أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - قانون -جاستا- غير القانوني















المزيد.....

قانون -جاستا- غير القانوني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5305 - 2016 / 10 / 5 - 16:44
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    



في تطوّر سريع، وبعد يومين فقط من دخول قانون "جاستا" حيّز التنفيذ، أقامت السيدة ستيفاني روس دي سيموني، أرملة أحد ضحايا هجمات سبتمبر /أيلول الإرهابية دعوى قضائية ضدّ المملكة العربية السعودية، زعمت فيها أن المملكة قدّمت دعماً مادياً لتنظيم القاعدة، وزعيمه أسامة بن لادن، كما جاءت دعواها نيابة عن ابنتها، حيث كانت حاملاً بها عندما لقي زوجها الضابط البحري باتريك دون حتفه في هجمات سبتمبر /أيلول العام 2001.
وكان الكونغرس الأمريكي صوّت بغرفتيه ضدّ فيتو الرئيس أوباما لمنع تطبيق القانون الذي سبق أن أصدره مجلس النواب في الكونغرس وأجازه مجلس الشيوخ في مايو/ أيار الماضي 2016، علماً بأن البيت الأبيض لم يتّخذ الإجراءات الكفيلة، وسكت حين قدّم مشروع القانون قبل ست سنوات.
ولعلَّ اسم القانون "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" يدلّ على الاستهداف الواضح لبعض الدول بعينها، بإضعاف المعيار الدولي للحصانات السيادية، حيث يمنع القانون الدولي مقاضاة حكومات بسبب قيام بعض أفرادها بأعمال تخلّ بالقوانين الدولية أو الوطنية، وبسبب ذلك ارتفعت حمّى الجدل القانوني والدبلوماسي، داخل الولايات المتحدة وخارجها، حول "قانونية القانون"، فالقانون الذي صدر ليس قانوناً، وإنما هو أقرب إلى إجراء سياسي مبيّت وتدبير إداري يقصد دولاً بعينها، ويستهدف ابتزازها لدفع أموال بعنوان تعويضات للضحايا، وهو ما يذكّر بمحاكمة لوكربي التي جرت في هولندا ووفقاً للقانون الاسكتلندي، وعلى الرغم من الإدانة الجزئية إلاّ أنه لم يتم التوصّل إلى الفاعل الحقيقي بارتكاب الجريمة، لكن التسوية السياسية قادت إلى إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي، ودفع تعويضات ضخمة، لم تكن الدولة مسؤولة عنها، وذلك باستغلال سوء سمعتها على المستوى الدولي وقيامها بقضايا أخرى، يمكن اتهامها بالإرهاب الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان.
وبالرغم من أن قانون "جاستا" هو قانون وطني أمريكي في داخل الولايات المتحدة، إلاّ أنه يشكّل سابقة قانونية في التعامل مع الدول الأخرى، وفي ذلك مخالفة للقوانين الجنائية التي تلتزم بمبدأ شخصانية العقوبة، أي أن كل شخص مسؤول عمّا ارتكبه من جرائم دون امتداد أثر الجريمة إلى أشخاص آخرين أو إلى الدولة التي يعتبر أحد مواطنيها، ويخالف هذا القانون قواعد القانون الدولي الجنائي وقرارات محاكم نورنمبرغ وطوكيو العسكريتين، حيث تمت محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم ولم تحاكم دولهم، علماً بأن قرارات الحرب وجرائمها والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، كانت بعلم وتخطيط أعلى المستويات في الدولتين.
ويتعارض قانون "جاستا" مع قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً احترام مبدأ السيادة الوطنية للدولة، وهو ما حذّر منه الرئيس أوباما نفسه، خصوصاً أنه يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدَّين، كما يمكن أن يضرّ بالمصالح الأمريكية ذاتها، إذْ يمكن أن تستخدمه دول وأفراد وجماعات ضدّ الولايات المتحدة ذاتها، بتهمة تورّط بعض جنودها ودبلوماسييها وشركاتها في عمليات إرهابية، وهو أمر ليس مستبعداً، وباختصار فإنه قد يفسح في المجال لفوضى قضائية.
إن دخول القانون حيّز التنفيذ سيفتح الباب لدعاوى متقابلة، تطبيقاً لقاعدة المعاملة بالمثل، حيث سيكون لكل دولة الحق في تشريع قوانين مثل قانون "جاستا"، ومن ثم يمكن ملاحقة المتهمين الأمريكيين الذين تسببوا بقتل الآلاف من الأبرياء في العالم، في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، فضلاً عن ضحايا هيروشيما وناكازاكي وغيرها.
وكان كيرت برادلي أستاذ القانون الدولي، عبّر عن رؤيته في صحيفة "نيويورك تايمز" بقوله: نحن ما زلنا نرى أن مشروع القانون من شأنه أن يخلق استثناء كبيراً على الحصانة السيادية، التي من شأنها أن تشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، وتدعو إلى الانتقام المتبادل ضدّ الولايات المتحدة، واقترح خيارات أخرى منها: تقديم تعويض إضافي مباشرة لأسرى الضحايا في أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، كما يمكن تسوية المسائل العالقة بشأن الهجوم نفسه، وتفويض الأمر للمدّعين العامّين الخاصين والمحاكم الاتحادية غير المنتخبة، لتجنّب كل ما هو غير مألوف لمسؤولية الكونغرس التي من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً بالولايات المتحدة في العديد من المجالات في الخارج.
إن إزالة الحصانة السياسية يمكن أن يمتد إلى مساءلة الولايات المتحدة عن احتلال أفغانستان والعراق، كما يمكن بموجبه رفع حصانة "إسرائيل" بدعاوى الحرب على غزة، إضافة إلى حصارها غير القانوني وغير الشرعي منذ العام 2007، خصوصاً وأن المساءلة يمكن أن تشمل الإصابات الشخصية والخسائر في الأرواح والممتلكات، من قبل أي من الأفراد، سواء كانوا أفغاناً، أو عراقيين أو فلسطينيين في حالة "إسرائيل".
والشيء بالشيء يُذكر، فلدى كوبا وإيران تشريعات مشابهة لقانون جاستا ترفع حصانة الولايات المتحدة السيادية في محاكمها، ردّاً على تشريعات أصدرتها واشنطن ضدّهما سمحت بصدور أحكام ضدهما في المحاكم الأمريكية، وبالمقابل فقد رفعت دعاوى في البلدين ضدّ الولايات المتحدة وتواجهها أحكاماً افتراضية بمليارات الدولارات نتيجة ذلك، ويمكن للمملكة أو دول خليجية وعربية أخرى قد تكون مشمولة بقانون جاستا، تشريع قوانين ترفع الحصانة السيادية، لكن ذلك سيدخلها في الوقت نفسه والعالم أجمع في صراعات لا حدود لها، ويعطل اتفاقيات ومعاهدات عقدتها مع الولايات المتحدة، وقد تكون غير مهيّأة لإبطالها، مثلما هو سحب أرصدتها، فالمملكة لوحدها تملك نحو 750 مليار دولار. علماً بأن تنفيذ قانون جاستا قد يذهب إلى حجز أموال أو عقارات أو استثمارات أو صناديق أو شركات أو طائرات عائدة للدولة التي سيتم تجريمها.
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد أبدى اعتراضه على القانون، وطلب إجراء تعديلات جذرية عليه، وذلك خلال لقائه مع بوب كروكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، ووعد الأخير بإمكانية ذلك من خـلال تقيـيد سريانه على هجمات 11 سبتمبر/ أيلول فقط، إضافة إلى إمكانية تغيير العتبات القانونية الواردة فيه، بإنشاء عملية قضائية منفصلة، لكن ذلك حسب اعتقادي لن يتم سريعاً ويحتاج إلى وقت طويل للمراجعة خلال الولاية الجديدة للرئاسة، فيما إذا تم الاتفاق عليه.
جدير بالذكر أن لجنة التحقيق كانت قد أصدرت تقريرها في العام 2004 مؤكّدة فيه أنه لا يوجد دليل على تورّط المملكة العربية السعودية (كدولة) ولا أي من المسؤولين الكبار في الحكومة، قاموا بتمويل تنظيم القاعدة، لكن جزءًا من التقرير ظل سرّياً لسنوات طويلة، حتى تم رفع السرّية عنه في يوليو /تموز 2016، ويشير هذا الجزء إلى أن منفّذي الهجمات ربما حصلوا على مساعدة من بعض المسؤولين السعوديين، وكانت المملكة قد نفت في السابق والحاضر مسؤوليتها عن الهجمات التي كان 15 من بين 19 إرهابياً نفذوها يحملون جنسيتها.
القانون الذي حظي بشبه إجماع في الكونغرس، عاد البعض وتراجع عنه، وهو ما يفتح المجال لتراجعات أكبر، لأنه بقدر ما يحرج دولاً معينة، فإنه سيحرج الولايات المتحدة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفية فيروس خطير ضرب المجتمعات العربية
- حوار مع عبد الحسين شعبان لصحيفة المغرب
- عن الديمقراطية والسوق
- -إسرائيل- الافريقية
- قمة هانغتشو وطريق الحرير
- إسلام ومسلمون
- عن سلطة المثقف
- -الترامبية-: مجابهة الإرهاب بمثله
- رؤية أخرى لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما ب ...
- ل تيسير قبّعة اسم الوردة
- الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر
- -...ولات ساعة مَنْدَم-
- في ثقافة الاحترام
- رؤيتان لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما بعد ...
- براغ... وثمّة عشق!!
- شرنقة الفساد -العراقية-
- حرية التعبير في العراق.. تأجيل المؤجل
- الأهرام منبر تنوير عروبي بأفق عالمي
- قانون الإقصاء -الإسرائيلي-
- ما بعد التعددية الثقافية


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - قانون -جاستا- غير القانوني