أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - جدول معاناتي اليومية














المزيد.....

جدول معاناتي اليومية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5332 - 2016 / 11 / 3 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جدول معاناتي اليومية
ناجح شاهين
كتبت صديقة جميلة الروح معلقة على نص أنتقد فيه الممارسة "البحثية" المحزنة لمجلة القدس المفتوحة "المحكمة": "كثرت مهاجماتك أستاذ ناجح دون داع." ابتسمت في حزن وشرعت أفكر في أشياء يمكن أن أكتب عنها "مادحاً" ومقرظاً في هذا الوطن الممتد من البحر إلى البحر. صدقوني أنني لم أجد شيئاً. هل أنا متشائم وأبحث عن المنغصات وأتجاهل النجاح والفرح والجمال والإنجازات؟
1. أذهب للطبيب. تعرفون حاليا معظم الموظفين يغطيهم تأمين الوطنية أو العالمية. الطبيب يريد أن يسعدنا بإعطائنا الإجازة التي نريد، والوصفة التي نرغب بها. حرفياً: سألني الطبيب عما أشكو منه، فقلت له كيت وكيت. سألني عن الدواء الذي أفضله –وقد لاحظ أنني أتكلم الإنجليزية التي تدل على العلم والنبوغ والعبقرية في عرف مجتمعنا المبهور بأمريكا- فقلت له الدواء كذا، فسألني كم علبة أريد، ثم سألني إن كنت أريد إجازة. لم يتحرك الطبيب من مكانه، قدم لي كل ما أريد بحسب رغبتي دون أن يتحقق من وجود الحالة التي أزعم أنني أعاني منها.
طبعاً كنت سعيداً بذلك، فهي معاملة طيبة وسريعة "خالية من البيروقراطية". ليس من ضير في ذلك: الرعب يبدأ عندما أفكر في الذهاب للمشفى، عندما أكون عاجزاً عن تشخيص حالتي، لحظتها أعرف أن مزيجاً من الإهمال والجهل واللامبالاة في انتظاري. ومن يتابع مسلسل الموت غير المسوغ في مشافينا يعرف بدقة عم أتحدث. بالمناسبة قبل مدة سمعت أن وزير الصحة نقل موظفين من بيت جالا إلى نابلس والعكس وهكذا "تم حل" مشكلة الموت المتكرر في بيت جالا ونابلس على السواء!
2. أذهب للمدارس التي تنهمك منذ عقدين في الخطابة حول الإبداع والتكفير الناقد والمنطقي وتضع لوحة حقوق الإنسان في مكان الصدارة في المدرسة بقرار قديم لا أعرف من اتخذه. ربما يكون الراحل عرفات أو وزير تعليم سابق ما.
أجد الشتائم والضرب والإهانة ما تزال سيدة الموقف. أجد التلقين والملل والحفظ الصم ما يزال سيد الموقف. لكن والحق يقال هناك تطور: نجح وزير التعليم الحالي في قتل أية فرصة فرح لدى الأطفال عن طريق التخلص من حصة الرياضة بشكل شبه نهائي ليتفرغ أطفال الصف الأول الى الرابع لاستكمال بحوثهم في اختراع القنبلة الهيدروجينية الفلسطينية قبل نهاية هذا العام. وهناك تطور آخر: رقمنة التعليم بمعنى شراء الأطفال أجهزة محمولة من عائلة "اللاب توب" و"التابلت". ولولا أنني أفتقر للمعلومة لفكرت في أن يكون من وراء ذلك مصالح تسويقية ما.
3. أستمع بدون شهية لأخبار اقتحام المخيمات بحثاً عن أنصار دحلان، وأستمع للأسطوانة التي لا تنتهي عن فتح وحماس وسلطة رام الله وسلطة غزة. يصيبني إحساس مثل الذي يلخصه مظفر النواب: "يا رب كفى."
4. أدخل محلات البقالة والسوبرماركت التي كتبت منذ بعض الوقت على أبوابها "خال من منتجات المستوطنات" باعتبار أن بقية "إسرائيل" شرعية مثلما تعلمون، فأجد البضائع من القطر الجار قد عادت لتملأ الرفوف. لا مقاطعة ولا من يحزنون. عموماً النخب الثرية، نخب المال والسياسة لا تثق في الإنتاج المحلي، وتفضل السلعة "الإسرائيلية" الأجمل شكلاً، والأجود محتوى. على الأقل هذا ما يروج في الثقافة المحلية.
