أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا القنبر - حدائق الكريستال في اليوم السابع















المزيد.....


حدائق الكريستال في اليوم السابع


رنا القنبر

الحوار المتمدن-العدد: 5380 - 2016 / 12 / 23 - 12:32
المحور: الادب والفن
    


حدائق الكريستال في اليوم السابع
القدس: 22-12-2016 من رنا القنبر- ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي في القدس ديوان "حدائق الكريستال " للشاعر والروائي اياد شماسنة، ويقع الكتاب الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في 117صفحة من الحجم المتوسط.
بدأ النقاش ديمة السمان التي أدارت الأمسية فقالت:
"حدائق الكريستال" يحلق فيها "نورس" إياد شماسنة عاليا يحمل رسائل صريحة شفافة تخلو من المهادنة والمجامة الكذّّابة
بقلم : ديمة السّمّان
لم يأت عنوان ديوان الروائي الشاعر إياد شماسنة صدفة
( حدائق الكريستال).. ولم يختره لأنه كان يبحث عن عنوان جميل يسوّق به ديوانه.
الديوان عكس خصائص "عنوانه".. فكان واضحا شفافا بطرحه.. صلبا بمواقفه.. لم يهادن ولم يجامل.. قدّم النّصيحة.. وبث الشوق.. وعكس الواقع بزمنه الصّعب.
وما يلفت النظر هنا أن شماسنة استطاع أن يتقن الدورين.. دور الروائي ودور الشاعر. فالروائي هو الذي يستدعي الرواية.. يقودها ويوجهها كما شاء.. ليبث من خلالها الفكرة التي سكنته.. أما القصيدة فهي التي تستدعي الشاعر. وهنا نجح شماسنة أن يكون قائدا بروايته ( امرأة اسمها العاصفة). كما أتقن شاعرنا "فن الاستجابة" لقصائده التي استدعته.. فاحتواها واحتضنها.. وبث من روحه فيها.. ترك بصمته تشهد على قدرته في التحليق عاليا.. فقد كان هو النورس الذي بث روح الدّفء في القاريء. قرأنا الانتماء والوفاء للوطن.. والشجاعة والجرأة والكبرياء.. النقد البنّاء.. الذّكاء والحكمة في التّعاطي مع الواقع.. والمحبة والاحترام والعلاقات الطيبة بين الناس.. والوحدة بين أبناء الشعب الواحد.
أما الحبّ والحبيب.. والغزل والجمال .. فقد كان لهم نصيبا أيضا.. وكيف لا.. فالشاعر مغزول.. بل مجبول بالمشاعر الانسانية التي تطفو دوما.. لا يخفيها.. لا يكبتها.. بل يحرّرها .. فتسهّل له طريق الكلمة.. تقوده الى أعلى درجات الابداع.
الديوان بقصائده الخمس تميز بلغة جميلة.. تميز بأسلوب السهل الممتنع.. استدعى الشاعرُ الكون.. وحلّق بفضائه.. وحلم.. وحلم حتى لامس حلمه حدود الصور.. فجذب الأمل .. ليتغلب حتما على الألم.
وكتب براهيم جوهر:
يقدّم الشاعر "إياد شماسنة" في ديوانه المميز هنا باقة من القصائد الغنية باللغة القوية والصّور العامرة والحوار مع الذات بأسلوب البوح والقصة الشعرية كما يتناصّ مع شعراء العصور الذّهبية للشعر العربي والموشحات الأندلسية ليعبّر عن حقيقة الشّعر في بعده عن الشّعار واقترابه من التعبير الجميل المميز عن الذّات وقضايا الإنسان العامة.
إنه يعيد للشعر معناه الذي غاب في معمعة التجريب والتّغريب واللعب بالكلمات لتعود للقصيدة روحها وجمال حضورها ولغتها وموسيقاها.
تكتمل عناصر الصورة الشعرية المؤثّرة في القصيدة الافتتاحية "فتنة المجاز" على الصفحة التاسعة من "حدائق الكريستال". فيجد القارئ عناصر الصورة في هذه القصيدة التي توزّعت على ثلاثة محاور: السرد وقول المحاور ثم الرد على القول.
لقد توفرت عناصر: الصّوت، والحركة، واللون، واللمس، والشّم مما أغنى القصيدة ورفعها إلى الفضاءات التي أرادها الشاعر وهو يراجع الأحلام التي كانت ولم يكسرها الغياب.
وفي قصائده الأخرى يخاطب الحالة الإنسانية الباحثة عن انسجام وحياة وهو ينوّع في خطابه الشّعري بين الخبر والإنشاء والحوار والقصة الشعرية، ويستحضر الحكمة الشعرية والشخصيات التاريخية والدينية في ثقافة العربي ليواصل البناء فوق ما بناه الآخرون.
وقالت نزهة أبو غوش:
في ديوانه " حديقة الكريستال،" وبقلمه الواثق، وفكره الثّاقب، يدخلنا الشّاعر شماسنة إِلى حديقته الغنّاء، ويمتعنا بما خطّ قلمه وفكره من قصائد عاموديّة.
في قصائده نستشعر كلمات منغّمةً موزونة ذات موسيقى منتظمة موزونة، قد اضافت لونًا من الجمال والتّأثير الوجداني، وهي في كثير من الأحيان تخترق القلب والعقل معًا:
"وفؤادي كالمدى ما دمت فيه وإِذا رغبت كبرد الحجر
وزماني دون عينيكَ قفارٌ لم تزل تشكو غياب المطر" من قصيدة" فتنة المجاز" ص11.
.
استطاع الشّاعر إِياد شماسنة أن يطعّم قصائدَه بالفكرة، والتّحدي والنقد. في قصيدته " إ لى الوالي" ص58 يقول:
"لماذا تركت الحدود وعدت إِلى القصر تطلق في النّاس غولا
أراك اصطنعت القداسة في الحكم حتّى تعيد العزيز ذليلا......
وقد قمنا نحو السّماء فأقسمن أن لا يكون القصاص مطيلا
سينجبن في كلّ عام رجالًا ويرضعن الثّائرين الأٌصولا"
نستطيع القول بان قصائد " حديقة الكريستال" ابتعدت عن حركة التّجديد الآنيّة، وإِنّما اقتربت أكثر من الماضي وما فيه من تراث، وحكم، ولوعة وعشق وجمال. نرى القصائد تلاوح في بعضها أشعار أبي العلاء حينًا, والمتنبّي، وأبي فراس الحمداني وغيره من الزّمان الماضي؛ حينًا آخر. بينما لم يسقط الشّاعر شماسنة من قصائده مواضيع وهموم الحاضر، وخاصّة همّ الوطن:
"في فلسطينَ يصنعُ الزّمنُ الصّعبُ مجالًا ويستطيل انتظارا
ويدور الرّجال في ساحة الأرض؛ يقيمون كلّ ردم مدارا" من قصيدة تمجيد المجال المقدّس ص151.
في قصائد الشّاعر شماسنة تغلب العواطف الحزينة الّتي تعبّر عن الألم والوجع والفراق، يتلاعب فيها بحروف ذكيّة فيها ابداع:
"وفي يدي بقايا من تصافحنا وفي شفاهي هدايا كان يهديها
وفي لساني أنا شيد معتّقة لأجل عينيه صرت اليوم ساقيها"
قصيدة " سيرة الوجع" ص68.
هناك الكثير من المناجاة الّتي يبوح بها الشّاعر، لليّل والطّير وغيره..
"أيّها السّاهر وحدك لم تزل توثّق عهدك
شاردأً تذكر من ضيّع في الأيّام ودّك" ص96؟
مناجاة الطّير :
يا طير كيف طويت الجرح واحتملت عيناك ما احتملت من ظلم قاضينا ص137.
وعن الليل كتب مناجيًا :
"أيّها الليل أنت سرّي وأُنسي وعلى جذوة الحنين معين
حين مالت على جناح الأماني رعشةٌ مسّها الفؤاد الحزين " كتاب الليل" ص91.
أما هدى خوجا فكتبت :
يبدأ الشاعر الإهداء إلى سيّدة نساء الحرف والرّوح ، فلسطين الحبيبة والأبدية، والأمة العظيمة في أوّل مراحل بعثها الحضاري.
نعم إنها حديقة الكريستال الرّاقي الجميل الشّفاف الجذّاب، بأبيات صوفيّة تارةً مع غزل عذريّ متناغم ومتناسق ، لتجد روح القارئ تحلّق على أزهار ونسرين وورود وفراشات بألوان زاهية، وكل قصيدة لها اسم خلاب مع وقع رنّان على الأذن.
أهو مرور نسيم أم اشتعال نيران!
لتجد سحرا وغناء وترانيم وصلاة وعشقاً لمحبوبته فلسطين، وعلواً من مشارف جبل الزّيتون .
امتازت المجموعة بالإبداع والرّوعة،وسلاسة الأسلوب ورقّة الحرف والكلمة، وعذوبة البحر للقصيد.
تزهر الفصول في الأبيات مثال ص22
وتمنحني من ربيعك فصلا
وتتركني في خريفك فصلاً
لذلك أدعوك روحي ، وإني
بكل يقيني، أراني مقلّا
وللغة العيون خاصة مكانة في الشعر ومنها ص23
أما علمتك العيون بأن
القلوب الرّقاق تموت وقارًا
وما تستطيع احتمال الحنين
إليك ، ولا تستطيع اصطباراً
ولازلت من دون عينيك؛ ضوء
تلاشى ، ونجم على الكون ثارا
ص41 من خماسيّة التّحليق –وصال العاشق
إلى أناقة عينيك الّتي وصفوا
أعددت في ساحٍ قلبي غير ما عرفوا
لأن العيون مقام الأسرار وبيانها واكتشاف السّر الدّفين والحزن والسّعادة والألم والمحبّة.
وسيرة الوجع ص68
​​وكيف أنسى عيونارحت أعشقها
حتّى نسيت دروبي في شواطيها
وتنتهي الكريستال بأقمار ص173
إنّا شكوناهم إليك ؛ فإنّهم
سار الوداع على يديهم ديدنا
لاتسقهم من كأسنا ، واجعل بهم
ظلم الحبيب على الأحبة هيّنا
وفي النّهاية نبارك للشّاعر ديوانه مع أطيب الأمنيات.
وقالت رائدة ابو صوي:
تزين الغلاف لوحة لأمرأة جميلة جدا .نائمة ومن خلفها دوامة زرقاء هي دوامة الحياة .المرأة ربما ترمز الى فلسطين ببريق فستانها المشع كحبات الكريستال .الحريري الخيوط التي يطمع بها الطامعون وهي في سباتها تنتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى .
حدائق الكريستال .
الحديقة كل أرض ذات شجر مثمر ونخل أحاط به حاجز .أما حديقتنا هنا في ديوان شعر الشاعر اياد شماسنة فكانت حديقتنا من كريستال .
الكريستال هو البلور الصاف النقي الشفاف .
عذوبة انتقاء الكلمات في ديوان الشعر جعلتني أشعر بأني أتعامل مع أوراق من كريستال .أقرأئها بتمعن خوفا من أن تكسر .
نظم القصائد التي تنوعت بين الحب الآلهي والغزل والوطنية كما ينظم فنان ثريا من الكريستال .يلتقطها حبه حبه ويلضمها في أسلاك من نحاس لينتج لنا ثريات رائعة الحسن والجمال تسر الناظرين وتضيء الأماكن .
الأفكار التي جسدها الشاعر بالديوان عبر عنها بجدارة .
الخيال خصب في القصائد والمشاعر تنوعت مع أن الحزن غلب على أغلبيتها .
شعره موزون ومقفى ولغته جميلة .قريية من القلب
قريب من الشعر الصوفي شعر أبو الفتح البستي
الذي أتحفنا بقصائده ومن الأبيات التي أذكرها له
{ تنازع الناس في الصوفي واختلفوا ...وظنه البعض مشتقا من الصوف ولست أمنح هذا الأسم غير معنى .....صفا فصوفي حتى سمي صوفي }
ديوان شعر ساحر ويعتبر اضاءة في فضاء الأدب.
وقالت رشا السرميطي:
إن بدأت من تحليل العنوان:" حدائق الكريستال" فإنَّ كلمة حدائق تعني في دلالتها التنوع والاختلاف، وعادة ما تضم الحديقة أكثر من زرع مختلف ألوانه وأزهاره ومذاقه، ينتمي لذات الأرض " الحديقة "، وفي ذلك تفسير لتنوّع الموضوعات التي جيئت في الديوان لتشمل: الحب، الانتماء، الحلم، السهاد، الشوق، الوفاء، الصَّبر، القوَّة، وغيرها.. وانتماء الشاعر للكتابة أيضا. أمّا الكريستال فمعناه " البلورة" وهي أيضا كلمة يونانيّة تعني البرودة، كما الماء الذي أضيف إليه مجهولاً فتجمد دون تبريد، والكريستال ثلاثي الأبعاد، وهذا تمامًا ما رأيته في ديوانه، إذ بدا يتألف من ثلاثة أبعاد: البعد الفردي الفكري العميق الذي ظهر واضحا اسقاط رأيه الشخصي به، بعد الوطن والأرض والآخر الذي تفاعل معه وأخرج استنتاجات واشتقاقات عديدة منه، وأخيرًا البعد الثالث الذي بدا الأوّل والأولى عنده بكل ما قدمه ألا وهو بعد المرأة.
قصائد الديوان كانت كما البلور ساحرة، جميلة، عميقة، ثمينة تبادلت مفاهيم فكرية عميقة ذات دلالات حقيقية وأخرى خيالية وجدانية، كما ارتبطت ببعض الرؤى الغيبيّة، التي قدمها الشاعر إياد شماسنة من منظوره الشخصي والفردي، ليحكي للقارئ عن كريستال ثلاثي الأبعاد يراه هو في مواقف ومضامين مختلفة.
لقد وفق الشاعر إياد شماسنة في اختيار العنوان:" حدائق الكريستال" كما اختيار لوحة الغلاف التي تربعت بها المرأة على مجهول رسمه بالطريقة الحلزونية، التي كلما تعمق بها المشاهد اشتدّ الظلام أمامه، وإن نظرنا إليها بطريقة معاكسة لرأينا خروج من الظلمة إلى نور ساطع مكلل باللون الأصفر والليلكي، وبهذين اللونين دلالة حرية وغموض، دفعتني كقارئة لأن أقرأ، ويشد كل قارئ جاد للبحث في هذه الحيرة المشوقة.
ليس كل من كتب الشعر صار شاعرا، وما كل ما صنِّف منشورا على أنَّه " شعر" يكون شعرا، وإنّما لنظم الشعر فن يحتاج لمهارة ومعرفة وخبرة، وكذا مقدرة على امتلاك أوتار الكلمات لاتقان العزف عليها، رغم عدم ميولي للشعر خاصة العمودي منه، ومحبة قراءته، ممّا يصدر حديثا على المستوى الفلسطيني لنقل مجازا، لكنّني أرى في ما يكتبه إياد شماسنة اختلافا، بل تميزا، يجعله شاعرا حداثيا على طريق المجد بشعره، واعتنائه بالكلمات والمعاني والصورة اللغوية التي تهز كيان قارئها، وتجعله يعيد قراءتها كي يفهم دلالتها بشكل أعمق وربما لاعجابه بها أيضًا.
بدت كثير من قصائد الدِّيوان مغلفة بالأسرار، التي ما انفك القارئ العميق إلا واكتشف مفاتيحها اللغوية والبلاغية، كذا كان هناك حضورًا بهيًّا للمرأة المعشوقة بصورتها السامية، على درب من الاشتياق والتواصل النبيل بأبهى صور الحب، المرأة القوة التي تعين الرّجل على الاستمرار في الحياة بل ركوب مكنوناتها وبلوغ شواطئ النّجاح بها. يقول في قصيدة "الأميرة الجالسة": لم أزل منذ أن تكوّن قلبي/ حائر اللحن بين ليل وليلى/ بين عينيك وابتسامتك سر/ بحروفي، فاجعل الحبر حقلا. تابع في " سيدة الأساطير":
وما تستطيع احتمال الحنين/ إليك، ولاتستطيع اصطبارا/ وإنك تمضي؛ فما يتبقى/من الكون إلا مدى يتوارى... ولازلت من دون عينيك؛ضوء/ تلاشى، ونجم على الكون ثارا. أما قصيدة"وصال العاشق": إلى أناقة عينيك التي وصفوا/ أعددت في ساح قلبي غير ما عرفوا/ .. يا سيد النور، خذني في مراتبه/ إني رماني بساح الظلمة التلف/ إني أحب انبعاث الحرف من قلمي/ وخمرتي لغتي، والحبر، والصحف..
في قصيدة " أنا الفلسطيني" قدم إياد شماسنة هويّته للقراء كشاعر فلسطيني مناضل لا يقف في طريقه عائقا، ولا يغلبه منع وتطويق، لينتهي به الأمر حيّا يعيش بكرامة. يقول:" أنا من أرض فلسطين/ لكنني أسكن حدّ السما/ خالد القلب، نقي الجنا/ مغرم بالأرض، لو علقما/ عائد يا أرضنا، واعدًا/ وعد حر، لايدري مغرما/ حالم والكون في قلبه/ والليالي السود تجري دما.
كما لم تخل قصائد الشاعر إياد شماسنة من الصوفية والنقاء في وصف الحب والمحبوبة والتغني بهما، إذ اشتملت على معان عميقة تعكس ذات صاحبها من قلم له فكر عميق وأرق يكتبه، وقضايا طرق أبوابها بقوة نظمه للشعر، فبدت عنده الحكمة وطول التجربة، كما تطرق للحرب والدّم وكذا الشهادة لأرواح سمت فارتقت للعلياء، يقول في قصيدة "نشيد الدم": كلما أنبت الزمان أمانا/ أمعنوا فيه نقمة واقتلاعا/ عندما يذهب الغزاة إلى/ الحرب يشدون للجحيم شراعا/ ومن الموت لجة ليس تهدا/ ومن الشر جامح ما أطاعا/ يخطفون النّدى، ويمضون في/ هاجرة الأرض ينثرون النزاعا.
في كثير من قصائده بدا شماسنة ثائرا مفكرا متسائلا ومجيبا، يطلب القارئ أن يصغي لما لم يقله، ويقرأ ما لم يكتبه، في تقديري إنّ الشاعر إياد شماسنة ناجح في كتابة الشعر بل متفوق عن غيره ممن يكتبون الشعر اليوم، وكذا بتنظيم ديوانه حدائق الكريستال قد تميّز.
وقالت هدى عثمان:
حيرني إختيار الشاعر لعنوانه فبحثت في مجموعته الشعرية عن السبب وما أن تجولت وجدت الكريستال المرصع بالإبداع.
لغة الشاعر في قصائده سلسة ,مفهومة ,لغة شاعرية تملؤها. الحركة الجمال والخيال.
نتجول في حدائق الكريستال, نتخيل المشهد ونرسم الكلمات نراقصها ونحضنها بصحبة حركة الأفعال فمثلا في فعل الأمر في قصيدة" راقصيني" هو دعوة للفرح وللغرام.ص45.
هاتي يديكِ لكي يقبلها فمي
كرمي لمجدك يا بلاد الأنجم.
ونرى تكرارا بصيغة الماضي وتساؤلات كثيرة وتمني.مما يجعل للقصيدة حركة وحيوية تجذب القارئ .
ففي قصيدة "سيرة الوجع "
وكيف أنسى زمانا كان يأخذني
إلى أعالي الأماني في أعاليها
وكيف أنسى عيونا رحت اعشقها
حتى نسيت دروبي في شواطيها ؟
كما ويكثر في حرف العطف في عدة قصائده مما يخلق تواصل وانسياب
شلال موسيقي كما في قصيدة"تاويل الشغف" ص82.
إضافة إلى تكرار المناداة في قصائده واحيانا التكلم بصيغة الأنا المتكلم.
بدت القصائد كقطع موسيقية ملحنة ,يعيدنا الشاعر إلى قصائد إبراهيم ناجي وقصيدة "المواكب" لجبران خليل جبران.
وكذلك نشعر عند القراءة لقصائده كأننا نستمع إلى أغاني ام كلثوم الجميلة .
كتاب الليل ص 92.
مغناة ص 164
منطق الطير ص 134
"مما حدثت به العندليب" يقول الشاعر
غن لي فالغنا حديث القلوب
وامسح الحزن بالصدى يا حبيبي.
تطرق الشاعر إلى الحب في قصائد عدة
في قصيدة "دعوة للرقص"
فيها يرى الحبيب في محبوبته الأمل وراحة القلب فيقول:
واحتفلي بمجد عينيك ينسى
لوعة اليأس والأسى والتجني. ص 12.
وفي الموعظة قال في قصيدة
"فتنة المجاز"
ليس في التخيل عين النظر
يعرف الساري الخطى بالأثر .ص 21.
وفي الأمل والتسامح قال في قصيدة "الذهبي"
اجدل وخيبتي أملا وأمضي
لأملأ كل درب بالسماح .
وفي الوطن قال في قصيدته" أنا الفلسطيني"
وهو يعتز بالإنسان الفلسطيني وصموده فيقول
خالد القلب ,نقي الجنا
مغرم بالأرض ,لو علقما.
كما أشار إلى الموروث الديني في القران وسورة يوسف في قصيدة" زهرة الألم" ص27.
أبي رأى في الرؤى إلى أن سوف يذبحني
وقد رأيت بأني سيد الكرم .
أنا فداؤك فافعل ما امرت به
فسوف تلقى صبورا , حافظ النعم .
وأيضا في قصيدة "سفر التأويل"
قد راودتني التي في بيتها شغفا
فلم يخني الوفا الحق والوفا.
ويقول ايضا:
إلى أبي. وقميصي شاهد ودمي
أعمى بصائر قوم فيه يختصموا .
وقالت نزهة الرملاوي:
إلى كل من يصنع تاريخ روحي، سيدة نساء الحرف والروح، النوارس المحلقة في سماواتها العلى، حبيبتي الأبدية فلسطين....كلمات وإهداءات تتلألأ في حدائق الكريستال، ديوان للشاعر إياد شماسنة الصادر عن دار فضاءات للتوزيع والنشر، عدد صفحات الديوان 178 من الحجم المتوسط ،قصائد شعرية تتخطر في جنة الكلمات، ترسم صورا من الماضي، كان مبعثا للذكريات وابتهاجات الحياة، وكان أنينا للروح ودفقة الآهات في صدور المحبين.
مشيت بتلك الحدائق راقني وهج الكلمات في بحور متقنة من النظم، فقد جاءت اللغة سهلة سلسة مفهومة، وفي ذات الوقت لغة متينة قوية ذات ملامح تأثيرية على قارئها، فقد حلق الشاعر واجتاز حدود الحلم، والتقى بالقمر، ولامس حلمه حدود الصبر، أقنع الشاعر نفسه أنه سيحلق في أفق واسع كالريح، ولكنه يصحو من حلمه ومن وهمه لاحقا.
أنبت الشاعر ثمارا من العواطف في حدائقه، فقد طغت عاطفة الحب والوفاء تجاه الآخر، وظهرت عواطف الحزن بين ثنايا القصائد، لكن عاطفة الأمل تجلت في معظم قصائده، وبدت لنا الحكمة والنصيحة والصوفية واضحات في حدائق الكريستال كما جاء في قصيدة رحيل العاشق:
أطلق جناحك واترك خلفك المدنا
إن التباريح ما أبقت لنا بدنا
واصعد إلى الغاية العليا، كمن صعدوا
ثم اتخذ نحو صدر المنتهى سفنا ص35
أيضا قول الشاعر في قصيدة صاحب السر حين قال:
يا صاحب السر، مرني أنتقي مددا
وأركب الصعب، في سر وفي جهر
الواثقين، إذا ناديتهم؛ وثبوا
إليك مثل انطلاق الطير في الفجر
ولا يطيلون في أرض منازلهم
حتى يميلوا اتجاه الأفق كالنسر. ص33
كما كان لحب الوطن مساحة لا يستهان بها في الديوان، وقد برز انتماء الشاعر لبلاده فلسطين، التي تسكنه كما يسكن فيها ، ويحمل همومها، ويتغنى بأصالتها وقوة أبنائها، استعمل الشاعر في قصائده الوطنية كلمات الثبات والقوة والعزم، وأشار إلى النسر في أكثر من قصيدة في كتابه، كما في قصيدة ( أنا الفلسطيني):
قابض الكف على جمرة
جعلته نارها أحزما
أنا من أرض فلسطين
لكنني أسكن حد السما. ص15
وشبه فلسطين أنها نجمة هوت فصارت أرضا..
وفي قصيدته ( دعوة للرقص )، أمتعنا الشاعر بخياله السابح في فضاء الكلمات، وفيض من أحاسيس وصور وتشبيهات راقية، فبالرغم من المشاعر المتدفقة بها، إلا أنها جاءت عفوية متزنة كقوله:
راقصيني، بنشوة الرقص يشتد
فؤادي، ويذهب الحزن عني
إن في ساعديك ثورة سحر
تتسامى على غواية فن
إن عينيك نجمتان، تقيمان
سماء،وتغرقان بحسن. ص12
من الملاحظ أن الشاعر يحظى بخيال خصب، وثروة لغوية، فلقد تنوعت الأفكار في ثنايا القصائد، فوجدنا قصائد تدور فكرتها حول الأرض والوطن والمعاناة، وقصائد وجدانية روحية تدور فكرتها حول الحب الوفاء والإخلاص تجاه الحبيب.
