعلام العراقي بالحديث عنها، وكأن الأعداء هم المسؤولين عن نقل المادة الإعلامية عن الوضع العراقي! في حين يفترض العكس، والحقيقة هي أن هذه الهيئة لا ترغب بالمساهمة بفضح ملفات تريد لها الحكومة أن تبقى مغلقة، وهذا ما يقلل من مصداقية الهيئة ويجعلها هامشية بالنسبة للعراقي، في حين هو من يدفع لها وهو من يجب أن تكون له الكلمة العليا عليها وليس الحكومة.
إن الإعلام الناطق أو المكتوب باللغة العربية دائما لا يلبي ما يحتاجه العراقي من معلومات، لأنه إعلام منحاز، فإذا كان عربيا فإنه منحاز لدولته، أما إذا كان عراقيا فإنه منحاز للجهة التي تموله، وهي في العادة الأحزاب سواء كانت مشاركة بالسلطة أو بعيدة عنها، لذا كان من المفروض أن تعمل هيئة الإعلام العراقي على إيصال المعلومات والمواقف للشعب بحيادية تامة، وبغير هذا الموقف ستكون قد فقدت وظيفتها والدافع من وجودها، لأن الأطراف التي تشكل الحكومة تمتلك أجهزتها الإعلامية كما أسلفنا، وإذا كانت الهيئة منحازة للحكومة، فما الداعي إذا من وجود إعلام الدولة؟ في حين نريده أن يكون منبرا إعلاميا لنا كشعب، إعلاما حياديا يختلف مع الحكومة ويكشف عن ضعفها ويصحح من أخطائها لمصلحة الشعب، وهذا غير متوفر بمعظم أجهزة هيئة الإعلام العراقية.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة المهاجرين من أهم ضرورات المرحلة
- الاستقطاب السياسي الحقيقي في الانتخابات
- الخوض في مياه بحيرة دوكان العميقة
- أزمة المشتقات وبعض الحلول المقترحة
- المشتقات النفطية هي التي سوف تحرق العراق
- أتفق العراقيون ولم يتفق السياسيون!
- النتائج المتوقعة للانتخابات القادمة
- الحوار المتمدن في عيدها الرابع
- ملاحظات حول تقرير بلاتفورم عن نهب الثروات النفطية
- نفط كوردستان للعراقيين
- مدخل للبحث عن معنى الإرهاب وأشكاله
- حوار خاص حول تطورات الثروة النفطية في العراق
- ماذا بعد تفجيرات عمان الإرهابية
- الأسباب الحقيقية وراء تفجيرات عمان
- هل هي الهزيمة أمام الإرهاب؟
- رد مهني على مذكرة خبراء النفط التي تعترض على الدستور
- الدستور وحق الجنسية والمحاولات العقيمة
- المهمة المستحيلة والساسة العجزة
- علاوي هو الذي أدخلنا في قمقم سليمان يا رزاق عبود
- محاكمة آخر وأول الزمان


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حمزة الجواهري - الإعلام العراقي مازال منبرا للحاكم!