أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح2














المزيد.....

حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5336 - 2016 / 11 / 7 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح2

أول تلك القرارات الصباحية المتخذة فورا والآن وليس بعد، تحقيق حلمه القديم بفك وكسر كل القيود والأسوار التي تحبس الأحرار في معتقلات العبيد، أنزل القفص وفتح البوابة الصغيرة للطائر المحكوم بالمؤيد بسجن أنفرادي، بالرغم من أن الزنزانة كانت كافية ليمارس فيها تدريب أجنحته على رياضة الطيران، لكنها كانت ضيقة جدا عليه في أن يمارس فيه لعبة الحرية، لم يخرج الطير كما يظن.... يكاد يكون خائفا أو لم يصدق قرار لم يدرس بعناية، أمتدت يده بكل رقة لتخرجه من عالم العبودية وتطلقه في وجه السماء، رفرف المسكين ودار حول المكان أكثر من مرة ليقف على أعلى الدرج ينظر له.... قال:
_ أذهب فأنت حر لوجه الله.
لكن الحر لم ينطلق كما يتمنى وبدأ ينزل رويدا رويدا على حافة السلم.
أمام الرازونة وعلى بعد عدة أمتار أقل من أصابع اليد تقع الغرفة الكبيرة التي هي عنوان البيت، بمحاذاة الممر (المجاز) الذي ينتهي في باب خشبية متهالكة تطل على الممر الضيق المسمى تسامحا (دربونة)، توصلك للشارع العام ومنه إلى الشارع الرئيس شارع العباس، كان كل عالم هذا الرجل عبارة عن أربعون مترا محاطة بجدران عالية، لتحدد له مساحة الحياة في هذا الوجود...
ما يجعله مؤمنا وسعيدا بإبمانه أن مساحة الحرية التي يمتلكها أكبر من مساحة البيت وحتى مساحة الدربونة والمحلة، يبالغ أحيانا حين يقول حريتي حدودها حيث يصل صوتي وتنجح كلماتي في رسم لوحة ما للوجود، عرف الكتابة مبكرا وسجل أول إنجازاته في الكتابة حين أبلغه أستاذ العربية أنه أكبر من قلمه، ضحك الكثير من زملائه بالصف حين وصفه الأستاذ بأنه أكبر من القلم....
_ نعم أراكم فرحين بالضحكة البلهاء........ لأنكم جميعا لا يمكنكم أن تصنعوا قلما ولا أن تكونوا كلمة.
_ ولا يمكنكم أيضا أن تمسحوا ما يكتب القلم..... أطولكم أقصر من لبة قلم صغير بحجم أصبعي الأصغر بل أصغر من ذلك.
لم يفهم الكثيرون ما تعني الكتابة لعقل تحرر من الصغر من أسر الواقع الضيق وعشق الكلمة وأمتهن رسم الحروف المتحركة خارج زمانه وخارج كل واقعه، حتى أصدقاءه الذين يمتلكون غرفا للنوم أكبر من كل مساحة بيته... لم يعرفوا معنى الحرية، الجميع من حوله بين مترف بملل أو ضحية عوز بأعتياد، كان يظن برغم فقره أنه من الطبقة الوسطى.... لذا كانت كل كتاباته تذيل بتوقيع البرجوازي السعيد.
أطال النظر طويلا للبلبل الذي ما زال واقفا على حافة السلم ويتحرك صعودا ونزولا أو يطير من جانب إلى أخر، لم يتعود هذا الحر أن يعيش بلا عنوان لذا عينه ترنو للقفص، ترك كل القضية التي أشغلته ونزل إلى باحة الدار ليحطم القفص ويرميه بعيدا إلى أسفل السرداب، صعد مسرعا على درجات السلم ليهش بيده على بلبله الصغير كي يرى العالم وجماله من فوق سطح الدار، هرب الطائر المسكين خائفا مرعوبا إلى فضاء قريب.