5. أشاهد إنتاج الجامعات المحلية التي تسهم في البحث الكوني بما مقدراه صفر لا أكثر ولا أقل. أشاهد مختنقاً كيف أن خريجة الهندسة المعمارية تعرف اللغة العربية خيراً من خريج اللغة العربية، وتعرف الإنجليزية خيراً من خريجة اللغة الإنجليزية. أتذكر معادلة علمي/أدبي: كانت الصبية في التوجيهي "أشطر" من زميلتها أو زميلها من الفرع الأدبي في كل شيء خصوصاً اللغات. دراسة الجامعة بالنسبة لطالبة اللغة لم تضف لها شيئاً، فظلت المهندسة "أشطر" بفضل معلومات التوجيهي وحدها. أما برامج الماجستير فيتم فيها إعادة برنامج البكالوريوس ولكن بشكل أكثر يسراً ليشجع الطلبة على دفع ثمن الساعات بدون انزعاج.
6. أشاهد الزراعة تتهاوى وحصتها من الميزانية لا تصل إلى واحد في المئة، وأشاهد أنوية الصناعة البسيطة تختفي، وأشاهد الاقتصاد "الوطني" كله يتحول إلى اقتصاد ريعي (يعتمد على الريع السياسي) مختزلاً في تمويل أجنبي سخي للسلطة ومنظمات المجتمع المدني. وأشاهد الفساد ينخر ذلك كله، أشاهد مدراء هنا وهناك يعيشون بمستوى علماء فيزياء في فرنسا وألمانيا، وأتأمل في طريقة توليد النخب الموالية لمستعمريها، وأبحث في المتاهة عن بصيص أمل.
7. أشاهد المواطن يتحول إلى وحش في مواجهة أخيه المواطن، يحملق في وجهه غاضباَ دون سبب. حتى الغزل الذي يفترض أن يكون تعبيراً عن الحب والعاطفة يتحول إلى فعل عنيف يتضمن النظرات الجارحة –خصوصاً من الرجال نحو النساء- وأحياناً يمتد ذلك ليشمل الضرب أو الاصطدام العنيف....الخ
8. أشاهد المواطن يمارس الاحتيال والغش من أجل أن "يعيش" ولا يوفر في سياق ذلك قريباً ولا بعيداً، وينكث بكل الأيمان المغلظة من أجل تحقيق أية منفعة مهما صغرت. أشاهد المواطن وهو يتملق الجندي على حاجز الاحتلال، وهو يتملق أي موظف نافذ في السلطة على أمل، فقط على أمل، أو خوفاً من الزمن. أتذكر النص القراني الكريم "يدعون ربهم خوفاً وطمعاً". ونحن نتزلف للنافذين خوفاً وطمعاً.
9. ينتابني الإحساس بأن منظومة كاملة تشمل السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة وبنية المجتمع قد ضربت بقوة وأنها في حاجة إلى ثورة شاملة.
10. أهرب من أوجاعي إلى أخبار سوريا والمقاومة اللبنانية البطلة. أحاول أن ألتقط بصيصاً من نور يساعدني على رؤية شيء في حلكة هذا الديجور.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعلان الاتحاد الفيدرالي بين سوريا والعراق ولبنان
- إفلاس السعودية في سياق الجهاد من أجل فلسطين
- الكمبرادور الفلسطيني: لايك كبيرة من اليسار
- هيلاري كلينتون: الرئيس الأمريكي المقبل
- اقعد مكانك يا حمار
- تدمير الجيش وتفكيك الدولة
- قراءة في منير فاشة
- رأس المال المحلي وفضيحة اختراق وعي -اليسار-
- عن الفيس بوك والاقتصاد و -تأميم- الكونغرس لأموال السعودية
- أزمة جامعة بيرزيت وعميد شؤون طلبتها
- أطفال المدارس الحيوانات
- الجهاد بين سوريا وأفغانستان
- خالد مشعل لم يعترف بإسرائيل ولكنه يعترف بها
- الدولة التركية عدو للعرب
- الاغتصاب بذريعة طريقة اللبس
- اليمن والقيس واليمن: ملاحم أم تاريخ؟
- الاقتصاد السياسي للشعوذة والتخريف في عصر السيسي
- رامز يلعب بالنار
- اسرائيل والخليج العربي وحماية القانون الدولي
- المثلية (اللوطيون والسحاقيات) والتحالف الكوني-الاقليمي ضد سو ...


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - جدول معاناتي اليومية