طاف بنا الشاعر في ربوع شعره الموزون والمقفى، فوجدنا أنفسنا نقرأ لشاعر منتظم الأفكار والأشعار، واضحة وشفافة كبلور يشع نورا، فلمسنا في شعره الحكمة والتصوف والجمال، وتراقصت الكلمات مع موسيقى عذبة تغنت بها الروح، فنجد أن الشاعر قد تأثر بشعراء المهجر، وبشعراء الأمويين والعباسيين وغيرهم ممن آنسونا بجميل كلماتهم ورقيق مشاعرهم وأحاسيسهم، وحين نقرأ قصائد إياد شماسنة نحس أننا نقرأ قصائد من زمن ماض تأثرنا به وأحببناه، كقصيدته ( الحب على مناسك الثلج )التي تعددت بها الصورة والحركة، وبدت عواطفها متدفقة جياشة، فنجد فيها اللوعة والشوق والحنين،
لا تلمني، وقد أطلت عليا
لست أقوى على العتاب عتيا
لم يزل من ذكرك لحن قديم
يتهادى بين الشفاه نديا
أنت والذكرى ، والفراق رفاق
وأنا وحدي لا رفيق لديا ص159
في قصيدة (مما حدثت به العندليب)، تذكرنا بعض أبيات تلك القصيدة بقصيدة أعطني الناي وغني لجبران خليل جبران،
غن لي؛ فالغنا حديث الروح
وامسح الحزن بالصدى يا حبيبي
هذه الأغنيات من فيك تحكي
رقة اللحن في فم العندليب ص164
وفي قصيدة ثانية بعنوان العزيز قال الشاعر:
كان لي، يوم كنت لي، أمل صار
على طلعة الصباح دليلا
وحديث، عن اللقاء، شهي
كم تمنيت أن يكون مطيلا
تذكرنا بقصيدة قصة الأمس للشاعر أحمد فتحي التي غنتها أم كلثوم:
كنت لي أيام كان الحب لي
أمل الدنيا ودنياها أملي
حين غنيتك لحن الغزل
بين أفراح الغرام الأول
تميز الكتاب بالبلاغة والوصف والتشبيهات، وقد تأثر الشاعر بالقصص الدينية كقصة يوسف عليه السلام، ص27 فقد استحضر صور النبي يوسف والنبي إبراهيم عليهما السلام والعزيز وأخوة يوسف مما أضفى جوا روحانيا أثناء قراء القصائد .
مبارك استاذ اياد وبورك عطاؤك.
شارك في النقاش :جميل السلحوت، عزيز العصا، نسب أديب حسين، محمد يوسف قراعين، صلاح الزغل، أسماء بخاري.



#رنا_القنبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحزن الدامي في اليوم السابع
- مفهوم التطبيع على طاولة ندوة اليوم السابع
- قصص صابرين فرعون في اليوم السابع
- شهادة محمد القراعين في ندوة اليوم السابع
- نجمة نمر د. محمد هيبي البيضاء في ندوة مقدسية
- الاعلام الفلسطيني في ندوة مقدسية
- سمير سعد الدين في رحاب القدس
- شامة بيضاء في اليوم السابع
- ثقافة المقاومة ومفهوم الأدب المقاوم في اليوم السابع
- رواية أبو دعسان في اليوم السابع
- أسرار القدس الباقية مع نسب أديب حسين في اليوم السابع
- رواية -لنّوش- في ندوة اليوم السابع
- كتاب-في بلاد العّم سام-في ندوة مقدسيّة
- رواية معيوف في اليوم السابع
- رواية -معيوف- والخلل في البناء
- عسل الملكات في اليوم السابع
- -عسل الملكات- وتشظي اليسار الفلسطينيّ
- يموت اللاجئ قهراا
- -لنّوش- ورسائل التّربية الحديثة
- وجوه وتوجّهات


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا القنبر - حدائق الكريستال في اليوم السابع