أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -5-














المزيد.....

حكايا جدو أبو حيدر -5-


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 21:04
المحور: الادب والفن
    


( من وحي العيد )
الشيخ اسماعيل ( فسيفساء الحكمة ، قناديلُ زاهية ) ...

-- الدرس الاول --

في عيدٍ مضى عرفته ... منذ عشرين عاماً مضى ... توفي وبقي هناك حيث المكان الفسيح ... هناك ... في القلب والوجدان ... رحل ولم يغبْ ... الحكماء لا يرحلون ... الحكماء لا يغيبون.

--------

يا صاحب ( القمباز) الأبيض الموشّى بلون القصب ... يا منديله الناعم فَوْقَ رأسه ... يا لحيتَه الكثّة البيضاء ... يا جبهةً غضّنتها السنين ... أيُّها الوجه السبعينيّ الجميل ... السلام لروحك في ذكرى العيد ...
في عيدٍ مضى عرفته ... وقتُ الحيرةِ بالضبط ... والحيرة تأتي أجمالاً بعد الخيبات ... حين ينوسُ الأمل ... أو حين يُظلِمُ ...

وقتَذاك يقِلُ الكلام ... يكثرُ الصمت والتفكير.
قال لي: صمتُك يدل ُ على اضطراب.
قلت: الصمت ل اللسان فقط.
قال: الصمتُ لغةُ جميله ...

فتحتُ عينيَّ مُندهشاً وقلت في سري: تعبيرٌ أدبي رائعٌ للصمتِ ، من أين له هذا التعبير..؟ وهو بالكاد حاصل عَلى الشهادة الابتدائية ...

قلتُ: إنها خيبةٌ
قال لا توجد خيبات ، يوجد خائبون.
قلتُ ماذ تقصد ..؟
قال: عدم تجاوز الخيبات ... هناك يوجدُ الخائبون.
تسآءلتُ: كيف؟

استمرّ النقاش ... عرفتُ خبيراً في مقاربة الموضوع ... ضليعاً في التاريخ وإحضار الأمثلة ... بارعاً في الربط بين مكونات النقاش ، يُقلّب الامر كثيراً ... يُغنيهِ نقاشاً ... يوصلك إلى نتيجة فيها إشراقة الأمل والنهوض من جديد...

: من وضع رجله في المستنقع وتراجع فاز
: من تابع في الوحل ... ضاعَ و... غرق في الأوساخ
: العاقل من ينهض من جديد ، الألم والتعب غنى للعقل والروح...

هذا بعض أقواله وهذه حكمتُه:
الألم عَتَبةُ الخلاص.

---------

قال لي ينشدُ شعراً لشاعر صوفي ( المنتجب العاني ):
إن كُنتَ لي صاحباً قف لي بهبّودِ ...
وَقُل لعينيكٰ في أطرافها جودي
عسى الدموع إذا انهلّتْ عوابرها ...
تطفئ لهيبَ سليب اللبِّ مغمود.

قال مازحاً : هات يا مثقّف ، أشرح الشعر...
قلتُ متفذلكاً: شعرٌ تقليديٌّ ... وقوف في مكان بعينه ( هبود) ... بكاء على الأطلال ... وحسرة وضياع وتعلّقٌ بالوهم ...

ابتسم المعلّم وقال: هذا إذاً ..؟ أما ظلمت الشاعر ...؟
قلتُ: كيف؟

لو اعتبرنا( هبود) نجمةً في السماء وأنت هناك تجيلُ النظر في الكون ... هل تبلغ مُنتهاه ...؟ هل تسبرَ أغوارهُ ... هل تحصي مكوناتهُ ... ؟ هل ... وهل ...

تفكّرْ واسأل ... الأسئلة هي المدخل لمعرفة الحكمة.

ثمَّ قال: لو وضعنا بدلاً من هبود ( إن كنت لي صاحباً قف على ذاتي ) هل يستقيم الوضع ...؟
قلت متردداً: ... لا .. نعم .. لا .. نعم ...