يتذكر البرجوازي السعيد أول مقال له تصدر أعلى ما في النشرة الجدارية التي كتبها يدويا وبعض زملائه في الصف الأول متوسط، كانت أكثر من محاولة للكتابة وأقل من مقالة ناضجة، أفكار متشتتة لكنها في وقتها تعد ثورة في الكتابة عند طلبة الصف الأول الذي عادة ما يستنسخون ما يكتبون من كتاب أو صحيفة أو مجلة، عندما سأله الأستاذ المشرف من كتب لك هذا الموضوع....
_ لا أحد....... أنا كتبت هذه الأفكار ليلة أمس.
_ من المؤكد أن الجهد في المشاركة بالنشاط اللا صفي أهم من قيمة ما يكتب هنا، ولكنني أرى فيما قدمته بصمة رجلا أكبر منك بكثير، قد يكون أباك أو أنه مأخوذ من مكان أخر.
_ صدقني يا أستاذي هو لي وإن لم تصدق مزق ما كتبت وسأكتب موضوعا أخر الآن وأمامك...
عندها وأمام الحيرة المفاجئة وافق الأستاذ أحمد أن يدس المقال في جيبه ويبدأ التحدي وأمام أنظار الطلبة، برغم أنه يتأنق في أختيار الكلمات وبتناسق جميل في رسم الحروف لم تمضي دقائق قليلة والأستاذ ينظر بإنبهار له حتى أمره بالتوقف....
_ يكفي هذا دعني أقرأ لك وليسمع زملائك...
أعترته نشوة الأنتصار وهو متأكد قبل أن يقرأ الأستاذ أحمد ما كتب.... سيكون الفائز بكل تأكيد.
_ ما هذا... أي سر تملك أيها الفتى الشجاع وأنت تكتب أفكارك المدهشة، قالها بكل وضوح للجميع.......... أن زميلكم أكبر من قلمه....
_ وكيف لي أن أكون أكبر من قلمي وأنا كلي مجرد خطوة قلم؟
_ يا ولدي دعك من الجميع فقط ركز على فكرة واحدة وهي أنك كاتب مبدع، لكن فقرك المادي قد لا يجعل منك نجما في الكتابة.
_ يا أستاذي ولكنني لست فقيرا فأنا برجوازي.
_ برجوازي هذه كلمة كبيرة على أبن محلتي وأبن أبن محلتي وأعرف أباك قبل أن تكون!
_ يا أستاذي الكبير أنا برجوازي وسعيد جدا ببرجوازيتي التي منحتني إياها حريتي.....
_ وهل تعرف تماما معنى البرجوازية يا ولد؟
_نعم أستاذي وأعرف كثيرا عن برجوازيين فقراء لكنهم يملكون حريتهم وعقلهم.
أنتهى الجميع في هذه المحاورة إلى قرار، أن كل ما يكتبه البرجوازي السعيد ينشر على جدارية الحائط التي تصدر كل أسبوعين وعلى مسئولية أستاذ أحمد مدرس اللغة العربية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح1
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح 3 (راهنية التجربة في الواقع ...
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح2
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح1
- إختلاجات الموت في موسم الحياة _قصة قصيرة
- غناء للموت والحياة والمطر
- الفكر الإسلامي وعقلية الأحتواء
- اليسار العربي والمدنية الديمقراطية ... أختلاف وأتفاق
- فضاءات العقل الإنساني بين المتخيل والواقعي
- المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح2
- المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1
- التجربة البشرية ومهمة الدين.
- الطريق إلى الوعي الطريق إلى الديمقراطية والمدنية.
- وأنا المجنون زماني
- صراع الماضي على أطلال الحاضر(تركيا الحاضر والعصملية المتجذرة ...
- تأزيم المأزوم وسياسة تشتيت الوعي
- ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.
- وهم الظل المتعافي
- المشرع العراقي بين وهم ثوابت الإسلام ومبدأ الحرية الشخصية وح ...
- شبهة الردة وحكم النص القرآني في إبطالها


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح2