أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - علاقة الإنتهازية بالإستبداد -سبب أم نتيجة-؟














المزيد.....

علاقة الإنتهازية بالإستبداد -سبب أم نتيجة-؟


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 5407 - 2017 / 1 / 20 - 19:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علاقة الإنتهازية بالإستبداد
- سبب أم نتيجة-؟



يقول الكواكبي في كتابه "طبائع الإستبداد" بأن الإنتهازية والنفاق من أخطر الأمراض الإجتماعية الناتجة عن الإستبداد الذي يدفع بالبعض إلى التملق للسلطان إما خوفا على مصالح أو تحقيقا لمطامع و"أكل أموال الناس بالباطل" - حسب التعبير القرآني-، وعرف التاريخ الإسلامي ظاهرة الشعراء المتزلفون للسلاطين مقابل دريهمات معدودة، بالرغم من أن رسولنا الكريم )ص( يأمرنا بضرب المتملق بالتراب، فالإنتهازية من الأمراض الإجتماعية الأشد فتكا بالأمم والدول، وكتب عن خطورتها حتى النازي العنصري هتلر، ففي بعض الأحيان حتى المجانين والمجرمين يقولون أشياء جميلة وحكيمة، ومنهم هتلر الذي يقول في كتابه "كفاحي" كلاما وجيها عن أخطار الإنتهازيين على الأمم، وحملهم مسؤولية إنهيار ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، والجميل في كلامه تصنيفه ألمان بدايات القرن 20 إلى ثلاث، وهم الوطنيون الخلص والخونة الواضحين، لكنه لايرى الخطر الأكبر في هؤلاء الخونة، بل في صنف ثالث هم الإنتهازيون الذين يميلون إلى أين تميل القوة، ويختم تصنيفه بالقول "أنه كلما تكاثروا في أمة سارت تلك الأمة إلى الهلاك"، وكأني به ينقل قول الله تعالى في كتابه الكريم عن المنافقين الذين وضعهم في الدرك الأسفل من النار، لكن هل كان هتلر يدرك أن أغلب مطبليه سينقلبون عليه بمجرد ما ينتهي كما يقع لكل المستبدين؟.
عرف مثلا شعبنا الجزائري كغيره من شعوب منطقتنا إنتهازيين كثر في تاريخه، فكانوا سببا رئيسيا في إستعباده، فلم تبق فرنسا 132 سنة في الجزائر إلا بهذا الصنف من الناس، فمثلا في العهد العثماني كان الحكام يستغلون الشعب الجزائري بتقسّيمه إلى صنفين هما قبائل المخزن وقبائل الرعية، فالأولى تقاتل الثانية لجلب الضرائب للحكام العثمانيين مقابل إعفائها من دفع الضرائب، وهي تقريبا نفس الضرائب المجحفة التي فرضها الاستعمار الفرنسي فيما بعد، لكن بشكل أبشع، فدراسة ممارسات قبائل المخزن تساعدنا على فهم جذور ومظاهر الانتهازية في جزائر اليوم، فهذه القبائل التي خدمت الحكام العثمانيين هي نفسها التي عرضت خدماتها على الاستعمار الفرنسي بمجرد ما رحل أسيادها العثمانيون بالأموال المنهوبة من شعبنا، وهي نفسها التي كانت تغيّر مواقفها من الأمير عبد القادر حسب ضعفه وقوته، وكانت أحد أسباب فشل مقاومته الباسلة بعد ما ساهمت في حصاره، ومنها برزت هذه الانتهازية في جزائر اليوم، والتي فتكت وتفتك بأمتنا، فتطبّل لكل قوي حتى ولو كان أجنبيا، لأنها تحرّكها البطون لا المباديء، فهي “بني وي وي” في العهد الاستعماري و"بني نعم" بعد1962، يطبلون لكل الرؤساء والسياسات رغم التناقضات الحادة فيما بينها مقابل الإستفادة من الريوع، وينتقلون من النقيض إلى النقيض، ويركبون كل المراكب دون حياء، فلايوجد أحسن من كتاب "مقالة في العبودية المختارة" للفرنسي أتين دي لابويسيه المنشور في1568 لفهم هذا الصنف من الناس، وكيف تستعبد وتستغل بواسطتهم الشعوب، فقد طرح صاحبه سؤالا جوهريا منذ أكثر من خمسة قرون، ويقول فيه: هل بإمكان الفراعنة والقياصرة والملوك المستبدين وكل الطغاة فرض طغيانهم على الشعوب لولا قبول البعض تنفيذ كل ما يطلبونه منهم هؤلاء الطغاة حتى ولو كان ضد قناعتهم، ويقومون بذلك كله خوفا على منصب أو مال أو طمعا فيهما؟ .
لكن لم تجب أوروبا على سؤال ثان طرحه دي لابويسيه حول كيفية الحد من الإنتهازية والقابلية للعبودية إلا بعد فترة طويلة بإبداعها نظامها الديمقراطي على يد فلاسفة التنوير كمونتيسكيو وجون جاك روسو وجون لوك وغيرهم، وذلك بوضع نظام سياسي يحد من طغيان كل سلطة، وذلك بحفظ التوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، فكل سلطة تحد وتوازن السلطة الأخرى، وتمنعها من أي طغيان، فتسود دولة القانون، وينتهي التعسف والظلم في إستخدام السلطة، فلهذا قل الإنتهازيون في أوروبا لأن كل فرد محمي بالقانون والمؤسسات على عكس بلداننا الإسلامية التي تتكلم فقط عن أخلاق وقيم ومباديء عامة دون التفكير الجدي في وضع الميكانيزمات والآليات والمؤسسات العملية التي تحد من التعسف في إستخدام السلطة، فيقل بذلك عدد الإنتهازيين والمطبلين لكل قوي، وتسمح هذه الآليات والمؤسسات بأن يصدح كل حر برأيه، ويمتنع عن تنفيذ ما يخالف القانون وضميره دون خوف من عقاب أو مساس بحياته أو مصالحه الحيوية.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-




#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة توريث السلطة بفوضى منطقتنا -قراءة في إضطرابات-
- لا تقدم إلا بفك الإرتباط بالمركز الرأسمالي
- من هم خلفاء الله في الأرض اليوم؟
- بعد وفاة إعلامي معتقل في الجزائر-أي رد فعل-؟
- الصحراء الكبرى في الإستراتيجيات الدولية
- التأسيس للنزعة المغاربية بين عابد الجابري وعلي الحمامي الجزا ...
- منطلقات لإنقاذ الجزائر من إنفجار إجتماعي
- يوغرطة والأمير عبدالقادر-رموز للوطنية الجزائرية-
- جرائم الإرهاب في جزائر التسعينيات-مغالطات ورهانات-
- من وراء دفع الجزائر إلى الفوضى؟
- ترحيب متطرفو العالم بفوز دونالد ترامب
- العصبيات الخلدونية إلكترونيا
- عصبيات وإرهاب -نقد مقاربة جيل كيبل-
- نحو حرب عصبيات-إعادة إنتاج جزائر التسعينيات-
- جذور هزيمة العقل أمام العصبيات
- هل تعرض سيد قطب لتلاعبات مخابراتية؟
- -مثقفو وسياسويو- العصبيات
- لماذا رحب الإسلاميون بنظرية -صدام الحضارات- لهنتغتون؟
- التنظيمات الإخوانية في خدمة أجندات دولية وأقليمية في منطقتنا
- محاولات لإختطاف مالك بن نبي وتوظيفه


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رابح لونيسي - علاقة الإنتهازية بالإستبداد -سبب أم نتيجة-؟