ابتسم المّعلّم وقال: لا تأخذ الكلمات بحرفيتَها ... كيف نجيل النظر في الذات الإنسانيّه ( تكوينها .. تفكيرها .. وجودها .. مآلها .. صراعها ..) ...

ضع كلمة ( إن كنت لي صاحباً قف ( للحادثات) ... ( الحروب بين البشر ) ... كيف نجيل الطرف فيها ...

لماذا حدثت ... عسفها ... ظلمها ... لهيبها ... هولها وما جنت ... الخ
هو إعمالٌ للعقل في السبب والمسارات والنتائج ... أَنَّهُ إعمالٌ للفكر كيما يجد طريق الخلاص من البؤس ... من ويلات الحروب ...

ثمّ ضع كلمة العِلم .. ونَقّل النظر فيه .. ناقش زوايا العلم والعلماء .. اذهب في الفلسفة بعيداً .. فكّر في معنى الكلمات لا بلفظها ... الكلمةُ جامده والمعنى هو الأصل ...

كانت حكمته من النقاش :
المعاني دليل المعرفة.

-------

خرج ( الثائر - وكان ملحداً) من السجن
قال الشيخُ : اذهب نزوره
قلت : ماذا ...! انت .. ؟
قال: نعم ، أولا لأنّه جارٌ لنا ...
وثانياً لأنّه إنسان كان في محنة ...
وثالثاً هذا واجب علينا ...

سألتهُ: واجب ...؟
قال: نعم.

ذهبنا.. دخلنا البيت .. هبَّ الجميع واقفاً ، سلّمنا وجلسنا
قال أحد الخبثاء : شيخٌ يزور ُ مُلحداً .. ؟
ردّ الشيخُ بهدوء ووقار:
إِنَّهُ يوم عيد بالنسبةِ له .. إنَّهُ يوم فرح ...
الحكمة تقول: شارك الآخرين أفراحهم في أعيادهم.

ثُمَّ همس في إذن ثائر كلاماً ، ضحك الثائرُ منه منه كثيراً ...
ظلّ يضحك ويضحك إلى أن غادرناه ...

قلتُ: ماذا قلت له حتى انفرجت أساريره همذا وملأ المكان ضحكاً؟
قال: المهم ، زاد فرحهُ فرحاً ، وذاك مقصد الزيارة ، وأردف ( اللهم اجعل الفرح في قلوبنا وقلوب الآخرين ، واجعل أيامنا كلها اعياداً وحريّه ) ...

حكمة الانسان فيك أقف لها باحترام وأقولها:
شارك الناس أفراحهم.

---------

في عيد فطرٍ سألني:
ما معنى الفطر؟
قلتُ : أداءَ فريضةٍ .. تهذيبٌ للنفس والجسد .. احساسٌ بالآخرين .. و ...
قال: كيف الإحساس بالآخرين؟
قلتُ: جوع الصائم يجعله يحسُّ بالجوعى ...
ابتسم وقال: لا تجعلوا الحكمةَ ناقصة.
قلتُ: كيف؟
قال: الإحساسُ لا يكفي ... العمل هو الأساس.
قلتُ: ما العمل؟
قال: أن لا يكون هناك جوعى ...

الحكمةُ أن يسودَ العدلُ
الفِطرُ هو العدل.

-------

سلامٌ لروحك أيُّها الحكيم
نتفيّأُ بظلال حكمتكَ
سأنشر الكثير من أقوالك إن استطعتُ الى ذلك سبيلا...
كُلُّ فطرٍ وأنتَ دائم الحضور ، بفكركَ وحكمتك.

*****
اللاذقية، القنجرة، 2016



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناغم أزلي
- حكايا جدو أبو حيدر -4-
- حكايا جدو أبو حيدر -3-
- حكايا جدو أبو حيدر -2-
- حكايا جدو أبو حيدر -1-
- التيكيّا وأمثاله
- الأثَافِيّ
- انْعِطافات الخراب
- تفاصيل
- تهويمات في زمن القتل بين برزخين


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -5-